روجيه إده أعلن رؤيته لرئاسة الجمهورية: لبنان بحاجة لرئيس يتعهد تحقيق حلم الأمة

اكّد رئيس حزب السلام اللبناني المحامي روجيه ادّه انه آن الآوان لان يحكم لبنان ديمقراطياً بلا وصاية من الخارج ولا ابتزاز وارهاب من الداخل اياً كان الثمن مشدداً على ان لبنان بحاجة الى رئيس جديد للجمهورية يتعهد في تحقيق حلم الامة اللبنانية التاريخي بسلام الحرية والسيادة والاستقلال وتنفيذ القرارات الدولية والتي اهمها القرار 1701.

 

كلام ادّه جاء في المؤتمر السنوي الثاني للحزب الذي اقيم في مقره في جبيل في حضور كافة الاعضاء.

بداية النشيد الوطني اللبناني فنشيد الحزب ثم كلمة الامين العام المحامي رفايل صفير بعدها تحدث ادّه عن مرحلة الاستحقاق الرئاسي طارحاً رؤيته السياسية والانمائية والاقتصادية للرئاسة وقال:

قناعات وعهود رئاسية

Convictions & Engagements Présidentiels

منذ تأسيس لبنان الكبير ومصير الأمّة اللبنانية في مهب أعاصير العقائد، والمطامع التوسعية، وحروب النفوذ تعصِف بالكيان والحضارة اللبنانية.

لذا نحتاج رئيساً عريقَ القناعات والقيم  يتعهّد بوضوح ودقّة. ويفي بالعهود، رئيساً من الرعيل السيادي، الكياني، يحمل مشعل لبنان الحضارة والكيان - النواة التاريخية  للامّة اللبنانية.

نحتاج رئيساً من الرعيل  المؤمن بالعالم اللبناني، عالم قِيَمٍ وإرادات .

نحتاج رئيساً من معدن المؤسّسين لان الامم لا تستمر بلا أجيال تحفظ الموروث وتؤسس لغدٍ أفضل.

نحتاج رئيساً يعي ان جيلنا لم يربح بعد حربَ الوجود الكياني، الآمن، الحر، السيّد، المستقل.

رئيس يدرك اننا خسرنا كل المعارك لكننا مصمّمِون على ربح حرب الاستقلال الناجز لأن أوان انتصارِ لبنان على شياطينه قد تجمّعت ظروفه الدولية والاقليمية واللبنانية كما لم تجتمع مرّة في تاريخ الامّة، لا سيما منذ أضحت حرب إنقاذ لبنان جزأً لا يتجزأ من الحرب العالمية على الارهاب ومن الإرادة الدولية المُجمِعَة على إلزام الأنظمة والمنظمّات "المارقة" المتحدية للنظام الدولي أن تَعتَدِل أم تُعزَل بما توفّر من وسائل دون إستثناء خيارات القوة العسكرية. 

رئيس يعي ان السلام لا يُستجدى، السلام تربحه وتحميه حتى لا تخسره في غزوة ام في حين غفلة.

رئيس يتعهّد ويتولّى قيادة حرب الحسم حتى النصرِ المَبين في تحقيق حلمِ الأمّة اللبنانية التاريخي بسلامِ الحرية والسيادة والاستقلال، سلامٌ مضمون دولياً وإقليمياً ولبنانياً، سلامٌ تحميه دولةٌ قوية مدعومة دولياً وعربياً، سِلاحها رادع بوجه أعداء الخارج والداخل. سلام المقررات الدولية، أهمها القرار 1701 الذي جمعها في مضمونه وفحواه، قرارٌ يُحرّر لبنان ويحيّده دولياً، عازلاً الساحة اللبنانية عن صراعات محيطها.

لذا على الرئيس الراعي أن يعاهد الأمة ، بقيادةِ المعركة الحاسمة بلا هوادة  ولا وهن، بمعرفةٍ وحكمةٍ ودهاء، بتصميمٍ وايمانٍ وصلابةِ جأشٍ وبمعنويّات المؤمن المتجذّر، الوارثِ  لتاريخِ ومناعاتِ الأُمّةِ - الرسالة.

رئيس بشخصية فولاذية يتعهّد ان لا يتراجع خطوة إن هو تقدّم خطوة، ولا يتقدّم خطوة قد يضطّر للتراجع عنها.

رئيس قادر بحكمته على الإقدام حين تسمح معطيات الصراع ، وقادر على الصمود  بشجاعته  النضالية حين تتحوّل الرياح بما لا تشتهي السفن.

رئيس عاقل لا يُهادِن إلاّ مضطراً لربح بعض الوقت اللازم، لكنه صَلبٌ لا يُساوم مهما كلّف الأمر، وأياً كانت المغريات، لأننا في حرب ضَروس مع أعداءٍ صبورين أدهياء، إختبرونا. يعرفون مواقعَ ضعفِنا، قسوتُهم لا حدود إنسانية لها، وتصميمُهم علينا من خبرتهم بضعف إيمان من جرّبوهم منّا فاحتقروهم بل احتقرونا جميعاً مع من احتقروا عبر اللعب بأوتار الانانّيات وعِقَد العظمة والحرمان والاستضعاف وصغائر الفساد والغرائز والعصبيّات.

ربحُ معركة لبنان ليس ممكناً سوى برئيس يتمتّع بمنتهى الشجاعة المعنوية، واضح القناعات، يعي وعياً دقيقاً المعادلات الجيوستراتيجية والسياسية والاقتصادية.

رئيس يُدرك حقيقة ثوابت وآليات صِنع القرار لدى قيادات النظام الدولي. ذلك ان معركة لبنان تبقى قيادتها لرئيس الدولة بحكم موقعه، صلاحّياته الرئاسية تضعه في الموقع الأهم، موقع المرجعية العليا دستورياً، وفاقياً، أمنياً، كيانياً ودولياً.

رئيس الدولة هو حارس الكِيان والدستور والرئيس الأعلى للقوات المسلّحة وهو "الحَكَم"، بمعنى أنه المرجع الاعلى لمركزية القرار، أعطاه الدستور من صلاحيات لو مارسها رئيس بحجم المسؤولية من معدن رسولي صلب، يحسده عليها رؤساء الدول في أغلب الديمقراطيات. ذلك ان الناس وشركاء الحكم الديمقراطي قد يختلفون بالسياسة والعصبيّات لكنهم يميلون الى احترام الرئيس الآمن الضامن، الملتزم دور الاب الفاضل للأمة، إلتزاماً رسولياً. علماً ان الدستور الذي انبثق عن اتفاق الطائف لم يراد له أن يطبّق لانهم ارادوا أن تبقى المرجعية الاولى الفعلية بيد الوصي المحتلّ الذي مارس سياسة فرّق تَسُد على كل صعيد ومع أقرب المقرّبين الطيّعين لسلطانه المطلق.

إنّ صلاحيّات رئيس الجمهورية تحتاج الى قوانين ومراسيم تطبيقية لا أكثر ولا أقل. من هنا الحاجة كبيرة لوعي وحكمة وتجرّد ومثالية الرئيس كما ورفاقه من القيادات في الاكثرية الرئاسية في المجلس النيابي من أجل اكمال المهمّة بمنطق وطني جامع يّعزز ويوزّع الصلاحيّات بالتفصيل ويُحدد آليات التعاطي وفق فلسفة ديمقراطية برلمانية لا تؤدي الى تعطيل وشلّ آليات الحكم ولا تُبقي على عقلية تقاسم السلطة كما "الجبنة" على قاعدة فساد المصالح المذهبية والفئوية. إن سرّ نجاح الرئيس ليس في النصوص بقدر ما هو في الاكثرية النيابية التي يُنتَخَب من قِبلها فيصبح بالواقع ممثلاً لأولوياتها في موقع المرجعية الأعلى لمركزية القرار الوطني. من هنا يتوجب على الرئيس بالاولوية السعي لتوسيع قاعدة الاكثرية مع الحِرص على الإبقاء على المعارضة.

السؤال الاخطر الذي يطرح نفسه على الرئيس في هذه المرحلة بالذات ينحصر بالتعاطي مع الكتلة النيابية التي أتى بها التحالف الرُباعي السيء الذكر وهي تمثّل حالة عصيان مسلّح على سيادة الدولة بكل معاني الكلمة ، أي حزب الله ومَن إنضوى تحت لوائه. من هنا نحتاج الى رئيس للجمهورية لا يقبل مشاركة حزب في حكومة طالما أنّ هذا الحزب ليس مرخّصاً قانونياً ولا يلتزم قوانين الدولة ودستورها روحاً ونصاً، لاسيما إذا إستمرّ بتحدّي الشرعية الدولية واللبنانية بحمله السلاح وإقامة الدولة ضمن الدولة لانه بالواقع حالة إنقلابية عاصية على الدولة مموّلة ومسلّحة من الخارج تهدّد أمن الدولة وسلمها القومي والاهلي .

المطلوب وضع العُصاة أمام خِيار الانضواء والالتزام قولاً وفعلاً بالشرعية اللبنانية والدولية أم التعاطي معهم مثل أية حالة انقلابية وفق القوانين والأعراف المرعّية الاجراء . بدءاً بالإصرار على إخراجهم قانوناً وفعلاً من هيكل النظام الديمقراطي بدءاً بالمجلس النيابي، وبالأحرى إقصائهم عن الحكومات والادارات العامة والمؤسسات الرسمية جميعاً .

بديهي أن لا يغامر الرئيس ولا العهد الاكثري المُقبِل فيُبادِر الى فتح حروب عسكرية مع الداخل العاصي ما لم يُستعمل السلاح العاصي ضدّ الدولة أم في حرب أهلية يتعيّن خنقها في المهد قبل أن تحرق الاخضر واليابس في الكيان وتمتد الى الجِوار.

ان الحرب على لبنان المفروضة على الرئيس وأكثريته البرلمانية وحكومته لا نربحها إن لم نخضها كفريق عمل متجانس، موحّد الاهداف، متعاون مع النظام الدولي والعربي .الحرب الخبيثة على لبنان لا تُخاض ضدّنا بجيوش غير لبنانية. إنما تُخاض بالواسطة، بالدويلات والطوابير المزروعة في الداخل اللبناني والمؤلفة من مقيمين ، مواطنين لبنانيين وغير لبنانيين، تتداخل معهم من الخارج أدوات مخابراتية وتدريبية تُرافق الاموال والاسلحة والمخططات التخريبية . إنها حرب خبيثة لكن أقنعتها ساقطة لبنانياً وعربياً ودولياً. هذا هو الواقع الذي يعرفه الجميع ولا بد أن يتجرّأ على مواجهته اللبنانيون بقيادة رئيسهم المقبل واكثريته الموسعة عبر الحوار مع من يمكنهم التحاور بمنطق لبناني ولأهداف إنقاذية لبنانية صافية شفافة.

لقد آن الاوان لمواجهة بعضنا البعض بحقائقنا الأليمة حتى يختار كل منًا موقعه حازماً أمره مع " لبنان الرسالة " أم مع " لبنان الساحة" المباحة لحروب الاخرين .

إن الرئيس الذي لا يعي، او لا يجرؤ على مواجهة هذا التحدي الوجودي، من الأفضل له أن لا يفكّر لحظة  بقبول رئاسة الجمهورية لأنه إن قبِل، يكون قد حكم على نفسه سلفاً بخسارة حرب لبنان وبالتالي لبنان.

يبقى ان على الرئيس الانقاذي المقبل أن يمد اليد لأهلنا الشيعة وان يجد حلاًّ ديمقراطيا" لمشكلة التمثيل الشيعي في حال إمتنعت الكتلة النيابية المسلّحة أن تُقايِض سلاحها بالمشاركة في الحكم بالشروط الديمقراطية، مختارة المنحى العصياني  الإنقلابي كما هو الحال منذ أشهر.

إن عصيت هذه القوى المسلحة الملتزمة بالمحور الايراني – السوري بالرغم من محاولات الحوار التي هي واجب الرئيس والاكثرية الحاكمة معه، فلا بد من تأليف الحكومة الاولى في العهد المقبل بشخصيّات من الطائفة الشيعية الكريمة تؤمن بلبنان الرسالة، لبنان الإمام الصدر، والشيخ محمد مهدي شمس الدين، وصبري حمادة وكامل الأسعد وكاظم الخليل وعادل عسيران وأحمد الحسيني ودولة الرئيس حسين الحسيني والاكثرية الشيعية الحقيقية التي ترسخت في ضميرها الجماعي صورة ورؤية للبنان لا تختلف عن تلك التي في ضمير وآمال الشعب اللبناني بأكثريته الساحقة.

لقد آن أوان حكم لبنان ديمقراطياً بلا وصاية من خارج ولا إبتزاز وإرهاب من داخل أياً كان الثمن لأن حرب لبنان لن يربحها عنّا أحد إن لم نخضها بالوسائل التي وفّرتها لنا استمرارية الدولة والديمقراطية والاعجوبة الاقتصادية على نواقصها، وذلك بالرغم من أربعة عقود من الحروب.

على الرئيس المقبل وحلفائه في الحكم ان يدركوا ان المعارك التي لا يخوضونها فوراً يخسرونها سلفاً. سنوات وتجارب الحروب التي سقطنا في مستنقعاتها علّمتنا إن ربح الوقت لا يأتي بالحلول بل يعقّد المشاكل ليجعلها مستعصية على الحل. لنتذكّر عهد الرئيس شارل حلو وإتفاق القاهرة حين كانت مشكلة "فتح لاند" مختصرة على حفنة من المسلّحين كان يمكن نزع سلاحهم بقرار وحفظ الحدود اللبنانية بطلب البوليص الدولي. لو كان ريمون إده في رئاسة الجمهورية لكان حتماً وفّر على لبنان حروب الاربعة عقود والتهجير والإفقار وحقن النفوس بالمذهبية القاتلة والفساد الذي بلغ حدّ العماء عن التمييز بين الحق والباطل.

على الرئيس المقبل أن يعي ويتعّهد توسيع تيار "لبنان أولاً" ليشمل الشعب اللبناني على تنوّع إنتماءاته  وعصبيّاته لأن عدوى المثال الصالح تبدأ مع مثالية المنحى الرئاسي. إن أهلنا الشيعة لا يجوز أن يكونوا ضحية عصيان قياداتهم، كما كان الامر بالنسبة للمسيحيين في عهد الوصاية، لان موقع الطائفة الشيعية في الصيغة اللبنانية يشكل التحدّي الأهم لعقل وقلب ووجدان الرئيس المقبل والاكثرية الرئاسية.

لذا نتوقّع من الرئيس تعهّد مدّ اليد لأهلنا الشيعة، بغضّ النظر عن إنتمآتهم السياسية الآنية، فنتعاطى مع مجتمعهم إنمائياً وسياسياً بشكل مميّز حتى لا يشعروا أن ليس  لديهم ما يخسروه، إن خسروا لبنان.

إن قياداتهم الانقلابية العاصية على الدولة تمدّهم بالمال والمعونات الصحية والاجتماعية وتحاول غسل أدمغتهم الجماعية للحفاظ على ولائهم السياسي ولاستعمال أطفالهم في حروب عبثّية ولتُحرّض نسائَهم على الإنجاب في ما يسمّى "بحرب الأرحام". حرب أخرى عبثية شمشونية بغيضة وخاسرة طالما أضحت مكشوفة .

تاريخياً يطالب أهلنا الشيعة بقانون انتخاب يعتمد النسبية في محافظات كبرى ولا يمانعون بتعديل حدود المحافظات.

المطلب ، مطلب محق وديمقراطي وقابل للتلبية لصالح لبنان الاعتدال والتعددية في التمثيل الديمقراطي الصحيح. ذلك ان النسبية تضمن تمثيلاً برلمانياً تعددياً بمدارس فكرية غير ممثلة اليوم في المجلس النيابي إذ ان قانون غازي كنعان فرض واقع التمثيل الحصري لحلفاء الوصاية السورية كما فرض على أركان الاكثرية التحالف الرباعي الذي يُجمِع المستفيدون منه على التنصّل منه اليوم.

يبقى انه يتوجب إعادة النظر في التقسيم الاداري للمحافظات حتى لا يشتكي الاخرون من عامل العددية وسياسة "حرب الارحام" التي ينظرون اليها بحذر مفهوم ولمباشرة تنفيذ  اللامركزية الادارية في محافظات كبرى.

فما المانع إذاً من بدء الحوار مع القيادات الشيعية المستعدة للحوار من أجل الاتفاق على إعادة تفصيل المحافظات على أسس تحترم التاريخ والواقع الديمغرافي المعاصر وحاجات التنمية المتوازنة وحسن تنظيم اللامركزية المتفق عليها في الطائف؟

هكذا، على سبيل المثال يمكن الانطلاق من الحاجة الى توسيع العاصمة اي محافظة بيروت الكبرى لتتسع لساحل المتنين وساحل الشوف فتمتد بالحد الادنى من نهر الكلب الى نهر الاولي وبالحد الاقصى من نهر ابراهيم لغاية نهر الزهراني ساحلاً لتضم صيدا وساحل كسروان.

هكذا تصبح بيروت الكبرى العاصمة التعدّدية، المتوازنة الى حد كبير في التمثيل المسلم - المسيحي مكان نمو ثقافة المواطنية والانفتاح و" الالفة اللبنانية".

أما جبل لبنان فلا بد من العودة به الى جغرافيا القائمقاميتين التاريخيتين مع توسيع القائمقامية الجنوبية الى البقاع الغربي ومرجعيون ووادي التيم والعرقوب، حتى الحدود الدولية؛ كما وتوسيع القائمقامية الشمالية حتى حدود محافظة بعلبك-الهرمل شرقاً والحدود السورية شرقي شمال لبنان.

أما محافظة طرابلس ساحل الضنية، ساحل عكار، فتمتّد لغاية حدود لبنان الشمالية الغربية مع سوريا.

اما ما تبقى من الجنوب فهو يشكل محافظة "جبل عامل" وما تبقى من البقاع شرقي محافظة جبل لبنان الشمالية المؤسسة على توسيع حدود القائمقاميتين التاريخية، فيشكل محافظة بعلبك – الهرمل، مع اعتبار هاتين المحافظتين الشيعيتين بالاكثرية الساحقة، مناطق ذات اولوية انمائية وامنية.

ست محافظات كبيرة، متنوّعة النسيج الوطني، تتمثّل بالنسبية في المجلس النيابي، حتى يكون التمثيل تعدّدياً فعلاً، عادلاً وصحيحاً، وفق قواعد نظام النسبية في انتخابات مجلس الاتحاد الاوروبي الحديث . هكذا نظام لا تطغى فيه أية عددية لاغية للآخر.

الاهم قد يكون في التنظيم الاداري الجديد ، الثوري ، التقليدي الجذور، باباً واسعاً لبدء ورشة تأسيس اللامركزية الادارية والانمائية ولتطوير المناطق المحرومة تاريخياً، ولتحقيق العدالة الوطنية والانماء المتوازن بالفعل، وليس فقط بالنيّات المردَّدة ببّغائياً.

أما المسيحيون والدروز فقدرهم الانصهار في المواطنية ليبقوا على مدى التاريخ سويّة متحالفين عضوياً، لهم الفضل والمسؤولية بتأسيس الكيان، قدرهم التاريخي الاتحاد الدائم لبقاء لبنان.

وهكذا تكون لكل محافظة غالبيتها الكبيرة جغرافياً وطائفياً، المتجانسة بطبيعة الحال والواقع مع أقليّاتها، فتتقدم مع الوقت عوامل الإلفة بين مكونّات الشعب اللبناني.

هكذا يغلب الاعتدال على التحالفات الوطنية التي تنتظم للتحّول أكثريات حاكمة من خلال تجانسها مع من يتّفق مع سياساتها أو تكون معارضات ضاغطة وقادرة أن تشكّل خياراً ديمقراطياً بديلاً من خلال الاستحقاقات الانتخابية.

إن مثل هذا التنظيم السياسي والاداري والانمائي سيؤدي حتماً إن تحقّق الى قيام نظام الحزبين الوطنيين بقيادات رئاسية للجمهورية مثلما كان الامر قبل الاستقلال مع الرئيس اميل اده والرئيس بشارة الخوري وحلفائهما في المحافظات الخمس. 

أما في حال لم يكن ممكناً جمع الأكثرية اللازمة لمثل هذا الخيار الانتخابي-الاداري فلا بد من إعتماد خيار الدائرة الفردية، لكل نائب دائرة ، بحيث تتوزّع الدوائر الناخبة حسب ما ورد في إتفاق الطائف من توزيع التمثيل النيابي بين الطوائف والمناطق؛ شرط أن تكون الانتخابات بالاكثرية المطلقة من الناخبين في الدورة الاولى وبالاكثرية النسبية للناخبين بين المُرشّحَين اللذين حظيا بأكبر عدد من الاصوات للبقاء في الدورة الثانية. ذلك لأن تجربة هذا النظام الانتخابي ضمنت في التجربة الفرنسية إقصاء المتطرِّفين لصالح الوسطيين يميناً ويساراً.

علماً ان من حسنات هذا النظام الانتخابي، إمكانية اعتماد التوزيع الطائفي في تخطيط الدوائر الفردية مع تحرير إرادة الناخب لجهة إنتخاب النائب بقطع النظر عن طائفته معززاً  بذلك تيار "الفكر المواطني" الذي يغلب اليوم في أوساط النُخَب اللبنانية الشابة. ان تيار المواطنية، الانقاذي على الأمد الطويل، من الواجب الوجودي تعميمه بأسرع وقت ممكن ثقافياً وعملانياً وبشتّى الوسائل والحوافز الديمقراطية والانمائية والتثقيفية.

الخطوة الكبيرة الاخرى التي نحتاجها لتحقيق ثورة التحرّر من أمراض الطائفية هي  تحرير القطاع العام من الطائفية والمحسوبية. الامر الذي يفرض على الرئيس المنتظر تعهداً بالسعي، محاوراً مقتنعاً ومُقنعاً،  لتحرير الإدارات العامة والمؤسسات التابعة للدولة من قيود المحاصصة الطائفية بحيث يصبح فعلاً المواطن الكفوء في المركز الذي يستحق.

بينما الواقع اليوم يعزّز الطائفية ويكرّس التبعية للقيادات المذهبية ويجعل الدولة مزرعة يتقاسم ريعها حفنة من " أكلة الجبنة" إعتادوا نظاماً سياسياً وإدارياً أمعنوا في إفساده. يرافعون بالعفّة على المنابر بينما هم شركاء بالمحافظة على الدولة -المزرعة التي تموّل نفوذهم وتُبقي على حصرية قياداتهم لولد الولد.

إن أي كلام عن الاصلاح السياسي - الاداري ام عن محاربة الفساد يبقى كلاماً خبيثاً غوغائياً، ما لم يقترن بخطوات ثورية تحرّر خدمة الدولة من توزيع الحصص الطائفية ومن الرجوع الى القيادات المذهبية لملء الوظائف بالأزلام والمحاسيب.

لقد آن الاوان لتكون الدولة للمواطنين أجمعين، لا فضل لأحدهم على الآخر إلاّ بالكفاءة والتزام واجبات وأدبيات الخدمة العامة لا غير، لا مِنّة عليهم لاحد ولا واجب عليهم سوى خدمة الناس بعَدلٍ ونزاهة وتفاني، لان لا معنى للخدمة العامة ان لم تكن للناس.

إن الإبقاء على الحالة المرضية الطائفية والسياسية المعششّة في الدولة يهدّد الدولة والكيان في أية لحظة ولأي سبب، لأن المناعات التي توفّرها مفاهيم "المواطنية اولاً" تبقى مفقودة ويبقى لبنان مصاباً بالوهن القاتل.

أما تحديث وتصويب مفاهيم دور الدولة وإهتماماتها فهو من أهم التحدّيات للرئيس المنتظَر، إن لجهة قناعاته أم لجهة عهوده، حتى يتمكن من ان يقنع بأولويات حصر وتفعيل دور الدولة شركائه في الحكم والناس.

أولوية حاجات لبنان في هذه الحقبة من تاريخه هي أمنه القومي وسلامه الاهلي، والأمن والسلام بحاجة لروادع تحميها من الطامعين خارج الحدود، ومن الضالين في  الداخل.

لذا الاولوية الاولى هي اليوم لقوى لبنان المسلّحة التي تعود لرئيس الجمهورية مسؤولية قيادتها العليا، بعد عقود من الإهمال المتعمّد والوصاية الإحتلالية غير الراغبة بلبنان منيع يلغي مبررات بقاء وصايتها.

بادىء ذي بدء يحتاج  لبنان الى إعادة تنظيم قواه المسلّحة بحيث تُحدَّد بالتفصيل علاقاتها بين بعضها مع السلطة السياسية من جهة اخرى. وذلك بقوانين ومراسيم تحدّد المسؤوليات والعلاقات الهرمية بدقة تؤمّن الفعاليّة، وتُطمئن لجهة الانضباطية لاسيما في حالات الأزمات الخطيرة والاستحقاقات السياسية الكبرى.

كذلك بالنسبة للقضاء العسكري الذي من المفترض أن يكون إستثنائياً محصوراً ببعض النزاعات، حصرياً بين العسكريين، وفي علاقة العسكريين مع مؤسساتهم، لا غير. وكل ما عدا ذلك من الصلاحيات يتعيّن أن يعود للقضاء المستقل إذا شئنا تعزيز الديمقراطية وتحديث نظامنا السياسي.

أما تعاطينا مع تحديات تعزيز قوانا العسكرية وحمايتها من الافساد السياسي، فيتطلّب :

اولاً : الاستعاضة عن قيادة الجيش "بمجلس الامن القومي"، يرأسه رئيس الجمهورية ويشاركه في عضويته وزراء الدفاع والداخلية والحرس الوطني (لدى إنشاء الحرس الوطني) ورئيس أركان الجيش ورئيس أركان الحرس الوطني ومدير عام الامن الداخلي ومدير عام الامن العام ورؤساء المؤسسات المخابراتية.

ثانياً: يتولى رئاسة الأركان مداورةً، ولعامين على الاكثر، كل من الأركان بقطع النظر عن طائفته، لأن طائفة العسكري إن كانت غير المواطنية فلا مكان له في هيئة الاركان.

ثالثاً: يتوجّب إعطاء الاولوية في إعادة هيكلة وتنظيم القوات المسلّحة جميعاً للنوعية على العددية، النوعية في قبول المتطّوعين، والنوعّية في تثقيفهم، والنوعية في تدريبهم حتى أعلى مستويات التدريب المتوفّرة لدى القطاع العام ام القطاع الخاص العالمي. عندئذٍ نوعية العتاد تأتي مُكمِّّلة لنوعية العسكريين ونوعية تدريبهم. وبالتالي تبرر نوعية التعويضات المغرية التي يستحقون والتي تمكّن القوى العسكرية من جذب أفضل الطاقات المتوفرة والحفاظ عليها.

رابعاً: القوى المسلحة بحاجة لكفاءات في الاختصاصات غير العسكرية على أنواعها. هذه الطاقات يقتضي تنظيمها وِفقَ إختصاصها، ويجب إدارتها مثلما تُدار الشركات الخاصة بحيث ان الكفاءات الفردية المكتسبة خلال مرحلة العمل في الخدمة العامة، تؤهّل العسكري أفضل تأهيل ليجد عملاً يستحقّه في القطاع الخاص .  وليس ما يمنع المؤسسة العسكرية من تصدير خدماتها المتخصّصة للحلفاء بغية زيادة تمويل ذاتها عبر الدولة لأنها تكون أصبحت مؤسسة توفّر مداخيل للدولة لا مجرّد مؤسسة مستهلكة للموازنات.

إن الجيوش في الدول الحديثة مارست بنجاح كبير هذه التجارب لاسيما في بيع خدماتها في الاسواق الوطنية والعالمية لاسيما السوق العربي الكبير.

خامساً  : يجب تأسيس "حرس وطني" مهمته التدخل السريع والفعّال في المحافظات التي له في كل منها ثكناته وقيادته المحلية. على ان  تكون قيادة الحرس الوطني المركزية في العاصمة تابعة لوزارة الحرس الوطني من اجل الحرص على ثوابت وحدة المؤسسات والدولة والكيان .

لكن التوظيف والتدريب واختيار جند وقيادات الحرس الوطني يكون بالأفضلية من أهل المحافظة المقيمين فيها. كذلك تكون الاسلحة والذخائر والمعدّات على أنواعها متموقِعَة في ثكنات ومخابئ ألوية الحرس الوطني في كل محافظة. دور "الحرس الوطني" يختلف تماماً عن دور قوى الامن الداخلي، إذ هو قوة تحرّك سريع، قتالية، عالية التدريب، متخصصة بالتدخل الاستثنائي حين يحصل ما يمكن ان يهدد الامن القومي أم الأهلي في الداخل . وعلى قيادات الحرس الوطني أن  تنسّق مع القوى العسكرية والامنية الاخرى مباشرة على الارض عملانياً وعبر مجلس الامن القومي قيادياً . تؤازر القوى الاخرى عند الطلب وعند الحاجة ولها قدرات تدخّل فعّال في حالات الكوارث الطبيعية لدعم قوى الدفاع المدني.

إن أهمية تأسيس الحرس الوطني السياسية تكمن في طمأنة أهل المناطق اللبنانية جميعاً من هواجس "الخوف من الاخر" المتراكمة عبر الاجيال والحروب والمجازر بحيث شعرت الطوائف، في مرحلة بعد مرحلة، بالحاجة لتسليح أهلها وتنظيمهم ميليشيات بحجة المقاومة ضد عدو خارجي لكن بحافز الإبقاء على السلاح المنظّم لمواجهة أعداء الداخل الذين إن لم يوجَدوا يتم اختلاقهم.

إذا شئنا طمأنة وتهدئة الهواجس، ونزع السلاح من الجميع، وحصر حمله بقوى لبنان الذاتية ليكون لنا دولة واحدة لشعب واحد، مواطنوه مطمئنون، يعيشون "الالفة اللبنانية" عيش المواطن الآمن الطيّب، فلا بد لنا من "حرس وطني" يلعب دوراً مكمّلاً لسائر القوات المسلّحة. ولا ريب ان الاقبال على الانخراط بمؤسسة الحرس الوطني سيكون كبيراً بسبب دورها المحلي، وجذورها الاهلية في كلٍ من المحافظات الكبرى. بينما الامر يختلف مع الجيش الذي يعاني من صعوبات مستعصية في جذب متطوعين من بعض المناطق اللبنانية الأكثر نمواً.

سادساً: إستحداث قوى الدولة "المقاومة" بوجه الجيوش الغريبة والقوى المخابراتية العسكرية المقنّعة التي قد تهدد سيادة وأمن لبنان. تنظيم "فرق المقاومة لدى قوى الامن القومي جميعها، تدريباً وتسلحاً وتنسيقاً لتكون قادرة على إفراز "فرق مقاومة" تشكل شبكات أمنية متكاملة، تتحرّك بفعالية على الارض، في محيطها الطبيعي، متنكّرة عبر اختلاطها مع  أهلها على الارض، مثلها مثل أية مقاومة . شبكة المقاومة تكون مرتبطة مباشرة بمجلس الامن  القومي عبر هيئة تنسيق قيادية خاصة بها وسرّية للغاية.

أما أفكار إستيعاب الدولة للمقاومين المسلّحين بعقائديات وولاءات لا تمت بصلة الى لبنان الرسالة، فلا يجوز إطلاقاً قبولها في كنف مؤسسات الدولة الامنية لاي سبب كان. المطلوب بالنسبة لهؤلاء إعادة تأهيلهم وتدريبهم مهنياً للدخول في الحياة المدنية اذ إن  منهم عدد كبير جداً من المؤهلين للنجاح، بفضل ثقافة الانضباط والولاء للمهمة وروح المسؤولية، والتفاني في الحياة المدنية حيث يكتشفون عالم الحياة الهنيئة.

يتّضِح مما تقدم أهمية دور مجلس الأمن القومي وضرورة أن يكون منظماً للعب دور القيادة العليا، والتنسيق الكامل بفعالية قصوى بين القوى العسكرية والامنية جميعاً، بقيادة سياسية مُطّلِعة إطِّلاعاً كاملاً دقيقاً ويومياً وحتى لحظة بلحظة في حال المخاطر الداهمة أم الأزمات الناشئة والمعارك الدائرة.

واجب وفاقي استحداث مجلس الشيوخ الموعود منذ الطائف لذا:

 أولاً : على الرئيس أن يتعهّد الحوار والاقناع بتأسيس "مجلس الشيوخ" ليتكامل مع المجلس النيابي كما هي الحال في الكونغرس الاميركي،  بحيث يكون المجلس النيابي ومجلس الشيوخ مجتمعين ، الهيئة التمثيلية الاوسع، فتتّسع صلاحيات المجلس النيابي الحالي الى مجلس الشيوخ الذي تتميز إختصاصاته بالشؤون المصيرية والعلاقات الخارجية والدفاعية. إن النموذج الدستوري الاميركي يشكّل بالتجربة أفضل النماذج الديمقراطية للحد من الاستئثار بالسلطة. يجب أن لا يتجاوز مجلس الشيوخ الستين شيخاً، يمكن إنتخابهم إما عشرة عن كل محافظة من المحافظات الست بالنسبية، ام ينتخبون بالنسبية في لبنان دائرة واحدة، كل طائفة ان تنتخب ممثليها، شرط إعطاء الحق للمواطنين الذين يرفضون الإنتماء السياسي لإية طائفة، أن ينتخبوا ممثليهم كأية مجموعة طائفية.  على ان يكون لهم عشرة شيوخ يمثلون بالاضافة الى المقيمين، غير المقيمين من اللبنانيين الاكثر تحرراً من الطائفية والمناطقية.

ثانياً: مع تبنّي الإصلاحات التي تبنّتها الهيئة الوطنية الخاصة بقانون الإنتخابات النيابية ، يقتضي:

أ- الإصرار على حق الانتخاب للمواطنين حيث تواجدوا في العالم اللبناني كونياً.

ب- تحريم وإلغاء نتائج الانتخابات في إطار أية "جزيرة أمنية" تعيق حرية ممارسة الناخب حقه المقدس أن ينتخب بحرّية وسرّية وأمان.

ج-البطاقة الانتخابية زادت حالات التشويه الانتخابي ولم تُحل دون الممارسات التزويرية السابقة منها لذا يلزم إعادة النظر بالبطاقة الانتخابية وإعتماد التكنولوجيات المتقدمة لحماية وتسهيل وتنقية العمليات الانتخابية بدون لوائح شطب غير دقيقة ولا بطاقات يحجزها ويتصرف بها المزورون والنافذون.

ثالثاً: عظمة لبنان في إتّساعه للعام اللبناني. في لبنان يُجنَّسُ الأغراب ولا يجنّس أهل العالم اللبناني. إنها فضيحة الفضائح "اللا وفاقية". لذا يتعّين على المؤمنين "بلبنان أولاً"  أن يتعهّدوا "العالم اللبناني أولاً" في سياسة التجنيس، وعليه يتوجب :

أ-إلغاء مرسوم التجنيس الاحتلالي المَنشأ والنوايا.

ب-السماح بتجنيس أولاد اللبنانيات إسوةً بأولاد اللبنانيين.  

ج-إعطاء الحق للأولاد وللأحفاد من أصل لبناني في العالم أن يطلبوا الجنسية من السفارات والقنصليات ليحصلوا عليها بالسرعة القصوى، كحق مقدّس من حقوق العالم اللبناني ، عالم الرسالة المنتشرة عبر القارات. ذلك مع حق الانتخاب والترشيح ومع آليات تسهيل العمليات الانتخابية والتواصل السياسي عبر وسائل الاتصال الأحدث في القرية الكونية.

رابعاً : مسألة حقوق الإقامة والمشكلة الفلسطينية في لبنان.

أ-لا للتوطين.

ب-نعم لحقوق الإقامة وواجباتها على المقيم.

ج-لا لبقاء السلاح خارج أم داخل المخيمات لان لا سلاح يجوز بعد اليوم على أرض لبنان سوى سلاح الدولة بقواها الذاتية ام تلك المطلوبة خصيصاً لحفظ سلام الكيان والدولة والسيادة.

د-لا لبقاء الفلسطينيين في مخيمات تشكل ثكنات عازلة معزولة. إنها جزر أمنية، وبؤر فقر وإهمال، تُنتج الحاقدين، العدميّين الذين يهدّدون السلام اللبناني والعربي والعالمي. لذا يتعّين إزالة المخيمات الفلسطينية والسماح للفلسطينيين بالاقامة بين اللبنانيين، مثلهم مثل أي مقيم خاضع لقوانين الدولة ورقابتها الأمنية ومحميٌ منها.

أما حقوق التملّك في لبنان، فلا يجوز إنسانياً وحضارياً التمييز العنصري فيها بين مقيم فلسطيني ومقيم غير فلسطيني.

بالمقابل يجب وضع ضوابط وعقوبات جزائية وديبلوماسية  صارمة لمواجهة المال السياسي الإستيطاني عقارياً إن كان لصالح أو بواسطة لبنانيين أم أجانب .

الثورة الاقتصادية الانقاذية تبدأ بمقاربتنا لتحرير القطاع العقاري لحماية لبنان من الاستيطان بالمال السياسي المعتدي على السيادة ويمهَّدَ لنا لطرح مشروع الثورة الليبرالية الاقتصادية التي وحدها تنقذ لبنان إقتصادياً وتعوّض عليه عقود الحروب والفساد والتخّلف عن ركب التحرير الانمائي الاقتصادي الذي أقلع عالمياً عام 1981 مع إدارتي ريغان وتاتشر ثم إنتشر وحرّر الاتحاد السوفياتي وعالمه والهند والصين مضاعفاً حجم الاقتصاد الدولي عشر مرات على الاقل. حتى إن محيطنا المباشر من قبرص الى اسرائيل وتركيا ودبي والاردن بدأ من عشر سنوات ونيف الافادة الكبيرة من ثورة التحرير الاقتصادي بينما لبنان، الذي كان السبّاق، أضحى وطن الاقتصاد المريض الذي لولا عالمية نشاطات أهله الاقتصادية لكان إنتهى إقتصادياً ووجودياً بهجرة القادرين على الهجرة ويأس المغلوب على أمرهم من الباقين كما ويأس المغامرين على مستقبله حباً بأهله وربوعه لا اقتناعاً عقلانياً بحظوظ النجاح فيه.

إن في هذه الحقائق المؤلمة تحدّ كبير لراعي الأمّة المقبل الذي يجب أن يكون ذو ثقافة اقتصادية ، وخبرة ووعي كبيرين لاسباب النجاحات الاقتصادية عالمياً كي يكون مؤهّلاً لإنقاذ الاقتصاد اللبناني مع حلفائه في الحكم.

إن النهضة الاقتصادية ، تتطلّب قناعات وعهود والقدرة على الإقناع، إقناع القيادات والناس، الإقناع بمواجهة العقول المتحجرة ، المتخلّفة ، لدى السياسيين والتكنوكرات الأميين إقتصادياً و المتخلفّين بمفاهيمهم الإقتصادية الموروثة. من تجارب القرن العشرين الفاشلة إن في العالم الشيوعي أم في العالم الاشتراكي اليساري. لذا على الرئيس أن يقود حملة تحرير العقول وتحديث المفاهيم من منبره الرئاسي العالي القادر على صنع المعجزات في صنع رأي عام ثوري ليبرالي إنقاذي يسهّل على الوزراء والنواب مهمة المساهمة الحيوية في تحقيق النهضة الاقتصادية الممكنة اللازمة لتحصين لبنان بالازدهار الكبير!

متطلبات النهضة الاقتصادية كثيرة تعداد أهمها اليوم لا يفيها حقّها لأن الشيطان يبقى في التفاصيل.

اولاً: إن تحرير القطاع العقاري والانفتاح على عالم التطوير يحقّق أهدافنا في حماية لبنان من الارادات الاستيطانية ، بينما القوانين المرعّية المانعة والمقيّدة فلا نفع منها.

لقد اثبتت التجارب التاريخية في الأزمنة والأمكنة والقطاعات والمضامير جميعها ، أن المنع يزيد "التهريب" و"الغش" والغزو المُقنّع السهل المنال .

بينما تحرير البيع والشراء يحقّق الارتفاع في الاسعار العقارية اللبنانية لتصبح في مستوى الاسعار في الدول والربوع المجاورة.

كما إن إرتفاع قيمة الملكية العقارية يساعد اللبنانيين على التقنين بالبيع الإضطراري، لانه يكفيهم عندئذ أن يبيعوا القليل لسدّ حاجاتهم، أم لتوظيف المال في المبادرات الانتاجية. هكذا تبدأ حلقة الثراء العقارية المتصاعدة بقوة من نتيجة تحرير القطاع العقاري بحيث تجعل أي هجمة عقارية على لبنان بخلفية استطيانية مكلفة للغاية، تفوق طاقات  الدول مهما بلغت ثرواتها ومطامعها الاستيطانية . بينما  يزيد تقييد القطاع العقاري الحالي من فقر اللبنانيين وإستعدادهم للبيع والهجرة، والتحايل على القوانين المانعة.

لكن التحرير العقاري، مثله مثل أي تحرير، بحاجة الى حماية قانونية ورقابية حازمة ورادعة، اي الى قوانين ومخابرات متخصّصة تُراقب المال السياسي ذات الأهداف الاستيطانية لصالح اي مشروع يَمُسّ بالسيادة، أم بالتوازنات اللبنانية.

هكذا يمكن رصد ومعاقبة الشاري، ومن وراءه، عبر القضاء الجزائي والعقاري والمالي، وعند الحاجة عبر الضغوط الديبلوماسية لغاية قطع العلاقات الديبلوماسية ومراجعة النظام الدولي ومجلس الامن.

ذلك لأن الهجمات على السيادة بالمال السياسي لا تقلّ شراًَ وهي أخبث من خرق الحدود للاحتلال أم لزرع ألغام ضرب الاستقرار الأهلي أو بناء القواعد "بالواسطة"، لبنانية كانت أم غير لبنانية مقيمة على الارض اللبنانية بأي مبرر كان.

أما المردود الاقتصادي لتحرير القطاع العقاري على الاقتصاد الوطني فقد يتجاوز مئات مليارات الدولارات ويجعل دين الخمسين مليار وخدمته لا شيء بالمقارنة .

ثانياً: إقرار تخصيص كافة القطاعات العامة التي يمكن أن يموّلها القطاع ويديرها القطاع الخاص بفعالية أكبر.

أ- لذلك يتوجّب إعطاء الاولوية لسرعة أخذ القرار بالتخصيص مقروناً بشفافية بآلية التخصيص وِفقَ المعايير الدولية التي تشجّع المطوّرين الكبار دولياً والاوساط المالية والمصرفية العالمية وأهم الشركات المتخصصّة عالمياً في الاستثمار وادارة المشاريع على الإقبال والالتزام.

ب- يتوجّب الامتناع عن السماح بأي إحتكار أم حصرية في اي قطاع من القطاعات لان أفضل ضمانة لتوفير المنتوج بأفضل الاسعار للمستهلك اللبناني والاقتصاد تبقي تعدّدية المزاحمين في سوق العرض.

ج- يتوجب تحريم إستعمال النفوذ السياسي، وإيجاد آلية المراقبة لذلك منذ البدء، وفي القوانين والمراسيم، حتى يقتنع المراقبون في لبنان والعالم، أن التخصيص في لبنان تتولاه "إمرأة قيصر" بأخلاق لا ترقى اليها الشبهات ذلك لأن الفساد يمكن استباقه ردعاً وعقابه فوراً وبقساوة مثالية أياً كان النافذ وأياً كان مَن وراءه، لأن الفساد "بالتوافق " مثله مثل "الامن بالتوافق " هو مجرد "إبتزاز" مُقنّع.

لقد آن اوان وقف الابتزاز السياسي أياً كانت حجج عقلنته باسم الطائفية ام العرف ام الحرمان وما الى ذلك من حيل لا تنطلي على الناس، ولن يعفو عنها التاريخ  .

د-  بقدر ما يتوسع التخصيص على كافة القطاعات وفوراً ويتم تحرير المزاحمة على قطاعات البنية التحتية كافة ، نتمكّن من إنجاز الموازنة المتوازنة بلا عجز بنهاية عام 2010.

هـ - إن هدف إنهاء العجز بنهاية عام 2010 يتطلّب  كذلك صرف أي موظف، وظيفته "صورية". ويتطلّب أيضاً تخفيض عدد الوزارات بالدمج الى ثلث العدد الحالي على الاقل. كما يتطلّب تخفيض خدمة الدين واصله من خلال الافادة من تحرير القطاع العقاري ونهضة التطوير العقاري ببيع محفظة الأملاك العقارية المهملة، التي تكلّف الدولة. هكذا تحقق دخلاً لتسديد الدين العام كما تستفيد من القطاع الاستثماري من خلال زيادة المردود الضرائبي.

و- إن ورشة التخصيص قادرة ان تضع السوق المالي اللبناني بمصاف الاسواق المالية الكبرى في المنطقة، محققة ثروة وطنية تكون بمعدل عشرة أضعاف قيمة الموجودات الحالية التي هي مسنّدة في السوق، وتلك التي تدخل السوق عندما تصبح الموجودات المخصصة ممولة من خلال "شركات جديدة" مؤسسة بهدف استثمار وادارة وتطوير أي مرفق من المرافق المخصصة . علماً بان  الهدف على الامد الاطول هو السعي لتخصيص السوق المالية على طريقة "النازداك" ليصبح للبنان سوقاً بأهمية سوق "سنغافورا" ام زوريخ او دبي على الاقل.

ثانياً: اما دور الدولة في قطاعات التعليم والصحة والضمان فهو الاخير يحتاج الى مقاربة ثورية. ان التجارب الحديثة، من تعاقد الصين الشيوعية مع قطاع التأمين الخاص العالمي لضمان بعض عمالها، الى نجاح التجارب الإجتماعية مع خبرات مدرسة شيكاغو اللبرالية في التشيلي، تحملنا على الإقدام بالاتجاه الليبرالي الحديث.

1- خدمات التعليم والصحة والضمان وهي من الأولويات ، ُتبقي الدولة على موازناتها المباشرة وغير المباشرة شرط ان تترك للقطاع الخاص اللبناني والدولي حرية وإمكانية تقديم هذه الخدمات بشروط المزاحمة الشفافة. مع ترك الحرية للمستفيدين، اصحاب الحق بهذه الخدمات، لشرائها بواسطة حصتهم الفردية من "دعم" الدولة من المؤسسة المرخّصة التي يختارون.

هكذا الطالب يختار مؤسسة التعليم الخاص التي يُفضِّل، مثله مثل المريض، والمضمون، مقرراً بالواقع نجاح المؤسسات التي تؤدي أفضل الخدمات بأفضل الاسعار. هنا دور الدولة يُختصر على دفع حصّتها ، إن كفيت كان به، وإن لم تكفِ تتولى المؤسسات المدينة للمواطن والعامل بالخدمات الاجتماعية المساهمة من طرفها. كما تساهم المؤسسات الاجتماعية الانسانية اللبنانية والدولية من جهتها بدعم المغلوب على أمرهم غير القادرين على أدنى المساهمات.

إن أهمية هذه المقاربة الثورية تتميّز بانها تحقق الهدف الاجتماعي، بأفضل الشروط  النوعية واقلها كلفة، لاسيما اذا اقلعت الدولة ومؤسسات القطاع الخاص عن فسادهما المشترك بالردع الرقابي والقانوني الحازم والقاسي. كفانا دولة تماطل بالدفع، ووزرائها يفرِضون كل انواع "الخوّات" على المؤسسات المعنية، بمقابل التخفيف من الرقابة على حقيقة وصدقية الفوترة وحتى الحاجة الى الخدمات المقدمة من قبل القطاع الصحي.

إن هذه الفضيحة المستمرّة في التعاطي مع القطاع الصّحي، يتعيّن التعاطي معها بقساوة قانونية كبيرة لمعاقبة المتواطئين جميعاً .

أما النتائج الاولى لهذا التحرير الاقتصادي فهي:

أ-العدالة بين الناس إذ يكون لكل منهم، الى أية مجموعة طائفية أم مناطقية أم طبقية إنتمى، إمكانية الافادة من أفضل الخدمات في التعليم والطبابة والضمان، التي تُقدم بطبيعة المزاحمة الشرسة للقطاع الخاص.

ب- تحقيق سوق خدمات لبناني بأعلى نوعية وأفضل مستويات الكلفة، تجعل من لبنان مركز جاذبية لمستهلكي هذه الخدمات من العالم العربي، وحتى من العالم الغربي الذي يُصدّر اليوم الى الهند وتركيا واسرائيل كميّة متزايدة من مرضاه ويدفع عنهم.

ان شهرة لبنان في القطاع الخاص جيدة اليوم في التعليم والاستشفاء، وسنكتشف مع هذه الثورة وتوظيف موازنات الدولة الاجتماعية في هذا القطاع ان الرساميل ستقبل لتُستثمر في هذه القطاعات وتساهم بدورها في تحسين نوعية الخدمات وتخفيض كلفتها، لأن هذه المؤسسات تصبح رابحة حين تأمَّن لها حد أدنى معيّن مؤكد من الزبائن. فهي مثل الفنادق إن ضمنت  إشغال نصف الغرف فيها تمكّنت من الربح بأسعار مخفّضة لأن نسبة الربح على النصف الاخر كبيرة جداً بالمقارنة هكذا يكون في لبنان مركز جاذبية كبير للرساميل، ولسواّح الصحة والتعليم، يساعد على نمو مضطرد للاقتصاد بكامله.

رابعاًً: قطاعات السياحة والصناعة والزراعة غير قابلة للازدهار بالدعم  والحماية كما يظنّ المتخلِّفون عن مفاهيم الحداثة الاقتصادية. إن هذه القطاعات تحتاج الى بعض المجهود  الخلاّق الذكي :  

أ-التسويق للبنان ومنتوجاته عبر الإعلام العربي والدولي ممكن من خلال مساهمة الدولة بموازنات متواضعة فعّالة.

ب-الديبلوماسية اللبنانية بحاجة لأن تنظّم وتستنفر لتكون في خدمة التسويق.

ج-العالم اللبناني المتواجد في شتّى بقاع الارض مميز يمكنه مشاركة الديبلوماسية اللبنانية في التسويق.

د-لبنانياً على الدولة أن ترفع أذاها عن هذه القطاعات وأن تعوّض عليها بالاولوية حين تتعرّض لكوارث طبيعية أم سياسية أمنية.

ه-يمكن الدولة أن تساهم في تجميل البناء القبيح غير المكتمل بمبادرات الطرش التجميلي ومبادرات مساعدة البلديات على الإفادة من علم وذوق مصممّي المدن والقرى والبيوت والمنتجعات السياحية على انواعها ليساهموا في رفع المستوى الجمالي والبيئي للبنان.

و-بانتظار نجاح تخصيص الكهرباء الذي سيؤدي حتماً الى تخفيض كلفة الكهرباء على كبار مستهلكيها في القطاعين الصناعي والسياحي، لا بد من تحميل المؤسسات  المعنية كلفة لا تزيد عن كلفة الكهرباء في البلاد المجاورة، لاسيما تركيا ومصر واسرائيل ودبي. ذلك أن توفر الكهرباء وسعرها من أهم عوامل الكلفة في قطاعي الصناعة والسياحة الواجب إعطائهما حظ المنافسة في محيطها على الاقل.

ز-أما القطاع الزراعي المستهلك الاكبر للماء فيتعيّن بالاول وضع سياسة جذرية طويلة الامد يبدأ تنفيذها فوراً بالتعاون مع الدول الصديقة الداعمة لوقف هدر ثروة لبنان المائية، ولتمكين الزراعة من الافادة وِفق تقنيّات حديثة من المياه المتوفرة بدون هدر لأنها مدّخرنا الاغلى.

ح-طالما لم يقتنع المستثمرون في الزراعة والمزارعين ، أن الزراعة في لبنان غير قادرة على مزاحمة الزراعات المجاورة إلا إذا اختارت أن تكون مميزة جداً في نوعيّة منتجاتها وخصوصية زبائنها في الاسواق اللبنانية العالمية، تبقى الزراعة على حالتها البدائية المفلسة.

لذا على الدولة وقياداتها التعاون مع خبراء الاسواق ومتطلباتها لمساعدة الزراعة اللبنانية على تحقيق ثورة نوعية إنتقائية في الانتاج والتسويق.

ط – كذلك، لانقاذ الزراعة لا بد من التنويه بالحاجة الى إعادة النظر الجذرية في سياسة فصل الزراعة والاملاك المصنفة زراعية عن قطاع السياحة لأنهما، في مشاريع التطوير، توأمان . لذا يتعيّن السماح بالمشاريع السياحية الخضراء المتزاوجة مع الزراعة لتصبح الاملاك المصنفّة زراعية قابلة لتستوعب مشاريع القرى الخضراء السياحية .

وفي مثل هذه المقاربة، دعماً حقيقياً لنمو القطاعين، وفرصة استثنائية للمساهمة في تحقيق الانماء المتوازن، ذلك ان المناطق الزراعية منتشرة في مناطق الحرمان بعيداً عن العاصمة ومحيطها الجبلي المباشر .

ك -أخيراً وليس آخراً، إن تزاوج الزراعة مع السياحة ينجح اكثر إن هو ضمّ الى زواجه زوجاً ثالثاً وهي الصناعة الزراعية التي يمكنها التزاوج مع الزراعة كما هي الحال مع صناعة النبيذ في العالم ام صناعة زيت الزيتون وسواها من الزراعات ذات الجاذبية السياحية وامكانية التسويق المزدوج.

خامساً: لبنان بطبيعته الكيانية التاريخية وجِدَ ليكون بكامله "منطقة حرّة " و"فردوس ضرائبي" على تقاطع ضفاف المتوسط الشرقية، بحر إلتقاءِ ثلاث قرارات بحضاراتها.

الرئيس ميل اده، احد كبار المؤسسين للكيان طالب بلبنان منطقة حرة وفردوس ضرائبي منذ البدء .

إن كل ما قمنا به مقتبسين عن إشتراكيات العالم الثالث وعن الانظمة الضرائبية الفرنسية والكندية الاشتراكية المنحى، كان خطيئة عظيمة بحق لبنان واللبنانيين ، في حين أن "رؤية " الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم  الاقتصادية كانت ولا تزال تحقّق المعجزات في دبي، النموذج الذي يحاول تقليده الجار بعد الجار؛ نرى لبنان يغرق في أوحال التعقيدات الضرائبية معلّقاً مشنقته الاقتصادية بيد قياداته تحت الوصاية المتخلّفة.

بناءً على قناعاتنا بضرورة إحداث ثورة تشريعية تُعيد الى لبنان حظوظه بالمزاحمة لجذب الرساميل والمؤسسات والكفاءات بدءاً بالتي هجرته يأساً، ننتظر من عهد الرئيس المنقذ ان يسعى مع شركائه في الحكم ومع الرأي العام لتحقيق الاهداف التالية:

أ-برمجة جعل لبنان منطقة حرّة بكامله مع نهاية العهد الرئاسي بدأً بالعام  2014 .

ذلك ممكن التحقيق بعد النجاح في إلغاء العجز في نهاية العام الثالث وجني ريع التخصيص والتحرير الإقتصادي، تخصيصاً  مكتملاً وتحريراً كاملاً، ينتج مضاعفة للدخل القومي ثلاث مرات، اي ما يقارب الستين مليار دولار.

وبعد تحقيق الانجازات التي تنهي الدين العام بمساعدة الاصدقاء في العالم بحيث يساهمون من جهتهم، بدولار مقابل كل دولار توفره الدولة او تؤمنه من تخصيص  المرافق العامة والمحفظة العقارية الضخمة .

إن مثل هذا التطور يقتضي التأسيس له من خلال المطارات - الكارغو وتكبير وتحديث اكثر من مرفأ ، مع شبكات المواصلات على انواعها التي تربط "لبنان المنطقة الحرة" بعمقه التجاري. وان تمويل هذه البنية التحتية اللازمة ممكن مئة بالمئة من خلال القطاع الخاص والتعاون الدولي الاوروبي والعربي والمعنيين اقتصادياً وسياسياً.

ب- إن الضريبة على القيمة المضافة هي الضريبة الوحيدة العادلة والمنتجة والسهلة التحصيل، لذا يقتضي الغاء ضرائب الدخل و"ضريبة الموت" المسماة ضريبة إنتقال الارث، لان تحصيلها يكلّف الدولة والاقتصاد اكثر من مردودها، بالاضافة الى هدر طاقات قانونية وإختصاصات محاسبة، يحتاجها الاقتصاد الانتاجي.

اما الرسوم التي لا حد لها على أية معاملة فيتعيّن تجميدها حيث هي، وتخفيضها حيث تجاوزت حدود الرسوم التي لا توجع ولا تُحبط اصحاب المعاملات والمبادلات وتنقّرهم.

كما يتعيّن وقف السياسات الاستنسابية في التكليف الضرائبي. كما ويتعين تحريم سياسات مكافأة الدولة لمحصلي الضرائب بعمولات تفسدهم وتشجعهم على ممارسات غير أخلاقية تفسد الحياة الاقتصادية مثلها مثل إبتزاز الموظف الفاسد للمواطن المعني باية معاملة معه.

ختاماً نكاد نجازف بالقول انه اذا تمكّن العهد المقبل من تحقيق الثورة الاقتصادية على الجبهات كافةً، يمكن عندئذ تحقيق هدف عدم تجاوز الضريبة على القيمة المضافة الثمانية بالمئة مطبّقة بالفعل على كامل رقعة الاقتصاد اللبناني جغرافياً. عندئذ يصبح لبنان في موقع الجازبية الاول على تقاطع القارات الثلاث حول المتوسط.