وزير الخارجية اللبناني الأسبق أشاد بمواقف  جنبلاط "صاحب الرؤية والحدس السياسي الكبير"

 فارس بويز لـ "السياسة": النظام السوري  لم يمارس يوما فعل القناعة بسيادة لبنان

 بيروت - من صبحي الدبيسي:1/5/2005 - السياسة

رأى وزير الخارجية اللبنانية الاسبق فارس بويز ان هناك شعورا لدى بعض اللبنانيين ان سورية لم تمارس يوما فعل القناعة بسيادة لبنان واستقلاله التام, وان العلاقات بين البلدين تطورت سلبا في المدة الاخيرة, وهناك اعتقاد بان سورية بشكل او باخر هي وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري, قائلا انه اول وزير لبناني استقال مرتين احتجاجا على الممارسات السورية في لبنان, الاولى في العام 1992 احتجاجا على قانون الانتخابات, والثانية في العام 2004, احتجاجا على التمديد للرئيس اميل لحود.

مؤكدا ان علاقته بالنظام السوري كانت جيدة في المفصل الخارجي, اما في الامور الداخلية فكانت مضطربة. وقال بويز ان التعاطي السياسي بين الرئيس بشار الاسد ووالده حافظ الاسد هو نفسه انما في ظروف مختلفة. وحول استقالته احتجاجا على التمديد للحود وعدم استقالته احتجاجا على التمديد لعمه الرئيس الياس الهراوي اشار الى ان التمديد للهراوي لم يحتج الى ذات الحجم من الضغط والاكراه الذي احتاجه التمديد للحود وكل ما يتم تحت الضغط والاكراه هو باطل, ولسوء الحظ هناك قوى لبنانية عدة ارتبطت بمصالح خارجية وان امام لبنان خيارين, إما الاستمرار هكذا حتى تحل كل المشكلات في المنطقة واما الاتجاه نحو وعي وطني حقيقي وتحديد سياسة لبنانية مستقلة.

بويز الذي راى ان لبنان لا يحكم الا بالتوافق على القضايا الاساسية استشهد في حديثه ل¯»السياسة« بكلام رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ان فريق 14 اذار لم يستفد من اللحظة في التوصل الى تسوية تاريخية, مشيدا بمواقف جنبلاط في دفاعه عن المقاومة. ومن هنا كان عتبه على "حزب الله" الذي لم يسعَ الى ترتيب الامور بينه وبين سورية. متهما المسترئسين الموارنة بمحاولة ابعاده عن رئاسة الجمهورية. وقال ان الذين يطالبون اليوم برحيل لحود كانوا يدافعون عن بقائه انذاك. واعتبر بويز الذي لم يرَ تشابها بينه وبين العماد عون بالنسبة لرئاسة الجمهورية, اعتبر ان الاعتراض على عون ياتي من كتل كبيرة وخاصة الذين يعتبرون انفسهم حلفاءه في هذه المرحلة. وفي المحور الايراني السوري راى ان "حزب الله" مرتبط بالطرفين, لافتا الى ان لطهران ودمشق مصلحة في تازيم الوضع اللبناني.

وهنا نص الحوار:

* بعد انقضاء سنة على انسحاب القوات السورية من لبنان, برايك ما هو سبب هذا النفور اللبناني ضد ما كان يسمى بالوجود السوري, واين مكامن الخطا التي ارتكبتها سورية في تعاطيها مع الملف اللبناني?

- هناك في لبنان نزاع كبير بين جانب عقلاني واخر عاطفي, الجانب العقلاني يقول بان العلاقات بين لبنان وسورية لا يمكن الا ان تكون علاقات اخوة وعلاقات وطيدة وعلاقات مميزة. بما هناك من روابط اولا في التاريخ وفي الجغرافيا, اذ ان سورية هي المتنفس الوحيد للبنان باتجاه العالم العربي ومنه الى الشرق, وسياسي بمعنى ان هناك قناعة في لبنان بان لبنان جزء لا يتجزا من هذا العالم العربي ولا يستطيع ان يتعاطى بالاوضاع الاقليمية بالتحديات الكبيرة, خاصة الصراع العربي ¯ الاسرائيلي, اضافة الى ذلك هناك مصالح اقتصادية كبيرة اذ ان التبادل بين البلدين عندما يكون مستقرا هو تبادل مستمر للبنان. كل هذه الاعتبارات الجغرافية السياسية الاقتصادية التاريخية تتم في عقول عدد كبير من اللبنانيين بالسعي دوما الى علاقات صحيحة وسليمة مع سورية لا بل مميزة. ولكن من ناحية اخرى فان هناك شعورا وهو مزيج من الشعور العاطفي من الاخطاء الممارسة, في هذا الشعور العاطفي هناك شعور لدى بعض اللبنانيين ان سورية لم تقتنع يوما او انها لم تمارس يوما فعلا القناعة بسيادة لبنان واستقلاله التام ولا تزال, اكان ذلك من وحي "حزب البعث" برايه التوحيدي العربي او كان ذلك نتيجة حقبات معينة في التاريخ كان التلاحم اللبناني السوري كاملا خلالها, وهناك شعور بان سورية لا تزال تمارس سياسة في لبنان تختلف تماما عن سياسة الاخوة والسيادة التي من المفترض ان تكون قائمة بين بلدين ولو كانا شقيقين. اضافة الى ذلك فان ممارسة هذه العلاقات يتحملها فريقان: الفريق السوري اولا لان هذه الممارسة خلال السنوات الماضية لم تكن على ما يرام, واقر بذلك الرئيس بشار الاسد, هو لم يتكلم عن اخطاء فقط, بل استعمل عبارة شوائب حصلت من خلال الممارسة. كذلك بعض القوى اللبنانية التي حاولت فعلا الاستفادة من عنوان العلاقة مع سورية فاستخدمت هذه العلاقة في مصالحها الذاتية ولتدعيم مواقعها, ما جعل فعلا سورية فريقا في اللعبة الداخلية بشكل او باخر خلال مراحل معينة. طبعا بعد ذلك لقد تطور الامر سلبا خلال السنوات الاخيرة بفعل سوء ممارسة هذه العلاقة وتدخلها بكل الشؤون والشجون من رئاسة الجمهورية الى رئاسة الحكومة الى قانون الانتخابات الى الانتخابات النيابية الى التعيينات الادارية والعسكرية وصولا الى ما ظهر في الاونة الاخيرة اي باعتقاد البعض بان سورية بشكل او باخر قد تكون وراء اغتيال الرئيس الحريري. هذا هو التطور الذي حصل خلال المرحلة السابقة والذي التحم بشكل او باخر في مراحل معينة في مناخات دولية واقليمية لسوء الحظ عند البعض. نحن نقول بانه حان الاوان الى ان تعود الامور الى العقل وان نلغي ردود الفعل العاطفية او ردود الفعل الانفعالية او ردود الفعل غير المبررة او غير المستمرة على واقع معين. نحن نعتقد بان هناك قدرا ان تكون هذه العلاقات علاقات جيدة على ان تحترم سيادة واستقلال البلدين وليس من المستحيل ومن الضروري ومن المفيد جدا بان تكون بين لبنان وسورية علاقة مميزة اخوية عميقة صادقة ترتبط بمصير اقليمي مشترك وبمواجهة للتحديات المشتركة على ان تكون هذه العلاقات محترمة خصوصية وسيادة واستقلال كل من البلدين والا تتدخل في شؤونه, هناك في اوروبا خطوة كبيرة في اتجاه التقارب بين الدول الاوروبية التي وحدت عملتها قوانين معينة والتي وحدت توجهات اساسية في ممارستها ولكن لا نسمع اطلاقا بان هناك تدخلا, بان هناك احزابا فرنسية موالية لايطاليا او العكس او ان هناك فعلا تدخلا ايطاليا او فرنسيا في شؤون الحكومة الايطالية او ما اشبه ذلك. ولذلك اذا كان المطلوب هو فعلا طي صفحة الماضي واعادة بناء علاقات اساسية هذه العلاقات يجب ان تكون قائمة على تغيير من الطرفين. يجب ان يكون هناك قناعة سورية ان تعترف ان لبنان دولة مستقلة وسيادة ذات خصوصية ولا يمكن التدخل في شؤونه بمعزل عن الانزلاق في كواليسه ودهاليزه, وقناعة لبنانية بان هذه العلاقات هي بين دولتين وليس بين فرقاء يحاولون استثمار هذه العلاقة لمصالحهم الشخصية.

* كنت من رموز العهد الماضي وعلى علاقة جيدة مع النظام السوري, هل كنت تدرك بصفتك وزير خارجية بتركيب جهاز امني سوري لبناني, وهل نبهت من مخاطر ما كان يجري?

- علاقاتي بسورية مبنية على مفصلين: مفصل السياسة الخارجية وخاصة منها السياسة الاقليمية الذي يقودها الصراع العربي الاسرائيلي واستطيع ان اقول بان هذه العلاقة كانت علاقة ممتازة ولو كان علي ان امارس بذات الظروف وذات المسؤوليات لما مارستها بشكل مختلف على الاطلاق واعتقد حينذاك ان هذه العلاقات بين لبنان وسورية كانت علاقات مشرفة, ومحترمة, وارى بان الخلط بين هذه العلاقة كما كانت وبين العلاقة والشؤون الداخلية هو فعلا افتراء. اذا علاقتي كانت علاقة ممتازة, اعتقد بانني استطعت ان ابني اسس ثقة واحترام وتفاهم واخوة حقيقية ولا شك ان هذه الثقة تجاوزت حدودا كبيرة, وكانت مع الرئيس حافظ الاسد مباشرة ومع الطاقم الذي كان يتعاطى السياسة الخارجية في هذا البلد على راسه الوزير فاروق الشرع. اما علاقتي كنائب او كرجل سياسي في ما يتعلق في الامور الداخلية فلم تكن علاقة مشابهة بالاولى بمعنى انني كنت على خلاف حول هذه النقاط التي سبق ان تكلمت عنها حول موضوع التدخل في الشؤون اللبنانية, حيث كنت اعتقد بان لا لزوم ولا مصلحة لا لسورية ولا للبنان ان تكون هذه العلاقات بهذا الشكل وان يتم التدخل بهذا الشكل, اكان من هذا الطرف او ذاك واعتقد بانني ربما سجلت اكبر عدد من الانتقادات في تاريخ لبنان الحكومي حيث استقلت مرتين عام 1992 عندما اختلفت مع الحكومة ومع سورية حول قانون الانتخابات واستقلت من وزارة الخارجية حينذاك وخضت الانتخابات من موقع المعارضة وليس من موقع الحكم, وفي المرة الثانية اعتراضا على التمديد للرئيس اميل لحود عندما استقلت من الحكومة. لذا ارى بانه كانت لي علاقة خارجية جيدة وممتازة واتحدى اي انسان ان يرى فيها اية ثغرة اكان ذلك من خلال مصلحة لبنان او كرامة لبنان او سيادة لبنان او استقلال لبنان, ولكن كانت هنالك علاقة مضطربة حيال المواضيع الداخلية.

* اين نقاط الخلاف بين ممارسة الرئيس الراحل حافظ الاسد ونجله بشار في التعاطي مع الملف اللبناني?

- اولا اعتقد بان ذات الممارسة في ظرف مختلف تعطي نتائج مختلفة تماما. الظرف الحالي وظرف ما بعد رحيل الرئيس حافظ الاسد مختلف تماما عن الظرف الذي كان يحكم فيه الرئيس حافظ الاسد. ومن هنا قد لا يصلح ذات الاسلوب في ظرف مختلف, ثانيا اعتقد ان شخصية الرئيس حافظ الاسد كانت شخصية رجل صاحب حكمة كبيرة وصاحب حدس كبير ورؤية سياسية مميزة, وكانت هذه الصفات تجعله يحسن الرؤية بعيدة المدى كما اجادة المناورة السياسية العملانية. كان ايضا رجلا يحسن فعلا قراءة الاحداث والقوى والموازين على ما هي عليه والتعامل معها بليونة في اسلوب وصلابة في المبدا او التوجه. طبعا من الصعب جدا ان نحكم على الاسلوب اليوم فيما الظرف مختلف تماما.

* لماذا استقلت احتجاجا على التمديد للرئيس لحود ولم تستقل عندما مدد للرئيس الياس الهراوي?

- لم اكن مع التمديد للرئيس الهراوي وكنت حينذاك انصحه, حتى ساءت العلاقات بيني وبينه حول هذا الموضوع, ولكن كان لا بد من تشخيص الفارق. فالفارق كبير جدا في ما يتعلق بظرف التمديد للرئيس الهراوي, اذ حصل في زمن كان لبنان وسورية والمنطقة في خضم عملية سلام وكان افق نجاح هذه العملية مفتوحا وكان من المفيد جدا ومن مصلحة الجميع ان لا تتم تغيرات جذرية قبل ان تحصل عملية السلام, فالتغيير الرئاسي في مثل هذه الحالات كان من شأنه ربما ان يعرقل تطور عملية السلام ويجعلها اصعب. هذا هو العنوان العام والفارق الكبير وربما الاعتبار الاساسي الذي دفع لعملية التمديد للرئيس الهراوي. ثانيا والاهم ايضا بكل بساطة لم يكن التمديد للرئيس الهراوي يحتاج الى ذات الحجم من الضغط والاكراه الذي احتاجه التمديد للرئيس لحود. لم يتم التمديد للرئيس الهراوي قهرا, لقد كان الرئيس رفيق الحريري وكان النائب وليد جنبلاط ومعظم الاقطاب حتى اقطاب المعارضة المرحوم العميد ريمون اده مؤيدا لهذا التمديد, ليس بشكليته ولكن بمضمونه. واذا كانت مصلحة الشعوب تقضي بتعديل الدستور فليكن ذلك, لا احد يناقض مبدا تعديل الدستور من اجل تمديد ولاية رئيس الجمهورية, المشكلة هي في الطريقة التي استعملت وفي الضغط الذي مورس. في عملية التمديد للرئيس لحود استعملت طريقة ضغط واكراه تجعل بان ما يتم تحت الضغط والاكراه هو باطل في النتيجة وهذه هي المشكلة الاساس فلقد تم هذا الامر خلافا لرغبة وارادة الاكثرية الساحقة من القوى اللبنانية.

اما في عهد الرئيس لحود ما كان سبب التمديد, هل كان هناك سبب جوهري لمصلحة البلاد حتما لا.. ثالثا هل فعلا بعد كل ممارسات الاجهزة, هل كان هذا التمديد معقولا ومقبولا من الناس? حتما لا. ولذلك فان الفرق بين هاتين الحالتين هو اولا الظرف الذي برر التمديد الاول ولم يبرر الثاني وهو ثانيا الاسلوب بحيث ان التمديد الاول كان مقبولا من معظم القوى السياسية, فيما الثاني كان قهريا اذا جاز التعبير او بالقوة وكم من القوى بدلت مواقفها وصرحت بانها ستوافق على التمديد قهرا وهذا ما طلب اليها رغم قناعتها العكسية, ومن هنا فان هذا التمديد فعلا يختلف تماما عن التمديد السابق..

* كيف يمكن الاتفاق طالما ان بعض النقاط التي اتفق عليها في مؤتمر الحوار بدأ التراجع عنها?

- كان من المفترض ان تصل هذه الحلقات الحوارية الى نتائج معينة حول اربع نقاط مفصلية في الواقع اللبناني, منها العلاقات اللبنانية ¯ السورية الجديدة المقاومة وتحرير مزارع شبعا, وضع رئاسة الجمهورية وغيرها واذا توقفت الامور بعد التفاهم حول النقاط الاولى عند نقطة رئاسة الجمهورية اذ ان كل فريق يعتقد بانه لوحده يستطيع ان يحسم هذا الامر فيما لا احد في لبنان يستطيع ان يحسم اي امر اساسي, الواقع هو ان لبنان لا يحكم باكثرية عددية, لبنان لا يحكم الا بتوافق في القضايا الاساسية. وان هناك في لبنان واقعا طائفيا حتى هذه اللحظة ولا يمكن لاحد ان يتجاوزه, وعندما تجمع طائفة خاصة ان كانت طائفة كبيرة حول توجه معين فلا يمكن تخطيها, وواقع الامر هو ان الكل في لبنان اعتقد في مراحل معينة انه يستطيع الاستقواء بتحالفات خارجية فنسي انه ليس لوحده, وان خصمه ايضا يستعمل ذات الاسلوب ويستقوي بقوى اخرى ويصبح هناك نوع من تعادل للقوى لا يسمح فعلا بمخارج معينة للازمة.. واعتقد بان على ما يسمى باكثرية 14 اذار ان تدرك بانها حتى لو كانت هي صاحبة اكثرية رقمية معينة فانها لن تستطيع فعلا ان تتخطى الواقع السياسي والواقع الطائفي, كما ان على القوى التي تسمى 8 اذار ان تدرك بانها فعلا لن تستطيع لوحدها ان تفرض خياراتها.

* من فرط عقد هذا التوافق, ومن بدا يتراجع عما جرى الاتفاق عليه?

- قبل ان نحاسب ايا كان يجب ان نحاسب انفسنا, ان نحاسب اللبنانيين اولا, لماذا لم يتوافقوا لان كلا منهم اعتقد بانه لوحده يستطيع ان يحسم الامور, ولم يدرك احد في توقيت معين بان هذا التوقيت يفرض عليه ان يتجه نحو تسوية معينة للواقع. عندما كانت 14 اذار تستفيد من مناخ سياسي معين ملائم لها لم تقبل بتسوية معقولة ومقبولة. وعندما تغير لم تعد تستطيع ان تقبل بما تطالب به 8 اذار, والامر نفسه بالنسبة الى 8 اذار.

* قوى 14 اذار دافعت عن المقاومة حتى الاستماتة واعتبرت حلها شانا داخليا وصرحوا بذلك في كل المنتديات والمحافل الدولية, لماذا لم تقتنع المقاومة بصدقية نوايا 14 اذار?

- اعتقد حقيقة بان معظم قوى 14 اذار حتى مرحلة قريبة جدا كانت مدافعة عن المقاومة وحتى عن النظام في سورية وانني شاهد بان النائب وليد جنبلاط في عدد من المحافل الدولية وفي الداخل ايضا ومع كل الوفود الاجنبية التي كان يلتقيها كان يقول بالحرف الواحد نرفض اعتبار المقاومة ارهابا. نرفض اعتبارها ميليشيا, والمقاومة هي صاحبة قضية ونحن لا نقبل بالتعاطي معها الا كمقاومة شعبية وطنية تحرر ارضها المحتلة كما كان دوما يقول وهذا ما قاله للرئيس شيراك وفي مجلس النواب الاوروبي في ستراسبورغ, حيث التقينا هناك وكان مصرا على ان ما يطالب به لبنان هو سيادته واستقلاله وليس فعلا المس بالنظام في سورية.. هذا واقع وحقيقة. حقيقة الامر اعتبر بان علاقة وليد جنبلاط بالسيد حسن نصر الله لم تتدهور حول موضوع المقاومة على قدر ما اعتبر جنبلاط بانه كما هو حمى المقاومة في مرحلة معينة مرحلة النفوذ الاميركي ومرحلة الانكفاء السوري كان على السيد حسن نصر الله ان يسعى الى ترتيب الامور بينه وبين سورية ولم يحصل هذا الامر. المشكلة هي في العلاقة بين وليد جنبلاط والحكم في سورية اكثر مما هي المشكلة الحقيقية بينه وبين الامين العام ل¯"حزب الله".

* هل المشكلة بين وليد جنبلاط والسيد حسن نصر الله بدات بعد اغتيال النائب جبران تويني وماذا كان يريد جنبلاط من نصر الله?

- بدات المشكلة حين شعر وليد جنبلاط انذاك ان المقاومة بكل ما لديها من نفوذ في سورية لم تتمكن من وقف عملية التدهور الامني التي كانت حاصلة وحملها مسؤولية العجز هذا.. بجميع الاحوال هذه امور غامضة وليس من السهل ان نجزم من المسؤول عنها, قد تكون سعت ولم توفق وقد تكون المقاومة لم تسعَ بما فيه الكفاية من اجل تصحيح هذا الواقع, ونترك الامر للتاريخ.

* من ابعد رئاسة الجمهورية عن فارس بويز?

- لا اعتقد بان رئاسة الجمهورية اقتربت او ابعدت عني.

* لقد جرى التداول باسمك كابرز المرشحين?

- هذا الامر طبعا وارد. في مرحلة معينة وهذا ما كنت اتكلم عنه, اعتقد بان وليد جنبلاط في جميع الاحوال هو صاحب رؤية ويتمتع بحدس سياسي كبير مهما اراد البعض انتقاده حول مواقف معينة لا احد يستطيع ان ينكر لوليد جبنلاط الحس والحدس السياسي العميق الذي لديه. وفي مرحلة معينة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبعد التطورات التي عرفها لبنان ادرك وليد جنبلاط ¯ وهو اول المدركين ¯ بان لبنان لا يحكم بغالب ومغلوب فقام بمبادرة وسماها حينذاك بوضوح تسوية تاريخية اي تعالوا نطرح تسوية تاريخية ان نأتي برئيس من صفوف البريستول ان يطمئن ما كان يسمى بالمعارضة حول السيادة والاستقلال وبالوقت نفسه ليختار حلفاء سورية من صفوف »البريستول« بين من يعتبرونه الاقل عداوة والاكثر قربا والاكثر طمأنة لهم.

هذا على الاقل جوهر هذه التسوية التي كانت مبنية على رؤية ويبدو ان ثقافة وليد جنبلاط الاشتراكية كافية بان تسمح له للاستشعار بالامور ورئيس اللقاء الديمقراطي انذاك ادرك ان للثورة لحظتها التي لا ترحم الثورة, فقدان اللحظة واتذكر حينذاك بانه قام وقال يوما في اجتماع للمعارضة, تعالوا نطالب باقالة رئيس الجمهورية فنأتي برئيس جديد ضمن تسوية تاريخية بيننا وبين الفريق وتعالوا من ثم لنستعيد الدولة ومن ثم حكومة وفاق وطني ومن ثم تنظيف الاجهزة الامنية ومن ثم قانون انتخابات جديد ولنرجئ الانتخابات النيابية لثلاثة اشهر وبعد ذلك ننهي الامر بانتخابات نيابية.. الانتخابات النيابية ستخلفنا مع بعضنا البعض, فان بدانا باستعادة الدولة سيكون هذا الخلاف في النهاية خلافا حول موضوع اللوائح الانتخابية, اما ان بدانا بالانتخابات النيابية قبل غيرها فهذا الخلاف الذي سيحصل سيقطع الطريق امام كل الاصلاحات التي كنا ننوي القيام بها فكانت هذه الرؤية واضحة تماما, بعض المسترئسين الذين شعروا بان اسمهم لن يكون الاسم المنتظر رفضوا فعلا هذا الطرح خلسة وقاموا بزيارة السفارتين الاميركية والفرنسية لتحريضهما على مشروع وليد جنبلاط واقناع هذه المراجع بان المصلحة تقضي باجراء انتخابات اولا نيابية وهذه ستاتي بمجلس سيسلم راس المقاومة, مجلس قريب من الولايات المتحدة وفرنسا وما اشبه ذلك كانت هذه نظريات البعض.

 لسوء الحظ تمكنوا هؤلاء فعلا من اقناع الولايات المتحدة وفرنسا وكذلك البطريرك نصرالله صفير بشكل او باخر بتاجيل موضوع رئاسة الجمهورية الى ما بعد الانتخابات واتذكر ان هؤلاء الذين يطالبون اليوم برحيل رئيس الجمهورية كانوا يدافعون عن بقائه انذاك وان الوقت لم يحن بعد لذلك, ولقد حصل ضغط دولي على وليد جنبلاط اميركي تمثل بزيارة دايفيد ساترفيلد الى لبنان وغيرها, ضغط اميركي, فرنسي, مصري, سعودي. حينذاك عندما وجد بانه لم يبقَ له حليف في هذا المشروع. الحليف المسيحي كان ضد هذا المشروع -اي قرنة شهوان- الحليف السني الشيخ سعد الحريري كان ايضا متاثرا بهذا الطرح الخارجي وكان يطالب بانتخابات نيابية فورا. البطريرك صفير ايضا كان مترددا حول هذا الموضوع فاضطر جنبلاط الى العودة عن هذا الطرح واثبتت الايام انه كان على حق.

هل ما حصل معكم في الماضي يحصل اليوم مع العماد ميشال عون?

- اعتقد ان الامر مختلف, ما حصل مع فارس بويز هو ان فارس بويز لم يكن مرشحا ولم يكن قد قدم ترشيحه ولم يكن ساعيا الى هذا الامر على قدر ما طرحت فكرة هذه التسوية التاريخية ومنها بدات غربلة الاسماء التي هي تطمئن سياديا واستقلاليا وفي الوقت ذاته لها النكهة العروبية والتوجه العروبي الذي ايضا يطمئن الفريق الاخر..

اما في ما يتعلق بموضوع العماد ميشال عون الاعتراض العلني المعروف ياتي من فرقاء اساسيين ياتي من كتلة سعد الحريري, ووليد جنبلاط, وغيرهم ولو تصرفوا وكانهم حلفاء وهم في الحقيقة لا يريدون العماد عون رئيسا للجمهورية.

* لماذا برايك هذا الاستبعاد للعماد ميشال عون من رئاسة الجمهورية? هل هو الاخر اخطا بالقراءة مع اقتراب عودته الى لبنان وتصور انه ما زال لسورية دور اساسي بالتمسك بمفاصل السياسة اللبنانية فانسحب من 14 اذار واين يكمن الخطا الذي ارتكبه العماد عون?

¯ الحقيقة انني لست بموقع ان اقيم وجود اخطاء او عدم وجودها, ما اعتقده هو اولا ماضي العماد عون ربما يلعب دورا في تحديد مواقف القوى السياسية منه. وربما شخصيته تلعب دورا في هذا الامر وحتما ربما طريقة عودته وتحالفاته الجديدة لعبت دورا في تحديد المواقف منه. واختصار الامر بنقطة واحدة ليس صحيحا. هناك مجموعة نقاط تشير الى ان هناك قوى تعتبر انها بحالة خلاف او تصادم مع العماد عون اكان ذلك حول الاسلوب او حول النهج او المبادئ..

* في المحور الايراني السوري اللبناني, من يستفيد من الاخر, هل سورية تستقوي بايران لخربطة الوضع الداخلي وفتح نافذة لها على المتوسط من خلال "حزب الله" والدخول الى حلبة الصراع العربي-الاسرائيلي في مواجهة الموقف الاميركي في ما يتعلق ببرنامج ايران النووي, وهذا ما عكس تباعدا ويكاد يطيح بالوفاق بين اللبنانيين?

- ان نظرة ايران للامور السياسية هي نظرة شاملة تجعلها لاعبا ان كان ذلك على مستوى التسلح النووي وعلى المستوى السياسي في المنطقة في العراق او مستوى الصراع العربي-الاسرائيلي. اعتقد ان هناك مصلحة مشتركة ونظرة مشتركة لدمشق ولطهران في تعاطيهما مع الامور مع بعض الخصوصيات, ان كانت لسورية خصوصية لبنانية او لايران خصوصية نووية لكن في الصراع العربي-الاسرائيلي وفي القاسم المشترك بين دمشق وطهران يجعل بان التحالف والتقارب بين هاتين العاصمتين في مواجهة السياسة الاميركية امر واقع.

* وما هو دور »حزب الله«?

- »حزب الله« او المقاومة ترتبط ايضا بالفريقين ترتبط ايديولوجيا وعمليا بطهران بجوانب معينة وترتبط سياسيا بسورية بجوانب اخرى.