حوار الطرشان والشعب اللبناني والانتخابات

بقلم/لاحظ س. حداد

 

إن شرذمة الرأي التي يعيشها الشعب اللبناني إزاء الشحن المضطرد للنفوس الذي يمارسه السياسيون اللبنانيون، طائفياً وحزبياً وعقائدياً، سوف يجد متنفساً له في العركة الانتخابية المقبلة.. وأنى تكن النتائج فإن بذار الشقاق وربما الفتنة تكون قد اينعت وقد حان قطافها، وما لم يتدارك الشعب اللبناني ذاته الوصول إلى مثل هذه النتائج المدمرة فلن يكن بمقدور هؤلاء السياسيين السيطرة على الغرائز التي ستنفلت كلياً من عقالها..

 

المصالحات والحوار،  

إن الوعي الذي أظهره بعض القيادات السياسية لمخاطر الفتنة فبادروا إلى احتوائها في مصالحاتٍ، أكثر ما يقال فيها أنها آنية ومؤقتة ومن المشكوك فيه أن تكون صالحة لاحتواء الفتنة ومنع انفلاتها نهائياً اللّهم إلاّ إذا وُجِدَ أمامها موانع قوية يُحْجُر عليها في مهدها.. 

 

أولى وأهمّ هذه الموانع ولعلها الوحيدة التي يجب أن تنتج عن مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده في القصر الجمهوري وبرعاية الرئيس شخصياً وتكريماً لرعايته، إذ أن ما تبقى من بنود البحث والتحاور تأتي في الدرجة الثانية نظراً لعمق الخلاف حولها والمدة الزمنية التي يتطلبها إيجاد الحلول لها.. وربما يُصار إلى تحويلها إلى المجلس النيابي، الموقع الأرحب لمناقشة كل شأن وطني ومشاركة جميع نواب الأمة فيه.. مثل هذه المشاركة ايضاً ليست ذات جدوى طالما بقي الكثيرون من قادة الرأي في البلاد خارج هذا المجلس أو حتى خارج طاولة الحوار، وإن جيَّروا أراءَهم لبعض فرقاء الحوار إذ أن لدى العديد من هؤلاء أراءهم الخاصة والمُغفلة التي لا يتسنى لمن جيّروا لهم التحدث باسمهم أن يبسطوها.. وبذلك  يتركوا لأنفسهم حيّزَ المناورة لرفض أو قبول النتائج الذي يتحيّنه الأغراب لمد أصابع تدخلهم فيه، وما أكثرهم.. وهنا مكمن الخطر، خطر الشقاق والفرقة..   

 

لذلك، فإن مؤتمر الحوار، زيدّ عدد المتحاورين فيه أم نقص، يبقى صراعاً مصيرياً بين فريقين هما على طرفي نقيض في نظرتهما إلى الدولة والنظام.. فمَن يتشبّث بفرض استراتيجية غريبة على الوطن وشعبه لن يتراجع قط عن خيلائه وأوهام انتصاراته العسكرية والسياسية؛ ومَن يتشبّث بحق الشعب اللبناني أن يستريح من حروب الآخرين على أرضه ووقف هدر دماء أبنائه وقادته دفاعاً عن قضايا كثيرة تخلى أصحابها عنها، والانصراف إلى بناء دولته على أسس ديمقراطية صحيحة، هو أيضاً لن يتراج قيد أنمُلة عمّا دفع في سبيله الغالي والرخيص..

 

لهذا كله، نحن نرى إلى هذا المؤتمر طبخةَ حصى (بحصٍ) منتقات من خارج لبنان لا يمكن وليس باستطاعة أي فريق محلي أن ينضجها منفرداً وهذا هو المأزق الذي يربك الجميع بما فيهم رئيس البلاد.. هكذا يُصبح هذا الحوار حوار طرشان..

 

الشعب اللبناني،

الشعب اللبناني بأسره بات على علمٍ بأنه على نتائج المعركة الانتخابية التي ستجري في الربيع المقبل سوف تحدد مصير الدولة ونظامها بالكامل، فإمّا أن يتابعَ فريقٌ سياسي فيها الاندماج نهائياً في حيّز الانحياز إلى محورٍ اقليمي يسقطها في أحضانه ويقيدها إلى استراتيجيته وإما أن يتمكن الفريق الآخر من الانفلات عن هذا التحيّز والانطلاق في استكمال مسيرة الاستقلال الثاني وتثبيت أركان الوطن بعيداً عن أي محورٍ اقليمي او دولي..

من هنا سنرى تشبُثَ كلا الفريقين أصبح نهائياً ولن تفلح مساعي الرئيس في حلقات الحوار إلاّ إلى نوعٍ من تبريد للأجواء بين المتحاورين بانتظار نتائج تلك الانتخابات التي، أنى من كان الرابح فيها، ستؤدي حتماً إلى إخلالات أمنية مباشرة يجب الاحتياط لها..

الانتخابات النيابية والفريق الثالث،

إن فقدان الثقة بالسياسيين آخذٌ بالتنامي بين أفراد الشعب اللبناني، وهذا أصبح واضحاً من خلال الحركات الشعبية والاحزاب  المناهضة لطروحاتهم السياسية ورفض نهج التمذهب والتطيّف الذي يمارسه السياسيون.. زد إلى ذلك المستقلين الذين فُرضَ عليهم الانسياق إلى هذا الفريق أو ذاك، في الانتخابات الماضية، نتيجة ضغوطات متعددة الأشكال أهمها الخوف والتخويف، وهؤلاء وأولئك باتوا اليوم يشكلون فريقاً ثالثاً له حجمه الانتخابي لا يُنكَر قد يقلب المعادلة السياسية الحالية بأكملها، وهذا غاية المراد والمطلوب..

كي لا تبقى الساحة السياسية حِكراً على فريقي المعارضة والموالاة الحاليين، يتوجّب على الفريق الثالث أن يبدأ بالتحرك فوراً لاختيار ممثلين عنه يتبنون برنامجاً إنتخابياً إنقاذياً واضحاً يجري تبنيه تحت أي مُسمى ويعمّ كافة الدوائر الانتخابية المفترضة على كافة الأراضي اللبنانية..

هذا الفريق إن أحسنَ التوجه ورفض استعمال المال سوف يستقطب الفريق الأكبر من اللبنانيين الذين سئموا طروحات الفريقين الآخرين اللذين يتصارعان باسمه ويتحاوران عنه دون الأخذ برأيه ومشاركته.. ومن هنا سوف نرى إلى كلا الفريقين يحاولان استدراك أمورهم والإلتحاق به أو تبني برنامجه الانتخابي.. وفي هذا مكسب كبير للبنان..

 

أما برنامج الفريق الثالث الانتخابي فيجب أن يتضمن المبادئ الوطنية بكافة مسلماتها الرافضة لأنواع التسلّط والهيمنة القريبة والبعيدة والابتعاد عن كل ما من شأنه الضرّ بمصالح الوطن وشعبه ويمكن اختصارها على الوجه التالي:

1-وجوب رفض الدخول في محاور او الانخراط أية استراتيجية اقليمية أو دولية، 

2-وجوب عقد ميثاق وطني جديد يشمل كافة الأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية،

3-وجوب التوجّه إلى اعتماد نظام الحياد الإيجابي،

4-وجوب التمسك بتنفيذ القرارات الدولية،

5-وجوب مشاركة جميع اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، في الانتخابات المقبلة،

6-وجوب تخفيض سن الاقتراع إلى ال 18 سنة كي يتسنى للأجيال المقبلة أن تدلي برأيها..

 

باعتقادنا أن برنامجاً كهذا المُقتَرح سوف يدفع الفريفين إلى إعادة النظر في مواقفهم السياسية..

للبحث صلة،

 

صانك الله لبنان

لاحظ س. حداد

التيار السيادي اللبناني في العالم / نيوزيلندا

 

2 تشرين الثاني 2008