الشيخ صبحي الطفيلي في مقابلة خاصة لـ"صدى البلد"

الأربعاء, 19 أبريل, 2006

 نعى حوار "تقطيع الوقت" ورفض التسويات وطالب بقضاء نزيه

" الإيرانيون يعتبرون الشيعة في لبنان مزرعة والتواطؤ الإقليمي خلق قضيّة شبعا"

حاورته: غادة حلاوي – صدى البلد

قبل تسع سنوات تقريبا كانت حادثة عين بورضاي الشهيرة التي انتهت الى تصفية "ثورة الجياع" وتحويل الشيخ صبحي الطفيلي الذي طرد من صفوف حزب الله بعد ان كان من مؤسسيه واول امين عام على رأسه، الى متمرد فار من وجه العدالة.

قضائيا يعد الشيخ الطفيلي مطلوبا للعدالة بموجب مذكرات جلب وتوقيف صدرت آنذاك في حقه، لكن واقعه يدعو الى التساؤل كيف ان مطلوبا يعيش على بعد امتار عن القوى الأمنية، ويتجول حرا طليقا متحديا من يريد توقيفه؟

رغم كونها الشاهد على تغيير نهج حياته اختار الشيخ الطفيلي عين بورضاي محلا لاقامته، وصلها قبل سنة هاجرا مسقط رأسه بريتال ومحل اقامته الاول في دورس.

كانت اقامته وسط العامة والجيران سببا متواصلا في ازعاجهم هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى كان الهدف اختيار مكان لا يخضع لسلطة القوى الامنية مباشرة ولا يكون عرضة لدورياتها باستمرار ولو أن هذه القوى اذا ما قصدته كان لها ما ارادت بسهولة.

بمحاذاة منزله الذي يشير نصوع بياض حجارته الصخرية الى حداثته يستقبل الشيخ الطفيلي زواره في غرفة مكتب لا يزال مبناه قيد الإنشاء، داخل هذه الغرفة لا يوجد علم لبناني ولا آخر للمقاومة ولا صورة قائد او رئيس لبناني او غير لبناني.

وحدها الكتب المرصوصة داخل رفوف المكتبة تؤنس المكان وتضفي عليه شيئا من الدفء وحدها "سيرة الآخرين" خالفت الآخرين واعتلت طاولة المكتب في اشارة الى انها لا تزال قيد القراءة.

مكان إقامته يحيطه السكون الا من دردشات حراسه. بضعة رجال اعتلى كتفي احدهم سلاح الكلاشينكوف فيما اكتفى الآخرون بالمسدسات.

الشيخ صبحي الطفيلي لا يزال اليوم يحتفظ بعدائه لقسم من زعماء الشيعة هم من قياديي حزب الله ولإيران ويحملهم مسؤولية استمراره في وضعه الراهن، عداوة كانت قاسمه المشترك مع النائب وليد جنبلاط الذي جرى اتصال بينهما للمرة الاولى منذ احداث عين بورضاي.

ماذا في الاتصال مع جنبلاط؟ وما الجديد في قضية الشيخ صبحي الطفيلي بعد الانسحاب السوري من لبنان؟ ما هي نظرته للمقاومة؟ وسر عدائه لايران؟

ما الجديد في قضيتك امام القضاء؟

ــ لم يطرأ اي جديد. إتصل البعض بعد اصدار العفو الأخير واقترحوا ان يشملني العفو ولكني رفضت.

من تقصد بالبعض؟

ــ من الزعماء الشيعة.

من تحديدا؟

ــ كل الزعماء الشيعة اما بالواسطة او مباشرة.

هل كان من بينهم سماحة السيد حسن نصرالله؟

ــ لن اسمي. قلت كل زعماء الشيعة اما بالواسطة او مباشرة. وكانت إجابتي ان طرح أسمى للعفو العام في المجلس النيابي هو أسوأ من محاولة قتلي في الحوزة وهذه اهانة لا أقبلها والموت هو افضل منها، حينما ارتكب الحادث كنت رجلا مقاوما ادافع عن الفقراء والمظلومين في البلد، اعتدي علي وكل ما نقل عن حادثة الحوزة كذب بكذب. كان هناك كمين منصوب وانا ذهبت الى الحوزة كالمعتاد طوقت وحوصرت الى ان استدعي الجيش وضربني وعليه فأنا صاحب حق ولست من يطلب العفو واذا كان لا بد من عفو فيجب على الآخرين ان يطلبوا مني العفو لأنهم هم المذنبون ولست أنا.

نعم رفضت عرضا للعفو وحل المشكلة يجب ان يكون من خلال القضاء، اذا كان هذا القضاء نزيها يستطيع ان يكمل التحقيق واذا ثبت علينا شيء فلن نتأخر في دفع الحق لمن له علينا حق، واذا كان لنا حق عند الآخرين فيجب ان نأخذه لا ان نعفو.

لماذا لا يزال ملف عين بورضاي معلقا؟

ــ هو ملف سياسي وهذه طريقة لاستباحة الأشخاص والقوانين في عالمنا العربي والاسلامي، والا يفترض لهذه المسألة ان تعالج منذ زمن. مضى على حصولها ما يقارب التسع سنوات. ابقاؤها معلقة هو تهديد ومحاولة إسكات وإحراج لأن الكثير من الناس ممكن ان يحرج للتواصل مع شخص مطلوب للقضاء او ان المقصود ان يبقى سيف القضاء مسلطا عليه لإسكاته او ليتمادى الآخرون في نهب البلد وسرقته والإعتداء عليه، والا كل الناس يعترفون ان الفترة الماضية كانت من أسوأ الفترات التي مرت على لبنان وان التسلط وقتل الناس والإعتداء على كراماتهم كانت السمة العامة.

اذا كنت مصرا على ان يأخذ القضاء مجراه لماذا لا تذهب لتسليم نفسك؟

ــ منذ زمن بعيد قلت هذا الكلام ولكنهم لا يريدون علاج المشكلة بل ابقاء الوضع على ما هو عليه.

هل لك ان توضح اكثر من المقصود تحديدا؟

ــ الطرح الذي تتحدثين عنه طرحته قبل خروج السوريين وبعد خروجهم، ليفتح هذا الملف لا على قاعدة العفو او التسامح...

او التسوية السياسية كما حصل مع ابو العينين؟

ــ ارفض التسوية السياسية واريد قضاء نزيها يحكم بالعدل.

ماذا لو اخذ القضاء مجراه لغير مصلحتكم؟

ــ فليكن ولا اتهرب من الحق حتى ولو كنت من سيدفع الثمن. انا جاد في طرحي ولست مازحا ولا ممن يقول كلاما ويقصد آخر.

على ماذا تراهن ومما انت واثق؟

ــ المجرم يجب ان يعاقب مهما كان عنوانه وفي اي موقع كان.

الست تواقا للتحرر من هذا الطوق الأمني الذي تعيش في ظله؟

ــ لست مضطربا امنيا بل مستقر جدا ومرتاح والمهم ان يبقى ضمير الانسان مرتاحا ويقوم بواجبه كاملا ولا يقصر، وليست لدي مشكلة في ان يستمر الوضع على ما هو عليه.

لكن الا يجد الواقع من حركتكم؟

ــ لست مستعدا لأدفع ثمنا لا يجوز ان أدفعه. معروف في لبنان كيف ان التنازلات وتبادل الخدمات او المنافع يطغى كي تمرر الأمور ولست مستعدا لأدفع شيئا من هذا القبيل.

انا مقتنع بالعدالة الإلهية وما يحق لي يجب ان آخذه وما لا يحق لي لن آخذه.

طبعا لا أحمّل المسؤولية لكل من يقال عنه السلطة في لبنان بل هناك سلطة ذات نفوذ واخرى غير ذات نفوذ. نحن نعرف انه قبل خروج السوريين من لبنان كانت السلطة لعنجر ومن ارادت عنجر ان تشركه في امرها. لهذا لا نستطيع ان نحمّل المسؤولية لكل انسان.

الوضع الذي انا فيه يتحمل مسؤوليته بشكل أساسي بعض زعماء الشيعة في لبنان والسلطة الإيرانية والآخرون ملحقون بهذا الوضع سواء كانوا في حوادث عين بورضاي او في ما لحق حتى الآن.

حوصرت وطوق منزلي واضطررت ان أغادره وتحملت الكثير من الأذى خلال السنوات الماضية. كانت الجهات النافذة اذا عرفت بتحرك بسيط أقوم به ولو لتقديم واجب التعزية كانت تأمر الوحدات العسكرية اللبنانية بنصب حواجز واطلاق النار على الناس ظلما وعدوانا وكنت كثيرا ما اتصل بهم ليرفعوا اذاهم عن الناس، حتى اقلعنا عن مشاركتنا في مناسبات عدة.

اذاً انا احمّل هذه الجهات المسؤولية وليس كل السلطة.

تغيرت الظروف وشهدت السنة الاخيرة جملة تطورات.

ــ منذ سنة وحتى اليوم أحمّل السلطة النافذة مسؤولية بقاء الملف غير منجز في عهدة القضاء. المفترض انه بمجرد ان زالت السلطة التي كانت تمنع انتهاء التحقيق ان تحل المشكلة بمنطق صحيح وسليم.

انت تقصد حزب الله وايران؟

ــ ليس حزب الله لجهة شباب الحزب الدراويش وانما اشخاص في الحرب.

اما آن لهذه الخلافات معهم ان تنتهي مع تغيير الظروف؟

ــ بذل الايرانيون جهدا كي يفصلوا بيني وبين الشباب. سنوات طويلة مارسوا خلالها كل انواع الأعمال السيئة لتحقيق هذا الفصل الذي إعتبروه إنجازا ولهذا لا اعتقد انهم سيتراجعون عن هذا الانجاز بسهولة.

تقصد ان لا مصلحة لهم في المصالحة؟

ــ ليست لدي مشكلة وكنت ابلغتهم قبل سبع سنوات تقريبا وبواسطة وسائل متعددة اني لست خصما لهم ولا عدوا ولا اريد شراً لأحد لكن من مصلحتهم ان ابقى في المنزل وفي سجني مقيدا لانهم يعتبرون ان الشيعة في لبنان مزرعة لهم فإذا صرت طليقا يمكن ان يخافوا على هذه المزرعة.

هل يمكن لكلامك ان يستغل سياسيا لتوسع الشرخ اكثر؟

ــ ليس كلامي الذي يستغل وانما تصرف الآخرين الذي قد يستغل. انا اعبر عن واقع قائم ممكن ان يستفيد منه اي انسان وليس غريبا هذا الكلام بل هو الحقيقة.

اين موقعك في التحالف الشيعي القائم بين حركة أمل وحزب الله؟

ــ اعتقد ان الاصطفاف الطائفي القائم في لبنان سواء كان اصطفافا سنيا او درزيا او شيعيا هو خطير جدا وهنا لا اتحدث عن اصطفاف ماروني لوجود اكثر من تيار ماروني.

واقول انه اصطفاف خطير لانه اصطفاف طائفي وليس سياسيا ولا يصب في صالح البلد وانما في صالح الزعماء وهذا ينذر بحرب أهلية.

لو ان البلد فيه تنوع سياسي لكان وضعنا أفضل بكثير لهذا انا ضد هذا الإصطفاف الطائفي.

ما تفاصيل الاتصال الذي تلقيته من النائب وليد جنبلاط؟

ــ لا شيء اتصال طبيعي.

هل كان يتصل بك في الفترات السابقة؟

ــ لا لم يتصل. فقط حين كنت في موقع المسؤولية لكن الاتصالات هذه توقفت منذ سنوات. وبتقديري ان البلد وصل الى عنق الزجاجة. نحن في وضع صعب وكل جهة متمترسة خلف مواقعها وقناعاتها وتوجهاتها غير مكترثة بأي جهة اخرى فمن الطبيعي لاي انسان ان يحاول تدعيم مواقعه وتحسين وضعه. ومن هنا ليس غريبا ألا يحصل التواصل بين الآطراف.

الا تعتقد ان لهذا الاتصال دلالات معينة؟ وما الذي اراد جنبلاط تحقيقه بإعادة التواصل معك في هذا الظرف تحديدا؟

ــ هو سياسي يخوض معتركا حاميا ويعتبر نفسه في ظرف صعب جدا يحاول ان يخرج من هذا المعترك الصعب ولو باتصال ومن الطبيعي انه وجد ان من مصلحته الإتصال ففعل.

ما الذي عرضه عليك؟

ــ لم يعرض غير الذي نشر.

قيل انه عرض تسوية لوضعك القانوني ومعالجة بعض الأمور في منطقتك؟

ــ انا من طرح هذه المسألة كما اطرحها الآن وكما اطرحها امام وسائل الإعلام وانا لا اقبل ان يخدمني احد ويعالج المشكلة القضائية، وحديثي مع اي انسان سواء كان مع الإعلام او المسؤولين هو بلغة واحدة.

هل سينجح جنبلاط في كسب حليف شيعي داخل التكتل الذي خرج من تحالفه معه؟

ــ اتحدث عن وجهة نظري انا ولا اريد ان اتكلم عن وجهة نظر الآخرين. انا من الناس الذين يعتبرون ان لبنان يمر بوضع صعب جدا ويجب ان نجد حلولا للمشاكل القائمة وان نؤسس لدولة على غرار الدول المحترمة بأنظمتها وقوانينها وادارتها وكي نصل الى شيء من هذا القبيل لا بد ان يحصل التكاتف والتآزر مع كل الأطراف السياسية. لهذا يجب ان يكون التواصل بين كل الأطراف وان يكون ثمة مسعى لحل المشكلات وهذا ما اؤمن به ويجب ان امارسه ولهذا ليس عندي مشكلة ان اتصل مع اي إنسان او يتصل معي اي انسان طالما عندي مشروعي الذي اؤمن به ويجب علي ان استطعت ان أنفذه.

الى اي درجة تتوافق مع جنبلاط في مواقفه منذ سنة ولغاية اليوم؟

ــ ليس الامر كذلك ولا أريد ان احاكم الآخرين على مواقفهم فضلا عن ان كثيرا من المواقف هذه تنبع من فعل وردة فعل بين السياسيين، لذا نلاحظ تبدل الآراء بين شهر وآخر احيانا وربما لان بعض الاطراف تعتبر نفسها في حالة حرب فتمارس نوعا من الدفاع عن النفس وهنا لا اتكلم عن وليد (جنبلاط) بل عن السياسيين عموما في لبنان لكن من جهتي ارى ان عندنا مشكلة في لبنان، هناك فريق يقول "لبنان اولا" كشعار وفريق آخر يقول "المقاومة اولا" وما بين الاثنين نجد ان لبنان سيتبخر ونصل الى حرب اهلية وهنا المصيبة. لا استطيع ان أفهم شعار "لبنان اولا" والحرب قائمة بيننا وبين السوريين، اذ لن يبقى شيء من لبنان اذا دخلنا في حرب مع السوريين، المفترض ان لبنان اولا لن يستقيم ونحن في مشكلة مع سورية.

لا اريد القول ان لا مشكلة عند السوريين لكن العلاج له طرق ووسائل اخرى.

اما من جهة المقاومة اولا، فنحن طرحنا تحرير فلسطين، وصلنا الى الحدود فلتكمل المقاومة اذا كانت مقاومة فعلا، هذه ارض مغتصبة ومحتلة.

لكنها مقاومة لبنانية اولا؟

ــ عندما أسسناها كنا "مقاومة اسلامية" فلا أعرف اذا كانت اصبحت اليوم "مقاومة لبنانية" وهم لا يزالون يسمون انفسهم "مقاومة إسلامية" والارض ما زالت محتلة فإما ان تكمل التحرير او لا تكمله وتقول انك عاجز وهناك مواقع وافهمك لاني عانيت من هذا الأمر حينما أسست المقاومة وواجهتنا عقبات كبيرة وكثيرة استطعنا تجاوزها لان المقاومة كانت بالنسبة لنا خيارا لا بديل عنه.

ربما كانت المقاومة عند الآخرين خياراً لكن لها البديل، اي لا نستطيع ان نكمل المقاومة اذا إنسحبوا، والا لا تقاوم ولا تنسحب الى البيت. اذا ماذا تفعل؟ حرس حدود؟ وهل انت شرطي؟

قلت في احدى المقابلات لو كنت رضيت بما عرض على غيرك لكانت اسرائيل انسحبت قبل العام 2000 فما الذي عرض عليك وقبله الآخرون؟

ــ عرض علي هذا الذي فرحنا به وطربنا وغنينا له وهو التحرير الذي عرض علي ورفضته.

كيف تم ذلك وعبر من؟

ــ عرض علي الذي حصل بالضبط.

هل تقصد ان اسرائيل انسحبت بفعل تفاهم لا بالتحرير؟

ــ لا، هم عرضوا لأنهم يتعرضون لضغط عسكري وهم يريدون ان يخرجوا من هذه المشكلة فطرحوا هذه الطروحات وحينما لم تنفذ او لم يقبل بها حاولوا تنفيذها بطريقة ثانية، اي حصل تفاهم تموز 1993 والذي كان مقدمة لتفاهم نيسان 1996 ومن حينها يدرك المتتبع ان الاسرائيلي اصبح جاهزا للإنسحاب، لانه اذا وصل الى الحدود لا يدخل عليه مسلح والسوري كان يتهرب من تنفيذ الإتفاق وحاول الاسرائيليون بكل الوسائط وعبر اطراف كثيرين ان ينسحبوا ويسلموا الأرض اللبنانية للسلطة اللبنانية لكن السوري كان يرى مصلحته في عدم اراحة الاسرائيلي بل في تكبيده مزيدا من الخسائر وحتى يوم إنسحبت اسرائيل من جزين منع السوري الجيش من دخولها لكن مع هذا عاد وانسحب الاسرائيلي بعد ان اخذ ضمانات ايرانية.

انت تتهم الايراني بالتواطؤ مع الاسرائيلي للانسحاب من لبنان؟

ــ هذا ليس إتهاما بل حقيقة، نعم تواطأ الايراني مع الاسرائيلي والسوري في خلق مسألة مزارع شبعا كي يعطي مجالا لبقاء مقاومة او ما شابه ذلك ليبقى شيء من الضغط على الإسرائيلي. وهذه مسألة واضحة وجلية.

اذا انت توافق القائلين ان سورية تريد ابقاء مزارع شبعا ايضا في الصراع العربي الاسرائيلي؟

ــ يجب ان الفت نظرك الى اني مع المقاومة ولا أسمح لنفسي ان أقول ان هذه الارض سورية وتلك فلسطينية. هوية المزارع محددة كما هوية القدس محددة ونحن لا نتناغم مع الرغبات الاسرائيلية.

بتقديري ان كل مشكلاتنا وبلائنا وحتى حكام السوء في بلادنا هم صنائع للمحتل وبلادنا محتلة وهمّ حكامنا ان يرضى عنهم المحتل كي يبقوا في السلطة وينفذوا رغبات المحتل فبلادنا محتلة ويجب ان نقاوم المحتل بكل وسائل المقاومة المتاحة سواء كانت عسكرية او سياسية او اعلامية او ثقافية او ما شابه ذلك، ولا يجوز ان نستبدل اي نوع من انواع المقاومة بمشاريع اخرى. للاسف ان تحرير فلسطين هو شعار طرح منذ زمن لكنها كانت شعارات للاستفادة من مشاريع اخرى. انا مقاومة في لبنان يجب ان اقاوم واستمر في مقاومتي وان احرر ارضي وكرامتي ولكن لا يجوز ان استغلها في مشاريع اخرى، او ان تكون مجرد شعار استهلاكي. ومن هنا ادين التوقف عن متابعة المقاومة والاتفاقات مع العدو الاسرائيلي، واذا فرضنا ان هناك معوقات لمتابعة التحرير ادين حماية الحدود مع العدو الاسرائيلي لاني حينما احمي ارضي فهذا سيكون ذا حدين، لان بحمايتي للقرية المحاذية احمي عبرها القرية اليهودية كي لا يضربها احد تجنباً لرد فعلهم على ذلك.

ما هي نظرتك للحوار الوطني القائم ولا سيما بالشق المتعلق بمناقشة سلاح المقاومة؟

ــ الحوار هو لتقطيع الوقت لا لشيء آخر، لم يتفقوا على شيء ولن يتفقوا، لكل طرف مصلحة في تقطيع الوقت والذي خرج ليقول اتفقنا فكل الناس تعرف انهم متفقون على امور عدة في الظاهر اما في بواطن الامور فهم ليسوا متفقين على شيء واليوم لن يتفقوا على شيء.

 

انها مناورات...

كيف ترى النقاش الحاصل حول سلاح المقاومة؟

ــ بتقديري ان اغلب اللبنانيين ليسوا ضد المقاومة واذا فتحت المقاومة باب الجهاد بشكل منطقي فأغلب المشاركين فيها سوف يكونون من طوائف اخرى وليسوا من الشيعة.

وضع السنة وكأنهم ضد المقاومة خطأ، وضع الدروز او المسيحيين وكأنهم ضد المقاومة خطأ، وليس كل الشيعة مقاومة.

المقاومة بنظري وحّدت اللبنانيين. مشكلتنا في العراق ان العراقيين حينما تخلوا عن المقاومة استطاعت اميركا ان تدخلهم في حرب اهلية، اذا قرر العراقيون اليوم ان يخوضوا حرب تحرير دفاعاً عن انفسهم تنتهي الحرب الاهلية وتتحرر ارضهم.

بتقديري كانت المقاومة في لبنان عاملاً موحداً لكل اللبنانيين وحينما تخلينا عنها منذ العام 2000 لغاية اليوم لعب هذا الامر دوراً في احداث التمزق الذي نعيشه.

هل تؤيد سحب سلاح المقاومة او انضمامها الى الجيش؟

ــ اما انها مقاومة فتكمل او ان تنسحب وليس عملياً ان اقول ماذا سيفعلون في السلاح، واحزن اننا نعجز عن متابعة التحرير.

من تعتقد سيوافق على طرحك اكمال التحرير الى فلسطين؟

ــ ليس المهم من يوافق عليه بل المهم هل هو صح ام لا وبتقديري لو ان المقاومة كانت تعمل مقاومة جدية فربما كانت آراء الكثير من السياسيين اللبنانيين غير آرائهم الراهنة حولها.

كيف تقرأ الآراء التي تتحدث مرة عن "هلال شيعي" واخرى عن "ولاء شيعي لإيران"؟

ــ ليس من باب تجميل النفس انا اخاف على المسلمين قاطبة ولا اخاف على فئة اكثر من اخرى وليس من مصلحتنا هذا.

منذ ثلاث سنوات ونيف وبعد الغزو الاميركي للعراق تحدثت يومها عن ان السياسة الايرانية خطر على الشيعة في العالم العربي والاسلامي باعتبارهم الافضلية ويتهددهم الخطر لانهم سيصابون ونتيجة السياسة الايرانية بأوصاف تسمح بإيذائهم، وقلت ان السياسة الايرانية تشكل خطراً جدياً وتهدد الشيعة في العالم العربي والاسلامي، يومها استغرب الكثير من الناس كلامي، واليوم وصلنا الى ما توقعته.

ما كان احد يخيل له انه يمكن ان يصل الصراع الطائفي في العراق الى درجة تنسف فيها المساجد فوق رؤوس اهلها، وهذه الظاهرة ممكن ان تعمم على كل المنطقة.

ــ احب ان اوضح هنا ان كثراً لم يدركوا خطر الاحتلال الاميركي للعراق والبعض اعتبر ما حصل انجازاً، لكن الاميركي جاء لان لديه اطماعاً ولا يريد مصلحتي بقدر ما لديه مشاريع استعمارية جديدة.

وهل هذا توصيف ينطبق على لبنان بالنسبة للاميركي؟

ــ ينطبق على كل المنطقة بالطبع. كان انجازاً اميركياً مهماً حينما دفعنا الى حرب اهلية. كانوا يتحدثون منذ فترة قريبة عن تاريخ انسحاب الاميركي من العراق صاروا اليوم يطالبون الاميركي بالبقاء في العراق نتيجة ما اوصلنا اليه هذا الاميركي.

وهذه الظاهرة قد تعمم على اكثر من العراق الى لبنان ومناطق اخرى لا اريد ان اسميها والحديث لبعض السياسيين المرتبطين بالاميركان يصب في هذا الاتجاه وهذا خطير.

حينما يتحدث الملك عبدالله في الاردن عن "هلال شيعي" والرئيس المصري عن "ولاء شيعي لايران" انما يريدان من وراء ذلك ان يستفزا السنة، وهما ليسا من يريد ذلك انما الاميركي وهما يريدان ما يريده الاميركي وهنا الخطر المخيف.

كيف تقرأ امتلاك ايران للسلاح النووي؟

ــ لا اعتقد ان هذه المسألة هي مصدر النزاع الجدي، يعرف الاميركيون ان الايرانيين حققوا تقدماً في مجال الابحاث النووية وحققوا اكثر ما اعلنوا وهذا الامر قد لا يكون من الامور التي تزعج الاميركيين وانما يكسبهم بتخويف المنطقة من النووي الايراني، لهذا هو يخلق عاصفة اعلامية مما حصل وهذه مسألة معروفة.

نحن بحاجة لأن نبعد الشك بين شعوب المنطقة ونصل الى الطمأنينة كمقدمة للتعاون.

اين اصبحت "ثورة الجياع"؟

ــ تعود الى العام 1997 حيث كان الوضع مأسوياً وأنهيت بطريقة عسكرية "ديمقراطية" جداً!

اليوم مصائب البلد كبرت وتطورت ويحتاج ليس الى ثورة جياع فقط بل الى عمل سياسي واسع والى وعي كامل للشعب.

ما الذي حقق الشعب في "14 آذار" بتقديرك؟

ــ الناس طيبون ومحبون للخير لكن المشكلة في السياسيين وايضاً 8 آذار ليسوا ايتاماً، هم شعب، هنا كان شعب رفع شعارات صحيحة وهناك شعب آخر رفع شعارات ايضا صحيحة ولست في معرض المجاملة حين اقول ذلك، المشكلة في عدم جدية السياسيين، لا مصلحة للبنانيين بخراب البلد وبالحرب الاهلية ولا هم يسرقون المال العام ولا هم المفسدون، الذي يخرّب انما يخرّب على يد السياسيين.

ما هو رأيك بالورقة الاقتصادية الاصلاحية المطروحة للنقاش؟

ــ في الظروف العادية يستغل السياسيون ظروفنا للبازارات فكيف بهذه الظروف الاستثنائية. نحن بحاجة الى قانون انتخابات يخرجنا من هذه الازمة، والى التزام بأدبيات العدالة العامة وحينها تحل مشاكلنا حتى الاقتصادية منها.

كيف تقيم اداء وزراء حزب الله في الحكومة؟

ــ وهل هناك حكومة اليوم. منذ سنة لا توجد حكومة ولا دولة. نحن سائبون ولا احد يحكم والا اين القرارات الحقيقية واين المعالجة لمشكلات البلد.

يقال ان رئيس الجمهورية يعطل قرارات الحكومة صاحبة الاكثرية؟

ــ وهل تنتظرين منه ان يسهل الامور لخصومه, لا ارى ان لحود مؤهل للرئاسة وخياره منذ البداية لم يكن سليماً ويجب ان يصار الى اختيار رئيس جديد خلفاً له.

هل لديك مرشح معين، او توافق على العماد ميشال عون خليفة للحود؟

ــ لست ممن تؤهله ظروفه لطرح اسماء واي شخص يتولى المسؤولية يجب الا يجير السلطة لمصالحه واقاربه ولا يعطل القانون حينما لا ينسجم مع مصالحه والعدالة يجب ان تكون رائدة.

هذه هي المواصفات التي يجب ان يكون عليها الرئيس وان وجدت في شخص عون فأنا معه او في شخص صيني او يهودي فأنا معه ايضاً...

كان لافتاً البيان الذي صدر عن ابناء الشيخ صبحي الطفيلي ينفون فيه علاقتهم بمحاولة اغتيال امين عام "حزب الله"؟

ــ قرأت في صحيفة "الحياة" بياناً يدعي وجود شائعة في كل لبنان تطالني وهو يدعي الغيرة علي لينفيها ويتحدث اني نفيت في حين ان لا شائعة ولا حاجة ليصدر بيان. كانت كلها فبركة، الشائعة والبيان من جهة واحدة, تألمت واعتبرت ان هناك استهدافاً دنيئاً من بعض المنزعجين الذين ما كان لهم ان ينزعجوا.

كان المقصود نشر شائعة. وبتقديري هذه من جملة الاعمال القذرة التي يمارسها البعض بروحية العدوان في حين ان كل اللبنانيين يعرفون اننا ام الصبي. وعندي شبهات حول بعض الجهات المحددة ولا احب ان ادخل في الاسماء, ولن ننزلق الى هذه المستوى.

لماذا هذا العداء لايران هل لانهم طردوك من "حزب الله"؟

ــ استعمال كلمة طرد في غير محلها وليس الامر كذلك. هم اساءوا الى شعبنا وبدل ان يقفوا مع اهلنا الفقراء وقفوا مع السلطة الظالمة وهذا لا نصفه الا بالغدر كما تآمروا على قتلي في الحوزة وما زالوا وراء الملاحقة القضائية السياسية.

ادعوهم للتعقل ومخافة الله واقول اني غفرت لهم فليغفروا لأنفسهم ويتجنبوا الاساءات في ما يفعلوه لانه لا يجوز شرعاً.

كيف تنظر الى مستقبلك؟

ــ لا انطلق في حياتي من مشاريع شخصية وعلى المرء ان يفكر بواجبه وحيث يتوجب علي ان ابحث في موضوع، علي ان اقوم بما عليّ وكذلك حينما تدعو الحاجة لان احمل البندقية فسأفعل وواجبي ينطلق من تكليفي الشرعي.