النائب وليد جنبلاط "حزب الله" يبني دويلته على حساب الأقليات والهجرة وبرّي تحوّل علبة بريد والعماد عون لا يحمي أحداً 

نهار الشباب - 2007 / 8 / 23

 يُعرف عن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بأنه يمتلك حدساً او حاسة سادسة تنبئه بالتطورات المتوقعة. حتى إن أخصامه يعلقون على ما يرونه "أخطاء" في المواقف والتقديرات بقولهم "خانه حدسه هذه المرة". وإذا كان البعض يرى ان حدس وليد جنبلاط هو الذي يقوده، فإن عارفيه يرون خلاف ذلك، فتوقعات الرجل عائدة الى ثقافته واطلاعه ومتابعته، وربما الى مستوى الذكاء لديه.

ولا نعلم اذا كان في تأكيد وليد جنبلاط ان الاستحقاق الرئاسي سيجري وسيكون للبنان رئيس جديد، حدس ام معطيات، ام انه يريد ان يبعث برسائل الى كل الافرقاء، الحلفاء قبل الخصوم، ليؤكد ان لا تسوية ولا تنازلات في هذا الملف، لأن دمشق يمكن ان تطلّ مجدداً عبر الرئيس الجديد.

 

ولجنبلاط نكهته الخاصة في الحياة السياسية كما في الاجتماعية، وربما ايضاً في الحياة الثقافية، على رغم انه لا يقارب الاخيرة، الا من خلال قراءاته المتعددة والمتنوعة، والتي غالباً ما يلجأ اليها لربطها بالحاضر. انه التاريخ، الذي قد يكرّر نفسه، او نستمدّ منه العبر. وجنبلاط في ذاته تاريخ. إنه تاريخ العائلة والزعامة، وهو جزء من تاريخ الحرب، قبل ان يتحول صفحة في تاريخ المرحلة الجديدة للاستقلال الجديد.

يبدو جنبلاط متخوفاً من المستقبل في ظلّ ما يجري من خطط للمنطقة، والأخطر في لبنان "حيث تنشأ دويلات داخل الدولة"، و"حيث يتم شراء اراضي واسعة في أكثر من منطقة". ويحذر من عدم متابعة موضوع المحكمة الدولية القادرة وحدها على إضعاف النظام السوري وربما إسقاطه.

ماذا قال لـ"نهار الشباب"؟ قال الكثير، وبقي لديه الكثير ليقوله، وربما لم يحن الوقت بعد ليقول أشياء اخرى كثيرة. لكن الأكيد أن رسائل كثيرة تطايرت في ما قاله، وهي تحتاج دائماً الى قراءة السطور وما بين السطور.

 

* موضوع الرئاسة هو الشغل الشاغل للّبنانيين، فما هي مواصفاتك للرئيس المقبل؟

خطأ طرح السؤال بهذا الشكل، هناك مواصفات سياسية ترتكز الى «ثورة الأرز» في السيادة والاستقلال، علاقات ديبلوماسية مع سوريا، وتحديد الحدود معها وترسيمها، وأن تكون الدولة فقط هي صاحبة القرار في الحرب والسلم، وعندما نقول الطائف نحدد بشقه الداخلي اي التوازن الداخلي السياسي بين المسيحيين والمسلمين، بعيداً عن العددية، كذلك الهدنة مع إسرائيل التي نص عليها الطائف، لأن الخصم، أي سوريا وايران و»حزب الله» يريدون الجنوب جبهة مفتوحة في أي وقت يعلنون الحرب أو السلم، هذ هي المواصفات التي نتجت من اجتماع الحوار ومن القرارات الدولية واهمها القرار 1559 الذي نص صراحة على ان لا سلاح الا للدولة، ونص على تجريد كل الميليشيات من السلاح. كيفية نزع هذا السلاح نتفق عليه ولكن لا سلاح الا للدولة.

 

* تقول ان الرئيس يجب ان يكون من انتفاضة الاستقلال و"ثورة الارز"، هل يمكن ان يكون توافقياً؟

لا، مستحيل. اذا قبلنا بنظرية التوافق مع الفريق الاخر الذي أسمّيه الخصم، والذي لا يؤمن بمنطلقات "ثورة الارز" نكون ضحّينا بكل الشهداء والنضال الديموقراطي ونكون سفكنا مجدداً دماء الشهداء جبران تويني ورفيق الحريري وبيار الجميل وكل الشهداء. هذا الخصم لا يؤمن كما نؤمن، يؤمن بالحلف الايراني. إنه حزب شمولي لا يؤمن بالتعددية ويرى بأن لبنان ليس بلداً وانما ساحة جغرافية وعسكرية وفي آخر خطاب كان (السيد حسن) نصرالله واضحاً بالقول (في ذكرى حرب تموز 2006) انه يملك سلاحاً اكثر من ذي قبل ويقول اهلاً وسهلاً للحرب مجدداً. في الصيف الماضي كان عنده عذر شكلي وهو ما يسمى الأسرى، ولكنه في خطابه الاخير لم يذكر الأسرى. هذا الخصم قوي ومسلح وله موازنته وماله واقتصاده وأمنه المستقل عن الدولة وهو يرسي شيئاً فشيئاً دويلة بدأها في الجنوب، الدولة موجودة في الجنوب شكلياً. اما قوات الامم المتحدة فصارت شبه غير فاعلة بعدما تلقت ضربة قاسية كانت انذاراً. والجيش اللبناني اضطر نتيجة الاعتصام في وسط بيروت ومعارك نهر البارد الى سحب خيرة وحداته من الجنوب. الامن في الجنوب بالتراضي، ولكنه عملياً لـ "حزب الله"، والامن في الضاحية ايضاً للحزب الذي امتد من الضاحية الى وسط بيروت. بعلبك الهرمل خلية عمل اذا صح التعبير من أجل تمركز وحدات "حزب الله" والخندقة وحفر الملاجىء للسلاح، اضافة الى ما اكتشف اخيراً من انهم يصلون المناطق بشبكات خاصة للهاتف، وهو جزء من ربط مناطق النفوذ والسيطرة ببعضها. اما الاخطر فهو شراء الاراضي المستمر في الجنوب ومناطق اخرى من الاقليات المسيحية والدرزية لأن الديموغرافيا ليست لصالحنا، وآخر قطعة أرض بيعت كانت مساحتها 600 الف متر مربع بين قرية مسيحية مختلطة واخرى سنية اشتراها السفير الايراني من آل سكاف الكرام.

 

* أليس هناك مبالغة في موضوع شراء الاراضي؟

ليس عندي وهم من أن دولة "حزب الله" تقوم في كل فراغ وهي تقوم شيئاً فشيئاً على حساب الاقليات والهجرة. وعندي دراسة عن مزرعة اندراوس حاولت اقناع البطريرك الماروني واتصلت بأحد المتموّلين اللبنانيين العالميين وهو كارلوس سليم لشرائها وكلفت الوزير ميشال اده إعداد الملف لشرائها وهي في منطقة اسفل جزين والريحان وكفرحون مساحتها 6 ملايين متر مربع وهي في طريقها للبيع. الى جانب مليون متر مربع تم شراؤها من مالكين دروز من آل شمس وحالياً تبنى عليها مجمعات سكنية. الموضوع ليس المتمول اللبناني بغض النظر اذا كان أصله شيعياً او غيره، هناك دولة ايران تشتري، من خلال "جهاد البناء" وعلي تاج الدين. الموضوع هو السيطرة السياسية والعسكرية والاقتصادية على البلاد.

 

* هل هذا مقدمة لإنشاء دويلة بمعنى الدولة؟

الدويلة موجودة ولكن يجري ربطها بخطوط الهاتف. اما الأمن فهو اصلاً موجود وجيشهم اقوى من الجيش اللبناني ويفاخرون بهذا الامر ويبقى الربط الحسي او الجسدي. المنطقة الأكثر عرضة للخطر في الوقت الحالي هي البقاع وكأنه يراد سلخ البقاع مجدداً من لبنان الكبير وإلحاقه بسوريا مجدداً لأن الذي يشتري هو حليف النظام السوري الفئوي.

 

* هل بدأ هذا المشروع "المخيف" الذي تتحدث عنه عام 2005، واين كان قبل ذاك العام؟

القصة قديمة تعود الى عام 1982 عندما بأت نواة "حزب الله" تحت شعار الحرس الثوري ولم تبدأ العمليات تحت شعار "حزب الله" وانما الجهاد الاسلامي ضد الفرنسيين والمارينز وعمليات خطف أسرى أجانب. يجب التمييز بين العمل ضد الفرنسيين والمارينز، قد يفسر استهداف المارينز لأنهم انحازوا الى فريق ضد فريق آخر، لكن الفرنسيين لم يكونوا كذلك. موضوع الاسرى موضوع آخر لا اخلاقي وعندما خطف باكلي وتيري وايت وغيرهما لاحقاً تبيّن في الملف وهو مثير كيف كان خطف الاسرى من اجل مبادلتهم بكمية من السلاح والذخيرة كانت اسرائيل تعطيها للجمهورية الاسلامية في ايران في مقابل مال مدفوع من ايران الى اسرائيل أو "السي أي أي" CIA وقد استخدم هذا المال في تمويل حركة الكونترا في نيكاراغوا. كل خطابات (سماحة السيد حسن) نصرالله عندما يتحدث عن الاخلاقيات لو يستطيع ان يلغي منها كلمة اخلاقيات لأنه لم يكن هناك انذاك اخلاقيات ابداً لا في الخطف ولا في طريقة تسليح الجيش الثوري الايراني في حربه على العراق عبر اسرائيل.

 

* في مرحلة معينة كنت حليف "حزب الله"، ألم تساهم بطريقة غير مباشرة في تقوية الحزب وهذه "الدولة المفترضة"؟

لم نقوِّ "حزب الله". اذا أردت الاجابة على طريقتي كنا الادوات الحليفة لسوريا وكنا نقوم بدور محدد في الحرب العبثية "سوق الغرب – عيتات " من 82 الى 91 اما هم فكان لديهم المشروع المختلف.

 

* لماذا ارتضيتم هذا الدور؟

لأن البلد كان منقسماً سياسياً، بعضنا مع سوريا والآخر ضد سوريا، مع اسرائيل واميركا. والافضل الا نفتح جراح الحرب.

 

* في عدد لمجلة الشراع في5 كانون الاول 2005 بعد انسحاب السوريين وقبل اسبوع من اغتيال الشهيد جبران تويني تقول ان "حزب الله" جزء من المنظمومة الدفاعية ضد اسرائيل وان سماحة السيد حسن نصرالله ضمانة الوحدة الوطنية وازالة اي شائبة مذهبية، ألم تكونوا واعين وقتذاك لخطورة هذا المشروع؟

ظننا بعد اغتيال الحريري وقبل اغتيال جبران تويني ان الحوار ممكن وكنت أظن انه قد يكون خارج إطار هذه المنظومة الامنية التي تنطلق من لبنان وتنتهي في ايران. ولكن عندما قال نصرالله في يوم القدس عام 2005 انه مع النظام والشعب والقيادة السورية انذاك، قلنا انكسرت الجرة او انه آن الاوان لوقف هذا التحالف وهذه الكذبة التاريخية. نحن مع الشعب السوري ولكن ليس هذه القيادة التي اتهمناها ونتهمها بكل الاغتيالات.

 

* عندما تتحدث عن دويلة هل هذا يعني اننا ذاهبون الى التقسيم؟

لا ليس صحيحاً. في الوقت الحاضر هناك دولة لبنان وثمة دويلة في داخلها. كيف ستتطور الامور للتوفيق بين مفهوم الدولة صاحبة القرار في كل شيء ودويلة "حزب الله" هذا امر لا نملك الجواب عنه حالياً.

 

* كيف سيكون ردكم على الدويلة؟

ردنا على الدويلة قبل ان يأخذنا نصرالله الى الحرب كان في استراتيجية دفاعية خلال الحوار وقدمنا ملاحظات اللقاء الديموقراطي على مداخلة السيد حسن نصرالله في مؤتمر الحوار الوطني. انذاك قال نصرالله بصراحة انا نجحت في ان أسيطر على لون مذهبي موحد وعندي أمني الخاص وعندي استقلالي ونجحت من خلال تركيبة الحزب السياسية والامنية، فلنجد طريقة للتنسيق بين منظومتي الامنية والسياسية والعسكرية وبين الدولة. حاولنا لاحقاً في جلسة اخرى وقدمنا ورقتنا والشيخ امين الجميل قدم اقتراحاً يشابه الجيش في سويسرا حيث يكون كل مواطن جندي او ضابط عند الطلب، ولاحقاً كانت الطرفة التاريخية وكان الرئيس السنيورة يتوقع صيفاً واعداً بالسياح وقال له ان المؤشرات هذه السنة تنبىء بقدوم مليوني سائح وهي مشجعة، أجابه نصرالله بضحكته المعهودة التي فيها سخرية وتهكّم: "شفت، سلاحي اذن ما بيخوف" وبعد اسبوعين أعلن الحرب.

 

* هل ستحصل انتخابات رئاسية؟

ستحصل، ولمَ لا تحصل. شرط ان تبقى الاغلبية النيابية موحدة وهي باقية. واجتماع معراب كان ممتازاً باستثناء الخطأ بعدم دعوة نائب، او دعي ولم يحضر، وهو النائب روبير غانم ويجب ان يحضر، وهو جزء منا. الاجتماع مقدمة لأن يكون لقوى 14 اذار مرشح واحد. الدستور واضح بغض النظر عن كل التأويلات، في الأيام العشرة الاخيرة اي من 14 تشرين الثاني الى 23 منه يحق للاغلبيةاذا بقينا اغلبية على قيد الحياة السياسية او غير السياسية – ان نجتمع في اي مكان وان ننتخب رئيساً.

 

* هل صحيح انكم ترتضون اي مرشح يسميه الاطراف المسيحيون في 14 اذار؟

نعم.

 

* ماذا لو "تنازل" احدهم كما قلت، هل يعدم سياسياً؟

إذا ارتضيت بمرشح تسوية أكون انتهيت. أكون ضحيت بنضالي المتواضع الذي بدأ في العام 2004 عندما قابلت البطريرك صفير في الديمان قبل التمديد، وذكرتها في خطابي، وقلت له لن أمدد ولكن اتركني افعلها على طريقتي. ومنذ ذلك التاريخ سرت سوياً مع البطريرك صفير ولاحقاً مع النواب الـ 29 ولاحقاً ثورة الارز.

 

* هل تقصد ان الاجتماع لانتخاب الرئيس في أي مكان يمكن ان يتم خارج مجلس النواب؟

اكيد. هناك سوابق، الشيخ بشير الجميل انتخب في الفياضية ورينيه معوض في القليعات والياس الهراوي في شتوره.

 

* وهل هذا في نصاب النصف زائد واحد؟

حتماً.

 

* هل لديك الثقة بأن المسيحيين سيتفقون على مرشح واحد؟

نعم أثق بهم.

 

* ما سبب تحذيرك من تسوية اعتبرتها خيانة؟

من حقي. يخاف المرء احياناً عندما يرى هذا الجو من التأويلات، خاصة تأويل الحديث عن نصاب الثلثين. خفت، لن اقول اني لم أخف.

 

* لمن كان موجهاً هذا التهديد؟

لا أحد. لي شخصياً.

 

* عندما تحدث البطريرك عن تعديل الدستور...

البطريرك صخرة من صخور "ثورة الارز"، ولكن تشن عليه حملة هائلة من كل حدب وصوب. وهو في الوقت نفسه يعاني مشكلة بدأت تتراجع وهي انقسام الطائفة المسيحية المارونية. وهو بدأ يطمئن بعد انتخابات المتن، اذ لم يعد ذاك الانقسام الحاد. لقد خف الانقسام، وظهرت بعض الحقائق في انتخابات المتن الشمالي. لدى البطريرك قلق على طائفته وهذا حقه. واتصور ان في امكانه ان يرتاح. ثانياً يتعرض البطريرك لهجمة، مفادها اما هناك رئيس او فراغ. لا ليس هناك فراغ.

 

* اليس هناك خيار حكومة ثانية؟

هناك تهويل علينا، حتى البعض منا وقع أسير هذا التهويل. حكومة ثانية وحكومة عسكرية وكله غير دستوري. ولذلك تراجع الحديث عن حكومة ثانية. سمعنا ان (رئيس الجمهورية أميل) لحود قال لبعض زواره عن حكومة عسكرية وهذا ايضاً غير دستوري.

 

* اذا لم يعترف الخصم كما أسميته برئيس جمهورية منتخب بأقل من الثلثين، الا نعود الى ازمة واسعة في البلد؟

اساساً نحن في ازمة سياسية وفكرية. عندك خصم لا يعترف بالتعددية في لبنان، لا يعترف بالطائف، لا يعترف باستقلال لبنان، لا يريد ترسيم الحدود، لانه عندما ترسم الحدود وتقول ان شبعا لبنانية يلغى مبدئياً منطق سلاح "حزب الله"، وهو ينطلق من انه يحتفظ بسلاحه لتحرير مزارع شبعا وهذا المنطق الرسمي له. عندما تعترف الحكومة السورية بشبعا ينتهي الامر.

 

* لكن الأميركيين والفرنسيين في عداد حلفائكم، فلماذا لا يساهمون مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في اثبات هذا الأمر؟

المشكلة مع المجتمع الدولي أنها لعبة أمم، ولدى البعض من حلفائنا اعتبارات أخرى. وفق معلوماتي، كي تمتنع روسيا عن التصويت على المحكمة لا أن تعترض، وجب علينا أن نقوم بعمل ديبلوماسي في الخارج. المحكمة الدولية دخلت في موضوع استقلال كوسوفو، أما موضوع شبعا فلا نعلم ما يجب فعله.

 

* هل يرتبط موضوع رئاسة الجمهورية بتسوية اقليمية أو دولية؟ هل سينتخب اللبنانيون رئيسهم؟

اذا قلنا أن رئاسة الجمهورية ستكون مرتبطة بالتوازنات التي ستكون لاحقا محيطة بلبنان في 14 تشرين الثاني. فإن السعودية ومصر والخليج ستكون معنا، اضافة الى فرنسا وأميركا والمجموعة الأوروبية الى حد ما. لكن من جهة أخرى، هناك حسابات اقليمية أخرى: سوريا، ايران، اسرائيل، وروسيا وفق مصالحها.

 

* سوريا واسرائيل في المحور نفسه؟

لا أميز بين سوريا واسرائيل. وتبين لنا في عام 2005 أن اسرائيل لا تريد انسحاباً سورياً من لبنان. في كل المحاولات التي قمنا بها مع الادارة الأميركية لتطويق سوريا واتخاذ اجراءات جدية في حقها اقتصادية أو سياسية. كان اللوبي الاسرائيلي ضدنا ولم يرغب في اضعاف النظام العلوي السوري.

وفي هذه اللحظة علينا أن نخشى أكثر، لأن المحكمة لم تأخذ أبعادها، حصلنا عليها نظريا، لماذا تأخر تعيين المدعي العام؟ المعركة الكبرى ستكون على تعيين الفريق اللبناني في المحكمة. قيل لنا أن لائحة سرية بأسماء القضاة أُرسلت الى الأمم المتحدة. مع الأسف أقول أنها لم تعد سرية وهي تضم اسم أحد القضاة الذي لم يكن بعيدا عن البوريفاج. هناك سلسلة مراكز في المحكمة سيتسلمها الفريق اللبناني، اذا كان هذا الفريق صادقا ومواليا لفريق 14 آذار شيء، واذا كان من عملاء سوريا فذلك موضوع آخر.

 

* من هو القاضي؟

لن أعطي اسمه.

 

* ألا تخشون في حال انتخاب رئيس جمهورية من طرف واحد أن تنتقل المواجهات الى الشارع؟ خصوصا في ظل الحديث عن التسلح؟

لا، لأن في امكان "حزب الله" في أي لحظة، اذا أراد، السيطرة على بيروت عسكرياً. لكنهم ليسوا أغبياء، ومن وراءهم أيضا اي أحمدي نجاد ليس غبيا، رغم خطاباته "الهمايونية"، لا يريد أن يُدخل نصر الله في أزقة بيروت، ليس حرصا على لبنان بل حفاظا على سمعة نصر الله. يوم أُجبر على الدخول في أزقة بيروت، خسر من سمعته التي اكتسبها بعد حرب تموز، حسر قليلاً سمعة القائد من أندونيسيا الى المغرب. لذلك في 23 كانون الثاني 2007 خاف من تدخل الملك عبد الله وأوقف اقتحام السرايا.

 

* ما ردك على قول "صديقك اللدود" الرئيس نبيه بري أن انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد يعني الخراب والفوضى؟

من يقول لنصر الله "تفضل استلملي أمني" تحوّل علبة بريد فقط، أنهى بري نفسه بيديه للأسف.

 

* لماذا ترفضون ترشيح العماد عون؟

لأنه متحالف مع الخصم. نوافقه عندما يعود الى أدبياته التي سبقنا اليها، وكان رائداً عندما كنا نحن في الحلف السوري، كان هو مسؤولاً عن "قانون محاسبة سوريا". ثم قام بتوقيع ورقة التفاهم مع "حزب الله" وشرّع سلاحه.

 

* هل وصلت الأمور مع "حزب الله" الى نقطة اللاعودة؟ وكذلك مع العماد عون؟

لا عودة في السياسة مع الذين لا يؤمنون بلبنان، نعم هذا رأيي. وأعتقد أن المعلم الأساسي هو نصر الله. وحتى هو الى حد ما "ناطق رسمي"، من خلفه عماد مغنية المسؤول عن الأمن، وصولاً الى آصف شوكت في سوريا وآخرين في ايران، وما أدراك ما ايران. مكتب الخامنئي في ايران هو الذي يدير "حزب الله"، هذا يتبع لـ "سرايا القدس".

 

* وتعتقد أن العماد عون في ظلال نصر الله؟

في حمايته اذا صح التعبير.

 

* هل أنت غير متفائل بأن انتخابات رئاسة الجمهورية يمكن أن تكون بداية الحل؟

انتخاب رئيس جمهورية يعتمد المبادىء التي اشرنا اليها هو الخطوة الأولى على طريق طويلة، لن نحصل على ما نحلم به عن طريق معجزة. الطريق طويل من أجل الوصول الى أهدافنا. رئيس تسوية هو هدية مباشرة الى النظام السوري، وتذهب كل تضحياتنا سدى.

 

*هل ما زال في امكان النظام السوري أن يعطل الانتخابات الرئاسية؟

في امكانه أن يعطل كل شيء ما زال قوياً.

 

* توقعت أن تتواصل موجة الاغتيالات، هل تتخوف من هذا الأمر حاليا؟

مع الأنظمة الديكتاتورية، لا رحمة الا في الطاعة المطلقة، خاصة مع نظام بشار وحلفائه في لبنان، وللعديد منهم مآثر في هذا المجال. ثانيا، استخدموا الاغتيال السياسي المباشر، استخدموا اغتيال الاقتصاد، دفع الشباب الى الهجرة. حاولوا اغتيال الجيش والسيطرة على منطقة الشمال، لكنهم فشلوا. وسائلهم متعددة، قد نصل الى "نهر بارد" آخر، من يعلم؟ اضافة الى القواعد العسكرية السورية المباشرة المنتشرة في قوسايا وحلوي والناعمة.

 

* هل تتخوف من أن تتكرر تجربة والدك معك؟

لا أفكر بهذا الموضوع. عندما يختار الانسان طريقا معين كما فعل والدي، يمشي فيه ويتحمل النتائج مهما كانت.

 

* هل يستحق لبنان؟

طبعاً.

 

* لماذا؟

هو البلد الوحيد في هذا الشرق العربي والاسلامي، المتنوع وصاحب الرسالة، والذي تتلاقى فيه هذه التيارات السياسية والفكرية بين الشرق والغرب.

 

* قلت أن المشكلة مع العماد عون هي تحالفه مع الخصم، في حين أنه يعتبر ان هذا التحالف جنّب البلد حرباً أهلية على غرار التي حصلت اثر عزل الكتائب في السبعينات، معتبرا أن عزل الشيعة سيؤدي الى حرب أهلية جديدة.

لا نعزل الشيعة. هناك شريحة شيعية صامتة ترفض "ولاية الفقيه"

 

* لكن موقف الأكثرية الشيعية مغاير..

لا نظلم، هناك شيعة يؤمنون بلبنان، من مدرسة الامامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين. "حزب الله" يقوم بعملية "غسل دماغ"، المئات والآلاف من الشباب الشيعة يسافرون قسراً مع مغريات الى ايران من أجل التدريب. لماذا ايران؟ الهدف احاطتهم بمناخ سياسي وعسكري وديني مختلف عن لبنان. أحد رؤساء البلديات من الطائفة الشيعية في الجبل أبلغني الأمر.

 

* في موضوع الاغتيالات، تبين أن "فتح الاسلام" مسؤولة عن اغتيال الوزير بيار الجميل، هل من الممكن أن تكون مسؤولة عن جرائم أخرى؟

"فتح الاسلام" منظومة عسكرية، تستمر في مواجهاتها مع الجيش للشهر الرابع. هل أتت من البحر أو المطار؟ صعب. استولت ورئيسها شاكر العبسي على مخيم نهر البارد ومراكز "فتح الانتفاضة" والمعروف عن رئيسها خالد العملة أنه من أزلام سوريا. حدودنا البرية غير مضبوطة في هذه الفترة. الجيش نشر ألوية على الحدود وفي الجنوب، لكنه اضطر الى سحب خيرة وحداته من أجل منع الاقتتال الداخلي في وسط بيروت. تاريخيا هناك تواجد لبعض الأصوليين المرتبطين بالقاعدة في لبنان، وبعض من الذين اعتقلوا في "أحذاث الضنية" كانوا مرتبطين بالقاعدة، والبعض الآخر ظُلِم. يقوم النظام السوري بتصدير الاجانب الى العراق، ويحضرهم من العراق الى لبنان، ويستقبلهم في مطار دمشق.

 

* هل هم "قاعدة" أو اتباع المخابرات السورية؟

يُحضر المُضَلّل به الى مطار دمشق، ويُقال له "اذهب وقاتل الكفار والمعتدين في العراق". ثم يُحضر الى لبنان ويُقال له "اذهب وقاتل الاسرائيليين"، ليجد هؤلاء نفسهم في نهر البارد. واللعبة السورية الخبيثة تقوم على تسليم بعض الأشخاص عند الضرورة. يقوم النظام السوري بـ "اخراج" بعض المنظمات الارهابية ويبيعها لفرنسا أو أميركا، ويحمي نفسه في المقابل. نعترف له بهذا الدهاء المكيافيللي المدمر.

 

* هل من مصلحتنا أن ندخل في حرب ضد هذا النظام؟

لسنا في حرب ضده، هو يخوض حرباً وجودية ضدنا.

 

* لكنه يعتبر أننا نتآمر عليه؟

ليت في استطاعتي أن أتآمر عليه، لكنني لا أستطيع.

 

* وهل ان عبد الحليم خدام ضعيف الى هذه الدرجة؟

مع الأسف لا أرى بوادر لعقوبات سياسية أو اقتصادية جدية تجاه النظام السوري لردعه. زارت (رئيسة مجلس النواب الأميركي) نانسي بيلوسي دمشق، لكنها لم تشترط على بشار الأسد اطلاق أنور البني أو كمال اللبواني و0600 أسير رأي وفكر. عندما يستعمل الأميركيون هذه الوسائل، "يفرط" بشار الأسد.

 

* هل تخشى أن تكون قد أخطأت الحسابات في مرحلة معينة؟

الأخطاء في الحسابات، تبسيط. وضع الأميركيين في العراق صعب ومن الممكن أن يحاول مسايرة النظام السوري. النظام التاجر الذي قد يعرض وقف الارهابيين مقابل أمرين: لا للبنان مستقل، ولا للمحكمة.

 

* هل تخشى أن تتغير السياسات مع الانتخابات الأميركية في 2009؟

الأمر يعود لحضورنا وقوتنا كـ 14 آذار، وقدرتنا على ابقاء شعلة الاستقلال والسيادة مضاءة واثبات حضورنا السياسي في الخارج. عندما رأت الدول مليون ونصف مليون لبناني في 14 آذار صامدون رغم كل شيء، مشت معنا.

 

* لكن هذه الدول لم تقدم لنا رصاصة، ولم تدعم الجيش...

دعمت الجيش أخيرا عندما أيقنت أن السلاح ضروري لردع الارهابيين، وأن معركة البارد أنجح من معارك الجيش الأميركي في بعقوبة والفلوجة.

 

* بماذا يقال ان بعض الخبراء السوريين يقومون بصيانة دبابات الجيش في وزارة الدفاع؟

غير صحيح، هذا تجني. يملك الجيش كل الخبرة اللازمة. 80 في المئة من تسليح الجيش أميركي، وأخيرا ساعدتنا المملكة العربية السعودية لشراء ذخيرة. لكن أحب أن أُذكِّر، مع الأسف، بأن آخر دبابة حديثة للجيش تعود الى عام 1982، ولم تعد قطعها متوافرة في الأسواق. نفتش للحصول على ذخيرة.

 

* هل تثق بالأميركيين؟

نعم، ولكن يجب اثبات حضورنا الدائم.

 

* ألا تتخوف من صفقة؟

أنا وحضوري.

 

* هل صحيح أن السفير الأميركي أبلغك أنه ضد تعديل الدستور؟ وان الوزيرة رايس ستعلن موقفا بهذا الخصوص قريباً؟

قبل أن يبلغني، أنا أبلغ كل السفراء أننا ضد تعديل الدستور.

 

* لكن البطريرك صفير لم يعارض التعديل؟

عنوان جريدة "السفير" مختلف عن المضمون.

 

* صحيفة "الحياة" نقلت عن مديرة مكتب الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية أنها لا تعارض التعديل؟

حتى ولو كان هذا الكلام صحيحا، نحن نعارض التعديل. وهذا حقنا.

 

* ورد في "النشرة الديبلوماسية" التي تصدر في لندن أن السعوديين أبلغوك أنهم لا يتمتعون بالفعالية الممطلوبة في الانتخابات الرئاسية، مما دفعك الى اطلاق مواقف...

على العكس، في خطابي الأخير استشهدت ببعض ما قاله الملك السعودي عبد الله مثل "القاتل يُقتل ولو بعد حين"، و"الله يُمهِل ولا يُهمَِل".

 

* في ظل الصراع السعودي- السوري، الى أي حد في امكان السوريين الحد من الدور السعودي في لبنان؟

استطعنا مع السعوديين والمصريين اخراج الجيش السوري رسميا من لبنان، استطعنا أن نسوق كل القرارت الدولية وبالتحديد المجكمة. الانذار السعودي كان واضحا جدا ضد اجتياح السرايا والحرب المذهبية. في امكان السوري أن يخرب، نعم. خرّب اتفاق مكة وقسّم الفلسطينيين، ما زال يستبيح الأرض اللبنانية ويسلّح منظومات سياسية وعسكرية ضد الدولة اللبنانية.

 

* العماد عون أعلن في مقابلته الأخيرة أن سلوكه السياسي يحمي وليد جنبلاط والآخرين من سوريا.

لم أطلب حماية من أحد. العماد عون لا يحمي أحدا، ولا النظام السوري يحمي. عندي خبرة، مع الأسف في ظروف الانقسام السياسي اضطررت للتعامل مع الشيطان لأن بلدي كان مقسوما. بلدي توحّد، المحطة الأولى كانت في الـ 2000: تحرير الجنوب، وفاة حافظ الأسد، النداء الشهير للمطارنة الموارنة. لاقيت البطريرك في منتصف الطريق في مجلس النواب حين طالبت باعادة تموضع القوات السورية، ونزلت ضدي الصواعق من عصابة سوريا في لبنان.

 

* ما الذي يربطك بالعماد عون؟

لا شيء

 

* ميشال سليمان؟

عسكري ممتاز في مهمته السابقة في توحيد الجيش وخاصة في مراحل انتفاضة الاستقلال حيث كان المطلوب أن يقمعها الجيش ولم يفعل، وكذلك في المرحلة الحالية في معركة نهر البارد.

 

* سمير جعجع؟

يجمعني به الخط السيادي نفسه الذي يجمعني بنسيب لحود وأمين الجميل والشهيد جبران تويني وكل الشهداء، المبادىء التي دفعنا الدم من أجلها.

 

* نبيه بري؟

- لا شيء، كانت تربطني به علاقة لكن أعتقد أنه ألغى نفسه بنفسه.

 

* حسن نصر الله؟

- وصلنا الى مرحلة الخصومة الثقافية والسياسية على مفهوم لبنان، وهو خطر على مفهوم لبنان، ووجود لبنان.

 

* سعد الحريري؟

الخط الذي استشهد والده من أجله، من أجل استقلال لبنان، مع كل الآخرين، وخصوصا الشعلتين المتقدمتين سمير قصير وجبران تويني.

 

* أنت مطمئن الى وحدة 14 آذار؟

نعم.

 

* كتبت في افتتاحية "الأنباء" (الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي) عن المثالثة، كما تحدث عنها عدد من نواب اللقاء الديموقراطي. هل هي عملية تخويف للمسيحيين أم مطروحة جدياً؟

هي مطروحة جدياً، واضطر نصر الله أن يتراجع عنها في خطابه الأخير بعدما تحدثنا عنها علناً. لكن هذه هي أدبياته، في الثمانينات وبعد اتفاق الطائف لم يتبدل شيء.

 

* هل هذا يقود الى طائف جديد؟

هذا يؤدي الى اعادة تقسيم الصلاحيات السياسية بين المسيحيين والمسلمين. كما تعلمون، المسيحيون باتوا اقلية قياساً بالمسلمين، ونتيجة للظروف وغياب الاستقرار ترتفع نسبة الهجرة لدى المسيحيين. اما اعادة النظر بما تبقّى من صلاحياتهم فهذا يعني نهاية الوجود المسيحي في لبنان، وهذا يؤدي الى زوال لبنان. لا معنى للبنان بدون صيغة التلاقي المسيحي - الاسلامي.

 

* هل تعتبر أن حظوظ العماد عون برئاسة الجمهورية انتفت؟

لا أرشح أحداً الا من 14 آذار، لن أتكلم عن الآخرين.

 

* تحدثت عن تقليص صلاحيات المسيحيين في حال تطبيق المثالثة، هل تعتقد أن محاربة اميل لحود ومعاداته واضعاف دوره امور ساهمت في ضرب صلاحيات المسيحيين في هذا الموقع الذي يخصهم؟

الغلطة التاريخية الكبرى كانت عندما رفضنا في 14 آذار 2005 الزحف الى قصر بعبدا وازاحة اميل لحود.

 

* ما هي "المفاجأة الكبرى" التي وعد بها السيد نصر الله؟

ربما يملك سلاحا كيميائيا يريد ان يستعمله، لا فارق عنده. عندما يتكلم يركز على العسكر والأمن، سياسياً يتحدث بالتخوين. وصله سلاح مضاد للطائرات بعد الحرب الماضية، وهذا ليس سرّاً. اما لبنان فاذا اصبح ارضا محروقة فلا يبالي.

 

* مع الحديث عن تقليص دور المسيحيين، هل تتحمل المسؤولية عن عدم العودة الكاملة لمهجري الجبل، رغم أن العوائق قد تكون مالية في بعض الأحيان، لكن كمية كبيرة من الأموال صرفت في غير مكانها؟

 

نقص المال هو العائق أمام مصالحتين: كفرمتى وعبيه. لكن في الوقت نفسه، في امكانك أن ترى كيف أن الجبل المسيحي والمسلم على السواء يفرغ من سكانه.

 

* يعني انها ليست فقط أزمة مسيحية في القرى؟

أزمة عيش وعدم استقرار وهجرة، أول هجرة مقبولة كانت الى المدينة. الآن يهاجر الشباب الى الخليج. لاحقا اذا تطورت الأزمة في لبنان، قد لا يعودون.

 

* هل استعادت كنائس الجبل أجراسها؟

لا كنيسة في كفرمتى، صارت مصالحة لكن لا عودة. في بريح لا كنيسة أيضاً.

 

* أين الأجراس؟

لم أخبىء يوما أجراس كنيسة، كل المجموعات المسلحة في الحرب ارتكبت جرائم ومنها سرقة أجراس وآثاث منازل، وانتهاك دور عبادة.

 

* ما الذي يؤخر المصالحات التي لم تتم؟

المال في الدرجة الأولى. وُعدنا بمبلغ 60 مليار ليرة لكفرمتى، وعندما ننتهي ننتقل الى بريح.

 

* هل مشكلة بريح مادية أيضا؟ هل انحلت مشكلة "بيت الضيعة"؟

نعم، نحن على مشارف شراء أرض لاقامة البيت للدروز، والبيت المبني بشكل مخالف على أرض المسيحيين، يعود لهم تقرير ما سيحل به.

 

* وعبيه؟

كفرمتى أهم، كفرمتى "صار فيها جرح". ننتهي من الكبرى ثم ننتقل الى باقي قرى الشحار.

 

* رأينا من أسبوعين حركة مضحكة بحجمها للانشقاق عن الحزب التقدمي؟

لا أرغب في الحديث عن الموضوع.

 

* هل هناك محاولات لشق الصف الدرزي أو خلق فتنة درزية في الجبل؟ وهل هناك تسلح ضدك في الجبل؟

تسلح وتدريب، وبعض الشباب ذهبوا الى ايران وسوريا والجنوب للتدرب. تعليماتي كانت أننا نؤمن بالدولة والجيش. حصلت بعض الحساسيات في القرى، قلت لهم اتركوا الجيش يحمينا.

 

* الصورة سوداء اذا؟

الصورة واقعية.

 

* لكننا لا نلمس حلاً، المشاكل تتراكم ولا حل.

بعد كل ما حصل، حاول النظام السوري وعملاؤه أن يكسروا ارادتنا من خلال كل ما حصل، لكننا صمدنا.

 

* دعوت في أحد تصاريحك الى الاتفاق على الطلاق اذا لم نتفق؟

مفهوم لبنان لدى النظام الشمولي لحزب الله مختلف عن مفهومنا. اذا قرأت بعض كتاباتهم وكتابات الآخرين عنهم، تعرف أنهم لا يؤمنون بالقيم السياسية أو التراثية أو التعددية أو الأخلاقية مثلك. هو يشن علينا حرب الغاء.

 

* لكنه يعتبر أنكم أنتم من يشن عليه حرب الغاء من خلال تغييبه عن الحكومة والقرار السياسي.

تم الاتفاق على نحو 3500 قرار بالاجماع إلا قرار المحكمة، لأن نصر الله يعلم أن "صاحبه" بشار شريك من خلال بعض من منظومته الأمنية هم شركاء في بعض الجرائم على الساحة اللبنانية.

 

* لكنك برأته في مرحلة من المراحل؟

في مرحلة من المراحل صحيح، لكن تصرفه أظهر استماتة في الاعتكاف والاستقالة وكان محور كل شيء المحكمة. اذا كان بريئا، لماذا يتصرف بطريقة تثير شكوك الآخرين.

 

* هل من المعقول أن سوريا مسؤولة عن كل ما جرى؟ أليس ممكناً أن تكون اسرائيل مسؤولة أو أحد الأجهزة الأمنية المتعددة الموجودة؟

سعد الحريري دعا الى اقرار المحكمة بالطرق الدستورية في لبنان وقد يتبين لنا أنّ اسرائيل اغتالت جميع الشهداء، إعترضوا. لماذا؟ وأذكّر بأن الذين اغتالوا الأخوين مجذوب في صيدا كُشِفوا سريعاً.

 

* هذا عمل الأجهزة اللبنانية؟

لماذا لا تستطيع الأجهزة أن تدخل الى مناطق أخرى للقبض على آخرين والتحقيق معهم.

 

* السؤال يوجه الى الأجهزة؟

عندما تستعيد سيطرتك على بلادك وعلى السلاح وخصوصاً السلاح غير الشرعي وتنظف بعض أجهزتك الأمنية والقضائية. من غير لحود منعنا من إتمام التشكيلات القضائية؟ والأمن العام وغيره؟ يمكنك أن تسأل الاجهزة.

 

* لكن عوامل التعطيل باقية: اذا خرج الرئيس لحود من بعبدا "حزب الله" باق على الأرض، المخيمات الفلسطينية باقية، كل الأحزاب الأصولية باقية، ما الأفق؟

لم أقل أن الحل سحري، لكن البداية تبدأ برئيس يؤمن بأن هذا البلد مستقل ويجب أن ينسج علاقات ديبلوماسية مع سوريا من الند الى الند، ويعمل لتحديد الحدود وترسيمها، يجب أن يكون الجيش وحده صاحب الأُمرة في الحرب والسلم، ويجب تطبيق الطائف. ننطلق من هنا، أما رئيس تسوية فـ "كلَّفنا خاطرك".

 

* ألا تخشى أن ينعكس الصراع السعودي- السوري سلباً على لبنان، ويؤدي الى عدم اجراء انتخابات رئاسية؟

نجحنا عندما كنا مصرّين مع مصر والسعودية والقوى الغربية، وأجبرنا النظام السوري على القبول بشروطنا. بذلنا جهدا وواجهتنا صعوبات، لكننا نجحنا في القرارت الدولية والانسحاب والمحكمة. هل كلها قرارات معنوية؟ لا، هي فاعلة عملياً أيضاً. "شغلة وحدة رح توجّعو" وهي المعركة الأساسية: المحكمة، ودعونا لا نخطىء. سيستميت في محاولة تعطيلها وحتى في الخارج.

 

* لكننا لم نعد نسمع كلاماً عن المحكمة؟

أنا أتحدث عنها، الآخرون اعتقدوا أن الأمر انتهى. ذُهِلت عندما اكتشفت أن أحد القضاة عميل سوري.

 

* ألا يتحمل وزير العدل مسؤولية في الموضوع؟

لا أحمّل أحداً مسؤولية. اعتقدنا أن اللائحة سرية لكنها لم تكن كذلك، وأيضا كانت ملغومة. لا أرغب بالحديث عن الموضوع حالياً.

 

* لماذا الاستماتة على حكومة الوحدة الوطنية ولو قبل نصف ساعة من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية؟

لأن حكومة الوحدة هي مماثلة للانقلابات التي كان يشهدها العالم العربي. حكومة الوحدة الوطنية هي "مجلس قيادة الثورة"، يتسلم "حزب الله" و"أمل" و"كل الشركة" الحكم، ويصير لهم قرار التعطيل، يعطلون الرئاسة ونحن لا نملك الأكثرية. في امكانهم حينها المفاوضة على الرئيس والمحكمة والـ 1701 وكل شيء. في امكانهم حتى أن يفاوضوا على الطائف، يعطونا رئيسا في مقابل المثالثة. هم ليسوا أغبياء.

 

* لكنهم "حلفوا اليمين" أنهم لا يريدون المثالثة؟

هم "كذابونلا يوجد حلف يمين في السياسة.

 

* زرت السعودية قبل فترة، والرئيس بري أعلن تكرارا أن الحل في لبنان مرتبط بتحسّن العلاقة السعودية- السورية؟

ربطت العاهل السعودي الملك عبد الله علاقة خاصة بالرئيس حافظ الأسد وكان يقول عنه أنه صادق الوعد. ما أقوله لا يعبّر عن رأيي بحافظ الأسد، فهو ينتمي الى نفس السلالة الاجرامية. لكني أذكر أنه كان يحترم المملكة والمللك عبد الله تحديداً. فيما المعروف عن بشار أنه يكذب. السنة الماضية قال الأسد عن الملك عبد الله "أشباه رجال". وفاروق الشرع استعمل كلاماً مماثلاً عندما تحدّث عن الشلل.

 

* بالحديث عن وزير العدل، هل ما زال مرشحّاً لرئاسة الجمهورية من قبل فريق 14 آذار؟

وفق معلوماتي، وزير العدل ليس عضوا في 14 آذار، لكنه وقف في أوج الضغوط مع الرئيس السنيورة، اضافة الى الوزراء سامي حداد وطارق متري وجهاد أزعور، وبعضهم عيّن في حينه من قبل الرئيس لحود.

 

* أهو مرشّح؟

لديه الحرية في ذلك.

 

* ما واقع علاقتك بايران اليوم بعدما ربطتك بها علاقة متينة سابقاً؟

ربطتني علاقة بايران يوم كانت بقيادة رجل حكيم ومنفتح هو السيد خاتمي. ايران خاتمي شيء وايران رفسنجاني الى حدٍّ ما شيء، وايران أحمدي نجاد شيء آخر. ايران عالم معقّد.

 

* الى أي حد يؤثر وليد جنبلاط على دروز اسرائيل؟ وما طبيعة العلاقة؟

حبذا لو أذكر. حاولت مع المعروفين الأحرار برئاسة سعيد نفاع في الأردن، وساعدنا آنذاك عزمي بشارة، من أجل رفض التجنيد العسكري الاجباري للدروز في الجيش الاسرائيلي، ونجحنا. ثم انقطعت العلاقة وظن بشارة أن خلافي مع بشار الأسد خلاف شخصي وحاول القيام بوساطة واختلفنا والحمد لله.

 

* نلاحظ أن تقرأ كتاب "في قلب العاصفة" لمدير وكالة الاستخبارات الأميركية السابق جورح تينيت.

لم أبدأ به بعد، لكنني أقرأ كتاباً مخيفاً عن ستالين اعتقد فيها بعض الشيوعيين أن ستالين رجل عظيم، وأنصح به لفهم طبيعة تركيبة الأنظمة الديكتاتورية. وعندما نفهم شخصية ستالين، نفهم حافظ وبشار الأسد والأنظمة الديكتاتورية الاخرى.

 

* هل بدأت بتحضير نجلك تيمور لدخول المعترك السياسي؟

تيمور يعود بداية السنة المقبلة، وسيبدأ رويداً رويداً بولوج المعترك السياسي.

 

* هل سيتسلم مهمات في الحزب؟

ليس في امكانه ذلك، عليه أي يبدأ كـ "عسكري" ويتدرج صعوداً، هو يدرس العلوم السياسية في باريس. أما العلوم السياسية في بيروت والجبل فشيء آخر. وعليه أن يتمرس بها.

 

* ماذا تقول له دائماً؟ بمَ توصّيه؟

لا أقول له شيئاً، ألاحظ أنه يتابع السياسة ويسرّني الأمر. على الانسان في الحياة أن "يدبّر حاله" في بعض الأحيان، ويتعلّم لوحده.

 

* ماذا تنوون أن تفعلوا لصالح الشباب الذي يهاجر الى مختلف دول العالم سنوياً؟

هل تعتقدون أن صراعنا سهل؟ هل نحن موجودون في بلد فيه لعبة ديموقراطية سهلة تنتهي باختيار فائز في صندوق الاقتراع كما حصل بين ساركوزي ورويال؟ صحيح هناك صندوق، لكن هناك حزب يملك الصواريخ. لا أتصوّر أنّ حزب ساركوزي أو رويال يملك صواريخ، أو يقرّر الحرب والسلم لحظة يشاء، كحزب وليس كدولة. اللعبة جهنمية اليوم.

 

* نلاحظ أنّك تمنح دوراً كبيراً لشباب التقدمي، وهم الى جانبك دوماً وفي مراكز جيدة...

الشباب كانوا الأمل الكبير في ثورة الأرز، وسمحوا عبر عملهم الدؤوب والصبور وانفتاحهم في الخيم السلمية التي لم تعطّل الاقتصاد، بالتواصل مع الشباب اللبناني الآخر.

 

* ما وصيّتك لهم؟

سأحاول طالما أنا موجود تسليمهم تدريجيّاً مقوّمات الحزب، لأنّ في الحزب أيضاً طبقة من الذين "تكلّسوا" فكريّاً. هناك المناضلون، وهناك طبقة تكلّست. لدى الشباب حركيّة فكريّة.

 

* لكن المأخذ على شباب اليوم هو تعلّقهم الأعمى بقائد الحزب، الى أي حزب انتموا.

صحيح هناك نوع من "التأليه" لقائد الحزب، وهذا خطأ. وفي الوقت نفسه، تصدر ردود فعل نتيجة "نكايات"، كما أن الاعلام يقوم بلعب دور سيء.

 

* "طلع الحق" على الصحافة؟

"لا مش عليكن"، لكن انا امتنعت عن متابعة الاعلام المرئي، وأنصح الشباب والطلاب بعدم متابعته لأننا فقدنا العلم والقراءة نتيجة لذلك.

 

* كنت تنادي بالغاء الطائفية السياسية؟

هذا الموضوع يعني إلغاء التنوع.

 

* أين أصبح قانون الانتخاب؟

وُضعت صيغة مشتركة بين النسبية والأكثرية صدرت عن الهيئة الوطنية التي شُكّلت برئاسة الوزير (السابق فؤاد) بطرس، ولم أتابع الموضوع بعد ذلك.

 

* البطريرك صفير لا يمانع اعتماد القضاء، ما موقفك؟

أعتقد أن القضاء بصيغته الحالية كبير. المجال مفتوح للتعديل بالقضاء لأن القانون يعود الى عام 1960. وأرى أن الدائرة الفردية هي الخيار الأنسب One man one vote. كلما صَغُرت الدائرة ازداد التنوع وأصبح في الامكان المحافظة على الأقليات.

 

* ألست مرتاحاً لقضاء الـ 1960؟

بعد 40-50 سنة؟؟ (ضاحكاً).

 

* هل تخاف على مصير الأقليات؟

نعم. أخاف عندما يشتري أحدهم الأراضي ويرغب بإلحاقها بسوريا، وعندما يقرّر أحدهم قرار الحرب والسلم.

 

* ألا يتطلب هذا الأمر حلاًّ جذريّاً؟

هم طرحوا الحل الجذري، أنا دعوتهم لـ "يطوّلوا بالن علينا شوي".

 

* لكنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم؟

ماذا يمكنني أن أفعل إذاً؟

 

* ماذا تقول للشباب أخيراً؟ الى أين؟

لا شيء. هذا هو الواقع اللبناني، لا يمكنني أن أفرض شيئاً على أحد. أقول أنّ هذا هو الواقع، هذا هو الخصم وهذا الحليف، هذه المعادلة وهذا لبنان. إما أن نصمد وأعلم أن الكلفة هائلة، وإما أن نستسلم. وأنا شخصيا لن أستسلم.

 

* الى أين؟

أعطيتكم كل المعطيات بكل وضوح وصراحة.

 

* هل ستفتح ملف اغتيال كمال جنبلاط؟

فتحته، وعندما تأخذ المحكمة مجراها سيسقط النظام السوري، وحقّي سيصلني. لكن المهم ألا ننسى المحكمة.

 

* لكن أين حلفاءك اليوم من هذا الموضوع؟

عليك أن تسألهم. اذا ظن البعض منهم أنّنا أخذنا المحكمة وانتهى الموضوع، فهذا خطأ. أخذنا قسماً من المحكمة. لاحقا علينا أن نكون فاعلين في كل الأندية الدولية كي لا تكون هناك تسوية على دم الشهداء. لا نريد أن تكون هناك لوكربي ثانية.