النائب اللبناني رفض كلام نصرالله بأنه يقاتل  نيابة عن الأمة "شاء من شاء وأبى من أبى"

 بطرس حرب لـ"السياسة": عدونا واحد... وبعد  الحرب سنسأل ماذا حصل ومن يتحمل المسؤولية?!

 بيروت ¯ من صبحي الدبيسي: السياسة 31/7/2006

اعتبر النائب بطرس حرب أن ما يجري الآن في لبنان هو تدمير شامل للبنى التحتية وهو محكوم بنظريتين, واحدة عن حسن نية والهدف منها الإفراج عن الأسرى المعتقلين في السجون الإسرائيلية, والثانية تقول أنا ما جرى ليس بريئاً, لأن سورية محشورة بالمحكمة الدولية وإيران محشورة بالملف النووي والدولتان بحاجة إلى عملية إلهاء جانبية تقوم بصرف النظر عن هاتين القضيتين وأن »حزب الله« نفذ ما يمكن أن يخدم هذا التوجه.

كلام النائب حرب جاء في سياق حوار أجرته معه »السياسة« تناول فيه موضوع العدوان الإسرائيلي على لبنان واللقاء الذي جرى مع وزيرة الخارجية الأميركية في عوكر ونتائج مؤتمر روما, موضحاً بأن السيد نصر الله هو الذي طالب بميثاق شرف لتخفيف حدة التوتر بين اللبنانيين, وإنه لم يرد بذهن أحد أن »حزب الله« كان بصدد التحضير لهذه العملية المفاجئة, رافضاً كلام نصر الله بأنه يقاتل عن الأمة شاء من شاء وأبى من أبى, وكل قرار لا يتخذه الشعب عبر المؤسسات هو نوع من التجاهل وأن لبنان يسعى لتبقى إسرائيل هي المعتدية ولقد أعطاها »حزب الله« فرصة ثمينة للإعتداء علينا, متمنياً ألا يكون بين القادة العرب أشخاص ينزلقون إلى هذه الدرجة من تصفية الحسابات مع خصومهم. كرد على الكلام الذي نسب للرئيس الأسد بأنه سيدمر لبنان بعد خروج قواته منه. وحول اللقاء مع وزير الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس رسالة سياسية تدل على اهتمام الولايات المتحدة بقوى 14 آذار.

»السياسة« التقت النائب حرب وفيما يلي نص الحوار :

كشريك في الحوار اللبناني, هل كنت تدرك أن »حزب الله« المشارك كان يخبئ مفاجأة ما جرى, وهل هناك طمس للحقائق بين المتحاورين? وهل مسموح للحزب بإعلان الحرب على إسرائيل من دون علم الدولة اللبنانية?

بالواقع على طاولة الحوار كان يدور بحث جدي لحل المشكلات العالقة ومنها مسألة سلاح »حزب الله«, وأثناء الحوار لم يتبادر إلى ذهن أحد بأنه قد يتعرض لبنان لأحداث شبيهة بالأحداث التي يتعرض لها اليوم, أو يمكن أن تحصل عملية اختطاف لجنود إسرائيليين.. طبعاً السيد حسن نصر الله أعلن أكثر من مرة أن طموحه أن يصل إلى عمليات تبادل أسرى. في وقت كانت تطرح القضايا في جو وفاقي قد يدخل فيه موضوع الأسرى اللبنانيين في إسرائيل ومزارع شبعا وخارطة الألغام من ضمن تسوية تتم عبر المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية, ولم يرد إطلاقاً أن »حزب الله« سيقوم بعملية قد تعرض الوضع في لبنان لمواجهة مع إسرائيل, ولا سيما بعد حلول موسم السياحة الصيفي وما يمكن أن يستفيد منه لبنان اجتماعياً واقتصادياً ومالياً. وهي مناسبة لا تفوف بما تدر على لبنان من مداخيل نحن بأمس الحاجة لها, وأطلقنا آنذاك وبناء لاقتراحي الشخصي ميثاق شرف نلتزم به حول طاولة الحوار لوقف التشنج ولم يرد في ذهن أحد هذا الذي حصل, لأن الخطاب السياسي الذي كان متداولاً بين اللبنانيين كان خطاباً سيئاً للناس ويعطي انطباعاً أن لبنان يعيش في صراعات قد تؤدي لخلافات بين الناس, لذلك طرحنا ميثاق الشرف ولم يكن أحد يتوقع أي عمل عسكري كبير قد يعرض موسم السياحة لأي خطر, و»حزب الله« التزم معنا لتهدئة الحالة السياسية والالتزام بميثاق الشرف وأعود لأذكر أن حسن نصر الله بالذات أعلن في أحد تصاريحه ضرورة قيام ميثاق شرف للتخفيف من حدة الخطاب السياسي, وما رافق هذا الخطاب من بعض التعابير التي اعتدنا عليها, هو من طرح ذلك وأنا تلقفت طلبه وطرحته على طاولة الحوار ولقد صغت بيان ميثاق الشرف بالتعاون مع النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة. ولم يخطر ببالنا أنه في هذا الظرف ممكن أن تحصل عملية كهذه, بالعكس كنا ندعو للتهدئة في الداخل وفي الخارج, علماً أن »حزب الله« كا ن يقول إذا تمكنا من أسر جندي إسرائيلي أو جنديين إسرائيليين في مزارع شبعا لم يتأخر في ذلك, وكان الموضوع مفترضاً أن يتم في مزارع شبعا, الأرض المختلف عليها ولم يرد إطلاقاً أن تحصل العملية عبر الخط الأزرق, ما يجعل المجتمع الدولي بكامله يقف ضد »حزب الله«.

هل تعتقد أن الأمين العام ل¯»حزب الله« كان مخروقاً من بعض القيادات المتطرفة في حزبه?

لا علم لي بذلك, ولست على بينة من تركيبة »حزب الله«. والموقف الذي صدر هو التالي اختطاف جنود إسرائيليين لتبادل الأسرى, إذاً موضوع القرار هو قيد التنفيذ, وكل خلايا »حزب الله« التي تعمل على الأرض مع هذا التوجه, الأمر مأخوذ سابقاً وما جرى هو تنفيذه. وهذا التبرير لا يقنعني, أعرف أن »حزب الله« حزب منظم جداً وعندما التزم على طاولة الحوار بتهدئة الوضع في لبنان من الطبيعي أن يبلغ السيد حسن نصر الله الكادرات الحزبية التي تعمل على الأرض بأننا في موسم تهدئة لإنقاذ الموسم السياحي, أن يكون هناك عناصر مندفعة أكثر وخارجة عن قرار السيد حسن في الحقيقة لا علم لي بذلك, ولا أريد أن أجتهد في هذا الموضوع, كل ما أعرفه أن »حزب الله« حزب منظم جداً وفيه هرمية جد منضبطة ولذلك أستبعد النظرية التي تقول بأن هناك من خرج عن إرادة الحزب.

ما هو تفسيرك لما جرى قبل إقرار الخطة الدفاعية ل¯»حزب الله«?

هناك نظريتان, نظرية تقول حقيقة كما قال السيد حسن نصر الله أن الذي حصل جرى دون خلفية بناء على قرار من »حزب الله« للإفراج عن الأسيرين ولا بد من أسر أحد الجنود الإسرائيليين لإتمام هذا الموضوع وحصل أن تمكنوا من أسر جنديين, هذه نظرية حسن النية. أما نظرية سوء النية فتقول أن هذا العمل ليس بريئاً وأن سورية محشورة في عملية المحكمة الدولية, وإيران محشورة بالملف النووي والدولتان بحاجة إلى عملية إلهاء جانبية تقوم على صرف نظر المجتمع الدولي عن هاتين القضيتين إلى قضية أخرى وعلى الأقل تلهي المجتمع الدولي وهذه النظرية تعتبر أن »حزب الله« نفذ ما يمكن أن يخدم هذا التوجه. وبالنتيجة إذا سألتني أيهما أقرب إلى الحقيقة, أقول كل ما يهمني أن لبنان يدمر وسكانه تقتلون, وكل التضحيات التي بذلت لبنائه ها هي تزول من جديد ولبنان كله في خطر و »حزب الله« اتخذ قراره دون إعلامنا ودون موافقتنا طبعاً وبالتالي هو تفرد بهذا القرار.. أعرف أن »حزب الله« لا يستطيع إبلاغنا بهكذا عملية, هذا ما رفضناه على طاولة الحوار, وهذا ما كنا نناقشه على طاولة الحوار.. على طاولة الحوار كنا نقول: لا نقبل أن يكون قرار الحرب والسلم في لبنان على يد فريق من اللبنانيين, أياً كان هذا الفريق, مقاومة, غير مقاومة, لا نقبل ضمن الدولة اللبنانية دولة ثانية. يعني بدلاً من أن نقول أن المقاومة وأن »حزب الله« يحمي لبنان ويحرر ما تبقى من جنوبه كان رأينا إقامة دولة مقاومة, الشعب اللبناني كله مقاومة والإمكانات التي يتمتع بها »حزب الله« وهي إمكانات جيدة على صعيد القتال وعلى صعيد تركيب خلاياها على صعيد التجهيزات, على صعيد المعدات, هذه الخلايا يمكن أن نوظفها في إطار خطة دفاعية يضعها لبنان تحت إشراف الجيش اللبناني, توظف هذه الإمكانيات عند »حزب الله« في مشروع وطني كامل لمقاومة إسرائيل ولتحرير الأرض, هذا هو المطلوب وبينما نحن نناقش هذا الأمر على طاولة الحوار حصل هذا الأمر المفاجئ فضرب كل النظريات التي كان يطرحها »حزب الله« حول ضرورة الإبقاء على المقاومة.

كيف استقبلت كلام السيد حسن نصر الله بأنه يقاتل عن الأمة شاء من شاء وأبى من أبى?

طبعاً هذه وجهة نظره الشخصية, ولا يمكن للسيد حسن أن يفرضها على غيره, وطبعاً أنا أرفض هذا الكلام, لأننا كلبنانيين بصرف النظر عن الأمة العربية, نعتبر في أي قرار يمكن أن يضع لبنان في حالة ما يفترض أن يكون هذا القرار صادراً عن إرادة اللبنانيين وإرادة اللبنانيين يعبر عنها بالوسائل الديمقراطية المتخذة من شعبه الذي هو يعبر عن إرادة الشعب, وكل قرار لا يتخذه الشعب عبر المؤسسات هو نوع من التجاهل. ومن هذا المنطلق أفهم هذا القول أن السيد حسن في قلب المعركة ولا يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك. كل قرار يتعلق بمستقبلي يجب أن يعود لشعبي, وكل قرار سيتخذ يجب أن يكون ناتجاً عن نقاش خاصة إذا كانت القرارات على مستوى القتال والحرب يجب أن تناقش في الدوائر السرية لقرارات الدولة اللبنانية, لأننا هل نقبل أن نتخذ قرارات صادرة عن غير المؤسسات الشرعية الخاضعة لرقابة الناس. هذه المؤسسات تخضع للرقابة الشعبية, هل نسمح بأن تتخذها هيئة أو فئة أو حزب خارج عن إطار رقابة الناس, أنذاك نكون دمرنا النظام الديمقراطي, ودمرنا دولة الإستقلال ودمرنا مقومات العيش المشترك. نحن اليوم لسنا بمعرض طرح توزيع المسؤوليات, طبعاً عندنا عدو يقوم بتدمير بلدنا.. وبصرف النظر عن الأسباب نحن نواجه العدوان, إنما هذا لا يعفينا من مسؤولية طرح السؤال في مجلس الوزراء بعد الانتهاء من وقف العدوان لماذا حصل ما حصل? من يتحمل مسؤولية ما حصل وكيف يمكن أن نتفادى تكرار ما حصل? الذي أدى إلى هذا الدمار والخراب هذه واجباتنا كلبنانيين.

هل يمكن أن يحاسب »حزب الله« على ما حل بالبلاد من دمار وخراب وكوارث إنسانية?

لا أريد استباق الأمور, همي الوحيد وقف التدمير, بعد انتهاء هذه المرحلة وأن يعود النازحون إلى منازلهم وقراهم. إنه هم كبير لا يجوز الاستهانة به. تبقى عملية إعادة الإعمار ولملمة آثار ما جرى... توزيع المسؤوليات ومحاسبة المسؤولين عما جرى, هذه الأمور تأتي في المرحلة اللاحقة. ومن السابق لأوانه أن نطرحها وأن نجد أنفسنا كلبنانيين في خنادق مواجهة مع بعضنا بدل أن نكون صفاً واحداً في مواجهة العدو الإسرائيلي, وهذا لا يعفينا عن مساءلة الذين سببوا بهذه الحرب.

إطالة مدة الحرب والاعتداء على لبنان هل ستؤثر على بنية الوضع الداخلي رغم الدعوة للتماسك والمحبة لا سيما وأن هناك أكثر من نصف مليون نازح جنوبي منتشرون في كل الجبل وبيروت والشمال?

لست خائفاً على الوحدة الوطنية بقدر خوفي على استمرار الحرب, ما يخلق حالة من الصعب معالجة ذيولها إذا استمرت ويعقد الحلول ويضع لبنان أمام أمر واقع من الصعب جداً إزالة نتائجه هذا ما أخشاه. كنت أتمنى أن لا تحصل حرب أولاً وأتمنى لو توقفت في اليوم الثاني من بدئها.. ولكن التمنيات شيء والواقع شيء آخر. فالقرار مع إسرائيل و»حزب الله« وليس عندنا ليس عند الحكومة.. وليس عند الأكثرية.. ليس عند الشعب اللبناني, القرار عند »حزب الله« في لبنان.. القرار عند إسرائيل والمعركة بين إسرائيل و»حزب الله« لا تدل على أن أحداً من الطرفين مستعجل لإنهائها, ما يعطي انطباعاً كي تؤكد إسرائيل على قدرتها على الحسم العسكري وعلى رفع معنويات شعبها وأن لا تسمح بعد اليوم أن تتعرض لاعتداءات من أي جهة كانت, وهي جاهزة لمواجهتها وتوظف على الصعيد الداخلي وعلى الصعيد الدولي أيضاً, باعتبار بدلاً من أن تكون إسرائيل وهذا ما سعينا إليه طيلة نضالنا السياسي أن تظهر بمظهر الدولة المعتدية الذئب وليس الحمل أعطيناها من خلال توقيت هذه المعركة فرصة ثمينة لتشن حربها علينا, وهذا خطأ سياسي لأن إسرائيل عبر الخطأ الذي ارتكب تقدم نفسها كضحية معتدى عليها لا كذئب يعتدي علينا وعلى شعبنا وعلى البنى التحتية, وفي المقابل »حزب الله« أوقع نفسه في موقع لا يسمح له بإجراء مفاوضات يبرهن لشعبه أن ما قام به كان يستحق هذه التضحيات, لأن »حزب الله« إذا وافق على وقف إطلاق النار وإعادة الجنديين دون أن يكون مقابل هذا الأمر بعض المكاسب السياسية, آنذاك الرأي العام لن يكون غفوراً تجاهه بل سيكون قاسياً مع »حزب الله«, لذلك نجد أن الطرفين يعتبران هذه المناسبة فرصة لكي يثبت كل واحد منهما أنه على حق في ما قام به.

هل تعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد نفذ وعده بتدمير لبنان في حال خروج قواته منه, كما قال في خطابه الشهير في 28 أغسطس 2004? وما هو الرابط بين اغتيال الرئيس الحريري وما يجري اليوم من تهديم البنى التحتية في لبنان?

لا نستطيع أن نأخذ كل حدث من الأحداث بمعزل عما سبقه وما تلاه, يوجد بيئة سياسية تسمح بوصول الأمور إلى ما هي عليه, لذلك تجزئة ما حدث بمعزل عن الظرف يكون بمثابة قصر نظر, مما لا شك فيه أن الواقع اللبناني أدى إلى مقتل الرئيس الحريري واغتياله لخروج القوات السورية من لبنان, وجو التوتر السوري اللبناني.. إلى ترجمة هذه التهديدات من خلال الاغتيالات التي أعقبت اغتيال الحريري ومحاولات الاعتداء على عدد من القيادات السياسية, إلى تحرك بعض الفصائل الفلسطينية الملتزمة بقرارات السياسة السورية, إلى إقفال الحدود.. إلى الكلام الذي نقل عن لسان الرئيس الأسد من قبل الشهيد الحريري بأنه سيدمر لبنان على رأسه, ربط كل هذه الأمور مع بعضها بالتطورات في الحقيقة قد تجد رابطاً بين هذه العناصر, ولكن هذا لا يعني أن هذا الرابط صحيحاً وتمنياتي ألا يكون بعض القادة العرب ينزلقون إلى هذه الدرجة من تصفية الحسابات مع خصومهم.. وما أقوله من موقع موضوعي جداً في التحليل السياسي هناك ما يبرر ذلك. ولبنان بالتالي مع تجاوزه لهذه المرحلة يؤسس لحالة تزيل جو الاحتقان القائم في الداخل ومع سورية ومع العالم العربي ويؤسس إلى مرحلة جديدة تمد فيها السواعد العربية لمساعدة لبنان في جو المؤتمر الدولي. ومن منطلق الأخذ بعين الإعتبار ما يجري غداً أكثر من اليوم, لأن الغد يحمل في طياته حالات غير موجودة اليوم. وأنا دائماً أنطلق من ردة الفعل السياسي ليس صادراً ردة فعل أو عن غضب أتمنى أن يكون رأيي السياسي مبني على أول واقعية عدم تناسي الثوابت القومية والوطنية التي تحدد سياستنا وموقعنا والتطلع دائماً لمستقبل تكون فيه المشاكل أقل من المشاكل القائمة.

ماذا قالت لكم رايس ولماذا اجتمعت بكم كقوى 14 آذار خارج نطاق لقاءاتها مع رئيسي المجلس والحكومة?

بتصوري الاجتماع هو رسالة سياسية لها معنىً سياسي وإن قوى 14 آذار موضوع رعاية وعناية من قبل الولايات المتحدة الأميركية ويهم الولايات المتحدة الأميركية أن تكون على تواصل سياسي معنا. المسألة الثانية برأيي كانت تحتاج رايس إلى سماع رأي ناس أحرار غير ملتزمين بموقعهم الحكومي, يعني عندما تجتمع رايس مع رئيس الحكومة هناك آراء الحكومة متعددة ومختلفة ومتناقضة, مثلاً بعض الوزراء يدلون بتصاريح مناقضة لسياسة الحكومة. محاولة إجتماع رايس معنا والاستماع إلى آرائنا المتعددة التي تجتمع على الثوابت في قسم منها بطريقة تعاطينا وتقديرنا للأمور, بتقديري أن رايس اعتبرت هذا الاجتماع قد يساعدها في بلورة حقيقة ما يجري في لبنان وفي اتخاذ القرارات المناسبة لمعرفة الواقع الحسي. من هذا المنطلق أنا أعتبر أن الاجتماع كان جيداً. بالطبع هناك بعض التافهين الذين يعيشون على الهواجس وعلى أسلوب التعاطي السياسي السطحي, يقولون اجتمعت بهم لتعطيهم أمر المهمة, كما تعودنا على مثل هذا النوع من الكلام التافه غير الجدي, أعود وأكرر الإجتماع مع رايس كان جيداً وهي بدورها استمعت إلى آراء كانت بحاجة لأن تسمعها.

ما هي أبرز النقاط التي طرحت على الوزيرة الأميركية?

كل ما طرحناه على الوزيرة رايس كان من الثوابت العامة, وما جرى لا يعبر عن رأينا وطالبناه بالعمل على وقف فوري لإطلاق النار لوقف المجزرة, والتعويض عن الخسائر التي مني بها لبنان, ولا نقبل بوقف إطلاق النار إلا من ضمن مشروع كامل ومتكامل واعتبار كل المشاكل نتجت عن عدم تنفيذ اتفاق "الطائف" والقرار الدولي 1559, ووضع خطة لتنفيذ هذين الإتفاقين من المنظور اللبناني, دون أن يؤدي ذلك لا سمح الله إلى صدام في إطار ما يتفق عليه اللبنانيون في إطار الضغط على إسرائيل للانسحاب من مزارع شبعا وإطلاق سراح الأسرى لديها وإعطاء خارطة الألغام والإلتزام مستقبلاً بألا تمارس اعتداءاتها على لبنان ساعة تشاء وأن تتحول الخطوط اللبنانية الإسرائيلية خطوطاً آمنة بانتظار الحل الشامل. هذا كان توجهنا لأننا لا نقبل بوقف إطلاق نار إلا بإطار مشروع يؤدي إلى حالة استقرار في المنطقة وحالة من الهدوء ممكن أن تترجم بإرسال قوات دولية فاعلة وليس متفرجة ورادعة لأي من الفريقين وتترجم أيضاً بخطة متكاملة بالضغط على إسرائيل لانسحابها من شبعا وإعادة النظر باتفاقية الهدنة ووضع اتفاق هدنة جديد مع إسرائيل يأخذ بعين الإعتبار التطورات والحاجات التي تترجم بنشر الجيش اللبناني وتأهيل هذا الجيش ومساعدته للقيام بما هو مطلوب منه وهذا يترجم بحل المنظمات المسلحة لدى »حزب الله«, وإيجاد الحل وهذا أمر داخلي لكيفية التعاطي مع هذه المنظمات والاستفادة من كفاءاتها لردع أي عدوان.. وبدلاً من أن يكون لنا مقاومة لفريق لبناني ضد إسرئايل أن تكون هذه المقاومة جزءاً من الدولة المقاومة التي يعود لها قرار السلم والحرب ويتحول الشعب اللبناني إلى شعب مقاوم للإحتلال الإسرائيلي.

هل وعدت رايس بأنها ستأخذ بوجهة نظركم ولماذا وصفت زيارتها إلى بيروت بالفاشلة?

طبعاً هناك من كان ينتظر, إن رايس أحضرت معها إلى بيروت وصفة عجائبية.. هذا نوع من التسرع.. نحن وبحسب ما ذكرته لنا طلب إليها الرئيس بوش أن تكون محطتها الأولى لبنان للتأكيد على أنها حضرت إلى المنطقة من أجل لبنان. الشيء الثاني وكلنا نعرف كيف تكون العلاقات الديبلوماسية في العالم. طبيعي عندما تحضر وزيرة الخارجية الأميركية إلى المنطقة هناك عملية مكوكية للتفتيش عن مخارج, ومن الطبيعي أن تكون المرحلة الأولى من الزيارة لا تحمل حلولاً قبل أن يكون لديها تصور كامل لعرض وجهتي النظر, من الطبيعي أن تحضري إلى لبنان للوقف على وجهة اللبنانيين ومن ثم أن تنتقل إلى إسرائيل وتطرح أيضاً أفكاراً وبالتالي أن تحمل خلاصة ما قامت به وتحاول أن تدور في الزوايا وتقارب وجهات النظر يؤدي إلى وضع مشروع آنذاك يحكم ما إذا كانت نجحت أم فشلت في مهمتها, بعد طرح أفكارها بنتيجة اجتماع الطرفين.. إنما الشرع بالقول أنها فشلت هذا كلام غير جدي.

هل تعتقد أن الوضع سوف يتطور إلى حرب إقليمية تدخل فيه دول أخرى?

بالحالة الحاضرة أستبعد ذلك. استمعنا إلى الموقفين السوري والإيراني, سوريا وعلى لسان وزير الإعلام فيها قالت بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال وصلت الاعتداءات الإسرائيلية إلى مناطق قريبة من حدودها مع لبنان. وهناك وزير آخر طرح مساعدة بين الولايات المتحدة وإيران وكأن سورية تريد أن تقول لا دخل لها بلبنان والمشكلة مع إيران. أما الموقف الإيراني فلا جديد فيه سوى ما أعلنته في وقت سابق بأنها لن تتدخل إلا في حالة الاعتداء على سورية, وهي ضمناً تقول بأنها متخلية عما يجري في لبنان أو بالأحرى لا يهمها ما يجري في لبنان, بقدر ما يهمها ما يجري في سورية. إذا تطورت الأمور إذا قررت إيران الوقوف إلى جانب سورية, وإذا قررت سورية بالإتفاق مع إيران أن يكون لها موقف آخر في حال تطورت العمليات العسكرية أن يكون لها مواجهة دينية. أنا رأيي الشخصي في ذهني مرسوم خطوط حمر في المنطقة, لا يمكن أن يتجاوزها أحد...

كلام »حزب الله« أنه سيطال ما بعد حيفا إذا استمرت المواجهة في المرحلة المقبلة, لا أعتبره سوى إنذار لإسرائيل أن تخفف المواجهة كي لا يضطر لقصف ما هو أبعد من حيفا وإذا استمرت أكثر ممكن ل¯»حزب الله« أن يضرب تل أبيب أو أي مكان آخر.

برأيك هل يملك »حزب الله« صواريخ يصل مداها إلى تل أبيب?

يبدو من خلال ما يتسرب من معلومات أنهم يملكون صواريخ بعيدة المدى قد تطال تل أبيب وما هو أبعد منها ولو جرى إبعاد »حزب الله« عن المنطقة الحدودية ستبقى هذه الصواريخ قادرة على ضرب تل أبيب, وكل ما أتمناه التوصل لوقف إطلاق نار والشروع بحل جدي لكل المشاكل التي سببت باندلاع هذه الحرب وأن تعالج المشاكل الإنسانية..

برأيك بعد هذه الحرب هل سيبقى الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل قائماً?

أكيد, لأن أي تغيير على هذا الخط سيؤدي إلى مزيد من التعقيد في المنطقة, لا سيما وأنه قرار دولي..

هل تعتقد أن »حزب الله« أطلع حليفه العماد ميشال عون على العملية التي قام بها بأسر الجنديين والتي أدت إلى هذه الكارثة?

لا أعتقد أن »حزب الله« يضع حلفاءه بسرية خططه العسكرية.. أتصور أن العماد عون مثل كل اللبنانيين تفاجأ بما جرى وإن تحالفه مع »حزب الله« انطلق من ورقة تفاهم وهذه الورقة تطرح المشاكل ولا تحلها... لا أعتقد أن العماد عون هو الآن في موقع مريح والدليل على ذلك كان يطالب بإسقاط الحكومة وهو اليوم يدعم الحكومة التي قالت بأنها لا تتبنى ما جرى ولا علم لها بذلك..

وفي البيان الأخير للعماد عون تبنى وجهة نظرنا وهو يطالب بحل جذري للمشاكل التي أدت إلى ما حصل. ومن هنا نجد أن موقف العماد عون متميز عن موقف »حزب الله«. وبهذه المواجهة انفصل عن »حزب الله«.

كيف ستتلقفون هذا الموقف وتستفيدون منه?

نحن لا نقم حسابات للإستفادة السياسية بقدر ما نبني حسابات لمواجهة ما يحصل اليوم في لبنان, وليس لدينا رغبة أن توظف المأساة الإنسانية بمسائل سياسية داخلية.