عضو كتلة "تيار المستقبل" النيابية دعا "حزب الله"  و"أمل" إلى الاستماع لنصائح خادم الحرمين

 مصطفى علوش لـ "السياسة": سورية تستعجل الخراب للنفاذ مجدداً إلى لبنان

 بيروت من صبحي الدبيسي:السياسة 25/1/2007

أكد عضو كتلة »تيار المستقبل« النائب مصطفى علوش وجود تمايز بين الدور السوري والدور الإيراني في لبنان, فالأول كما قال مبني على الإسراع والتوجه بسرعة نحو تخريب الوضع الداخلي, حتى يتمكن من النفاذ مجدداً إلى داخل المجتمع اللبناني. أما المشروع الإيراني فهو مبني على خطة طويلة الأمد تسرع في بعض الأحيان وتتباطأ في أحيان أخرى. واعتبر أن رد الفعل الكبير من جانب الطائفة السنية أفشل مشروع »حزب الله«, ما دفعه إلى التفكير ملياً قبل القيام بخطوات أخرى وهذا ما يلغي دوره المستقبلي في لبنان استمراراً لوجود دولة ضمن الدولة تابعة لإيران.

كلام النائب علوش أتى في سياق حوار أجرته معه »السياسة« اعتبر فيه المشروع النهائي ل¯»حزب الله« أصبح في وضع شديد الصعوبة وهو بحاجة لالتقاط الأنفاس وإعادة المصالحة مع الشارع السني حتى يتمكن من إعادة التموضع من جديد, لافتاً إلى أن »حزب الله« الذي يسيطر على مفاصل الحكم على رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي يحاول السيطرة على قرار الحكومة بشكل أو بآخر.

علوش الذي رأى أن المعارضة فشلت في دق إسفين بين الحكومة والقوى المؤيدة لها طالب الحكومة بشرح الورقة الإصلاحية للناس والبدء بإجراء إصلاح داخلي كي لا تضيف ديناً على الدين لن تتمكن من سداده.

واعتبر علوش ما حصل من تجاوزات وتعليقات من بعض مسؤولي »حزب الله« وبعض التابعين لرئيس الجمهورية طرح علامات استفهام حول مدى جدية »حزب الله« وحركة »أمل« وباقي الأطراف التابعين لهم في مسألة المحكمة الدولية وأن ارتباطاتهم العميقة والجدية مع النظام السوري لا تسمح لهم الموافقة على محكمة دولية تشكل إحراجاً لهذا النظام.

علوش أمل من »حزب الله« الاقتداء بالنصائح التي قدمتها له المملكة العربية السعودية, وحول مبادرة الرئيس بري أكد علوش أن الأكثرية لا تقبل بحل إلا من ضمن سلة واحدة تبدأ برئيس الجمهورية وتنتهي بكل النقاط الخلافية, وأن الأكثرية تؤيد مبادرة أمين عام الجامعة العربية التي تقوم على مبدأ لا غالب واللامغلوب.

ورفض علوش رفض أن تقوم الدولة بأية حركة تجاه المعتصمين حتى لا تؤدي إلى الصدام وإلى سقوط دماء لبنانية, معتبراً أنه لو كانت هناك نية للنظام الإيراني بمقارعة أميركا بشكل مباشر فالمجال مفتوح في العراق وأن ما يحرك المشروع الإيراني أكثر من الحلم بالدولة الفارسية, لأن جزءاً من القيادة في إيران يعتبر هذا الوقت هو وقت التحضير لعودة المهدي وأي دور في هذا المشروع هو دور إلهي مدعوم من القوى الإلهية.

وفيما يلي نص الحوار:

ما قراءتك للمرحلة القادمة, هل نحن على أبواب حل? هل نحن أمام أبواب موصدة بحيث أضحى الانفجار وارداً في أية لحظة? هل سينجح "باريس-3", وماذا يمكن أن تفعله المعارضة عشية انعقاد هذا المؤتمر, كيف ترى الصورة?

من خلال ما شاهدناه وسمعناه خلال الأسبوع كان هناك نوع من الحلحلة النسبية القليلة في مواقف الأطراف وأخص بالذكر »حزب الله«, أما الأطراف الأخرى التي تدور في فلك »حزب الله« والمحسوبة بشكل مباشر على الخط السوري فإنها بقيت على نفس الوتيرة من التصعيد وهناك الكثير من التصاريح من قبل البعض منهم يعلنون أن دورهم هو دور محفز لقوى المعارضة حتى تصعد أكثر وأكثر وهذا متوقع هناك تمايز بين الأهداف وبين الدور السوري والدور الإيراني في لبنان, فالدور السوري مبني على الإسراع والتوجه بسرعة نحو تخريب الوضع الداخلي في لبنان حتى يتمكن من النفاذ مجدداً إلى داخل المجتمع اللبناني وفي نفس الوقت حتى يتمكن من المساومة على مسألة المحكمة الدولية, أما المشروع الإيراني فهو مبني على خطة طويلة الأمد وإن كانت تسرع في بعض الأحيان وتتباطأ في أحيان أخرى, ولكن حشر هذا الموضوع في البرنامج السوري, ما دفعه في خطى متقدمة وسريعة إلى الكثير من العثرات ومنها المشروع الانقلابي على الحكم الشرعي في لبنان من خلال الاعتصام في الساحات ولكن هناك جملة من التداعيات بالنسبة ل¯»حزب الله« والمؤثر الأساسي وربما الوحيد على الساحة المحلية بالنسبة لقوى 8 آذار وهي أن هناك رد فعل كبير وخاصة ضمن الطائفة السنية داخل لبنا, ما دفعه إلى التفكير ملياً قبل التقدم في الخطوات الأخرى بحيث أنه يعرف في حال القيام بأية إجراءات تصعيدية فيؤدي إلى تصادم جدي داخل الشارع اللبناني وهذا مما يلغي مشروعه المستقبلي داخل لبنان, وهو استمرار وجوده كدولة ضمن دولة تابعة لإيران على أمل أن يصل الوقت الذي تصبح دولة كلبنان كلها على النمط الإيراني والمشكلة الأخرى التي اعترضت مشروع »حزب الله« التصعيدي هو ما حدث بعد إعدام الرئيس العراقي صدام حسين والذي استثار الكثير من المشاعر ضد إيران وضد المذهب الشيعي بشكل عام داخل الدول العربية بغض النظر إذا كان صدام يستحق الإعدام أم لا..

 ولكن أسلوب التشفي الذي أحيطت به هذه العملية أدى إلى الكثير من المشاعر المعادية لإيران والمعادية للتشييع ضمن العالم العربي. وهذا يعني أن المشروع النهائي المبني على ولاية الفقيه والذي يعود إلى العودة المنتظرة للمهدي أصبح في وضع شديد الصعوبة خاصة وأن هذا المشروع كان مبنياً على التسلل بشكل بطيء ولكن ضمن المجتمع العربي من خلال بوابة الصراع مع العدو الإسرائيلي بحيث يقبل المجتمع العربي الذي بمعظمه لا يتبع ولاية الفقيه ولا المذهب الشيعي ولكن يمكن أن يقبل أي قيادي يرفع شعارات الدفاع عن فلسطين ويدافع عنها ويناضل بالشكل الذي قام به »حزب الله« على مدى السنوات الماضية وهناك أزمة جدية دخل فيها »حزب الله« بسبب تسارع الخطى وأزمة أخرى دخل فيها النظام الإيراني ضمن العالم العربي.

 فإذاً هذا المشروع بحاجة الآن لالتقاط الأنفاس وإعادة المصالحة على الأقل مع الشارع السني في لبنان ومع الشارع السني في العالم العربي, حتى يتمكن من إعادة التموضع من جديد ولكنني أعتقد أن هذه المسألة بحاجة إلى الكثير من إثبات حسن النيات في المستقبل. أعتقد أن »حزب الله« قد يفتح في المجال لبوادر حل ولكن الحل المطروح والمقبول وهو التسوية التي طرحها عمرو موسى والتي لا يبدو أنها تناسب تطلعات فريق المعارضة للسيطرة على مفاصل الحكم في لبنان. فالمعروف أنه يسيطر على رئاسة الجمهورية من خلال الرئيس أميل لحود ويسيطر على رئاسة مجلس النواب من خلال التعطيل عن طريق الرئيس نبيه بري ويبقى المفصل الثالث في الحكم اللبناني وهو مفصل مجلس الوزراء الذي كانوا يشاركون فيه ولكن بعد انسحابهم فإنهم يريدون السيطرة على الثلث المعطل, ما يعني أنهم قادرون على تعطيل الحكومة والتشاور من خلال الاستقالة ومن خلال عدم الاجتماع وهذا يعني أن كل مفاصل الحكم في لبنان تصبح في يد »حزب الله« لأنه من القوى الكبرى من الذين يسمون أنفسهم المعارضة وهذا يعني أن هناك محاولة انقلاب حقيقية يقوم بها »حزب الله« للسيطرة على كامل مفاصل السلطة في لبنان.

يعني أنك تعتبر أن تراجع »حزب الله« هو تراجع تكتيكي في هذه المرحلة?

أكيد إنه تراجع تكتيكي على الأقل في نبرة القيادات الأساسية في »حزب الله« ولكن القيادات الثانية لا تزال على نفس الوتيرة الثانية من التصعيد.

هل تخشى أن يكون »حزب الله« يحضر لشيء ما من خلال هذا التراجع, وهل تتوقع اقتحامات واحتلالات للمرافق العامة?

ما يحاولون فعله الآن هو التخفيف من حدة ردة الفعل في الشارع اللبناني وفي الشارع المؤيد للحكومة والتسلل من جديد إلى ضمن هذا المجتمع من خلال شعارات تضليلية جديدة منها مسألة التخوين ومسائل العمالة. أنا أرى أن المشروع الآخر وهو الاقتحام وما شابه ذلك, هم يعرفون أنها مغامرة غير محسوبة. وبالتأكيد أنا أعتبرها مغامرة محسوبة ستؤدي إلى التصادم في الشارع اللبناني وهذه مسألة ستكون خسارة للجميع وأول الخاسرين سيكون »حزب الله« لأن مشروعه النهائي يصبح في مهب الريح ويعود ويصبح ميليشيا من ميليشيات المذاهب في لبنان, يقاتل مجموعة من المجموعات الأخرى وأعتقد أنه لن يقع في هذا الفخ.

بعد هجوم المعارضة المبرمج على "باريس-3" شاهدنا في اليومين الأخيرين تغييراً في اللهجة والقول بأنهم مع "باريس-3" وضد الورقة الإصلاحية, فماذا يعني لك هذا التمايز في المواقف?

بعد محاولات »حزب الله« والقوى المحيطة به ومحاولتهم دق إسفين بين تحالف وليد جنبلاط والقوى المسيحية مع »تيار المستقبل« وبعد أن فشل هذه المحاولة بالتأكيد, فإنهم يحاولون الآن دق إسفين, وبين التيار الشعبي والدخول إلى الناس من باب مسألة الضرائب.. وكما أنهم لم يقرأوا بشكل جيد الورقة الإصلاحية فإن معظم الناس لم يتمكنوا من قراءتها بشكل جيد, ولم يتسنَ لهم التمعن بها في هدوء, لذلك يحاولون اللعب على هذا الوتر لشق الصف وضرب إسفين بين الحكومة وما تقوم به وبين القوى المؤيدة لها, ولكن نحن نحاول قدر الإمكان أن نوضح أن هذه الضرائب إذا جاءت ستكون بعد سنة 2008 ولن تكون موجهة بشكل أساسي للطبقات الفقيرة ولا لطبقات الموظفين ولكنها ستطال الطبقات المرتاحة مادياً من خلال ال¯ »T.V.A«.

فبقدر ما تتمكن من الصرف والشراء فأنت تدفع أكثر ال¯ »T.V.A« أما المسائل الأخرى الحياتية فهي معفاة من الضريبة المضافة. ولكن لا شك أن أمام الحكومة عملاً وبدأت به لشرح هذه الورقة الإصلاحية. أما بالنسبة للموافقة على المساعدات وتحييد الورقة الإصلاحية فأنا أعتبر أن هذا المطلب قفزة أخرى في المجهول ستؤدي إلى نفس النتائج التي وصلت إليها المساعدات القديمة التي قدمها العالم للبنان خاصة من خلال »باريس 2002«, مع العلم أن أكثر من 95 في المئة من هذه الورقة تمت الموافقة عليها من خلال مجلس النواب سابقاً. ومن خلال الحكومات السابقة في أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري وفي أيام الرئيس سليم الحص وجميعها متوافق عليها مع القيادات الأساسية في لبنان.

ولكن يبدو أن إرادة التعطيل هي موجودة دائماً, والشعبوية هي أيضاً موجودة أنا أقول من موقعي كممثل للشعب اللبناني, لا يجب أن يقبل الشعب اللبناني أية مساعدات جديدة من دون أية تعديلات على هذه الورقة الإصلاحية. نحن إن حصلنا على مساعدات من دون إجراء إصلاح داخلي فيعني ذلك أننا نضيف ديناً على دين ولن نتمكن من سداده في المستقبل يجب الإقرار والمضي بالمشروع الإصلاحي عندها يمكن أن تتحول هذه المساعدات إلى نعمة نتمكن من خلالها تخفيض الدين مع زيادة النمو وتخفيف أعباء الديون على لبنان.

يحمل عليكم الرئيس بري والمعارضة, عندما طلبوا تأجيل جلسة مجلس الوزراء لإقرار مسودة المحكمة الدولية سارع الرئيس السنيورة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء, ما أدى إلى استقالة الوزراء الشيعة وعندما استمهلكم مناقشة الورقة الإصلاحية جرى إقرارها من قبل الحكومة ولم يؤخذ بمطلبهم فاعتبروا ذلك خرقاً للدستور. لماذا لم يجرِ التوافق على هذه المواضيع قبل الوصول إلى هذه الأزمة وإغراق البلاد بالإضرابات والاعتصامات?

بالنسبة لموضوع المحكمة الدولية, المحكمة الدولية كانت جزءاً من الحوار وكان هناك موافقة جماعية عليها من ضمنهم السيد حسن نصر الله والأستاذ نبيه بري رئيس مجلس النواب. وأنا أعلم شخصياً من السيد حسن نصر الله خلال إحدى المقابلات أنه لا اعتراض له على المحكمة الدولية بأي شكل من الأشكال, لأنه يعلم من خلال الشروحات التي أعطيت له أنها لن تطال المسائل القديمة وهي محصورة بمسألة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ولكن لماذا نحن نشك بهذه المواقف, لأن الاعتراض الأول جرى لمجرد طرح مسألة المحكمة الدولية. في 12 ديسمبر 2005 اعتكف الوزراء التابعون ل¯»حزب الله« وحركة »أمل« ثم عادوا إلى الحكومة مع بداية مسألة الحوار. عندما دخلنا إلى الحوار اعتبرنا أن المحكمة الدولية أصبحت وراءنا وأن مسألة البنود سوف تحل في مجلس الوزراء بشكل عادي جداً. ما حصل من تجاذبات وتعليقات من قبل مسؤولين في »حزب الله« وبعض التابعين لرئيس الجمهورية بدأت تطرح علامات استفهام على مدى جدية »حزب الله« وحركة »أمل« وباقي الأطراف الأخرى التابعة لفريق 8 آذار والأطراف الملحقة بهم, أعني بالقول العماد ميشال عون عن مدى جديتهم في مسألة طرح المحكمة الدولية, لذلك عندما أتت البنود كان قد طلب عقد جلسة لمجلس الوزراء ومن خلال هذه الجلسة كان ممكناً للوزراء المستقيلين أن يتقدموا ويناقشوا هذه الورقة ويطرحوا هواجسهم ويطالبوا تأجيل إقرارها حتى يتمكن الأطراف اللبنانيين من دراستها ووضع التعليقات عليها وحينها لو أصرت الحكومة برئاسة الرئيس السنيورة والوزراء الباقين على الاستمرار والمضي في التصويت على هذه المحكمة من دون نقاشها كانت حجة المعترضين أقوى لينسحبوا من الحكومة لا أن يكونوا في موقع الضعيف.

ولكن نحن نعرف أن طريقة ارتباطاتهم العميقة والجدية مع النظام السوري لا تسمح لهم بشكل من الأشكال الموافقة على محكمة دولية من دون النظر عن التغيرات والتبديلات التي يمكن أن تحصل لهذه المحكمة فمجرد البدء في إقرار هذه المحكمة شكل إحراجاً كبيراً للنظام السوري, وهذا ما لا يرغب به حلفاء سورية في لبنان.

أما بالنسبة للورقة الاقتصادية فإن هذه الورقة كانت موجودة في الأساس ومعظم البنود تمت مناقشتها مع معظم الفعاليات داخل لبنان على مدى أربع أو خمس سنوات ماضية منذ "باريس-2" وحتى ما قبله ومعظم البنود أيضاً تمت الموافقة عليه من خلال مشاريع قامت بها حكومة الرئيس سليم الحص بين عامي 1998 و.2000 وكانت الورقة مطروحة وقد دعا الرئيس السنيورة الجميع إلى مناقشتها ولكن معظم الأطراف التابعة ل¯»حزب الله« وحركة »أمل« و"التيار الوطني الحر" اعتبروا أن هذه الحكومة غير شرعية فلا يحق لها مجرد طرح المسألة. هم قطعوا حلقة النقاش من خلال عدم اعترافهم بالحكومة. وبالنسبة للإتحاد العمالي فقد أعلنت الحكومة أنها دعت الإتحادات العمالية لنقاش هذه الورقة ولكنهم هم رفضوا أن يناقشوها ولكن تم نقاش هذه الورقة مع معظم الفعاليات الإقتصادية والاجتماعية داخل لبنان التي قبلت ولا تزال تعترف بالحكومة وهي الأكثرية.

»حزب الله« يتهمكم بأنكم كنتم منزعجين من دعوته إلى المملكة العربية السعودية, والرئيس بري يتهمكم باغتيال مبادرته الإنقاذية. فما هو تعليقك على هذه الاتهامات?

كل هذه الاتهامات غير مسندة إلى الحقيقة كجميع الاتهامات التي اعتادوا على رميها في الشارع, السيد حسن نصر الله وحزبه بعد فترة الحرب الأخيرة التي بدأت بسبب خطف الجنديين على الرغم من عدم إجماع اللبنانيين على مسألة هذه العملية... وفي مطلق الأحوال نحن نرحب بأي لقاء تقوم به المملكة العربية السعودية مع الأفرقاء اللبنانيين, لأننا نعلم من خلال التجربة مع المملكة العربية السعودية منذ نصف قرن من العلاقة مع لبنان, أن المملكة لا تسعى إلا الخير إلى لبنان فإذا طلبت الاجتماع مع أي طرف من الأطراف اللبنانيين فإن المسألة هي بالتأكيد لخير اللبنانيين, لذلك نحن نرحب بهذا الاجتماع وندعو الأخوة في »حزب الله« إلى الاقتداء بالنصائح التي أعطاها لهم خادم الحرمين الشريفين إذا كانوا يعتبرون أن هذه الزيارة مفيدة.

أما بالنسبة لمبادرة الرئيس بري فإن ما خرج منها فهو غير مقبول بالتأكيد, هو يقول أن هناك سلة من الأمور وما علمنا به هو مسألة التغيير الحكومي ونحن من الأساس لم نعترض على أي تغيير حكومي بناء على سلة من التغيير الكامل تبدأ برئاسة الجمهورية والمحكمة الدولية والأمور الأخرى المختلف عليها.. أما إذا كان رأس جبل الجليد الذي بينه الرئيس نبيه بري مبنياً على استقالة الحكومة وبناء حكومة مصغرة وفيها أقلية للأكثرية فهذا غير مقبول بالتأكيد ونحن متمسكون بالمبادرة التي بدأ بها السيد عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية والتي تعتمد على مبدأ لا غالب ولا مغلوب وهي أن تتخلى الأكثرية عن أكثرة الثلثين وأن تتخلى الأقلية عن أكثرية القدرة على تعطيل الحكومة بناء على تمسكها بالثلث زائد واحد. هذا هو الواقع الذي يمكن أن نعود به ونبدأ من جديد وطبعاً الاستمرار بمسألة نقاش المحكمة الدولية لا بأس من خلال اللجنة السداسية ولكن من غير الممكن أن نعود إلى نقطة الصفر والبحث في الأمور من جديد كأنها أتت اليوم. ونحن طلبنا منهم ما هي اعتراضاتكم وما هي تعليقاتكم على مسألة بنود المحكمة الدولية وهم رفضوا حتى البحث في هذا الموضوع, فأنا أعتقد ما يريدون أن يفعلوه هو الدخول في تسويف لا نهاية له حتى يمر الوقت ريثما يحدث وضع أقليمي جديد يدفع المحكمة في مهب الريح ويضعها في مجال النسيان, ولهذا نحن مصرون على دعم مبادرة السيد عمرو موسى وإذا كان هناك حل متكامل لأزمة الحكم الموجودة في لبنان يقوم به رئيس مجلس النواب السيد نبيه بري فما عليه إلا أن يدعو مجلس النواب إلى الاجتماع ليمارس مهمته كممثل اللبنانيين.

في الوقت الذي تتهمون به بالعمالة تارة لفيلتمان وتارة لأولمرت, تستمر الحكومة بدفع التعويضات على المتضررين في الضاحية وفي الجنوب, في وقت لم يقفل ملف المهجرين بسبب الشح المالي. كيف هذه المفارقة بين ما تقوم به الحكومة وما ترشق من اتهامات?

الحكومة تمارس واجبها وهي للمعارضين وللموالين على السواء ومسألة التعويضات هي للمواطنين وليست للسيد حسن نصر الله, لكنها بالطبع يمكن أن تكون لجمهور السيد نصر الله, هم مواطنون لبنانيون أما في مسائل السياسة حتى ولو استمر المعتصمون في الاعتصام بالنهار وقبضوا مستحقاتهم في الليل فهذا لا يعني شيئاً. يجب على الحكومة أن تعطي للناس حقوقهم حتى ولو كانوا من المعارضين.

أما مسألة المفاوضة مع فيلتمان فنحن منفتحون على التفاوض مع السيد حسن نصر الله ومع جميع أعوانه داخل المعارضة على الرغم من أننا نعلم أنه من الأحرى أن نتفاوض مع السيد علي خامنئي الوالي الفقيه بدلاً من المفاوضة معهم. لكن ليس هكذا تبنى الأوطان وليس هكذا تتم التسوية داخل الوطن, يمكن أن تساعد مع سعاة الخير من الأخوة والأشقاء ولكن بالتأكيد لن نلجأ إلى التصعيد مع العلم أن الحديث بالطريقة التي يعلنها السيد حسن نصر الله ما هي إلا للهروب من الاستحقاق الداخلي, وعليه أن يعود إلى طاولة الحوار مثلما فعل سابقاً وأن نخرج جميعاً من الالتزامات الخارجية.

إلى متى يستمر الاعتصام ومصادرة أملاك الناس والأملاك العامة? وهل ثمة خطة لدى الحكومة لوقف هذه التجاوزات?

لا شك أن ما يقوم به »حزب الله« من حركة داخل الشارع هو مخالف للقانون بكل معنى الكلمة. وأنا أعتقد أنه في أي بلد حر وربما بلد غير حر لا يمكن مصادرة الأملاك العامة بالشكل الذي يقوم به »حزب الله« ولكن للأسف فإن المفارقات الداخلية والهجمة الشعبوية التي يقوم بها هذا الحزب تعني أن أية حركة لتنفيذ القانون في هذه المنطقة قد تؤدي إلى صدام مع المواطنين وربما »حزب الله« يرغب بأي نوع من هذا الرد حتى يتمكن من تبرير لجوئه إلى أعمال أكثر عنفاً وأكثر عداء. لذلك على الرغم من رغبتي أن أرى ساحة رياض الصلح متحررة من الخيم المرسلة كهبات للبنانيين لتكون مساكن بديلة لهم عن منازلهم المدمرة أن تحرر من هذه الخيم في وقت قريب. وأنا ضد أن تقوم الدولة بأية حركة يكون فيها نوع من العنف تجاه المواطنين المعتصمين حتى لا يؤدي ذلك إلى الصدام وإلى سقوط دماء لبنانية حتى ولو كانت معارضة وأنا لا أقبل أبداً إعطاء أي مبرر للصائدين في المياه العكرة وبالذات »حزب الله« وأعوانه كي يصعدوا حركتهم.

ما هو تفسيرك لهذه العاطفة السنية التي تجلت في محافظة الشمال دعماً للحكومة وفي مناطق نائية من البقاع وعلى الحدود اللبنانية-السورية, هل هذا الفرز المذهبي أدى إلى هذه العاطفة?

أولاً هناك مسألة أساسية أن أبناء الشمال بشكل أساسي وسنة لبنان بشكل عام وسنة العالم العربي وفي العالم أجمع كانت خلال الحرب مؤيدة للمقاومة التي يقوم بها »حزب الله« والشعب اللبناني بشكل عام لمقاومة العدوان الإسرائيلي, لأن الناس هم مع المظلوم ضد الظالم. نفس هذا الشعور برز عند المواطنين تجاه الرئيس فؤاد السنيورة واعتبروه مظلوماً من خلال الاتهامات الباطلة التي وجهت إليه من قبل »حزب الله« وأمينه العام حسن نصر الله وكان انتصار بشكل أساسي لأنهم شعروا بأن هنالك ظلماً لحق بالرئيس فؤاد السنيورة. أما عن المسألة المذهبية, فلا شك أن التطور المذهبي السائد ضمن المنطقة والوضع القائم في العراق وبروز مؤشرات واضحة برغبات النظام الإيراني تعميم مسألة ولاية الفقيه خارج حدود إيران ضمن العراق وضمن لبنان وربما في سورية بشكل من الأشكال وربما الامتداد شرقاً أكثر إلى أفغانستان وباكستان من خلال خلق نوع من الأممية المذهبية لولاية الفقيه, هو أيضاً في وعي سنة لبنان وسنة المنطقة وهم ليسوا عدائيين ضد هذا المشروع لكنهم لا يرغبون أبداً أن يفرض على مناطقهم بالقوة. وما يريدونه التعايش مع مختلف المذاهب بشكل حر دون أن يفرض أي منهم رأيه على الآخر. هذه العاطفة هي بالأساس موجهة بشكل أساسي لنصرة المظلوم ولا لعدم الرغبة في أن يفرض أي طرف من الأطراف الداخلية أو الأطراف الخارجية رغبته على اللبنانيين بشكل عام.

إيران تحاول الدخول إلى الساحة من خلال »حزب الله« في لبنان ومن خلال النظام العلوي في سورية ومن خلال "حماس" في فلسطين وربما من خلال الأخوان المسلمين في مصر. هل نحن أمام تقديرات إيرانية بإعادة أمجاد الدولة الفارسية, بمعنى أن ينتهي الحكم السني ويبدأ النفوذ الشيعي بالانتشار في هذه المنطقة? وأين أصبحت مقارعة أميركا في لبنان?

في موضوع مقارعة أميركا في لبنان أعتقد لو كان هناك جدية للنظام الإيراني لمقارعة أميركا بشكل مباشر فالمجال مفتوح بشكل كبير داخل العراق وعلى الحدود مع العراق ويمكنهم أن يقوموا بواجباتهم الاستشهادية وأنا لا أدري لماذا يختارون الساحة اللبنانية. أما بالنسبة للعودة إلى المشروع الإيراني فأعتقد أنه يتعدى ذلك أيضاً ولا شك أن الأحلام بإعادة قيام الإمبراطورية لا تزال في ذهن الإيرانيين على مدى التاريخ من قبل كانت الإمبراطورية الفارسية وخلال فترة الإسلام كانت هنالك الحركات الشعبوية وكانت الفاطمية الإسماعيليين. وكانت هناك محاولات دائمة للعودة ولكن المشروع أصيب بنكسة كبرى بعد أن قضت الدولة المملوكة على معظم أحلام هذه الفئة وأنا هنا أقف موقفاً محايداً ولا أريد أن أكون مع مشروع ضد الآخر ولكن أنا أعتقد أن ما حرك المشروع الآن هو أكثر من مسألة الحلم بالإمبراطورية, وهناك قناعة لدى جزء من القيادة في إيران أنه وقت الظهور وأعتقد من خلال الكثير من التصريحات والكثير من الأدبيات أن جزءاً من القيادات داخل إيران تعتبر أنه وقت التحضير لعودة المهدي وربما هذا ما يدفع الكثيرين من التقدم وتسريع الخطى من خلال إعداد خطوات غير محسوبة استعداداً لهذا الظهور ليس للآدميين أي دور في هذا المشروع فهو مشروع إلهي ومدعوم من القوى الإلهية بحسب قناعاتهم وهذا ما يدفعهم بعض الأحيان إلى التهور من دون حساب للمخاطر وللتضحيات التي يمكن أن تحدث لأن باعتقادهم ينفذون مشروعاً معصوماً وإلهياً وهذه الخطورة في هذا المشروع وهذا الوضع قد يؤدي إلى عدم وجود حلول غير عنيفة لإنهاء هذه الأزمة.