فخامة العصفور أو فخامة الفراغ
بقلم/ طوني نيسي

السؤال الكبير الذي يطرح اليوم في لبنان وفي عواصم الدول الصديقة  : مع كل الدعم الدولي والقرارات الدولية من اجل شعب لبنان هل سيصل اللبنانيون الى انتخاب رئيس توافقي ، وهل ستنجح الجهود المبذولة الى اعادة التوفيق بين اللبنانيين اقله لانتخاب رئيس يرضى عنه الجميع ؟

والجواب على هذا السؤال ن هو بكل بساطة : لا ولماذا لا؟

لأن كل المشاورات والمبادرات والدعم الدولي والبحث عن حلول و العمل على تذليل العقبات في واد، والمعطل في واد أخر وسبب التعطيل ربما لا يعرفه أو لا يريد أن يقترب منه أحد  ، فكيف يمكن ان نصل الى  الى انتخاب رئيس جديد ؟

فالمعطل الحقيقي للانتخابات الرئاسية في لبنان ليس بشار الأسد ولا أحمدي نجاد ولا ميشال عون ولا حسن نصرالله ولا 14 اذار بل هو الولي الفقيه أية الله علي خامنئي صاحب طاعة قادة حزب الله العمياء وليس السيد حسن نصرالله الا الوكيل الشرعي الحالي لهذا الولي والمؤتمن بأمر الطاعة على انجاز مشروعه للبنان ، أي بتحويل هذه الجمهورية الديمقراطية الى اولى المدن في مشروع تحويل العالم اجمع الى دولة ولي الفقيه وعاصمتها ايران .

فمشروع الولي الفقيه للبنان بدأ مع السيد موسى الصدر الذي قدم الولاء و الطاعة لهذا الولي ، الذي كان يومها السيد روح الله الخميني ، في الوثيقة السرية الموقعة في 24 حزيران عام 1975  وأكمل مع حزب الله الذي تأسس من قبل اشخاص أنفصلوا عن حركة امل بعد اختفاء الامام الصدر الذي ما زلنا لا ندري السبب الحقيقي لاختفائه.

فإستراتيجية الولي الفقيه التي ينفذها حزب الله في لبنان قسمت الى ست مراحل تؤمن اكتمال فصول اعلان الجمهورية الاسلامية في لبنان على الطراز الإيراني :

المرحلة الأولى: تحضير الملعب.

امتدت هذه المرحلة منذ تاريخ تأسيس حزب الله الفعلي عبر ما سمي بحركة أمل الإسلامية عام 1982 حتى عام 1984 جرى خلالها العمل على ضرب الوجود العسكري الدولي المساعد للبنان عبر قتل الجنود الأميركيين و الفرنسيين في التفجيرين الشهيرين وعبر اختطاف الرهائن الأجنبية بهدف دفع المجتمع الدولي للانكفاء عن مساعدة لبنان وأبعاد شبح الصحافة الأجنبية وبالتالي ابعاد الرأي العام الدولي عن معرفة ما يحصل في لبنان وقد نجح حزب الله في ذلك .

المرحلة الثانية : الهيمنة على القرار الشيعي .

امتدت هذه المرحلة منذ بداية الحرب لإنهاء حركة أمل عام 1984 مرورا بضرب كل ما سمى يومها بالقوى الوطنية ،أي كافة الأحزاب اليسارية ، في مناطق تواجد الأغلبية الشعبية الشيعية وصولا الى الهيمنة الكاملة على القرار الشيعي عام 1990 وهذه المرحلة ايضا أنهاها حزب الله بنجاح .

المرحلة الثالثة : بناء المؤسسات الرديفة لمؤسسات الدولة .

بدأت هذه المرحلة عام 1990 بالتلطي خلف شعار المقاومة و باستغلال الاحتلال السوري الكامل للبنان لبناء الحرس الثوري اللبناني المتجلي بالجناح العسكري لحزب الله ولانشاء مؤسسات رديفة لوزارات ومؤسسات الدولة بدأ بمدارس المهدي مرورا بجهاد البناء والمؤسسات المالية والإعلامية والتربوية والاجتماعية والانمائية وشبكات الاتصال ...وصولا الى شراء الكم الهائل من الأراضي لتأمين اكبر انتشار ممكن ولربط هذا الانتشار بعضه ببعض حتى أصبح حزب الله يهيمن على حوالي الستين بالمئة من الأراضي اللبنانية ، لديه اكتفاء ذاتي على صعيد المؤسسات ، لديه جيل ربي في مؤسساته التربوية لما يزيد عن الخمسة عشر عاما لا يؤمن بمشروع الدولة ويستشهد من أجل ولي الفقيه ودولته ، ولديه جيش ثورة اقوى بكثير من القوى الأمنية اللبنانية مجتمعة . كذلك انهى حزب الله هذه المرحلة عام 2004 بنجاح .

المرحلة الرابعة: تعطيل الدولة والهيمنة على قرارها .

بدأت هذه المرحلة مع خروج الجيش السوري من لبنان تاركا كل الملعب لحزب الله الذي ، بعد ان انهى كافة تحضيراته ليكون الأقوى ، دخل الى مؤسسات الدولة كافة خاصة التشريعية والتنفيذية و الأمنية منها وفرض بالقوة على باقي الفرقاء اعطائه كل الوظائف المعطلة من رئاسة مجلس النواب وصولا الى الوزارات الحساسة مرورا بالمديرية العامة للأمن العام وباقي التعيينات في الإدارات .

وهذه المرحلة تنتهي عام 2009 بعد أن يؤمن حزب الله انه سيطر نهائيا على السلطة التشريعية التي ستؤمن له الانتقال الى المرحلة المقبلة  إذ بقي لحزب الله مرحلتين :

المرحلة الخامسة :

التي تبدأ عام 2009 عندما ينهي حزب الله السيطرة على اغلبية المجلس النيابي لإعطاء نفسه، بالقانون ، حرية استكمال مشروعه عبر شرعنة كافة مؤسساته وتغيير ، عبر السلطة التشريعية ، النظام الحالي منهيا بذلك مفهوم لبنان الرسالة ولبنان المناصفة بين مجموعاته الحضارية .

 المرحلة السادسة:

تبدأ بعد استكمال تنفيذ المرحلة الخامسة وفي ظل ظرف إقليمي ودولي مؤات وتنتهي بالانقضاض الكامل على نظام الدولة اللبنانية واعلان لبنان دولة اسلامية تدين بالطاعة والولاء المطلق لولي الفقيه  .

لذلك فأن انتخاب رئيس يريد للبنان أن يكون جمهورية ديمقراطية وبلدا مستقلا يتساوى فيه جميع ابنائه امام القانون مدعوما بكافة القرارات الدولية التي صدرت من أجل شعب لبنان و مدعوما بكل امكانيات المجتمع الدولي ينسف بالكامل مشروع ولي الفقيه للبنان ويعيده الى نقطة البداية .

وبالتالي فان الرئيس التوافقي المقبول من حزب الله هو فقط الرئيس الذي يؤمن للحزب تكملة مراحل المشروع الذي ينفذه طائعا لأمر ألهي من السيد خامنئي .

وما السلة المتكاملة التي نسمع عنها ، للأسف ، من الجنرال عون والرئيس بري وباقي ابواق حزب الله ما هي الا قفصا يكبل الرئيس المقبل أيا كان أسم هذا الرئيس ، ويجعله ستارة لتحقيق الأهداف .

لذلك : فأن حزب الله يضع الأكثرية النيابية اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما : فخامة العصفور او فخامة الفراغ .

فهل سترضخ قوى 14 اذار ومعها نواب الأكثرية تحت الضغط ، وبالتالي فهل سينهي حزب الله المرحلة الرابعة أيضا منتصرا ؟

  واذا انكفأت الأكثرية عن القيام بواجباتها فهل سيترك المجتمع الدولي شعب لبنان فريسة بين أنياب ولي الفقيه الذي يعتمد عبر حزب الله القتل والترويع والإرهاب والتهويل كأدوات أساسية في تنفيذ مشروعه للبنان ؟

وهل أذا انتصر حزب الله في لبنان واعلن دولته سيشهد العصر المقبل تحويل ضاحية باريس الى مربع امني وساحة الوقت في نيويورك الى مخيم للمعارضة وشارع المشاهير فيها الى شارع كسيد الشهداء ؟

فلننتظر ونرى