الفدرالية ليست تقسيما وكل القيادات المسيحية تدعو اليها بخجل

 

آثر سامي الجميّل الصمت بعد اغتيال شقيقه الوزير الشهيد بيار الجميّل. لم يخف. لكنه ربما شعر ببعض إحراج ينفيه. الاضواء اليوم تسلط عليه، هل يعود الى الكتائب ليكمل مسيرة العائلة، هل يحتل المقعد النيابي الذي شغر في المتن الشمالي؟ اسئلة كثيرة تلاحق سامي الذي خص "نهار الشباب" بالحديث الاول بعد تلك المحطة الموجعة.

 

بكل جرأة، بكل صراحة، أكد انه غير مرشح للانتخابات لأنه لا يؤمن بالإرث السياسي، هو الذي خرج من الكتائب مؤسساً "حركة لبناننا". تلك الحركة التي لم تتحول حزباً في زمن "تمضي فيه أحزاب لبنان الى الهاوية".

 

لا يخاف من ردة فعل الحلفاء عندما يقول ان انجاز 14 آذار 2005 ضاع في الحسابات الخاطئة، "لأننا لم نتصارح ولم نتصالح". وإذ يأسف للمساومات الحاصلة والتي تبقي مجالاً واسعاً للسوري للتدخل عبر اطراف في الداخل ينساقون له، يصر على طرح الفيديرالية حلاً وحيداً لمشاكل لبنان المزمنة، بعد فشل صيغة 1943 واستحالة تطبيق العلمنة الشاملة.

 

ليس ضرورياً التبني الكامل للافكار التي يقدمها سامي لمستقبل لبنان، لكننا نحبذ ان تخضع افكاره للمناقشة العميقة، عسى ان يصير الحوار الفكري هو الاداة التي يستخدمها اللبنانيون وخصوصاً الشباب، لبناء مستقبلهم، بدلاً من الشارع والسلاح والحجارة التي لا تليق بهم.

 

وفي امكان كل شاب محاور أن يكتب في الموضوع عبر هذه الصفحات لنشبع الأمر بحثاً.

 

* مَن هو سامي الجميّل اليوم، هل هو ابن أمين الجميّل وحفيد بيار الجميّل، أم أنه شخص مستقل عن كل الانتماءات السابقة وهو من هو في ذاته ؟

 

- هو مزيج من كل هذا في الوقت نفسه. شخص تأثر بعائلته العريقة التي قدمت الكثير للبنان. والظروف التي مرت بها العائلة تركت أثرها فيّ، لكني في الوقت نفسه شخص متحرر له أفكاره وآراؤه، التي يمكن أن تتمييز عن مواقف العائلة.

 

* هل أنت على خلاف مع توجهات عائلتك؟

 

نختلف في بعض الاحيان و نلتقي في اخرى.

 

* هل تشعر بعد اغتيال شقيقك الوزير بيار الجميّل بأن عبء العائلة صار ملقى على كاهلك وحدك؟

 

- لا يمكن أن تجزئ الهمّ العائلي. فالدعم واحتضان العائلة لك لا يمكن أن ينفصل عن الهموم والمشاكل و حتى الكوارث التي يعيشها أفراد العائلة.

 

* لكن الفارق انك كنت تقول سابقاً ان همّ العائلة ملقى على أخيك، لكنك صرت وحيداً. وفي مفهومنا الشرقي صرت الآن "رجّال" العائلة ووارث تاريخها؟

 

- أنا لا أؤمن بالإرث السياسي. لدي اقتناعاتي وافكاري التي وُلدت نتيجة تجارب عشتها وقراءات كثيرة. وهذه الاقتناعات لا يمكن أن تتبدل مع القرب أو البعد من العائلة. علماً انني لم أكن بعيداً في المفهوم العائلي، ولم يكن وجود أخي بيار ليبعدني عن هموم العائلة ومشاكلها.

 

* لكن الامور تبدلت؟

 

- لم تتبدل الامور الخاصة بالاقتناعات التي لم تكن وليدة الصدفة كما ذكرت.

 

* بغض النظر عن علاقتك الحالية بحزب الكتائب. هل تشعر بأنك مؤتمن على الفكرة التي اسسها بيار الجميّل الجد. وهل ضاعت فكرته في الممارسات اليومية والسياسات؟

 

- في قراءة تاريخية، تأسس حزب الكتائب عام 1936 وكان هدفه تثبيت الكيان اللبناني وحمايته، وقد نجحت الكتائب رغم كل الظروف، لأننا اليوم في 2007 ما زلنا نعيش في هذا اللبنان. وهذا ما يؤكد صوابية فكر الكتائب آنذاك، بغض النظر عن سياساتها اللاحقة.

 

لكن ظروف العام 1936 وظروف قيام الدولة اللبنانية عام 1943 تبدلت مع الوقت، ولاسباب كثيرة صارت تلك الصيغة غير قابلة للحياة. لذا اقول اليوم ان ما كان صالحاً منذ 60 سنة، لم يعد كذلك حالياً والتجربة فشلت.ويمكن لحزب الكتائب ان يطور الفكرة التي قام عليها. لكن هذا التطور لم يحصل في الكتائب حتى اني وجدت نفسي خارج الحزب. وأنشأنا، عدداً من المناهضين للاحتلال السوري وأنا "حلف لبناننا" حتى نعبر عن رؤيتنا الجديدة للبنان

 

* لماذا لم تتطور الفكرة، وهل مطلوب اعادة النظر في لبنان؟

 

- كلا بل في علاقة المجموعات اللبنانية الثقافية بعضها مع بعض، علينا ان ندرس طريقة التفاعل الفضلى بين اللبنانيين. فالديموقراطية التوافقية التي قام عليها البلد لم تعد الهدف المرجو، وقد أدت الى كوارث عشناها ونعيشها. لذا علينا أن نعيد النظر في آلية صيغة التعايش

 

* هل الصيغة البديلة هي الفيديرالية؟ وهل المجموعات الثقافية هي الطوائف؟

 

- لا أحب أن أحصر المجموعات بالطوائف، فهي تقوم على الثقافات والعادات والتقاليد وطريقة العيش.

 

* لكنها في تعبير آخر الطوائف؟

 

- إذا شئت سمها كذلك.

 

- ولكن. إذا تحدثنا عن الطوائف على سبيل المثال علينا أن نقسم الروم الارثوذكس عن السريان عن الكاثوليك عن الموارنة، أنا لا أعتبر أن هؤلاء على خلاف ثقافي مجتمعي، رغم وجود تباينات ربما في بعض التفاصيل الدينية. هؤلاء مع غيرهم يشكلون مجموعة ثقافية واحدة. بينما النظام الطائفي يميز بين ابناء 18 طائفة.

 

* إذاً المجموعة المسيحية في مقابل المجموعة الاسلامية؟

 

- لا ثمة مجموعات داخل الطائفة الواحدة قد لا تلتقي.

 

* إذاً ما هي الصيغة البديلة؟

 

- علينا أن نبدأ أولاً بالاقرار بفشل الصيغة الحالية ونتفق للتفتيش على الصيغة البديلة.

 

* وهل اقتنع الجميع بفشل هذه الصيغة؟

 

- كلهم مقتنعون بفشل الصيغة الحالية، لكنهم يتمسكون بصيغة اتفاق الطائف. ولا أفهم هذا التناقض. فالطائف هو تعديل بسيط للصيغة الاصلية التي اجمعوا على فشلها.

 

* أليس الخوف من المجهول؟

 

- الخوف لا يجب أن يبقينا حيث نحن، بل أن يدفعنا الى مكان النور. لأننا اليوم في المجهول ويمكن أن نبقى فيه.

 

* والحل؟

 

- لا نريد أن نلغي الطائف بين ليلة وضحاها. بل على العكس سنظل نطبق الطائف فيما نتحاور على الصيغة الأكثر حداثة. وعندما نتفق نجعلها بديلاً للطائف.

 

* إذاً صرتم تملكون الحل ؟

 

- في "حلف لبناننا"، لا نشكل مجموعة ايديولوجية. لكننا قررنا أن نفكر معاً. وعملنا على وضع كل الاحتمالات أمام خياراتنا البديلة. فأقرينا أولاً بفشل الصيغة الحالية، وبدأنا بدرس الصيغ البديلة. لكننا لم نقفل الباب على أنفسنا، فنحن مستعدون للاقتناع بأي اقتراح نتأكد من انه قابل للحياة .

 

* اقتنعتم تماماً بفشل التجربة وعدم ا مكان ترميمها؟

 

- درسنا الواقع، وتأكد لنا ان الطائف يدخل المجموعات اللبنانية في صراع دائماً في ما بينها. في الواقع ان هذه المجموعات تخاف من مستقبلها، ومن بعضها البعض. وللخروج من هذا الخوف، عليك أن تطمئن اعضاء هذه المجموعات على مستقبلها، وحرياتها، ومعتقداتها، وطريقة عيشها. ويمكن أن ترتاح هذه الجماعات عبر اعطاء ادارة ذاتية لكل منطقة تستطيع فيه هذه الجماعات أن تعيش وفق ثقافتها وتطلعاتها، وتخطط لمستقبلها وتشرف على اعمال تنمية منطقتها. واذا زال عامل الخوف تتبدل العلاقة وتزول عوامل الاحتقان والتكاذب. هذا الاستقلال الذاتي المناطقي يجعل الناس شركاء حقيقيين في بناء تطلعاتهم.

 

* هي أبعد من اللامركزية الادارية التي اقرها الطائف؟

 

- نعم أبعد. لأن اللامركزية تعبير غير واضح. واذا اعتبرنا انها اللامركزية الادارية، فإنها تظل لا تعبر بوضوح عن ارادة الناس. نحن مع قيام المجالس المحلية والمناطقية المنتخبة التي يمكن للناس أن تحاسب اعضاءها وتلغي زعامات الخدمات. في ظل الصيغة الحالية، لا يمكنك ان تحاسب أحداً لأن النظام يؤمن للنواب عودتهم مراراً ولا يعيرون اهتماماً حقيقياً للناس. المواطنون يصوتون حالياً لابناء طوائفهم الذين يحمون وجودهم. ويصوتون لمن يوظف لهم ابناً أو أخاً. عندما يزول عامل الخوف، يختار الناخب على اساس برنامج سياسي اقتصادي إنمائي وتتراجع العوامل الاخرى.

 

* انه منطق الخدمات نفسه؟

 

- على العكس هذا المنطق يزول، لأن تزفيت الطريق لا يعود مرتبطاً بالنائب، والوظيفة كذلك، بل تصبح المسؤولية على عاتق مجالس منتخبة يمكن أن يصار الى محاسبته. عندها تصبح الدولة مسؤولة فعلاً لا قولاً، ويظل النواب مسؤولين عن التشريع فقط.

 

* الا تخاف من أن يؤدي ذلك الى التقسيم؟

 

- النظام السياسي الحالي هو الذي ادى و يؤدي الى مشارف حرب أهلية وبالتالي التقسيم, بينما النظام السياسي المركب يزيل التشنج الطائفي ويلغي عامل الخوف والقلق.

 

* وما هي مقومات الاستمرار في كانتونات صغيرة؟

 

- ومن تحدث عن كانتونات مقفلة، انه تنافس على خدمة الناس واراحتهم. لا أحد يتحدث عن المناطق والحواجز في ما بينها. فالفيديرالية حل دستوري فيما التقسيم امر نرفضه على الاطلاق

 

* الذين يرفضون الواقع، يرفضون كذلك التغيير. هل يريدون الحرب الاهلية مجدداً لتغيير هذا الواقع؟

 

- هؤلاء يريدون المحافظة على مواقعهم. وهذا سببه النظام السياسي الذي لا يؤمن الطمأنينة لشعبه. لذا تجد أن جزءاً من الشعب يفتش عن الطمأنينة في السعودية وجزءاً آخر في ايران وجزء ثالث يفتش عنها في اميركا وفرنسا. وهذا ما يجعل المجموعات اللبنانية أسيرة الخارج. ما يحدث حالياً في لبنان هو تأثير الخارج علينا. وهذا الخارج يتدخل بسبب غياب الشعور بالامان. فلو تأمن للشيعي هذا الشعور مع الخدمات مع القدرة على المحاسبة في الاماكن حيث يقيم، وكذلك السني، والمسيحي، والدرزي، هل كان واحدهم يحتاج الى دول وانظمة تدعمه. هي تدعمه حالياً للوقوف في وجه الآخر. وهذا مؤسف. اذا تبدل الوضع يمكن أن نفيد من علاقات لبنان الخارجية لزيادة التنمية ورفاهية الناس.

 

* الا يمكن توفير هذا الشعور في نظام مركزي موحد؟

 

- ضمن اي نظام.

 

* النظام العلماني الذي نعيشه في لبنان. فما عدا وظائف الفئة الاولى، نظامنا أقرب الى العلمانية؟

 

النظام العلماني الحقيقي لا يبدأ بإلغاء الطائفية السياسية ويفصل نهائيا الدين عن الدولة اليوم في هذا النظام السياسي الحالي وفي ظل الشعور والتجييش الطائفي سينتقل الحكم للاكثرية الطائفية.مما يؤدي الى الغاء خصوصيات كل طائفة وسيطرة فئة على اخرى

 

* كيف يمكن للمجموعات الثقافية أن تلتقي جغرافياً. كيف يمكن وصل شيعة الجنوب مثلاً بشيعة بعلبك الهرمل، هل تلغي البقاعين الغربي والاوسط؟

 

بمجرد رفضنا للتقسيم تسقط مقولة عدم امكانية تواصل الجنوب بالبقاع لان لبنان يبقى موحدا والمناطق مفتوحة على بعضها البعض. الشيعة في بعلبك يقيمون مجلساً محلياً مع غيرهم ويتصلون بالدولة المركزية وكذلك يفعل أهل الجنوب. يمكن لكل قضاء أو قضاءين ان يشكلا منطقة. وثمة محكمة دستورية مركزية تحفظ حقوق الاقليات المناطقية كالمسيحيين في الهرمل، والشيعة في جبيل. أما الامور الاخرى فتدار بحسب الاكثرية المناطقية وهو أمر حاصل حالياً من دون أدنى ضمانات. اليس الشيعة يقررون في بعلبك - الهرمل مثلاً؟ هذا هو الواقع، ونحن نسعى الى تنظيمه بدلاً من تركه متفلتاً وخاضعاً للأهواء. نحن نقوننه.

 

* ولكن من يضمن عدم خلاف المسيحيين في المتن الشمالي، أو الشيعي والسني في قضاء آخر؟

 

- عندما تنوجد الدولة القادرة يتبدل الوضع، ويصبح التنافس ديموقراطيا بعيدا عن صراع الديوك وعندما يضع الناس بأنفسهم تشريعاتهم عبر مجالسهم المحلية، يرتاحون نفسياً ويفتشون معاً عن التنمية الاقتصادية والسياحية كما في دول العالم، ويخف تأثير السياسة. وعندما تجبى الضرائب بشكل جيد، وتخصص 70 في المئة منها للمناطق، تصير التنمية أفضل. ويبقى المبلغ الباقي للدولة المركزية للعمل في كل المناطق. حالياً تذهب الجبايات الى الدولة المركزية، وتختفي في بعض الجيوب ولا قدرة للناس على المحاسبة.

 

* وما هي السلطة المركزية؟

 

- مجلس نواب ومجلس شيوخ وحكومة مركزية تهتم بسياسة الدفاع والسياسة الخارجية الرسمية والسياسة المالية العامة و محكمة عليا تحفظ الحقوق وخصوصاً حقوق الانسان والفصل في النزاعات، والمحافظة على المجموعات خصوصاً الاقليات.

 

* هل تمكنت من الترويج للفكرة، وهل تمكنت مثلاً من اقناع والدك بها؟

 

- اترك والدي جانباً حتى أحدثك عن رواج الفكرة. خلال الحكم السوري في لبنان اطلقت "بروباغندا" واسعة لعدم اثارة الموضوع. فالمشروع هو توحيد اللبنانيين وهم يخافون وحدة اللبنانيين لذا حاربوا المشروع بقوة. يريد السوريون أن يبقى اللبنانيون منقسمين على أنفسهم حتى يبقوا مسيطرين عليهم وهذا ما فعلوه لأكثر من 15 عاماً بل لـ30 عاماً. ويعلم السوريون انالصيغة الحالية هي التي تقسم اللبنانيين، لذا كانوا يدعمونها.

 

* لكن نظامنا الحالي سبق السوريين؟

 

- صحيح لكن السوري عمل على تثبيته وبرعايته عام 1990 في الطائف. وعدل ما يوافقه لإحكام سيطرته على البلد.

 

* لكن دولاً أخرى صديقة هي التي صنعت الطائف؟

 

- كلنا يعلم ان الطائف جاء ثمرة اتفاق اميركي سوري أعطت من خلاله الولايات المتحدة سوريا الضوء الاخضر في لبنان. وبالتالي جاء الطائف ليلائم السوري، وقد شاهدنا الترويكا والخلافات التي كان السوري العنصر الاساس في حلها ظاهرياً.

 

* العوني والقواتي والكتائبي والاحرار وغيرهم كانوا معاً في النضال وكان معهم سامي الجميّل في الجامعات أين هؤلاء الشباب من خيارك؟

 

ان معركة تغيير النظام السياسي لا تقل اهمية عن المعركة ضد الاحتلال السوري لذا لم نكف يوما عن المطالبة بإعادة توحيد الصفوف لخوض هذه المعركة ونحن على تواصل مع العديد من الشباب في هذه الاحزاب كما نطلق نداء من على صفحات نهار الشباب لجميع الشباب اللبناني في كل طوائفهم للبحث في هذه الطروحات والتحرر من كل العقد

 

-* بالعودة الى والدك؟

 

- والدي طرح في العام 1972 مشروع الوحدات الاقليمية، وهو طرح ليس بعيداً عما نتحدث به.

 

* كيف تروجون للفكرة؟

 

- نحن أعلنا عن مشروع حلف لبناننا منذ نحو ثلاثة أشهر فقط. وجاءت الظروف في البلاد ثم اغتيال شقيقي بيار لتحد من انطلاقتنا.

 

* واذا لم يقتنع الناس بطروحاتكم؟

 

- فليطرحوا مشروعاً بديلاً يمكن أن يوفر حياة رفاهية وامان للبنانيين لمئة أو لألف سنة، فلا تتكرر الحروب كل عشر سنين. جربنا النظام الحالي واتفقنا على فشله، وصار امامنا حل من اثنين أو العلمنة الشاملة أو الفيديرالية. هل يتوافق اللبنانيون على العلمنة. نحن معهم. إذا اتفقوا نحن نقدم الحل الثالث، فليناقشونا به.

 

* وما هي الخطوة التالية؟

 

- ان نواصل العمل لاقناع الجميع بأفكارنا. نحن مجموعة شبابية لا تلقى دعماً خارجياً وليس لدينا امكانات مادية. لكننا نعمل وندفع مما نجنيه للقيام بالنشاطات وليس لدينا اي متفرغ للعمل. ثمة احزاب ومجموعات تملك الامكانات وقد تتبنى الفكرة وتطلقها ونحن يمكن ان نتشارك معها. ليس هدفنا المجموعة في ذاتها وانما مستقبلنا ومستقبل اولادنا.

 

* ألا تخافون الذوبان؟

 

- لا نخاف، لاننا أصلاً لا نفكر كما قلت في مستقبل سياسي لنا، وانما في مستقبلنا. ليس لدينا مآرب سياسية، ونحن واعون بأن حلف لبناننا لا يمكن أن يوفر لنا الدعم للنيابة أو لغيرها من المناصب.

 

* وجود سامي الجميّل على رأس الحلف يعطيها دفعاً أو يشكل لها عائقاً؟

 

- لست على رأس الجماعة.

 

* في الواجهة؟

 

- أنا واحد من 12 في الهيئة المركزية، ونحن نصوت بالاكثرية على كل قراراتنا. سامي واحد من 12. واذا تم تسليط الضوء عليّ قليلاً فهذا أمر عادي في بلد مثل لبنان.

 

* كم تؤثر في القرار؟

 

نحن نقرر معاً. ونحن مقتنعون ان القيادة الجماعية هي التي تضمن الاستمرار الجدي وعدم الوقوع في فخ المغريات والاخطاء.

 

* واذا كان لاشخاص مشكلة مع سامي الجميّل أو عائلة الجميّل؟

 

- لا يهم. الحوار ليس مع سامي وانما مع المجموعة، حوار حول الافكار وليس الاشخاص. ولكن في الوقت عينه لن نتخلى عن أنفسنا ارضاء للآخرين، وهذه مشكلتنا في لبنان، في كل مؤتمرات الحوار حيث يقدم المتحاورون تنازلات كبيرة ارضاء للآخر ثم يكتشفون انهم غير قادرين على المضي بها. هذا تكاذب، ومساومات غير واقعية. وهذه الطريقة تجعل الزعماء في مكان والناس في مكان آخر. على كل انسان ان يتخلص من عقده حتى يعترف بالآخر كما هو.

 

* المقعد النيابي الذي شغر بوفاة شقيقك بيار، هل هو من نصيبك؟

 

- كلا.

 

* ألا ترى انك رجل العائلة حالياً وانه يجب المحافظة على الارث السياسي من خلال هذا المقعد؟

 

- لا على الاطلاق.

 

* إذاً أنت غير مرشح؟

 

- لو أردت ذلك ماذا يمنعني

 

* الاحراج؟

 

- ماذا يعني.

 

* كنت تقول في الامس انك ضد الوراثة السياسية ثم تنقلب لترث مقعداً نيابياً؟

 

- أبداً. لست معنياً بالانتخابات. أنا لديّ مشروعي وتجربتي وافكاري. لديّ خبرتي في المقاومة ضد السوري. واذا قررت يوماً أن أترشح فوفق قواعد وافكار جديدة. ولا أجد نفسي حالياً في هذه اللعبة.

 

* في 14 آذار، نصبت أول خيمة في ساحة الشهداء. هل تبدل المشهد لديك؟

 

- نحن نزلنا وقاومنا السوري مع كل الاطراف السيادية التي عملنا معها 15 سنة. وبعد خروج السوري وانقسام اللبنانيين، خرجنا من اللعبة، وصرنا نفكر في صياغة مشروع لبناني.

 

* هل زالت مشكلتك مع السوري؟

 

- ليس تماماً. حلت مشكلة الاحتلال. لكن بقيت مشكلة المعتقلين وبعض الاعمال التخريبية ودعم مجموعات مسلحة. و نطالب باعتذار رسمي عن كل ما قامت به سوريا في لبنان وتعويضات كما نطالب بالتمثيل الديبلوماسي وترسيم الحدود. ونحن لا نبرئ السوري من الاحداث اللبنانية، لكن سلطة السوري بعد خروجه تتأتى من اطراف في الداخل يستمرون في الانسياق له. وهذه المجموعات تعتبر ان السوري يحميها بسبب فقدانها عامل الاطمئنان الذي تحدثنا عنه.

 

* هل ندمت على مرحلة المخيم، مخيم الحرية؟

 

- كلا ابداً.

 

* هل ترى ان الانجاز ضاع؟

 

- نعم وللأسف. لانه كان من المفترض ان نطوي صفحة الاحتلال السوري ونفتح صفحة جديدة، ونضع رؤية واضحة لمستقبلنا. لكننا لم نفعل، وصرنا نتلهى بموضوع اسقاط حكومة واقالة رئيس الجمهورية وغيرها، فبدونا كمن لم يعرف جوهر المشكلة ولم يخطط للحل.

 

انطوت الصفحة وفتحت صفحة أسوأ. لأننا لم نتصارح ولم نتصالح. عقدوا جلسات حوار بحثوا فيها القشور وليس الجوهر.

 

* هذا يعني اننا لم نتفق؟

 

و لكننا لم نطرح المشكلة حتى نتفق أو لا نتفق .

 

* ألا ترى ان الاتفاق خارجي أي اقليمي؟

 

- يمكن أن يتفق الاميركيون مع الايرانيين والسعوديين والسوريين لحل موقت للمشكلة. لكن الازمة ستبرز مجدداً بعد سنة أو خمس سنوات. لان المشكلة ستظل قائمة.

 

* أين كان شباب "لبناننا" في تظاهرات الشارع؟

 

- كنا في منازلنا. نحن نرفض تقاتل الاخوة، ونرفض رؤية شباب من "التيار الوطني الحر" وآخرون من "القوات اللبنانية" في مواجهة بعضهم البعض. وأنا أحمل المسؤولية لكل من قرر أن يدفع بشبابه الى الشارع. نحن لا نريد ان ننجر الى أي مشكلة داخلية ومسيحية تحديداً.

 

* وما رأيكم بالتهديدات الامنية في المناطق المسيحية؟

 

- أريد أن أثير تحديداً جريمة عين علق وكل التهديدات، انها موجهة ضد المسيحيين فقط. وهذه مؤامرة على كل الاطراف في الساحة المسيحية أن يعونها جيداً. يريدوننا أن نتقاتل. يريدون تهجيرنا.

 

* عملية الرفض لديك ولدت حركة جديدة. ألا تخاف أن يؤدي النقاش الواسع الى انقسامات جديدة؟

 

- لمَ لا.

 

* وهل تنفع التيارات الصغيرة التي لا تشكل كتل ضغط؟

 

- هذه الحركات تفرض على الاحزاب تبدلات في خططها وبرامجها لتعيد جذب هؤلاء الشباب. عندها تصحح الاحزاب مساراتها بما يتوافق مع العصر وروح الشباب وحاجاتهم. أما بقاء الوضع على ما هو عليه فهو يمضي بالاحزاب الى الهاوية.

 

* ولماذا لا يثور الشباب وهم حركة التغيير المفترضة؟

 

- كثيرون يثورون أو بالاحرى يرفضون الواقع. وكثيرون منهم تركوا أحزابهم ولزموا منازلهم. وهذا ضعف للاحزاب.

 

* انطلقتم في الجامعات لكنكم تخرجتهم وفقدتم هذا الخزان البشري الذي كنتم تتفاعلون معه. فمن أين لكم مؤيدين جدد؟

 

- من الجامعات و المناطق فنحن نعقد اجتماعات ونتفاعل مع الشباب.

 

* ما أكثر ما يؤلمك باستشهاد بيار؟.

 

لم نستطع الاستفادة من الوقت الكافي للتحادث و تبادل الافكار و عيش لحظات الاخوة الحقيقية البعيدة عن الحياة العامة والاهتمامات الوطنية كثيرون يعتبرون غياب بيار خسارة وطنية و حزبية . بالنسبة لي خسرت أخي باكرا.

 

* هل تعمل منفرداً أو ضمن "حلف لبناننا" لتسأل عن قاتله؟

 

أنا أعمل بكل قدراتي وقوتي وفي جميع الاتجاهات لمعرفة قتلة بيار. كذلك - "حلف لبناننا" معني بالكشف و محاكمة كل مرتكبي الجرائم، من بشير حتى جبران وصولا الى بيارو نستغرب غياب الجدية في الاعلان ولو عن خيط واحد يضع حدا و رادعا لهذا الرعب المتسلسل و بالطبع مقاربتنا تنطلق من مبدأ إنساني لا سياسي

 

* هل تعرف أنت والعائلة مَن قتل بيار؟

 

- كلا. ليس بعد. للأسف.

 

* كل الناس يقولون انها يجب ان تنكشف، لأن العملية تمت في وضح النهار؟

 

- لكنها تمت بمهنية عالية ودقة بالغة. ونحن نتمنى أن تتجمع الادلة الكافية للوصول الى الحقيقة.

 

* في عائلتك خمسة شهداء.

 

- لست أحسن منهم. الخوف هو الموت الحقيقي. لا يجب أن نخاف. ولو مات الاشخاص فالقضية لا تموت. والاحرار الباقون يحملون المشعل على الدوام.

Source: NAHARASHABAB