مقابلة من السياسة مع المفكر اللبناني الشيعي لقمان سليم

لقمان سليم/أن مشروع الفراغ في لبنان بدأ مع استدراج إسرائيل إلى حرب تموز/حزب الله" يمارس حرب عصابات سياسية ميشال عون قام بحرق كل أوراقه ولم يبق أمامه سوى التعنت كالعادة, لأنه حشر نفسه في زاوية ولم يعد بوسعه إلا العمل على أحادية القيادة, وعلى عسكرة العقول ليصبح طموحه فقط أن يكون هو حسن نصر الله عند الموارنة/هناك حالة استنفار وقلق في الوسط الشيعي/ الطائفة المارونية تملك من المضادات ما لا يسمح لعون بخطفها/عون أصبح رهينة بكل معنى الكلمة مادياً ومعنوياً لحليفه "حزب الله/عون أصبح الصورة التي تظهر النيجاتيف لمشروع حزب الله/جماعة سورية وإيران في لبنان لا يريدون إلا الحل الذي يرضي مصالحهم/حزب الله الذي يتقن حرب الاستنزاف يسعى إلى كسب الوقت/

 

 بيروت ¯ صبحي الدبيسي: السياسة

25 كانون الأول 2007

 

اعتبر المفكر السياسي لقمان سليم أن ما يجري في لبنان هو حلقة في سلسلة بدأت مع صدور القرار 1559 الذي كرس التحول في الموقفين الأميركي والأوروبي من الوجود السوري في لبنان وما تلاه من اغتيالات استكمالاً لمسار التأزم منذ عامين ونصف العام.

 

ورأى سليم أن مشروع الفراغ في البلد بدأ مع »استدراج« إسرائيل لحرب تموز, وأن جماعة سورية وإيران في لبنان لا يريدون إلا الحل الذي يرضي مصالحهم, مشيراً إلى "استحقاقين يجري العمل بموجبهما, الأول قصير الأجل ويقول ب¯"أنابوليس-2", والثاني بعيد الأجل ويتمثل بانتظار نهاية ولاية الرئيس بوش", واعتبر أن حزب الله الذي يتقن حرب الاستنزاف يسعى إلى كسب الوقت", مبدياً خشيته من إطالة فترة التوصل إلى الصيغ والآليات, لأن ذلك سيؤدي إلى وصول العماد سليمان منهكاً إلى سدة الرئاسة.

 

وأكد سليم أن العماد ميشال عون قام بحرق كل أوراقه, ولم يبق أمامه سوى التعنت كالعادة, لأنه حشر نفسه في زاوية ولم يعد بوسعه إلا العمل على أحادية القيادة, وعلى عسكرة العقول, ليصبح طموحه فقط أن يكون هو حسن نصر الله عند الموارنة, لكن الطائفة المارونية تملك من المضادات ما لا يسمح للعماد عون بخطفها, مشيراً إلى أن الأخير أصبح الصورة التي تظهر "النيجاتيف" لمشروع "حزب الله".

 

ورأى سليم "أن الرئيس بري بدا حائراً بين أن يكون سفيراً للمعارضة في المفاوضات, أو أن يكون رئيساً لمجلس النواب, لافتاً إلى وجود حالة استنفار وقلق في الوسط الشيعي.

 

واعتبر سليم أن الحل لا يكون بالانتخابات ولا بالبيانات الوزارية, بل بكيفية اجتراح نظام سياسي يحفظ التعدد اللبناني بصرف النظر عما يحدث على مستوى الأرقام".

وفي ما يلي نص الحوار:

 

  كيف تصف المرحلة الراهنة من التأزم السياسي والتعطيل المتعمد للاستحقاق الرئاسي?

  ما يجري هو حلقة في سلسلة بدأت تحديداً في خريف 2004 مع صدور القرار 1559 الذي كرس التحول في الموقف الأميركي ¯ الأوروبي من الوجود السوري في لبنان, والعلاقة مع النظام السوري التي تتابعت فصولاً, بداية, مع محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة مروراً باغتيال الرئيس الحريري, وصولاً إلى اليوم المشهود في 14 آذار, ثم التراجع الذي اعتبر تكتيكياً في عيون أصحابه, والذي ثبت أنه لم يكن تكتيكياً على الإطلاق, والذي تمثل بالحلف الرباعي, أي محاولة البناء على حسن الظن, أو إذا جاز التعبير على لبنانية "حزب الله", ثم ما شاهدناه من استكمال لمسلسل الاغتيالات, وما تلاه من تعطيل واستدراك لبنود طاولة الحوار الوطني, مروراً بحرب الصيف الماضي, وانسحاب الوزراء الشيعة, وما يسمى الاعتصام الذي لا يعدو كونه عقوبة جماعية تفرضها جماعة سورية-إيران على اللبنانيين, وصولاً إلى تعثر انتخاب الرئيس العتيد... إن ما يجري اليوم هو استكمال منطقي لمسار التأزم الذي بدأ منذ عامين ونصف العام, ولو دخلنا إلى التفاصيل أكثر, وتناولنا موضوع الرئاسة, فيجب علينا ترتيب الأمور بالشكل التالي:

 من وجهة نظر "حزب الله" وجماعة سورية وإيران في لبنان, إما أن نتفق على أنهم يريدون الفراغ ويريدون عن طريق الفراغ تحسين شروطهم وشروط التفاوض بالنيابة عن معلميهم, أو أن مشروع تعطيل البلد الذي بدأ منذ أشهر, أي مع استدراج الإسرائيليين لشن حرب تموز والذي لم يكن له أي مبرر, أملك قناعة أن جماعة سورية وإيران في لبنان لا يريدون إلا الحل الذي يرضي مصالحهم, وفي الوقت الذي يرونه مناسباً.

 

حرب استنزاف

  برأيك هل تسعى المعارضة لإبقاء الوضع على ما هو عليه, لحين اقتناص الفرص الملائمة لتنفيذ مخططها?

  أعتقد أن هناك استحقاقين على الأقل, واحد قريب وآخر بعيد يرتبط بخط أحمر في الأجندة السورية.

الأول يقول ب¯"أنابوليس-2" وهو الأجل القصير, واستحقاق آخر بانتظار انتهاء ولاية الرئيس الأميركي بوش, وانتهاء ولاية الإدارة الأميركية الحالية, وهذا يعني أنهم بمقدار ما يستطيعون كسب الوقت, سيستمرون بحرب الاستنزاف, لأن "حزب الله" يتقنها, ويمارس حرب عصابات سياسية, وحرب استنزاف على المدى الطويل, حتى لو لم يحقق فيها انتصارات حاسمة, فهو ينهك الخصم ويضطر إلى القتال التراجعي, وهذا ما نراه الآن من جهة 14 آذار ومن الجهات الداعمة لها. وفي النهاية يجب الاعتراف أن ستراتيجية الاستنزاف, وحرب العصابات على المستوى السياسي تؤكد أن "حزب الله" نجح فيها إلى حد بعيد.

وهناك أيضاً فصل ثالث يتعلق بالانتخابات الرئاسية بالمعنى الحرفي, اليوم الجميع متفق على مستوى الشعار بأن المرشح التوافقي هو العماد ميشال سليمان, ولكن يجب أن نعترف أن الإجماع حول العماد سليمان, ليس إجماعاً عفوياً, أخشى أن تطول فترة التوصل إلى الصيغ والآليات, لأن ذلك سيؤدي إلى وصول العماد ميشال سليمان منهكاً إلى سدة الرئاسة, ولقد أعلن قائد الجيش أنه يرفض الشروط المسبقة ولا يمكنه أن يقدم أي وعد لأي كان, ولكن بالمقابل يبدو بشكل واضح أن لحظة الانتخاب لن تكون إلا بعد إتمام صفقات ما... ومهما قلنا أن العماد سليمان هو الرجل المناسب اليوم, يجب أن نعترف أن اختيارنا لشخص عسكري للمرة الثانية على التوالي, هو من قبيل الفشل السياسي ل¯14 آذار وما بعد 14 آذار, وهو جزء من فشل الحياة السياسية اللبنانية, وهذا من باب الموقف المبدئي, لأن العسكر يتعاطى بشؤون العسكر وليس بالضرورة أن من ينجح في السلك العسكري, أو في إدارة الشؤون العسكرية, أو في إدارة معركة, قد ينجح في  إدارة البلد, وإلا سنعتبر أن الطبيب قد يصلح لأن يكون مهندساً.

 

لا نضمن النظام السوري

  ماذا يمكن للحلف الإيراني-السوري أن يستفيد من "أنابوليس-2" ومن تغيير الإدارة الأميركية, هل ستتغير سياسة واشنطن تجاه المنطقة?

بالنسبة لما نسميه الحلف السوري-الإيراني, يبدو واضحاً أن هذا الحلف أكثر تماسكاً مما نظن, وما نراه أن النظامين السوري والإيراني يسيران على نفس الخط رغم التباينات الصغيرة, والرسائل التي حاول السوريون إرسالها للأميركيين, إن من باب الاشتراك ب¯"أنابوليس" أو من باب عدم السماح للفصائل الفلسطينية بالذهاب إلى طهران, ولكن من الواضح أن ذهاب السوريين إلى أنابوليس, فتح باباً يستفيد منه السوري والإيراني على الساحة اللبنانية, لتمديد الأزمة, وعندما نقول تمديد الأزمة يعني إطالة فترة الابتزاز. تاريخياً, عمل النظام السوري على سياسة تحييد نفسه أحياناً, عند هبوب العواصف بانتظار أن تهدأ, وهذا هو الشيء الذي قام به في لبنان في الفترة الأخيرة, وللأسف فإن هذا التحييد وهذا الانكماش السوريين, رافقهما هجمة ود أوروبية مبالغ بها. اليوم, عاد السوريون وأثبتوا أنفسهم كقوة قادرة على تأمين الاستقرار, في لبنان, وفي العراق. ولكن هل يعني هذا أن هناك تحولاً جذرياً سيطرأ على السياسة السورية, وأن النظام السوري لن يعود إلى دعم الإرهاب في العراق, وإثارة المزيد من القلاقل في لبنان? برأيي لا توجد لدينا أية ضمانة. حتى انتخاب رئيس للجمهورية, وعندما نقول انتخاب رئيس للجمهورية, نقول بملء مقعد شاغر فقط لا غير, ومحاولة تطبيب الجرح الماروني الرمزي. من المؤكد أن الإدارة الأميركية مع مطلع السنة المقبلة ستدخل في فترة الانتخابات, وسوف تتراجع السياسة الأميركية في المنطقة لمصلحة الهم الانتخابي, وبعد ذلك إن لم يكن التحول في السياسة, سيكون في الأسلوب.

 

  إذا كانت هذه مصلحة "حزب الله" ومن خلفه التحالف السوري-الإيراني, ما هي مصلحة العماد عون من تعطيل الاستحقاق الرئاسي?

بتقديري أن الجنرال عون قام بحرق كل أوراقه. لقد حشر نفسه في الزاوية, وأنا أعتبر أن لا مصلحة له بذلك, ولكن ربما بالعودة إلى الماضي, يمكنني أن أفهم كيف يسعى الجنرال عون إلى ارتكاب حماقة اليوم, وهنا لا يسعنا إلا أن نتذكر كيف أصر عون بعد »معركة سوق الغرب« في الأول من اغسطس 1989 والتي رافقها اجتماع جيمس بيكر وسعود الفيصل, معتبراً أنه قد ينتصر عسكرياً و»يكسر رأس حافظ الأسد«, لذا لست مندهشاً لأن هذا الشخص الذي تصرف بهذا الشكل في العام ,1989 ليس غريباً أن يتصرف على هذا النحو في العام 2007 .

 

  لماذا يشترط عون توقيع اتفاق ثنائي مع سعد الحريري?

إن سياسة العماد عون تقوم على التالي: كما وقع على وثيقة تفاهم مع "حزب الله", يريد أن يوقع ما يشبه التفاهم مع "تيار المستقبل" بشخص النائب سعد الحريري, كي يقوم عملياً بإلغاء سياسي لكل الأطراف المسيحية, وهذا يؤكد أن ميشال عون أصبح متأثراً بثقافة "حزب الله" على أحادية القيادة وعلى عسكرة العقول, لدرجة أن طموحه أصبح فقط أن يكون حسن نصر الله عند الموارنة, ولكن لحسن الحظ, تملك الثقافة السياسية المارونية من المضادات الحيوية موضوعياً, ما لا يسمح للجنرال عون بخطف الطائفة المارونية.

 

عون يسعى إلى »المثالثة«

  هل تعتقد أن عون يسعى إلى »المثالثة« في الحكم, تمهيداً لإلغاء اتفاق "الطائف" الذي لم يوافق عليه أصلاً هو و"حزب الله"?

ما يستشف هو أن الجنرال ومن حوله يقبلون بالمثالثة, ويقبلون للموارنة بما هو أقل من المثالثة, لأن عون أصبح رهينة بكل معنى الكلمة مادياً ومعنوياً لحليفه "حزب الله", وهو يحاول أن تكون مواقفه متناسقة تماماً مع موقف الرعاة الإقليميين, ولربما فإن مطالبة عون بالفيدرالية هي ما يخفيه "حزب الله", لأن عون أصبح الصورة التي تظهر "النيغاتيف" لمشروع "حزب الله".

 

  كيف تقرأ تعاطي رئيس المجلس نبيه بري في موضوع الاستحقاق, وهل يتصرف كرئيس للسلطة التشريعية أم كممثل للمعارضة?

"حزب الله" لم يضع يده على بعض المناطق جغرافياً فقط, ولكنه احتل جمهور حركة "أمل", وبتقديري فإن ما شاهدناه من تحركات للرئيس بري في الفترة الأخيرة تفسر عملياً عمق وضع اليد, لأن الرئيس بري بدا حائراً بين أن يكون سفيراً للمعارضة في هذه المفاوضات, أو أن يكون رئيساً لمجلس النواب. هو يسعى إلى حل ولو على مستوى الشكل, لحفظ ماء وجه النظام اللبناني, وبين الضغوطات التي وضعت أمامه والتي جعلت مساعيه تفشل, وجعلته يبدو حسب وصف الإمام علي (لا رأي لمن لا يطاع). وفي النهاية يتوقف الأمر على الرئيس بري, وعملياً سأقول أكثر بصرف النظر عن الانتقاد لحركة "أمل" كشريك في احتكار القرار الشيعي, المطلوب من الرئيس بري اليوم موقف تاريخي يفتح معه أفق عودة الشيعة إلى لبنان الدولة والمؤسسات.

 

هل يستطيع الرئيس بري أن يفعل ذلك برأيك?

أنا لا أعرف إذا كان يستطيع, ولكن هذا من مسؤوليته, ليس بصفته رئيساً لمجلس النواب, ولا بصفته رئيساً لحركة "أمل", أنا أنظر إلى نبيه بري السياسي الذي أفرز حراك الطائفة الشيعية في الستينات والسبعينات, أريد أن أرى فيه مجدداً عاموداً من أعمدة النخبة السياسية التي أفرزها الحراك الشيعي في الستينات والسبعينات, حين كان الشيعة يدخلون لرحاب الدولة ولو من باب المطالبة برعايتها ورفع الحرمان عنها, لا يعنيني نبيه بري رئيس حركة "أمل", ولا يعنيني نبيه بري رئيس مجلس النواب, ما يعنيني هو المكان والرحم الذي خرج منهما نبيه بري.

 

هل استطاع المثقفون الشيعة فتح كوة في جدار هيمنة "حزب الله" وحركة "أمل" على القرار الشيعي?

دعنا لا نستعمل هذه التشابيه, لا أدري إذا كانوا فتحوا كوة أو فتحوا نافذة, ولكن من المؤكد أن في الوسط الشيعي حالة استنفار لبناني, لا يمكن إنكارها, بمعنى أن هناك حالة توتر وقلق لما تؤخذ إليه الطائفة الشيعية, أنا اليوم لا أطالب من لا يملك الإرادة والعقل والموقف بأكثر من ذلك, ولكني أرى بأن الحراك الذي يجري اليوم في صفوف الطائفة الشيعية والذي يذهب إلى حد الشقاق, هو عارض صحي أتمنى أن أرى مثيلاً له لدى الطوائف الإسلامية الأخرى, السنية والدرزية, حيث هناك تنافس على المناطق وعلى الجمهور, ولا نرى هذا القلق العميق بالنسبة لفكرة الولاء, ولحسن حظ الشيعة أنهم يخضعون لهيمنة حزب شمولي وليسوا تحت قيادة متمول لأن انتفاضتهم على واقع الهيمنة تجعلهم يربطون مطالبهم مباشرة بالفكرة اللبنانية دون المرور عبر تقديم الولاء لشخص بعينه.

 

أسئلة صعبة

هناك اختلاف في المواقف بالنسبة لهذا الطرح, فأكثرية الطائفة السنية مع مشروع الدولة وكذلك الأمر بالنسبة للطائفة الدرزية فهما مكونان أساسيان في ثورة الأرز, بينما في الطائفة الشيعية تبدو الصورة مختلفة لأن قيادة هذه الطائفة تذهب بها إلى الموقف الذي لا تريده?

لنقل بأن قيادات الطائفة السنية وقيادات الطائفية الدرزية هم مع مشروع الدولة, ولكنني أظن بأنه على مستوى الرأي العام, هناك حالة محاكاة لما تذهب إليه هذه القيادات.

 

رغم هذا الحراك المسجل لكم داخل الطائفة الشيعية, نلاحظ وجود صمت من قبل "حزب الله" وحركة "أمل" على كل ما تتخذونه من مواقف, هل تفسر ذلك من باب الهامش الديموقراطي المسموح العمل ضمنه, أم يوجد بعض الأمور التي تحصل في الخفاء ولا تريدون إظهارها للعلن?

لندع ما في الخفاء لأهل الخفاء, إذا أدى هذا الحراك إلى تثبيت فكرة التعدد السياسي, ومشروعيته فأظن أن هذا يسجل لمصلحة هذا الحراك, وبالمقدار الذي نستطيع فيه تثبيت النقاش والخلاف في السياسة وتوسيع صدور الآخرين, نكون قد سجلنا المكسب الذي نريده.

لا أعرف ماذا يحدث في الخفاء وإن كان هناك ما يحدث فهو ليس لمصلحة من يقومون به.

 

هل تتوقع انفراجاً لهذا المأزق الصعب الذي يمر به لبنان?

لا أتوقع انفراجاً, ولا أعتبر أن الانفراج أو الحل يجب أن يكون هدفنا الوحيد, بمعنى أن الأزمة السياسية التي يعيشها هذا البلد ليست صراعاً عابراً, لأن هذا البلد يعيش اليوم أزمة وجودية تفرض علينا العمل لإيجاد حلول مؤقتة, ولكن هذه الحلول المؤقتة يجب أن تكون فسحة لكي نطرح بشكل جدي على أنفسنا الأسئلة الصعبة التي تتعلق بالكيان اللبناني, وبما يجب أن يكون عليه هذا الكيان, والأسئلة المؤلمة والصعبة هي كل الأسئلة التي نتجنب صياغتها صراحة ونهمس بها بلحظات التهديد المتقابل. اليوم شئنا أم أبينا هناك كتلتان كبيرتان على مستوى العدد (الشيعة والسنة) والكتل الطائفية الأخرى في حالة انكماش وتراجع, هذا يطرح علينا السؤال: كيف يمكن أن نجترح نظاماً سياسياً يحفظ التعدد اللبناني بصرف النظر عما يحدث على مستوى الأرقام والديموغرافيا? والإجابة عن مثل هذا السؤال لا تكون بانتخابات رئاسية ولا بتشكيل حكومة ولا ببيان وزاري, يزج فيه جملة من هنا وعبارة من هناك, يبقى السؤال الوجودي اللبناني برسم اللبنانيين الذين عليهم أن يستعدوا لهذا السؤال قبل فوات الأوان.