فؤاد بطرس: نحن بلد وفاق وأي قانون  يجب أن يكون على مسافة واحدة من الجميع

 قانون الانتخابات الجديد في لبنان بين  مطرقة الطائفية وسندان المصالح

 بيروت - من صبحي الدبيسي: السياسة 5/7/2006

رغم كل الملاحظات والانتقادات التي تصوب بين الحين والاخر على قانون الانتخابات وما سمي بالقانون 2000 او قانون غازي كنعان التي جرت الانتخابات بموجبه على دورتين متتاليتين الاولى في العام 2000 والثانية في العام 2005 وما رافقهما من حملات تشكيك بصدقية التمثيل النيابي الصحيح.

رغم كل ذلك فان معظم القيادات السياسية وخاصة المشككة منها بقانون 2000 لم تبدِ حماسا مفرطا للجهد الذي بذلته الهيئة الوطنية الخاصة بوضع قانون عصري للانتخابات برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس بمعاونة مجموعة من القانونيين واصحاب الخبرة والراي في هذا المجال.

قانون الانتخاب الجديد الذي اعتمد الدوائر الوسطية مناصفة بين المسيحيين والمسلمين لم يرض طموح المسيحيين وما يتطلعون اليه من تمثيل وطني سليم وفي المقابل لم يكن منصفا تجاه القوى الاسلامية التي تعتبر ان من حقها تحديد الاسم وشكل التمثيل النيابي لدى الطوائف الاخرى التي تخضع لنفوذها السياسي في اساس العمل السياسي...

ويبقى السؤال هل ما جرى التوصل اليه هو بمثابة الحد الادنى من التوافق بين اللبنانيين, وهل يعتبر قانون الهيئة الوطنية برئاسة فؤاد بطرس هو اخر ما يكن ان يتوصل اليه اللبنانيون من قانون جامع ولا يفرق فيما بينهم, بعد ان نخرت سوسة الطائفية الجسم اللبناني وتحاول المذهبية الاجهاز على ما تبقى منه. وهل القانون الجديد هو ما كانت قد اشارت اليه حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في بيانها الوزاري كبند اولي في اصلاح النظام الانتخابي بهدف ترسيخ الديمقراطية البرلمانية التي كرسها الدستور والتي تقضي قيام احزاب سياسية وعصرية يتمحور حولها الراي العام, ويتم التمثيل الشعبي على اساسها وتستكمل الممارسة الديمقراطية من خلالها.

ولذا تعتبر الحكومة ان اصلاح نظام الانتخابات يتصل اتصالا وثيقا بما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني لجهة الغاء الطائفية السياسية وهي بالتالي بعد تقديمها قانون جديد للانتخابات الى المجلس النيابي سوف تستعجل تشكيل الهيئة الوطنية للبحث في كيفية الغاء الطائفية المشار اليها في وثيقة الوفاق الوطني والدستور..

فبين مواقف رؤساء الكتل السياسية وسندان الطائفية ومطرقة المذهبية ماذا سيكون مصير القانون الجديد الذي جرى توزيع مسودته الى كافة القوى السياسية الفاعلة قبل تحويله رسميا الى المجلس النيابي للبدء بمناقشة بنوده واقراره او اجراء التعديلات عليها.

بعض رؤساء هذه الكتل وفي مقدمهم رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي اعتبر في تعليق اولي على القانون الجديد ان اجراء الانتخابات على اساس القضاء يبقى الحل الامثل, فيما تريث البطريرك صفير بابداء رايه على القانون, لكنه لم يخفِ وجهة نظره القائلة باعتماد القضاء كحل لهذه المشكلة المتشعبة, كما ان هناك قوىً اخرى تنطلق من نفس الاتجاه الذي سلكه كل من النائب جنبلاط والبطريرك صفير باستثناء رئيس المجلس النيابي نبيه بري والامين ل¯"حزب الله" السيد حسن نصر الله اللذان ما زالا يعتبران ان الانتخابات على اساس المحافظة تبقى الحل فيما رئيس كتلة "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري لم يرشح عنه اي موقف رسمي حتى الان, على الرغم من ان القانون الجديد لا يتعارض ومصالحه الانتخابية خاصة بعد اعتماد الدائرة الوسطية كقاعدة اساسية تجري الانتخابات بموجبها.

»السياسة« حملت هذه الاسئلة الى رئيس الهيئة الوطنية الخاصة باعداد قانون الانتخاب الوزير السابق فؤاد بطرس للوقوف على رايه في ردود الفعل على الجهد الذي قام به والهيئة المولجة وضع هذا القانون الذي لم يشأ التكلم بداية, لكنه نتيجة اصرار السياسة معرفة وجهة نظره لخص لنا الامر على الشكل التالي:

* هل تتوقعون تبني المجلس النيابي اقتراح قانون الانتخابات كما ورد من قبلكم ام سيصار الى تعديلات عليه?

لا ادري ولا اريد التكهن في الانتخابات المواقف من الاقتراح ما زالت اولية ولا استطيع ان احكم كيف ستكون النتيجة وهناك امر اساسي في العالم كله ان لا حقيقة مطلقة ثابتة في اي بلد من بلدان العالم تتغير قوانين الانتخابات ويسعون الى البحث عن قانون جديد تبعا للظروف ولذهنية الناس والاعتبارات السياسية العامة ولمصالح السياسيين. وقانون الانتخابات ينظر اليه السياسيون من زاوية ماذا سيحصدون منه والى اي درجة يؤيد وجهة نظرهم ويدعم موقعهم في الانتخابات وهذا حقهم.

* البعض يعتبر ان القضاء هو الحل الانسب لقانون الانتخابات, فلماذا لم يتم اعتماده من قبلكم?

لكل فريق وجهة نظره: الاول يريد القضاء والثاني الدائرة الفردية, ولبنان هو بلد وفاق وطوائف والقرار لكي يصبح نافذا يجب ان يكون على مسافة واحدة من كل طرف..

* ما رايكم في الكلام الذي يقول بان هذا القانون لا يؤمن صحة التمثيل?

الذين يقولون هذا الكلام لا يريدون هذا القانون, لانهم يريدون قانونا اخر في ذهنهم وكل مشروع لا يتفق ووجهة نظرهم يعتبرونه غير تمثيلي.

* لقد ناقشتم اقتراح قانون الانتخاب مع البطريرك صفير والرئيس بري والنائب سعد الحريري وغيرهم من القيادات, فماذا كانت نتيجة اللقاءات?

اللقاءات كانت مناسبة تبادلنا خلالها بعض الاراء وان شاء الله ان يكون هذا المشروع موضوع بحث جدي ومجرد من قبل جميع الاطراف ومن الراي العام ومن الاوساط السياسية وان ياخذوا منه المبادئ الاساسية التي تسهل انتخابات نزيهة وترفع المستوى من جهة ثانية وتساعد في ان واحد على تامين العيش المشترك وحقوق الطوائف ريثما نتوصل الى الغاء الطائفية السياسية.

* كيف تقومون ردود الفعل على المشروع?

افضل عدم الاجابة على هذا السؤال في الوقت الحاضر واكتفي بالقول بان التعليقات الاولية بما تحمله من ايجابيات وسلبيات بصورة اجمالية جاءت بشكل مهذبة وبصورة معتدلة. ما يدل على ان الموضوع قابل للبحث بصورة جدية بعيدا عن الانفعال..

* وماذا كانت وجهة نظر الرئيس بري بالتحديد لا سيما وانه من المطالبين بقانون للانتخابات على اساس المحافظة?

استطيع القول ان دولته ينظر الى المشروع بشكل ايجابي ولكن طبعا لا يريد ان ياخذ موقفا نهائيا منه على اساس ان الموضوع يتعلق بالمجلس النيابي وان هناك نقاطا في المشروع تتفق مع تصوراته.

* هل تعتقدون ان مجلس الوزراء سيبحث في القانون قريبا?

لم نبحث في هذا المشروع مع مجلس الوزراء لاننا نشعر في الظرف الحالي ان مجلس الوزراء مرهق بالعمل ويواجه مشاكل عدة وهو الذي يحدد الاولويات بالنسبة الى المشاكل والمواضيع المطروحة.

* هل حصلت تدخلات حاولت التاثير على عملكم في تنظيم هذا القانون?

هناك تدخلات متعددة الطرف من الداخل والخارج واتمنى ان اكون مخطئا ولا اظن ان ثمة نية صادقة ثانية في اننا نريد بلدا ودولة بمفهوم واحد.

* هل انتم مرتاحون لما قمتم به وهل تعتبرونه افضل الحلول?

لم اعتد القيام باي عمل وانا غير مرتاح وتاريخي يشهد بذلك, وانا لا اتلقى تعليمات ولا ارضخ لضغوط من احد عندما يتعلق الامر بمصلحة عامة ولا احد منزه عن الخطا, ولكن انا وفريق العمل نظرنا من جميع النواحي وقاربنا هذا الموضوع واعتقد ان ما توصلنا اليه في النهاية وبعبارة مختصرة في الظروف الحاضرة هو احسن من غيره..