رئيس حركة التغيير المحامي ايلي محفوض في حوار مع "الأنباء "

محفوض: اذا كنت تريد ان تعرف ميشال عون عليك قراءة تاريخه/عون هو من رفع شعار توحيد البندقية، وهو من وقّع في وثيقة التفاهم مع حزب الله لابقاء هذا السلاح الميليشياوي/ العماد سليمان هو آخر شخصية يمكن لميشال عون ان يقبل بها في الرئاسة لعدة اسباب/الرموز السوري ستواصل سياسة التعطيل/ميشال عون قائد الجيش السابق هو من وضع اللمسات الأخيرة على الشق العسكري من الاتفاق الثلاثي الذي عقد عام 1985 بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة اما والقوات اللبنانية/خطورة مبادرة عون انها تضرب الدستور بالعمق، وتضعف وحدة المسيحيين، واذا لاحظنا تاريخ هذا الرجل فهو كان بطل خلو سدة الرئاسة في العام 1988، ويعود اليوم ليلعب الدور ذاته في افراغ الرئاسة في العام 2007 /

 

 

رئيس حركة التغيير المحامي ايلي محفوض له تجربته السياسية الخاصة، فهو كان من أشد المدافعين عن التيار العوني، وصار من اكثر منتقديه لانه يرى ان المواقف الحالية للتيار لا تنسجم مع الماضي النضالي .الأنباء التقت محفوض وكان لها معه هذا الحوار:

 

ما رأيك بما يجري حول موضوع الاستحقاق الرئاسي؟ وهل سينتخب رئيس جديد في ظل ما يطرح من تعقيدات ؟

بعد المخاض العسير الذي مرت به رئاسة الجمهورية، وبعد الدم الذي اريق للوصول الى هذا الموقع بالذات، لأن معركة رئاسة الجمهورية لم تبدأ مؤخرا، انما بدأت عشية التمديد لـ اميل لحود، وبدأ التحضير الميداني من قبل الرموز السورية في لبنان وعلى رأسهم حزب الله وحركة امل وأحزاب البعث والقومي والفلول الاخرى، وتبعهم ايض" التيار العوني، لذلك بدأ التحضير لهذه المعركة وكان التحضير سائرا على قدم وساق من اجل تعطيل هذا الاستحقاق، والنظام السوري مارس اقصى ما لديه من ضغوط حتى آخر لحظة لابقاء سدة الرئاسة خالية.

لاشك ان الضغوطات الدولية ساهمت بشكل كبير بدفع هذا الاستحقاق للحصول والمعركة لم تنته هنا، ولن تنتهي بوصول العماد ميشال سليمان الى سدة رئاسة الجمهورية، فهناك معارك جانبية واهمها تشكيل الحكومة الجديدة التي يجب ان تبصر النور مع العهد الجديد اذا سمح لها بان تشكل .

المعطيات السياسية تقول بأن كل المجموعات التي تدور قي فلك النظام السوري ستدفع بالأوضاع نحو المزيد من التدهور، بتعطيل اطلاق حكومة جديدة مع بداية عهد جديد يرأسه العماد سليمان لتبرير ابقاء معسكر رياض الصلح، لأنهم يعتبرون وجود الرئيس السنيورة وحكومته في السراي حتى وان كانت تصرّف الأعمال تبيح لهم الاستمرار في اعتصامهم، وما ادراك ما لمعسكر رياض الصلح من معان سياسية وأمنية واقتصادية.

 

هل يعني ذلك ان كلمة السرّ السوري جاءت لتمرير الاستحقاق الرئاسي فقط ؟

النظام السوري لم يسمح بتمرير الاستحقاق الرئاسي، الا بعد ان مورست عليه ضغوطات كبيرة كذلك النظام الايراني الذي يتدخل مع النظام السوري بشكل معاد للبنان، قبل بتمرير الاستحقاق الرئاسي بعدما مورست عليه ضغوطات دولية وعربية كبيرة .

 

ماذا عن مبادرات العماد عون وما سمي بوثيقة المطالب المسيحية ؟

منذ اكثر من عام كتبت في جريدتكم وتحت عنوان الامبراطورية العونية بدأ يتآكلها الضعف والاهتراء، هذا العنوان كان يشير الى ما جرى مؤخرا مع هذه الحالة التي باتت شاذة في المجتمع المسيحي، فمن غير الطبيعي ان شخصا مثل العماد عون وتيار مثل التيار العوني يختلف مع الكنيسة ورأس الكنيسة، ويختلف في الوقت نفسه مع الاحزاب المسيحية وكل القيادات المسيحية التاريخية والجديدة، ويختلف ايضا مع الشخصيات السياسية المسيحية فيما نراه يتحالف في الوقت عينه مع حزب الله، نحن نقول هذا الكلام ليس لأننا ضد التحالف مه حزب الله، بل لأنّ ما ورد في وثيقة التفاهم يشكل خطرا كبيرا" على لبنان. خاصة وان ميشال عون قائد الجيش السابق هو من وضع اللمسات الأخيرة على الشق العسكري من الاتفاق الثلاثي الذي عقد عام 1985 بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة اما والقوات اللبنانية .

فالمبادرات التي اطلقها العماد عون لا يكفي توصيفها من خلال الواقع الحالي، لا بل يجب توصيفها من خلال العودة الى تاريخ هذا الرجل، الذي وصل الى قيادة الجيش رغما عن الرئيس امين الجميل، كذلك لم يتمكن الرئيس الجميل من تحميله حتى المسؤولية المعنوية بعد وفاة الرئيس رشيد كرامي الذي اغتيل في طوافة عسكرية تابعة للجيش بعد انطلق من ثكنة عسكرية تابعة للجيش وذلك بطلب سوري مباشر والرئيس الحص اجاب في حينه بالقول ان السوري لا يرغب باقالة العماد عون من قيادة الجيش.

 

لكنه قبل بترشيح العماد سليمان ؟

عندما اعلن قبوله لترشيح العماد سليمان، قبل ذلك على مضض نتيجة ضغط داخلي، ففي تكتل الاصلاح والتغيير اشخاص يدورون في الفلك السوري وهم ميشال المر والياس سكاف هذا الضغط الداخلي اجبر عون على القبول بترشيح العماد سليمان .

 

لكنه اعلن بأنه يفتخر بترشيح العماد سليمان كونه ابن المؤسسة العسكرية وانه كان احد المرشحين المدرجين على لائحته ؟

العماد سليمان هو آخر شخصية يمكن لميشال عون ان يقبل بها في الرئاسة لعدة اسباب :

شخصية ونفسية وعسكرية، لذلك فان العماد عون مقبل على مرحلة جديدة يمكن تسميتها

"التخريب السياسي" على مستوى المجتمع المسيحي، لأنه لن يقبل بما نحت مقبلون عليه وليست لديه القدرة على تبرير موقفه امام جمهوره، لذلك فهو متمسك بمبادرته، وخطورة مبادرته انها تضرب الدستور اللبناني بالعمق، وتضعف وحدة المسيحيين، واذا لاحظنا تاريخ هذا الرجل فهو كان بطل خلو سدة الرئاسة في العام 1988، ويعود اليوم ليلعب الدور ذاته في افراغ الرئاسة في العام 2007  .

اضافة الى انه يتبادل الادوار مع العماد اميل لحود، واذكر على سبيل المثال انه حين لجأ عون الى السفارة الفرنسية صباح 13 تشرين الاول 1990 أعلن انه مستعد لتسليم القيادة الى العماد اميل لحود، العماد اميل لحود وفي ايامه الاخيرة ردد أمام اكثر من زائر انه لا يسلم الرئاسة الا للعماد عون، وهنا لا بد لي من السؤال اذا كان هذا التبادل صحيحا لماذا حدثت كل هذه الخسائر وسقطت كل هذه الدماء؟ لذلك من حقنا نحن رواد الحركة العونية والتي قامت على اكتافنا وعلى تضحياتنا كل هذه النضالات من حقنا ان نفتح سجل ما جرى في 13 تشرين والذي يحيط به حتى اليوم ما زال لغزا كبيرا، لذلك انا اعتقد ان ميشال عون سيلعب مجددا دورا سلبيا في هذه المرحلة، ومعرفتي بمنهجية تفكير ميشال عون تبيّن لي بأنه لن يشارك في الحكومة القادمة، فهذا الرجل كما السمكة لا يمنها العيش خارج المياه، فهو لا يمكنه العيش الاّ على المنطق السلبي في الحياة .

 

امام كل ذلك هل تعتقد ان ما طرحه من وثيقة المطالب المسيحية هو للتلطي خلف شعار حقوق المسيحيين ؟

كما قلت سابقا اذا كنت تريد ان تعرف ميشال عون عليك قراءة تاريخه، وهنا لا بد ايضا من التذكير ان أكبر عدد من الشهداء والمعوقين وحتى ممن غادروا لبنان وهاجروا كان في المراحل التي كان فيها ميشال عون يقبض على السلطة، فميشال عون يرفع شعارات جميلة لكنه يناقضها في ممارساته، فهو من رفع شعار توحيد البندقية، وهو من وقّع في وثيقة التفاهم مع حزب الله لابقاء هذا السلاح، لا بل استخدم تعبير " تقديس السلاح"، وهذا الشعار لا يستخدم حتى في الجيش اللبناني .

اما انه يعتبر في طروحاته انه حمى المسيحيين من خلال تفاهمه مع حزب الله وكأنه يقول بأن للشيعة غايات واهدافا معينة لضرب المسيحيين .

بكل ثقة يمكنني القول ان دور ميشال عون هو اضعاف المسيحيين وضرب المسيحيين والاّ بماذا يبرر عداءه للكنيسة ؟ وهنا ايضا أذكّر بحادثة يندى لها الجبين حين وجّه بعض الاشخاص لاهانة البطريرك صفير عام 1990، والتي يذكرها الجميع، فهذا الرجل للأسف يستخدم المسيحيين مجددا لمآربه الشخصية .

 

هذا يعني ان المبادرات التي يطرحها العماد عون هي لتعطيل الاستحقاق فقط ؟

اذا نظرنا الى المبادرة الاخيرة التي طرحها والتي تضم سلة شروط تعجيزية، فالسؤال المطروح هو: لو قبل بالعماد عون رئيسا للجمهورية هل كان ليقبل بهذه الشروط على نفسه؟ أم ان ما ينطوي على غيره لا ينطوي عليه ؟

وكأنني من هذه الشروط استشف هدفا واحدا هو اضعاف الرئاسة الجديدة وتكبيل الرئيس الجديد، وهنا اهمية موقف القوى المسيحية في 14 آذار وتحديدا الرئيس امين الجميل والدكتور سمير جعجع، حيث كان موقفا مشرفا حيث قامام بزيارة العماد سليمان ومحضاه ثقتهما ولم يضعا عليه شروط"، لأن مهمة الرئيس القادم ادارة الحوار في البلاد، فهو ليس طرفا في النزاع كما فعل اميل لحود حيث بات دمية في يد حزب الله بعدما شكل ميشال عون حاميا له ، ولم يعد بالامكان تقصير ولايته أو اقالته على الرغم من الرسالة التاريخية التي وجهها البطريرك صفير الى لحود طالبا منه تحكيم ضميره .

 

كيف تقيّم أداء قوى 14 آذار في تعاملها مع الاستحقاق الرئاسي؟

كأنه كان المطلوب ان تبقى 14 آذار متمسكة بمرشحيها للوصول الى الطريق المسدود ، لكن ما جرى كان عكس ذلك ، فالقراءة الموضوعية والمنطقية التي اجرتها قوى 14 آذار للواقع السياسي الذي وصلت اليه الامور أفضت الى امرين أثنين :

اما الاستمرار بالطروحات المعلنة وبالتالي الوصول الى الافق المسدود، وتبقى الرئاسة شاغرة والحكومة في موقع المواجهة والمسيحيين الى مزيد من الضعف والهجرة، واما اعادة النظر في الوقف المبدئي من تعديل الدستور وبترشيح العماد سليمان كمرشح توافقي حقيقي .

وهنا اريد ان اشير كشاهد على كثير من المواقع والمواقف التي طرح خلالها اسم العماد سليمان للرئاسة، بأنه لم يكن هناك في اي لحظة من اللحظات اعتراض على الشخص بل كان الاعتراض على مسألتين هما عدم القبول بتعديل الدستور وعدم القبول بعسكرة النظام .

لكن حين رأت قيادات 14 آذار ان وصول قائد الجيش العماد سليمان قد يريح الوضع الاقتصادي والاجتماعي ويزيل التشنجات الأمنية ، قبلت بذلك وأقدمت على ترشيح العماد سليمان، لكن تبين لاحقا أن الفريق الآخر لا يريد العماد سليمان وهم يرفضون العماد سليمان.

 

بيروت في 11 كانون الأول 2007