اعتبار شعب وكرامة وطن

بقلم/الأب سيمون عسَّاف

أيجوز التعاطي اعتباطيا مع الناس؟ أما أبدوا رأيهم في الاقتراع واختاروا من يريدون لقيادة دفة الحُكم وتأمين الارتياح بعد هذا العناء الطويل؟ كيف تُفهم الديمقراطية في بلادي؟ هل هي شكل من دون مضمون أم غياب عن أذهان الطوائف المتاجرين في مفاهيم العشائرية الزائدة وتقاليد القبلية السائدة؟

عجيبٌ وضع الإقطاعيين الصائحين من على شرفات قصورهم الصارخين اعتراضاً وافتراضاً وهم من الأسياد المقهقهين على نجائع الدمّ وفجائع الدموع.

نعم هؤلاء يولولون ولُطَخ دماء الأبرياء آثارها على راحات كفوفهم ولم يخجلوا لأن الضمير لديهم ربيب الشياطين والأبالسة. متى تعي طوائفنا الحبيبة وتولِّي زعماء نبلاء لم تعرف نفوسهم بشائع المذابح وشنائع الإجرام؟

عشية قيامه بجولة على الولايات المتحدة للاجتماع بكبار المسؤولين والسياسيين فيها، وأيضاً للقاء أبناء جاليتنا الحبيبة نقولها عالية مدوية وبكل راحة ضمير أنه وحده الأجدر برئاسة تصنع جمهورية وتعيد اعتبار شعب وكرامة وطن، لا غيره ولا مثله يليق مهما تنطح الطامحون وتطاولوا. وحده الجنرال ميشال عون بثقافته العسكرية واختباره السياسي الناضج وممارسته الخبيرة المجربة تؤهِّله لاستلام الأمانة بفخر وكفاءة واعتزاز.

ظاهرة غريبة لافتة هذه الأيام تلوح في آفاقنا، وهي ظاهرة أدب الخوف من الاقتراب إلى حيث هو، لأن المجهر الشعبي مسلِّط الأضواء على ماجريات الأمور والتقلّبات ومستجدَّات الحاضر المليء بالمفاجآت.

أليس هو من دفع الثمن اضطهاداً ونفياً ومحاولات اغتيال؟ أضف إلى هذه افتراءات وتجنيات حين كان يتحمّل ضغط القصف الهاتك والرجم الفاتك؟

عاد من هجران قسري قسا، وفي رأسه مشروع إعمار الدمار بحجارة المحبة التي أتقنها عبر تغرِّبه عن مؤسسة وتراب وقضية لازمته حتى الساعة. إن أول ورشة بناء هي بناء نفوس المواطنين على أسس النزاهة والنظافة والأخلاق والقيم. كان وما زال الجنرال وجدان الناس لأنهم هم في وجدانه الأنقى.

مستوى هذا الرجل يرقى إلى أعلى من تحليق الفكر وأبعد، وكأنه بإطلالته الكريمة وتاريخه المُشرّف وشخصيته الفارضة يهيب بنا رفض ما عداه نظرا لقناعاته وقراءاته ورؤاه.

كيف يفكر البعض بإقصاء نظير هذا البطل الذي تجاور قصته أبطال الأسطورة؟

كل أمة ليس لديها رجل على قدَّ القيادة وبهذا الحجم يجب أن تبحث عنه في المجاهل والكواكب والمسافات حتى تجده، وإذا تعثَّرتْ بالرمل، عليها أن تخترعه وتمشي معه أول خطوة في مسيرة الزحف إلى الموعد، وأول نهضة في مطاف الفتح للرحيل إلى الأبعد.

رأفت العناية والسماء لطفت فأرسلت هذه الطلعة الرائعة إلى إنسان لبنان المنتظر مجيء رسول الخير والسلام.

هل تراه يوفَّق بانتخابه لحصولنا على الخلاص؟

هل تأخذ الشهامة اللبنانية ملء معانيها فتصب بإجماع شفيف على هذا الآتي من عند الرب وقديسينا شربل ورفقا ونعمة الله فيكون هو المولج في المرحلة القادمة بسمو الحُكم وبارتقاء الدولة  فيسعد شعب لبنان العظيم ويهنأ؟

كثيرون قطعوا الأمل منذ كان منفياً، واليوم انتفض الرجاء والتأم شمل الأحرار برجوعه الميمون وهزج الغار وازدهى الزيتون بأيدي سعاة جاهدوا لإرساء السفينة على الميناء.

كفى لبنان يرسف في دياجير العبوديات، وحان له أن يتنعم بمناخات  أفياء الحرية.

أرز البلاد محظوظ فعلا بهذا النصر الكبير أي بانسحاب الأشقياء.

تجرح ذكريات اغتصاب فلول جيش البعث السوري ومعه خوارج الداخل من ياجوج وماجوج الذين اقترفوا المجازر وارتكبوا المنكرات وافتعلوا بأبناء بشعبنا ما لا تفتعله الذئبان بالقطعان وها هي انجازاتهم القذرة والمشينة الوحشية تطل علينا من جديد مع اكتشاف حفرة وزارة الدفاع التي عثر بداخلها على رفات11عسكرياً وراهباً من أهلنا الأبطال.

نعم اندحرت القوافل والجحافل لكنها خلفت أهوالا وويلات يخجل منها جهل عصر الحجر. وبعودة الجنرال ميشال عون القائد العائد الرائد إلى دار وديار ابتهج لبنان والشعب رغم أنف الحاسدين والمُكابرين. إلى أيام مستقبلية حُبلى بالبشائر بعد جلجلة آلام وعذاب وبعد مخاض دامٍ دام ثلاثين سنة ملى بجثث القتلى والاعتقالات والاغتيالات، نأمل الاحتفال بعيد القيامة الحقة وبتحقيق أحلى الأمنيات حين نتوج جمهورية لبنان برئاسة الجنرال.

13/11/2005