محفوض: عون جنح بعيدا" في ارتمائه في حضن حزب الله وسياسته الأحادية

 بيروت في 26/11/2007

 

اعتبر رئيس " حركة التغـيير " عضو قوى 14 آذار المحامي ايلي محفوض انه "بعدما جنح النائب ميشال عون بعيدا" في سلوكياته السياسية ، والتي أقلّ ما يُقال عنها أنها أوصلت البلاد الى هذه الحالة المأساوية ، وبالتالي تسبّبت بخلو سدّة الرئاسة الأولى ، وبعد مبادرته الأخيرة والتي هي نسخة طبق الأصل عن الخطاب الأخير للسيّد حسن نصراللـه، وتعليقا" على دعوته للقيادات المسيحية للحضور الى منزله" ، لا بدّ من قراءة النتائج التالية:

 

أولا: الدعوة صادرة عن غير ذي صفة

 

لم يعد موقع النائب ميشال عون يسمح له باعتبار نفسه الممثّل الأوحد والأقوى للمسيحيين ، خاصة بعدما جنح بعيدا" في ارتمائه في حضن حزب الله وسياسته الأحادية والتي هي جزء من المسعى السوري لتقويض الاستقرار في لبنان .

 

ان النائب عون وللتذكيرفقط، فإنه وبمعاداته لأهل بيته وأعني بهم المسيحيين على وجه التحديد بدء" بالكنيسة المارونية مرورا" بكلّ الأحزاب المسيحية وكذلك القيادات المسيحية ، فقدَ الحق بأن يكون من عِـداد أصحاب المبادرات المسيحية، اضافة الى كون مثل هذه الدعوات يلزمها راعٍ يكون على مسافة واحدة من أبناء رعيته وهذا ما لا ينطبق على الإطلاق في شخص النائب ميشال عون ، بل على العكس هو طرف سلبي وانموذج صارخ لتفتيت المسيحيين ومصدر خسارة كبيرة لدورهم منذ أن بدأ يلعب أدوار داخل المجتمع المسيحي والأمثلة على ذلك كثيرة ، ولعلّ حرب "توحيد البندقية " عام 1990 انطلاقا" من شعاره الشهير والذي بنى عون شعبيته على أساسه ألا َ وهو : " لا بندقية خارج اطار الجيش اللبناني ".. فهل يذكر اللبنانيون عدد القتلى والشهداء والمعوقين والمهاجرين المسيحيين نتيجة تلك الحرب ؟

 

ولعلّ أبشع ما سببه أنه خلال عهده يوم كان رئيسا" للحكومة الانتقالية سمح للجيش السوري بالدخول على المناطق الحرّة وإغتصابه لمقري رمز الشرعية وأعني بهما القصر الجمهوري ووزارة الدفاع الوطني .

 

واذا كان النائب عون لا يزال يعتبر نفسه الممثل الأقوى والوحيد للمسيحيين فهو يخطئ كثيرا"، خاصة وأنه لم يقرأ نتائج انتخابات المتن الفرعية الأخيرة ، ولم يُدرك نتائج انتخابات نقابة الأطباء ، وأخيرا" وليس آخرا" ما حققته قوى 14 آذار في انتخابات نقابة المحامين ، وهذا كلّه يدلّل على التراجع الأكيد للنائب عون على مستوى المسيحيين .

 

أمّا دعوته هذه فهي ليست من حقه بل من حق بكركي التي هي الضامن والحكَم وليست طرفا" كما هي الحال مع النائب ميشال عون ، الذي كان المسبّب المباشر لجعل الرئاسة الأولى خالية من سيّدها .

 

ثانيا": الدعوة يُراد منها استرجاع ما خسره النائب عون ، كما وتكريس نفسه كمرجعية بديلا" عن بكركي

 

عجيب أمر صاحب الدعوة الذي ما فتئ ينادي بأنه لن يجالس حزب الله ما دام يحمل السلاح ، ليعود اليوم يقدِّس سلاح هذا الحزب ، ولأنّ النائب عون تحوّل الى شريك أساسي لحامل السلاح كيف له اذا" أن يدعو المسيحيين للتشاور وفي منزله بالذات وليس في أي مكان آخر يكون صالح لإلتقاء المسيحيين . والنائب عون بشّر قبل فترة بالفراغ ، وكأنه باللبنانيين كان على يقين بأنّ الأكثرية النيابية لن ترضى به رئيسا" للجمهورية لذلك عمِل على عرقلة الاستحقاق انطلاقا" من معادلة مفادها اما يتمّ انتخاب عون رئيسا" والاّ فالفراغ .

 

ويحور ويدور ليفرض نفسه المرجعية المسيحية الوحيدة ، وكأن لا وجود لأية أحزاب وقيادات مسيحية سواه كما أنه سعى لتكريس مقولة أي حلّ يجب أن يعبر الرابية والاّ لن تبصر رئاسة الجمهورية النور ، وهذا أقلّ ما يقال فيه أنه أحادية وأنانية وتفرّد ، وقد فات الرجل أنه صحيح ربح الجمهور الشيعي ، ولكنه في المقابل خسر على الأقل ولغاية اليوم نصف المسيحيين الذين كانوا معه ، واذا ما استمر على هذه السلوكية السياسية الشاذة فإنه سيجد نفسه قريبا" أعزل من البقية المتبقية معه ، لأنه من غير المنطق أن يتبعد الانسان عن اهل بيته بهذا القدر ويبقى معتمدا" على أمجاد الماضي، ولعلّ قصة العرب في الأندلس تستوجب اعادة قراءتها من قبل النائب عون علّها تعيد اليه القليل من الرشد السياسي.

 

ثالثا" : لجوء عون الى الشعبوية من جديد لاستعمال الناس كمتاريس

 

نخشى أن يلجأ النائب ميشال عون مرة جديدة الى استعمال الشارع كمتنّفس لحركته الاعتراضية ، ونخشى أيضا" لجوئه الى استعمال أجساد الناس من جديد كمتاريس لإحداث أعمال شغب وفوضى ، وهو لم يكتفِ بما خرّبه في خيم رياض الصلح ، بل يسعى اليوم الى تصعيد تحركاته بدعم سوري مطلق ، ولعلّ كلام وزير خارجية سوريا السيد المعلّم وإشادته بعون أبلغ دليل على جنوح النائب عون بالاتجاه السوري. وكان سبقه وزير الخارجية الايراني بكلام تحريضي أنبأنا فيه بحصول أعمال مخلة بالأمن .

 

الدعوة هنا لن توّجه الى عون بل الى المواطنين لكي يتنبهوا لما يخططه الرجل ، دعوتنا للبنانيين عدم الانزلاق في خندق اللعبة الجديدة ، لأنها في حال حصلت ستخرب البيت اللبناني على أهله ، وسوف يهاجر المزيد من اللبنانيين الى بلاد العالم كما فعلوا في كلّ الحروب التي خاضها " البطريرك السياسي في الشارع المسيحي " .

 

رابعا": بين خلو سدّة الرئاسة وبين خيار النصف زائد واحد لا بدّ من الاختيار

 

اذا كانت اشكالية الثلثين ستحرم اللبنانيين من رئيس يتمتعون بانتخابه على الطريقة اللبنانية بعد طول زمن كان فيها رئيس الجمهورية يعينه ضابط الاحتلال السوري ، ولأنّ فئة شاذة عن الوطن مرتبطة حتى الساعة بالسوريين تريد أن تحرمنا من هذا الاستحقاق ، ولأنّ شرط الثلثين انما يُراد منه تعطيل الانتخابات لممارسة المزيد من الضغط باتجاه اجبارنا على القبول برئيس يقدّس سلاح حزب الله ، ويربط استمراره بقضية القدس ... اذا" للصبر يجب أن يكون له حدود، ونهاية هذا الصبر انتخاب رئيس في المكان والزمان المناسبين ، والاّ سنخسر قضية الاستقلال وسنعود للبكاء على أطلال ثورة الأرز وعندها لن ينفعنا أي ندم .