أحمد الأسعد

يجب إضعاف حزب الله لإضعاف المشروع الإقليمي في لبنان

عن موقع ليبانون فايلز

http://www.lebanonfiles.com/news_desc.php?id=17988

حاوره: شارل جبور

cjabbour@lebanonfiles.com

 

 17 أيلول 2007

اعتبر عضو لقاء "الانتماء اللبناني" الأستاذ أحمد الأسعد أن المقصود بالتوافق الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري إيصال رئيس للجمهورية يدين بالولاء، كلياً أو جزئياً، إلى سوريا وإيران، وأن هدف السوريين بالحد الأقصى تفريغ موقع الرئاسة وتعميم الفوضى في لبنان للالتفاف على المحكمة الدولية وإعادة هيمنتهم على هذا البلد، وبالحد الأدنى انتخاب رئيساً موالياً لهم يحول دون اكتمال عناصر السيادة اللبنانية ويعمل على تسديد خدماته لهم في كل الملفات الحساسة بدءاً بالمحكمة الدولية وصولاً إلى المسائل السياسية والأمنية، مؤكداً أنه "لا يمكن الوقوف ضد التوافق متى كان الخلاف حول أمور لها علاقة بالتنافس على السلطة، إنما لا يمكن الوقوف مع التوافق متى كان الصراع قائم على أساس وجود مشروعين في البلد، مشروع إبقاء لبنان ملحقاً بالمحور الإيراني-السوري، ومشروع أن يكون لبنان دولة مستقلة وحديثة وحضارية وجزء لا يتجزأ من دول القرن الواحد والعشرين".

وأشار الأستاذ أحمد الأسعد إلى أن مجرد إقفال "الحنفية" المالية الإيرانية عن حزب الله ستظهره على حقيقته لأن ما يربط الناس به هو قدراته المادية الهائلة، لا القناعات السياسية والعقائدية، أما حركة أمل فباتت تابعة لحزب الله، ولا يوجد شيء اسمه حركة أمل، هناك فقط حزب الله، لافتاً إلى أن لا قيام لمشروع الدولة في لبنان في ظل الواقع الشيعي القائم، وبالتالي المطلوب أولاً وضع قانون انتخابي على أساس النسبية من أجل كسر الاحتكار في الوسط الشيعي، كي لا يعود، عندذاك، باستطاعة حزب الله الإدعاء أنه الممثل الحصري للطائفة الشيعية داخل المجلس النيابي والحؤول دون تشكيل أي حكومة إلا من خلاله والتهديد بالاستقالة وإخراج طائفة بكاملها من السلطة التنفيذية إذا لم يصار إلى التجاوب مع مطالبه التعطيلية، والتعاطي ثانيا مع كل المعارضات الشيعية بجدية أكبر وصدق أكثر من قبل قوى 14 آذار وإسقاط أي تعويل على صفقة مع حزب الله أو مع الرئيس بري، والضغط ثالثاً على أدوات المشروع الإيراني-السوري في لبنان من أجل لبننتها، والمدخل الوحيد إلى اللبننة هو من خلال الضغط السياسي لا المساومات السياسية، والضغط الأكثر تأثيراً هو من داخل الطائفة الشيعية، لا من خارجها.

وشدد عضو لقاء "الانتماء اللبناني" أن ليس مطلوباً تحييد لبنان فقط، التحييد لم يعد كافياً، لأن المشروع الإيراني في المنطقة يشكل خطراً على الشيعة والمنطقة والقيم الانسانية، مما يحتم مواجهته لأنه في حال نجاحه واستمراره سيأخذ المنطقة ومن فيها نحو الهاوية، معتبراً أن الاستحقاق الرئاسي سيشكل محطة دفع صغيرة باتجاه استكمال العناصر السيادية، ولكنه لن يتمكن من إيصالنا إلى لبنان الدولة التي نطمح إليها طالما أن المشكلة الأساسية التي اسمها حزب الله، من خلال احتكاره التمثيل الشيعي، ما زالت قائمة، مما يعني أن أقدام المشروع الإقليمي ما زالت راسخة في لبنان، وبالتالي يجب إضعاف حزب الله لإضعاف قوة المشروع الإقليمي في لبنان، ولا يمكن إضعاف حزب الله إلا بإضعافه شيعياً.

 

هل مجالات التوافق، بعد مبادرة الرئيس نبيه بري ورد قوى 14 آذار، ما زالت متوافرة؟

لاشك أن كلمة توافق هي كلمة جميلة ويصعب إجمالاً أن يكون أي شخص ضد التوافق، ولكن في موضوع رئاسة الجمهورية تحديداً يجب معرفة الخلفيات الكامنة من وراء هذا الطرح وهي إيصال رئيس للجمهورية يدين بالولاء، كلياً أو جزئياً، إلى سوريا وإيران غير مستعدتين التخلي عن ورقة الضغط الأساسية التي يمتلكانها وهي الملف اللبناني. ولذلك، طرح الأستاذ نبيه مناورة التوافق بغية انتخاب رئيس يضع قدماً في لبنان وأخرى في المحور الإقليمي، وهذا ما نرفضه بشدة مهما تكن النتائج لأنه "إذا ما كبرت ما بتصغر"، ونريد بالتالي رئيساً للجمهورية لبناني مئة بالمئة، فإذا أراد فريق 8 آذار السير بهذا الاتجاه والتوجه يكون أمراً جيداً، وإلا الانتخاب بالنصف زائداً واحداً يبقى الحل الأنسب.

 

 هل تقصد أن مبادرة الرئيس بري هي مناورة سياسية؟

بالتأكيد.

 

ماذا عن قوله أن مبادرته لبنانية صافية؟

لا يمكنه أن يقول خلاف ذلك، وهذا الكلام غير صحيح.

 

هل تقصد أنها منسقة مع السوريين؟

طبعا، ولو لم تكن منسقة مع السوريين وتحظى بالرضى السوري لما أطلقها، خصوصاً متى كان الهدف من ورائها إلحاق لبنان كلياً بالمشروع الإيراني-السوري، ما هو غير مقبول إن لجهة التضحيات الكبرى التي قدمها لبنان منذ العام 1969 حتى اليوم، أو لناحية حق اللبنانيين بالعيش في وطن حر، سيد ومستقل.

 

هل هدف السوريين إيصال رئيساً موالياً لهم أم تفريغ موقع الرئاسة؟

هذا الأمر يبقى وفق المعطيات والظروف الدولية والإقليمية التي يرونها مناسبة وتخولهم بالحد الأقصى تفريغ موقع الرئاسة وتعميم الفوضى في لبنان للالتفاف على المحكمة الدولية وإعادة هيمنتهم على هذا البلد، وبالحد الأدنى انتخاب رئيساً موالياً لهم يحول دون اكتمال عناصر السيادة اللبنانية ويعمل على تسديد خدماته لهم في كل الملفات الحساسة بدءاً بالمحكمة الدولية وصولاً إلى المسائل السياسية والأمنية.

 

 كيف يمكن الوقوف ضد التوافق في بلد قائم على التسويات؟

لا يمكن الوقوف ضد التوافق متى كان الخلاف حول أمور لها علاقة بالتنافس على السلطة، إنما لا يمكن الوقوف مع التوافق متى كان الصراع قائم على أساس وجود مشروعين في البلد، مشروع إبقاء لبنان ملحقاً بالمحور الإيراني-السوري، ومشروع أن يكون لبنان دولة مستقلة وحديثة وحضارية وجزء لا يتجزأ من دول القرن الواحد والعشرين. هناك مشروع سينتصر في نهاية المطاف، لا يمكن دمج هذين المشروعين وإقامة تسوية بينهما، هذا كلام فارغ، فإما إبقاء لبنان من ضمن الفلك السوري-الايراني وإما التحرر من هذا الفلك لنصبح دولة تحترم نفسها. لذلك، لا يمكن إبرام تسوية، نحن أمام مرحلة صعبة ولا خيار أمامنا سوى باجتيازها وصولاً إلى الهدف المنشود في جعل لبنان دولة بكل ما للكلمة من معنى.

 

 هل يجوز الحسم على قسم من اللبنانيين المنخرطين في هذا المشروع؟

يجب على جميع اللبنانيين أن يحسموا خياراتهم السياسية بالولاء الكامل لهذا الوطن. من المعلوم أنه يصعب على مطلق أي انسان المجاهرة في أرائه الحقيقية في ظل ما قد يتعرض له من قمع وترهيب على غرار الوضع القائم ضمن الأوساط الشيعية. وعليه، لا يمكن وضع الطائفة الشيعية في خانة حزب الله، أو اعتبار تأييد شريحة واسعة من أبناء هذه الطائفة له نابعاً من قناعة بأفكاره ومشروعه، إنما مرده إلى امتلاك الحزب إمكانات مالية ضخمة يوظفها في "شراء" الناس وربطهم بمشروعه. الظروف القائمة داخل الطائفة الشيعية لا تساعد على التحرر من هذا الواقع، مما يقتضي الدفع باتجاه تغيير هذه الظروف إفساحا في المجال أمام القوى الحية الشيعية في التعبير عن خياراتها الحقيقية، وأكبر مثال على ذلك الحزب الشيوعي الذي كان يحظى، إبان القبضة الحديدية للاتحاد السوفياتي، بتأييد شعبي عارم، ولكن لحظة انهيار هذا الجسم تبدلت الأرضية بين ليلة وضحاها وبات هذا الحزب، في الدول ضمن الاتحاد السوفياتي، معزول شعبياً، وما ينطبق على الحزب الشيوعي ينسحب على حزب الله والطائفة الشيعية التي يمارس بحق أبنائها القمع والترغيب والترهيب مما يجعلهم محكومين بمسايرة هذا الوضع. من هنا تكمن أهمية تحركاتنا في "الانتماء اللبناني"، وضرورة مساعدة جميع اللبنانيين لنا لأن لا قيام للبنان المنشود في ظل الواقع الشيعي القائم، ولا إمكانية لإدخال الطائفة الشيعية في مشروع الدولة طالما أنها مكموشة من قبل حزب الله الذي يمتلك مشروعاً غير لبنانياً، وبالتالي المطلوب كسر الاحتكار الموجود داخل هذه الطائفة بغية مساهمة الواقع الشيعي الجديد في مشروع بناء الدولة.

 

كيف يمكن كسر هذا الاحتكار؟

المطلوب من 14 آذار التعاطي بجدية أكبر وبصدق أكثر مع هذا الموضوع، باعتبارها تخلت، في محطات عدة أبرزها التحالف الرباعي، عن حلفائها في الطائفة الشيعية لمصلحة حزب الله بهدف لبننته، وهذا الكلام فيه الكثير من السذاجة، كونه لا يمكن لأي قوة سياسية تملك النفوذ والمال والسلاح أن تتخلى عن صلاحياتها ونفوذها لمجرد محاصصة انتخابية أو ورقة تفاهم على غرار ما قام به العماد عون. التخلي عن الصلاحيات والنفوذ يكون فقط من خلال الضغط السياسي، لا المساومة السياسية، لأن التحالف الانتخابي عوم مشروع حزب الله. ولكن الأمور لا تقتصر عند هذا الحد، إذ أن المراهنات على الأستاذ نبيه، من أجل عقد صفقة معه، لم تتوقف، وآخر مؤشراتها تسليم ملف التعويضات بعد الحرب الأخيرة إلى "مجلس الجنوب"، المعروف بمجلس الفساد والهدر، بدلاً من إعطائها إلى الجيش اللبناني الذي يحظى بثقة الجميع نظراً لصدقه وشفافيته، وخصوصاً في ظل إطلاق حزب الله للشائعات بين أهالي الجنوب ومفادها أن الجيش ليس في وارد الدفاع عن مصالحهم أو الوقوف إلى جانبهم، وهو يعتمد توجهاً أميركياً مناقضاً لتوجههم. عندما يتسلم الجيش هذه الملفات ويعمد إلى إعطاء كل صاحب حق حقه يحول دون الاستغلال السياسي ويتحول تدريجيا إلى المرجعية التي تتطلع إليها الناس. 

 

هل سعيتم في هذا الاتجاه؟

نعم، ولكن، ويا للأسف، كان هناك إصراراً على تسليم هذا الملف للأستاذ نبيه عله يبتعد عن حزب الله، هذا كلام سخيف وغير جدي، وبعيد كل البعد عن ذهنية رجال دولة، لأنه إما هناك دولة أو لا دولة، إذ لا يوجد شيء اسمه "نصف" دولة. كما أننا لا نلمس دعماً جدياً من قوى 14 آذار للمعارضة الشيعية، لا بل أنها تتعاطى معنا بحذر بغية، على ما يبدو، إبقاء المجال مفتوحاً أمام إبرام صفقة محتملة مع حزب الله. وهذا دليل على غياب الجدية في التعاطي مع هكذا مسألة حيوية تتعلق بسيادة لبنان واستقلاله. القضية اللبنانية اليوم تختصر بمعالجة "المسألة الشيعية"، من يعرقل مشروع بناء الدولة هو حزب الله غير المبال بتأييد أو عدم تأييد سائر الطوائف له، كل ما يهمه حماية خلفيته الشيعية، وبالتالي لا يمكن إضعافه إلا من خلال الطائفة الشيعية، الأمر المتاح بشكل واسع بعدما دمرت منازل الناس وتهجرت وتشردت، إنما المشكلة تبقى في غياب الجدية المطلوبة.

 

ألا تعتقد أن الوسيلة الفضلى لكسر الاحتكار هي عبر وضع قانون جديد للانتخابات وإجراء انتخابات تتيح إيصال عدداً من النواب من خارج الثنائية الشيعية؟

صحيح، ويجب التسليم أن لا إمكانية لنقل لبنان من حال إلى حال إلا في تغيير الواقع السياسي الشيعي، وأقصر الطرق إلى ذلك وضع قانون جديد للانتخابات على أساس النسبية بعد إعادة النظر بحجم المحافظات، مما يخول المعارضة الشيعية في الجنوب والبقاع وبيروت الحصول في أقل تقدير ممكن على 30% من أصوات الشيعة، عدا أصوات المسيحيين والسنة والدروز، لأن المواطنين ينظرون عملياً إلى الضوء في آخر النفق، وعندما يتأكدون أن أصواتهم لن تذهب هدراً لن يتوانوا عن صب أصواتهم لمصلحة المعارضة الشيعية.

 

هل تقصد أن حزب الله وأمل يمثلون 70% من الطائفة الشيعية؟

لا بل أقل من ذلك بكثير، مجرد إقفال "الحنفية" المالية الإيرانية عن حزب الله ستظهره على حقيقته لأن ما يربط الناس به هو قدراته المادية الهائلة، لا القناعات السياسية والعقائدية. أما حركة أمل فباتت تابعة لحزب الله، ولا يوجد شيء اسمه حركة أمل، هناك فقط حزب الله.

 

 هل يمكن الرهان على الفصل بين الرئس بري وحزب الله؟

إطلاقاً، لم يحصل في تاريخ لبنان أن أقفل المجلس النيابي بهذا الشكل ولهذه الفترة، ولا أعرف حقيقة كيف يمكن الرهان على الأستاذ نبيه الذي أقفل المجلس بطلب من حزب الله. هذا الأمر غير وارد، ابتعاده عن الحزب مقرون فقط بتحول الأخير إلى ورقة خاسرة، ولكن طالما ما زال يملك الإمكانيات والنفوذ وفارض نفسه يستحيل الرهان على الفصل بينهما، وهذا ما أثبتته أقله التجارب السابقة. نتكلم اليوم عن قدرات هائلة للحزب، من ترسانة أسلحة إلى مبالغ طائلة تأتيه من إيران تفوق الـ70 مليون دولار شهريا، أي حوالي 800 مليون دولار سنويا. موازنة الدولة اللبنانية بإداراتها وقواها الأمنية ومشاريعها لا تتعدى الثلاثة مليارات دولار، بينما حزب الله وحده لديه ثلث هذه الموازنة. لا بد من أجل إفساح المجال أمام الشرائح الشيعية من التعبير إعطائها الضمانات المطلوبة وأهمها قانون للانتخابات على أساس النسبية يتيح إيصال ممثليها إلى الندوة البرلمانية، مما يوفر الغطاء السياسي لحركتها ويحررها من القبضة الحديدية.

 

ألم يدخل وجود الجيش اللبناني في الجنوب والقوات الدولية تغييراً على واقع المنطقة؟

لم يتغير شيء، سلاح حزب الله في الأساس لم يكن مرئياً، الضغط المعنوي هو ذاته، الخشية من إعادة استعمال هذا السلاح في أي لحظة تبقى قائمة، أساليب القمع هي ذاتها، ففي حال تم التعبير عن رأي معين في قرية معينة يصنف صاحبها مباشرة بالعميل الصهيوني والامبريالي، إضافة إلى أن التصنيفات المعلبة هي نقيض مفاهيم التشيع، باب الاجتهاد لدى الشيعة واسع جداً، الإمام الحسين الذي ركز مفاهيم التشيع قام بثورته رفضا لاختزال الإسلام بفكر واحد وسعياً إلى تحرير الإسلام، كونه أدرك أن اختزال الإسلام بفكر واحد يوصل إلى الهلاك ويحول دون تطور هذا الفكر وقدرته على مواكبة العصر. لا شك أن مواجهتنا هي في سبيل لبنان ولكن أيضا بهدف العودة إلى مفاهيم التشيع الحقيقية التي تحورت وتزورت من لحظة مجيء النظام الإيراني الذي غير تماما مفاهيم التشيع جاعلاً من الممارسة باسم التشيع نقيضاً لها، فإذا لم تكن من هذا الرأي تصبح تلقائياً غير مسلم وغير شيعي وخائن وكافر.

 

 ماذا عن النهضة الشيعية في المنطقة التي هناك من وصفها بـ"أن الشيعة خرجوا من القمقم ولن يعودوا إليه بعد اليوم"؟

أنا ضد هذا التوجه، ما يحصل باسم الشيعة هو نقيض المفاهيم الشيعية، عندما كانت مرجعيتنا في الماضي في النجف كان هناك مرجعيات ومدارس عدة، وكل واحدة منها لديها في مواضيع معينة آراء مختلفة إنما كان الحوار واحترام الآراء المتعددة هو القاعدة بين الجميع، هذا هو التشيع الحقيقي، وما يمارس باسم المشروع الشيعي ليس لمصلحة الشيعة، ولا لمصلحة الانسانية ولا الحضارة، إنما مشروع يأخذ الشيعة والعالم إلى الانفجار والهاوية. كان ولاء الشيعة دوماً لأوطانهم ودولهم، ولا يوجد شيء اسمه مشروع شيعي. يدعي النظام الإيراني أنه وكيل ولاية الفقيه، هذه أكبر بدعة، لدينا إلى جانب النبي 12 إماماً معصوماً، باستثنائهم لا يوجد أحداً معصوماً، ولذلك، أنا ضد تسمية أي رجل دين بالإمام، لا يوجد إمام، هناك فقط 12 إمام، آخر إمام الذي هو الإمام المهدي غاب وما زلنا بانتظاره، وبالتالي الولاية المطلقة ولاية الفقيه تعطى فقط للإمام المعصوم لأنه لا يخشى وقوعه في الخطأ، ولكن لا تعطى لمطلق أي شخص، إنما فقط للإمام المعصوم. جاء النظام الإيراني، إن عبر الخميني أو خامنئي، ليخبرنا أن لديه وكالة عن الإمام المهدي وأنه قادر على تطبيق ولاية الفقيه والولاية المطلقة. عندنا شيء اسمه الولاية مطلقة والولاية خاصة، الولاية الخاصة هي أن تسأل الشيخ الذي ترتأيه عن الطلاق والتركة وإلى ما هنالك من أمور مادية وحياتية، والولاية المطلقة هي أنه يقرر عنك كل شيء، وهذا فقط يستطيع تقريره الإمام المعصوم. فجاء النظام الإيراني ليقول أنه أصبح وكيله، وهذه كذبة، أين ظهر الإمام المعصوم ليقول أن هذا النظام هو وكيله، بات كل واحد يقول أنه نزل عليه الوحي وأن الإمام المعصوم جاء على وحيه مما يجعله تلقائياً وكيله، من هنا بدأ التحوير، ولذلك، مرجعياتنا الحقيقية في الطائفة الشيعية ضد ولاية الفقيه لأنها تعرف أن ولاية الفقية والولاية المطلقة لا حق لأحد فيها إلا الإمام المعصوم عندما يظهر لأنه انسان لا يخطئ وبالتالي له الحق في ممارسة الولاية المطلقة. من هذا المنطلق، كل ما يثيره النظام الإيراني باسم التشيع مبني على باطل، وكل ما هو مبني على باطل هو باطل. كما أن هذا النظام يواجه مشكلة مع الغرب والحضارة الغربية والانفتاح الغربي ويتعاطى مع الغرب بصدامية فظيعة وهذا شيء ليس لمصلحتنا، نحن الشيعة كنا دائما منفتحين على جميع الحضارات ونكتسب خبرة من كل الحضارات، سيما أن الحضارة الغربية لها إيجابيات عدة يجب اكتسابها بينما هو مصمم على الذهاب نحو النهاية في مواجهة الحضارة الغربية وهذا ليس لمصلحة الشيعة أو المنطقة أو القيم الانسانية.

 

 هل قدر لبنان أن تخرج، في كل حقبة من حقباته، طائفة من طوائفه عن الإجماع اللبناني؟

لا شك أنه بانتظار أن نتمكن من بناء دولة تستطيع العمل على ضبط الأحزاب السياسية، على غرار ما هو معمول فيه في كل الدول الحضارية، من خلال مراقبة مواردها المالية، ستبقى هذه الأحزاب متفلتة من أي رقابة ومحاسبة، مما يسهم في استغلالها من بعض الدول الساعية إلى مد نفوذها على حساب المصلحة الوطنية العليا.

 

 هل تقصد أن لبننة خيارات الطائفة الشيعية تتطلب وجود دولة قوية تتمكن أولا من وضع قانون جديد للأحزاب تضبط عبره موضوع المال ومعالجة ثانياً قضية السلاح ووضع ثالثاً قانون انتخابي يكسر الاحتكار السياسي الموجود؟

نعم ولكن ليس وفق هذه التراتبية. يجب أولا وضع قانون انتخابي على أساس النسبية من أجل كسر الاحتكار في الوسط الشيعي، كي لا يعود، عندذاك، باستطاعة حزب الله الإدعاء أنه الممثل الحصري للطائفة الشيعية داخل المجلس النيابي والحؤول دون تشكيل أي حكومة إلا من خلاله والتهديد بالاستقالة وإخراج طائفة بكاملها من السلطة التنفيذية إذا لم يصار إلى التجاوب مع مطالبه التعطيلية. إن من أبرز وجوه الأزمة الحالية الآحادية القائمة داخل الطائفة الشيعية. ويجب ثانياً أن يكون هناك جدية أكثر في التعاطي مع كل المعارضات الشيعية وإسقاط أي تعويل على صفقة مع حزب الله أو مع الاستاذ نبيه. المطلوب حسم هذه القضايا بغية فك الارتباط بالمشروع الإيراني-السوري الذي لا مصلحة لنا فيه، والضغط على أدوات هذا المشروع والقوى التي تمثله في لبنان من أجل لبننتها، والمدخل الوحيد إلى اللبننة هو من خلال الضغط السياسي لا المساومات السياسية، والضغط الأكثر تأثيراً هو من داخل الطائفة الشيعية، لا من خارجها.

 

ماذا عن سلاح حزب الله واستراتيجيته الدفاعية؟

لا أحد يتخلى عن نفوذه وصلاحياته مجاناً، سيما أن حزب الله لا يعتبر نفسه معنياً بمقايضة سلاحه مقابل حضوره داخل الدولة لأنه يعتبر أصلاً أن الدولة اللبنانية هي ضمن إطار دولته. المطلوب إذا كسر احتكار حزب الله، والتعاطي جدياً مع المعارضات الشيعية، وإقرار قانون انتخابات على أساس النسبية. اعتماد هذه الطريق كفيل، في مرحلة معينة، باستيعاب حزب الله ولبننته لأن عناصر الحزب في النهاية لبنانيون وليسوا فلسطينيين، ونرغب ببقائهم في لبنان لا الذهاب إلى إيران، ولكن في نفس الوقت نريد أن تتغير سياسة الحزب بغية أن تصبح لبنانية وهذا الأمر غير ممكن إلا عندما يصار جدياً إلى الضغط عليه.

 

 ماذا عن ربط موضوع السلاح من قبل السيد حسن نصرالله وقادة حزب الله في عجز الدولة اللبنانية عن التصدي للعدوان الإسرائيلي وحماية كرامة أبناء الجنوب؟

هذا جدل بيزنطي، من الطبيعي أن يقول السيد حسن هذا الكلام، الحوار مع حزب الله في هذا الموضوع لا طائل منه لأنه سيتذرع دوما بأسباب واهية للحفاظ على سلاحه، بعد الانتهاء من مزارع شبعا سينتقل إلى المطالبة بالقرى السبع، ومن يعلم قد تصبح، في يوم من الأيام، قضية إعادة الطالبان إلى أفغانسان شرط أساسي لتسليم سلاحه. القصة ليست في هذه البساطة ولا يجب إطلاقاً الدخول في هذا الجدل. كل من يتصور أن بإمكانه إقناع الشباب في حزب الله بالتخلي عن سلاحهم هو شخص واهم. العمل الجدي والضغط الحقيقي هما السبيل الوحيد لإيصال حزب الله إلى قناعة مؤداها أنه حان الوقت ليتحول إلى حزب لبناني.

 

 كيف قرأت البيان-الرد لقوى 14 آذار على مبادرة الرئيس بري؟

البيان مبهم وغير واضح ويعكس حقيقة التنوع والتعدد في الآراء داخل 14 آذار، إنما الأمر الإيجابي، على العموم، أنه لم يكن هناك من اندفاع أو تجاوب كامل مع المبادرة المراد من ورائها توفير التغطية اللازمة لانتخاب رئيس يحظى بتأييد إقليمي، وهذا ما لا مصلحة لنا فيه في لبنان في المرحلة الحالية.

 

 ولكن البيان طالب بفتح باب الحوار حول البرنامج السياسي، الذي يبدأ بالالتزام بقررات الشرعية الدولية ولا ينتهي بتطبيق وثيقة الوفاق الوطني، لا الأشخاص؟

هناك أشخاص يتحدثون بالاستقلال والسيادة وكانوا عملاء لسوريا في لبنان، المشكلة أن الكلام في مجتماعتنا لا كلفة عليه، المطلوب أن يكون هناك أشخاصاً لديهم المصداقية والصلابة والقوة المطلوبة ولا يخجلون من ماضيهم السياسي ويتعاطون مع الوضع الإقليمي بالندية اللازمة. في إمكان أي شخص وضع برنامج سياسي متكامل، ليس هذا المهم، ولا يجدر التوقف حصراً عند البرنامج، إنما التركيز على الأهم وهو مسار هؤلاء الأشخاص ومسيرتهم مصداقيتهم من خلال تجربتهم السابقة والطويلة. فحتى جماعة 8 آذار يزايدون بالدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله، بينما هم يساهمون في تقويض استقلال هذا البلد، الممارسة السياسية هي الكفيلة بالحكم على هذا الشخص أو ذاك وما إذا كان سيلتزم بهذا البرنامج أم عدمه.

 

في أي إطار تضع تحالف العماد ميشال عون مع حزب الله؟

لقد ارتكب العماد عون أخطاء بحق نفسه أولاً وبحق لبنان ثانياً وبحق الانسانية ثالثاً بعد هذا التحالف الذي قام به.

أولاً أخطأ بحق نفسه: لأنه كان يملك رصيداً مهما بعد عودته من باريس، إلا أن تحالفه مع حزب الله أفقده رصيده وأضعف شعبيته بشكل دراماتيكي، وطنياً لا فقط مسيحياً، وهذا الأمر كان جلياً إبان انتخابات المتن الفرعية.

ثانياً أخطأ بحق لبنان: لأنه أمن لحزب الله عبر هذا التحالف الغطاء السياسي الذي كان بأمس الحاجة إليه ليفك عزلته الداخلية والخارجية.

ثالثاً أخطأ بحق الانسانية: لأنه لا يمكن أن يكون مع لبنان ومع قيام دولة لبنانية سيدة على كامل أراضيها ويضع يده من جهة ثانية في يد جماعة لا يعني لها لبنان ولا الدولة اللبنانية شيء.

 من هذا المنطلق، اعتبر أن ما قام به العماد عون كان نتيجة حسابات خاطئة أفقده مصداقيته تجاه الناس.

 

 هل تؤيد مرشحا معينا إلى رئاسة الجمهورية؟

لا يوجد اسم معين، إنما العمل على اختيار شخص يظهر من ماضيه أنه سيتعاطى مع كل الدول على أساس الندية، ويعيد بممارسته السياسية الهيبة إلى رئاسة الجمهورية واحترام العالم لهذا الموقع، ويكون مستقلاً وغير خاضعاً لأي تأثيرات خارجية. اعتقد أن هذه الصفات موجودة في عدد قليل من الأشخاص.

 

 هل تؤيد تعديل المادة 49 من الدستور بما يتيح المجال أمام قائد الجبش وحاكم مصرف لبنان للترشح إلى الموقع الماروني الأول؟

كلا، لأنه لا يجوز بالمبدأ اللعب بالدستور بهذا الشكل، كما أنه، مع احترامي الكلي لقائد الجيش وما يقوم به، يفتقد إلى التجربة السياسية المطلوبة، وما ينطبق عليه ينسحب على حاكم مصرف لبنان بمعزل عما يقوم به من عمل جيد على مستوى الاستقرار النقدي وغيره. نريد رئيساً نثق بقدراته ولا يدخلنا بمزيد من المغامرات التي لم نخرج منها بعد وكلفت لبنان الغالي والرخيص.

 

 هل تؤيد الانتخاب بالنصف زائداً واحداً في حال عدم توافر نصاب الثثين؟

تماماً، ولا خياراً آخر، أنا في الأساس مع الإجماع شرط ألا يكون هناك من تسوية على صفات الرئيس. ولكن في حال لم يتأمن الثلثان فليكن الانتخاب بالنصف زائد واحداً، لأن البديل من الانتخاب بالأكثرية المطلقة الدخول في الفراغ وبالتالي المجهول، الأمر غير المقبول.

 

 هل تحييد لبنان عن المحاور الإقليمية يعيد الاستقرار إلى ربوعه؟

ليس فقط تحييد لبنان، التحييد لم يعد كافياً، لأن المشروع الإيراني في المنطقة يشكل خطراً على الشيعة والمنطقة والقيم الانسانية، مما يحتم علينا مواجهته لأنه في حال نجاحه واستمراره سيأخذ المنطقة ومن فيها نحو الهاوية.

 

 هل تتوقع أن يشكل الاستحقاق الرئاسي معبراً للانتقال من مرحلة ماضوية إلى مرحلة مستقبلية يسودها الاستقرار والسلام في لبنان؟

اعتقد أن هذا الاستحقاق سيشكل محطة دفع صغيرة باتجاه استكمال العناصر السيادية، ولكنه لن يتمكن من إيصالنا إلى لبنان الدولة التي نطمح إليها طالما أن المشكلة الأساسية التي اسمها حزب الله، من خلال احتكاره التمثيل الشيعي، ما زالت قائمة، مما يعني أن أقدام المشروع الإقليمي ما زالت راسخة في لبنان، وبالتالي يجب إضعاف حزب الله لإضعاف قوة المشروع الإقليمي في لبنان، ولا يمكن إضعاف حزب الله إلا بإضعافه شيعياًِ.

 

 

حاوره: شارل جبور cjabbour@lebanonfiles.com

جميع الحقوق محفوظة ©