عميد الكتلة الوطنية اللبنانية أماط اللثام عن أسرار تفجيرات الشمال في حوار خاص مع "السياسة"

كارلوس إده: "فتح الإسلام" مجموعة إرهابية تدربت وجهزت في سورية

 بيروت - صبحي الدبيسي:السياسة 27/5/2007

 

لم يستغرب عميد الكتلة الوطنية كارلوس ادّه الاعتداء الاثم الذي تعرّض له الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد والتفجيرات المتنقلة في المناطق اللبنانية بعد التهديد الذي اطلقه الرئيس السوري بشّار الاسد بتدمير لبنان اذا انسحبت قواته منه, بالاضافة الى التهديدات التي ما زالت تصدر عن الامين العام »لحزب الله« السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون, وقال في حوار خاص مع »السياسة« ما يجري ياتي في سياق القلق السوري من انتخاب رئيس جديد للجمهورية غير مرتبط بالنظام السوري من جهة ولقطع الطريق على اقرار المحكمة الدولية في مجلس الامن من جهة ثانية.

 

كلام عميد الكتلة الوطنية اتى في سياق حوار اعتبر فيه "فتح الاسلام" مجموعة مدرّبة ومجهّزة باحدث الاسلحة وهي لم تصل الى لبنان ب¯ »البارشوت« مؤكدا ان هناك جهة معروفة تقف وراءها وتوفّر لها كل الدعم العسكري واللوجستي وسماها:» سورية«, مؤيّدا ما قام به الجيش اللبناني في تصديه لهذه المجموعات الارهابية ومستنكرا عملية الغدر الذي تعرض له مع بداية هذه الاحداث. ادّه وصف انتماء اللبنانيين الى وطنهم بانه مختلف لان كل فريق وله اولوياته. فريق ينتمي الى دولة لبنان الكبير منذ العام 1920, وفريق ما زال يتطلع الى العروبة مقدما الانتماء الديني على  »الوطني«.

 

ولفت الى انه لم يتفاجأ بموقف المعارضة من الاحداث الاخيرة وعدم تاييد الجيش اللبناني لان "فتح الاسلام" تدربت في سورية وتتلقى الدعم منها والمعارضة مرتبطة سياسيا بسورية ايضا ولهذا السبب لا يمكن ان ننتظر منها الموقف الوطني المطلوب.

 

ادّه فسّر دخول سورية الى الساحة اللبنانية عن طريق الفوضى والاضطرابات كان بسبب فشلها وعدم قدرتها على الدخول الى لبنان بالطرق السياسية والدبلوماسية, وما تحاول ان تفعله اليوم يشبه كثيرا ما فعلته في الاعوام 1975 و1976 و1987, معتبرا ان سورية لم تستخدم كل اوراقها بعد في المعركة وما زال لديها اوراق كثيرة لن تتردد باللجوء الى استخدامها اذا رأت مصلحتها في ذلك.

 

واعتبر ادّه ان سلوك العماد ميشال عون لا علاقة له بلبنان, لان طموحاته الشخصية اهم بكثير مما يصيب هذا الوطن وان عون دخل في خط سياسي اصبح من الصعب الخروج منه, وانه عندما عين رئيسا للحكومة كان على استعداد للتفاهم مع سورية مقابل الموافقة على وصوله الى الرئاسة, وان حرب التحرير التي شنّها ضد سورية في نهاية الثمانينات لم تكن لتصل الى المطالبة بخروجها من لبنان. ولهذا السبب ادخل لبنان في مشكلة بحيث اعاد السوريين بقوة الى لبنان وطوال هذه الفترة لم يعط دليلا على انه رجل متوازن وغير شجاع, لا سيما بعد هروبه تاركا عائلته, من ملجأ قصر بعبدا الى ملجأ السفارة الفرنسية وانه كلما ازداد الضغط على جماعته كان يستغل ذلك لتحقيق اهدافه وعندما شعرت سورية بخسارة المعارضة لموقعها لجأت الى الجنرال عون للتحالف معه. وهذا ياتي من ضمن السياسة البراغماتية التي تنتهجها سورية بالتواصل مع الجانب الاسرائيلي وكيفية استخدام الاشخاص عند اللزوم وبعد انتفاء الحاجة اليهم يتخلون عنهم.. ومن هذه المدرسة يدخل العماد عون الذي يعتبر نواب كتلته جنودا وليسوا ضباطا, فيما الاقرب اليه هو صهره جبران باسيل.

 

ادّه طالب الرئيس نبيه برّي بتحمل مسؤولياته مهما بلغت خطورة المواقف ضده, لان مصلحة لبنان اهم بكثير من مصلحة اي شخص مهما علا شانه.

ووصف تصريحات رئيس الجمهورية التوافقية بالمضحكة, متسائلا: ماذا يعني التوافق برأي رئيس الجمهورية? هل التوافق على تسليم نصف السلاح وتطبيق نصف القرارات الدولية ونصف اتفاق "الطائف"? ادّه اعتبر ان الاعتداء على الجيش اللبناني كان مقررا قبل زيارة وولش, مؤكدا ان 14 اذار ستتوافق على مرشح واحد للرئاسة وان التهديد بنصاب الثلثين لا معنى له, مطالبا نواب ووزراء الاكثرية بالانتباه الى انفسهم في هذه المرحلة الى ما بعد الانتهاء من الاستحقاق الرئاسي.

 

وفيما يلي نص الحوار:

  ما قراءتك لما يجري في شمال لبنان وتحديدا في طرابلس ومخيّم نهر البارد, في هذا التوقيت على ابواب صيف وفي خضم الحديث عن اقرار المحكمة الدولية?

  في الحقيقة, نحن كنا نتوقع حصول حوادث امنية, وكما وعدنا الرئيس السوري بشّار الاسد عندما سحب قواته من لبنان, بخراب هذا البلد. وهذه ليست المرة الاولى. واذا تذكرنا عملية التجديد للرئيس لحود, وكان الرئيس الحريري في حينها ضد التمديد. كيف جرى تهديده من قبل الرئيس الاسد, وبالرغم من موافقته فيما بعد على التمديد جرت تصفيته. ومن ناحية ثانية جرت تهديدات عديدة من قبل مسؤولين سوريين او من شخصيات كثيرة من المعارضة, وتحديدا من السيد حسن نصر الله ومن الجنرال عون, ولكن هذه التهديدات زادت من قناعة اللبنانيين بالخروج من التبعية السورية, ومن جهة ثانية فان كشف المتورطين بجرائم الاغتيال من خلال المحكمة الدولية, جعل المسؤولين السوريين يعيشون حالة قلق كبير, لا سيما وان توجه اللبنانيين هذه المرة بانتخاب رئيس جمهورية مستقلا عن وصاية النظام السوري, ما جعلهم يتخذون اقصى التدابير لقطع الطريق على كل هذه المبادرات, ولهذا السبب تزداد المشاكل الامنية وكانهم يعتقدون ان اللبنانيين سيخافون ويتنازلون في المقابل عن حريتهم وسيادة وطنهم.

اما في موضوع التوقيت فهو طبعا يتعلق بموضوع اقرار المحكمة الدولية في مجلس الامن, والاستحقاق الرئاسي.

  هل صحيح ان عدم التنسيق بين الجيش وباقي الاجهزة الامنية هو الذي ادّى الى هذه الخسائر الكبيرة وسقوط شهداء من الجيش اللبناني, ام ان الجيش المتواجد في محيط مخيم نهر البارد كان يعتقد ان ما يجري في طرابلس من خلال مطاردة العصابة التي سطت على بنك البحر المتوسط لا علاقة له ب¯"فتح الاسلام" حتى حصلت عملية الغدر بالعسكريين?

ليس لديّ معلومات حول عدم التنسيق بين الجيش والقوى الامنية الاخرى, لكنني اعتقد ان الجيش اللبناني تفاجا بالكمين ظنا منه ان تعقّب عصابة السطو غير مرتبط بما يحصل في المخيم, لكن تبين لاحقا ان العصابة كبيرة وهي تابعة لتنظيم واحد ومجموعة مدرّبة ومجهّزة باحدث الاسلحة, وهي لم تصل الى لبنان ب¯"البارشوت" وهناك جهة معروفة تقف وراءها وتدعمها بالمال والسلاح وهي سورية. ونحن طوال الفترة الماضية وكلما طالبنا بتشديد المراقبة على الحدود السورية-اللبنانية, كانت دائما ردات الفعل من قبل سورية بالرفض, حتى ان قوى المعارضة اللبنانية هي ايضا ضد مراقبة الحدود مع سورية. والسلاح الذي تمّ ادخاله الى لبنان في تلك الفترة لم يذهب ل¯¯ »حزب الله« وحده بل ذهب لمنظمات اخرى موالية لسورية, ومنها "فتح الاسلام", لذلك نحن لم نفاجا وكنا قد حذرنا من تفاقم الامور, ولكن مع الاسف فان هذه التحذيرات لم تعطِ النتائج المرجوة.

 

اداء  الجيش

  هل انت راضٍ عن اداء الجيش اللبناني بتصدّيه لجماعة "فتح الاسلام"?

  كل اللبنانيين الذين يحبون وطنهم ومصرّون على العيش فيه بكرامة وباستقلال وسيادة, لا بد وان يكونوا مع الجيش اللبناني قيادة وافرادا, في تصديه للمعتدين على امن الدولة وسلامة ابنائها وفي هذا الموقف الوطني المشرف. واذا كانت لنا من ملاحظات على اداء الجيش في السابق ايام عهد الوصاية والاحتلال السوري, ولكننا في القضايا العسكرية وفي موضوع الدفاع عن الامن اللبناني نحن مئة بالمئة مع الجيش مع الحفاظ على هذا الوطن, ولكن مع الاسف فالمعارضة ليس لديها هذا الحس الوطني وكانت تفضل انتصار الارهابيين على الجيش اللبناني بدل ان ينتصر الجيش اللبناني على الارهابيين.

  هذا الامر, مؤشر خطير بين فئة تنتمي للوطن, وفئة اخرى ربما تريد وطنا على طريقتها او انها ترتبط بقوى خارجية تعمل على تقويض دعائم هذا الوطن, كيف تفسر لنا هذا الفارق الكبير في المفهوم الوطني لدى اللبنانيين?

اعتقد ان انتماء اللبنانيين لوطنهم مختلف, وكل فريق له اولوياته, فالكتلة الوطنية والفريق الذي تنتمي اليه تريد لبنان الكبير, لبنان 1920, لبنان الجمهورية الذي يستظل فيه كل اللبنانيين على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم, وهناك اخرون ما زالوا يتطلعون الى العروبة على اساس المرجعية الاكبر لانتمائهم السياسي, او انهم ينتمون الى سورية الكبرى, او للبنان مصغّر, او الانتماء الى الطوائف. منهم من يطالب بالامّة الشيعية ومنهم من يطالب بالامّة الاسلامية على حساب الوطن.

 

مساومة

  يعني هناك قيادات تساوم على الوطن من اجل تحقيق مكاسب ضيّقة?

نعم, هؤلاء ينتمون مع الاسف الى مرجعيات تتخطّى حدود الوطن وبرايي العدد الاكبر من اللبنانيين ملتزمون بالولاء للوطن ولكن احيانا توجد اقلية مسلحة على استعداد لارتكاب جرائم قتل تكون اقوى من اكثرية لا تؤمن الا بالوسائل السلمية والقضائية للدفاع عن موقفها. ومع الوقت يمكن حصول ردات فعل ايجابية خاصة اذا استمرت الاكثرية على صمودها, فيصبح بامكانها السيطرة على هذه الاقليات. وبرايي ان ردة الفعل من الجيش اللبناني بعد تعرضه لهذه العملية الغادرة كانت سليمة, وقيادة الجيش مصمّمة على انهاء هذه الظاهرة الشاذة المتمثلة ب¯¯ "فتح الاسلام". وبالطبع لو كان كل الشعب اللبناني مع الجيش في معركة استرداد الكرامة الوطنية لكان الوضع افضل بكثير. يؤسفني عدم اتخاذ المعارضة الموقف الوطني اللازم. وهنا لا بد من السؤال اذا كانت "فتح الاسلام" تدربّت في سورية وتلقّت الدعم من مال وسلاح من سورية ونجد في مكان اخر ان المعارضة مرتبطة سياسيا بسورية, لهذا السبب يجب الا نتفاجا لعدم اتخاذهم الموقف المطلوب.

 

ماذا تريد سورية?

  ماذا تريد سورية بالتحديد من لبنان, هل تريد عودة الفوضى, هل تريده دولة ضعيفة, ام هل تريد عودة وصايتها عليه? ولماذا تحرّك هذه المجموعات للاخلال بالامن ومنع قيامة الدولة?

عندما راوا انهم بالوسائل السياسية لم يستطيعوا العودة الى الوراء لم يستطيعوا السيطرة عليه من جديد, ولم يتخلصوا من المحكمة الدولية. لهذا عمدوا الى خلق حالة من الاضطراب والفوضى والخراب اعتقادا منهم ان اللبنانيين يرتعبون من الاغتيالات ويعيد المجتمع الدولي تفويض سورية بالامن في لبنان, تماما كما حصل عام 1976 وفي الثمانينات عندما عادوا مجددا الى المناطق التي انسحبوا منها, وهذا واضح وليس له اي تفسير مقنع اخر, بحسب المعلومات التي تصلنا من الخارج.

 

حلفاء سورية

  هل تعتقد ان لبنان اليوم محصّن اكثر من السبعينات والثمانينات بوجه المؤامرة السورية?

  نعم.. مع العلم ان حلفاء سورية في هذا الوقت منظمون واقوى من الماضي, وهؤلاء ليسوا بحلفاء براينا بل عملاء لسورية.

  هل لديكم تطمينات دولية ان سورية ستوقف تدخلها واعتداءاتها على لبنان?

ليس هناك من تطمينات بوقف الاعتداءات السورية على لبنان باستثناء تاييد المجتمع الدولي للحكومة الشرعية المنبثقة عن المجلس النيابي المنتخب من الشعب بالنسبة لسورية الكلام وحده لا يكفي, ولكن لا اعتقد ان الامم المتحدة ستتخذ اجراءات عسكرية لوقف الاعتداءات السورية, سورية ماضية في خطتها تجاه لبنان, اما الدعم المتوفّر للبنان فهو ياتي من ضمن الحدود اللبنانية.

 

  كيف تقيّم موقف القيادات الفلسطينية من "فتح الاسلام"?

من خلال متابعتنا لقضية الشعب الفلسطيني نعرف مقدار المحنة والعذاب الذي لقيه هذا الشعب في تاريخه اكثر مما تعرّض له الشعب اللبناني. ومن هنا نجد القيادات الفلسطينية اتخذت موقفا موحدا وشاجبا لتصرفات هؤلاء الارهابيين, والجيش اللبناني يحرص بعدم التعرّض للابرياء الفلسطينيين وهذا موقف مشرّف على عكس الموقف السوري الذي لا يهمه سوى خراب هذا البلد..

 

  برايك لماذا لم تلجا سورية الى تحريك حلفائها الاخرين كالقيادة العامة و"فتح الانتفاضة" وغيرهم لتخفيف الضغط عما يجري في مخيم نهر البارد?

  اولا: المشكلة في مخيم نهر البارد لم يمض عليها سوى ايام عدة.

ثانيا: بالسياسة لا يجوز استخدام كل الاوراق في وقت واحد, بل استخدامها تدريجيا. فاذا وجدت ردة فعل قوية وجب التراجع واستخدام غير وسائل في غير توقيت. وبرايي فان سورية في هذا الوقت تقيم موضوع الربح والخسارة. وبعد ذلك تقرر ما ستفعله.

ثالثا: المنظمات التي اشرت اليها معروفة بولائها لسورية ولا تتحرّك الا بامر منها ولهذا السبب لا يمكن تحريكها في هذه المرحلة والادعاء بانهم ابرياء ولا دخل لهم بما يجري في لبنان كما يقولون. "فتح الاسلام" كلنا نعرف انها منظمة جديدة وقد تضم بين صفوفها عناصر من هذه المنظمات في محاولة للابقاء على مسافة بينها وبين سورية..

 

  ماذا تفسر اقفال الحدود السورية مع لبنان?

  اعتقد ان سورية زوّدت "فتح الاسلام" وحلفاءها بالسلاح الكافي للقيام بهذه العملية. ويحاولون تبرير موقفهم بان لا علاقة لهم بما يجري في لبنان, ولو كان لديهم حسن نية, لساهموا في مراقبة الحدود السورية اللبنانية وتركوا الجيش اللبناني يتخذ التدابير اللازمة بحق الذين هرّبوا السلاح وحتى تتم معرفة الجهات التي وصل اليها هذا السلاح وفي اي اتجاه سيتم استخدامه?

  عندما تسمع ان قياديي "فتح الاسلام" (ابو خالد العملة) و(شاكر العبسي) اشتركا باغتيال السفير الاميركي في الاردن عام 2002 وهربا الى سورية واعتقلا هناك, ومن ثم افرج عنهما والتحقا ب¯"فتح الانتفاضة" ومن ثم شكّلا منظمة "فتح الاسلام". ماذا تفسر هذا التدبير وما قراءتك لهذا المخطط?

هذه من البراهين التي تؤكد مدى السيطرة السورية على الوضع والتحكّم بمفاصل كل الحركات الموالية لها في المنطقة.

 

»موقف عون«

  كيف تبرّر تاخّر القوى المعارضة باعلان استنكارها لجريمة الغدر التي تعرّض لها الجيش, وعلى ماذا يراهن العماد عون بالتحديد, مع العلم ان الوقائع الميدانية على الارض تشير بانه لولا صمود الجيش في طرابلس ومخيم نهر البارد لكانت عمّت الفوضى وتصدعت دعائم الدولة اللبنانية?

اعتقد ان سلوكية الجنرال عون لا علاقة لها بمصير لبنان الذي عشناه منذ 90 سنة. لان طموحاته الشخصية بالنسبة اليه اهم بكثير مما يصيب هذا الوطن. العماد عون دخل في خط سياسي من الصعب الخروج منه, وهو يراهن على ان كل المبادرات ستؤدي في النهاية الى اضعاف الحكومة اللبنانية وتسهل عملية الانقلاب على الدولة. وهذا كان رهان قوى 8 اذار الاخرى في 23 و25 كانون الثاني/يناير. لكن تكرار التعديات والاحداث تؤدي الى ردّات فعل عند اللبنانيين وتقوّي الدعم والالتفاف حول الحكومة, مما يظهر الجهة التي تدافع عن مصالح اللبنانيين, ومن هي الجهة التي تسعى الى عودة السوريين الى لبنان باية طريقة من دون الاخذ بمصالح اللبنانيين.

 

  كيف تفسر هذا التحول في شخصية العماد عون من شخص معادٍ لسورية في الثمانينات واعلانه حرب التحرير ضدها الى شخص مدافع عن المصالح السورية, اكثر من حلفاء سورية الاساسيين? وكيف يمكن لرجل سياسي يعتبر نفسه مشروع رئيس جمهورية ان يضحّي بالبلد لاجل غايات شخصية?

عندما كلّف برئاسة الحكومة في نهاية عهد الرئيس امين الجميّل وكان المطلوب منه مهمة واحدة وهي تامين انتخاب رئيس جمهورية, واعتقد في حينه انها كبرت في راسه. وهي بالفعل كبرت في راسه اصلا عندما اصبح قائدا للجيش. في هذه الفترة كان مستعدا للتفاهم مع سورية مقابل الموافقة على وصوله الى الرئاسة, ولا اعتقد ان حرب التحرير التي شنّها ضد سورية كانت ستصل الى المطالبة بالانسحاب السوري بقدر ما كان ردة فعل ضد رفض سورية دعمه للوصول الى رئاسة الجمهورية. وفي وقت كان عليه ان يدرس وضعه ويعرف حقيقة القوى الموجودة على الارض وامكانيات حظوظه في الوصول الى الرئاسة, ولهذا السبب ادخل لبنان في مشكلة بحيث اعاد السوريين بقوة الى لبنان, وطوال هذه الفترة لم يعط اي دليل على انه رجل متوازن وشجاع وعندما حصل الهجوم على قصر بعبدا عرفنا كيف ترك عائلته وهرب من ملجا القصر الجمهوري الى ملجا السفارة الفرنسية واضطر الى الانتقال بغوّاصة. وفي تلك الفترة شنّ هجوما على سورية لاعتقاده ان سورية الحقت الاذى به, ثم لا يمكننا ان ننسى انه لم يكن يعير اي اعتبار لمن حوله والذين وقفوا بجانبه بعدما تعرضوا للضغط والتنكيل ودخول السجن بعد سعيهم لزيادة عدد حركتهم. وكنا نعرف ان الجنرال عون لم يكن عنده تقدير لما يجري, وعلى العكس كان كلما ازداد الضغط على جماعته, كان يستغل ذلك لتحقيق اهدافه, وفي النهاية عندما شعرت سورية بخسارة المعارضة لموقعها في لبنان, لجأت الى العماد عون للتحالف معه. ولقد شاهدنا ان نفس النشاط ونفس العنف الذي كان يستخدم ضد سورية. اليوم يستخدمها للدفاع عن المصالح السورية-الايرانية وضد الشعب اللبناني.

 

  كيف ترفض سورية العماد عون في العام 1988 وتقبل به في 2007?

هذا الموقف ياتي من ضمن السياسة البراغماتية التي تنتهجها سورية بالتواصل مع الجانب الاسرائيلي وكيفية استخدام الاشخاص عند اللزوم وبعد انتفاء الحاجة اليهم يتخلون عنهم. ومن هذه المدرسة البراغماتية يدخل الجنرال عون.

 

  هل تعتقد ان سورية جدية بتاييد الجنرال لرئاسة الجمهورية?

  ربما اذا تبين لها انه على استعداد لخدمة المصالح السورية ومصلحته الشخصية واذا كان هناك تلاقٍ في المصالح فقد تؤيّد ترشحه للانتخابات. وعندما تجد سورية انها ليست بحاجة للجنرال عون فقد تتخلّى عنه..

  شاهدنا كيف عطّل رئيس المجلس النيابي العقد العادي للمجلس النيابي بحجة المحكمة الدولية, اليوم هناك اعتداء على امن الدولة وهناك جريمة غدر ضد الجيش اللبناني. لماذا ما زال الرئيس برّي ممتنعا عن عقد جلسة لمجلس النواب في هذه الظروف?

  لسببين: اما هناك اوامر واضحة من سورية وعليه تطبيقها, واما هو على استعداد لعقد الجلسة ولكن هناك تهديدات ضده ولهذا السبب كما نرى لا يخرج من بيته, وعلى الرغم من ذلك يمنع قيام الجلسات. فاذا كان ثمة اوامر من سورية ويقوم بتطبيقها فهذه تعتبر خيانة عظمى, اما اذا كان يخشى ردّة الفعل السورية, فهذا الامر مستغرب, لان الشجاعة في تحمّل المسؤوليات. نحن نرفض ذلك ونامل من الرئيس برّي ان يمارس مسؤولياته مهما بلغت خطورة الموقف ضده وفي النهاية مصلحة الشعب اللبناني والسلم الاهلي اهم بكثير من اية مصلحة اخرى, حتى ان كثيرين ضحوا بحياتهم لاجل هذا الموقف. واذا كان لا يستطيع القيام بمسؤولياته فعليه ان يستقيل.

 

موقف بري

  الرئيس برّي يطالب باستقالة الحكومة وتعيين حكومة جديدة. ماذا تفيد استقالة الحكومة في هذا الظرف?

  برايي انهم يحاولون تسويق الثورة الايرانية الى لبنان.

  رغم كل هذه المواقف السلبية ما زالت الاكثرية تتعامل مع الرئيس برّي بايجابية وتدعوه لاعادة الحوار, ولكن المعارضة يبدو انها لا تريد الحوار?

  ربما, لانه لا يستطيع الفصل بين المصلحة اللبنانية وبين سورية وايران, قوى الحكومة تعمل لمصلحة وطن سيد ومستقل ونظام ديموقراطي مع قضاء مستقل ويكون على افضل علاقة مع المجتمع الدولي, واقتصاد قوي وحديث, هذه الارادة نضجت بعد الانتخابات النيابية, وهناك فئة تريد دولة "حزب الله" المستقبلية داخل الدولة اللبنانية وليس لها اية علاقة بالقوانين الدولية وتعتبر انها من خلال الاغتيالات السياسية هي وسائل طبيعية ومقبولة وهم على استعداد للتفاوض من دون تقديم شيء, ويعتبرون حكومة الوحدة الوطنية هي الحل شريطة ان يكون لديهم القدرة على تعطيلها. وما يضحكني تصريحات رئيس الجمهورية التوافقية التي جاءت متاخرة جدا. وهنا لا بد من السؤال: ماذا يعني التوافق براي رئيس الجمهورية, اذا لم يكن التوافق بسياسات الطرفين? في موضوع السلاح مثلا "حزب الله" لا يريد تسليم سلاحه والاكثرية تريد تطبيق القرارات الدولية 1701 و1559 واتفاق "الطائف" الذي ينص بعدم وجود سلاح الا سلاح الشرعية وسلاح الدولة, فكيف يحصل التوافق ضمن هذين الموقفين, هل يطلب رئيس الجمهورية من "حزب الله" التنازل عن نصف السلاح لاسترضاء 14 اذار والابقاء على النصف الاخر بحوزتهم? ماذا يعني رئيس جمهورية توافقي بالنسبة لقرار الحرب والسلم? وهل يسمح ل¯"حزب الله" القيام بعمليات عسكرية ستة اشهر في السنة والستة اشهر المتبقية ممنوع على "حزب الله" اتخاذ اي قرار? ماذا يعني رئيس جمهورية توافقي بالنسبة للمحكمة الدولية? هل نسجن نصف المشتركين بالاعمال الارهابية والنصف الاخر نتركه حرّا? هذا الامر لا يمكن ان يطبّق. لا بد من الوصول الى مرحلة تسيطر فيها سياسة من السياستين.

 

تحييد سلاح المقاومة

  ما رايك بكلام النائب جنبلاط عن تحييد سلاح المقاومة في الوقت الحاضر لمدة معينة وعندما تكون المناخات جاهزة يتم البحث في هذا الموضوع?

  من الممكن تاجيل حل مشكلة ما ولكن من غير المسموح تاجيل مصلحة الوطن. واهم شيء هو موضوع السيادة, ولا بد من سيطرة الحكومة على بلدها, او السلطة تسيطر على بلدها.

  ما جرى في الشمال ليس له تفسير سوى ضرب الهدنة التي طالبت بها القوى الاقتصادية والعمالية وتعطيل الاستحقاق الرئاسي, فكيف ترى صورة الوضع من وجهة نظرك كفريق سياسي?

  عندما حاولوا اقامة اتفاق شرف قلت لهم اتفاق الشرف لن يتم الا اذا كان هناك رجالات شرف. وهنا كيف نتحدث عن هدنة بين فريق يضع مصلحة بلده فوق كل الاعتبارات وفريق اخر يضع مصالحه الشخصية فوق مصلحة بلده. برايي مسلسل ترهيب الناس مستمر وضرب الاقتصاد مستمر, لاننا مع الاسف نتفاوض مع اشخاص عندهم سوء نية ولا يمكن الوصول الى نتيجة مع سيئي النيّة.

 

تصريحات هادئة

  لماذا غابت التصريحات الانفعالية لقيادات "حزب الله" وغيرهم باستثناء العماد عون الذي بقيت تصريحاته على نفس الوتيرة?

  لانهم يعتقدون ان ما يحصل في الشمال وفي مناطق متعددة من خلال التفجيرات كافٍ لانشغال الاكثرية بهم ولذلك اثروا وقف التصريحات في هذه الفترة على عكس الجنرال عون الذي ما زال يطلق تصريحات غير مسؤولة.

  البعض يعزو سبب الاعتداء على الجيش زيارة المسؤول الاميركي وولش الى قائد الجيش في اليرزة والسؤال عن قدرة الجيش على حفظ الامن في حال حصول فراغ في رئاسة الجمهورية. ما رايك بهذا الاعتقاد?

  اعتقد ان الاعتداء على الجيش اللبناني كان محضرا له منذ فترة, وكانت ستحصل بمعزل عن زيارة وولش قبلها او بعدها والهدف اسقاط الحكومة اللبنانية وعودة الفريق الملتزم بسياسة المحور الايراني السوري الى الحكم وبساسة الثورة الايرانية.

  هل وصلتك معلومات حول مضمون لقاء عون و"وولش" في السفارة الاميركية, ولماذا اصطحب عون معه صهره جبران باسيل دون غيره من اعضاء تكتل "التغيير والاصلاح"?

  اولا الجنرال عون يعتبر كتلته النيابية جنودا وليسوا ضباطا. يذهب هو الى التفاوض وبعدها يبلّغهم بما جرى. اصطحب معه الى السفارة الشخص الذي يؤمن به اكثر من غيره, والذي له تاثير كبير على الجنرال.

 

ردة فعل الشعب

  هل توافقتكم على مرشح اجماع لفريق 14 اذار?

  اتفقنا على التوافق, وعندما نصل الى مرحلة الانتخابات سنتوصل من بين الناس الذين لديهم امكانية الوصول الى الرئاسة من هو الانسب وسوف نظهر بموقف موحد. لكن المعارضة تراهن على العكس, لكن حتى الان لم تنجح المعارضة في رهاناتها منذ ان تحدثوا عن استقالة رئيس الحكومة وعدم تمكنه من سحب اغراضه معه وهو ما زال مستمرا في السراي ويقوم بكامل مسؤولياته.. عندما قاموا بالاضراب واقفال البلد, لم يتغير شيء. وعندما حاولوا قطع الطرقات لم يستمر الاقفال الا لبضع ساعات وبعد ذلك فتحت كل الطرقات, لان ردة فعل الشعب اللبناني كانت كبيرة جدا. ولو كنت مكانهم لما راهنت على شيء وخاصة انهم يرفضون ان يكون لفريق 14 اذار مرشح لرئاسة الجمهورية. وانا احب ان اطمئنهم ان 14 اذار سيكون لها مرشح واحد بين مرشحين عديدين, لكن قبل موعد الانتخابات بقليل سنرى من تسمح له الظروف لدعمه كمرشح واحد للرئاسة وسيكون عندنا رئيس جمهورية.

 

نسيب لحود و14 آذار

  هل صحيح انكم توافقتم على دعم النائب السابق نسيب لحود كمرشح اجماع ل¯14 اذار?

  حتى الان لم يحصل اي نقاش حول الاسماء ولم يتحدد اي اسم, وعندما يحين موعد الانتخابات سنكون موحدين خلف اسم واحد..

  كيف ستعالجون مشكلة النصاب التي يهددكم الفريق الاخر بها?

  موضوع النصاب واضح وهو النصف زائد واحد وكل الدراسات القانونية والدستورية تؤكد ذلك.

  لكن الرئيس برّي يشترط اكثرية الثلثين لعقد الجلسة?

  الدستور ينص على 50 في المئة زائد واحد وانتخاب الرئيس يحصل اول دورة باكثرية الثلثين, والسؤال اذا كان عندنا 65 نائبا فيعني ذلك ان النصاب موجود, اما القول في حال عدم وجود الثلثين لا تحصل الانتخابات هذا خطا, يجب ان تحصل الانتخابات ومن يحصل على 50 في المئة زائد واحد يصبح رئيسا للجمهورية.

  رئيس مجلس النواب يعتبر اكثرية الثلثين 83 نائبا?

  على ماذا يستند رئيس المجلس نبيه برّي في كلامه هذا, وهل الكلام لوحده يكفي? هناك نصوص واضحة ومفهوم واضح للنصوص. والنص واضح منذ ايام الانتداب الفرنسي وهذا ما طبق على دستور الجمهورية الثالثة وهناك عدة دراسات في هذا الموضوع تقول ان النص هو 50 في المئة زائد واحد والقانون اللبناني يقول في حال الشك بالقوانين تعود الى اصولها بالقوانين الفرنسية. ولو ان تعديل الدستور لم يتطلب اكثرية الثلثين لما نصّ على ذلك الدستور. ولو كان مطلوب حضور ثلثي اعضاء المجلس في انتخابات رئاسة الجمهورية لكان المشترع قد اورد هذا النص في الدستور, وبما ان المشترع لم يشر الى ذلك ولم يرد نصا مكتوبا في الدستور يجب العودة الى الاصول, لان النصاب في كل الاحوال 50 في المئة زائد واحد الا اذا وجد نص واضح يشير الى ذلك.