المفكر السياسي اللبناني أعرب عن خشيته من أن ينساق الشيعة العرب وراء "وهم" انتصار "حزب الله"

سعود المولى لـ "السياسة": المحكمة الدولية والمأزق الإيراني وعزلة دمشق  وراء التصعيد السياسي لنصرالله

  بيروت - من صبحي الدبيسي: السياسة

رأى المفكر السياسي د. سعود المولى ان هجوم »حزب الله« على قوى 14 اذار يهدف الى نزع الصفة الشعبية عن الحكومة تمهيدا لاسقاطها, وان موضوع المحكمة الدولية ودخول الرئيس الايراني على خط المفاوضات وتخفيف حدة الصدام والعزلة التي يعانيها النظام في دمشق, وراء التصعيد السياسي الذي بدأه السيد حسن نصر الله بعد ان امتدح الحكومة في اكثر من مناسبة. وان ما قيل ليس كلاما دقيقا وينتج عنه اساءة تصل الى درجة تهمة الخيانة الوطنية.

كلام الدكتور المولى جاء في سياق حوار اجرته معه "السياسة" تساءل فيه هل سيبقى لبنان منصة للكاتيوشا مفتوحة الى ابد الابدين? معتبرا ان »حزب الله« لم ير بعد الالفين ان الوضع اختلف عما كان عليه قبل ذلك التاريخ, ولم يكن احد يضع في باله ان تطبيق "الطائف" هو السبيل الوحيد لانقاذ لبنان, واعطاء اللبنانيين فرصة بناء مستقبلهم.

المولى قلل من خطورة التهويل الدائم والخوف على لبنان, بانه غير قادر ان يحكم نفسه بنفسه, مقولة خطأ بدليل جلوس الجميع حول طاولة الحوار وتشكيل حكومة لاول مرة من دون تدخلات خارجية, فهناك دول عظمى زالت وبقي لبنان, المولى وصف سياسة »حزب الله« بتعويم حلفائه سياسة خطأ, متسائلا لماذا انسحب النائب ميشال عون من الحكومة واعطى حصته لاميل لحود? وان المطالبة باسقاط الحكومة ياتي في سياق تعديل ميزان القوى داخل هذه الحكومة لالغاء التصويت على مسألة المحكمة ذات الطابع الدولي, مؤكدا على استمرارية عمل الحكومة لانها مؤتمنة على مواصلة ما قامت به خلال الحرب ولو اراد »حزب الله« استقالة الحكومة لسحب وزراءه منها, معتبرا ان الوضع الشيعي حساس ويجب التعامل مع الحساسية الشيعية بطريقة غير استفزازية ولا عدائية, وان »حزب الله« بهجومه على قوى 14 اذار حاول ايجاد حجة لان بيانها ليس ابعد مما قاله السيد نصر الله: "انه لو كان يعلم حجم الرد الاسرائيلي, لما خطف الجنديين".

وفيما يلي نص الحوار:

* ما قراءتك لهذا الخطاب غير المعهود للسيد حسن نصر الله بالامس? ولماذا انتقل الى موقع المهاجم بعدما اتصف بالحكمة وهدوء الاعصاب?

»حزب الله« بدأ منذ فترة بالهجوم, وهذا الهجوم يهدف الى نزع الصفة الشعبية عن الحكومة, تمهيدا لاسقاطها. ف¯"التيار العوني" يستطيع المطالبة باسقاط الحكومة, و»حزب الله« يستطيع نزع الصفة الشعبية عنها من خلال عمل المقاومة والصمود, فالهجوم بالنسبة لي كان متوقعا بهذا الشكل, لان هناك مأزقا على المستوى العام, سيما وان »حزب الله« قبل بما لم يقبل به من قبل, قبل بانتشار الجيش, قبل بالقرار الدولي 1701, وقبل بالقوات الدولية. الحكومة ساهمت بوقف العدوان وانقاذ لبنان, سياسيا الحكومة كانت في موقع قوي, و»حزب الله« ضمن المنطق الذي يقوم عليه يعتبر نفسه قدم تنازلات في حينه, وكان في فترة الحرب يمدح الحكومة وخاصة رئيسها فؤاد السنيورة. وكان السيد حسن يقول عنها صامدة, وعلى مستوى المسؤولية. هناك تحول والحزب يحاول ان يكون له الموقع الاساسي. على المستوى الاقليمي دخول الرئيس الايراني على خط المفاوضات واحتمال عقد صفقة مع الدول الغربية وتخفيف حدة الصدام القائم بينه وبين الدول الاجنبية, كان سيكون له انعكاس على اداء الحزب في لبنان وانعكاس ايضا على موقع دمشق في المعادلة الجديدة, الكلام عن تهدئة في الملف النووي وحصول شيء من تخفيف حدة المواقف ما بين حكومة احمدي نجاد والمجتمع الدولي ايضا شيء جديد على المستوى الاقليمي. والاهم هو باعتقادي موضوع المحكمة الدولية والعزلة التي يعانيها النظام في دمشق في هذه الحقبة, خاصة بعد هجوم بشار الاسد على معظم الدول والزعماء, والتي ادت الى تضييق هذه العزلة. لذلك انا ارى ان التصعيد الذي بداه »حزب الله« وحديث السيد حسن الاخير يأتي من ضمن هذا السياق. لانه ليس هناك اي معنى للانقلاب على الحكومة بعد ان السيد حسن يمدحها وكل اللبنانيين يدركون ما قامت به الحكومة بما فيهم »حزب الله«, اما الحجج بانهم استقبلوا فلانا وعلتانا, الدولة تستقبل ايا كان لانها دولة معتدى عليها وخاضعة لعناية المجتمع الدولي من القرار 1701 الى القرار 1559 الى كل القرارات التي صدرت, وبهذه الطريقة على الحكومة ان تستقبل كل ممثلي دولي العالم, لتعرف ما هي سياساتهم وتحولاتهم وكيف تقدر ان تحول المواقف التي هي ضدها لمصلحتها. ناهيك بان »حزب الله« استقبل حاكم الدوحة التي توجد في بلده قاعدة "العديد" التي انطلق منها العدوان على بغداد وعلى افغانستان ومنها وصلتنا القنابل الذكية, لقد حضر الى لبنان وجال في الضاحية... ولو عدنا الى الاسابيع الماضية لم يكن الكلام عن استقالة الحكومة مطروحا بهذا الشكل, بالعكس في كل خطب السيد حسن كان يمدح الحكومة وخاصة في خطابه في 31 اغسطس وكل الوقائع تشير ان هذا الكلام عن الاستقالة لم يكن موجودا. يبدو ان هناك شيئا جديدا.

* لو شارك الرئيس بري في استقبال بلير, هل كان اخذ نصيبه من الهجوم?

اظن هو تجنب هذا الموضوع, لكن لا ننسى ان وزير الخارجية فوزي صلوخ وهو يمثل الوضع الشيعي, وانا لا اظن ان السبب يعود لاستقبال هذا الشخص.. قبل مجيء توني بلير كان هجوم »حزب الله« بدا وهنا السؤال, لماذا لا يستقيل وزراء »حزب الله« من الحكومة? اذا كان هدفهم اسقاط الحكومة? لماذا لا يطالبون بجلسة نيابية لمحاسبة الحكومة على ادائها في فترة الحرب?

* برأيك هل تستحق هذه الحكومة المحاسبة وهل ترى انها كانت مقصرة في ادارة الازمة خلال الحرب?

اي حكومة يجب ان تخضع للمحاسبة, وبرأيي ان حكومة الرئيس السنيورة كانت في قمة الايجابية, وهي انجزت ما لم تنجزه اية حكومة اخرى في لبنان, الحكومة كانت فعلا تمثل كل اللبنانيين. التف حولها كل اللبنانيين خاصة في موضوع البنود السبع, التي اجمعت عليها كل القوى السياسية, فعلى الاقل يجب ان نسجل للحكومة هذا الانجاز بعد ان استطاعت ان تؤمن الاجماع اللبناني حول موقف سياسي امن لنا هذا التاييد الدولي بتحقيق رفض العدوان ولو لم تقم الحكومة بهذا الجهد الديبلوماسي ما كنا وصلنا الى ما نحن عليه من انجاز وكانت مقاومة صامدة.

هناك شق اساسي عندما نوه الرئيس نبيه بري نفسه بالمقاومة السياسية والديبلوماسية التي قامت بها الحكومة اللبنانية وامنت من خلالها الغطاء للمقاومين في الميدان, ولا يوجد مقاومة مسلحة تستطيع تحقيق انجازات اذا لم يكن عندها غطاءً سياسيا. الحكومة اللبنانية امنت هذا السقف السياسي, وهذا الغطاء, وهذا الاجماع وهذا الصمود وهذه الصلابة في التصدي, لذلك فان محاسبتها ستكون لصالحها وليس لصالح المفترين عليها. لانها فعلا اوقفت هذه المحنة. خاصة ان كتلة نواب »حزب الله« ممثلة في الحكومة وكانت توافق على الاجماع الحاصل.

* هل تقرا في كلام نصر الله رسالة ما الى الرئيس بري, من خلال الهجوم على السنيورة كي لا يذهب بعيدا?

يمكن ان يكون ذلك, لان كل اداء الحزب خلال اليومين الاخيرين والحملة الشعواء بكل وسائل الاعلام واضح ان هذا السقف العالي لا يستطيع بري ان يسير به وهو في نفس الوقت يضعه امام تحدٍّ ويفرض عليه اثقالا واحمالا لا يستطيع ان يحملها وليس مطلوبا منه ان يتحملها لا هو ولا غيره, هذه المواقف وضعت لبنان كله امام مشكلة ضخمة استعادة صدام داخلي, في وقت كانت كل القوى وكل الجهود تدعو لمواصلة الوحدة وتوظيفها في عملية اعادة البناء ومتابعة الصمود, لان لبنان ما زال معرضا للضغوطات.

* في وقت كانت فيه كل القيادات اللبنانية تلتف حول المقاومة وتهتم بموضوع النازحين. جاء كلام السيد نصر الله ليتهم فريقا من اللبنانيين بالتعامل مع اسرائيل وان الاعلام الاسرائيلي خدم المقاومة اكثر من جماعة 14 اذار, لماذا برايك هذا التصعيد المفاجئ? وما الفائدة من توقيت هذه الحملة في هذا الوقت?

هذا التصعيد يجب ان نضعه من خلال التعبئة الداخلية والتعبئة الاعلامية التي ليس لها ما يبررها, ولا اظن بانها كانت مفيدة او جيدة, ليست في محلها وليست منصفة, وليست عادلة, ما قيل ينتج عنه اساءة تصل الى درجة تهمة الخيانة الوطنية والتعامل مع العدو, وهذا الكلام اما ان يقال جديا واما ان يستخدم بشكل اعلامي لتهييج وتعبئة ضمن المجتمع اللبناني وخاصة ضمن الطائفة الشيعية, ضمن اقطاب وقوى سياسية في البلد, هذا الكلام لا يخدم لا مصلحة »حزب الله« ولا مصلحة المقاومة, لذلك انا وجدته نقضا لواقع ما, كمن يحاول ان يتجنب الاسئلة الحقيقية, الاسئلة الفعلية, ماذا بعد? الى اين نذهب بعد? ما هذا الذي حصل".. اللبنانيون والشيعة بصورة خاصة معنيون الان بسؤال اساسي ل¯»حزب الله« وحركة "امل" وكل القوى الشيعية, في لبنان سؤال يتعلق بمستقبل لبنان, الى اين لبنان? هل لبنان سيبقى منصة كاتيوشا مفتوحة الى ابد الابدين بدون اية مطالبة عقلانية حول كيفية مواجهة التحديات مع العدو الصهيوني, ام ان لبنان يتجه كي يكون وطنا فعليا ودولة ومقاومة, ولكن ضمن اسس عقلانية متفق عليها بين اللبنانيين, تكون ضمن السقف القومي الذي تتوافق عليه دول وشعوب المنطقة, لاننا جزء من هذه المنطقة? هل نضع انفسنا محل الامة او نحل نوابها وشعوبها وطموحاتها ومستقبلها? نحن جزء بسيط وعلينا ان نكتفي بذلك. ما قمنا به تجاه وطننا لا نستطيع ان نمنن به احدا. المقاومة لم تكن نيابة عن الامة, ولا نيابة عن الشعب الفلسطيني, بلدنا كان محتلا, جنوبنا كان محتلا, المقاومة كانت واجبنا, لم يطلب منا احد ان نقاتل عنه ولماذا نريد ان نحمل فوق طاقة لبنان? بالعكس, يجب ان نكون جزءا من هذه الامة, جزءا من هذا النسيج كشيعة, يجب ان نتطور في اوطاننا, نقبل ونندمج في اوطاننا, نقبل ما يقبل به الجميع, نعمل على انضاج عملية المواجهة والتلاحم والصمود في وجه العدو, ولكن ضمن السقف القومي الاعلامي, لذلك كان هذا هو السؤال الذي يريده الشيعة: ماذا بعد...?!

قدمنا ما قدمناه, خسر من خسر بعد 12 تموز, ماذا بعد واظن ان الذي حصل هو محاولة التفاف على هذا السؤال, عدم مواجهة الاسئلة الحقيقية بافتعال اشياء داخلية واشياء تلهي عن الحقيقة بخلق مواقف سياسية لا يستفيد منها لا لبنان ولا »حزب الله«..

* هل تعتقد ان لبنان اصبح فريقين: فريق يريد استمرارية النضال ومقارعة العدو وتنفيذ مخططات الاخرين على ارضه, وطالما ان هناك اسرائيل يجب ان يبقى الصراع. وفريق يطالب بوطن وباستقرار وهدوء كسائر شعوب المنطقة, لماذا هناك شيء مبهم في لبنان, ما هو تفسيرك لهذا الواقع?

لبنان منقسم هذا صحيح, ولكن بشكل او باخر فان الشعب اللبناني اجمع على المقاومة لازالة الاحتلال, هذا الشعب وجد نفسه بعد سنة الالفين انه انجز عملية استعادة الجنوب وانه ينبغي عليه ان ينكب على عملية اعادة البناء, لان بناء الوطن وبناء الدولة هو جزء من المقاومة, وشان سياسي في المقاومة, ليس صحيحا وكان بناء الدولة وبناء الوطن هو شيء وبناء المقاومة والقتال المسلح شيء مختلف, التحدي بوجه العدو الاسرائيلي هو بناء الدولة الحديثة وبناء مجتمع لبناني وان يعيش هذا المجتمع اللبناني لانه النموذج البديل للكيان الصهيوني. لبنان انجز بمقاومته ووحدته وبتنوعه وبصيغته السياسية الفريدة في العالم, انجز هذا الشق وكان عليه ان ينكب على عملية البناء الداخلي, لكن هنا قوة وهناك اتجاهات ومع الاسف »حزب الله« دخل في هذا المنزلق منذ ما بعد عام 2000, يجب ان يبقى لبنان ساحة لتصفية حسابات اقليمية ودولية ومحلية, وهذا لا يجوز. لا يجوز استخدام عنوان المقاومة وعنوان السلاح على اساس انه مقدس لاشياء داخلية للاستقواء او لخلق ازمة داخلية لطائفة على الطوائف او لتعديل ميزان القوى الداخلي الذي تبت كما هو عليه بعد اتفاق "الطائف", اتفاق "الطائف" اعطى للشيعة كل ما كانوا يطالبون به, وانا شيعي وكنت اعمل مع الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين وكان يقول دائما: اتفاق "الطائف" حقق مطالب الشيعة في اعادة التوازن الى النظام اللبناني, وحكاية ما زال الشيعة محرومين ومغبونين ليست صحيحة. اتفاق "الطائف" هو افضل صيغة ممكنة للبنان, كان ينبغي ان نعمل على تطبيق اتفاق "الطائف" اتفاق "الطائف" لم يطبق من سنة 1990 الى سنة 2000, بحجة نحن مقاومة وهناك احتلال منعا لتطبيق اتفاق "الطائف" افتعلت كل القضايا ليبقى لبنان ساحة مفتوحة تمنع بناء دولة وبناء مجتمع موحد ومتنوع في ان معا.

* بعد اغتيال الرئيس الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان, اين مكمن الخلل, لماذا لم يحصل استيعاب للمقاومة? لماذا لم يحصل حوار حول هذا الموضوع? ولماذا جرى الاكتفاء بالتقارب الانتخابي وبعدها ذهب كل فريق بالاتجاه الذي يريد, »حزب الله« رفض ان يفك ارتباطه مع سورية وايران, وفريق 14 اذار رفض ان يهدي انتصاره ل¯»حزب الله«, اين هي الفرصة التي اهدرها اللبنانيون?

الخلل حصل من الجانبين, »حزب الله« ومن يمثل لم ير بعد الالفين ان الوضع اختلف عما كان عليه قبل ذلك, وبعد الحادي عشر من سبتمبر بالذات اختلف عما كان عليه قبل ذلك. لم تبن سياسة جديدة تحفظ لبنان وتصونه من هذه العاصفة الدولية التي بدات بعد 11 سبتمبر 2001, من جانب اخر لم يسمح تحقيق المصالحة الوطنية وتطبيق اتفاق "الطائف" لقد كانا يواجهان صعوبات كثيرة. عندما اطلق المطارنة الموارنة نداء سبتمبر 2000 قامت ضدهم حملة شعواء, لانهم طالبوا انذاك بعد انسحاب اسرائيل بانسحاب القوات السورية في المقابل, فقامت القيامة. ولم يكن احد يضع بباله ان تطبيق اتفاق "الطائف" هو السبيل الوحيد لانقاذ لبنان لا من قبل الاخوة في الشام ولا من قبل المجتمع الدولي ولا من قبل القوى المحلية اللبنانية, علما ان هذه القوى كانت عاجزة عن تنفيذ هذا الشق. لذلك ليس صدفة صدور القرار 1559 بغطاء دولي لتنفيذ الشق المتعلق بتنفيذ اتفاق "الطائف" كما نص على انسحاب كافة القوى الموجودة في لبنان, هذا كان الخلل الاساسي بالزام اشقائنا في دمشق تطبيق اتفاق "الطائف", في الشق التعلق بانجاز الانسحاب وترك اللبنانيين يرسمون مستقبلهم بموجب صيغة اتفاق "الطائف"..

* هل صحيح ما يقال ان لبنان لا يستطيع ان يحمي نفسه كدولة مستقلة, دون تدخل اجنبي يسيطر عليه? ما هي الطريقة برايك التي تجعل من لبنان دولة ذات سيادة?

التهويل الدائم والخوف من انه اذا انسحب السوريون سيعود لبنان الى الحرب الاهلية, كان تهويلا في غير موضعه, قبل خطاب السيد حسن الاخير كانت حالة التشنج خفيفة والدليل على ذلك جلوس الجميع حول طاولة الحوار واظن التدخل الاقليمي والدولي الذي كان حاصلا كان يسهل عملية اللجوء الى السلاح ويوظف الوضع اللبناني لخدمة اهدافه ومصالحه, والقول ان لبنان لا يستطيع ان يعيش من دون حماية دولية او تدخل اقليمي, ايضا هذه معادلة خطأ ولا يوجد بلد في العالم يستطيع ان يقوم بمنأى عن المشاكل الداخلية ولا توجد صيغة سياسية اقوى من الصيغة الداخلية, والدليل على ذلك انها صمدت مع كل هذه العواصف التي تعرض لها لبنان, وما زالت صامدة الى الان. هناك دول عظمى زالت, الاتحاد السوفياتي, يوغوسلافيا, وغيرهما. استطعنا ان نحفظ لبنان بعد سقوط الاتحاد السوفياتي, بعد ان كان مهددا بالزوال مثله مثل اي دولة. وهناك امكانية لحفظ لبنان والحفاظ على هذه الصيغة, لان لبنان بصيغته هذه حاجة لكل الطوائف, يعني الشيعة بحاجة لهذه الصيغة, السنة بحاجة لهذه الصيغة والمسيحيون ايضا بحاجة لهذه الصيغة, ولبنان بصيغته هذه حاجة ايضا اقليمية ودولية, يجب ان يبقى هكذا.. حاليا لبنان يجتاز منعطفا حازما, فاما ان يبقى واما ان يزول ولذلك ينبغي ان توضع كل الجهود في هذا الاتجاه وعلى الدول الشقيقة ان تثبت بانها تحافظ على لبنان واللبنانيون معنيون بعدم التشنج وعدم الذهاب بالاستفزاز بعيدا وعدم اطلاق السقوف العالية وخاصة من قبل »حزب الله«, هذه هي الصيغة التي تحفظ لبنان في هذا الجو العاصف دوليا واقليميا.

* لماذا هذه الاستماتة في اشراك "التيار العوني" في الحكومة, ولماذا المطالبة بحكومة اتحاد وطني في هذا الوقت, علما ان "التيار العوني" هو الذي انسحب من الحكومة قبل الاعلان عن تشكيلها?

انها سياسة خطأ يتبعها الحزب اولا "التيار العوني" انسحب من الحكومة واعطى حصته للرئيس لحود وهناك ثلاثة وزراء للحود عينوا في الحكومة نيابة عن الجنرال عون, وبالامس عندما اختلف الرئيس لحود مع وزير العدل شارل رزق طالب باقالته واستبداله بوزير مقرب من عون. تقاسم المصالح بينهم موجود, ثانيا ليس صحيحا ان حكومة تشكلت في لبنان وتضم مئة بالمئة كافة القوى اللبنانية, ونعرف كيف كانت تشكل الحكومات, هذه الحكومة شكلتها الكتل النيابية الاساسية والفريق العوني لم يقبل ان يتمثل في هذه الحكومة. مطلب اسقاط الحكومة ياتي في سياق تعديل ميزان القوى داخل هذه الحكومة لالغاء التصويت على مسالة المحكمة ذات الطابع الدولي, واعتقد ان »حزب الله« يخطئ خطا جسيما في هذه المسالة, لان المحكمة ذات الطابع الدولي مطلب لبنان وشعبي وعالمي واقليمي وهذا ايضا لمصلحة الحزب نفسه ومصلحة الحقيقة. ثانيا محاولة تعويم العماد عون مسيحيا ما هو مبررها ولماذا يجهد »حزب الله« لتعويم حلفائه? لكي يقوي موقفه في الحكم او في المجلس النيابي قبل الانتخابات المقبلة, لان العماد عون تدنت شعبيته بشكل ضخم بعد تحالفه مع »حزب الله«, وهذا الاخير يعتقد انه في حال ادخال عون في الحكومة يعيد تعويمه ويعطيه موقعا في السلطة, والعماد عون كل ما يهمه هو الموقع في السلطة, لان لديه شهوة للسلطة لا حدود لها ولو على حساب البلد, وهذا خطا جسيم يقع فيه »حزب الله«.. اذا اراد تعويم العماد عون بهذا الشكل والعماد له يحمل نفس الصفة. المطلوب اليوم كيف نواجه الاستحقاقات الدولية كيف تواجه المحكمة الدولية, كيف تواجه اعادة البناء لما فيه مصلحة لبنان و»حزب الله« ايضا. لذلك ينبغي علينا ان نكون موجودين وواضحين في كيفية تنفيذ القرار 1701 بما يضمن وحده وحدة لبنان ومستقبل لبنان, هذه الاستحقاقات الفعلية امام اللبنانيين وامام هذه الحكومة مواجهة العدوان يفترض ان تبقى الحكومة, لانها هي المؤتمنة على مواصلة ما قامت به خلال الحرب والمؤتمنة على تطبيق القرار 1701, المطالبة باستقالة الحكومة اليوم ما هو الا تهويل, ولو اراد »حزب الله« اسقاط هذه الحكومة لسحب وزراءه منها وهو بامكانه ان يستقيل لو اراد واتمنى على »حزب الله« ان يعيد حساباته في هذا الشان بما فيه مصلحة لبنان ومصلحة المقاومة.

* برايك شعبية »حزب الله« بعد احداث 12 تموز زادت ام ضعفت?

هذا السؤال يتطلب جوابا مزدوجا, انا اظن انها ازدادت وضعفت, هناك جو معقد وسيئ وسلبي وهناك جو شيعي ايجابي يتماهى مع »حزب الله« ويعتبره قوة مسلحة وهو ضمانة لقوته ووجوده في لبنان, يعني »حزب الله« يمتلك السلاح ويمتلك الامكانات الضخمة ويمتلك المال فيستطيع ان يكون ضمانة للفئات المؤيدة له في السلطة, وهذا خطا مخيف سيدفع ثمنه الشيعة اذا لم ينتبهوا له, لان الضمانة الاساسية للشيعة في لبنان هو في اندماجهم في محيطهم وفي وطنهم وقبولهم لصيغة "الطائف" والتوازن الذي قام عليه "الطائف", واندماجهم في محيطهم في كل اوطانهم, في الكويت والسعودية ولا يجوز ان يتعامل الشيعة على انهم اقلية اسلامية له مميزات استثنائية وبالتالي سيكون عليها في المقابل ان تحصل على مميزات استثنائية بسبب انها قاتلت العدو وهزمت العدو وفعلت.. هذا خطأ فادح لا يجوز ان يقع فيه الشيعة ولا ننسى ان الشيعة في الخليج دفعوا ثمن ذلك في الثمانينات حينما ظنوا انهم تماهوا مع الثورة الاسلامية الخمينية في العالم وظنوا انهم سيحصلون على شيء ويحققون امتيازات خاصة بهم ولو لم يعودوا الى سياسة الاندماج والعقلانية والوطنية والتعامل مع اشقائهم في الوطن لما توازن الوضع الشيعي في بلدان الخليج.

اخشى ان يقع الشيعة في العالم الاسلامي وخصوصا العرب بسبب ما حصل في لبنان بهذا الوهم وهم القوة ووهم الغلبة. هذه احدى نقاط قوة »حزب الله« واحدى عوامل قوة »حزب الله«, لان في هذه اللحظة عندما نحقق هذه القوة ينشأ وهم فنعتقد اننا نمتلك الكون وسنقلب الطاولة وسنفعل ما نشاء الى ما هنالك.. هذا وهم قوة ووهم غلبة لا يجوز ان يستبد بنا او ان يتملكنا. اما في الحقيقة فان »حزب الله« ضعف على المستوى السياسي, لان كل ما قام عليه وكل قوة »حزب الله« في الداخل تقوم على سلامة هذا السلاح, لم يعد هناك من حاجة له بعد القرار 1701 بمجيء القوات الدولية ودخول الجيش الى الجنوب, غدا سيتفق احمدي نجاد مع القوى الدولية وعندما ستتشكل المحكمة الدولية ايضا وسيكون هناك تحولات في المنطقة, سيفقد هذا السلاح الحجة التي كان يقوم عليها اذا بني كل هذا التعاطف على مسالة السلاح والمقاومة باقية الى ابد الابدين, ونحن نعلم ان في الاسلام لا مقدس الا الله, ان الحق هو الحق. وان المقاومة هي وسيلة وليست غاية والحزب هو وسيلة وليس غاية. لذلك اقول ان هناك ترابطا بين عامل القوة وعامل الضعف في الداخل, وهذا ما يجعلني اقول ان الوضع الشيعي حساس جدا, لذلك التعامل مع هذه الحساسية الشيعية الان ينفي ان يكون تعاملا اخويا حاضنا وليس تعاونا استفزازيا عدائيا او سلبيا. وعندما تهدا النفوس ويهدا الاحتقان سنعود الى السؤال نفسه ماذا بعد?

* هل تعتقد ان قوى 14 اذار بكرت في بيانها ضد »حزب الله«?

انا لا اظن ذلك, اظن ان الحزب حاول ايجاد حجة له ولكن البيان لم يحمل شيئا جديدا, لم يكن على الطاولة قبل 12 تموز وكل القوى الدفاعية في لبنان, ما جاء في البيان ليس ابعد مما قاله السيد حسن انه لو كان يعلم ردة الفعل على هذا الحجم ما كان اقدم على خطف الجنديين, هذه مصيبة لو كنت تعلم فتلك مصيبة ولو كنت لا تعلم فهذه مصيبة ولقد اشار الى ذلك في 12 تموز عندما قال: ممكن ان تكون العملية خطا او تكون صواب, فلنؤجل الكلام حولها الى ما بعد, وهكذا فعل اللبنانيون, التفوا حول المقاومة لمواجهة العدوان والان حان الوقت للسؤال وللنقاش لا يجوز التهويل على الناس وتخوينها واتهامها.. ولناخذ من العدو الصهيوني مثلا, فهو سيؤلف لجنة تحقيق وقد بدا بعض جنرالاته بالاستقالة, ونحن لم نطلب لجنة تحقيق لكن ان يمنع اللبنانيون من الكلام فهذا شيء مخيف.. ميزة المقاومة انها انطلقت من لبنان لان لبنان بلد متنوع وبلد يسمح فيه الكلام والنقاش ولهذا نجحت المقاومة.. وكان »حزب الله« يعتز بهذا. انا لا اوافق ابدا على هذا الجو التخويني الذي يحصل في البلاد وهذا ليس من شيم »حزب الله«.

* لماذا لم يرد الرئيس السنيورة على كلام السيد نصر الله?

اظن انه ليس مطلوبا توسيع شقة الخلاف والتشنج, لان البلد يحتاج الى الهدوء والى العقل ويحتاج الى نقاش على الطاولة ويحتاج الى عقلية دولة تتجاوز هذه السلبيات وهذه التشنجات وتدعو الجميع الى كلمة سواء لان الحق واضح والناس لا تحتاج الى تفسير وخطابات لكي تكتشف الحق لا يجوز ان ننزلق الى مساجلات تؤدي لتحقيق اهداف ليست لمصلحة لبنان.

* هل يخاف الرئيس السنيورة ويقدم استقالته?

ايضا لا اظن ذلك, لان الرئيس السنيورة اثبت انه رجل حازم وحكيم ورجل دولة من الطراز الاول صمد في وجه هذا العدوان ولا اظن انه سيسقط امام هذه الازمة الجديدة, بالعكس سيتحمل مسؤوليته وعليه ان يتحمل مسؤوليته وان يدعو »حزب الله« الى النقاش الهادئ والعقلاني والى العودة الى النقاش داخل مجلس النواب وعلى الاستاذ نبيه ان يدعو الى استئناف هذا النقاش وماذا سيكون مصير سلاح »حزب الله« ضمن الدولة وضمن الجيش واي مستقبل لسلاح المقاومة بعد دخول القوات الدولية الى الجنوب, واي مستقبل للبنان المقاوم?