مقابلة مع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني/السياسة/25 نيسان/اضغط هنا

قباني: اتهام المعارضة للأغلبية بإثارة الفتن والإخلال بالأمن مغالطة وقلب للحقائق/ أن الذين يهددون بالمواقف التصعيدية سيوصلون البلد إلى اقتتال داخلي/ أن استقالة نواب المعارضة سيدخل لبنان في مشكلة أكبر وأعظم/أن الاعتصام في وسط بيروت غير قانوني وغير منطقي ولا دستوري/ المجرم ينبغي أن يمثُل أمام المحكمة أياً كان, والأحكام العادلة ينبغي أن تصدر على من يثبُت عليه الجرم/العصيان المدني الذي تلوح به المعارضة من وقتٍ لآخرهو تهديد مباشر للسِّلم الأهلي/ القمة الروحية الإسلامية ممكنة في أي وقت, وكذلك القمة الروحية اللبنانية الإسلامية -المسيحية ممكنة/

 

مفتي لبنان أشاد عشية زيارته البلاد بعزيمة وتفاني سمو الأمير في خدمة الإسلام والكويت

الشيخ محمد رشيد قباني لـ "السياسة": هناك قرائن عدة على إمكانية حصول اتفاق طائف جديد

بيروت - من عمر البردان: السياسة 25/4/2007

 

أشاد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني بعزيمة وجهد وتفاني وإخلاص صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح في خدمة الكويت وشعبها الشقيق وحريته ونهضته وتفوقه, لافتاً إلى أن زيارته المقررة للكويت هذا الأسبوع هدفها المشاركة في مؤتمر وقفي مهم تعقده وزارة الأوقاف الكويتية, وقد أحيت الكويت سنة الوقف في الإسلام لخدمة الدين والمجتمع, مشيداً بنجاح وزارة الأوقاف بهذا المشروع بفضل الله عز وجل ثم جهود صاحب السمو أمير البلاد.

 

وفي معرض حديثه إلى »السياسة« التي زارته في منزله في تلة الخياط اعتبر قباني أن اتهام المعارضة للأغلبية بإثارة الفتن والإخلال بالأمن مغالطة وقلب للحقائق, مشيراً إلى أن الذين يهددون بالمواقف التصعيدية سيوصلون البلد إلى اقتتال داخلي, لافتاً إلى أنه إذا عملت المعارضة من خلال المؤسسات الدستورية فلن يكون هناك مجال لأي يد غريبة للعبث بالبلاد.

 

وشدد قباني على أن استقالة نواب المعارضة سيدخل لبنان في مشكلة أكبر وأعظم, معتبراً أنه إذا ما أقدموا على هذه الخطوة فإن النتيجة سترتد عليهم وستبقى الحكومة شرعية ودستورية, مؤكداً أن الوقوف في وجه المحكمة وعدم إعطاء الملاحظات عليها والإصرار على الثلث المعطل ذرائع لفرض حلول لتغييرات في النظام اللبناني والانقلاب عليه.

 

وقال المفتي أن إصرار المعارضة على التصعيد يحول دون تقدم الحلول, معتبراً أن الاعتصام في وسط بيروت غير قانوني وغير منطقي ولا دستوري, سائلاً إذا ما تعذر إقرار المحكمة في مجلس النواب فهل تضيع المسؤولية في الجريمة, مشدداً على أن المتورطين في الجريمة يجب أن يحاكموا ولماذا الخوف من ذلك.

 

واشار إلى أنه إذا كان إقرار المحكمة تحت الفصل السابع يهدد أمن لبنان, فلماذا لا تقر في مجلس النواب, وما الضير إذا كان هناك اتهام لأي كان.

وأكد قباني أن اتهامات المعارضة بحق رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تعقد الأزمة ولا تدع مجالاً للحل وليست مقبولة من الدستور ولا من النظام ولا من القانون ولا من أغلبية اللبنانيين, لافتاً إلى أن اختيار المعارضة المواجهة السياسية خارج المؤسسات هدفه تأزيم الأمور وفرض الرأي والتلويح بتهديد السلم الأهلي..... وفي مايلي نص الحوار مع المفتي قباني :

 

في ظل هذا الجو المحموم وبعد تعثر مهمة المبعوث الدولي, إلى أين برأيكم تسير البلاد وهل نحن نعيش هدوء ما قبل العاصفة?

لو كان هناك حوار حقيقي وإرادة للتوصل إلى حل وتفاهمٍ مشترك لتقدَّم الأمر قليلاً أو كثيراً, ولكن إصرار المعارضة على التصعيد دون أخذ بالاعتبار للعمل السِّياسي من خلال المؤسسات الدستورية بل والاستقالة منها اذا لم يؤخذ بمطالبها, هو الذي يحول دون التقدم على صعيد الحلول, ولَولا ذلك لتقدمنا كثيراً خلال الشهور الماضية.

فالمحكمة ذات الطابع الدولي الخاص تضم ثلاثة قضاة لبنانيين واربعة دوليين, ورغم ذلك تجد المعارضة لا تصرح برفضها لكن تقول بأنَّ لها ملاحظاتٍ عليها وترفض في نفس الوقت إبداء هذه الملاحظات وتعريف الناس بها, هذا غير منطقي, فكيف يمكن أن يكون هناك تقدم على هذا الصعيد. وكذلك الاعتصام المستمر في وسط العاصمة التجاري وحَولَ مقَر رئاسة مجلس الوزراء هو من العُقَد السياسية, هذا الاعتصام غير منطقي ولا عقلاني ولا قانوني ولا شرعي ولا دستوري, ولا تسمح به أو بمثله دولة من دول العالم إلا لساعاتٍ في النهار, فكيف يدوم لاشهر طوال والمعارضة تهدِّد ببقائه لسَنوات, وإذا كانت الدولة بصبرها لا تريد أن تنهي هذا الاعتصام المستمر لأنها بحكمتها الأمينة على حفظ الأمن والنظام والسلامة العامة وعدم تعطيل الحياة العامة والاقتصادية في البلاد, الأَمر الذي يَمَس مصالح الناس والشعب والمجتمع وخاصةً في الوسط التجاري للعاصمة, فهل يُقابل موقف الحكومة الحكيم بالتمادي والإصرار على إقفال الوسط التجاري للعاصمة وإرباك الوضع الاقتصادي العام في البلاد نتيجةً لهذا الاعتصام, وكيف يريد هؤلاء أن يقتنع اللبنانيون بأنهم سيَسوسونَ البلاد باحترام. هذا الاعتصام سبَبٌ آخر لعدم التقدم في حلول للمشكلات في البلاد.

إن موعد انتخاب رئيس للجمهورية يقترب يوماً بعد يوم وينتهي على أبعد توقيت في شهر سبتمبر المقبل من هذه السنة أي بعدَ خمسة أشهر, ويمكن أن يحصل قبل ذلك إذا جرَت الانتخابات في جَوٍ من الوفاق, ونأمل في هذا المجال أن لا تمتد العقد السياسية إلى هذا الانتخاب, فستجري في موعدها وحسب الأصول الدستورية لتكون مناسبة لحلول جدية لإنهاء الأزمة في البلاد.

 

هل تعتقد أن تمسك المعارضة بالملاحظات التي تتحدث عنها الهدف منها التعمية على المجرمين والدفاع عن المتورطين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري?

لا أستطيع الجَزمَ بذلك, ولكن لماذا التصريح بالملاحظات على المحكمة الدولية.. إن إبداء الملاحظات سوف يفتح باباً لمعرفة المراد والوصول إلى نتائج بدلاً من تجميد الأزمات وتفاقمها.

 

إقرار المحكمة الدولية عبر الفصل السابع, هل في طياته مخاطر على لبنان كما تقول المعارضة, أم أن ما تقوله هو مجرد تهويل برأيكم?

نحن نأمل بأن تُقَر المحكمة ذات الطابع الدولي الخاص في المجلس النيابي اللبناني, وإذا تعذر ذلك فهل تضيع المسؤولية في هذه الجريمة.. المجرم ينبغي أن يمثُل أمام المحكمة أياً كان, والأحكام العادلة ينبغي أن تصدر على من يثبُت عليه الجرم, سواء كان باتخاذ القرار أو بالتخطيط أو بالإعداد وبالتنفيذ, فلماذا الخوف وإذا كان هناك تهديدٌ بأن إقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع سوف يهدد أمن البلاد, فأنا أعود وأسأل: من الذي يهدد من ولماذا يهدد ولماذا لا تترك الأمور فلا تُقَر في المجلس النيابي وما الضير إذا كان هناك اتهام لأي كان, وكان للمتهم محاموه الذين يدافعون عنه في مواجهة الاتهام, فالمحكمة لا تحكم إلا بالأدلة, وكل متهم سوف يكون له المحامون الذين يدافعون عنه في مواجهة هذا الاتهام.

 

نلاحظ في الفترة الأخيرة ارتفاع وتيرة الهجوم على الرئيس فؤاد السنيورة, خاصةً من جانب "حزب الله", فهناك تصريح أخير وصف رئيس الحكومة والوزراء بأنهم محتلون للسراي, في المقابل نجد الاعتصام في وسط بيروت منذ ما يزيد عن الخمسة أشهر, برأي سماحتكم ما هي خلفيات هذا التصعيد وإلى ما يهدف استمرار اللهجة , ألا تخشون من حصول مضاعفات من جراء هذه الأعمال?

هذا التحدي يعقد القضايا أكثر فأكثر ولا يدع مجالاً للحل, لأن كل هذه الاتهامات إذا كانت مقبولة عند من يقولون بها فهي غير مقبولة لا من الدستور ولا من النظام ولا من القانون, ولا من أغلبية اللبنانيين, وهذا يعني أن المعارضة تريد أن تفرض حلولها, في حين تستطيع أن تعبر عما تريد وهي حرة في ذلك داخل الحكومة وفي المجلس النيابي, وحينما تختار المعارضة المواجهة السياسية خارج المؤسسات الدستورية في الشارع فإن ذلك يضعها في موضع من يكون سبباً في تعقيد الأمور وفرض الرأي, بل والتلويح بتهديد السِلم الأهلي, وما معنى العصيان المدني الذي تلوح به المعارضة من وقتٍ لآخر, وهو تهديد مباشر للسِّلم الأهلي, وما معنى التهديد من وقتٍ لآخَر باقتحام السراي?

 

ومن الذي يُخل بالأمن فيما لو حصل اقتحام السراي?

هل الأغلبية هي التي ستُخل بالأمن أم المعارضة التي ستقتحم السراي إن خيار الشعب دائماًً هو الدولة, وخيار الشعب هو الحكومة التي تضم جميع اللبنانيين من جميع الطوائف اللبنانية, واختيار وزراء المعارضة الخمسة الاستقالة من الحكومة لا يسقط دستوريتها ولا شرعيتها وهو الأمر الذي أدخل البلاد في هذه المعضلة وفي هذا النفق المظلم, لماذا لا تمارس المعارضة حقها الدستوري من خلال المؤسسات الدستورية في الحكومة والمجلس النيابي ولماذا تختار الشارع ثم تتهم الأغلبية بأنها هي التي تثير الفتن أو تُخل بالأمن? هذه مغالطة وقلبٌ للحقائق.

 

هل ترى أن هناك من يلعب بالنار ويحضر لمشروع تقاتل داخلي?

لا أستطيع أن أجزم بذلك ولكن أستطيع أن أقول بأن الذي يهدد ويلوح بالمواقف التصعيدية قد يوصلنا إلى هذه النتيجة وربما يتيح ذلك ليد ثالثة لا تريد الخير للبنان لتفتعل فتنةً للإيقاع بين اللبنانيين, ولو بقيت المعارضة على مواقفها وهي حرة في ذلك ولها ذلك, وعملت من خلال المؤسسات الدستورية فلن يكون هناك مجال لأي يد غريبة تستغل الفرص لتعبث في البلاد.

نواب المعارضة يهددون بالاستقالة, ما هي محاذير هذه الاستقالة برأيكم, وهل هم جديون في طرحهم هذا?

من الممكن أن يستقيلوا, وإذا استقالوا لا يعودون نواباً وتبقى الحكومة شرعية ودستورية, وهي التي تدعو للانتخابات, وباستقالتهم يكونوا قد عطلوا دورهم, والنتيجة السلبية في ذلك تعود على المعارضة ذاتها, وربما هذا الأمر هو الذي يجعل نواب المعارضة لا يقدمون على هذه الخطوة مع أن الإقدام عليها خطير ويدخل البلاد في مشكلةٍ أكبر وأعظم.

 

هناك مخاوف من نشوب حرب جديدة في الصيف بين "حزب الله" وإسرائيل, ما رأيكم في ذلك?

نحن نقرأ عن ذلك في الصحف, وليس في مقدور أحد أن يعلم ما سيكون, والذي يبشرنا بصيفٍ حار في الصحف والمقالات والتحليلات هو أعلم بهذا الأمر لأنه كلامه.

 

كان هناك حديث عن قمة إسلامية- مسيحية, لماذا تأخرت هذه القمة وهل هناك من تباينات بالنسبة للأوضاع الداخلية تحول دون عقد القمة?

القمة الروحية الإسلامية ممكنة في أي وقت, وكذلك القمة الروحية اللبنانية الإسلامية -المسيحية ممكنة, وقد جرى معنا تشاور في عقد قمة روحية إسلامية- مسيحية اخيرا أيهما أفضل الاجتماع للقمة أو إصدار وثيقة باسم المراجع الدينية الروحية الإسلامية والمسيحية يوقعونها جميعاً? ولعل الطريق إلى إصدار وثيقة يوقع عليها جميع الرؤساء الدينيين الروحيين في لبنان أقرب ويأتي معبراً عما ينبغي أن يكون لإصلاح الأمور في لبنان, لأن وثيقةً موقعةً من الرؤساء الروحيين أمرٌ مهمٌ للغاية في خضم تعقيد الأمور والوضع المتفاقم في البلاد.

 

هل تعتقدون أن المجال ما زال مفتوحاً بعد الذي جرى باستئناف الحوار الداخلي على أن يتوج بمصالحة ترعاها المملكة العربية السعودية?

كل شيء ممكن, لأن عدم انعقاد جلسات الحوار وحتى المواقف التصعيدية لا تحول دون اجتماع اللبنانيين في أي وقت إذا كان هناك إرادة لحلول حقيقية تحفظ المصلحة الوطنية وتجنب البلاد الأخطار الداهمة.

 

بدأنا نسمع بإمكانية حصول طائف جديد فما رأيكم في ذلك?

هناك قرائن عدة على ذلك, ولذلك قلت بأن الوقوف في وجه المحكمة ذات الطابع الدولي الخاص وعدم التصريح بالملاحظاتٍ حولها, والإصرار على الثلث المعطل في حكومة جديدة, والتلويح بافتعال مشكلة حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية, كل ذلك ذرائع لتصعيد الأمور أكثر فأكثر لمحاولة فرض حلول ليس للمشكلات العالقة بل تغييرات في النظام اللبناني برمته وتعديله أو الانقلاب عليه.

 

ماذا عن زيارتكم المُقبلة لدولة الكويت?

زيارتي لدولة الكويت الشقيق للمشاركة في مؤتمرٍ وقفي مهم تعقده الأمانة العامة لوزارة الأوقاف الكويتية, وقد أحيَت الكويت سُنَّة الوقف في الإسلام التي تتيح حبس الأملاك والأموال لإقامة مؤسسات دينية وعلمية واجتماعية وتعليمية وصحية وتنموية متنوعة لخدمة الدين والمجتمع, ووزارة الأوقاف الكويتية هي القائمة على هذا المشروع الحضاري ونجحت فيه بعون الله تعالى, والفضل في ذلك أولاً هو لله عزَّ وجل الموفقُ لكل خير, ثم لأمير البلاد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله وهو العامل بكل عزيمة وجهدٍ وتفانٍ وإخلاص في خدمة الكويت وشعبها الشقيق وحريته ونهضته وتفوقه, ثم لإرادة الشعب الكويتي في بناء ونهضة بلاده.