"باسيج" ميشال عون والدماء الباردة!!

بقلم/ميرفت سيوفي
جريدة الشرق 9/10/09

 

في نفس وقت إقامة مراسم تشييع الشاب الشهيد جورج أبو ماضي، العريس الذي يستعد لبناء عائلة فسقط بطعنات سكاكين "البلطجة" و"الترهيب" و"الزعرنة"، كان ميشال عون يتحدّث واصفاً المجتمع اللبناني بأنه: "راسو ما بيفرز"!! بهذه النظرة السخيفة والباردة والاستخفاف بدماء الأبرياء وأمن الناس تحدّث ميشال عون عن جريمة أودت بحياة شاب وحرقت قلب عائلتين كانتا تستعدان لإقامة قداس إكليل، فإذا به يتحول إلى "قداس وجنّاز"!!  بهذه الخفّة و"الاستلشاق" بدماء الأبرياء خرج ميشال عون لينهي التحقيقات معلناً أن ما جرى "حادث أمني" لا سياسي ولا أحد يقف وراءه؟!

 

أيضاً: حادث"عائشة بكار" واستشهاد زينب الميري وتيتم أطفالها كان مجرّد "حادث أمني" هكذا قيل، ومن ألقي القبض عليهم أفرج عنهم بكفالة، وحادث إسقاط طائرة هليكوبتر للجيش اللبناني في موقع سجد وقتل الطيار اللبناني بإطلاق النار على رأسه كان "حادثاً أمنياً" أيضاً لأن الشباب كانت أعصابهم متوترة، وأفرج عن القاتل الذي بموجب تكليف شرعي أعلن أنه "القاتل" وأفرج عنه بكفالة، وأوقف تكريماً له في سجن الضباط حتى لا ينزعج "خاطرو" وخاطر من وراءه، و23 و 25 كانون الثاني من العام 2007 كانا أيضاً حادثين أمنيين، والاشتباكات الليلية المتفرقة، وظهور المقنعين فجأة في المناطق، والدراجات النارية التي تجتاج بيروت ساعة تشاء أيضاً "دراجات" حوادث أمنية، و"خطف وقتل الزيادين" كان أيضاً حادثاً أمنياً، والقتلة آمنون وراء الحدود!!

 

أما عملية دهم مجدل عنجر وقتل مطلوبين بمذكرات توقيف بتهم جرائم لا قتل فيها فهو "ضبط للوضع وفرض لهيبة الجيش والأمن" إنما تخلله حادث أمني، وقتل عناصر الجيش في كمين بقاعي انتقاماً لمقتل تاجر مخدرات قتل أثناء مطاردة أيضاً "حادث أمني" ولكنه لا يستدعي ضبط الأمن، واستعادة القتلة (...)

 

التدابير الأمنية أصبحت تكيل بمكيالين، "تقبض" على شاب منفعل أمام جريمة قتل مواطن وجرح خمسة آخرين، "ولك كيف بينفعل" هذا إخلال بالأمن والتدابير الأمنية، وتكدير لجيران عين الرمانة، خصوصاً "باسيج" الشياح، الذي نفّذ مهمّة "طيارية عالماشي" لإيصال رسالة تهديد سياسية بـ 7 أيار جديد إنما في المنطقة المسيحيّة هذه المرة..

 

لن تكون عين الرمانة أعزّ من الطريق الجديدة على "باسيج" الحوادث الأمنية، كلتاهما داهمهما "الباسيج" في مهمات "جراحات موضعيّة" عاجلة، كان المطلوب إبلاغ هذه الرسالة الدموية إلى الذين يدعون بالخطاب السياسي الديموقراطي إلى تشكيل حكومة أكثرية في حال تعذر تشكيل "حكومة وحدة وطنية"، فجاء الرد على دعوتهم بالسكاكين، الرسالة وصلت..

 

القاسم المشترك بين كل الحوادث "الأمنيّة" هذه، هو "الدراجات النارية"، كأن المشهد في شوارع طهران لا بيروت، فعندما شاهدنا على الشاشات "دراجات الحرس الثوري الإيراني" أدركنا من أين جاءتنا "موضة" الدراجات النارية التي تجتاح "حيللا"  منطقة، وعلى عكس الباسيج الإيراني، تأتي القوى الأمنية والجيش دائماً في آخر المشهد، كأنها تعمل على طريقة الأفلام المصرية التي تصل فيها الشرطة في المشهد الأخير من الفيلم!!

 

ثمة حالة تكاد تصل إلى حد الإجماع عند مجموع الطوائف اللبنانية ـ طبعاً باستثناء من يملكون السلاح من السكاكين إلى الصواريخ ـ بأن الجيش "لا يحمينا"، وهذه الجملة التي تتكرر كثيراً، شديدة الخطورة، فهي لا تقول أن الجيش عاجز عن حمايتنا، بل تقول انّه لا يحمينا، وكأنه لا يريد القيام بمهمته الأصلية والمطلوبة!!

 

خطير جداً أن يستمرّ الحال على ما هو عليه، أن تتكرر الفواجع، وأن لا تصل التحقيقات إلى نتيجة، أو أن يفرج عن الموقوفين والمتهمين بكفالة، فإذا كان من قتل ضابطاً طياراً خرج بكفالة 6000 دولار أميركي، فكفالة إخلاء سبيل من قتل مواطناً قد لا تتجاوز الـ 1000 دولار، لأن روح "البني آدم" رخيصة جداً في لبنان!!

 

بالأمس أصدر ميشال عون لائحة ممنوعات للشعب اللبناني "اللي ما بيفرز راسو"، وكان أول من وظّف الحادث واستخدمه انتخابياً فحمّل مسؤولية الحادث إلى رؤساء بلديات الشياح، الحازمية، فرن الشباك، الحدث وعين الرمانة، معتبراً "أنهم كانوا سعداء" بما جرى في البيان الذين أصدروه استنكاراً، فهل هناك وقاحة واستغلال انتخابي وسياسي أكثر مما فعله عون بالأمس؟!

 

"تفرعن" الجنرال بالأمس وادّعى أنه "لن يسمح بأن تكون دراجة عين الرمانة مكان بوسطة عين الرمانة"، و"لو كان بيطلع من أمرو شي" لما تجرّأ باسيج حلفائه التفاهميين على جولات الاستعراض والاستفزاز في عين الرمانة" هذا بعدما "نخر رؤوسنا" بالحديث عن ورقة التفاهم..  أما لائحة الممنوعات فليست أكثر من محاولة قمع و"دعوسة" على مشاعر الناس ودماء أبنائهم فقال: "الاستغلال السياسي ممنوع، والاستفزاز الميليشيوي ممنوع"، وكاد أن يقول: "ممنوع البكاء على القتلى"، "ممنوع استنكار القتل"، "ممنوع تعكير مزاج الباسيج وهم ينفذون مهمة أمنية، وبالتكليف الشرعي قد يعترفون أنه مجرد عمل فردي"!!

 

ميشال عون يريد تحصيننا بالخوف ويريد تذكيرنا بما حصل معنا في السبعينيات والثمانينيات، ماذا قصد ميشال عون بهذا الكلام، هل هو يُهددنا بخطوط تماس جديدة، وحروب جديدة، نحتاج إلى توضيح حول هذا التخويف لأننا وبحسب عون  نحن شعب "حتى الآن لا يفرز رأسه"!!

 

المطلوب واحد ووحيد فقط، بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وسحب سلاح الزواريب من أيدي "الزعران" لأي فئة أو فريق أو حزب أو طائفة انتموا، وأن يقوم الجيش بالمطلوب منه بالأمر، بهيبته، لا "بالتراضي"، فالحديث عن استقوائه على الذين لا يملكون ترسانة صواريخ  يكبر ككرة ثلج، واللبنانيون يفقدون يوماً بعد يوم وفي أكثر من منطقة ثقتهم به، ولكن وعلى الرغم من هذا الترجرج في الثقة، لا حماية للبنانيين إلا بالجيش، ولا أمن ولا أمان إلا ببسط سلطة الدولة، لأن تراجع الثقة بالمؤسسة العسكرية سيضرب الوطن والشعب قبل أن يضرّ بسمعة القوى الأمنية والمؤسسة العسكرية، جدوا حلاً لـدراجات "الباسيج اللبناني"وراكبيها و"سكاكينهم"!!

 

ميرفت سيوفي