سوريا تفترس لبنان بالمزايدة والابتزاز والإرهاب

بقلم/العماد ميشال عون

بتاريخ 5/9/1997

 

ما يشهده لبنان اليوم من فوضى سياسية واقتصادية وأمنية ليس سوى فصل من مسرحية النظام السوري في لبنان.

 

فتسعير الخطاب السياسي المذهبي، وإغراق لبنان في العجز والديون، وإحراق جنوبه بمقاومة تخلى عنها العرب مجتمعين، عمليات إجرامية لقتل لبنان وجعله جثة هامدة، والنظام السوري، الذي يفتقر إلى الديموقراطية والحرية والازدهار والعدالة التي تستقطب الجماهير، يعتمد الأساليب السلبية لإخضاعها، كالمزايدة والابتزاز والارهاب،

 

من هذه المنطلقات وحدها نستطيع ان نفهم كل ما يجري، ليس في لبنان وحسب، بل في سوريا أيضاً،

 

ولما زايدت سوريا بحماية الثورة الفلسطينية قامت بضربها، وعايش اللبنانيون هذه المرحلة،

 

وإذا ما ما غالت بعروبتها فلأنها تتحالف مع إيران،

 

وإذا ما استفاضت في مقاومة إسرائيل فلأن الأمن يخيّم على حدودها معها،

 

وإذا ما بالغت في قلقها على لبنان فلأنها تريد ابتلاعه لا حمايته،

 

وإذا ما دعت إلى الوحدة الوطنية في لبنان فلأنها تريد تفتيتها لا صونها،

 

وإذا ما ضغطت سوريا على أبواقها للردّ على الزعماء اللبنانيين فلأن لديهم ملفّات وقد تورطوا معها ومع غيرها ولا يستطيعون الرفض، وهكذا تسهل قيادتهم كالثيران المنخورة الأنوف تجرّ بخيط وحلقة.

 

ويبقى الارهاب العامل الأهم في السياسة السورية المعتمدة، بدءاً بالإيحاء من خلال محيطه، انتقالاً إلى التهديد المباشر، وصولاً إلى التنفيذ.

 

فقبل الكلام عن ضم لبنان بدأ السيد خدّام بتنبيه اللبنانيين من عودة الحرب الأهلية إلى لبنان إذا ما انسحبت القوات السورية منه، وتبع هذا التنبيه تحذير من الفتنة انطلاقاً من جزين لإلصاق التهمة بإسرائيل، ثم جاءت مطالبة مدير الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بإسقاط الحدود، وبعد هذا جاء الهجوم المباشر على غبطة البطريرك لأنه يطالب بعودة السيادة وخروج القوات السورية من لبنان.

 

فهدد الأمير بالتهجير، البيك بعودة المدفع، وتجنّد أحد الأحزاب للإفتاء بأن كلام البطريرك هو خروج على الإرشاد الرسولي.

 

إلى هؤلاء جميعاً، إلى أسيادهم نقول: "إن المسيحية، دين شهادة وفداءٍ وقيامة. بشّرت العالم بالكلمة، ورسّلها لم يحملوا سيوفاً ومدافعاً ولم يخافوا أسود روما مجتمعة، وأدّوا رسالتهم وانتصروا على قوى الشرّ بشجاعتهم وقوة إيمانهم.

 

إن الإرهاب السوري، سواء جاء مباشراً أو غير مباشر على لسان أبواقه في لبنان، لن يخيف أحداً. ونحن اللبنانيين، الذين تعوّدنا الشهادة للحق، لن ننزلق إلى متاهة الخطاب المذهبي الذي ترعاه سوريا في لبنان وسنردّ وطنياً، دوماً وأبداً، ولن نساير في قول الحقيقة وإن جرحت.

 

أيها اللبنانيون، هلا حملتم السياط لطرد اللصوص من الهيكل اللبناني؟