مقابلة من جريدة السياسة مع الوزير مروان حماده/28 حزيران

 

أكد لـ "السياسة" أن لبنان لن يكون غزة أخرى رغم الحرب المفتوحة التي يشنها عليه نظاما دمشق وطهران

مروان حمادة: الاعتداء على "اليونيفيل" إحدى بشائر الأسد بإشعال المنطقة

 بيروت - من عمر البردان: السياسة 28/6/2007

 

رأى وزير الاتصالات اللبناني مروان حمادة أن لبنان يتعرض إلى عدوان وهجوم من قبل النظامين السوري والإيراني, واضعاً سقوط ما يقارب 80 جندياً من الجيش اللبناني ومن المدنيين في خانة الاغتيال الجماعي الذي يستهدف شعب لبنان وجيشه ونظامه, واصفاً الاعتداء على قوات "اليونيفيل" بالرسالة التي تكمل الرسالات التخريبية الإرهابية الأخرى التي تلتقي مع ما بشّرنا به بشّار الأسد بإشعال المنطقة من بحر قزوين إلى البحر المتوسط...

 

وحمّل حمادة في حديث ل¯"السياسة" المعارضة مسؤولية فشل المبادرة العربية من خلال إعطاء أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى وعوداً كاذبة والانقلاب عليها بعد تلقيها أمر العمليات السورية بلسان فاروق الشرع فأتى جوابها مخالفاً كل وعود الرئيس نبيه برّي والسيد حسن نصر الله.

 

حمادة اتهم سورية بمحاولة السيطرة على لبنان وإخضاعه وإعادته إلى عهد الوصاية, وتحويله إلى ساحة لتحقيق المآرب أو المقايضة مع الأميركيين والإسرائيليين.

كذلك حمّل المعارضة مسؤولية وضع البلد في المجهول من خلال الموبقات التي ارتكبتها بأخذ البلد إلى الحرب, ومحاولتهم إفراغ السلطات الدستورية, والاستقالة من الحكومة, والاعتصام في وسط بيروت وزرع الفتن المتنقلة, وإشعال فتنة سنية شيعية, ووقف إقرار المحكمة الدولية, وإغلاق أبواب المجلس النيابي تحقيقاً لأوامر ما وصفه بالنظام المعتوه القائم في دمشق.

 

حمادة عدد المآثر السورية في ضرب النظام اللبناني منذ العام 1976, عندما أخرجت قوات الردع العربية وضربت المسيحيين والسنّة والشيعة والدروز والفلسطينيين لتستأثر وحدها بالساحة عن طريق الإخلال بالتوازن الحقيقي بين الأطياف اللبنانية وإقامة نظام شبيه بنظامها.

 

وأشار إلى أن لبنان يقول لإخوانه العرب, أنه لا يستطيع أن يتحمل دولة داخل الدولة, ودولة فوق الدولة. أو مغامرة مفتوحة على حدوده وعلى أرضه لحساب الآخرين.

 

وزير الاتصالات أكد إجراء الانتخابات الفرعية في موعدها لتأمين خلفين للنائبين المغدورين بيار الجميّل ووليد عيدو وانتخاب رئيس للجمهورية بدل ما أسماه هذا الرئيس الذي وضع البلاد في أسوأ حالاتها بعد أن عاث فساداً بالقصر الجمهوري وحول مهمة الحرس الجمهوري, وارتكب الجرائم, مذكراً بصديقه الحميم قائد هذا الحرس القابع في السجن تحت شبهة المشاركة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

 

حمادة أعلن تمسكه بالحل العربي, مطالباً بقيام حلف عربي موحد ضد ما وصفه بالنظام المجرم, مؤكداً أن لبنان لن يكون غزة جديدة, ومشيراً إلى بقاء القوات الدولية التي ستدعم عربياً لمراقبة الحدود مع هذا النظام إلى أن يتغير أو يرتدع.

 

وفيما يلي نص الحوار:

* كيف تفسر ما جرى في الجنوب, وما هي قراءتك للاعتداء على قوات "اليونيفيل"?

- نحن نتعرض إلى عدوان موصوف, وهجوم عام من قبل النظامين السوري والإيراني, يستهدف لبنان.. يستهدف الجيش اللبناني, يستهدف الحكومة اللبنانية وقوات الطوارئ الدولية. وقد ظهرت الأمور جليةً ليس فقط على صعيد التفجير الأمني بل العسكري الذي استهدف الجيش اللبناني والمناطق اللبنانية, والنواب اللبنانيين, بل أيضاً على صعيد الهجوم السياسي الذي يتعرّض إليه لبنان منذ أشهر طويلة, بل منذ قبل العدوان الإسرائيلي على لبنان وبعده وخصوصاً مع إقرار المحكمة الدولية وبعد إقرارها تحديداً.

إذاً, ما نشهده هو استمرار العمل الإجرامي بحق لبنان ككل, فالاغتيال لم يعد إفرادياً, الاغتيال بات جماعياً, وأنا أضع قتل ما يقارب 80 جندياً من الجيش اللبناني, والمدنيين الذين يسقطون هنا وهناك وهنالك في خانة الاغتيال الجماعي الذي يستهدف شعب لبنان, جيش لبنان, والنظام اللبناني.

 

* من يتحمّل مسؤولية إفشال المبادرة العربية, ولماذا أُفشلت?

- الجواب جاء على وجه وعلى لسان أمين عام الجامعة العربية, جاء أيضاً من خلال التصريحات الواضحة التي صدرت عن ممثلين لما يسمى بالمعارضة اللبنانية. وهم تحولوا للأسف ناطقين باسم سورية وإيران حين قالوا, بل فاخروا بأنهم أفشّلو  المبادرة العربية.

 

* لكنهم بالمقابل يتهمونكم بأنكم تريدون المقايضة بين الرئاسة والحكومة?

- لم نقايض شيئاً بشيء, ولم نطرح شيئاً قبل شيء, كانت الورقة التي قدمت, ورقة ليست من إنتاجنا, بل هي من صياغة وفد الجامعة العربية, الذي ضمّ ولا بد من التذكير بذلك وزراء ونواب من السعودية ومصر وقطر, وتضمنت هذه الورقة التي سميت ورقة تفاهم, بنوداً للحوار الفوري, تدرجت أولاً بقيام: حكومة وحدة وطنية, ثانياً: اتفاق على إجراء الاستحقاق الدستوري, وكانت تتضمن هذه الورقة طبعاً كما علم وأصبح معلوماً لدى الجميع بنوداً تتعلق بالتأكيد على القرارات السابقة التي أيدناها بالإجماع بين شركاء الساحة السياسية اللبنانية. وكذلك الأمر وقف الحملات الإعلامية, وإلغاء الاعتصام في وسط بيروت عند توسيع الحكومة أو تشكيل حكومة وفاق وطني. إذاً, لم نفشّل نحن شيئاً, نحن ربحنا, أعطينا الموافقة وانتظرنا من عمرو موسى كما انتظر هو ساعات طويلة بعد وعود كاذبة تلقاها في اليوم الأول والثاني والثالث. وكان قد تأمل كثيراً بأنه سيصل إلى حل أو بداية حل للأزمة. لكن المعارضة وبتوجيه واضح من سورية التي كانت قد أعطت أمر العمليات بلسان فاروق الشرع, جاء جواب المعارضة مخالفاً كل وعود الرئيس برّي والسيد نصر الله.

 

* ماذا يريد السوريون من هذه الممارسات والضغط على الحكومة والأكثرية?

- يريدون لبنان, يريدون السيطرة على لبنان, يريدون إخضاع لبنان, إعادته إلى عهد الوصاية, إعادة تحويله إلى ساحة لتحقيق مآربهم, أو للمقايضة مع الأميركيين والإسرائيليين.

 

* ألا تدرك المعارضة مخاطر هذه الصفقة?

- بعض أعضاء المعارضة يدرك هذه المخاطر, لكن لا قدرة لهم على مقاومة أسيادهم, وأصحاب نعمتهم.

 

* أركان في المعارضة, يقولون أن الأمور سائرة إلى المجهول?

- الأمور هي الآن في المجهول, وهم وضعوا البلد في المجهول. أخذوا البلد إلى الحرب. أعدناه من الحرب إلى انسحاب جديد لإسرائيل بموجب القرار 1701, أخذوه مجدداً إلى محاولة إفراغ السلطات الدستورية. انسحبوا من الحكومة, اعتصموا في وسط بيروت, زرعوا الفتنة في كل مكان, وكادوا يشعلوا فتنة سنّية شيعية, لولا الإدراك السعودي لذلك, ومعالجة السعودية مع إيران لتجنب هذا الأمر. ثم حاولوا وقف إقرار المحكمة الدولية في الداخل وفي الخارج, أغلقوا المجلس النيابي, لا أستطيع أن أسرد الموبقات السياسية التي ارتكبتها المعارضة, لن تتوقف عن هذه الموبقات. ليس بفعلها ربما, لكن تحقيقاً لأوامر هذا النظام المعتوه. النظام المجرم القائم في دمشق.

 

* هل هناك مجال لتهدئة الأمور وربط جسور الثقة بينكم وبين المعارضة?

- لن أقطع يوماً الأمل بالحل العربي في لبنان, كنا نأمل به في العام 1976 وإذ بسورية تخرج قوات الردع العربية وتبقى وحدها على الساحة فتضرب تباعاً المسيحيين والسنّة والشيعة والدروز والفلسطينيين, لتبقى وحيدة تستأثر بالساحة. وأملنا خيراً في اتفاق "الطائف" وإذا بسورية تحول هذا الاتفاق عن أهدافه, تؤخر انسحابها, تمنع التوازن الحقيقي بين الأطياف اللبنانية, وتضع يداً من حديد بواسطة مخابراتها على النظام السياسي اللبناني لتجعله نظاماً أمنياً شبيهاً بنظامها الذي يقمع الشعب السوري منذ عقود طويلة. وهذه المرة الثالثة بعد أن خرجت سورية من لبنان الذي تحاول العودة إليه بهذه العدوانية التي تذكر بعدوانية صدّام حسين في الكويت.

رغم كل هذه المحاولات التي في كل مرة أفشلها النظام السوري لا أزال أضع كل الآمال اللبنانية بالحل العربي, حل الاعتدال العربي, حل اتفاق "الطائف". مشروع السلام العربي الذي أقر في بيروت, ثم في الرياض. مبادرة خادم الحرمين الشريفين حماية الدول العربية الصغيرة من الأنظمة الإرهابية التي حاولت خلال الثلاثة عقود السابقة أن تضع يدها على الأضعف أو على الأصغر. كل ذلك يعود حلّه إلى العائلة العربية الكبرى. ولذلك على رغم ما أصيبت به الجامعة العربية من خيبة أمل ومن تفشيل متعمد بدأ بتصريحات فاروق الشرع وبإغلاق الحدود وبإشعال النار مجدداً في نهر البارد, كل ذلك لا يمنعني من تعليق الآمال الكبيرة بالعودة إلى الحل العربي. لبنان يحتاج إلى رعاية إخوانه وهو ملتزم القضية العربية منذ الأساس ولا يزال ملتزماً إياها, ولكن لبنان يقول لإخوانه العرب أنه لا يستطيع أن يتحمّل دولة داخل الدولة, ودولة فوق الدولة, أو مغامرة مفتوحة على حدوده وعلى أرضه لحساب الآخرين.

 

* أمين عام الجامعة العربية تحدث عن عودة قريبة له إلى لبنان عندما تحين ظروف معينة. ماذا يقصد بهذه الظروف?

- قالها في ديسمبر الماضي واضطر للانتظار ستة أشهر قبل أن يعود. طبعاً المعارضة اللبنانية بالتحريك السوري والإيراني لا تزال تعارض الحل العربي, وهذا كما قلت يذكرني تماماً بما جرى في لبنان في المراحل السابقة, يعني الحل العربي يعطله للأسف النظام السوري. وهو فضل مراراً التدويل واضطرنا إلى التدويل في قضية المحكمة. وفي قضية القرار 1701 في الوقت الذي يرفض دائماً الحل العربي.

 

* ما هو ردّكم على المعارضة التي تقول بأن الانتخابات الفرعية مضيعة للوقت ولن ينتخب رئيس جمهورية من الأكثرية?

- المعارضة تعد نفسها وتعد أسيادها منذ أشهر بإنجازات تحلم بها ولم تحققها, ولن تمنع لبنان لا من إجراء انتخابات فرعية لتأمين خلفين للنائبين المغدورين بيار الجميّل ووليد عيدو ولن تدفع بالبلاد إلى الفراغ, سنمنع ذلك. وسيكون للبنان رئيس للجمهورية بدل هذا الرئيس الذي وضع البلاد في أسوأ حالاتها منذ عقود طويلة في حالة أسوأ حتى من الحرب الأهلية.

 

* ما دمنا نتكلم عن الرئيس لحود, ما ردّكم على الاتهامات التي ساقها ضدكم بالنسبة لوزارة الاتصالات (لن أسمح لمروان ووليد جنبلاط بوضع أيديهم على الاتصالات والخلوي)?

- نحن أولاً, لم نضع يدنا على شيء لا على وزارة الاتصالات ولا على الخلوي. الخلوي لا يزال في عهدة شركتين تديرانه وقد تم اختيارهما في عهده. ووزارة الاتصالات أتحمّل أنا كوزير تبعاتها, وأمسح كل موبقات نظامه وعهده فيها بعد عناء طويل أعدنا للبنان الحركة في الاتصالات, أقمنا "كابلاً" جديداً للخارج, أدخلنا الإنترنت السريع, أقمنا الهيئة المنظمة للاتصالات, يا ليت الرئيس لحود يتعاطى مع الشأن العام كما تعاطينا نحن دائماً مع الشأن العام. هو آخر من يستطيع أن يبدي ملاحظات على أي شيء. لا على وزارة الاتصالات ولا على الوزارات الأخرى. وهو الذي عاث فساداً بالقصر الجمهوري وحور مهمة الحرس الجمهوري وارتكب الجرائم, وصديقه الحميم قائد الحرس الجمهوري قابع في السجن تحت شبهة المشاركة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

 

* ما خطة الأكثرية للمرحلة المقبلة?

- الخطة, هي قيادة لبنان إلى شاطئ الأمان, إلى انتخابات رئاسية هادئة, دستورية, تمنع أي فراغ دستوري. وبعدها تقوم حكومة بموجب الدستور أي عند انتخاب رئيس جديد للجمهورية تعتبر حكومتنا أنها مستقيلة, وتبدأ الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة جديدة.

 

* إذا لم يصر إلى اتفاق على رئيس للجمهورية, هل ستبادر الأكثرية إلى انتخاب هذا الرئيس?

- متى اتفق على رئيس جمهورية, هل كان بشارة الخوري من دون معارض أيام إميل إدّه? وهل كان كميل شمعون من دون معارض أيام حميد فرنجية? وهل كان شارل الحلو من دون معارض أيام عبد العزيز شهاب? وهل كان سليمان فرنجية حتى دون معارض أيام إلياس سركيس? هل كان فؤاد شهاب من دون معارض أيام ريمون إدّه?

الرؤساء الوحيدون الذين انتخبوا من دون معارضة كانوا تحت الحراب السورية أو الإسرائيلية. ونحن لن نعود إلى هذه المرحلة ونذكر الجميع بأن الرئيس سليمان فرنجية انتخب في انتخابات حرّة بصوت واحد سمته الصحافة اللبنانية صوت الشعب.

 

* هل أنتم مستعدون للاتفاق مع المعارضة على رئيس جمهورية?

- إذا كان هناك مجال للاتفاق فنحن مستعدون. ولكن لا نرى أن من عارض كل شيء والمحكمة الدولية, محاولة الإطاحة بالحكومة التي اتفقنا عليها مع المعارضة وضعنا بياناً وزارياً معاً بالشراكة, ما زالوا حتى اليوم متمسكين بهذا البيان الوزاري. يريدون البيان الوزاري ولا يريدون المعادلة الرقمية, قلنا لهم جيد ولكن على الأقل اعترفوا بما اتفقتم عليه بين الأقطاب في جلسات الحوار وفي مجلس الوزراء حيث كنتم موجودين. حتى ذلك يخرجون عليه, فأية ثقة يمكن أن تبنى على هذا التفخيخ المستمر للوضع السياسي, والذي يواكبه للأسف تفجير مستمر للوضع الأمني, واغتيال مستمر لشخصيات الأكثرية, هل رميناهم بريشة في أية مرحلة من المراحل? ألم نقدم حتى الآن عشرات الشهداء? ألم يقدم الجيش اللبناني وقت تفوههم بالخط الأحمر لنهر البارد عشرات الشهداء? السؤل يوجّه إلى هؤلاء الذين إذا أرادوا أن يخربوا لبنان فلن نتركهم يخربوه.

والرسالة الأخيرة وصلتنا. وصلت للعالم العربي, وصلت للعالم بأسره وللمجتمع الدولي من خلال جريمة استهدفت دورية إسبانية من قوات الطوارئ الدولية. رسالة تكمل الرسائل الأخرى التخريبية والإرهابية, وتلتقي مع ما بشّرنا به بشّار باشتعال المنطقة من قزوين إلى المتوسط. ها هم قد افتعلوا غزة وأفقدوا القضية الفلسطينية زخمها. وها هم يحاولون تدمير لبنان بعد أن قسموا العراق. يجب أن يقوم حلف عربي موحد ضد هذا النظام المجرم.

 

* برأيك هل توجد محاولة لإشعال لبنان كمحاولة إشعال غزة?

- لبنان يختلف عن غزة. التنوع والتعدد في لبنان هو رادع لهذا النوع من الهيمنة. وقد أثبتنا ذلك في يناير الماضي. وأحبطنا محاولة محاصرة بيروت والسطو عليها, وإغلاق المطار, ونحن لا ننصح أحداً بمعاودة هذه المحاولة.

 

* هل يوجد مخطط لإخراج القوات الدولية, وتعطيل اقتراح مراقبة الحدود بين لبنان وسورية?

- القوات الدولية ستستمر بالوجود, في الجنوب ونحن سنعمل على أن تكون القوات الدولية مدعومة عربياً على الحدود مع هذا النظام إلى أن يرتدع أو يتغير هذا النظام في دمشق.