رئيس مكتب حقوق الإنسان في المجلس الأعلى لثورة  الأرز طالب بتغيير الطاقم السياسي اللبناني

 كمال البطل لـ "السياسة": مشاهداتنا تدل على أن "حزب  الله" نصب راجمات صواريخه بين المنازل السكنية

 بيروت - من صبحي الدبيسي: السياسة 4/9/2006

حمل كمال البطل رئيس مكتب حقوق الإنسان في المجلس الأعلى لثورة الأرز على الطاقم السياسي اللبناني, مطالباً بتغييره وتهيئة جيل الشباب لقيادة العمل السياسي في لبنان يكون مجرداً من الأنا والطائفية ويعمل بمنطلقات وطنية صرفة.

كلام البطل جاء في سياق حوار أجرته معه "السياسة" تناول عمل مكتب حقوق الإنسان ونشاطه في لبنان وزيارته الأخيرة لقرى الجنوب اللبناني للوقوف على حقيقة ما تعرض له الأهالي وخاصة بلدة عين إبل التي أصيبت بأضرار كثيرة ومنع أهلها من مغادرتها بعد إطلاق النار على السيارات التي تقلهم.

البطل تحدث عن حجم الأضرار الكبيرة التي لحقت بممتلكات اللبنانيين على طول الطريق من صيدا إلى عين إبل, أشار إلى مشاهداته لآثار قواعد راجمات صواريخ "حزب الله" بين البيوت السكنية, محملاً الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان مسؤولية مواقفه التي لم يشر فيها إلى سحب سلاح "حزب الله", مذكراً بالقرارين 1559 و1680 اللذين هما من صلب القرار 1701, واعداً بزيارة منطقة الحدود مع سورية للاطلاع على ضبط التهريب وعدم وصول السلاح إلى "حزب الله", مشدداً على بسط سلطة الدولة على كامل التراب اللبناني, داعياً إلى إقامة ندوات ومحاضرات حول عجز الدولة في الماضي عن بسط سلطتها على كامل أرضها والعراقيل التي واجهتها..

وفيما يلي نص الحوار:

* بعد خمسة أسابيع من الحرب الإسرائيلية المدمرة على لبنان, وقتل البشر والحجر, ماذا بقي من حقوق الإنسان, وما هو العمل الذي تضطلعون به اليوم?

- حقوق الإنسان نضال طويل الأمد, ونحن نقف إلى جانب حق الشعوب في تقرير مصيرها, وهذا حق أساسي, وما حصل في حرب إسرائيل على لبنان كان انتهاكاً أساسياً لهذا الحق وظلما وقع على جميع اللبنانيين لم يكن مفترضاً أن يحصل, ونحن نقوم بجهد كي لا يتكرر ما حصل.

* ما هو دوركم بالتحديد في هذه الفترة?

- ليس لنا دور رادع على الأرض لأننا لا نملك سلاحاً ولا جيوشاً, نحن عملنا يقتصر على تسليط الضوء وإبلاغ العالم بما يحصل.

* من هي الجهة بالتحديد التي ترسلون لها معلوماتكم, وهل هناك من يهتم بالجهد الذي تقومون به?

- إننا نرسل إشاراتنا لجميع القوى العالمية المهتمة بآلام الناس, لبنان دولة عضو في الأمم المتحدة, وليس دولة على كوكب مستقل.. يتفاعل مع المجتمع الدولي فإذا وجد على الأرض اللبنانية مجموعات غير قانونية مسلحة تتجهز في لبنان وتتمركز على أرضه للقيام بأعمال غير مشروعة وأحياناً إرهابية كالذي حصل أخيراً وكلف لبنان هذا الدمار والخراب, يعني أن هناك أمراً شاذاً في لبنان يفرض معالجته ونحن نقوم بما نستطيعه في هذا المجال.

* كحقوق إنسان ماذا كان دوركم في إسعاف النازحين وهل زرتم الجنوب خلال فترة الحرب, وما هي تقديماتكم للمنكوبين منها?

- نحن نشاطنا يتركز على لبنان فقط, وعملنا يتركز على إبقاء لبنان بتنوعه وحماية الأقليات فيه, لأن المجتمعات المشابهة للمجتمع اللبناني هي مجتمع أقليات وبالتالي يجب حمايتها.. ومفروض على الأقليات أن يكون عندها نوع من الصيانة, والحماية, تستطيع أن تنمي نفسها وتصون وجودها في هذه الحرب التي تعرض لها لبنان. أول عمل قمنا به حافظنا على حياتنا, لأن ما حصل لم يكن أحد يتوقعه. عشنا حروباً كثيرة لكننا لم نجد مثيلاً للحرب التي جرت... حجم الدمار وحجم الصواريخ التي أطلقت بالإتجاهين كان كبيراً وهائلاً. حتى في موضوع "حزب الله" ما كان أحد يعتقد أن بحوزته هذه الكمية من الصواريخ وبهذا الحجم الكبير المدمر, فنحن أكيدون بأن اللبنانيين لم يكونوا واعين لكل الذي حدث ولخطورة الموقف, ثم قمنا باتصالات لنجمع بعضنا بعد ذلك, قمنا برصد ما يحصل لأخذ المعلومات فقط.. ونحن طبعاً نطالب بتشكيل لجنة تحقيق حول مجزرة قانا.. قبل أن نطالب بأي حكم على ما حصل في قانا, إننا ضد قتل الأطفال وقتل الأبرياء والنساء.. مطلوب لجنة تحقيق دولية لأننا ضد إسرائيل وإسرائيل تاريخها معروف بالعدوان لا يعني فقط أنها أخطأت.. عملنا يجري وفق الأصول والأعراف والمواثيق الدولية... ما قمنا به أخيراً كان زيارة إلى بلدة عين إبل الحدودية, بعد أن وصلنا إلينا الكثير من التقارير حول ما جرى في تلك المنطقة وخلال الزيارة توضح لنا حجم الدمار الذي تعرضت له عين إبل... وكان شباب عين إبل أشاروا إلى ذلك قبل أسبوع.. لكن "التيار العوني" قلل من أهمية هذا الدمار, مؤكداً ذهابه إلى البلدة المذكورة التي وعلى حد تعبيره لم تصب بدمار كبير... وكنا في حيرة من نصدق? هل نصدق أهالي البلدة أم "التيار العوني" الذي تكلم باسمهم صهر الجنرال عون جبران باسيل, لذلك قررنا الذهاب إلى عين إبل والإطلاع على حجم الدمار وكان كبيراً جداً أكثر بكثير مما تصورنا. وأطلعنا من الأهالي على تفاصيل ما جرى في بلدتهم ومعاناة السكان, وما تعرضوا له من ويلات.

* لماذا دمرت عين إبل مع العلم بأنها بلدة مسيحية والمستهدف كان البلدات الشيعية التي أطلقت منها الصواريخ باتجاه إسرائيل?

- رميش, أيضاً بلدة مسيحية, لكنها لم تتعرض للقصف بالرغم من لجوء العديد من سكان القرى المجاورة إليها, لأن طبيعتها الجغرافية لم تسمح بإطلاق الصواريخ منها باتجاه إسرائيل, على عكس عين إبل التي وفرت للمقاومة فرصة إطلاق الصواريخ على إسرائيل نظراً لواقعها التضاريسي بحيث نصب فيها راجمات صواريخ مؤقتة, من دون مقاومين فكانوا يحضرون في أوقات غير معروفة يطلقون الصواريخ ويختبئون في الوادي وكانت هذه المواقع موجودة داخل الأحياء السكنية, وأحياناً بحسب رواية الأهالي كانت الراجمات تقصف أوتوماتيكياً من دون وجود الطاقم العسكري..

* هل شاهدتم ذلك بأم العين خلال وجودكم في عين إبل?

- أنا أنقل إليك ما سمعته من أهالي البلدة, لأننا أثناء المعارك لم نكن نستطيع الوصول إلى عين إبل, لكننا شاهدنا آثار الراجمات وآثار المواجهات الميدانية في أحياء البلدة.

* لماذا برأيك نفى "التيار العوني" الأنباء التي تكلمت عن تدمير عين إبل?

- لا أعرف, لقد وجهت إليهم سؤالاً مباشراً حول هذا الموقف وكذلك أهالي عين إبل الذين استغربوا ما جرى, ذهبوا والتقوا العماد عون وسألوه عن موقف جبران باسيل, أجابهم عون نحن كنا نعرف حجم الدمار الذي أصاب بلدتكم, لكننا أردنا التخفيف من النعرات الداخلية...

* لماذا زرتم عين إبل ولم تزوروا الخيام أو قانا مثلاً?

- لقد زرنا قانا وزرنا الخيام قبل أن نذهب إلى عين إبل. وفي عدوان 1996 زرنا قانا عدة مرات وكذلك الخيام وبعد التحرير في العام 2000 وكانت زيارتنا إلى تلك الأماكن كثيرة وكذلك منظمات حقوق الإنسان الدولية. وأتمنى لو نستطيع زيارة كل القرى والبلدات التي تعرضت للعدوان, كان هدفنا من زيارة عين إبل الوصول إلى مناطق لم يسلط عليها الضوء حتى الآن سيما وأن الأهالي هناك ناشدونا لزيارة بلدتهم.

* ما هو الانطباع الذي خرجت منه من عين إبل, هل ما زالت مواقع "حزب الله" موجودة على الأرض, ماذا قالوا لك أهالي عين إبل وكيف تصف لنا الوضع الميداني هناك?

- أثناء زيارتنا الشريط الحدودي وعين إبل لم نشاهد مسلحين, شاهدنا دماراً كبيراً في الطريق وتحديداً من الغازية وصولاً إلى عين إبل... أيضاً شاهدنا صوراً كثيرة لشهداء من "حزب الله" جرى لصق صورهم في كل الأماكن, أيضاً شاهدنا آخر نقطة للجيش اللبناني في ذلك القطاع في برعشيت ومروحين, لكنه لم يصل إلى عين إبل وعلى طول الطريق التي سلكناها شاهدنا الكثير من ورش إزالة الركام والبيوت المهدمة ورائحة الموت المنبعثة من كل الأنحاء.. كذلك روى لنا أهالي عين إبل بأن أراضي بلدتهم والأحراج التابعة لها مليئة بمواقع "حزب الله" وهو يمنعهم من الوصول إلى أراضيهم بحجة المواقع العسكرية.

* حتى هذه الساعة وبعد توقف الحرب ما زال الأهالي ممنوع عليهم الوصول إلى أرزاقهم?

- لغاية هذه الساعة لا يُسمح لأحد الوصول إلى أملاكه.. كل شيء على حاله لكننا لم نرَ أحداً في الزي العسكري, إنهم متخفون في أماكن تواجدهم.

* ما هي الخطوة التالية التي ستعقب زيارتكم ل¯"عين إبل"?

- نحن سوف نكثف من زياراتنا وبحثنا والإشراف على كل الخروقات التي تعرقل تنفيذ القرارات الدولية وأهمها القرار 1559, لأننا ضد وجود أي سلاح خارج الجيش اللبناني. ونحن نصرح بذلك علناً فإذا لم يتمكن الجيش اللبناني والقوات الدولية من البحث عن السلاح نحن سنتولى هذه المهمة, لأننا نرفض وجود السلاح خارج السلطة وكل سلاح مخبأ سيعود إلى الظهور متى سنحت الفرصة لأصحابه بإظهاره. ونتمنى أن يقتصر السلاح فقط على سلاح الجيش اللبناني.

* كيف ستتمكنون من ذلك... ربما منعتم من البحث عن السلاح كيف ستتصرفون?

- الأرض لبنانية لا يقدر أحد أن يمنعنا من دخولها ومتابعة مهمتنا.

* القرار 1701 لم ينص على جمع سلاح "حزب الله" وبالتالي ما هي الوسيلة التي ستجعلكم تبحثون عن هذا السلاح?

- لا.. هذا خطأ وتأويل يجب أن نعيد قراءة القرار 1701 قراءة واضحة برصانة وجدية القرار 1701 يعيد قرارات مجلس الأمن 1559 و1680. هذا القرار ليس مستقلاً عن القرار 1559, إنه أكبر من ال¯1559 الذي هو جزء منه لا نستطيع القول أن 1701 لا ينص على تجريد الميليشيات من سلاحها.. وكل السلاح غير الشرعي وخاصة الفلسطيني خارج المخيمات.. إنهم من صميم القرار 1701 هذا خطأ كبير جداً يتحمل مسؤولية كوفي أنان وغيره من الذين يطلقون التصريحات العشوائية ويحاولون التعديل بالقرار 1701.

* إلى أي مدى تكون تقاريركم نافذة ومن هي الجهة التي ستأخذ بها?

- نحن نحاول أن نفسر للبنانيين أن القرارات الدولية 1559 و1701 هي لخدمة اللبنانيين ومع لبنان وبما أن جزءاً من اللبنانيين مرتبط بمصالح خارجية سورية وإيرانية فهؤلاء هم ضد لبنان والمجتمع الدولي يرفض أن يكون لبنان قاعدة لمنظمات متعددة. هناك محاولات لتأخير تنفيذ القرارات الدولية ونحن علينا الضغط لتنفيذها لأنها تصب في مصلحة لبنان. لبنان ما زال وضعه مجمداً منذ عشرات السنين والعالم يتطور واللبنانيون يهاجرون. نحن نريد النهوض بلبنان وبإعماره وعودة المغتربين إليه.

* هل تعتقد أن مجلس الأمن سيأخذ بقراراتكم?

- طبعاً نحن كمجلس عالمي لثورة الأرز على تواصل دائم مع مجلس الأمن, نجتمع بهم ونزودهم بتقاريرنا وصورنا وأفلامنا وعندما يزورون لبنان نلتقيهم أيضاً وهم يواكبون عملنا على الأرض باستمرار.

* هل لمست أن أهالي عين إبل أُرغموا على عمل ما ضد مصلحة بلدتهم?

- لسوء الحظ طلب "حزب الله" من أهالي عين إبل عدم مغادرة بلدتهم وعندما حاولوا الخروج من البلدة أطلقت النار باتجاه السيارات التي أقلتهم وأصيب 49 سيارة من أصل 50 سيارة كما أصيب أحد الأطفال الذي كان لاجئاً في البلدة.

* ذكرت بأنك قد تزور منطقة الحدود مع سورية, ما الهدف من هذه الزيارة?

- لقد زرنا هذه المنطقة عدة مرات, ونحن كما أشرت نطالب بضبط الحدود مع سورية ووقف تهريب السلاح والبنزين والبضاعة غير القانونية والمسلحين.. مثلاً في مخيم "عين الحلوة" سمعنا تصاريح عن شهيدين تدربوا في المخيم وذهبوا إلى العراق واستشهدوا هناك.. من أين يأتي سلاح "حزب الله" عن طريق البر.. المفروض أن يكون السلاح في حوزة الجيش اللبناني فقط.. زيارتنا تندرج في إطار مدى جدية ضبط الحدود ومنع التهريب. ولدينا خرائط صادرة عن الجيش اللبناني تؤكد وجود مناطق أكبر من مزارع شبعا غير معروفة إذا كانت لبنانية أم سورية وهذه برأيي ستكون مزارع شبعا جديدة إذا لم تحدد مسؤولية الدولة التابعة لها..

* قد يكون الجواب بأن ممرات التهريب تساعد الفقراء على تأمين لقمة عيشهم, فماذا سيكون جوابكم?

- نحن ضد التهريب وكل المعوزين يجب علينا مساعدتهم دون اللجوء إلى التهريب.. نحن مع كل محتاج لكننا ضد التهريب.

* ما هي الأمور التي ترغب بتسليط الضوء عليها?

- ما يهمني الإشارة إليه.. صحيح أن هناك سياسيين يتكلمون نفس اللغة وهي اللغة العربية لكنهم مع الأسف لا يفهمون على بعضهم ومفاهيمهم مختلفة. فإذا كانت رغبتنا بناء دولة على أسس معترف بها دولياً.. إذا ذهب الجيش إلى الجنوب بعد غياب 35 سنة, فكل الذين كانوا بعمر 15 سنة لم يعرفوا شيئاً عن الجيش اللبناني. هذا الإنسان كيف نحاوره لكي نبني دولة.. يجب البدء بورشة تثقيفية ومحاضرات في الجنوب والبقاع وعكار, لماذا لم يتمكن الجيش اللبناني في الماضي من فرض سيطرته, لنفسر للعالم كيف يمكننا بناء الدولة, أما أن ننشئ مدارس تعلم الجهاد والتطرف فيستحيل بناء الدولة.

* هل يقف الإعلام معكم في حملتكم الإنسانية لبناء الدولة?

- مع الأسف لا.. حرية الإعلام في لبنان مشوشة تشوبها الفوضى ويسيطر عليها المال.. في لبنان إعلاميون ولا وجود لمؤسسات إعلامية وهي بأكثريتها مأجورة, تدفع المال تجد ما تريده في الصحيفة, لا تدفع لا تجد شيئاً.. نسمع عن جريمة ما حصلت وفي اليوم التالي ينطفئ الخبر.. هذا هو حال الإعلام عندنا مع الأسف الشديد.. لا متابعة ولا ضمير مهني...

* ما رأيك بالطاقم السياسي الحالي?

إذا أردنا بناء دولة علينا أن نتحرر من كل السياسيين الذين ينطلقون من مصالحهم الخاصة الضيقة وليس من مصلحة الوطن العليا.. نحن يهمنا الوطن أولاً وآخراً.. يجب أن نبني جيلاً جديداً يكون مستعداً للعمل بتجرد وبوطنية مطلقة ولا تبنى الأوطان من دون ذلك..