طريق المجهول

الأب/سيمون عسَّاف

يا ألله على الشعب المسكين كم حظه منحوس تعيس. هو هذا آخر الزمان يحكِّمُ الغباء بالذكاء والجاهل يثقِّف العالِم والمجرم يقاضي البري. هذا ما أصابنا في لبنان وطن الحرف واللون والحسن والإشعاع. يتململ في الأرماس عباقرة بلادي ويتأوهون من هذا القحط وهذا الشح وهذا الجفاف، إن أرواح  الأبطال والشهداء عندنا تتعذَّب من تمزق وحداتنا وسيطرة الغرباء على أرضنا وعرضنا. أكرر نداءاتي للمرة المليون علَّ من يسمع، على اللبنانيين أن يأتلفوا لا أن يختلفوا في هذه الظروف المصيرية الحاسمة. إن الوضع عصيب والمنطقة بأسرها قادمة على تغييرات جذرية تدفع بها إلى الأمام والى غير ما كانت عليه من حال مُخجلٍ إستبداديٍّ كئيب. ونحن ممن يتأثرُّون بالآتي من المستجدَّات على الساحة الشرق أوسطية، هل وعى الممسكون بالحُكم في لبنان أم يرددون أسطوانة المعلمين في الشام :"العدو الإسرائيلي" وهم أول من مدُّوا اليد إلى إسرائيل بدون قيود أو شروط للتفاوض والحوار، وبكل سفاهة يتهمون المعارضين بالعملاء الإسرائيليين. إستغباء لا ينبلع ولا يدخل في الرأس ولا يستثيغه المنطق. ماذا يريد بالحصر المحتلُّون من لبنان؟ طويلة على رقابهم الإقامة الأبدية فيه، فهو لأهله فقط وإن راودهم الحلم المُذهب. لا ليس لهم بعد هذه الفرصة المشؤومة مكان ولا مكانة والأفضل لهم الرحيل باللين أو بالقوة. يناورون ويساومون بظنهم أنهم وحدهم النوابغ والآخرون على جانب من السذاجة والبَلَهْ. أخاطب أهلي شعب لبنان كي لا يكونوا حطباً يحترق في أتون الأشرار والجزارين والمجرمين. يا ليت قراءتي تكون مغلوطة حتى لا يُُصابُ بلدٌ أو إنسانٌ بأذى. لكن رؤيتي تؤكِّد بأن المؤشرَّات تومي إلى انفجار يأكل ضحايا ويحصد ما لست أدري كم وكيف وإنما البلية حاصلة. لِذا أخنق الأنَّات في صدري وأقول:

 لبنانُ يا مُرهقاً في الروحِ والجسدِ   ماذا يريد مغولُ الشامِ والأسدِ

يكفي التآمرُ والإرهابُ من أمَةٍ         أشواكُها إِبَرٌ سوريَّةُ الحسدِ

كلُّ  التظلُّمِ  والإجرامِ  لعبتُها      والذُلُّ والقتلُ والطُغيانُ في بلدي

هل يُطلَبُ الخيرُ والإصلاحُ من عَوَجٍ من أصلِ منبتهِ في طينِ مُنْفَسِدِ

رغم تهديدٍ ووعيد ما زالت لا تخف هذه البطلة في الهريبة والغدر والاحتيال. تود اعتقال وطني أو اغتياله دون هوادة غير آبهةٍ بإنذارٍ أو هجوم. لأول مرة أخافُ على أهلي وعلى لبنان الذي عانى وقاسى من جارته التي كانت في داره جارية. عجيب نظام البعث في سوريا وغريب في التركّيَبات التي يستحدثها للإرباك. وطالما لا ينوي الرحيل من بلادنا علينا أن ننتظر بطولات الأمم المتحدة وقراراتها بحق المتمردين والعُصاة والمتعنتين.

إن آخر دواء كما قيل هو الكَي، لعمري هذا الدواء يثلج القلوب إذا وُصِفَ للشقيقة المعربدة في سهلنا وجبلنا، وهذا ما نتوخاه ومن السماء نستمطر شآبيبه حتى نبلغ جلجلة القيامة. طريق صليب العذاب فعلا طال وحان زمان الخلاص. ربَّاه أنقذنا من الشرير ولتكن مشيئتك إلى دهر الدهور فلا نتوه في طريق المجهول.

كندا مونتريال 14/2/2005