رؤية واحدة مشتركة داخل السلطة المنقسمة على نفسها

كنعان: فسخ الشراكة الوطنية سبب للوصاية الخارجية

لنبذ منطق الأحادية والفرض بين شركاء الوطن

لبنان في مأزق ومكشوفٌ أمام الرياح الخارجية

تكتل التغيير والاصلاح - أمانة السرّ 27 كانون الاول  2005 

رأى النائب إبراهيم كنعان، عضو تكتل التغيير والإصلاح، أن هنالك حالة انقسامية داخل السلطة، المتحالفة انتخابياً، خصوصاً لجهة عدد من الملفات المتصلة بالقرارات الدولية الخاصة بلبنان من القرار 1559 وانتهاءً بالقرار 1644. واصفاً هذه الحالة بالمأزق المتزامن مع الصراع الدائر في المنطقة وعلى الساحة اللبنانية ما بين سوريا والمجتمع الدولي وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية – فأصبح لبنان مكشوفاً بدون أن يكون محصّناً داخلياً لديه الحصانة الداخلية اللازمة. محمّلاً المسؤولية إلى السلطة بمختلف مؤسساتها وتكويناتها، ومشدداً على ضرورة التحاور الوطني ونبذ منطق الأحادية في اتخاذ القرار والتكلم باسم مكوّن من مكونات الوطن وفرض الرأي والخيار على بقية الشركاء في الوطن الواحد. ومحذّراً من أن فسخ الشراكة هو الذي أدى سابقاً إلى حكم لبنان من سوريا، واستمرار هذا الفسخ سيسمح بعودة الوصاية الخارجية من أي جهة أتت وثمّن المبادرة الحوارية التي يقودها رئيس مجلس النواب.

كلام كنعان جاء في إطار لقاء تلفزيوني مع المؤسسة اللبنانية للإرسال صباح هذا اليوم، حيث قال:" إذا كنا اليوم نحمّل مسؤولية الوصول إلى هذا المأزق، أمنياً وسياسياً واقتصادياً، إلى الائتلاف الذي يشكل السلطة التنفيذية والغالبية داخل المجلس النيابي، فهذا لا يعني أننا نستبعد الدور السوري الذي لا يزال مؤثراً داخلياً بعد عقود من الاحتلال والوصاية والذي لا يمكن أن ينتهي في خلال خمسة أشهر. فهناك مئة سبب وسبب لاتهام سوريا خصوصاً أنها خرجت عنوة من لبنان ولم تكن راضية على هذا الانقلاب الكبير الذي حصل إن على الساحة الدولية أو على الساحة المحلية. لكن نحن ماذا نفعل لنحصّن الاستقلال؟ إلى أين يؤخذ اللبنانيون؟ هل على طريق آمنة أم بالعكس تماماً؟"

داعياً إلى التفاهم وتحصين الاستقلال بين مختلف الإطراف خصوصاً بين الذين شكلوا نواة الاستقلال الجديد في لبنان. وبالتالي عدم التسابق على من سيكون في موقع السلطة، بل تأمين حدّ أدنى من الاستقرار والأمن ومقومات الصمود والاستمرار للبنانيين. مذكراً بأن تكتل التغيير والإصلاح هو أوّل من حذّر من العامل السوري الذي يشكل خطراً على الأمن مع وجود عدد كبير من المعابر غير الشرعية على الحدود المشتركة، إضافة إلى عوامل أخرى وجود الجزر الأمنية والسلاح الفلسطيني.

تابع كنعان:" كل هذا طرحناه منذ أكثر من شهرين بعد محاولة اغتيال الإعلامية مي شدياق، ورأينا أن مسلسل الاغتيالات هو مستمر. وبالتالي كان سؤالنا المشروع والموجّه إلى الحكومة:" أين هي إستراتيجيتك السياسية والأمنية؟"

أضاف:" مع الإقرار بأن لبنان يتعرض إلى حرب لها عدة وجوه وأسباب، إلا أننا، كمعارضة، نحمل المسؤولية إلى السلطة التنفيذية التي تشارك رئيس الجمهورية الحالي في إدارة البلاد، والمؤلفة من تحالف ساحتي 14و8 آذار، والتي أعلنت تحالفها السياسي عبر بيانها الوزاري. لذلك عليهم الاتفاق وعدم الوقوع في التناقضات، وإلا فليعترفوا بالفشل الذي أدّى إليه التحالف الانتخابي والسلطوي فيما بعد دون أفق سياسي. فهناك إدارة أمنية عاجزة حتى الآن عن كشف خيط واحد من الجرائم الخمسة عشر. كذلك هنالك حد أدنى من المسؤولية السياسية على الحكومة، فلبنان لا يحكم فقط بإدارة أمنية أو اقتصادية إنما يحكم بتفاهم سياسي وبرؤية سياسية معينة. الإدارة السياسية هي التي تعطي الغطاء للأمن كما لبقية الإدارات المالية والاقتصادية..."

وشدّد كنعان على ضرورة حكم لبنان بالمشاركة، متسائلاً كيف حكم السوري لبنان؟ عندما كسروا الشراكة وعندما كان الفريق المسيحي الحقيقي خارج الحكم وخارج إطار المؤسسات. وبالتالي لا يمكن الآن استبعاد أي فريق من تكوين المؤسسات الدستورية ومنها تشكيل حكومة مجتزأة باستبعاد الطرفين الشيعيين الأساسيين أمل وحزب الله أو أي طرف آخر، وإلا سيكون لبنان أمام مشكلة حقيقية.

ودعا إلى قيام حوار وطني جديد للوصول إلى حد أدنى من التفاهم وإلى رؤية مشتركة ووضع قاموس سياسي جديد يفسر مصطلحات السيادة والديمقراطية التوافقية وكيفية تطبيقها. مشيراً إلى وجود عدد من الملفات المطروحة بإلحاح اليوم ويجب أن يكون هناك حد أدنى من التفاهم عليها، ومنها التعاطي مع القرار 1559 من خلال توافق لبناني داخلي على الهدف الأساسي بهدف حماية لبنان؛ "فاليوم عندما نقول الهدف هو حماية لبنان وليس السلاح. إذن تفضّلوا إلى الحوار، وهناك قبول بالمبدأ."

وحول مسألة رئاسة الجمهورية، قال:" رئاسة الجمهورية ليست جزيرة معزولة بل هي جزء من هذا النظام السياسي الذي يحاولون استكماله بالفشل الذي بدأوا فيه. حيث جرى تشكيل حكومة الأكثرية من دون تفاهم سياسي حتى فيما بين التحالف الرباعي، واليوم يحاولون الإتيان برئيس جديد للجمهورية من دون أي رؤية وطنية مشتركة".

ولذلك فإن طرح مبدأ التفاهم في السياسة قبل تغيير آخر معقل في هذا النظام، هو ليس دفاعاً عن من شكّل مع غيره النظام السابق، الذي قاومناه، إنما بالتأكيد هو دفاع عن آخر فرصة لتحقيق الإصلاح الحقيقي، بمعنى إصلاح الاعوجاج القائم منذ تسعة أشهر ولغاية اليوم، وإلا فلنكمل بالفشل."

وحول موضوع المقاومة، قال: "لقد طالبنا النظام السوري باعتراف موثّق وليس لفظياً فقط، وذلك لكي نستطيع توثيق هذا الحقّ وترسيم آليته بالتفاهم مع الأمم المتحدة. فنحن مع تحرير الأرض، إنما قبل التحرير علينا ألاّ نضع لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي. وكذلك الأمر داخلياً كي لا تكون المقاومة خارج الإطار الدستوري في هذا الوضع الذي يشهد تفكّكاً واختلافات وتناقضات داخلية كبيرة.

ومن هنا فإن مبادرة الرئيس نبيه بري كانت مطلوبة منذ زمن وهي ضرورية للخروج من الدائرة المفرغة التي يتخبّط فيها المجتمع السياسي ولكي تُعيد تأسيس الوضع اللبناني على خلفية تحديات المرحلة الماضية.

والمطلوب الآن عدم التمسك بهاجس من كان مع سوريا، بل التطلع إلى من هو مع لبنان، وما هي المصلحة الوطنية، وكيف نحافظ على الحالة اللبنانية والاستقلال؟ وقبل ولوج هذا المدخل لا يجوز التشكيك بوطنية أحد."

وشرح كنعان آلية الحوار الجاري حالياً بين تكتل التغيير والإصلاح وبقية التكتلات السياسية الأخرى فقال: "بالنسبة لحزب الله هناك ايجابيات في عدد من الملفات كما أن هناك بعض الاختلافات وهي بحاجة إلى حوار في العمق مع أكثر من طرف.

أما بالنسبة لتيار المستقبل، فهناك عدد من المفاهيم الوطنية التي نلتقي حولها، ولكن ما نقول لهم أنّ هذا الأسلوب في الممارسة والمنحى التي تأخذه الأمور الذاهبة إليه هذه الأغلبية النيابية لا يخدم البرنامج الذي نتكلّم عنه.

فمن دون حد أدنى من المشاركة الفعلية في القرار ستظلّ هناك تبعية في لبنان. والمكان الطبيعي للقرار هو لبنان، وليس في الرابيه أو في قريطم أو في أي مكان آخر.

ورداً على سؤال حول حكومة الأقطاب وموقف العماد عون من تمثيل القوات اللبنانية الذي اعتبره البعض إلغائياً، قال: "على العكس، إذا كان واقع المجلس النيابي يتضمّن ثلاث كتل رئيسية ضمن كتلة الأغلبية من ضمنها كتلة القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي بالإضافة إلى كتلة تحالف حزب الله وحركة أمل المنفصلة عن الكتلة الأولى، فنحن كمعارضة نيابية من موقعنا نقول أن تلك الكتل هي التي تحدّد من يمثّلها وكيف وبأي شكل. وفي كل الأحوال نحن على تشاور مستمرّ مع تيار القوات اللبنانية، وإن كان هناك تبايناً في بعض الملفات لناحية الأسلوب، فهذا لن يؤثّر على علاقتنا الوطيدة وإصرارنا على المشاركة بخلاف المنطق الأحادي الذي اعتُمِد في السابق والذي نرفضه اليوم، ليس لنا فقط إنما لكل الأطراف أيضاً. ونحن والقوات اللبنانية على تفاهم وشراكة حول الأهداف الوطنية لا سيما في مسألتي السيادة والاستقلال.