وزير الداخلية اللبناني بالوكالة أكد ضرورة إعادة النظر في كل الاتفاقيات الأمنية مع سورية

 أحمد فتفت لـ "السياسة":الحوار الوطني نقلة نوعية تؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ لبنان

 بيروت ¯ من منى حسن:السياسة 21/3/2006

أكد وزير الداخلية والبلديات بالوكالة أحمد فتفت أن لدى الوزارة معلومات بإمكانية اختراق أمني ما, لذلك عمدت إلى إجراءات أمنية مشددة ومكثفة وقال: هدفنا من هذه الإجراءات إيصال رسالة لكل المعنيين أننا جديون في تطبيق القوانين, ولا توجد لدينا نية بالتعدي على الحريات, لافتاً إلى أن عدم الترخيص للتظاهرة الأخيرة ليس موجهاً ضد أي طرف. ومن يريد أن يقدم طلب ترخيص لتجمع أو تظاهرة يجب أن يكون وفق الأصول, لأن المحافظة على الحريات أمر أساسي ومهم بقدر الحفاظ على الأمن.

وكشف فتفت في حديث ل¯"السياسة" أن مؤتمر الحوار واعٍ للخروقات الإسرائيلية وهو أقر بأهمية درس خطة ستراتيجية دفاعية حتى نحمي لبنان منها بتعاون المقاومة والجيش وقوى الأمن الداخلي.

ورأى أن هذه الخطة ليست سهلة لأن درسها سيتم بشكل تفصيلي بين قيادة الجيش والمقاومة في ضوء وجود إشكاليات مطروحة مثلاً دمج المقاومة ضمن الجيش, أو إيجاد إطار خاص للمقاومة.

وتوقع فتفت تأليف لجنة من أجل تحديد معالم خطة ستراتيجية أو تكتيكية أمنية من أجل تنظيم السياسة الأمنية على طاولة الحوار الأسبوع المقبل, مؤكداً أن عمل المقاومة هو أمر واقع ونحن نتعامل معه بالأمر الواقع.

وعن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات رأى أن هذا السلاح لا يفيد شيء على الإطلاق وهو استعمل في وقت من الأوقات من أجل ضرب المخيمات وهو موجه من خارج الحدود. وأكد أن السلاح الفلسطيني داخل المخيمات معقد وله عامل نفسي ويحتاج إلى المناقشة مع الفصائل الفلسطينية وتأمين خط دفاعي لهم في وجه إسرائيل.

ونفى فتفت علمه بوجود مبادرة عربية وقال إن الذي يقدم من قبل سفراء العرب هو خدمات وليس مبادرات.

وكشف أن لدينا انطباع هو أن سورية لا قناعة لديها حتى الآن بأن هذا البلد هو مستقل ولديه سيادة وحتى هذه اللحظة لم نلمس نوايا حسنة للقيادة السورية تجاهنا ونأمل أن تقوم دمشق بخطوة إيجابية تجاه لبنان.

وفيما يلي نص الحديث:

لماذا حتى اليوم لا تزال وزيراً للداخلية بالوكالة على الرغم من أنك أحرزت نجاحات كبيرة ومتقدمة في فترة وجيزة?

في الحقيقة, أريد أن أنوه بالإنجازات المهمة التي قام بها الوزير السابق حسن السبع خلال فترة تسلمه وزارة الداخلية, وأنا بدوري لم أعمد إلى تغيير أي شخص يتبع لفريق عمل الوزارة. وأعتبر أن النجاحات التي أحرزتها وزارة الداخلية هي نجاحات تابعة لفريق هذا العمل وليست لي شخصاً. بالإضافة إلى الظروف التي ساعدتنا بشكل كبير على هذا الصعيد.

لماذا لا تزال مستمراً بالوكالة حتى هذه اللحظة, وهل السبب هو سياسي بامتياز?

طبعاً, لأن القرار سياسي ودستوري وهو يعود لدولة الرئيس فؤاد السنيورة ولفخامة الرئيس أميل لحود.

هل عدم تعيين الأصيل هو مؤشر لتغيير حكومي مرتقب?

هناك تفسيرات عديدة. ولكن أنا أطالب ببت هذا الموضوع في السرعة القصوى ولا يوجد لدي مانع بأي قرار يتخذ على هذا الصعيد. لأن بقاء الحالة الراهنة ليس صحياً.

كيف توفق بين الوزارتين?

في الحقيقة أنا مقصِّر تجاه وزارة الشباب والرياضة بسبب الاهتمامات الأمنية الضرورية في وزارة الداخلية, خصوصاً في ظل الأوضاع الراهنة.

لو خيرت بين الوزارتين فأي واحدة تختار?

سؤال صعب, إنما أنا مرتاح جداً في وزارة الشباب والرياضة فعملها أسهل ولا تتطلب وقتاً إضافياً. فأنا منذ أن تسلمت مهمة وزارة الداخلية لم أذهب إلى الشمال كما أنني مقصر تجاه الشمال وتجاه عائلتي.

هل لوزارة الداخلية هيبة معينة?

يمكن أن تكون عند الرأي العام لها هيبة. أما بالنسبة لي فالوزير هو مسؤول سياسي ودستوري وكل الوزارات توازي بعضها البعض إن من ناحية الهيبة أو من الناحية المعنوية.

لقد شاركتم بكافة جلسات الحوار مع القيادات اللبنانية كيف هو انطباعكم على هذه الجلسات? وهل هناك حلول مرتقبة للملفين العالقين?

سأكون صريحاً جداً, في ليلة الحوار كان لدي انطباع أن الحوار سيستمر حوالي 24 ساعة وسيفشل وبالتالي نتوقف. ولكن عندما اجتمعنا تبدلت عندي هذه الهواجس لأنني تفاجأت بالايجابية التي تحلت بها القيادات. فكلمة الحوار ظهرت على وجوه القيادات وترجمت بشكل فعلي منذ اللحظات الأولى. واتسمت الإجتماعات بالجرأة والوضوح من كل الأطراف من دون استثناء وكل شخص تكلم عن هواجسه دون تردد أو خوف. لقد جرت العادة في لبنان أن نتحدث عبر الشارع أو في الكواليس وعندما نلتقي نخضع للمجاملات وهذا ما أوصلنا إلى ما وصلنا إليه. أما اليوم وأثناء جلوسنا على طاولة الحوار فإن هذه العادة قد تغيرت فالنقاط وضعت فوق الحروف الصحيحة من قبل كل الأطراف وهذه نقلة نوعية وإيجابية في المفهوم السياسي اللبناني. وهذا يؤسس لمرحلة جديدة مختلفة جداً عن سابقاتها في تاريخنا السياسي لأنها مترافقة مع إنجاز اتفاق سياسي كامل ونأمل أن يتوج بالنجاح. وهذا الأمر يطور حياتنا السياسية ونظامنا السياسي عبر إنجاز قانون انتخابات جيد ومقبول ويمثل كل الشرائح اللبنانية وهذا الإنجاز أيضاً يحملنا من قرن إلى قرن في لبنان وهذا ما نحن بأمس الحاجة إليه.

هل أثر خطاب الرئيس الأسد على مجريات الحوار?

إن خطاب الرئيس الأسد لم يُفشل الحوار بل أدى إلى تثبيته وإلى إعادة إطلاق الحوار وبإنجازات سريعة وهذا ما أعلنه الرئيس بري في مؤتمره الصحافي الأخير.

هل هناك صعوبات اعترضت القيادات في إقرار البنود الأولية للحوار?

إن البند الأول الذي أقر في أول يوم من الحوار حول معرفة الحقيقة ولجنة التحقيق الدولية, وتوسيع إطار التحقيق كان حسب المثل الشعبي "مثل الماء بالنزول". فلا أحد ناقش هذه البنود. ولكن عندما وصلنا إلى النقاط الساخنة أصبحت الأمور معقدة أكثر بسبب التباين في وجهات النظر, هناك تجارب شخصية لمجموعات قليلة جداً كانت موجودة على الطاولة لذلك وضعت الأمور في نصابها وفتحت القلوب من أجل حلحلة العقد.

كيف كان لقاء القيادات منذ اللحظة الأولى خصوصاً بين السيد حسن نصر الله والدكتور سمير جعجع?

هذا هو الإنجاز بحد ذاته كونها اجتمعت على نفس الطاولة, وتعرفت إلى بعضها البعض وأنا أعتقد أن الإنسان هو "عدو ما يجهل" فمعرفة الشخص بالآخر تخفف الحساسية. وبسرعة تم التأقلم مع الوضع وتقبل كل طرف الآخر. وبكل احترام كان السيد حسن نصر الله يستمع إلى الدكتور سمير جعجع ويتحدث معه.

.. وبالنسبة لرئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط والسيد حسن نصر الله?

كانوا "عم يتكتكون بعضهم البعض" فهم معتادون على بعض منذ زمن. وهم يستمعون إلى بعضهم البعض بشكل جدي وواضح وبكل احترام ومودة وهذا الأمر خلق مناخاً إيجابياً في العملية السياسية.

هل شهدت الإجتماعات سخونة أو ارتفاعاً في اللهجة بين القيادات?

طبعاً. في بعض الأوقات كانت تعلو وتيرة الكلام ولكن هذه مسألة طبيعية في جلسات حوار يعالج مشاكل متراكمة عمرها 85 سنة ولكن هذا لا يعني أنه يوجد تصادم.

كل الذي تم إنجازه حتى اليوم منصوص عنه في اتفاق "الطائف" فأين هو الإنجاز الذي تم التحدث عنه?

ليس كل ما درس منصوص عنه في اتفاق »الطائف« فأول بند أقر يتعلق بكشف جريمة اغتيال الرئيس الحريري, والمحكمة الدولية, ويدرس اليوم سلاح المقاومة, ومزارع شبعا, وضع السلاح الفلسطيني وتحديد الأطر وكيفية معالجة الأمور وتحديد مهل زمنية مع مشاركة الجميع, هذه كلها لم ينص عليها اتفاق "الطائف".

بالنسبة لكشف الحقيقة ومن خلال تقرير براميرتس هل تعتقد أن القيادة السورية لها علاقة باغتيال الرئيس الحريري?

هذه قناعتي الشخصية, وعندما أقول أعتقد أتحدث عن كلام موثق. نحن ننتظر التحقيق, أما قناعتي فالمسؤولية تقع على النظام الأمني اللبناني السوري الذي كان مسيطراً على البلد, ولا يمكن أن تحصل جريمة بهذا الحجم دون علمه, بالإضافة إلى التلاعب بأرض الجريمة, وتغطية وتمويه ومحاولة اتهام أشخاص. فإذا أثبت التحقيق بأننا على خطأ فلا توجد لدينا أية مشكلة.

حسب قناعاتك الشخصية إن النظام السوري له علاقة بهذا الاغتيال?

بكل صراحة أنا مقتنع بأن النظام الأمني اللبنانيالسوري له علاقة بهذه الجريمة.

كيف سيتم حل مسألة سلاح المخيمات داخلها وخارجها, خصوصاً وأننا نشهد في هذه المرحلة تدابير أمنية مشددة في كافة المناطق اللبنانية. هل لديكم معلومات أو هواجس من خرق أمني ما?

بالتأكيد لدينا هواجس من خرق أمني ما. وهذه هواجس كل الشعب اللبناني الذي عانى كثيراً منذ العام 2005 والحمد لله منذ ثلاثة أشهر وحتى هذه اللحظة فإن الأمور هدأت رغم الذي جرى في الأشرفية "وأنا أسميه عملاً عرضياً داخلياً" وتراكم لأخطاء سياسية وتنظيمية وإدارية. نحن من واجبنا أن نكون حذرين في هذه المرحلة لأن "درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج".

ألا تعتبر هذه التظاهرات تشكل خطراً على لبنان, خصوصاً في ظل الظروف الدقيقة التي يعيشها لبنان وحيث يمكن أن يحصل أي خرق لهذا التظاهرة?

يجب أن نوازن بين الضغط الأمني والحفاظ على الحريات في هذا البلد. إن المحافظة على الحريات هو أمر أساسي جداً ومهم بقدر الحفاظ على الأمن, لأن البلد إذا خسر دور ممارسة الحرية فالأمن ليس له قيمة. لذلك أنا لست مع الحد من التظاهر ومن حق أي شخص أن يتظاهر ولكن يجب أن يسمحوا لنا أن نتخذ إجراءات قانونية ويجب على الجميع أن يلتزم بها.

هل تتخوفون من خرق أمني إسرائيلي خصوصاً وأن إسرائيل كانت تحلق بطائراتها الحربية فوق مبنى المجلس النيابي أثناء انعقاد الحوار?

إن الخروقات الإسرائيلية تحصل كل يوم جوياً وبحرياً, لذلك فإن مؤتمر الحوار واعٍ لما قد يحصل وهو أقر بأننا بحاجة إلى خطة ستراتيجية دفاعية حتى نحمي اللبنانيين من أي خروقات إسرائيلية. لذلك فإن هذا الموضوع سيدرس من قبل مؤتمر الحوار من أجل تأمين كيفية معالجة الأمن من قبل المقاومة, والجيش, وقوى الأمن الداخلي وتأمين حماية فعلية للمدنيين اللبنانيين بالدرجة الأولى في وجه الخروقات الإسرائيلية. فالخروقات الجوية أو البحرية تعالج عبر العلاقات الدبلوماسية وعبر الشكوى, أما الخروقات ضد المدنيين لا نستطيع أن نقبل بها على الإطلاق, لذلك يجب أن نكون جاهزين للرد. من هنا نحن بحاجة إلى تطوير ستراتيجية دفاع مقاومة حقيقية.

بالنسبة لسلاح "حزب الله", هل سيتم تحديد مهمة هذا السلاح بعد زيارة الرئيس السنيورة المقبلة إلى سورية?

لا على الإطلاق, وحتى لا يتم التداول أو الخلط في هذا الحديث. فالرئيس السنيورة إذا ذهب إلى الشام سيناقش مع القيادة السورية مزارع شبعا حتى الملف يكون كاملاً وجاهزاً, لدى الأمم المتحدة حتى أجل تثبيت مزارع شبعا للبنان وحتى يتم تحويلها من القرار 242 إلى القرار 425 من هذا المنطلق فإن هذا الموضوع هو جزئي في عمل المقاومة. نحن متفقون مع بعضنا البعض أن المقاومة لها أربعة أهداف: تحرير الأرض المحتلة شبعا وتلال كفرشوبا, وموضوع الأسرى, وموضوع خرائط الألغام, وتأمين ستراتيجية دفاعية فعالة للمدنيين اللبنانيين.

هل تعتقد أن تأمين هذه ستراتيجية سهلة في المرحلة الحالية?

إن هذه الخطة صعبة, لأنه سيتم درسها بشكل تفصيلي بين قيادة الجيش والمقاومة. وهناك إشكاليات كثيرة مطروحة. مثلاً عملية دمج المقاومة ضمن الجيش, أو إيجاد إطار خاص للمقاومة, والحديث عن حرس حدود. هناك إمكانيات كبيرة تدرس وتبحث.

يعني أن كل الإحتمالات مطروحة على طاولة الحوار فيما يتعلق بستراتيجية الدفاع وهل »حزب الله« سينضم إلى الجيش مثلاً?

هذا الموضوع يناقشه مؤتمر الحوار, وأنا أتوقع في هذا الصدد تأليف لجنة من أجل تحديد خطة ستراتيجية أو تكتيكية أمنية من أجل العمل على تنظيم سياستنا الأمنية في وجه إسرائيل لمواجهة أي اعتداء يمكن أن يتعرض له المدنيون أو المنشآت اللبنانية, وأنا أعتقد أن هذه اللجنة يلزمها شهرين أو ثلاثة أشهر من أجل درس هذه اللحظة وبعده يعاود مؤتمر الحوار اجتماعاته من أجل إقرارها ومن ثم يتم البت بشكل نهائي في موضوع سلاح المقاومة.

ولكن وحتى تأليف هذه اللجنة فهل أن عمل المقاومة سيبقى مستمراً?

إن عمل المقاومة هو أمر واقع ونحن نتعامل معه بالأمر الواقع.

وماذا عن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات?

بالنسبة لوضع السلاح خارج المخيمات هناك إجماع من كل العالم حتى من الفلسطينيين أنفسهم أن هذا السلاح لا يفيد بشيء على الإطلاق. وهذا السلاح في وقت من الأوقات استعمل من أجل ضرب المخيمات. هذا ليس سلاحاً فلسطينياً بل هو سلاح موجود بأيدي بعض الفلسطينيين وهو موجه وبصراحة أقولها من خارج الحدود. لذلك يوجد اتفاق نهائي على الإنتهاء منه خلال ستة أشهر.

وبالنسبة للسلاح الفلسطيني داخل المخيمات?

إن هذا الموضوع هو معقد لأن وجوده له عامل نفسي ونحن نعلم أن كل السلاح الفلسطيني في لبنان ليس عاملاً من أجل تحرير فلسطيني, بل من أجل تثبيت وضع وطمأنة الشعب الفلسطيني على مستقبله بعد المعاناة التي تعرض لها. لذلك فإن هذا الموضوع سيناقش بكل صراحة مع الفصائل الفلسطينية حتى يستطيع لبنان استعادة سيادته من دون أن يتهدد أمن الفلسطينيين وحتى نستطيع أن نؤمن لهم الدفاع من الإعتداءات الإسرائيلية.

هل تستطيع الدولة اللبنانية أن تؤمن لهم خطاً دفاعياً?

إذا كان يوجد إجماع لبناني حول هذا الموضوع يمكن أن يكون النجاح سريعاً وكاملاً.

هل تتوقعون حصول زيارة الرئيس السنيورة إلى الشام قريباً?

لا علم لي بالزيارة حتى اليوم.

لماذا لم يتم تحديد موعد لهذه الزيارة?

لا أعرف, فالرئيس السنيورة هو الذي يجري الإتصالات اللازمة على هذا الصعيد.

هناك معلومات تشير أن الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله سيقومان بزيارة إلى دمشق من أجل تسهيل مهمة السنيورة?

لا علم لي بالأمر.

وماذا عن المبادرات العربية السعودية والمصرية, وأين أصبحت اليوم?

من الواضح من كلام سفراء العرب بأنهم يقدمون خدمات وليست مبادرات, فإذا كان اللبنانيون يريدون وساطات هم جاهزون أو تعاون أو مساعدات. فلا توجد مبادرة بمعنى المبادرة في الوقت الحالي. وأنا قابلت سفراء هاتين الدولتين بعد مؤتمر الحوار اللذين اعتبرا أن ما صدر هو إنجاز حقيقي. وانطلاقاً من مؤتمر الحوار يمكن أن يكون هناك في الأفق مبادرة عربية من أجل إعادة إحياء العلاقات اللبنانية ¯ السورية.

لماذا التراجع في الخطاب العربي عن وجود مبادرة, خصوصاً في ظل الأوضاع الراهنة حيث أن هو لبنان بأمس الحاجة إلى موقف عربي موحد?

إن التراجع العربي تجاه لبنان مرتبط بواقعنا الداخلي, فإذا كان واقعنا صلباً ومتيناً, يصبح الموقف العربي أقرب تجاهنا, ثم إن الموقف العربي مثل الموقف الدولي بحاجة إلى تصويب وربما نحن مقصرون في تصويب دورنا. بالإضافة إلى أن العرب متخوفون مما يحصل في العراق. كذلك من التدخل الإيراني في المنطقة العربية. كل هذه الأمور هي مؤشر بأن يكون العرب حذرين جداً في بعض المواقف. فالبعض يفسرها بأنها تراجع في دعم للبنان. ولكن نحن عندما نتحدث عن الدعم الفعلي فهو دعم ممتاز. لأن الوعود التي نتلقفها من المملكة العربية السعودية ومن قطر ومن الإمارات من أجل تجهيز قوى الأمن مهمة جداً.

هل هناك من سعى إلى إجهاض المبادرة العربية?

ليس لدي علم في ذلك.

كيف تقيم العلاقات اللبنانية ¯ السورية وهل ستعطي سورية المستند الذي يثبت لبنانية مزارع شبعا?

هذا السؤال يتوجه إلى المسؤولين السوريين. وحتى تكون العلاقة سوية بين البلدين يلزمها أولاً:

الإقرار النهائي للمرة الأولى والأخيرة بأن هذا البلد هو مستقر لديه سيادة واستقلال كامل ويتم التعامل معه بشكل موازٍ من دولة إلى دولة. وإذا كانت توجد فعلاً ستراتيجية واضحة في سورية نستطيع أن نصل إلى هذا الإقرار, لأن لبنان بالرغم من كل الذي حصل لم يغادر موقعه الستراتيجي من ناحية العداء لإسرائيل واعتبر نفسه حليفاً لسورية في وجه إسرائيل ولكن حتى الآن يوجد لدينا انطباع بأنه لا توجد قناعة لدى الأخوان السوريين أن هذا البلد مستقل ولديه سيادة.

والنقطة الثانية تتعلق بالتحقيق الدولي وتلبية كل ما يتطلب من سورية في هذا الموضوع. فإذا نفذت هاتان النقطتان تصبح العلاقات سوية وجيدة, لأن لبنان لا يستطيع أن يخرج لا من الجغرافيا والتاريخ ولا من العلاقات الإجتماعية والإقتصادية. فالعدو الأساس هو إسرائيل فحاجة سورية كبيرة في لبنان وحاجة لبنان كبيرة في سورية.

هل توجد نوايا حسنة من قبل سورية لتنفيذ هذه الشروط?

حتى هذه اللحظة لم نلمس نوايا حسنة. فلبنان لديه نوايا حسنة والرئيس السنيورة يتمتع بشجاعة كافية على هذا الصعيد ونحن نأمل من القيادة السورية أن تقوم بهذه الخطوة حتى يستعيدوا الواقع اللبناني ¯ السوري الجيد من دون هيمنة أو سيطرة, بل بقوة وصداقة. وحتى هذه اللحظة فإن الأعمال ليست على مستوى النوايا المطلوبة.

في حال فشل الرئيس السنيورة في هذه المبادرة?

عندها مؤتمر الحوار يقرر ماذا سيفعل, إما أنه يوجد لدينا أولويات لبنانية أو أولويات سورية. وأنا أتصور أن كل اللبنانيين لديهم أولويات لبنانية.

ما هو مصير المعاهدات التي أبرمت بين لبنان وسورية هل ما زالت سارية المفعول, أم أنها توقفت بعد التشنجات التي حصلت في العلاقات?

عملياً فإن هذه المعاهدات تعتبر سارية المفعول. وأنا أعتقد أن مجمل المعاهدات متوازنة ولا يوجد فيها أي إشكال. فقط المعاهدة الأمنية يلزمها إعادة درس.

كيف ترى وضع الرئيس لحود في المرحلة المقبلة, وما هو البديل ومن الذي سيُسقطه?

لا أعلم من سيُسقط الرئيس أميل لحود ولكن على الأخير يجب أن يقر أن مؤتمر الحوار اعترف أن هناك أزمة حكم. كذلك أعترف أن استمرار لحود يشكل مشكلة كبيرة في البلد. وأمام هذا الاقرار فالمسؤولية الوطنية تحتم على رئيس الجمهورية أن يستقيل وهذا الموضوع سيتم مناقشته خلال الأيام المقبلة في الحوار فإذا صار إجماع على طاولة الحوار أعتقد أن الرئيس لحود سيواجه بجبهة وطنية عريضة جداً تجبره على الاستقالة. فهو لا يملك أي ثقة من الطرف المسيحي خصوصاً من بكركي حتى الطرف الشيعي فهو متعلق به سياسياً.

ولكن الجنرال ميشال عون يرفض إسقاطه?

الجنرال عون يرفض إسقاطه لأسباب تكتيكية سياسية. هناك إجماع لبناني على إسقاط أميل لحود, يجب حله.

هل سيكمل برأيكم الرئيس لحود ولايته المحددة?

إذا أكمل الرئيس لحود ولايته المحددة فلبنان سيخسر كثيراً مالياً واقتصادياً. فإذا استقال فهو يوجه رسالة إيجابية للشعب اللبناني.

ألا تعتقد أن الرئيس لحود باقٍ بقرار سورية وهو ينتظر الإشارة السورية حتى يترك الحكم?

إن السوريين على علاقة ممتازة مع أميل لحود, لذلك فلا يوجد إشارة لإسقاطه. أما بقاؤه بقرار سوري فهذا أحد الإحتمالات. لحود هناك ان يستطع أن يحمي صهره وهو من فريق حلفه, فهذا يعني أنه يوجد هناك مشكلة كبيرة في سورية.

هل توجد لديكم تقارير بلائحة اغتيالات جديدة?

كل يوم هناك تقارير أمنية واحتمالات من حدوث شيء ما ولكن لا توجد أسماء معينة. فالأمن لعب دوراً كبيراً من أجل حماية بعض الشخصيات السياسية. وأعتقد أن الإجراءات الأمنية أصبحت مهمة. ومن قام بعملية الإغتيال لا أعرف لماذا توقف إذا كان يملك القدرة على الإغتيال.

لماذا حتى اليوم لم يتم الكشف عن الأشخاص الذين يرتكبون الجرائم?

هناك جرائم عالمية لم يتم الكشف عنها حتى اليوم, ففي كل دول العالم توجد مشاكل أمنية عالقة نحن بانتظار صدور التحقيق الدولي, فلننتظر هذا التحقيق. ولو كان بحوزة الدولة اللبنانية قدرة تقنية لكشف الفاعلين, لما تأخرنا.

 

أكدت أن النساء مازلن بعيدات عن المساواة بالرجل

الأمم المتحدة تحذر من "خطر" الجماعات الإسلامية على مكاسب المرأة العربية

 بيروت-رويترز 21/3/2006: اكدت مسؤولة رفيعة المستوى في الامم المتحدة امس ان النساء العربيات يتبوأن الان مناصب حكومية ومنتخبة رفيعة أكثر من أي وقت مضى غير أن أمامهن سنوات عديدة لكسر احتكار الرجال لمناصب صنع القرار في العالم العربي. واشارت مرفت تلاوي وكيل الامين العام للامم المتحدة إلى أنه وعلى الرغم من تخصيص عدد من الدول العربية مقاعد في البرلمان والحكومات للمرأة فان الفشل في التصدي لمفاهيم ثابتة تضع المرأة في منزلة اقل من الرجل يعيق هذا التقدم. وقالت تلاوي التي تشغل أيضا منصب الامين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب اسيا (اسكوا) في مقابلة مع وكالة رويترز »على الرغم من الانجازات العديدة في السنوات الخمس الماضية فان النساء في العالم العربي مازلن بعيدات عن المساواة ويواجهن العديد من التحديات«. واضافت »المسلسلات لا تزال تعطي المرأة ادوارا تجلس فيها تقطع الخضراوات في حين يجلس الرجل امام الكمبيوتر. المرأة تبكي وتصرخ في وجه أول مشكلة والرجل هو الحكيم«. ورأت تلاوي أن غياب الجهود الكافية لتوعية الرجال بأهمية المشاركة السياسية للمرأة تجعل من الحفاظ على المكاسب التي حققتها التشريعات الموالية للمرأة وتجاوزها امراً صعباً.

وعلى الرغم من الارتفاع الملموس في عدد النساء المتعلمات في العالم العربي فان وجود سيدة على رأس احدى الشركات الكبرى امر نادر الحدوث. كما ان النساء في دولة محافظة كالمملكة العربية السعودية غير مسموح لهن بقيادة السيارات.

ولا تزال جرائم الشرف امرا مألوفا في بعض الدول العربية. علما ان السلطات الاردنية بحسب تلاوي تراجع مادة في قانونها تعاقب الجاني في جرائم الشرف بالسجن لمدة ستة أشهر فقط. وقالت المسؤولة الدولية إن المكاسب التي حققتها الجماعات الاسلامية مثل حركة المقاومة الاسلامية »حماس« و»الاخوان المسلمون« في مصر تهدد المكاسب التي حققتها المرأة اذا لم تكن النساء على دراية تامة بالحقوق التي ضمنها لهن القرآن.

واضافت »يجب ان نكون جاهزين لمواجهتهم ومنعهم من اخذ الحقوق التي امنها القرآن للمرأة«.

لكن وعلى رغم الصعاب ترى تلاوي ان الصورة ليست قاتمة مشيرة الى عدد من الاجراءات التي اتخذتها بعض الدول العربية لتأمين التمثيل السياسي للمرأة. فيمنح المغرب نحو 30 في المئة من مقاعد البرلمان للنساء وتصل هذه النسبة الى 22 في المئة في تونس و25 في المئة على الاقل في العراق.

وتختلف نسبة التمثيل في دول اخرى لتصل الى ما بين أربعة إلى خمسة في المئة في مصر في حين لا يتجاوز عدد النواب النساء في البرلمان اللبناني الذي يضم 128 مقعدا الخمس نائبات. ومنحت القاهرة النساء حق الخلع من ازواجهن كما ان بامكان المصريات المتزوجات من أجانب أن يمنحن جنسياتهن الى اولادهن. وردا على سؤال حول امكانية ان تتولى سيدة عربية منصب رئاسة الجمهورية او الحكومة في المستقبل القريب كما حدث في بلدان نامية اخرى مثل ليبيريا وباكستان قالت تلاوي »اشك في ذلك«. واضافت "التشريعات ايجابية ولكن ماذا تظهر الصورة في الكتاب المدرسي اما زالت تظهر صورة امرأة تقطع الخضراوات«.