1تستهدف »النظام السوري الممعن في شق العالم العربي«

 نحو تعديلات مهمة على ميثاق الجامعة العربية تجيز فرض عقوبات حتى الطرد على من لا يلتزم بالاجماع

لندن - كتب حميد غريافي:

السياسة 31/3/2008

كثف ديبلوماسي خليجي في لندن النقاب أمس الاحد عن ان دولا عربية فاعلة ستطرح على الامانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة خلال الاسابيع القليلة المقبلة التي »ستعقب ظهور تداعيات نتائج القمة العربية في دمشق على العالم العربي برمته, التي تأكد الان بما لا يقبل اي شك انها حققت اهدافها السورية - الايرانية في احداث شرخ عربي لم يعرف له مثيل من قبل حتى في احلك الظروف التي مرت بها المنطقة خلال العقود الخمسة الماضية من الزمن, ستطرح تعديلات جذرية على بعض مواد ميثاق الجامعة تتعلق باضافة قيود لم تلحظ فيه منذ تأسيسها على الدول التي لا تتقيد بقراراتها او تشذ عن اجماعها, بينها فرض عقوبات قد تصل في ذروة دراماتيكيتها الى تجميد العضوية فيها كمرحلة تسبق عملية الطرد النهائي منها«.

 

وقال الديبلوماسي ل¯ »السياسة« انه »لم يعد في نظر بعض الدول الريادية العربية التي أسست الجامعة العربية ودعمتها بكل ما يلزمها للاستمرار والتقدم بد من ادخال تعديلات على الوثيقة التأسيسية لهذه المؤسسة العربية الاهم في مسار العالم العربي, بعدما تبين, وخصوصا من نتائج قمة دمشق, ان اي مشكلة عربية حقيقية منذ احتلال فلسطين العام 1948 لم تجد طريقها الى الحل الحاسم بسبب مواقف دول في الجامعة تغلب مصالحها الذاتية الضيقة واهواء حكامها الشخصية على مصالح الامة العربية بكاملها, وان كل ما بدا للعيان انها حلول لبعض تلك المشكلات لم يعد كونه ترحيلا لها الى »ظروف اكثر مناسبة« لم تأت على الاطلاق, والسبب في ذلك هو ان الدول العربية المعتدلة والمسالمة والمستقرة كانت دائما تدور زوايا الصراعات املا في منع شق الصف العربي الى درجة تصعب معها بعد ذلك المعالجات, وتحول بعض الدول الى اعداء في ما بينها, وتفرط عقد التضامن العربي الهش باستمرار, وتوقع الفرقة النهائية بين دوله«.

 

وذكر الديبلوماسي الخليجي »ان هذا الاسلوب المرن في التعاطي مع المشكلات العربية - العربية والعربية - الخارجية الذي امن وضمن استمرار جامعة الشعوب العربية (الجامعة العربية) حتى الان, بات بعد قمة دمشق المأساوية, مهددا بالسقوط والاستبدال بأسلوب جديد يضع حدودا قانونية وسيادية في ميثاق الجامعة لم يكن العرب بحاجة اليها لو كانوا متضامنين ومتفقين على تقطيع مشكلاتهم بالتي هي احسن كما حدث حتى اليوم,

 

اما وقد بلغت الامور والسلبيات التي ظهرت في هذه القمة حدود انفراط عقد الدول العربية وتفرقها عن بعضها البعض تنفيذا لسياسة ايرانية تهدف الى السيطرة على العالم العربي الاسلامي عبر حصان طروادتها النظام السوري في دمشق, فإن دولا حريصة على الا يحدث ذلك وعلى استمرارية التلاحم العربي القوي مثل المملكة العربية السعودية ومصر والاردن ودول مجلس التعاون الخليجي ومعظم دول المحور المغاربي, لا تجد امامها سوى اتخاذ خطوات مؤلمة لانقاذ الوضع برمته عن طريق وضع قيود صارمة على الدول المخربة والشاذة الهادفة الى شق الصف وتمزيق الدول والشعوب, اسوة بالقيود التي تفرضها المؤسسات الدولية المهمة في العالم مثل الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والاتحاد الاوروبي على اعضائها لمنع رمي العالم والقارات في بؤرة الانشقاق الذي قد يفضي الى الحروب«.

 

واكد الديبلوماسي الخليجي ل¯ »السياسة« ان هذا التوجه العربي الجديد لادخال تعديلات جذرية على ميثاق الجامعة او اضافة بنود اليه دون تعديله »من اجل القضاء على الخوف الذي انتاب القيادات العربية مما حدث في قمة دمشق وما قد يتبعه من محاولات مغرضة لضرب الدول العربية بعضها ببعض تمهيدا لاضعافها والسيطرة عليها ظهر جليا في بيان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل اول من امس تعقيبا على نتائج القمة حين دعا بعد الهجوم الذي تتعرض له الجامعة العربية - الى »وقفة حازمة لاعادة الاحترام لمؤسساتنا الدستورية العربية والحفاظ على صدقيتها وعلى رأسها الجامعة العربية« في اشارة جريئة منه وردت فيما بعد في بيان حول الازمة اللبنانية حين قال: »هناك مبادرة عربية (لوزراء الخارجية) قبلت بالاجماع.. الا ان محاولات تعطيلها وضرب قرارات الجامعة بشأنها عرض الحائط, وقد بدأ ذلك منذ اغتيال رفيق الحريري والاغتيالات التي اعقبته ثم استقالة الوزراء (حزب الله وحركة امل) من الحكومة اللبنانية في محاولة لتجريدها من شرعيتها, هو امر مؤسف وغير مفهوم«.

 

الى ان وصل الوزير السعودي الى بيت القصيد بقوله »ان الامر يتطلب منا انتهاج السياسات الحازمة نفسها للمؤسسات السياسية الدولية المماثلة التي تفرض عقوبات رادعة (على الدول المنضوية تحت لوائها) في حال تعطيل او عدم تنفيذ اي قرار يصدر عنها بالاجماع (الاشارة واضحة الى دور سورية التعطيلي للمبادرة العربية بشأن لبنان وربما بشأن المبادرة العربية للسلام).. ولابد من سياسات حازمة, سمها ما شئت, عقوبات او اجراءات رادعة.. المهم ان يتم الزام اي دولة لا تنفذ ما اتفق عليه بالقيام بذلك«.

 

واماط الديبلوماسي الخليجي اللثام عن ان ما تلاه الامير سعود الفيصل في بيانه »قد لا يكون سوى صدى العزم على ادخال تعديلات او زيادات ضرورية على ميثاق الجامعة لوقف الدول العربية الشاذة عن قراراتها من محاولات شق الصف العربي اذ اكد مسؤولون عرب وخليجيون انهم بالفعل عاكفون - منذ رفض النظام السوري تنفيذ مبادرة وزراء الخارجية العرب حيال لبنان - على وضع نصوص تلك التعديلات التي ستشمل اجراءات قاسية مثل:

 

الحد من التعامل الاقتصادي (كمرحلة اولى جازرة) ومن يد العمالة السورية في الدول العربية والتشدد في منح تأشيرات دخول السوريين اليها.

 

تجميد تنفيذ المشاريع السياحية والتجارية والتملك العربية في الاراضي السورية.

 

  وقف الدعم الحكومي العربي (الخليجي في معظمه) للنظام السوري والامتناع عن التدخل العربي مع الخارج لحل المشاكل السورية معه.

تقنين تبادل الرحلات الجوية وبواخر الشحن ووقف السياحة العربية الى سورية.

 

خفض التمثيل الديبلوماسي والابقاء على موظفين ثانويين في السفارات والقنصليات.

 

تجميد الارصدة السورية في المصارف العربية وسحب الودائع العربية من المصارف السورية.

 

التزام عربي بتطبيق كامل للعقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري وقادته السياسيين والامنيين والعسكريين (حتى الان لم تطبق الدول العربية هذه العقوبات).

 

وقال الديبلوماسي الخليجي انه في حال استمرار النظام السوري او اي نظام عربي اخر يشبهه في عدم التقيد بالاجماع العربي عبر مقررات الجامعة, فان اجراءات اشد ستشكل المرحلة التالية من العقوبات قد تصل الى تجميد عضويتها في الجامعة كمقدمة لطردها منها اذا لم تنردع«.

 

وختم الديبلوماسي بقوله ان البحث يجري الان »في ما اذا كان يمكن تجنب اتخاذ خطوات امنية تشارك فيها الدول العربية لحماية اعضاء الجامعة الضعيفة في وجه الدول المتسلطة الا ان اقتراحات طرحت على سبيل المثال لتشكيل قوة عسكرية - امنية عربية قد تكون مطعمة بمراقبين دوليين من الامم المتحدة استنادا الى قرار مجلس الامن الدولي ,1701 ونشرها في الاراضي اللبنانية على الحدود مع سورية لمنع تهريب السلاح والارهابيين الى المجموعات الايرانية والفلسطينية المتطرفة, كمدخل حاسم لانقاذ لبنان«.