المصالحة ثم الحوار

لاحظ س. حداد

 

ما ورد في الصحافة عن عزم الرئيس ميشال سليمان عقد ورعاية مؤتمر حوار وطني في القصر الجمهوري عملٌ خيِّر يُشكر عليه، ويُعتبر سابقة في تاريخ لبنان نأمل أن يأتي بالنتائج المرجوة منه، من أجل مستقبل أفضل!

 

إن فكرة الحوار الوطني الدائم يجب أن تُعَمَّم بين جميع فئات الشعب اللبناني المقيم وأن تُطرَح على كافة الجاليات اللبنانية المتواجدة في دنيا الانتشار تحفيزاً مثمراً لاستمرار أيمانها بالوطن وانتمائها إليه!

 

إن اللبنانيين المنتشرين في شتى أصقاع الدنيا، لا سيما منهم أولئك المهجّرين والمهاجرين، منذ بداية الحرب اللبنانية أو خلالها، لم يألوا جهداً في مساعدة وطنهم وأهلهم فيه، مادياً واجتماعياً، كما أنهم لم يتركوا فرصة إلاّ استغلوها من أجل المساهمة في تحرير أرض وطنهم من كافة الاحتلالات التي تعاقبت عليه!

 

إن المغتربين اللبنانيين أصيبوا ويصابون بالإحباط، بعد كل جولة تنشيطٍ عنفواني لاستعادة بعض ما فقدوه خلال سنوات ابتعادهم عن وطنهم، وهذا متأتٍ بالطبع جرّاء شعورهم بفقدان الروح الوطنية الحقيقية عند العديد من الزعماء السياسيين الحاليين الذين يديرون البلاد منذ أكثر من ثلاثين سنة!

 

 فهم لم يفلحوا حتى اليوم في الوصول الى الاتفاق فيما بينهم فكيف يمكن للاغتراب أن يثق بهم!

إن المنهجية التي يتبعها سياسيو لبنان لم تعد تجدي نفعاً أو تقنع طفلاً لذا وجب إما تبديلها أو تبديل هؤلاء السياسيين.

 

تبديل السياسيين يتطلب انقلاباً عسكرياً لا يقبله الفكر الديمقراطي العريقة جذوره في الحياة السياسية اللبنانية؛ وتبديل المنهجية المتبعة سوف يواجه بالأنا الخاصة بكل سياسي منفرداً وبعامة السياسيين مجتمعين فهؤلاء سوف يتناسون على الفور جميع مقولاتهم الديمقراطية عن الحرية والسيادة والاستقلال الخ... ليستنهضوا الهمم في سبيل الدفاع عن ذواتهم.. وهم بالتالي لن يتوانوا بل ومستعدون، دون وازعٍ من ضمير، للعودة الى أجواء يريد كل اللبنانيون نسيانها ... وهذه هي حرب المصالح..

 

كي نبني وطناً جديداً يجب أن يكون لنا رؤيةً جديدة وهذه يخلقها فكر جديد. لا يمكن لأمراء الحرب في الوطن وعليه أن يضعوا الحلول الأنسب للوطن.

 

الحوار الوطني

الحوار الوطني المنوي المباشرة به تحت رعاية رئيس الجمهورية سوف لن يكون حواراً وطنياً بالمعنى الحقيقي للكلمة ما لم يُصار إلى عقد جلسة مصالحة وطنية كبرى تجمع جميع القيادات والفعاليات السياسية في البلاد، من أهل اليمين أو أهل اليسار كما المستقلين..

 

إن النوّاب الحاليين الذين يضمّهم المجلس النيابي لا يمثّلون جميع فئات الشعب اللبناني كونهم أتوا نتيجة انتخاباتٍ تمت وِفقَ قانون غير مقبول أو مطعون به من الجميع حتى لا نقول أنه فُرِضَ عليهم.. كما ان إجراء المصالحة بين أفرقاء النزاع السياسي الذين سبق أن اجتمعوا في جلسات حوار سابقة أو حتى شاركوا في مؤتمر الدوحة، ليست هي المصالحة المطلوبة..

 

لذلك اسْتُسهِلً ضربُ مقررات جلسات الحوار من الداخل ومن والخارج ومن قِبَلِ أطراف غير مشاركين فيها.. ومن بعد صار تجميدها تماماً والقفز إلى طروحات متقدمة ساهمت في المزيد من التعطيل ولم ينفع تدخل الأصدقاء والأقرباء في حلحلتها.. بل زادت في تأزيم الوضع السياسي وتفاقمه..

 

إن المصالحة التي نقول بها سوف تكون النواة التي يؤسَس عليها الحوار الوطني المنشود الذي سوف يقتصر عمله على التوافق على كافة الأمور الوطنية ويسهم في انجاحه، لا سيما بعد أن يكون الجميع قد تخلوا عن خلفيات سياسية محلية أو ارتباطات اقليمية أو دولية والتفتوا إلى مصلحة الوطن وحده..

 

هذه المصالحة، ستكون أيضاً الخطى التي ستضع الحكومة العتيدة بيانها الوزاري الذي يجب أن يتبنى خطاب القسم الرئاسي الذي يعتبره الجميع مجموعة " وعودٍ إلهية " عليهم تنفيذه.. 

 

من نتائج المصالحة المطلوبة في يقيننا، انها سوف تضع الجميع أمام مسئولياتهم الوطنية للانطلاق إلى إثبات مصداقية دعاواهم، فتنطلق حكومة العهد الأولى إلى العمل المجدي دون خشية التعطيل أو الابتزاز أو الكيدية التي دمرت الاقتصاد الوطني وأفسحت في المجال لتدخلات الغرباء والأقرباء.. فتُعيد للفكر السياسي عافيته ويسترجع روابط الوحدة الوطنية التي تخلخلت بفعل الأحداث التي تعرّض لها الوطن طوال الحقبة الماضية..

 

إن عمل حكومة العهد الأولى، حكومة الوحدة الوطنية، سوف لن يقتصر على الاهتمام بقانون الانتخاب الجديد، فهذا سوف تتولاه اللجان المختصة، بل سوف يكون من أهم مهامها معالجة الوضع الاقتصادي المتردي والذي تخيّم تفاعلاته على حياة المكلف اللبناني وتقوده إلى الاحباط التام..

 

المطلوب من كافة الأطراف السياسية، مسئولة أو غير مسئولة، توخي تفعيل الجو الايجابي الذي سينتج عن المصالحة الوطنية ووقف حملاتهم السياسية بدعوى الاصلاح وترك حرية القيام بلإصلاح إلى حكومة الوحدة الوطنية..

 

كما يُطلب من وسائل الاعلام وقف جميع برامجهم السياسية على إسباغ جو المصالحة الوطنية ونبذ الاستفزازات الكلامية لكل وفاق سياسي.. إن الحرية إذا ما أُسيء استعمالها كانت مدمرة تماماً..

 

لعلنا لن نكون مخطئين إذا ما وضعنا امور الوطن في سلّة رئيس البلاد الذي وضع وعوده الإلهية في خطاب قَسَمِه، كما نأمل من سياسيينا الانكفاء إلى الوطن تحت شعار واحد ووحيد هو مصلحة الوطن العليا.. وكفانا إلتهاء بأمور كثيرة فيما المطلوب هو واحد ... لبناننا! 

 

دعونا نستعيد للوطن رونقه وللشعب عنفوانه وللمغتربين افتخارهم،

صانك الله لبنان

لاحظ س. حداد

التيار السيادي اللبناني في العالم

 

6 تموز 2008