مقابلة مع الوزير مروان حمادة/السياسة/8 نيسان

حمادة: السنيورة يدرس تعيين وزراء بدلاء للمستقيلين/ان حمادة لـ"السياسة": بري يريد في سره المحكمة لكنه لا يستطيع مواكبتنا إلى إنشائها

بيروت -  من عمر البردان: السياسة 8/4/2007

 

كشف وزير الاتصالات مروان حمادة في حديث ل¯"السياسة" أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يدرس تعيين وزراء بديلين للوزراء المستقيلين إذا ما استمر هذا الابتزاز في الشارع والضغط على المجلس النيابي وسيطلب من رئيس الجمهورية أميل لحود إصدار المراسيم لاكتمال شمل الحكومة, مشدداً على أن الأكثرية لم يكن أمامها سوى سلوك طريق الأمم المتحدة لأن المطلوب واحد وهو حماية النظام القاتل, لافتاً إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري في سره يريد المحكمة لكنه لا يستطيع أن يواكبنا إلى إنشائها لأن الضغوطات عليه كبيرة من قبل الذين يعطلون المحكمة, مؤكداً أن الأكثرية لا تريد التحكم بالبلد, وإنما الذين يسيطرون على قرار الحرب والسلم ويحتفظون بالسلاح خارج الشرعية هم الذين يريدون التحكم بالبلد.

 

وقال حمادة: أميل لحود لا يعني لبري شيئاً وهو كان أكثر الغاضبين من التمديد له ولذلك لا يقوم بزيارته منذ وقت طويل, مشدداً على أن الفصل السابع لا علاقة له بالوصاية الدولية ولا يعني استخدام القوة والتخلي عن القضاء اللبناني, معتبراً أن الكلام عن حرب أهلية إذا صدرت المحكمة عبر الفصل السابع مردود ولا يعبر إلا عن الخوف من كشف الحقيقة.

 

وشدد حمادة على أن المعركة واضحة وهي جر لبنان إلى محور سوري إيراني بثقافة مختلفة, لافتاً إلى أن رفض حلفاء سورية وإيران الكشف عن ملاحظاتهم حول المحكمة الدولية هو الابتزاز بعينه, مؤكداً أن لا "حزب الله" ولا ميشال عون ولا حركة "أمل" ولا "الفراطة" الصغيرة يستطيعون أن يغيروا في مسيرة الاستقلال. مشيراً إلى أن بيان المطارنة الموارنة الأخير رسالة شديدة اللهجة إلى من يعطل المحكمة ويهدد بتعطيل الانتخابات الرئاسية.

 

وأكد حمادة أن خطة النظام السوري تفريغ لبنان من مؤسساته الدستورية لن تتحقق, مشدداً على أن رئيس الجمهورية الجديد سيكون من 14 آذار وبالمواصفات التي تحدث عنها المطارنة الموارنة, واصفاً سلاح "حزب الله" بالخطر على الوفاق الوطني والوحدة والمؤسسات.

 

وفيما يلي نص الحديث:

ما ردكم على اتهام رئيس مجلس النواب نبيه بري بالعمل على التحكم بالبلد?

الذين يتحكمون بالبلد هم الذين يسيطرون على قرار الحرب والسلم ويحتفظون بسلاح خارج الشرعية ويبتزون المؤسسات الدستورية بواسطة الشارع ويعطلون الاقتصاد اللبناني ويفشلون في محاولات إنهاضه. أين الخطة الدفاعية, أين العلاقات الديبلوماسية مع سورية, أين المحكمة الدولية, أين باريس-3...

 

هل يعني إرسال المذكرة النيابية التي تتعلق بالمحكمة الدولية أننا دخلنا في مرحلة جديدة? وما هذه المرحلة برأيكم?

بكل تأكيد, فبعد أن حاولنا بكل السبل وعبر جميع القنوات وبالاستناد إلى كافة المواد الدستورية رأينا أنه لا مجال لنصرة قضية الحق والعدالة سوى سلوك طريق الأمم المتحدة. لم نكن في الأساس نريد اعتماد هذا المعبر, ولهذه الأسباب تأخرنا كثيراً وكررنا محاولات إبرام المحكمة الدولية في المؤسسة التشريعية الأم, أي في المجلس النيابي. ولكن الكتاب عُرف من عنوانه: من حاول نسف الحكومة بسبب المحكمة, استمر في شل المجلس بسبب المحكمة, وتعطيل انتخابات الرئاسة اللبنانية المبكرة بسبب المحكمة. المطلوب كما يبدو واحد, حماية النظام القاتل وحماية رموزه الكبار بإزالة البند المتعلق بالجرائم ضد الإنسانية في نظام المحكمة الدولية ثم حماية رموزه الصغار القامة والرتبة, مستمر عبر تعطيل المحكمة بحد ذاتها والعمل على محو بندين أساسيين من النظام الأساسي, الأول متعلق بمسؤولية الرئيس عن مرؤوسيه, والثاني المتعلق بالترابط بين الجرائم التي وقعت منذ اكتوبر 2004. الصفحة الجديدة التي فتحت بمذكرة الأكثرية هي صفحة يستطيع حتى هذه اللحظة الرئيس نبيه بري أن يعيد كتابتها بدعوته المجلس النيابي للانعقاد واستلامه طبعاً المرسوم المحال إلى المجلس والمتضمن المعاهدة والنظام الأساسي. أما إذا استمر الرئيس بري في الممانعة فالطريق أضحت الآن معبدة لإنشاء هذه المحكمة عبر قرار لمجلس الأمن يحل محل المعاهدة الثنائية ويحمل معه أيضاً النظام الأساسي الذي نوقش بين لبنان والمؤسسة الدولية والذي وافق عليه لبنان ووقعت الأمم المتحدة عليه. إذاً, نحن الآن أمام طريق لا يزال مفتوحاً أمام قيام حل في الداخل وطريق أضحى مفتوحاً أمام المؤسسة الدولية في حال استمرار الطريق الأول مغلقاً.

 

هل ما زال لديكم أمل أن يتجاوب رئيس المجلس النيابي مع نداءاتكم?

لا نزال نعول على رغبة الرئيس بري التجاوب معنا ولكن لا أستطيع أن أتنبأ بقدرة الرئيس بري على التجاوب. أقول هناك رغبة, لا أستطيع أن أجزم بأن هناك قدرة. الضغوط كبيرة جداً من قبل الجهة التي تعطل المحكمة الدولية منذ الأساس. فهي عطلت التحقيق الأول, تحقيق فيتزجيرالد, وقامت بحملة شعواء على ميليس وأظهرت بكثير من الخبث ما سمي تعاوناً مع براميرتس, لكنها أظهرت الآن مجدداً وفي الوقت الذي يطلب براميرتس أن تشكل المحكمة الدولية, عاد النظام السوري وأظهر بأنه يخشى براميرتس, كما خشي ميليس, كما خشي فيتزاجيرالد.

 

هل ما جرى يؤثر على الحوار بين الرئيس بري والنائب سعد الحريري?

 إذا أردنا أن نغوص في النوايا التي كانت تظهر في الحوار وقبل الحوار وبعد الحوار, كنا نلمس من الرئيس بري تمنياً بأن نسلك طرقاً غير طريق الحكومة أو غير طريق المجلس لبلوغ المحكمة وكأنه كان يتمنى ويبلغ بشكل مباشر وغير مباشر من كان يحاوره ومنهم وليد جنبلاط في مرحلة من المراحل الذي سمع منه أن النظام السوري لن يقبل بالمحكمة "فاسلكوا طريقاً آخر". كأنه يريد أن يوحي بأن (خذوها عني) في الأساس كان يقال لنا أصدروها من الحكومة وعندما قلنا لا يكفي المرسوم الحكومي, لكي تأخذ المعاهدة طابعها الإلزامي للفريقين أي للأمم المتحدة وللبنان, قيل لنا اسلكوا طريقاً عبر الأمم المتحدة, وليس بالضرورة الفصل السابع, جربوا الفصل السادس. الواضح أن الرئيس بري يفضل أن نأخذ هذا العبء عنه ولا أخاله يؤمن بأقوال كتلك التي تقول باعتماد الطريقة الدستورية, اذهبوا إلى رئيس الجمهورية فهو أول من لا يذهب إلى رئيس الجمهورية, وهو كما أعرفه وبيننا جميعاً تاريخ طويل في النضال المشترك, الرئيس بري لا يعني أميل لحود شيئاً له. وربما كان من أكثر الزعماء اللبنانيين تأثراً وغضباً عندما فرض التمديد ولكن (العين بصيرة واليد قصيرة) ويومها تعاطى الرئيس بري بإيجابية مع القرار السوري, كما سبق له ولغيره إن فرض عليهم التصويت إلى جانب التمديد. سؤالك هل تؤثر عريضة النواب إلى الأمم المتحدة على المباحثات? أنا أقول يجب أن لا تؤثر, يجب أن تسهل على الرئيس بري التقدم في المباحثات على المعابر الأخرى, على المواضيع الأخرى, مواضيع الحكومة, ومواضيع الرئاسة وموضوع قانون الانتخاب وقضية مصير السلاح والسياسة الدفاعية.

 

هل يفهم من كلامك أن الرئيس بري في سره مرتاح لما قمتم به وكأنكم أزلتم حجراً عن ظهره بالنسبة لهذا الموضوع?

 نعم.. من خلال معرفتي بالرئيس بري أقول ذلك في سره يريد المحكمة وفي العلن لا يستطيع أن يواكبنا إلى إنشائها.

بمعنى آخر أن الرئيس بري يريد أن يقول لسورية أنني عملت ما علي ولم يكن في الحال أكثر مما كان ولكن ماذا أفعل إذا كانت الأكثرية لجأت إلى الأمم المتحدة?

 الرسالة غير المباشرة للسوريين أن المشكلة لم تعد في المجلس النيابي, المشكلة انتقلت لمجلس الأمن. ولم نره في مقابلته التلفزيونية الأخيرة منزعجاً من هذا التطور كونه قال أنني لم أتفاجأ.

 

ما حقيقة موقف "حزب الله"? ولماذا يتصدر الحملة ضد المحكمة ومتمسك بالملاحظات ولا يكشف عنها?

 أتصور أن ذلك مرتبط بقرار لا يعود ل¯"حزب الله". القرار سوري في الأساس اعتمد إيرانياً وبالتالي عندما تلتقي المصالح السورية-الإيرانية "حزب الله" لا يستطيع إلا تنفيذ غير هذا القرار.

 

ما هو ردكم على الذين يقولون أن إحالة المحكمة إلى الفصل السابع, مشروع حرب وإعادة للوصاية الأجنبية على لبنان?

سمعنا ذلك كثيراً ومراراً. أولاً موضوع المحكمة لا علاقة له بالوصاية الدولية, والمحكمة عبر الفصل السابع لا تعني, لا إرسال قوات مسلحة, ولا التخلي عن القضاء اللبناني, ولا التراجع عن اعتماد القانون اللبناني أساساً لمداولات وأحكام المحكمة. ولا تعني بكل تأكيد أننا نطلب تدخلاً عسكرياً من أحد لجلب المتهمين أو لحماية الشهود, طبعاً المحكمة الدولية عندما تنشأ تحمي الشهود بطرق قانونية وتحفظ سرية شهادتهم إلى أن تدلى بها أمام القوس. وكذلك المحكمة الدولية ستدين أشخاصاً وستحكم على أشخاص إذا توصل التحقيق إليهم. لكنها لن تطلب من القبعات الزرقاء, أو من القوات المتعددة الجنسيات أن تذهب إلى ريف دمشق, وإلى ضاحية بيروت وإلى قواعد الحرس الثوري لاعتقال أشخاص مشتبه بهم. أبداً هذا غير وارد. إذا صدر قرار بإنشاء المحكمة الدولية عن مجلس الأمن هذا لا يعني سلوك طريق المواجهة العسكرية, لا المواجهة العنفية في الداخل ولا المواجهة العسكرية مع فرقاء إقليميين فالكلام أن هذه هي وصفة للحرب الأهلية كلام مردود من أساسه وهذا الكلام لا يعبر إلا عن الخوف من كشف الحقيقة ومن إدانة المتهمين التخلي عن المحكمة يقود إلى الحرب الأهلية. 

 

 وماذا بالنسبة للملاحظات? لماذا "حزب الله" ما زال متكتماً عنها?

 أين هي الملاحظات... أعطونا الملاحظات, قولوا لنا هذه ملاحظاتنا على المحكمة.

 هم يقولون بأنهم لن يسلموكم هذه الورقة كي لا تبتزوهم بها..

 لا... هم يبتزوننا, بالقول أننا لا نعطي ملاحظات إلا إذا وافقتم على حكومة يستطيعون أن يمسكوا فيها بالأقلية القاتلة. يعني لا نعطي ملاحظات إلا للحكومة الجديدة أو إلى اللجنة المشتركة بعد أن نكون قد وافقنا نحن في الأغلبية وسلفاً على حكومة يقلبون فيها المعادلة ويعطون سورية إلى جانب رئاسة الجمهورية والسيطرة غير المباشرة على المجلس النيابي, يعطونها أيضاً القدرة على تعطيل الحكومة, الابتزاز هو الذي يأتي من المعارضة وليس هناك ابتزاز من قبلنا, أعطونا الملاحظات, لندرسها إذا كانت معقولة ولا تفرغ المحكمة من مضمونها نوافق عندئذٍ بالإجماع على قضية حق, ولا تحملوا أنفسكم ولا طوائفكم, ولا مذاهبكم ولا أحزابكم مسؤولية تعطيل محاكمة قتلة رفيق الحريري ورفاقه.

 

بقاء الأمور على ما هي عليه إلى أين سيقود البلد?

معركة لبنان مستمرة. بدأت عندما فرض على لبنان التمديد واستمرت عبر اغتيال الرئيس الشهيد وكل من رافقه من شخصيات سياسية وصحافية ومواطنين, والمعركة استمرت في تفشيل ما توصل إليه الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس بري والمعركة استمرت عبر جر لبنان إلى الحرب, والمعركة استمرت بعد الحرب بمحاولة الانقلاب على الحكومة عبر التهديد ثم الاعتصام ثم التظاهر, ثم محاصرة بيروت. المعركة مستمرة وليست محصورة بأعداد رقمية في الحكومة, المعركة هي معركة مصير ومستقبل لبنان. بيان المطارنة الموارنة قال أن تغيير وجه لبنان هو قضاء على لبنان, إن الخروج عن الصيغة هو قضاء على لبنان, إن الخروج عن الدستور هو قضاء على لبنان, استخدام الأساليب العنفية غير الديمقراطية, غير البرلمانية هو قضاء على لبنان, إذاً المعركة هي معركة جر لبنان إلى محور سوري-إيراني بثقافة مختلفة, بشمولية الرؤية إلى المجتمع اللبناني بالقضاء على تعدديته, بالتنازل وبتراجع نظامه الحر في الصحافة وفي الانتخابات وخصوصاً في النظام الاقتصادي.

 

 كيف قرأتم بيان المطارنة الموارنة وماذا كان تعليقكم عليه?

 قراءته رسالة شديدة اللهجة, إلى من يعطل المحكمة الدولية وهو معروف, إلى من يعتمد الاعتصام ويضرب الاقتصاد وهم معروفون, إلى من يحاول تأخير صيغة حكومة ائتلافية لا تقضي على مقومات لبنان وهم معروفون, رسالة موجهة أيضاً إلى من يتمترس بطائفته أو بمذهبه, ويقول, إما أن تكون الأمور هكذا في البلد وإما فلا بلد ولا استقرار. وهؤلاء أيضاً معروفون.

 

هل تعتقد أن مخططهم سيجر البلاد إلى الفراغ الرئاسي إذا ما استمرت الأمور هكذا?

الخطة كانت بداية الإطاحة بالحكومة, ثم إحداث فراغ في المجلس, وهي تتطور وبالتالي إلى محاصرة الحكومة, وتعطيل المجلس ومحاولة منع إجراء انتخابات رئاسية وهي تفريغ لبنان من مؤسساته الدستورية. هذه خطة النظام السوري. وهي لن تتحقق, لا "حزب الله" ولا غير "حزب الله", لا ميشال عون ولا غير ميشال عون, لا حركة "أمل" ولا غير حركة "أمل". (ولا الفراطة) الصغيرة التابعة لسورية من الباقين في المعارضة يستطيعون أن يغيروا في مسيرة لبنان الاستقلالية والديمقراطية. فكما صمدنا في ال¯2005 رغم استشهاد قائد كبير هو رفيق الحريري, كما صمدنا بعد كل الجرائم التي تلت, وصمدنا رغم جر لبنان إلى حالة تدميرية في الصيف الماضي, كما صمدنا أمام محاولة اقتحامهم السراي وتعطيل المؤسسات الدستورية سيكون هناك رئيس للبنان.. سيكون رئيس لبنان من 14 آذار, سيكون رئيس للبنان بالمواصفات التي  تحدث عنها المطارنة الموارنة, رئيس محترم ومتوازن ملتزم القضية اللبنانية, رئيس مؤمن بوطنيه وقوميته, رئيس لا يكون لا تابع للغرب ولا للشرق, رئيس لا يربط لبنان بأي محور.

 

هل تخشى عودة الفوضى إلى لبنان?

 ثقتي كبيرة بقدرة الجيش اللبناني, وبالتفاف الشعب اللبناني حول جيشه, ما حصل في بدايات الثمانينيات من تشرذم في الجيش لن يتكرر هذه المرة, وبالتالي الجيش هو الدرع الذي نستطيع من خلاله أن نمنع إعادة الفوضى, الفوضى الآتية من منظمات إرهابية, لا الفوضى التي يريد بعض المعارضة جرنا إليها.

 

ما هي الانطباعات التي خرجتم بها مع كبار المسؤولين الدوليين, سواء خلال زيارتكم إلى الولايات المتحدة الأميركية ولقائكم أمين عام الأمم المتحدة والمستشارة الألمانية ورئيسة مجلس النواب الأميركية?

لقد لمست لديهم أكثر من انطباع. هناك قناعة بأن المجتمع الدولي معبأ مُستنفر للذود عن لبنان, نحن لا تربطنا صلة تبعية بأمين عام الأمم المتحدة, وهو تسلم مهامه من أشهر قليلة, وهو بعد دراسته للملف اللبناني بات مقتنعاً بكل قضايانا, مقتنعاً بأنه لا بد من أن نستعيد مزارع شبعا, مقتنعاً بأنه يجب أن نستعيد الأسرى, وكل ذلك بالطرق السلمية وهو يعبئ الأمم المتحدة لهذا الغرض, كذلك لمسنا من السيدة ميركل التي ترأس الاتحاد الأوروبي والسيدة بيلوسي التي ترأس البرلمان الأميركي قناعة بأن استقلال لبنان وديمقراطية النظام اللبناني خط أحمر بالنسبة لكل المجتمع الدولي. في قضية المحكمة تشجعنا بالتوجه إلى مجلس الأمن نتيجة المباحثات التي أجريناها مع الأوروبيين عبر الألمان, ومع الأمم المتحدة عبر أمينها العام, والولايات المتحدة ليس عبر رئيسها فقط بل أيضاً عبر الفريق المعارض في الولايات المتحدة أي الديمقراطيين.

 

هل صحيح أن الأمين العام للأمم المتحدة طلب منكم بعض الملاحظات ومشيتم بها?

لا لم يطلب منا ذلك, ولكن نحن لمحنا أنه إذا بقيت طريق المجلس مقفلة أمام الأغلبية النيابية وهو الشيء الذي لم يحصل في أي بلد حتى في جمهوريات الموز, فنحن سنطالب الأمم المتحدة باعتماد الأساليب البديلة.

 

ما هي قراءتك لتقرير براميرتس الأخير?

وأنا أحترم الطريقة التي يعتمدها براميرتس في تحقيقه. التقارير تصوب النتيجة في اتجاه بات معروفاً من القاصي والداني, ومنذ اقتراف الجرائم. وبراميرتس عندما يطالب بإنشاء المحكمة الدولية فهو يقول للمجتمع الدولي: "أصبحت شبه جاهز, نريد المحكمة لأسلمها قراري الظني".

 

هل تعتقدون أن زيارات الموفدين الغربيين إلى سورية تساعد في تعويمها وفك عزلتها سيما وأنها تدخلت لدى إيران للإفراج عن الجنود البريطانيين?

برأيي أن هذه الزيارات لا تعوم النظام السوري بل تغرقه, بمعنى آخر, طالما أن سورية لا تُسأل عن شيء فهي لا تضطر إلى الإجابة. أما إذا سئلت فلا بد أن تتجاوب, عندما جاء وزير خارجية ألمانيا وطلب منهم احترام استقلال لبنان والسير في المحكمة ورفضوا, أخذ موقفاً منهم وانحصر الحوار الأوروبي السوري  بسولانا مع توجيهات واضحة. بيلوسي حملت إلى سورية اقتراحات إسرائيلية, فإذاً إن سورية التي تتهم الغير بالتعاطي مع قوى غربية أو مع الولايات المتحدة, نراها تسلك طريق المفاوضات السرية إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان في الصيف الماضي وهي الآن ترحب بأي زائر غربي يأتيها, ففي تصرفها وسلوكها وكلامها تكذيب لكل ما تقوله هي علناً وما توحي به إلى حلفائها اللبنانيين.

 

هل لديكم خوف من حصول نوع من المقايضات بين أوروبا وأميركا مع سورية على حساب المحكمة?

لا نخشى شيئاً, منذ العام 2005 لبنان حصل على استقلاله الثاني, عمده بالدم, كرسه بقرارات حازمة للأمم المتحدة, أجمعت عليها أكثرية الشعب اللبناني, تسلحنا ليس بالسلاح ولا بالمال من أية جهة كان, تسلحنا بأغلبية نيابية, هي قائمة حتى العام ,2009 موعد الانتخابات المقبلة ونحن ديمقراطيون, إذا نجح غيرنا في الانتخابات المقبلة فليكن, أما الآن فنحن سنبقى نحكم بأكثريتنا كما قال الشيخ سعد الحريري في خطابه الأخير.

 

ما تفسيركم لإثارة رئيس المجلس لقانون الانتخابات سيما وأن هناك مواضيع أهم منه?

نحن لا نقلل من أهمية قانون الانتخابات, الحكومة شكلت لجنة برئاسة الأستاذ فؤاد بطرس وتلقت من اللجنة مشروعاً لقانون الانتخابات حوله طبعاً نقاش كبير وسجال ولكن هذا المشروع كان سيطرح أمام الحكومة, ثم المجلس والحكومة المكتملة آنذاك بأعضائها من "حزب الله" وحركة "أمل". إنما بعد انطلاق الحرب في الصيف الماضي صرف النظر مؤقتاً. البحث بقانون الانتخاب ليس عيباً, ولا نهرب منه.

 

هل هو أولوية في الوقت الحاضر?

الأولوية في الوقت الحاضر هي في معالجة الوضع القائم, بالتوقف عن اعتماد السلبية في الشارع, وابتزاز المؤسسات الدستورية, أكانت الحكومة أو المجلس النيابي. الأولوية هي في الإعداد للانتخابات الرئاسية, هي المفصل بين لبنان القديم وما تبقى من عهد الوصاية وبين لبنان الألفية الثالثة الواعدة ليس بالدم والتدمير والقتال, بل بمستقبل زاهر بالحريات والازدهار.

 

هل لديكم خشية من أن يتحول سلاح "حزب الله" إلى الداخل, بضغط خارجي?

حتى لو لم يتحول هذا السلاح إلى الداخل فإنه موجود في معادلة الداخل ومثقل على الداخل, وهو سلاح في بعض جزئياته أخطر وأكبر من السلاح الذي يملكه الجيش اللبناني, إذاً, هناك إلى جانب المؤسسة العسكرية اللبنانية الشرعية التي تأتمر بأوامر الشرعية اللبنانية هناك جيش آخر أقوى. نحن اليوم في الحكم وغداً لا نكون, ولكن لا بد أن يبقى هناك جيش واحد, أما إذا بقينا على الجيشين واستعمل السلاح بالداخل أو استعمل بالخارج من دون قرار مركزي للشرعية اللبنانية فهو سلاح خطير جداً على الوفاق اللبناني وعلى الوحدة اللبنانية وعلى المؤسسات اللبنانية.

 

هل تسنى لكم معرفة نتائج اللقاء الذي عقد بين الملك عبد الله والرئيس بشار الأسد? وهل وعد السوريون بتسهيل المحكمة, أو تسهيل حل الأزمة اللبنانية مثلاً?

لم نتبلغ شيئاً سوى أنها كانت جلسة اعتذار.

 

هناك حديث عن زيارة يقوم بها موفد سعودي إلى سورية, هل تعتقدون أن هذه الزيارة ستبحث بحل الأزمة اللبنانية?

إذا كانت سورية ملتزمة بأجوبة حول المواضيع الحساسة, فقد تكون هناك زيارات للحصول على الأجوبة.

 

في ظل هذه الضغوط على الحكومة كيف سيستمر عمل الحكومة?

أولاً: الحكومة بأعضائها ال¯17 ستستمر في العمل. ثانياً: قضية المحكمة الدولية التي هي قضية مركزية ذهبنا بها كنواب وسنذهب بها كحكومة إلى مجلس الأمن. ثالثاً: إذا استمر هذا الابتزاز في الشارع والضغط على المؤسسة الأم التي هي المجلس النيابي فأظن أننا نستطيع أن نتوقع أن يتقدم الرئيس فؤاد السنيورة بأسماء وزراء بدائل من الطائفة الشيعية الكريمة إلى رئيس الجمهورية لإصدار المراسيم, لكي يعود اكتمال شمل الحكومة.

 

هل يمكن أن يقبل رئيس الجمهورية بذلك?

إذا لم يقبل رئيس الجمهورية فهو الذي يحرم الشيعة من التمثيل في الحكومة.

 

هذه الخطوة على نار خفيفة?

هذه خطوة تدرس الآن لأننا لا نريد أن نسير من دون شركائنا في الوطن, ولا نريد في الوقت نفسه أن يبقى بعض شركائنا في الوطن يبتزوننا من خلال هذه القضية.