حديث النائب وائل أبو فاعور إلى جريدة البلد

 أبو فاعور يقول لصدى البلد إن كيسينجر زوّد جنبلاط بمعلومات تاريخيّة سيطرحها في الحوار

11 مارس, 2006

 حاورته ليال أبو رحال

"طلاته" على مكتبه في مجلس النواب قليلة، ولا يزال حتى اللحظة يتعرض لتهديدات وشتى أشكال التهويل، مطلع على التفاصيل السياسية بدقة ويعرف "المستور".

هو عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور، الذي كشف في حديث لـ "صدى البلد" ان رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط التقى خلال رحلته "الاستكشافية" الى الولايات المتحدة وزير الخارجية السابق هنري كيسسينجر الذي زوده بالكثير من المعلومات حول كيفية "استباحة دم كمال جنبلاط بموافقة أميركية وغض طرف اسرائيلي"، ما سيجعل موقفه أقوى في الحوار.

يبرر زيارة جنبلاط الى الولايات المتحدة بطلب دعمها من أجمل حماية لبنان من "التخريب السوري المنظم" على حد قوله مؤكداً انه "بقدر ما يطرح جنبلاط القضايا الخلافية بصراحة بقدر ما يؤكد استعداده لتسوية سياسية عادلة".

ويشدد على رفض "قوى 14 آذار" أي تسوية سياسية في الحوار مضمونها تنحية لحود مقابل إبقاء مسألة سلاح حزب الله مفتوحة زمنياً وجغرافياً واستبعاد سورية عن تثبيت لبنانية مزارع شبعا، مبرراً ذلك بالقول ان "المنذور لا يستحق كل هذا النذر".

ويشير الى ان نجاح الحوار يرتبط بالقدرة على التجرد من أي رهان خارجي وبالاستعداد للتنازل متوقعاً ان يتوج الحوار بوساطة عربية.

"صدى البلد" التقت أبو فاعور، وكان معه هذا الحوار.

ب كيف ترى المشهد السياسي الحالي في لبنان؟

واضح ان طاولة الحوار تبحث نظرياً قضايا لبنانية، ولكن فعلياً هذه القضايا لديها امتدادات غير لبنانية بمعنى عندما نتحدث عن رئيس الجمهورية اميل لحود، نظرياً رئيس جمهورية في لبنان لكنه موقع سوري متقدم في المؤسسات الدستورية اللبنانية، وبالتالي ليست قضية لبنانية محضة على تماس مع الموقف السوري. وعندما نتحدث عن مزارع شبعا، هي أيضاً مسألة تماس لبناني سوري، وبالتالي هي قضية لبنانية سورية ودولية.

وبالنسبة لسلاح حزب الله، نعم قام بمساهمات أساسية في التحرير، لكن اليوم حزب الله على المستوى السياسي يقول أنا متحالف مع النظام السوري والسلام هو جزء من هذا الخيار السياسي، لذا رقعة اهتمام هذا السلاح تتجاوز مسألة تحرير مزارع شبعا، إضافة الى الحلف السوري الإيراني الذي هو في مكان ما يؤثر في مناخ الحوار. لذا الحوار غير سهل على الإطلاق ولبنان في محاولته لاستعادة استقراره الداخلي يصارع أكثر من تنين: السوري الذي يريد تخريب الاستقرار في لبنان، والتحالفات الاقليمية الكبرى، التي بشكل أو بآخر، تلقي بظلالها على الوضع الداخلي اللبناني.

ب أثارت مواقف النائب وليد جنبلاط من واشنطن ردود فعل على أكثر من مستوى وحمّلت مسؤولية تخريب الحوار؟

ما قاله وليد جنبلاط على طاولة الحوار هو نفسه ما قاله في واشنطن، وكذلك لدى استقباله وفد الدعوة للحوار الذي أوفده الرئيس نبيه بري، وحينها أعلن وليد جنبلاط ما يمكن تسميته بالأجندة التي سيعتمدها في الحوارات، لماذا لم يستفز هذا الكلام وقتها قوى سياسية ويدعوها الى تغيير موقفها واستفزها اليوم. هذا الكلام يكرره جنبلاط لا وبل قال أقسى منه.

وبقدر ما يطرح جنبلاط القضايا الخلافية بوضوح بقدر ما يؤكد استعداده لتسوية سياسية عادلة. وأعتقد ان هناك محاولة سورية وهذا واضح، إذ تم تعميم جو في عدد من وسائل الإعلام تحت عنوان "لاءات وليد جنبلاط تفشل الحوار".

من الأساس توجد نية لتحميل جنبلاط مسؤولية تأجيل الحوار ولاحقاً فشله لا سمح الله. وكلام الرئيس السوري بشار الأسد، برأيي، هو الدلالة الأكثر وضوحاً على الموقف السوري الفعلي، إذ اتهم قوى 14 آذار انها أدوات للغرب والأجنبي وبالتالي لاسرائيل وهذا تخوين لقوى 14 آذار من جهة، ومن جهة ثانية هذا أيضاً لتخوين قوى 8 آذار لأنهم يجلسون مع عملاء إذا صحت التسمية.

واضح انه كانت هناك محاولة سورية لتخريب الحوار، ظهرت من خلال كلام بشار الأسد ومسؤول الجبهة الشعبية القيادة العامة أنور رجا الذي حاول رفع سقف الخطاب الفلسطيني، والذي كان برأيي موجهاً الى 8 آذار قبل 14 آذار.

ب اتهمتم بأنكم تستقوون بالخارج، وحزب الله استنكر ذلك أمس الأول، فما تعليقكم على ذلك؟

على الإطلاق لا يوجد استقواء بالخارج، وعندما طالب جنبلاط بدعم أميركي فليس للاستقواء على طرف داخلي لبناني بل لحماية لبنان من عملية التخريب المنظم التي يقوم بها النظام السوري.

نحن ضد الاستقواء بالخارج وجاهزون لمعادلة داخل وخارج تلتزم بها كل الأطراف اللبنانيين، وهنا نسأل في هذه المعادلة إيران داخل أم خارج؟ إيران خارج وسورية كذلك، لماذا يوجه النقد الينا ولا يوجه للآخرين.

ب جرى الحديث عن معطيات جديدة سيعود بها جنبلاط من واشنطن، ما هو مضمونها وهل ستؤثر على سير الحوار؟

سيأتي وليد جنبلاط وفي جعبته الكثير الكثير من لقائه بهنري كيسينجر، وسيكشف كيف ان سورية استباحت دم كمال جنبلاط بموافقة أميركية وبغض طرف اسرائيلي، وكل ذلك ولا تدان سورية وتدان أي قوة ديمقراطية إذا استنجدت بمجلس الأمن أو الولايات المتحدة لحماية لبنان؟

وأعتقد ان موقف جنبلاط بعد عودته من رحلة الاستكشاف الأميركي سيكون أقوى لأن لديه معطيات جديدة. وهنا أسأل: أين كان كل هؤلاء عندما سحبت تأشيرة دخول وليد جنبلاط الى الولايات المتحدة احتجاجاً على مواقفه من الاحتلال الأميركي للعراق... وأذكر اننا طالبنا خلال اجتماع الأحزاب اللبنانية بإدانة واضحة لسحب التأشيرة ورفضوا لأن الغزل الأميركي ــ السوري كان حينها قائماً ولم يرد أحد تعكيره.

ب ألم يكن ممكناً تأجيل هذه الزيارة "الاستكشافية" لمقتضيات مؤتمر الحوار الوطني؟

أولاً موعد الزيارة كان محدداً منذ فترة طويلة، والمؤتمر لم يكن انعقاده محسوماً، وحتى الثانية عشرة من اليوم الأول كان المشاركون لا يزالون يتشاورون حول المشاركة.

صحيح ان وليد جنبلاط لم يكن حاضراً لكن وجهة نظره كانت حاضرة، فالوزير غازي العريضي توفرت لديه المعطيات السياسية كاملة، واجتمع بجنبلاط واطلع على كل اجواء النقاشات في اليوم الأول، بالتالي كان يتمتع بالصلاحية الكاملة للدخول في أي تسوية سياسية.

ب ولكن غياب جنبلاط أزعج بعض المتحاورين وقيل الكثير عن خلاف حاد بين السيد حسن نصرالله والوزير العريضي؟

حصلت نقاشات كثيرة واحيانا حادة، ولكن السيد حسن نصرالله يحظى لدينا باحترام كبير رغم الخلاف السياسي القائم وعدم محافظة بعض قيادات حزب الله على اللياقات عند الحديث عن وليد جنبلاط ونحن لن نرد بالمثل. كما ان الوزير العريضي معروف بلياقته وادبياته العالية في التصرف.

صحيح ان الخلافات لم تكن ودية لكنها لم تتجاوز اطلاقا حدود الخلاف السياسي.

وقال: كل الحوار يجرى حول تسوية سياسية، مقابل مطلب قوى 14 آذار بتنحية رئيس الجمهورية هناك من يريد ان يعرف ما هي البدائل، وهناك من يريد ان يحصل على مقابل سياسي لقاء تنحية لحود.

ب ما هو هذا المقابل السياسي؟

هناك من يريد ان يطوره الى درجة عدم الحديث عن مسؤولية سورية في تثبيت لبنانية مزارع شبعا، وجعل سلاح حزب الله مسألة مفتوحة لا حدود زمنية او جغرافية لها، وهناك من يطالب ان يكون هذا الموضوع باتفاق كل اللبنانيين وفي جغرافية وزمن ومهمة محددة.

ب الا تعتقد ان مواقف جنبلاط احرجت شركاءه وشكلت ضغطا على النائب سعد الحريري؟.

اعتقد ان هناك نغمة هذه الفترة تقوم على العزف على وتر خلاف بين جنبلاط وحلفائه وتحديدا سعد الحريري، لكنني اطمئن الجميع ان العلاقة بينهما ثابتة ومستمرة وهو لم يحرج احدا لانه منذ البداية كان اتفاق على انه سيكون صريحا حتى النهاية.

ب هل وصلت علاقتكم مع حزب الله الى حائط مسدود؟

بالاساس لم نكن نرغب يوما ان تصل علاقتنا بحزب الله الى هذا المدى، ومن اكبر المظالم السورية التي ألحقت بنا ان ندفع الى هذا الموقف من حزب الله ومن سلاحه.

على كل حال انها مسؤولية حزب الله الذي اوصل العلاقة الى هذه الحال، ليس هناك خلاف على الصراع العربي الاسرائيلي ولا ان نكون جزءا من المسيرة الكبرى ليس الى مزارع شبعا بل الى القدس، والخلاف هو على موقفه من النظام السوري.

ب اليس من الممكن ان تؤدي صراحة جنبلاط المطلقة والتمسك بمواقفه الى تعثر الحوار؟

المتضرر الاكبر من الحوار هو النظام السوري، وصورة السيد نصرالله يصافح جنبلاط وجعجع والحريري هي صفعة للنظام السوري الذي بنى كل مجده في لبنان على التناقضات الداخلية واذ به يكتشف ان ثمة امكانية لردم الهوة بين اللبنانيين (...). والنظام السوري هو الذي يعمم ان جنبلاط افشل الحوار، ما يزيدنا رغبة في التوجه الى طاولة الحوار وانتاج توافق لبناني.

ب ماذا بالنسبة لمزارع شبعا؟

مزارع شبعا تخضع للقرار 242 وليس للقرار 425 ونريد استعادتها من سورية واسرائيل والمدخل الاساسي لذلك اثبات لبنانيتها امام مجلس الأمن.

ان خلفية النظام السوري في عدم اثبات لبنانيتها تكمن في ارادته بابقاء حبل السرة اللبناني مرتبطا بسورية، وثانيا لا يريد هذا النظام حماية حزب الله امام الشرعية الدولية، لانه لو اراد ذلك لكان ثبت لبنانية المزارع.

واعتقد ان هناك تفاهماً ضمنياً عميقاً جدا بين النظام السوري والاحتلال الاسرائيلي على ابقاء لبنان رهينة لهذه الصراعات. والا كيف يمكن تفسير انه في يوم انعقاد الحوار خرقت الطائرات الاسرائيلية جدار الصوت في بيروت؟

وكيف نفسر قتل الراعي في شبعا اثناء احتدام النقاش السياسي في لبنان؟

وكيف نفسر ان قسما كبيرا من مجموعات الضغط الاسرائيلي في الولايات المتحدة تدافع عن النظام السوري؟ وكيف نفسر ان شخصا من حزب "كاديما" الاسرائيلي كان اول من هاجم وشتم جنبلاط عندما اعلن رفض مشروع قانون تجنيد الدروز الاجباري في اسرائيل، يخرج في عز احتدام الصراع بين جنبلاط والنظام السوري على وسائل الاعلام ليقول انه مستعد لحماية وليد جنبلاط. كل ذلك يكشف حجم التواطؤ بين النظام السوري والمؤسسة الاسرائيلية.

ب هل تعوّل على نتائج مثمرة يمكن ان يخرج بها المتحاورون؟

امكانية الوصول الى نتائج ترتبط بقدرة القوى السياسية المتحاورة على التجرد اولا من اي حساب او رهان خارجي، وهذا ينطبق على كل القوى الموجودة في الحوار.

ويرتبط ثانيا باستعداد القوى السياسية للتواضع والتسوية والتنازل. بالنسبة إلينا هناك استعداد فعلي لتسوية سياسية من ضمن ثوابت 14 آذار في اطار بحث جدي للتوافق مع كل اللبنانيين.

ب ماذا عن طرح جنبلاط ان القرارات يجب ان تتخذ بالاكثرية وليس بالاجماع؟

أوضح وليد جنبلاط موقفه في الصحف اليوم (أمس)، ولكن لنفترض ان احدا أصر على موقفه ولم يؤد الحوار الى اقناعه، هل نعطل الدولة؟ ب يتوقع البعض ان ينعقد مؤتمر الحوار ليوم او اثنين ومن ثم تتابع جلساته بحضور قيادات من "الصف الثاني"، هل من شأن ذلك اضعاف الحوار؟

حضور القيادات الأساسية يعطي بالطبع اضافة نوعية ودفعا للحوار، ولكن المهم ان تكون وجهات النظر حاضرة.

واذا كانت الوفود المفوضة تملك المعطى السياسي والصلاحيات الكاملة فبالإمكان الوصول الى تسويات سياسية ويأتي اجتماع القيادات كتتويج للاتفاق.

ب يتم الحديث حاليا عن مبادرة عربية تجاه لبنان، ماذا لديكم من معطيات في هذا الاطار؟

هناك مواكبة عربية للحوار واستعداد عربي للدخول على خط الاتصالات اللبنانية اللبنانية اذا ما لزم الامر، واعتقد ان هذا الحوار سيتوج بوساطة عربية او تدخل ما.

ب ما هي التسويات المحتمل ان يخرج بها الحوار؟

ان ما تم طرحه من مقايضة سياسية بين اخذ كل ثوابت 14 آذار السياسية مقابل تنحية رئيس الجمهورية غير وارد لأن ثمن لحود بخس جدا للمقايضة عليه و"المنذور لا يستحق كل هذا النذر".

سلة التوافقات السياسية تبدأ بتنحية لحود واتفاق حول عنوان عام شراكة لبنان في الصراع العربي الاسرائيلي ولكن شرط الموافقة عليها لبنانيا وفق معيار الصراع العربي الاسرائيلي فقط، لا سورية ولا ايران ولا اميركا (...).

ب كيف تقيم جولة وليد جنبلاط في الولايات المتحدة واجواء لقاءاته مع المسؤولين الاميركيين؟

الزيارة مفيدة جدا وبمثابة رحلة استكشاف للقضايا التي سيكشف عنها جنبلاط تباعا بعد عودته، ووليد جنبلاط في واشنطن هو نفسه اينما ذهب ولا تغيير في ثوابته ومواقفه الاستراتيجية.

ب لماذا تدعم الولايات المتحدة وليد جنبلاط؟

اولا، واضح التغيير في الموقف الاميركي من النظام السوري، ونحن مبتدئون في الاتصالات السياسية مع الولايات المتحدة والنظام السوري يعطي دروسا في هذا الاطار.

نحن في موقع دفاعي، والسياسات الدولية يمكن ان تتغير في اي لحظة. واعتقد ان جنبلاط اصاب بلقائه كيسينجر مهندس الاتفاق السوري الاميركي وبامتداده الاسرائيلي للدخول الى لبنان واغتيال كمال جنبلاط.