النائب اللبناني السابق أكد أن حل الأزمة ليس على الطاولة المستديرة

لارتباطه بقضايا اقليمية شائكة

محمد عبدالحميد بيضون لـ "السياسة": حركة " أمل" لاجئة سياسية عند "حزب الله"

بيروت - من سعد صالح:11/5/2006

فيما يعيش اللبنانيون اوقاتا من الترقب في انتظار ما ستؤول اليه الامور لا سيما عقب الجلسة المقبلة من الحوار الوطني يبقى ملفا رئاسة الجمهورية وسلاح »حزب الله« من احرج الملفات العالقة واكثرها تاثيرا على مستقبل البلد. وللاطلالة على هذه القضايا وغيرها كان ل¯»السياسة« لقاء مع القيادي السابق في حركة »أمل« الموالية لسورية, النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون الذي اعتبر ان الحلول للازمة اللبنانية ليست على طاولة الحوار وانما تلامس قضايا اقليمية شائكة. وراى بيضون ان الحوار قد نجح في ضرب الاكثرية النيابية حين نقلها من المؤسسات الدستورية الى متاريس طائفية.

اما في ما يتعلق ب¯»حزب الله« فقد اشار بيضون الى ان الاخير يعتبر جزءا من محور يبدا بطهران وينتهي ب¯"حماس" مضيفا ان الخطا الكبير الذي ارتكبه »حزب الله« كان في جعله المقاومة شانا سياسيا داخل »الطائفة« الشيعية بعد ان كانت تتمتع بتاييد عربي واسلامي واسع.

وبشان العلاقات اللبنانية-السورية اعتبر بيضون ان سورية تريد اعتبار لبنان ساحة مواجهة بينما الظروف تتطلب منها احترام سيادته واستقلاله.

وفيما يلي نص الحوار:

* فيما يشهد الحوار اللبناني ملفان عالقان هما رئاسة الجمهورية وسلاح حزب الله, في ملف الرئاسة ما ومن الذي يعرقل التوصل الى حل?

- ان مجرد انعقاد الحوار بغياب رئيس الجمهورية هو الغاء لمركز رئاسة الجمهورية , اذا هناك اعتراف من الطرفين اي قوى الرابع عشر من اذار من جهة وحزب الله وحلفائه بانه يجب البحث عن حل للمشكلة ولكن قرار استقالة رئيس الجمهورية ليس قرارا لبنانيا بل قرار اقليمي. وكذلك رئيس الجمهورية يعترف بانه موجود انطلاقا من موقع اقليمي اكثر مما هو تعبير عن ارادة لبنانية داخلية.

* طالما وان القرار اقليمي, ما رايكم بمقولة العماد عون "انا او لا احد" وكذلك مسالة مقايضة رحيل او استقالة الرئيس لحود بمجيء العماد عون?

- العماد عون متفائل بطبعه, ولكن العماد عون لا يطمئن مجموعة 14 اذار الى انه قادر على حفظ الموقع السيادي للبنان وكذلك لا يطمئن »حزب الله« بشكل كاف الى انه قادر على الحفاظ على الموقع الاقليمي للبنان وهذا يعني ان العماد عون واقع بين مطرقة الموقع الاقليمي وسندان التيار السيادي الداخلي ولذلك لم يتفق الطرفان عليه.

* حين يوقع »حزب الله« على ورقة تفاهم مع من يفاخر بانه عراب ال¯ »1559« الذي ينص في احد بنوده على سحب السلاح. الا ترى في ذلك تناقضا في سياسات الحزب وتفاهماته?

- هناك مواجهة اقليمية في المنطقة, قطباها ايران ومعها سورية وحزب الله وحماس من جهة والولايات المتحدة وحلفاءها من جهة اخرى. وحزب الله يقوم بدور ستراتيجي في هذه المواجهة, وبالتالي فان انتقال العماد عون من موقعه السابق الى موقع المتفاهم مع حزب الله فيه فائدة للمحور الايراني-السوري. حتى وان لم ينتقل العماد عون من موقع الى اخر فعلى الاقل قد تم تحييده وهذا مكسب للحزب ايضا .

* كذلك تلاحظون الربط الذي يقوم به حزب الله بين سلاحه وشخص الرئيس لحود. هل يخدم ذلك حزب الله ?

- بالفعل هناك خطأ مزدوج من حزب الله, ربط المقاومة بالشخص وكذلك ربطها ب»الطائف«ة, فحزب الله ارتكب اخيرا خطا كبيرا حين نقل المقاومة من كونها تعبير عربي اسلامي واسع جدا لتصبح جزءا من السياسة الداخلية للطائفة الشيعية وعلى حزب الله ان يترك السياسة الداخلية اللبنانية. فتطييف المقاومة ربما كان من تداعيات الانسحاب السوري السريع من لبنان والذي افقد المقاومة دعما اساسيا. وكان من الممكن تدارك هذا الامر عبر تشكيل تحالف وطني على غرار جبهة الخلاص الوطني التي اسقطت اتفاق 17 ايار ولكن للاسف كان هناك نوعا من التسرع ورد فعل غريزي جعل المقاومة جزءا من طائفة وليست تعبيرا عربيا شاملا. اما ربط المقاومة بشخص فان ذلك لا يخدم عمل المقاومة لان كل شخص محسوب على تيار سياسي ويفقد المقاومة التيارات الاخرى.

* حزب الله يربط المقاومة بمزارع شبعا وفي المقابل سورية ترفض تقديم الوثائق الرسمية التي تثبت لبنانية المزارع. الا ترى ان ذلك يجعل حزب الله اداة لتنفيذ اجندة غير لبنانية?

- يجب التمييز بين امرين, الاول ان حزب الله على الارض كمقاومة فان اولوياته او جدول اعماله لبناني, علما ان قضية الرد على اي اعتداء اسرائيلي ينبغي ان تتم ضمن وفاق سياسي وليس انفراد سياسي. اما حزب الله على الصعيد السياسي فهو جزء من محور اقليمي يبدا بطهران وينتهي بحماس. والحديث الحقيقي عن سلاح المقاومة ينبغي ان يبدا بوضع هذا السلاح هل هو في خدمة مشروع الدولة ومرجعيتها ام هو خارج مشروع الدولة , وكل اقطاب المقاومة يقولون انهم في خدمة مشروع الدولة فلنضعهم على محك الاختبار على الاقل.

* طالما تقولون ان الحوار لا يمكنه حل الملفات العالقة فما هو الهدف الرئيسي الذي اراد الرئيس بري تحقيقه من هذا الحوار?

- الحوار قام على مبدا نقل سلطة القرار السياسي من المؤسسات الدستورية الى الطوائف وممثليها, وهذا الامر انجز نقطتان اساسيتان اولا ضرب الاكثرية النيابية لان هذه الاكثرية موجودة في المؤسسات الدستورية وليست خارجها وثانيا ضرب رئاسة الجمهورية عبر تغييبه اياها, وبالتالي هذا الحوار ياخذنا الى مبدا فيدرالية الطوائف وليس الى النظام البرلماني الديمقراطي الذي نص عليه »الطائف«, وفي المحصلة استخدم لتقطيع بعض الوقت.

* كنتم يوما من العناصر القيادية في حركة »أمل«, ما رايكم بحركة »أمل« اليوم قيادة, مواقف وتحالفات?

- ان حركة »أمل« تعيش اليوم في ظل حزب الله حتى لجهة المواقف والتحالفات ولذلك اقول انه في ظل غياب الرؤية داخل الحركة فانها في مرحلة لجوء سياسي الى حزب الله الذي يملك رؤية واضحة على الاقل للواقع الاقليمي بعكس حركة »أمل«.ٍ

* سورية اليوم في دائرة الاتهام في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري, وكذلك هناك جبهة سورية تجتمع في الخارج هل تعتقد انها بداية النهاية للنظام السوري?

- على العكس من ذلك, والمبدا يجب ان يقوم على اساس ان يحترم كل طرف استقلال الطرف الاخر بين سورية ولبنان وذلك لكي تتجنب سورية اهم عناصر الضغط الدولي وهو ما تنص عليه معاهدة التعاون والتنسيق بين البلدين والاهم ترجمة هذا الامر على الارض ولكن اعتقد انه لا يوجد في لبنان جهد حقيقي لفهم مخاوف سورية من هذه المرحلة, وايضا في سورية اليوم ليس هناك محاولة جدية لتطبيع العلاقات ربما هناك محاولة لاعتبار لبنان ساحة مواجهة وذلك لن يؤدي الى نتيجة. فلبنان ليس ساحة مواجهة بين سورية والولايات المتحدة او بين سورية واسرائيل انما لبنان يتعاضد مع سورية وهذا يتطلب منها بناء علاقات من نوع جديد مع لبنان اكاد اجزم انها لا تبنى بالاوراق القديمة من مفاهيم وبعض القيادات.

* سمعنا في الاونة الاخيرة كلاما عن صفقة, فماذا تستطيع ان تقدم سورية للاميركيين ان وجدت هذه الصفقة?

- ان رصيد سورية الاساسي يكمن في كونها جزء من استقرار المنطقة, وبالنسبة للاميركيين فان تقديم الديمقراطية على الاستقرار اظهر انه سياسة غير مجدية, ولذا هناك عودة اليوم لتقديم الاستقرار على الديمقراطية, وسورية قد تستفيد من هذا الامر ولكن اكاد اجزم انه لن يكون هناك اي اتفاق سوري-اميركي في هذه المرحلة لان ذلك يفرض على سورية اكثر من عنصر قوة غير متوافر حاليا كما ان الولايات المتحدة لا تنظر اليوم الى سورية كطرف يستطيع ان يقدم اي خدمة لها.

* هناك حديث اليوم عن برنامج نووي ايراني وكذلك عن عقوبات ولكن ما هي ابرز المخاطر لهذا البرنامج على دول المنطقة?

- المخاوف الحقيقية تتمثل في اسرائيل كونها القوة النووية الوحيدة في المنطقة, وظهور ايران كقوة نووية يؤدي الى اختلال ميزان القوى الذي فرضته اسرائيل على المنطقة. اما المشكلة المحلية وهي امن الخليج ومَن يشارك في هذا الامن? وهل العرب مشاركين فيه? الواقع ان هذا الامن تقرره اليوم الولايات المتحدة وفي المقابل فان ايران تطمح الى حوار مع واشنطن لكي تكون لاعبا ومشاركا في امن المنطقة وهو ما لا تريده الولايات المتحدة.

* حين ياتي الوقت وتذهب واشنطن لبحث ملف امن الخليج مع طهران ما هي الاوراق التي سوف تستخدمها الاخيرة لتحقيق اكبر قدر من المكاسب?

- قلنا بان الولايات المتحدة لا تريد التفاوض الان مع طهران ولكن مع الوقت سيجلي الطرفان الى طاولة المفاوضات لبحث ملف امن الخليج في اطار اوسع وستحاول واشنطن ايجاد مظلة شبيهة بحلف الناتو مختصة بامن الخليج ستشارك فيها الدول العربية الخليجية وايران, وفي ما بعد يصبح الملف النووي هامشي ولا قيمة له. وطبعا فان ايران ستستخدم في هذه المرحلة كل اوراقها في العراق ولبنان وغيرهما, والنظام الايراني ليس مغامرا او بالاحرى ليس له قدرة على المغامرة في هذه الامور.