أيها اللبنانيون: لا تتركوهم يُعيدوا لبناننا إلى الوراء!

رسالة إلى اللبنانيين 1/ 2

بقلم/لاحظ س. حداد

 

12 أيلول 2008

على ما نشاهد ونسمع ونقرأ عن الصراع السياسي الذي لا زال قائماً إلى الآن في لبنان، نجدنا كمن يغرّد في سرب لا يمتُّ إلى الوطن بأية صلة، ويدفعنا قسراً إلى التخلي عن محاولاتنا التوّجه في إبداء رأينا الوطني الحر في الشأن العام إلى هذا السرب والتحوُّل إلى الشعب اللبناني، بخاصة إلى جميع من شارك في إخراج الاحتلال واستعادة الإستقلال آمِلاً التخلُّص من ربقة الاستبداد الغريب فوَقَعَ، من حيث يدري أو لا يدري، بين أيدٍ قيدتها الأنانية السياسية وكبَّلَها تراثٌ من مضادات حيوية حُقِنت في أوردة سياسيينا للتشبّث بأهداف الأنا الخاصة بكل منهم فأوقفت مفاعيل الانطلاق عملاً لمصلحة الأنا الكبرى... الوطن، فكان لا بدّ من التوجه مباشرةً إليكم..

 

أيها اللبنانيون، يا أحرار لبنان!

أنتم مُقْبِلون قريباً على استحقاق الانتخابات النيابية الهام.. عليكم الاستفادة منه تماماً كي تستعيدوا المبادرة بأنفسكم، فلا تدعوا هؤلاء السياسيين بخطاباتهم يخدعوكم أو بالمال يغرّونكم، فلا الخطابات ولا المال يعيد الوطن إليكم.. وحدها إرادتكم الحرة في الاختيار جديرةٌ بإعادتكم إلى الوطن وإعادة الوطن إليكم!

 

أنَّ يكون قانون الانتخاب، عليكم التغلّب على التقاليد القديمة البالية فلا تصدقوا سياسيين ما فتئوا، منذ أن اوليتموهم ثقتكم، عن مصالحكم في سبيل مصالحهم الخاصة يبتعدون، وقيدَ أنمُلة إلى الأمام لا يتقدمون، بل هم على إعادة وطنكم إلى الوراء عاكفون، ومن أجل إثبات نظرياتهم الجوفاء إلى بؤر الطائفية والمذهبية بكم سائرون؛ فلا تدعوهم بفصاحة بيانهم إلى الاقتتال بكم يدفعون، فما جربتموه بالأمس القريب ليس سوى سطراً، دون نقط، لما إلى ما بِهِ اليومَ يبشرون!

بالأمس عانيتم الفئوية والطائفية فأوسعتم للغريب والقريب أبواب التدخل فالاحتلال فالاحتقان فالانفجار..

اليوم ومع تعدد الفئويات وتنامي المذهبيات إلى انحلال دولتكم أنتم ذاهبون.. إن كنتم للمذهبية تفقهون!

 

أيها اللبنانيون،

بأيديكم وحدكم تستطيعوا تأمين دولة الوطن.. الساعون إلى الحرب لن يمكنهم إدارة دفة السلم، والدليل لا يحتاج برهان..

دولتكم تكاد تضيع بين حانا موالاةٍ لم تخرج بعد إلى أنوار الديمقراطية ومانا معارضةٍ يكتنف كافة تصرفاتها الريب..

ولا زالت الموالاة تداهنُ بدعوى المواطنية والمعارضة تقتنصُ ما أمكن من وسائل لضربها؛ وأنتم عن الجميع لاهون..

أيها اللبنانيون، يا أبناء انتفاضة الاستقلال،

كم مرةٍ لبّيتم النداء فزحفتم إلى ساحات الحرية تأكيداً لثقتكم في قيادات انتفاضتكم، ثورة أرزكم، وهم في أنفسهم لا يثقون؟

كم شهيدٍ لانتفاضتكم، ثورة أرزكم، سقط، دون وازعٍ من ضمير، وذهبت دماؤه أدراج النسيان وفي المناسبات فقط يُذكرون؟

كم من جنود جيشكم وضباطه صرعتها غوغائية المعارضة والمرتزقة والأصولية وأنتم لدمائهم لا تنتفضون أو تحاسبون؟  

هل بات جيش الوطن، جيشكم، رديفاً بعد أن كان أصيلاً، بل هل أصبحت حيوات أبنائكم فيه مجرد أسماءٍ تسجّل على شواهد القبور يعوّضه نيشانٌ يُقلّد ومستحاقتٌ تُدفع وكان الله بهم خيرُ شفيع؟

 

أيها اللبنانيون،

إلى متى السكوت ووراء من أوصلوكم إلى هذه الحال تعتكفون؟ 

إن وطنكم يتفتت وأبناءَكم، إمّا يقتلون أو يشردون وأنتم لا زلتم ادعاءات السياسيين تصدقون... ألستم بعد مؤمنون؟

إن هؤلاء الساسة الذين إليهم تحتكمون لا زالوا لآمالكم وأحلامكم يحتكرون ولأعصابكم يستنزفون، فلا تتركوهم إلى الوراء وطنكم يأخذون وإلى جوف بؤرةِ المذهبية والشخصانية بكم يلقون! 

 

أيها اللبنانيون!

أنتم مدعوون إلى الانتفاض مجدداً على هذه الحال المُخزية ووضع أصابع أيديكم العشرة في وجه كل هؤلاء السياسيين وإبعادهم عن مواقعَ أثبتوا فشلاً ذريعاً في إدارتها، بل أحالوها مزارِعَ خاصة أين منها مزارع ما بعد الاستقلال الأول!

سياسيو المعارضة، أقاموا الدنيا ولم يُقعدوها على موالاةٍ تسلّمت السلطة في أدق مرحلةٍ تمر بها البلاد، مرحلة استرداد الاستقلال، وعوض التعاضد لاستكمال قيام دولته؛ تحت شعارات أنانية انقضوا عليها وأعاقوا قيامها.. بل حاولوا الانقلاب عليها وتدمير كافة منجزات الاستقلال الذي استرديتموه!

سياسيو الوالاة، تشبثوا بسلطةٍ توَلَّوها حقاً، لكنهم بتقاعسهم في فرض تنفيذ شرعة النظام الديمقراطي قانوناً (الدستور) جعلوا من هذه الشرعة مكسر عصى لكل متطاول ومتبجح ومتآمر.. وهكذا سمحوا للأغراب بتولي شئونهم وفرض وصايتم من جيد.. وهل نخلُص من وصاية لندخل في وصايات! أهذا إليه ما سعيتم أوتسعون؟

والآن، وبعد أن تشارك الاثنان في حكومةٍ يدعونها وحدة وطنية، كشفوا أرض الوطن وشعبه لكل مفتري وجعلوا من مجلسهم مائدةَ محاصصة انتخابية على مكاسبها يتبارون ويتبارزون..   

لقد جعلوا منكم أرقاماً انتخابية على تقاسمكم يتشاورون! ومصالحكم الحقيقية في بناء وطنٍ حرٍ يتجاهلون..

ومن أجل مصالحهم الخاصة، يتصالحون ولدماء الشهداء بالاستنكار يكتفون وبعدَ قصير وقتٍ يتناسون..

ألا تباً لهم من ساسة ليس في جعابهم سوى سهام الكيديّة والشوفينيةعلى أبناء وطنهم يطلقون!

ثلاثُ سنواتٍ وجميعهم على ذات المنوال سائرون..

 

أيها اللبنانيون،

أنتم مدعوون إلى رفض منح ثقتكم الغالية إلى كلِّ سياسيٍّ ينادي انتمائكم الطائفي أو المذهبي أو الفئوي..

بل أنتم مدعوون إلى محاسبة ذاتية هادئة ولكن حاسمة تعيد إليكم كرامةً فُقِدَت وحريةً سقطت وعنفوانٍ أُحْبِطَ..  

الزمنُ يآتيكم كي تأخذوا الأمور بأيديكم وتحققوا ما انتفضتم لأجله، استرداد الاستقلال وبناء دولته! 

 

إلى اللقاء مع الجزء الثاني... 

صانك الله لبنان

لاحظ س. حداد