ثواب أم عقاب

الأب/ سيمون عسَّاف

يغري المعسولُ من كلماتِ الأذواقَ المتنوعة، إنها نعمة والحمد لله، ولكن إذا كان الكلام مَدوفاً بالمرارة مرة ولو بعيار خفيف طفيف يطير الذوق الى السماء السابعة وأبعد. هل بالإمكان أن يكون غير مُمَرَّر إذا كان عن النظام السوري البعثي وشذوذه في لبنان؟ الجواب بالتأكيد لا!

ما هذه الوقاحة الثقافية في سياسة البعث والأمم كلها تتوعد وتهدد إن لم يُنفَّذ القرار 1559. هل هي سكرة الموت الانتحارية يأخذون كل شيء أو لا يأخذون شيئاً أبداً؟

في شتى الحالات، على مَنْ يتكل البعثيون في هذه الجرأة المستأسدة؟ هل حافظ الأسد بطيفُه المخيف هو الملهم وما زال يوحي التثعلب كما عوَّدَنا قبل الرحيل؟ أم هناك اتفاقية موآمرة نجهلها والأحاديث من باب المناورات خصوصا بينهم وين الأبالسة؟

أم الجماعة الأميركانية جدِّية ولكنَّ البعثيين غير مبالين لا يصدقون ويُعرِّضون أكتافهم وكل الشرق للتفتيت والتقهقر ومزيد الاندحار؟ هل أغوتهم بطولة شمشون ليقولوا عليَّ وعلى أعدائي يا رب؟!

ويبقى الوضع الحالي مفتوحاً على جميع الاحتمالات والأسئلة؟ لماذا هذا الغرام المبعثن بلبنان الى حد التتيُّم والجنون؟ ومن أي متى كان اللبناني يرضى بمساواة بلده ببلد الجارة الشقية؟ ما هذا العشق الإباحي الشبق الخالي من العذرية والاعتذار؟

كان وسيبقى لبنان واجهة البلاد العربية كلها، ويعرف كل من ليس مُفلَّساً بعلم التاريخ أن الشعب اللبناني هو رافض للاحتلال بأشكاله بكافة، أخوي وغريب على حد سواء، في حين أن أركان المحبة الوطنية هي مواقف تضحية وقناعة وعناد. وما يهمنا في الأمر هو موضوع الانسحاب بشكل محترم أحسن ما يتَّسِع مدار الغرائز والغضب وتنفجر الضغائن والأحقاد المكبوتة. تلك العيون الحاسدة ليتها تبتلي بالعماء.

لا نحن نشتهي علاقات سليمة مع سوريا ولا نريدها في أرضنا ولدينا العسكر الباطش وقد خَبِرتْ بذاتها في الحروب الطاحنة. ولا نتهافت لنزوِّر ونحصل على جنسية كما فعلو أهل نظام البعث عندنا مباشرة ومواربة عندما جنسوا دون وجه حق ما يزيد عن نصف مليون انسان لا يمتون لشعبنا بصصلة وبعضهم كان نزيل السجون.

أما "الطائف" ذالك الاتفاق المزيَّف الذي لم يحترم لا القامات ولا المقامات كان بنصوص أفرزتها شخصيات ليس لها صفة تمثيلية على شاكلتها مبتورة تنتقص من الحقوق والكرامات. وكل ما جاء من البعث والمرتهنين لهم سيذهب معهم الى غير رجعة ويصيرون وقوداً للشياطين في قعر جهنم. لنقلها بصراحة، إن المعارضة العريضة في لبنان اليوم هي لبنان بكامله، وما تقرره يكون الخير والصواب للبلاد لأنها هي أم الصبي.

كثيراً ما حاول اللبنانيون طلب المساعدة من الدول العربية لإخراج المحتل البعثي من بلادهم، ولكنهم خضعوا للمذلة والهوان وفقدان الأمل والخيبات، فاتجهوا نحو المجتمع الدولي ومجلس. نعم يلاقي اللبنانيون التجاوب والارتياح ممن يسعون لتقريب وجهات النظر، وفي النتيجة والواقع الحي دليل ساطع على تهافت الغرب علينا بديل الأنظمة العربية العاجزة. يا ليت يعرف أن يتخلَّى المسؤلون العرب عن شؤون المتاجرة بالدين في لبنان لكانوا أراحوا واستراحوا ونجحوا وأنجحوا.

وعوض أن تساعد سوريا بجيشها ونظامها لبنان الذي لا يحتاج لها، جعلته مكبَّا لنفايات الأنظمة العربية. هذا إضافة الى السرقة والإجرام والخطف والإرهاب على شعبنا الأعزل. أية رجولة إلا الجبانة تفتري على الناس وتداهم بيوتهم وتهاجم أبناءهم وتنتهك أعراضهم وتقمع حرياتهم وتأكل خيراتهم. وأشياء وأشياء لم تُكتب ولم تُقَلْ عن مخالفات وتجاوزات العسكر المنفوش والمملوش كالطاووس في آن. لدُن تستعيد الدولة هيبتها وتستقيم يجب محاكمة كل عميل خائن مرتهن إعداماً بالشنق أو رميا بالرصاص لا سيما الذين كان في أياديهم مقاليد الحُكم والسلطان وهم إنبطاحيون وأقزام.

على أشلاء المساكين والمقهورين وصل هؤلاء وبفضل الشهداء الذين صمدوا في البدايات هم تمكنوا من الجلوس على الكراسي والعروش.

إن الآتي قريب وكلٌّ سينال جزاءَه من ثوابٍ أو عقابْ.

مونتريال – كندا 16/2/2005