"اللقاء المسيحي الوطني" خطاب ممجوج واستغلال هواجس

عون يسعى الى ضرب الرئاسة الاولى وتنصيب نفسه زعيما

Kalima news

كلمة نيوز من بيروت 4 تموز 2008

 

يحسن رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون ادارة حركته السياسية بمكيافلية رهيبة في سعيه الى التعويض عن خسارته التي لا تقدر بالفشل في تبوء منصب رئاسة الجمهورية، بالعمل على ضرب هيبة موقع الرئاسة الاولى وتنصيب نفسه زعيما. وهو في هذا السبيل لا يتورع عن استخدام كل امكاناته المتوافرة مستفيدا من دعم سوري غير محدود ومساندة حلفائه في "حزب الله".

 

القراءة الاولية لما جرى في اعلان تأسيس "اللقاء الوطني المسيحي" لا تضيف جديدا على الشعارات التي يكررها المسيحيون في لبنان. وبأستثناء الربط العوني الدائم بين قضيتي التوطين والمديونية العامة الى تكرار الكلام عن الاصلاح والمحاسبة في الادارة لأستهداف الزعامة السنية ممثلة بتيار المستقبل وتحميلها مسؤولية المديونية العامة كاملة والتغاضي عن مسؤولية الهيمنة السورية المباشرة في ما جرى.

 

وكان واضحا لمن تمعن في النص ان كاتبه استعان على مفرداته بكل ما يثبت شرعية هذه المطالب بدءا من المجمع الفاتيكاني الثاني وانتهاء بالمجمع البطريركي الماروني لكي يبلغ الرأي العام المسيحي رسالة جازمة ان لا خروج على المبادئ التقليدية التي حكمت خيارات المسيحيين التاريخية.

 

اما في القضايا الشائكة الاخرى مثل التوطين والتجنيس وقانون الانتخاب وبيع الاراضي وتعزيز المشاركة المسيحية وغيرها، فلم يقدم المجتمعون في الضبية جديدا وتكاد لازمة المطالب المسيحية ان تتكرر ولكن بصيغ مختلفة خصوصا ان للنائب العماد ميشال عون طريقته في تقديم الامور وربطها بنفس "نضالي" خبره المسيحيون سابقا في مراحل عدة وخبروا نتائجه المأساوية.

 

الملاحظة الرئيسة كانت في ابتعاد كلمة النائب ميشال عون والوثيقة عن الاشارة الى التعددية والتي لا بد منها كانت في ابتعاد وثيقة التأسيس عن وثيقة الطروحات المسيحية التي اعلنت من الرابية سابقا وتحديدا في ما يخص مسألة الفيديرالية والتعدد حيث استعيض عن هذه التعابير الجوهرية والاساسية في الخطاب المسيحي اللبناني بمفردات تحاكي خطابات "المسيحيين الوطنيين" في الحركة الوطنية سابقا مثل رفض مشاريع التقسيم والانفصال والتشديد على الدولة المدنية في البندين الرابع والعاشر، اضافة الى اشارة عابرة الى مسألة اللامركزية التي كان لا بد منها في اعلان بهذا الحجم.

 

وهذا الاسقاط غير المبرر يشير الى تعاظم دور "المسيحيين القوميين" في صوغ نص الاعلان على حساب مجموعة اخرى لا تجاري هذا الرأي وتحبذ تعزيز التنوع والتعدد واشكاله الدستورية صونا لحقوق المسيحيين.   

 

اما القراءة الاولية للائحة اسماء الحضور فلا تقدم جديدا فهناك اولا الخارجون من احزابهم وعليها بدءا من الكتائبيين السابقين من انصار الاستخبارات السورية وعملائها الذين قدموا استقالاتهم وخرجوا تباعا من الحزب مع انسحاب الجيش السوري من لبنان وعودة الحركة الاصلاحية الكتائبية اليه بقوة ممثلة بالوزير الشهيد بيار الجميل، وانتهاء بأخر مجموعة غادرت مع عودة سامي الجميل ورفاقه الى الحزب عقب استشهاد شقيقه.

 

 وكان من الطبيعي ان تبحث هذه المجموعة عن موقع لها تنشط من خلاله فكان ان انضم بعض منها الى "تيار المردة" واخرون قرروا العمل كمستقلين والتركيز على شن الهجوم الاعلامي تلو الاخر على قيادة الحزب.

 

وهناك الخارجون على حزب الوطنيين الاحرار والذين لهم حساباتهم الشخصية والخاصة مع رئيس الحزب دوري شمعون. وهناك ايضا من لا يريد التخلي عن لافتة "القوات اللبنانية" من قدامى المسؤولين العسكريين والسياسيين الذين يقيمون على عداء كبير لرئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع لأسباب شتى اصبحت معروفة لكثرة تردادها. والى الخارجين عن الاحزاب هناك مجموعات من الشخصيات التي تستعد لخوض الانتخابات النيابية في ايار 2009 واخرى تبحث عن موقع لها على المسرح السياسي.

 

وكانت لافتة مشاركة وفد من "جبهة الحرية" التي يبدو ان رئيسها فؤاد ابو ناضر قد حسم امره في الاصطفاف الى جانب النائب ميشال عون في مواجهة الكتائب والقوات وذلك بعد طول تردد في الخيارات، وهو بذلك يؤكد صحة ما يتم تداوله عن عزمه الترشح في المتن في مواجهة الرئيس امين الجميل، وكانت لافتة ايضا مشاركة رئيس "اتحاد الرابطات المسيحية" حبيب افرام في اللقاء خطيبا مما يطرح علامات استفهام حول موقعه الحيادي الذي حرص على تظهيره دائما بين مختلف القوى المسيحية.لكن الاهم كان عدم مشاركة قوى رئيسية تمثل شريحة واسعة من المسيحيين مثل الحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الشيوعي وكلاهما يضم اعدادا لا بأس بها من المسيحيين.

 

احد القياديين في مسيحيي 14 اذار وصف اللقاء بأنه محاولة سياسية من "حزب الله" لأجتياح المناطق المسيحية سلما بعد اجتياح بيروت الغربية ومحاولة اجتياح الجبل.

 

 امس استعاد احد اليساريين القدامى  مشهد "جبهة المسيحيين الوطنيين" التي رعاها الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وحركة "قتح" مع بداية الحروب على لبنان عام ،1975 وضمت مجموعة من الشخصيات المسيحية اليسارية جاهرت بالعداء لأحزاب "الجبهة اللبنانية" التي مثلت غالبية الرأي العام المسيحي في لبنان في تصديها للانفلاش الفلسطيني المسلح والاعتداء على السيادة اللبنانية.

 

ويذكر اليساري المخضرم ان قيادة "جبهة المسيحيين الوطنيين" هذه لم تتورع عن الذهاب الى بلدة الدامور الساحلية وعقد مؤتمر صحفي بين انقاض منازلها المدمرة والمنهوبة بفعل هجوم التنظيمات الفلسطينية المسلحة لتحميل الكتائب والاحرار مسؤولية ما جرى من قتل وتهجير !

وها هو التاريخ يعيد نفسه حيث يتجمع يتامى الاستخبارات السورية وبقايا عملاء رستم غزالة تحت لافتة "اللقاء المسيحي الوطني".