الرئيس السنيورة: العودة إلى اتفاقية الهدنة يبقينا جزءا من العالم العربي 

 تغيير الحكومة يتم عندما تكون ظروف البلد مؤاتية 

السراي - 2006 / 9 / 21

 أكد رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، في حديث لقناة "العربية" مساء اليوم "أننا أمام مرحلة جديدة"، مشيرا إلى "أننا نأخذ الخطوات من أجل إعادة الاعتبار لاتفاق الطائف الذي توافق فيه اللبنانيون"، لافتا إلى "أن إعادة النظر في هذا الاتفاق ستفتح الباب على مصراعيه للمطالبات من شتى الأنواع التي هي ليست في صالح الصيغة اللبنانية".

 

وقال: "إن الحرب الأخيرة قطعت بنا شوطا باتجاه بناء الدولة، واستطعنا إرسال الجيش إلى الجنوب بعد مضي أكثر من 35 سنة ولم نستطع اتخاذ القرار"، مشيرا إلى "أننا نجحنا في أن نمنع إسرائيل من الانتصار في هذه الحرب، وهذا ليس قليلا، وهو نتيجة جهود أولئك الشباب الذين ضحوا بحياتهم واستشهدوا وقدموا أمثولات وملاحم بالبطولة"، موضحا "أننا نقول في النقاط السبع بأننا نريد أن نعود إلى اتفاقية الهدنة التي فيها آليات".

 

وشدد على أن حكومته "هي للجميع وليست لطرف معين"، مؤكدا على "احترام حق الجميع بالتعبير عن رأيهم ولكن بشكل ديموقراطي"، واعتبر ان "هناك إدراك لدى الغالبية الساحقة من اللبنانيين بضرورة إخراج لبنان من أن يكون ساحة لصراعات الآخرين"، نافيا أن تكون وجهت إليه أي دعوة رسمية للمشاركة في المهرجان الذي سيقيمه "حزب الله" يوم الجمعة المقبل، وقال: "أعتقد أنه خلال الفترة الماضية وجهت عبارات أرجو إعادة النظر فيها".

 

سئل: الحرب الأخيرة كانت كارثية بالنسبة إلى لبنان خصوصا على مستوى الدمار الذي لحق به، لكن إلى أي مدى يمكن القول أن هذه الحرب ستشكل انطلاقة جديدة لمشروع بناء الدولة في لبنان، أم أنك تعتقد أن مشروع بناء الدولة تعثر أكثر فأكثر بفعل هذه الحرب وأن النسيج اللبناني بات مهددا أكثر؟ أجاب: "على العكس، أنا أعتبر أن هذه الحرب قطعت بنا شوطا باتجاه بناء الدولة وأحد أهم معالم هذا الإنجاز هو أننا استطعنا أن نرسل الجيش إلى الجنوب في الوقت الذي مضى علينا أكثر من 35 سنة ونحن نراوح مكاننا ولم نستطع ن نتخذ هذا القرار. هذا القرار هو في أهمية أي قرار له علاقة بسيادة الدولة، وبالتالي إنها خطوة أساسية. كما أني أعتقد أن هذه الحرب أثبتت من جديد وبنتيجة استخلاصاتها أن ليس هناك من بديل عن الدولة. الكل، وإن كان لا يعترف بها مباشرة أو صراحة، فهو يدرك أنه ليس هناك من بديل عن الدولة، وأن تكون دولة قادرة وعادلة وأن تكون هي القادرة على أن تبسط سلطتها على كل الأراضي اللبنانية. أعتقد جوابا على ذلك أنه في محصلة الأمر وبعد كل هذا الدمار اللاحق بنا وبعد كل هذه المعاناة التي عاناها اللبنانيون على مدى سنوات طويلة، منذ أكثر من 30 عاما في مناطق الجنوب، استطعنا أن نتخذ خطوة في منتهى الأهمية بإرسال الجيش إلى الجنوب وتكوين هذه القناعة المتزايدة لدى اللبنانيين بأهمية الدولة".

 

سئل: على مدى عقود ماضية فشل اللبنانيون في بناء دولة قادرة وفاعلة، البعض يعيد التعثر في مسيرة بناء الدولة إلى اختلاف بنيوي في الصيغة اللبنانية والتوازنات الداخلية قبل أن يكون شيئا آخر ومسائل خلافية سواء "حزب الله" أو غيره، بمعنى أن هناك بعض الفئات في لبنان التي ترى أن حصصها أقل بكثير من حجمها ووزنها الديموغرافي والسياسي، فما رأيك؟ أجاب: "الحقيقة أنه على مدى السنوات الماضية منذ العام 1989، حالت صراحة ظروف عديدة دون تطبيق هذا الاتفاق، منها استمرار الاحتلال الإسرائيلي الذي خرج من لبنان وبقي في منطقة مزارع شبعا سنة 2000، ومنها أيضا الوجود السوري في لبنان الذي كانت له أيضا إسهامات في عدم التوصل إلى تطبيق حقيقي وعادل لاتفاق الطائف. أعتقد أننا الآن أمام مرحلة جديدة ونحن نأخذ الخطوات من أجل إعادة الاعتبار لاتفاق الطائف الذي توافق فيه اللبنانيون. وحتى الكلام الذي يصدر الآن عن البعض بأنه يجب إعادة النظر باتفاق الطائف نرد عليه بأنه لا أحد يعيد النظر باتفاق لم يجر تنفيذه بالكامل حتى نتبين أين هي المواطن التي ينبغي أن يصار إلى تعديلها، وإذا أردنا إعادة النظر باتفاق الطائف فإن هذا سيفتح الباب على مصراعيه للمطالبات من شتى الأنواع التي هي ليست في صالح الصيغة اللبنانية. أعتقد أن ما لدينا الآن هو العمل على تطبيق اتفاق الطائف بكل أمانة وجدية بما يؤدي إلى إعادة الاعتبار إلى الكفاءة، ليس فقط أن يصار إلى التوزيع مناصفة. يقول اتفاق الطائف حقيقة بالتوزيع مناصفة ولا يجب أن نفسح المجال لكل طائفة بأن تبرز أفضل ما لديها، فصيغة لبنان بروحيتها مختلفة عن كل الصيغ الموجودة في العالم العربي، هذه الصيغة فيها التنوع، وأهم شرط لنجاح هذه الصيغة أن تفرز كل طائفة أفضل ما لديها حتى تستطيع أن تتنافس بشكل إيجابي بما يؤدي إلى خلق طاقة مختلفة وخلاقة داخل هذا المجتمع وهذا ما كان لدينا إلى حد ما خلال فترة زمنية. علينا أن نأخذ هذه الصيغة إلى الأمام، بحيث نحترم احتراما كليا ما ينص عليه هذا الاتفاق ونطبقه وفي الوقت نفسه نحاول أن نفرز أفضل ما لدينا".

 

سئل: ولكن في نفس الوقت هناك خلاف على الأولويات، البعض يرى أن الأولوية هي لنزع سلاح "حزب الله" والبعض الآخر، يرى أن الأولوية هي لحكومة وحدة وطنية فما هي أولوية الحكومة نفسها الآن؟ أجاب: "إذا أعدنا قراءة نص اتفاق الطائف نجد أن هناك كلاما عن حكومة وفاق وطني، وهذا أمر مختلف عن حكومة وحدة وطنية. وعلى أي حال "الاتحاد الوطني" يأتي نتيجة توافق على عدة أمور، والآن نحن ما زلنا نعاني من مشكلة أساسية وهي أننا ما زلنا في خضم المعركة والصراع بيننا وبين إسرائيل والاحتلال ما زال قائما. إنا لا أدافع عن الحكومة حين أقول أن هذه الحكومة أثبتت برأي القاسي والداني أنها نجحت في هذه المعركة السياسية والدبلوماسية، ووضعت الكثير من القضايا والمسائل على بساط البحث، وقطعنا شوطا من خلال "الحوار الوطني" في التوصل إلى تفاهم حول هذه المسائل التي لم نكن نتجرأ في وقت مضى على التهامس بشأنها".

 

سئل: لكن هناك فريق من اللبنانيين مثل العماد ميشال عون يحمل حكومة الرئيس السنيورة مسؤولية هذه الحرب؟ أجاب: "أنا أحترم هذا الرأي، لكني أعتقد أن الغالبية الساحقة من اللبنانيين ومن العالم لا يشاركون الرئيس عون هذا الرأي".

 

سئل: يقال أن التنافس المسيحي الإسلامي كان أساس الحراك السياسي في بناء هذا البلد، والبعض يرى الآن أن التنافس الشيعي السني بات هو أساس الحراك السياسي وهذا ما ظهر جليا في "ديو" السنيورة - بري في هذه الحرب، فما رأيك؟ أجاب: "أعتقد أن كلمة "الثنائي" هي غير دقيقة على الإطلاق، لأنه صحيح أني كنت كرئيس حكومة أنسق مع الرئيس بري بحكم كونه رئيس المجلس النيابي وكان موكلا إليه هذا الأمر من الأخوة في "حزب الله"، لكني كنت كرئيس حكومة أجمع مجلس الوزراء عمليا كل يوم أو يوم بعد آخر، ومجلس الوزراء هو صاحب السلطة في البلاد بحسب الدستور، فكان الوزراء على علم كامل ودقيق ويومي بما يجري، فلم يكن هناك ما يسمى ازدواجية في هذا الشأن ولم يكن هناك أي ثنائي سني شيعي".

 

سئل: كيف ترد على من يقولون أن هناك فراغا قياديا في الطائفة السنية في لبنان بعد مقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ أجاب: "أعتقد أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو رجل قل نظيره ولا يمكن أن يعوض، وبالتالي لسنا الآن في مكان لذكر محاسن الرئيس الحريري، ولكننا في خضم المعركة، وأعتقد أنه ليس هناك فترة زمنية إلا وتأتي برجالها، ليس فقط في الطائفة السنية بل في كل الطوائف، والظروف تعطي مجالا لمن لديه الاستعداد والطاقة والإمكانية وأيضا لمن كان يتحضر لأمر من هذا النوع، فيتولى المسؤولية. وأعتقد أنه ليس هناك فقر لا في الطائفة السنية ولا في أي فريق، الظروف والنتائج والمواطنين هم الذين يحكمون. أما في موضوع رئاسة الحكومة فلدى اللبنانيين والعالم وجهة نظر بما حصل وكيف يقيمون الإنجاز الذي حصل".

 

سئل: السنة تاريخيا كانوا من أشد الداعين إلى الوحدة العربية والملتصقين بسوريا فهل اختلف الأمر الآن وباتوا أكثر إيمانا بالكينونة اللبنانية؟ أجاب: "ربما مرت فترة لدى بعض المسلمين أو كثير منهم، كان هناك نوع من التضارب في أذهانهم بين كونهم لبنانيين وكونهم يؤمنون بهذا الكيان العربي الواسع. والحقيقة أن الظروف على مدى الزمن أفرزت تغيرات غيرت ما يسمى التصرفات. والأمر الأول هو ما تحقق في لبنان فيما يختص باتفاقية الطائف، وهذا يعتبر إنجازا على صعيد إعادة الاعتبار لكل الطوائف في لبنان وقدرتها على أن تكون لها ممارسة ودور في صون الوطن وتطويره، والأمر الثاني هو ما نشهده في العالم ولا سيما على صعيد الاتحاد الأوروبي. هذه التجربة الغنية التي نقولها بألم أن العرب اجتمعوا قبل أن يجتمع الأوروبيون وقرروا أن يبنوا ما يسمى باتفاقية "السوق العربية المشتركة"، وبعدهم بسنة اجتمعت فرنسا وألمانيا لتوقيع اتفاقية "الصلب والفحم" والتي تطورت إلى أن وصلت إلى اتحاد أوروبي وأصبح لديهم برلمانا مشتركا وسيكون لهم قريبا دستور. العرب ما زالوا يتحدثون عن اتفاقية "السوق العربية المشتركة" ولا يطبقون شيئا ويجدون كل يوم وسيلة من وسائل التهرب من تطبيقها بشكل أو بآخر. ولكن أهمية الاتحاد الأوروبي أنه أثبت أنه بإمكانك أن تكون فرنسيا وتكون أوروبيا في آن معا".

 

سئل: إذا أنت تؤكد أنه لا مشكلة الآن بين السنة وسوريا؟ أجاب: ليست مصلحة السنة فقط بل هي مصلحة لبنان أن يكون جزءا من هذا العالم العربي ولا يكون متفردا، وبالتالي في لبنان، إن كان السنة أو الشيعة أو غيرهم، لديهم مصلحة حقيقية أن يكونوا على وفاق مع محيطهم العربي وهذا الذي كان قد يبدو للبعض بأن هناك مجالا للاختلاف في وجهات النظر بين أن تكون عربيا ومؤمنا بالقضايا العربية وتتحمل أيضا قضايا العرب وأن تكون في الوقت نفسه لبنانيا وحريصا على استقلالك وسيادتك وأن يكون القرار لبنانيا. هناك متغيرات جرت في المنطقة وفي لبنان وفي العالم، كلها تفرض وجوب إعادة النظر في الأمور في ضوء هذه المتغيرات ونرى ما هي المحاسن الموجودة.

 

سئل: قلتم بأنكم ستزورون دمشق قريباً هل حددتم موعداً لهذه الزيارة؟ أجاب: نحن نرى بأن هناك مصلحة حقيقية بأن يكون لبنان على علاقة جيدة سوريا، وهذه المصلحة هي من الطرفين، ولبنان المستقبل ذات السيادة القادر على أن يخدم نفسه ويخدم سوريا أكثر بكثير من لبنان التابع، هذه حقائق تبينت لنا على مدى الفترة الماضية، نحن نقول بأنه يجب أن نجتمع ونعالج قضايانا ولكن ذلك ينبغي أن يتم استنادا إلى جدول أعمال طلبه الرئيس بشار الأسد وكان ذلك بناء على طلبه، وفور عودتي من الخرطوم آنذاك استدعيت الأستاذ نصري خوري، وتمنيت عليه أن يدرس مع الأخوة السوريين بحكم موقعه الأفكار التي وضعناها من أجل جدول أعمال للبحث، وما جرى أننا لم نصل إلى نتيجة ولم يعد السيد نصري خوري بجواب في هذا الشأن.

 

سئل: هل أفهم من كلامك بأن الزيارة في القريب العاجل إلى سوريا ؟ أجاب: بعد زيارة سمو أمير قطر إلى لبنان وحمله دعوة إلي زيارة سوريا، أعلنت بأني أقبل الدعوة وأنا حاضر لتلبيتها ولكن بشرط أن يكون هناك جدول أعمال ونقاط يجري التحضير لها حسب ما قال الرئيس الأسد، لأننا حريصون على القيام بكل خطوة لتكون نتيجتها التقدم وليس الجمود والتراجع، ولذلك استدعيت مرة ثانية الأستاذ نصري خوري أن يحمل كل النقاط التي بحثناها والتي في مقدمها العمل على تعزيز الثقة بين البلدين وهذه أحد أبرز النقاط الموجودة ي النقاط التي أرسلناها عبر الأستاذ خوري وكان ذلك تقريباً منذ أسبوعين ولم أسمع من الأستاذ نصري خوري شيئاً من ذلك الوقت0أعود وأقول بأننا حريصون على بناء نسج علاقات جيدة بين الطرفين.

 

سئل: هل تم تحديد موعد ؟ أجاب: لم يتم تحديد موعد لأن تحديد الموعد يكون في مصلحة جدول الأعمال الذي ما قد طلب.

 

سئل: ما الذي يمنع من إتمام جدول الأعمال، هل يتطلب الأمر سنة أو أكثر ؟ أجاب: أرجو أن تطرح السؤال على غيري، أنا وبناء على طلب الرئيس الأسد اقترحت ولم يأتيني جواب، وبعد ذلك كان هناك دعوة وقدمت الأمر ولم يأت جواب، وبالتالي أنا شديد الحرص على أن تكون هناك زيارة وان تكون هذه الزيارة تتويجاً للتقدم على صعيد العلاقات.

 

سئل: هل يثق الرئيس فؤاد السنيورة بالنظام القائم في سوريا ؟ أجاب: ليس لي أن أتدخل في نظام دولة شقيقة، ليس لي على الإطلاق، جل ما أريد أن أبني مع الشقيقة سوريا علاقة مبنية على الاحترام المتبادل، ومبنية على أننا نريد أن نتناول كل القضايا التي يمكن أن تخلق إشكالات بين البلدين، من الطبيعي أن يكون بين أي بلدين جارين مسائل يجب معالجتها، قضايا تتعلق بمسائل الحدود، مسائل الاحترام بين البلدين، مسائل الاعتراف بالبلدين.

 

سئل: هل هناك أي وساطات عربي تجري الآن لإصلاح ذات البين بين دمشق وبيروت؟ أجاب: دائماً العمل العربي مرحب به كلامي لم يتغير شعرة واحدة منذ 14 شهراً وهو نريد أن تكون هذه العلاقة مبنية على الاحترام المتبادل، وان تكون هناك علاقات دبلوماسية، ونعالج قضايا الحدود وقضايا الجماعات التي تتأثر في سوريا موضوع الفلسطينيين وغيرهم، ومسائل يجب مقاربتها بكثير من الموضوعية والسعي لإيجاد الحل.

 

سئل: ما مدى صحة المعلومات التي تتناقلها وسائل الإعلام من استمرار تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان ؟ أجاب: لدينا حدود طويلة مع سوريا وهناك عمليات تهريب تتم، من كل أنواع التهريب وهذا أمر طبيعي، والسعي الدائم لدى الحكومة اللبنانية هو من ضبط الحدود وكذلك اعتقد بأن الأخوة السوريين حريصون أيضا أن يضبطوا هذه الحدود، هناك من يهرب المازوت، والدخان، لا أقول بأنه لدينا إثبات بأنواع أخرى من التهريب حتى نكون دقيقين في هذا الأمر، وهذا نتيجة نظامين اقتصاديين مختلفين، وهذا يفسح المجال للضبط وبالتالي وحتى نقطع الشك باليقين يجب أن تضبط هذه الحدود وهذا ما نسعى إليه من خلال التعاون التقني الذي ممكن ان يتم وربما يلجأ الأخوة في سوريا إلى شيء في هذا القبيل وبالتالي تضبط الحدود وهذا ما يزيل من الأمور المعقدة أمرا أساسيا ويضعه جانبا، وتصبح الحدود مغلقة إلا من المعابر الرئيسية. أنا شديد الحرص على أن تكون المعابر بين لبنان وسوريا سهلة وبسيطة وتمكن هذين الاقتصادين من التعاون.

 

سئل: هل ترى بأن حزب الله انتصر في الحرب أم انك تشكك في مفهوم النصر؟ أجاب: سأكون في منتهى الدقة، زارني في المرة الماضية السيد عزمي بشارة ونحن نتداول بهذا الموضوع وتوقف عند كلمة قلتها وقال: "هذا هو الوصف الصحيح"، لقد قلت نجحنا في ان نمنع إسرائيل من الانتصار، هذا هو الوصف الدقيق للموضوع.

 

سئل: هل هذا يعني أن حزب الله لم ينتصر؟ أجاب: أتكلم بكل دقة نحن منعنا إسرائيل من الانتصار، وليس ذلك تقليداً وأرجو ان يكون ذلك واضحا حتى لا يساء فهم هذا الكلام، ليس قليلاً على الإطلاق بأننا منعنا إسرائيل من الانتصار، كان لدينا انطباع حددناه في العام 1973 ولكن هذا الانطباع عاد وتكرس على مدى السنوات الطويلة بأن الجيش الإسرائيلي هو جيش لا يقهر، نحن منعناه من الانتصار وهذا ليس قليلاً وهو نتيجة جهود أولئك الشباب الذين ضحوا بحياتهم واستشهدوا وقدموا أمثولات وملاحم بالبطولة، وأولئك الذين صمدوا، وأولئك الذين نزحوا واحتضنهم الوطن، ونتيجة العمل الدبلوماسي والسياسي وبمجموع هذه الأمور منعنا إسرائيل من الانتصار.

 

سئل: هل وجهت إليك دعوة رسمية للمشاركة في مهرجان حزب الله الجمعة؟ أجاب: لم توجه دعوة رسمية إلي.

 

سئل: هل ستمثل الحكومة بأي ممثل؟ أجاب: أعتقد بأنه خلال الفترة الماضية وجهت عبارات أرجو إعادة النظر فيها يجب ان نكون حريصين على الوفاق الوطني وعلى هذا التلاحم بين اللبنانيين في الأيام ما بعد الاجتياح الإسرائيلي كما كنا أيام الاجتياح.

 

سئل: أليس مستغربا بالنسبة إليك ألا توجه إليك دعوة رسمية للمشاركة في هذا الاحتفال هل يعتقد حزب الله بأنك لست شريكاً له في ما يعتبره نصرا؟ أجاب: هذا الأمر متروك لقيادة حزب الله وأنا لم اعبر عن رأيي في هذا الشأن واعتبر ان ما حققناه والذي كان أيضا من نتيجة أننا استطعنا ان نرسل الجيش إلى الجنوب. نتيجة ما حصل في هذا الاجتياح الإسرائيلي داخل إسرائيل وفي العالم، سيؤدي ذلك إلى فتح مجال ربما لطرح قضية الصراع العربي الإسرائيلي مجدداً، هذا هو الوصف الدقيق والموضوعي، وبالتالي نتيجة هذا الاجتياح الذي حصل احتل البلد من جديد وما كان ممكنا ان نوقف الاجتياح إلا من خلال العمل الدبلوماسي ومن خلال القرار 1701.

 

سئل: هل تعتقد بأن حزب الله يريد استثمار ما يعتبره نصرا على مستوى المشهد السياسي الداخلي من خلال طروحات بأن المنتصر يفرض شروطه وهنا المشكلة مع الحكومة؟ أجاب: لنفهم هذا الأمر علينا ان نفهم الصيغة اللبنانية ونتصرف بما تمليه هذه الصيغة، لا يستطيع أي فريق لبناني منفرد ان يأخذ البلاد إلى المكان الذي يريد، من خلال هذه الصيغة الفريدة لا يمكن معالجة الأمور إلا بالحوار والتفاهم والاستماع إلى وجهة نظر الآخر والتوصل إلى توافق وبالتالي اعتقد بأن الأخوة في حزب الله شديدو الحرص على هذه الصيغة لأنها فعلياً الصيغة الملائمة للبنان، جلنا على السند والهند وقمنا بكل شيء ولكن لا بديل عن التوافق بين اللبنانيين والعيش المشترك.

 

سئل: إلى أي مدى يمكن القول أن التطورات الأخيرة تفترض إعادة النظر بالبيان الحكومي؟ أجاب: هذا البيان الوزاري هو بيان الحكومة والتطورات تفرض أوضاعا جديدة والحكومة هي دائما موضع مثول أمام المجلس النيابي وبالتالي عند أي سؤال تمثل الحكومة أمام المجلس النيابي والطريقة التي درجنا عليها أن الحكومة تخضع كل أسبوع أو أسبوعين لجلسة استجواب وتطرح أسئلة عديدة عليها ولذلك لا أعتقد أن موضوع البيان الوزاري بحاجة إلى إعادة نظر.

 

 

سئل: في لبنان عمر الحكومات ليس طويلا، فهل ترى أن عمر حكومتك بات قصيرا وسط هذه الدعوات لتغييرها وتشكيل حكومة وحدة وطنية والنزول إلى الشارع؟ أجاب: "أنا شديد الموضوعية بالنظرة إلى الأمور، وبالتالي، منذ اليوم الأول لعملي في الشأن العام أنظر إليه من زاوية بأنه عمل يشرفني بأن أكون في خدمة بلدي، ولكن عندما لا أكون في موقع فإن "عيني لا ترف". وبالتالي، أنا موجود في هذا المكان برأي المواطنين اللبنانيين، وهذا أشهده ليس فقط من خلال الثقة في المجلس النيابي، ولكن أراه أيضا في أعين الناس، فأنا أختلط بعدد كبير منهم من مختلف الأطياف".

 

سئل: لكن بعض الناس يتساءل لماذا ترفضون توسيع هذه الحكومة، وبالتالي، تستبعدون إدخال شريحة واسعة من الناس كالتيار الوطني الحر؟ أجاب: "درس هذا الموضوع عندما تألفت الحكومة، وعرض على العماد ميشال عون أن يشارك في الحكومة، وهو أصر على تمثيل معين، وبالتالي لم يكن هناك مجال ليمثل، نظامنا ديموقراطي، لماذا نريد الانقلاب عليه؟ هذا نظامنا، ونحن نعمل على أساسه. عندما تكون الظروف مؤاتية للتغيير يجب أن تتغير الحكومة".

 

سئل: هل تخيفك الدعوات للنزول إلى الشارع لإسقاط الحكومة أم أن لدى الحكومة شارعا خاصا بها؟ أجاب: "هذه الحكومة ليست لفريق معين، فهي تمثل كل الأطياف باستثناء العماد عون، والآخرون ممثلون، ويحظون بتمثيل واسع في مجلس النواب وتمثيل عريض جدا في الشارع اللبناني وبين اللبنانيين. أما أن يعبر الناس عن رأيهم بشكل ديموقراطي، فبصراحة أعطيهم "نصف عمري" ليعبروا عن رأيهم".

 

سئل: ما هي الضمانات لعدم حصول تصادم؟ أجاب: "القانون واضح، وهل النزول إلى الشارع هو لافتعال مشكلة؟ يجب أن نضع ضوابط لهذا الموضوع، والقانون يضع هذه الضوابط. أما منع إنسان من التعبير عن رأيه فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق. هناك حرية التعبير عن الرأي بشكل ديمقراطي، فهل من الضروري أن يدمر ويحرق من يريد أن يعبر عن رأيه؟ هذا البلد لنا، ويجب أن نحافظ على حق كل مواطن في التعبير عن رأيه. عندما زارنا رئيس الوزراء البريطاني وقفت بكل اعتزاز، وقلت إنني أريد أن أحيي وأرفع رأسي للناس الذين وقفوا اليوم وعبروا عن رأيهم بالاعتراض على زيارة بلير".

 

سئل: بالنسبة إلى القرار 1701، تحدثت بعض المعلومات عن طلب إسرائيلي بتشكيل لجنة أمنية لبنانية إسرائيلية دولية مهمتها متابعة الوضع على الحدود بعد إتمام الانسحاب، ما هو رد لبنان في حال وصل إليه طلب كهذا؟ أجاب: "أولا، لم يصلني أي طلب من هذا النوع، ولا أريد أن أحكم على أي أمر قبل أن يصل الطلب به. والأمر الثاني أن موقفنا واضح في هذا الخصوص أننا نقول في النقاط السبع أننا نريد العودة إلى اتفاقية الهدنة التي تتضمن شروطا معينة". قيل له: ربما تريد إسرائيل إطالة هذه الاتفاقية؟ أجاب: "لإسرائيل رأيها، ونحن أيضا لنا رأينا، ولا شيء يلزمنا على الإطلاق بأي موقف تريده إسرائيل. ونحن رأينا لم يكن خافيا على أحد".

 

سئل: ما دور الحكومة اللبنانية في التفاوض لإنجاز صفقة لتبادل الأسرى؟ أجاب: "منذ اليوم الأول قلنا إننا على استعداد لأن نبذل جهدنا من أجل المساهمة في عملية إعادة الجنود الإسرائيليين واستعادة أسرانا اللبنانيين. خلال هذه الفترة، طرأت العديد من التطورات، وبالتالي، بادر الأمين العام للأمم المتحدة بالقول إنه مستعد لبذل جهد في هذا الشأن. نعلم أن هناك تجارب سابقة وأن خطوطا تفتح وأشخاصا قد يدخلون على الخط ويعقدون الأمور مما يخلق بعض المشاكل. وعندما بادر الأمين العام للأمم المتحدة بالقيام بمثل هذا الدور وعين وسيطا من قبله، ذكرت له حين زارنا أننا على استعداد لأن نسهم بما يراه هو مناسبا. نحن نريد أن نتمم هذه العملية ولا نسعى وراء دور ما".

 

سئل: هل طلب منكم عمليا القيام بأي دور؟ أجاب: "لا نبحث عن دور، بل نريد أن تتم العملية وأن نستعيد أسرانا، وكان هذا هدفنا منذ زمن. وأنا أنتقل من عاصمة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر رافعا لواء استعادة الأسرى ومزارع شبعا وخرائط الألغام. وقد مل الناس من سماع مطالبي في هذا الشأن، وأنا ما زلت عند هذه المطالب".

 

سئل: البعض يتحدث في لبنان عن خروج قوات "اليونيفيل" عن الإطار الذي حدده لها القرار 1701 والبقعة الجغرافية لها، فما صحة ذلك؟ أجاب: "هذا ليس صحيحا على الإطلاق. القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء واضحة في هذا الشأن، القرار 1701 واضح، والقرارات التي اتخذناها، بعد ذلك، انطلاقا من القرار 1701، سواء أكان ذلك في الرسائل التي أرسلت إلى الأمين العام للأمم المتحدة بناء على قرارات مجلس الوزراء بالنسبة إلى الاستعانة بالخبرات والتقنيات والتدريب والمعدات على الحدود البرية والمعابر الجوية والبرية والبحرية، أم كان ذلك بالنسبة إلى الرسائل التي أرسلناها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أم في ما يختص بقرار مجلس الوزراء بالنسبة إلى المياه الإقليمية اللبنانية".

 

سئل: بعض المعارضين لكم يتهمونكم بأنكم قطعتم التزامات خارج القرار 1701، وأن هذه الحكومة ترتبط أجندتها بأجندة خارجية، ما ردكم على ذلك؟ أجاب: "رحم الله صديقا لي تعلمت منه كثيرا، كان يقول لي: "يعيبون على التفاح، فماذا يقولون في شأنه؟ يقولون له يا أحمر الخدين".

 

سئل: هل كرست الحرب الأخيرة إعادة لبنان ساحة يتنازعها بعض الأطراف الإقليمية والدولية؟ أجاب: "أعتقد أن اللبنانيين في غالبيتهم حريصون على أن يعود لبنان إلى اللبنانيين، وألا يكون ساحة للتخاطب ولا أن يكون على الطاولة تتقاسمه قوى من هنا وهناك. اللبنانيون حريصون على ذلك. وأعقد أن هناك إدراكا لدى الغالبية الساحقة من اللبنانيين على إخراج لبنان من أن يكون ساحة لصراعات الآخرين. وهناك حرص عربي حقيقي نراه ونلمسه بمساعدة لبنان، ولنا أصدقاء كثر في العالم يسعون لذلك. يجب أن ننظر إلى هذا الأمر ونساعد بعضنا. وكما يقال: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وبالتالي على اللبنانيين أن يساعدوا أنفسهم حتى لا يظلوا على الطاولة بل يجلسوا إلى الطاولة".

 

سئل: البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير قال إن هناك محورين يتنازعان لبنان: محور أميركي - إسرائيلي ومحور سوري - إيراني بمساعدة فريق من اللبنانيين، فإلى أي محور ينتمي الرئيس السنيورة؟ أجاب: "لا إلى هذا ولا إلى ذاك إطلاقا. آليت على نفسي أن يكون لبنان للبنان، وليس لأي فريق على الإطلاق".

 

سئل: البعض يعتبر أن القرار 1701 ينزع لبنان من الصراع العسكري العربي - الإسرائيلي، فما رأيك؟ أجاب: "حتى عندما نعود إلى اتفاقية الهدنة فإننا لا نزال جزءا من العالم العربي ونحمل قضاياه، وعندما يقرر العالم العربي السلام نكون آخر بلد يوقع اتفاقية السلام، وإذا أراد العالم العربي غير السلام فلبنان ملتزم الموقف العربي".