النائب حرب: شعارات عون لم تُحترم بالممارسة 

الخميس 22 فبراير 2007-  ريما زهار - ايلاف

 

يُعتبر النائب بطرس حرب من الشخصيات السياسية القليلة التي تملك الموهبة والقدرة والثبور لحل الازمات التي يتخبط بها لبنان، فهو يملك ثقة الاغلبية من اللبنانيين بالاضافة الى تملكه صفة حسن الكلام وتدوير الزوايا، هو رجل حوار من الطراز الاول.

 

ايلاف التقت النائب بطرس حرب ، وأجرت معه حوارًا شاملًا أكد فيه ان لجوء المعارضة الى العصيان المدني او التهويل بالعصيان المدني، هو امر غير طبيعي في الصراعات السياسية، وان الاعتصام لا يحقق اهدافه، مشيرًا الى ان استقالة اعضاء المعارضة لا يسقط نصاب المجلس النيابي، مقترحًا ان  يدخل الفريقان الى الحوار دون شروط مسبقة لانجاحه، مشددًا على ضرورة الا تأخذ المبادرات الخارجية، ومنها العربية، القرار عن لبنان ولا تفرض رأيًا على اللبنانيين، مؤكدًا ان المحكمة الدولية وموقف سورية منها كانت السبب في عدم نجاح اللقاء السعودي الايراني، واصفًا التعددية في الاحزاب المسيحية في لبنان بانها رمز للديموقراطية.

 

وفي ما يلي نص الحوار معه:

 

* المعارضة تهدد اليوم بالعصيان المدني، كيف سيتجلى هذا العصيان برأيك، وماذا سيكون موقف 14 آذار(مارس) منه؟

 

- اللجوء الى العصيان المدني او التهويل بالعصيان المدني، هو امر غير طبيعي في الصراعات السياسية، وتختلف ممارسة العصيان المدني بين مكان وآخر، والعصيان المدني اذا اعلن ضد محتل اجنبي فهو مقبول، أما ضد الحكومة الوطنية وسلطتها فان هذا شيىء آخر، لذلك من الصعب الحكم على هذه الخطوة، لكنها بالاجمال سلبية وتؤجج الوضع، ولذلك انا من دعاة عدم اللجوء اليها، وادعو من موقع الساعي، الى حل مشاكلنا بالعقل ادعو المعارضة الى عدم تصعيد مواقفها باللجوء الى الشارع، لا سيما ان هذا العصيان المدني لن يحقق للمعارضة اي ربح، بل سيزيد التباعد بين المعارضة والموالاة وسيؤدي الى تأزيم العلاقات، واذا كانت الجهود التي ستبذلها المعارضة من جهة لإنجاح العصيان المدني، فانا اتمنى عليها كما اتمنى على الاكثرية ببذل جهود لازالة التوتر، واعتبر العصيان المدني خطوة خاطئة وتصعيدية وبغير مكانها وفي العصيان المدني سندخل في امور لا تحمد عقباها، ولا نعرف كيف يمكن ان يتطور هذا العصيان وردود الفعل عليه.

 

المعارضة

 

* هل تعتبر ان المعارضة خسرت خلال اعتصامها في وسط بيروت وهل تراهن قوى 14 آذار( مارس) على امكانية تراجع المعارضة؟

 

- بتصوري الاعتصام لا يحقق اهدافه، طبعًا هو رسالة وموقف، وعندما تجاوز المدة المعقولة لاعلان الموقف، تحول من ممارسة حق ديموقراطي الى الاعتداء على حق الآخرين في الحياة والعمل والاعتداء على حقوق المستخدم في المنطقة المعطلة، واعتبر ان المعارضة خرجت عن الاطار الديموقراطي، ولو كنت معارضًا ومسؤولًا لكنت اوقفت هذا الاعتصام لانه لم يعد يحقق هدفه، واصبح الاعتصام عملية ترتدي طابع الاستمرار في عدم القدرة ويجب امتلاك الشجاعة للقول انها لم تؤد اهدافها، والمعارضة طبعًا خسرت بهذا الاعتصام، وتحول من اعتصام سياسي الى اعتصام بدأ يأخذ طابعًا مذهبيًا في مفهوم الناس له.

وتحول الإعتصام من موقف مطلبي وممارسة مظهرها الأول ديموقراطي، الى ممارسة قد تفجر ازمة بين المذهبين السني والشيعي وبين اللبنانيين، ولم تقتصر المواجهات على فئات لبنانية محددة.

وهناك بعض اصحاب المؤسسات التجارية الموجودة يراجعون اليوم بعض المحامين ، لاقامة دعاوى على المسؤولين والاحزاب الذين دعوا الى هذا الاعتصام للتعويض عن الاضرار التي لحقت بهم.

 

النائب حرب مع الزميلة ريما زهار

المجلس النيابي

 

* هل هناك تخوف من فراغ في المجلس النيابي اذا ما قرر اعضاء المعارضة الاستقالة منه؟

 

- اعضاء المعارضة اذا استقالوا لا يسقط نصاب المجلس النيابي إلا أنها خطوة كبيرة على الصعيد السياسي، وتقديري انها خطوة كبيرة لن تقوم بها المعارضة لانها تكون خطوة طلاق ولا اتصور ان المعارضة ستقدم على خطوة دراميتيكة بهذا الحجم، لانه سيترتب عليها نتائج مأساوية، واذا قرر رئيس الجمهورية البقاء على موقفه وعدم توقيع الدعوة للانتخابات فان الامر سيشكل مشكلة، فاذا قررت الحكومة التوقيع على دعوة لملء المراكز الشاغرة ولم يوقع رئيس الجمهورية فان الامر قد يشكل مشكلة كبيرة، واذا اعتبرنا فرضًا ان استقالة نواب المعارضة تطيح بالمجلس النيابي، وهذا ليس رأينا، آنذاك من سيدعو الى انتخابات نيابية، سنقع حتمًا في فراغ.

واعتقد ان المعارضة بقياداتها لا تهدف الى ذلك، واعرف ان للعبة السياسية حدودًا والتاريخ يحاسب.

 

الحل

 

* المعارضة متشبثة برأيها والموالاة لا تتراجع عن موقفها، كيف تقرأ الحل الممكن في ازمة لبنان؟

 

- الحقيقة قد يكون هذا السؤال محورياً، اذ اصبح ضروريًا في جو هذه التعقيدات والشلل الذي يتخبط به البلد ايجاد مخارج، المشكلة التي يقع فيها لبنان اليوم هي ان المعارضة والموالاة يطالبان قبل دخول المفاوضات التأكد من وجود حد ادنى من المطالب، وهذا ما يجعل الامر متعثرًا وما يجعل امكانية البحث الجدي صعبًا، ومن هنا اعتبر واقترح ان يدخل الفريقان الى الحوار دون شروط مسبقة.

ويقول الطرفان نحن داخلان دون افكار مسبقة للتحاور ومحاولة ايجاد محاور، والشروط المسبقة قد تكون معطلة للحوار، ويجب ان ننطلق في محاولة جدية شرط ان تكون النوايا سليمة بين الطرفين، وهكذا نوع من المبادرة يمكن ان ينجح ويكشف من هو المعطل، واعتبر من حق الرأي العام ان يدرك حقيقة اللعبة السياسية.

والمشكلة معروفة فلبنان ينتقل من مرحلة الى اخرى ولم تنتهي، والنفوذ السوري لم ينته في لبنان، وهناك صراع سني شيعي في العالم العربي والاسلامي تجلى على الارض اللبنانية، من خلال محاولة المراجع السنية والشيعية في العالم الاسلامي التوفيق بالمواقف ابتعادًا عن الاصطدام.

والقضية ليست في لبنان مجرد من يريد ان يصبح رئيسًا للجمهورية او رئيسًا للوزراء ومن الظلم ان نطرح الامور بهذه السطحية فهي اخطر من ذلك.ومن اجل ذلك ادعو كل الاطراف السياسيين واتمنى ان نساعد على تطوير الرأي العام في فهم المشكلة القائمة في لبنان والا نكتفي بالبكاء على الاطلال.

 

مبادرة عربية

 

*هل هناك امل من عودة مبادرة عربية ما في ظل التصعيد والتشنج؟

 

- لولا وجود جو متأزم في لبنان، لما كنا بحاجة الى مبادرة عربية، ولكن في جو التأزم الفائق لا احد سيأخذ المبادرة بالفشل، من هذا المنطلق نعتبر انه حتى مع عدم وجود سهولة في الحل، انه من الضروري على الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى متابعة المساعي للتوصل الى حل وتقريب وجهات النظر بين الاطراف لا سيما الاطراف المتخاصمة، المهم جدًا ان نوصل لبنان من خلال اصدقائه واشقائه العرب الى حل قريب لاجتياز هذه المرحلة الخطرة، ويجب على هذه المبادرات الا تأخذ القرار عن لبنان ولا تفرض رأيًا على اللبنانيين.

 

بري الحريري

 

* ماذا عن اللقاء الذي كان مرتقبًا بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب سعد الحريري، ما الذي يؤخره اليوم؟

 

- اللقاء سيكون تتويجًا لجهود ومساع تقوم بها لجنة مشتركة وعندما تنضج سيحصل اللقاء.

ايران والسعودية

 

* لم تخرج المباحثات الايرانية والسعودية بنتائج مرضية ما السبب برأيك؟

 

- ان التقارب السعودي الايراني بعد الثورة الاسلامية الايرانية، يشكل حدثًا تاريخيًا وكان هناك تباعدًا كبيرًا، ويبدو ان الاجواء جيدة في المباحثات، اما بالنسبة للموضوع اللبناني لانه غير محصور فقط بهما بل هناك سورية واللبنانيين، لذلك فان التقارب السعودي الايراني في لبنان لا يفي بالغرض، لوحده، واعتقد ان هناك عثرات ولم يحقق نتائج حتى الآن.وقد يكون الموقف السوري من المحكمة الدولية هو الذي لم يوفر ربما النجاح لهذا التقارب السعودي الايراني.

 

ارهاب

 

* بعد التفجيرات التي تعرضت لها بلدة عين علق في بكفيا، هل لبنان اليوم يواجه موجة من الارهاب اسوة بالعراق؟

 

- لا شك ان ما جرى في عين علق امر خطير وقد يشكل سابقة مخيفة، لان التفجيرات تطال اناس ابرياء بعكس ما كان يحصل في الماضي، واليوم التفجيرات اخذت طابعًا جديدًا وطالت الناس والمواطنين العاديين، وهذا يفتح الباب على كل الاحتمالات، ويستدعي بنظري ان ندرك  كلبنانيين، الى اي طرف انتمينا، ان مكامن الخلل بدأت تظهر والوسيلة الوحيدة لتفادي الامر، أن نسرع في فتح الحواروإيجاد الحلول.

علمًا ان المناخ السياسي المأزوم في لبنان يسمح بالاصطياد العكر في لبنان وخلق جو من عدم الاستقرار، وهذا نذير سيىء ما حصل في عين علق.

 

فتنة

 

* ما جرى من احداث الاضراب وفي جامعة بيروت العربية هل هو مؤشر لاحتمال فتنة في لبنان؟

 

- انها من المظاهر التي تشير ان الارضية سهلة لاشتعال فتنة، لان النفوس متشنجة غرائزيًا ومذهبيًا ويجب ان نسرع كسياسيين للحؤول دون هذا التشنج، ومحاولة تقريب الناس، واعتقد ما جرى في الجامعة العربية من احداث هي خطيرة جدًا، وتطلب الكثير من الحكمة من الاطراف المعنيين لتفادي الامر وطبعًا نوجه شكر للقوى الامنية على دورها وهي تعرضت لبعض الاعتداءات وحالت دون تحول الامر الى كارثة وطنية وفتنة داخلية.

 

الشارع المسيحي

 

* ماذا عن الاحداث التي فرقت الشارع المسيحي، من هو سببها وكيف يمكن حلها؟

 

- الحقيقة المجتمع المسيحي اكثر ديموقراطية وفيه مدارس وتيارات سياسية عدة، بينما في المقابل يبدو كأن تيار المستقبل يمثل الجزء الاعظم من السنة في لبنان، وحزب الله وامل يمثلان الشيعة في لبنان مع وجود بعض الاصوات الشيعية الاخرى لكنها لم تستطع التأثير على الشيعة، وديموقراطية المجتمع المسيحي تبرز تيارات كثيرة.

 

* من برأيك يشق الصف المسيحي اليوم وهل تعتقد ان الجنرال عون فقد شعبيته السابقة؟

 

- اتمنى اولًا ان يبقى المجتمع المسيحي ديموقراطيًا، ونحن مع وجود تيارات كثيرة منها العماد عون والقوات اللبنانية وحزب الكتائب والاحراروالكتلة الوطنية وغيرها من الشخصيات المستقلة، وفي الانتخابات سيظهر اذا كان اي فريق فقد من شعبيته لكن هناك شعور عام بان الشعارات التي حملها العماد عون لم يكن احترامها كبيرًا بالممارسة ولست مؤهلًا ان اعطي رأي بالموضوع واترك الامر للناس وهم يقررون.