في مقابلة له مع الحياة لاحظ الرئيس عون اجتهاداً يعتبر سلاح حزب الله ليس سلاح ميليشيا ويقول بأنه يجب على النظام السوري أن يكون عاقلاً وأعتقد انه سيتعاون مع الارادة الدولية 

الحياة  02 ايلول 2005

اعتبر النائب العماد ميشال عون «اننا امام ايام حاسمة لأنه يمكنك ان تحسم لمصلحة الناس المعرضين للتحقيق أو ضدهم وان الحسم ليس بالضرورة في اتجاه واحد، وانه لمصلحة الحقيقة. واذا جاءت الحقيقة لتدين بعض الاشخاص عندها نقول كيف سينتهي عهد اميل لحود أو لا ينتهي العهد».

وأضاف في حديث لـ «الحياة»: «لقد تم توقيف قائد الحرس الجمهوري وهذا التوقيف هو حتى الآن للتحقيق ولم ينتقل بعد الى صفة المتهم، انه بصفة المشتبه به وهو ليس متهماً وعندما يصبح متهماً تصبح القضية اصعب وفي حالة الادانة تصبح ايضاً اصعب على العهد». وأشار الى ان رئيس الجمهورية معرض حالياً لحرب ازعاج قوية جداً، تزعج وتقلق وتضع حواجز في ممارسة الحكم، وهذا يضايق الحكومة ككل والحكم ولبنان ومن مصلحتنا ان يُحسم هذا الموضوع بسرعة». واضاف «اذا كان الموضوع موضوع مسؤولية جرمية فإن هذه المسؤولية بحد ذاتها تخرج رئيس الجمهورية من الحكم». ولكن اذا كان الموضوع سياسياً فهو يتطلب تفاهماً لبنانياً – لبنانياً وهذا كان لي منه موقف قبل عودتي من فرنسا وما زلت عند هذا الموقف ومن منطلق ان نعرف ما اذا كنا نريد ازاحة رئيس الجمهورية للمجيء برئيس آخر، ومن منطلق سياسي فيجب حصول تفاهم حول هذا الموضوع لأنه يتعلق بازاحة رئيس جمهورية انتخبه مجلس النواب وان معظم الذين يطالبون بازاحته اليوم قد صوتوا للتمديد له. هم عدلوا الدستور وليس أنا». وتابع: «من هنا نقول يجب ان يحصل تفاهم اذا كانت القصة سياسية، وهذا التفاهم

يهدف الى الاتيان برئيس جمهورية جديد ولديه صفة تمثيلية بالنسبة الى الذين يمثلهم وقادر على مسك زمام الامور ومحاربة الفساد ومواكبة عصره لأننا لا نستطيع ان نعيش في النمط نفسه الذي عشنا فيه من ثلاثين عاماً لأن هذا اوصلنا الى كارثة اقتصادية وكارثة اجتماعية وسياسية».

وأكد عون ان الامور التي تعالج بالحوار افضل من غيرها، ولكن هناك قواعد واعراف متبعة يجب احترامها في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية «ونحن منفتحون على الحوار مع الجميع ولكن هذا الحوار يجب ألا يكون صفقة ويجب ان يكون مبنياً على تفاهم لاقامة جمهورية بالفعل ولاستئصال الفساد من بنية الدولة والنظر الى المستقبل وانهاء المزايدات الطائفية والمذهبية الموجودين فيها حالياً ولا يمكنني ان اقبل بمبدأ المحاصصة التي قامت عليها الدولة اللبنانية خلال 15 عاماً». وفي عودة الى قضية التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قال عون: «نحن لغاية الآن لا نعرف طبيعة الاسئلة المطروحة ولا الوقائع باعتبار ان هناك سرية للتحقيق وانطلاقاً من هذه السرية لا يجوز تجاوز ما سيصدر رسمياً عن القاضي، انما استدعاء اشخاص عدة وجميعهم من موقع المسؤولية فيه نوع من اثارة الشكوك حول مهماتهم التي قاموا فيها وبالنتيجة اما ستؤكد براءتهم أو تورطهم». وأضاف: «يجب ان نقتصر في الكلام السياسي لأن الموضوع جدّي ويتعلق ببنية الدولة اللبنانية ويتعلق بأجهزة امنية كانت مسؤولة عن أمن الدولة اللبنانية وتتعلق باشخاص كانوا في موقع السلطة وزراء ونواب ورئيس جمهورية، يعني مجرد التحقيق بهذا الموضوع في حد ذاته يشكل اثارة من نوع جديد في الحياة العامة ولذلك كلما كان الموقع الذي تشير اليه الاصابع عالياً كلما وجب علينا التحفظ في الكلام وانتظار نتيجة التحقيق وعندئذ كل انسان يتحمل مسؤوليته ولا أحد يغطي أحداً».

وعن تحالفاته السياسية وعما اذا كانت التطورات الاخيرة ستؤثر في علاقاته بالوزير السابق سليمان فرنجية نظراً الى ارتباط هذا الاخير بعلاقات وثيقة مع كبار المسؤولين السوريين قال: «ان هذه المجريات لن تؤثر في هذه العلاقات طالما ان الانسان غير متورط وان الصداقات بين الناس لن تتأثر وكان يمكن ان تفاجأ بشخص قريب منه ارتكب هفوة أو ارتكب جريمة فهذا لا يعني تجريم الشخص الذي كان على علاقة معه».

وأضاف «اذا كان السيد سليمان فرنجية متورطاً عندئذ يطرح السؤال واذا كان اصدقاؤه السوريون متورطين، خصوصاً الذين كانوا يحكمون لبنان وكل الناس تتوخى رضاهم واعتقد بأن السيد فرنجية كان على مستوى من العلاقة مع السوريين غير مبتذلة». وقال عون: «الآن هناك مشكلة كبيرة مع النظام السوري اذا لم يتعاون لتحميل المسؤولية للذين ارتكبوا الجريمة، ولكن اعتقد بأن النظام سيتعاون مع الارادة الدولية لتحميل اصحاب العلاقة المسؤولية ويجب ان يكون عاقلاً ويتعاون». وعن علاقاته بتيار المستقبل والنائب سعدالدين الحريري قال عون: «ان العلاقات ليست مقطوعة ولكن لا يوجد في الوقت الحاضر تشاور بيننا حول القضايا الرئيسة وأشرت الى هذا الموضوع عندما حصلت مشكلة اقفال الحدود مع سورية وقلت في حالات كهذه يجب ان يتم التشاور في القضايا المهمة مع المعارضة ونتمكن نحن كلبنانيين من ان نتخذ موقفاً موحداً وهذا ينور الرأي العام والمعارضة ويقوي الحكومة ونتمنى تطبيق هذا في الحياة السياسية اللبنانية».

اما بالنسبة الى لقائه المرتقب مع الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله فقال عون: «في الواقع ان الانذارات الامنية التي وصلت الى الجميع وصلتني شخصياً في الدرجة الاولى وبعد ذلك تطورت الامور السياسية في شكل ادى الى ظهور بعض العوائق والآن اعتقد وآمل قريباً وأمامنا شهر أو شهران على أبعـد تقدير وننتهي من هذه الاجواء الامنية وتعود الامور الى طبيعتها ونستطيع ان نتحرك في شكل طبيعي لأنه عندما تستوضح الامور لن يعود في مقدور أحد أن «يخربط» لخلق مشاكل جديدة».

وعن القرار 1559 وطريقة تنفيذه قال ان هذه المشكلة من مسؤولية السلطة اللبنانية وليس الامم المتحدة.

وأضاف: «دعني اقول لك لماذا وافقت على القرار 1559. في اليوم الذي تم الاتفاق في الامم المتحدة على نص القرار ورحبت به جميع الدول الكبرى وقد تضمن انسحاباً سورياً من لبنان وتجريد جميع الفئات المسلحة على الاراضي اللبنانية من سلاحها بعد تطبيق القرار 425 الذي نُفّذ وكذلك انسحبت سورية من لبنان. اليوم ظهر اجتهاد آخر وهو ان هذا السلاح هو سلاح المقاومة وليس سلاح الميليشيات وان الميليشيات هي فقط «القوات اللبنانية» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» وقد طبقت الفقرة في القرار 1559 عليهما فقط».

واضاف: «المهم هو ان اصحاب العلاقة يستطيعون اجراء تصحيح على اتفاق الطائف ويقولون ان الميليشيات ليست الفلسطينية ولا «حزب الله» ولا «الحزب القومي» ولا حركة «أمل». اما بالنسبة الى قضية الـ 1559 فهناك انسجام بين اتفاق الطائف والـ 1559 وهذا ما نحاول شرحه للبنانيين ولكن اذا ارادوا ادخال تعديل فليقوموا بذلك وهناك مجلس نواب. ولكن هل يجوز هذا الاجراء بعدما مضى على هذا الاتفاق 16 سنة ومارست الدول في سياستها الخارجية الضغط على اسرائيل لتنفيذ القرار 425 مع القول وبالطبع ان الفضل الاول يعود للمقاومة في تحرير الجنوب، ولكن نسوا الضغط الاميركي والضغط الفرنسي على اسرائيل كيف تنفذ القرار 425 ونسوا كيف هب هؤلاء جميعاً في نيسان (ابريل) لاقرار البروتوكول للحفاظ على المقاومة واعطائها شرعيتها».

وتابع: «ولكن هذه الدول تعتبر اليوم ان هذه الشرعية انتهت بتحرير الارض اللبنانية ومن هنا حدثت المشكلة بين المفهومين والمجتمع الدولي حول القرار 1559. هذا مطلوب حله. نحن طرحنا الحوار. اصبح هناك تمسك ثابت بسلاح «حزب الله» ونحن من جهتنا لسنا في مركز المسؤولية كي نتابع وتركنا الموضوع للحكومة اللبنانية حتى تأخذ الموقف المناسب». وأوضح عون اتفاق «التيار الوطني الحر» مع «القوات اللبنانية» حول الثوابت الوطنية مثل الحرية والسيادة والاستقلال والمحافظة على الخط الديموقراطي وحرية التباين في الرأي وكل هذه الامور لا تشكل صراعاً أو خصومة وكل واحد له الحق وضمن الثوابت الوطنية ان يمارس الحياة السياسية بطريقة تحترم هذه المبادئ وهذا الذي حصل في الانتخابات. واختتم قائلاً: «اعتقد بأن الصراع الذي تورطنا فيه قد انتهى واليوم جميعاً نحاول تكريس الديموقراطية كنمط حياة وأكيد هذا خلاص للكل».