حذر من (الجدل البيزنطي) على نصاب الجلسات (لان لبنان يعيش على كف عفريت)

النائب السعد لـ(الانوار): اتوقع اتفاقاً على رئيس توافقي في الربع الساعة الأخير

ونأمل ان يفاجئ الجميع بنجاحاته لا ان يبقى حارساً للمشاكل المطروحة والمعقدة

حاوره: فؤاد دعبول وايوب خداج/الأنوار 16 أيلول 2007

 

قال النائب فؤاد السعد، في حوار شامل مع (الانوار)، ان لبنان يعيش على كف عفريت، وقد يكون في الخطر هذه المرة، اكثر من أي يوم مضى. لكنه يعتبر اننا من الممكن ان نصل في نهاية المطاف الى توافق. وخاض عضو (اللقاء الديمقراطي) حواراً قانونياً مع رئيس البرلمان نبيه بري، حول مفهوم الدستور لنصاب الجلسات، وحذر من صراع القبائل، لأن الحل هو بالسير على النصوص الدستورية. ودعا الى التفريق بين مفهوم الجلسة ومفهوم الدورة، لكنه يقول: انا اعتقد اننا في النهاية سنصل الى تفاهم على رئيس حمهورية من دون ان يعطوه وسائل حكم، وسيتركون له معظم المشاكل المطروحة عالقة، تلافياً للفراغ الدستوري. وقال فؤاد السعد: الا اننا نتمنى ان يفاجئ الجميع، ويكون الرئيس المقبل غير ذلك. هل التفاهم صعب مع الفريق الآخر: سنصل الى توافق حول الرئاسة، في الربع الساعة الاخير، لكن من دون حل للمشاكل الاخرى واكد السعد عدم معارضته لترشيح العماد ميشال سليمان بعد النجاح الذي حققه الجيش في نهر البارد، لكننا نعارض مبدأ تعديل الدستور، وهذه هي وقائع الحوار: > هل صحيح ان لبنان وصل الى شعار مورفي القديم في 1989 عندما قال (مخايل الضاهر) او الفوضى، والان يقول نبيه بري (المبادرة) او الفوضى? - لبنان طوال عمره يعيش على كف عفريت، وقد يكون في الخطر هذه المرة اكثر من اي وقت مضى، لأن المشكلة الداخلية مرتبطة بمشكلة اقليمية ودولية. يعني ان الوضع متأزم على كل الصعد ومتشابك ببعضه بعضاً، بشكل انه لا يمكنك حل المشكلة على أي مستوى من دون حلها على المستويين الآخرين. الوضع خطر، لكن ما زلت ككل مرّة أعتبر انه من الممكن ان نصل وسنصل في نهاية المطاف الى توافق. ولا اعتقد اننا سنصل هذه المرة الى حائط مسدود او الى عدم توافق، ان كان على النصوص القانونية او على شخص الرئيس. والفترة الرئاسية لم تبدأ بعد. وفي نهاية المطاف سنصل الى توافق ولكن توافق الربع الساعة الاخير، وسنصل الى توافق من دون ان يترافق هذا التوافق مع حل لأي من المشاكل الأخرى. نتوافق على رئيس، ونأتي به ومن ثم في اليوم التالي، سيبدأ التصويت عليه من هنا او هناك. لذلك اعتقد ان دور الرئيس المقبل سيكون صعباً جداً جداً.

 

 

  مبادرة ومبادرة

هل يوحي كلامكم بأن لبنان مقبل على ارتباك سياسي او ارتباك قانوني باعتبار ان الرئيس بري اطلق مبادرة، وان 14 آذار استمهلت في الرد عليها حتى اوردت ملاحظات لا مواقف.

- الرئيس بري الذي نكن له كل احترام، وهو رئيس مجلسنا، واصبحنا معتادين عليه، واصبحت المؤسسة مجسدة بشخصه الى حد ما. وهو مع كل احترامنا وتقديرنا له، عمل مبادرة، شكر عليها، اطلقها بمناسبة تغيبب الإمام موسى الصدر، واعتبرناها جميعاً انها ستكون الفاتحة للوصول الى الهدف المرجو. واذا تأخرت قوى 14 آذار في جوابها، فانما بسبب غياب النائب سعد الحريري وانتظاره حتى أخذ جميعنا الموقف.

الجواب بنظري الذي اعطي هو كالمبادرة التي اطلقت، وكان يجب ان يتقبلها الرئيس بري بالجدية والإيجابية، وانتظرنا ان يتصرف ايجابيا. واذ في مقابلته التلفزيونية الاخيرة، قد اعتبر ان جوابنا كـ14 اذار سلبي، واعتبر انه لا بحث ولا حوار حول نصاب الثلثين، وهو امر ثابت دستوريا. فاذا كان ثابتاً وواضحاً لما حصلت مشكلة دستورية، وقال تعالوا لنجتمع فقط، مما يعني ان مبادرته تحولت من مبادرة مفتوحة للحوار، الى مبادرة للتوافق على مرشح، وحصرت بعملية التوافق حول المرشح للرئاسة.

 

التنازل والتوافق

هو تنازل باسم المعارضة عن حكومة الوحدة الوطنية كشرط للسير في عملية التوافق.

- أولاً اعتبر ان المرحلة التي بلغناها هي مرحلة رئاسية. واليوم لم يعد هناك من مجال للحديث عن حكومة، واجراء استشارات ملزمة، من ثم الى تشكيل الحكومة. وكل يوم يمر يجعل من طرح الحكومة أمراً مستحيلاً، ولم يعد بالامكان الحديث عن حكومة، ونحن على أبواب رئاسة الجمهورية. وهو قد اعطانا من (كيسنا)، بالقول انه لم يعد يريد الحديث عن الحكومة. ولكن اتى ليقول لنا، في الوقت نفسه، انني لا أتخلى عن نصاب الثلثين، وبالتالي ما دمت لا اعرف من هو الرئيس، فلن ادع النصاب يتم.

المشكلة أين?!، انه عندما يكون هناك حسن نيات، والامور تسير وفقاً للطبيعة فلسنا بحاجة للاختلاف على النصاب. وقد شرح الرئيس بري في مقابلته الأخيرة، انه في كل مرة يأتي النواب الى جلسة الانتخاب نشدد على نصاب الثلثين. صحيح ولكن ولا مرّة كان هناك فريق من اللبنانيين، يقول انا اريد ان اعطل الدستور وسأعطل الإنتخاب ولانني غير قادر على ذلك، فانا اخلق قضية الثلثين.

هناك تعطيل، ورغبة في التعطيل وايجاد فراغ، الا طبعاً اذا اتينا بالرئيس الذي يريدونه.

 

رئيس توافقي

الرئيس بري يطرح الرئيس التوافقي كمدخل للحل?

- اذا لم يحصل توافق، ونتوصل الى اسم، هل يأتون الى المجلس?! هم لا يريدون ذلك?

هل تريدون ان تأتي المعارضة الى المجلس لتعطيكم النصاب وتنتخبون من تريدون من 14 آذار?

- هناك ديمقراطية، ونحن نتمنى ان يكون هناك توافق، وان نتفق على اسم، ولكن في حال عدم الاتفاق، لا نستطيع القبول بتفسير للدستور، يوصلنا الى جدار مسدود والى الفراغ الدستوري، وفي حال لم نتمكن من التوافق، فلا يعني ذلك ان نقبل ان تتحكم الاقلية بالأكثرية، فمن خلال ما يطرحونه، هم يجعلون الاقلية تتحكم بالأكثرية، يعني ان لديكم نصفاً زائداً واحداً. صحيح، لكن نحن لن نمكنكم من الإتيان بالرئيس، ونحن نصر على نصاب الثلثين. اعتبر ان الاجماع والتوافق هو افضل أمر، لكن اذا لم يكن هناك اجماع فالثلاثة ارباع افضل من الثلثين والثلثان افضل من النصف زائداً واحداً، اي الاكثرية المطلقة، وهذه افضل من الأكثرية النسبية. وحتى هذه الاخيرة افضل من الفراغ. لا استطيع ان افسر الدستور بطريقة (تفوتنا بالحيط). والدستور أُعد ليجعل لكل مشكلة حل. واذا كان لا بد من تفسيره، فيجب ان يفسر بطريقة توصل الى حلول لا الى طرق مسدودة.

 

حكم القبائل

P هل تتوقعون ان يسيروا معكم في الانتخاب بأكثرية النصف زائداً واحداً?

- القضية ليست ماذا اتوقع ولا ماذا اريد، او ماذا يريدون او كيف أفسر الدستور وهم كيف يفسرونه، انما القضية مرتبطة بنص دستوري عليك تطبيقه. والنصوص الدستورية في حال عدم التوافق تصل الى الأكثرية. فالأكثرية تحكم الاقلية وليس العكس، أي الاقلية تتحكم بالأكثرية، فنحن نعود مئتي عام الى الوراء والى القبلية، فاذا قبيلتي لم ترض اوقف كل شيء. لكن هناك مجموعة قبائل. وهنالك نظام ديمقراطي في النهاية. ونظراً للوضع الطائفي المتأزم، ولولا كانت الاقلية غير مؤلفة كما هي الآن، ولولا وجود طائفة معينة موحدة كلها باتجاه معين، كنا قلنا هناك اكثرية، واقلية وانتهى الموضوع.

لكن بسبب هذا الوضع ووجود طائفة موحدة في خط معين، نقول تعالوا لنتوافق، ولكن اذا تعذر ذلك فما هو الحل?! الحل بالسير على النصوص الدستورية وعلينا العودة الى القانون والدستور وللعدد، اي من يملك الأكثرية ومن يملك الاقلية. وكل يحكم بدوره، فهناك بعد عام ونصف العام موعد الانتخابات النيابية المقبلة، واحصلوا على الاكثرية واختاروا الذي تريدونه. لكن لا ان تقولوا نحن نريد كذا، واذا كان غير ذلك، كما قال زميلنا محمد رعد: اما ان يحدث كذا واذا كان غير ذلك، ان كنتم تستطيعون الحكم، فأحكموا. وهذا لم يعد نظاماً ديمقراطياً ولم يعد هناك دولة ولا اتفاق طائف ولا دستور.

اذا ذهبتم وانتخبتم رئيساً بنصف زائداً واحداً، وهم يقولون انكم لم تعودوا تتمتعون بالأكثرية?

- اذا لم نعد نمتلك الاكثرية، لم يعد هناك مشكلة، وانتهى الموضوع ولم يعد باستطاعتنا القول نريد كذا وكذا.

تسلمون بالخسارة?

- طبعاً اذا لم يعد لدينا الأكثرية، وحول موضوع الثلثين يجوز اننا لا نملك الأكثرية، حتى تاريخ اليوم، لانه ربما يغيرون تفكيرهم، ولكن اليوم هناك افرقاء في 14 آذار، يقولون بنصاب الثلثين، وهؤلاء اذا تم الغاؤهم من الاكثرية فلا نعود نملك الاكثرية المطلقة. ولكن هؤلاء يقولون في الوقت نفسه، وفي انتخاب الرئيس، انهم مرتبطون بـ14 اذار، بالآلية لسنا مرتبطين، وهنا لا بد من الدخول في بعض الإيضاحات.

اولاً: المطلوب آلية لتأمين انتخاب الرئيس، وليس آلية لتعقيد عملية انتخابه. ويتوجب علينا تفسير ايجابي للمواد الدستورية، وليس تفسيراً سلبياً لها باتجاه ايجاد الحلول.

وهناك مصطلحات يضيع فيها كثيرون، ومنهم بارزون لهم اوزانهم واحترامهم في البلد، يتكلمون في القانون في الوقت الذي يعرفون فيه القانون. فالنصاب شيء والغالبية شيء آخر. النصاب هو عدد الحضور البشري في الجلسة. وهناك نصابان، نصاب عادي اي النصف زائداً واحداً، وهناك نصاب مميز. احياناً، اي الثلثان او الثلاثة ارباع. وهنالك غالبية، وهذه تتعلق بعدد الاصوات وليس بالحضور.

وفي الغالبية تستطيع أن تأخذ الاكثرية النسبية، اي نصف الحاضرين في الجلسة زائداً واحداً، وليس نصف النواب الذين يشكلون المجلس النيابي، وهناك الغالبية المطلقة، اي نصف عدد النواب في المجلس النيابي زائداً واحداً (65 صوتاً). وهنالك الغالبية الموصوفة والتي هي اكثر من النصف زائداً واحداً.

 

الجلسة والدورة

ثم يتم الخلط بين الجلسة والدورة، وهذه وضحها الرئيس بري في مقابلته الاخيرة. يعني ان جلسة الانتخاب هي جلسة واحدة وليست عشرين جلسة. وعندما يتحدث النص عن الدورات يقصد بها دورات التصويت، عندما توزع الاوراق على النواب للانتخاب. فاذا لم يحصل احد على النصاب المطلوب للانتخاب وبالتالي للفوز، توزع الاوراق مرة اخرى وتقيم دورة ثانية وثم دورة ثالثة ورابعة... هذه في جلسة واحدة. وليس كما يقال ان النصاب هو الثلثان وفي الجلسة الثانية النصف زائداً واحداً. لا يوجد جلسة ثانية. فاذا ضاع الشخص في هذه المصطلحات، لا يمكنه الحديث بالقانون. ويفترض بنا اعتماد النص وتطبيقه لا تفسيره وتصحيحه او اكماله. النصوص موجودة، وعليك قراءتها وتطبيقها كما هي. وهناك مبدأ في القانون يقول (لا اجتهاد في معرض النص). فاذا المادة 49 لم تتحدث عن النصاب، هل يجب ان افسر عملية النصاب كما يحلو لي، والا نكون قد بلغنا وضعاً تصبح فيه الاقلية متحكمة بالاكثرية، حيث ان كل امر يحتاج الى الثلثين وباستطاعة الاقلية، عندها توقيف كل شيء اذا رفضت، اي تماماً كما كان مطلوباً بموضوع الثلث المعطل في الحكومة. ونطلب ثلثاً معطلاً في المجلس النيابي وساعتئذ على البلد السلام ويذهب الدستور الذي فسر في العام 1943 ايام بشارة الخوري ورياض الصلح وصولاً الى الطائف.

اما فيما يتعلق بالمادة 73 فقد فسرها الرئيس بري كما يريد. وهي واضحة. ووضعت هذه المادة لتأمين انتخاب الرئيس اي كانت الخلافات التي تعترض هذا الانتخاب. فنحن بحاجة الى تأمين الانتخاب لا لعرقلته. فهذه المادة وضعت ايضاً للحفاظ على دور رئيس المجلس اولاً، ومن ثم لحماية المجلس من رئيسه ايضاً، في حال اراد تعطيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية.

فهذه المادة تقول: (قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الاقل او شهرين على الاكثر، يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه، لانتخاب الرئيس الجديد، واذا لم يدع المجلس لهذا الغرض، فانه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق اجل انتهاء ولاية الرئيس). يعني ان هذه المادة قد خلقت ثلاث مراحل، الاولى، على الرئيس الدعوة في فترة تمتد ما بين شهر وشهرين، من انتهاء العهد اي بين 25 ايلول و25 تشرين الاول. ثم ان، الرئيس يستطيع ضمن هذه المهلة ان يدعو الى ما بعد 25 تشرين الاول، ولغاية 5 تشرين الثاني، لكن عليه ان يعي قبل ذلك. ولا يعود بامكانه الدعوة الى جلسة بعدها، الثانية، 25 تشرين اول الى 15 تشرين الثاني، اي قبل عشرة ايام من انتهاء ولاية الرئيس، في هذه المرحلة، مرحلة العشرين يوماً، لا يعود بامكانه الدعوة، اذا لم يكن قد دعا قبل ذلك.

المرحلة الثالثة، هي اليوم العاشر قبل انتخاب الرئيس. وقد اتى الرئيس بري ليقول ان اليوم العاشر، هو الايام العشرة الاخيرة. يعني انني دعيت في 25 ايلول، واظل قادراً على دعوة النواب الى الاجتماع كل يوم بيومه.

والدستور اعطى رئيس المجلس وحده، صلاحية الدعوة الى الجلسات باستثناء ثلاث: الدعوة الى الدورتين السنويتين العاديتين اللتين حدد لهما الدستور تاريخاً معيناً وهو اول ثلاثاء من بعد 15 آذار واول ثلاثاء بعد 15 تشرين اول. والثالثة، هي اليوم العاشر، قبل انتهاء عهد رئيس الجمهورية. هذه الجلسات الثلاث تفرضها سلطة اقوى من سلطة شخص رئيس المجلس وهي الدستور. فخلافاً للقاعدة في هذه الحالات الثلاثة فان دور رئيس المجلس هو دور شكلي، وليس هو الذي يحدد التاريخ، انما يدعو فيه النواب.

ففي المادة 73، وحول اليوم العاشر، تقول: يتداعى النواب، أي ان الصلاحية عند النواب وليس عند رئيس المجلس.

ويكون رئيس المجلس في عدم الدعوة الى افتتاح الجلسة الافتتاحية في اول ثلاثاء من بعد 15 اذار، قد عطل الدستور وعطل المؤسسة. كما ايضاً في موضوع انتخاب رئيس الجمهورية، في معرض رفضه اعتبار اليوم العاشر كيوم الزامي محدد من الدستور، يكون ايضاً قد ادى بنا الى الفراغ الدستوري.

والمادة 73 يحفظ المشترع من خلالها الحق لرئيس المجلس في الدعوة الى الجلسة ولكن ايضاً هذه المادة هدفها مزدوج، فهي عدا عن حفظها هذا الحق لرئيس المجلس، تحفظ حق النواب والنظام السياسي من رئيس لا يريد أن يدعو الى عقد الجلسة. فماذا نفعل? هل نصبح بدون رئيس?! وفي اليوم العاشر لدينا الحق كنواب ان نجتمع وننتخب في اي مكان، وبأي نصاب وبأي غالبية.

 

لمن الرئاسة

برئاسة مَن في حال تغيب الرئيس?

- يجتمع النواب برئاسة نائب الرئيس، اذا كان معنا، او من فريقنا أو يريد ان يحضر الجلسة، او يتخذ الاكبر سناً بين الموجودين في الجلسة رئيساً للجلسة. ونعود للقول ان الهدف في كل دستور، هو حل المشاكل لا خلقها. وفي المادة 73 بالتحديد، فان الهدف هو ايجاد الحل. فالمطلوب انتخاب رئيس للجمهورية، اذا باستطاعتنا ان نأتي به بالاجماع فليكن. واذا لا فبالثلاثة ارباع، واذا لا فبالثلثين، واذا لا فبالنصف زائداً واحداً، واذا لا لم يعد هناك اكثرية واقلية، فاذا كان هناك 4 مرشحين وتوزع عليهم 128 نائباً، ولم يتنازل احد للآخر، فاننا قد نستمر اشهراً بلا رئيس للجمهورية.

ولكن يفترض ان يظل النواب متواجدين في قاعة المجلس الى ان يتوصلوا للتفاهم على رئيس. فعندما كان هناك اربع باباوات في جنوبي فرنسا في (أفنيون)، حيث كانوا منفيين من ايطاليا. لم يستطيعوا الاتفاق على بابا واحد، وفي احدى دورات الانتخاب، ولم يحصل احدهم على الاصوات المطلوبة. فما كان من ملك فرنسا حينها الا ان حبسهم في (قصر الباباوات) ومنعهم من الخروج قبل ان يتوصلوا الى انتخاب البابا، وكان يزودهم بالطعام وفقاً لحاجتهم فقط الى ان اعتمدوا انتخاب بابا من بينهم وحلت المشكلة.

 

الفراغ الدستوري

هل الجهود الدولية التي نشهدها اليوم، سواء في لبنان او خارجه، ستؤدي الى حالة كالحالة التي ذكرتها حول الباباوات?

- معظم الافرقاء اللاعبين الدوليين والاقليميين والمحليين لا يريدون الفراغ الدستوري في لبنان، لان ذلك يقود الى الفوضى، والى الذهاب ربما لرئاستين او حكومتين وربما للتقسيم، لا ادري. لا احد يريد الوصول الى هنا. ومعظم الافرقاء يصر على عدم بلوغ هذا الحد، وبالتالي فان الهدف هو التوصل الى توافق حول اسم معين.

 

سنصل الى تفاهم

يحكى الآن عن وجود (ترويكا اوروبية) تتناغم فيما بينها تضم فرنسا والمانيا وايطاليا، بدعم بابوي وبوجود البطريرك صفير في روما في هذه المرحلة، قد تصل الى حل، هل انت متفائل بالوصول الى اتفاق?

- انا اعتقد اننا في النهاية سنصل الى تفاهم، ولكن كما قلت بعدم ايجاد حلول للمشاكل الاخرى المطروحة. فليس هناك فقط مشكلة رئاسة الجمهورية، انما هناك عدة مشاكل مطروحة على الساحة اللبنانية. هذه جميعها ستبقى يعني سيأتون برئيس من دون ان يمنحوه وسائل حكم، وسوف يتركون له كل المشاكل المطروحة عالقة. اي يأتون في اليوم الأخير برئيس شكلاً حتى لا نتخطى الخط الاحمر، وحتى لا نذهب للفراغ وللمغامرة الكبرى، ولكن من دون حل، لأي مشكلة، لذلك لا احسد الرئيس العتيد.

 

رئيس مفاجأة

تعتقد ان الحل هذا لتسوية الامور بحيث لا ينفرط عقد لبنان القائم?

- طبعاً، المساعي كلها تهدف الى ذلك، اي الى عدم الوصول الى الفراغ والى الفوضى وعدم خلق مشكلة اضافية فوق المشاكل الموجودة. انه موضوع الرئاسة تمرره ولانه امر لا بد منه، وفيها استحقاق، ولكن كل الباقي يبقى على حاله.

يعني هل تقصد الوصول الى رئيس لا لون له ولا طعم?

- نتمنى لا، وحتى لو أُتي به على هذا الاساس، فاننا نتمنى ان يفاجئ الجميع ويكون غير ذلك.

لماذا تصرون على ان التوافق لا يتم الا على مرشح من 14 آذار، ولا تبنون التوافق على مرشح من خارج هذا الفريق?

- لان الفريق الآخر ايضاً يبني موقفه على مرشح منه. ممكن اذا رأينا ليونة من الجهة الاخرى وطروحات معقولة ان نبحث فيها. مع العلم ان 14 آذار يعتبرون انهم يشكلون الاكثرية ويفترض بها ان تأتي برئيس منها.

 

Cمشكلة الترشيح

14 آذار تواجه ثلاثة مرشحين في صفوفها، هم نسيب لحود، بطرس حرب وروبير غانم?

- وهناك اشخاص غيرهم وان لم يطرحوا انفسهم على الساحة ولكن معروف انهم اهل لهذه الرئاسة من ضمن 14 آذار. وهناك اسماء الكل يعرفها وممكن ان ترد.

فؤاد السعد الذي يتكئ على مخزون تاريخي وسياسي لماذا احجم في هذه الفترة عن ابداء رغبته للترشح لرئاسة الجمهورية?

- اولاً ليست قضية احجام، فؤاد السعد ينتمي الى كتلة نيابية وهي (اللقاء الديمقراطي)، واذا ارتأى اللقاء ان هناك مصلحة في ترشيح فؤاد السعد سيرشحه. ولا يستطيع فؤاد السعد الذي ينتمي الى هذا اللقاء، ان ينفرد هو بطرح نفسه، فيما كتلته ترى انه لم يحن الاوان لذلك بعد.

لماذا يلاحظ المراقبون ان فريقي النزاع الداخلي ليس لديهم موقف منعزل عن المصلحة الذاتية، ويتوجه الى الارادة اللبنانية الواحدة التي تجمع ولا تفرق، تردم الهوة ولا تزيدها عمقاً. هل هي ضغوطات خارحية يتأثر الفريقان بها. هل الوصايات لا تزال عميقة في الجذور السياسية?

- ليس هناك شك، ولو لم تكن الامور معقدة وعلى صعد مختلفة منها على الصعيد الدولي والاقليمي كانت الامور تحل، وقادرة على حل المشكلة الدولية بمفردها كما المشكلة الاقليمية بمفردها والمشكلة المحلية ايضاً بمفردها. لكن ان تحل الثلاثة معاً، فقد اصبحوا متشابكين مع بعضهم البعض. الموضوع اصبح معقداً كثيراً واستحالة شبه معجزة. نتمنى ان نستطيع تجاوز الازمة او على الاقل، نستطيع ان نؤمن الشق الداخلي في انتظار الحلول الاقليمية والدولية. اي الا تتفكك اكثر، فاكثر جمهوريتنا، ولا نظامنا السياسي، وان نبقى محافظين على كياننا وحدودنا، وسيادتنا واستقلالنا وعلى الديمقراطية والحريات. فهذه العناوين الستة يطمح لبنان للمحافظة عليها. واذا كان لديه موقع مميز في الشرق، فلان لديه شيئاً منهم وعندما يتخلى عنها يعود، بدلاً من تطور الدول العربية ديمقراطياً نحوه ليتشبهوا به، يصبح هو يتراجع ليصبح مثلهم.

هذا هو خوفكم من الفراغ?

- طبعاً، خوفنا من الفراغ هو الرجوع الى الوراء.

ما هي نسبة تفاؤلك باننا قادرون على تجاوز المصاعب?

- تفاؤلي يرتكز اولاً وقليلاً على التاريخ، فلبنان طوال عمره يلعب بالنار، ولكن كان اللبنانيون يصلون الى وقت يجدون فيه ان هناك خط احمر، لا يمكن لهم تجاوزه فيعودوا للتفاهم على الامور على علاتها. واعتقد هذا ما سيحصل في المرحلة المقبلة، ونتمنى ان نصل الى التوافق الذي نتحدث جميعاً عنه ولكن للأسف لغاية الآن لم يتفق أحد مع الآخر عليه.

تدعو الى التوافق وتعارض رئيساً من خارج 14 آذار?

- اذا 14 آذار توصلوا الى مفاوضات مع الفريق الآخر ووصل الى الاتفاق على مرشح من خارج 14 آذار فليكن، نحن اي قرار تتخذه 14 آذار نسير به. الا اذا اتخذ قراراً لا يناسبنا تماماً كلقاء ديمقراطي، ساعتئذ سنبحث في كيفية التعامل مع هذا الامر، وربما ننفرد بموقف مميز.

هل تسيرون الى الانتحار السياسي من اجل عدم فرض قرار سياسي عليكم?

- كيف يعني الانتحارالسياسي?

ان تقوم بعمل يقسّم البلاد، وتنتخبون بالنصف زائداً واحداً?

- لا اعتقد اننا قادرون للوصول الى هكذا نهاية، وعلينا ان نحسب لخط العودة، ونتعاطى مع الامور بمسؤولية وجدية، وايضاً لا نريد ونحن أب الصبي، وبموقف من هذا النوع. ان نكون مضطرين للقبول بالامر الذي نرفضه ونوافق على أمور غير مقتنعين فيها.

14 آذار تطرح حلولاً تعجيزية، كما يقولون جماعة 8 آذار، فهي تعارض العماد عون كمرشح توافقي باسم المعارضة العماد ميشال سليمان بعد انجاز نهر البارد?

- نحن لا نعارض العماد سليمان خصوصاً بعد النجاح الذي سجله في نهر البارد، ولكن نحن نعارض مبدأ تعديل الدستور، العماد سليمان وحاكم المصرف المركزي يحتاجان الى تعديل الدستور لبلوغ الرئاسة. ونحن غير مستعدين للدخول في مغامرة تعديلية. في الوقت الذي قد تقودنا الى تعديل 20 مادة وليس مادة واحدة. نحن نرفض تعديل الدستور لحساب شخص وعلى قياس شخص. ولا نريد ان نعيد ما فعلناه مع اميل لحود وما فعلناه لسواه. اعتقد لا يجوز ان يبقى الدستور (ممسحة)، وهو معد ليمتثل به الناس لا لتحوله وتعدله كلما اردت على قياس اشخاص، وهو لا يعدل على القياس. الدستور هو قانون والقانون عام اما القرار فهو خاص. وهذا مبدأ قانوني مهم.

لماذا تقفون في وجه العماد ميشال عون مع انه يتمايز في مواقفه عن الآخرين?

- (من جرب المجرب يكون عقله مخرّب)، لماذا نقف بوجه العماد عون، لانه اولاً، اتى رئيس حكومة انتقالية لثلاثة ايام، بغرض تأمين انتخاب رئيسا للجمهورية واذ مكث عامين ومنع النواب من انتخاب رئيس الجمهورية. يعني قام بانقلاب ابيض، ومكث في بعبدا. واساساً هو رئيس حكومة، فلماذا صعد الى بعبدا. وتصرف كرئيس للجمهورية. واتى من بعده اميل لحود كذلك الامر، فانظر ما يفعل العسكر. وصار يريد ان يمدد والتقى مَنْ يمدد له رغم ارادتنا.