مقابلة مع عضو كتلة "المستقبل" النيابية الوزير السابق النائب سمير الجسر

 الجسر: استبعد أن تغير سورية من سلوكها تجاه لبنان

 خطاب نصر الله الأخير يؤكد أن حلفاء سورية يدفعون بالأمور باتجاه آخر

 بيروت - من صبحي الدبيسي: السياسة 14/4/2007

 

اعتبر عضو كتلة »المستقبل« النيابية الوزير السابق النائب سمير الجسر أن ما يحصل في لبنان لا يخرج عن كونه ارتداداً لزلزال سياسي كبير يسيطر على المنطقة ويجد صداه في لبنان , وأن خطاب أمين عام »حزب  الله« الأخير يؤكد أن حلفاء المحور الإيراني- السوري يدفعون بالأمور باتجاه آخر وليس من مبرر لهذا التصعيد سوى الدفع بهذا الاتجاه.

 

كلام النائب الجسر أتى في سياق حوار أجرته معه »السياسة« اعتبر فيه أن الأوضاع في المنطقة معقدة وهي أبعد بكثير من احتمالات توجيه ضربة عسكرية لإيران لأن إيران ما زالت بعيدة عن تحقيق القنبلة النووية. وعندما يستشعر الغرب بدنو هذا الخطر تكون الحرب أحد الاحتمالات مستبعداً توجيه ضربة لإيران في المدى القريب.

 

الجسر اعتبر كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخير في موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي تراجعاً بعد أن كان قد وافق عليها في مؤتمر الحوار, مؤكداً بأنه لا يجوز لأي كان الإدعاء بوجود أحكام ونتائج مسبقة للتحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري طالما أن المحكمة لم تؤلف والقضاة لم يعينوا بعد.

 

النائب الجسر وفي موضوع مطالبة نصر الله بالإفراج عن الضباط الأربعة تساءل أين مصلحة »حزب  الله« وأمينه العام في استفزاز الآخرين?, معتبراً كلام نصر الله في هذا الموضوع مؤسفاً ويثير الاستغراب وهو كلام بعيد عن واقعه القانوني ولا يحق لأحد التدخل في أمور القضاء خاصة عندما تكون الجريمة إرهابية, محذراً من أن الإفراج عن الضباط الأربعة هو بمثابة إشعال فتنة في البلد, متسائلاً هل »حزب  الله« بصدد التحضير لذلك ?.. معتبراً كل المواقف التصعيدية تندرج تحت عنوان واحد القصد منه تعطيل المحكمة لأنها تشير إلى متورطين داخل النظام السوري.

 

النائب الجسر, لم ير مبرراً لما يفعله الرئيس نبيه بري بإقفال المجلس النيابي والتذرع بعدم دستورية الحكومة, لأن ما من أحد يستطيع أن يختزل المجلس النيابي. وفي موضوع انتخاب رئيس الجمهورية أكد الجسر أن الدستور لم ينص على نصاب الانعقاد أن يكون نصاب الثلثين, مستبعداً في نهاية الحوار معه أن تغير سورية من ضغوطها على لبنان, لأن ردة فعل المعارضة على الساحة اللبنانية لا توحي بذلك.

 

وفي ما يلي نص الحديث:

 إلى أي مدى تذهب البلاد بعد هذا الخطاب التصعيدي للسيد حسن نصر الله? وكيف تفسر توقيت هذا الخطاب في هذه اللحظات الحرجة التي تمر بها البلاد?

نحن يؤسفنا أولاً هذا المنحى التصعيدي, الذي يدور اليوم. أنا في الحقيقة أضع المسألة في إطار أوسع لزلزال سياسي كبير يسيطر على المنطقة ويجد صداه في لبنان.. كنا نتأمل بعد مؤتمر القمة العربية أن يكون هناك بعض الحلحلة, خاصة بعد الاتصالات التي جرت تحديداً مع سورية. ولكن الأمور تسير بعكس هذا الأمر, وعلى ما يبدو أن حلفاء المحور الإيراني السوري يدفعون بالأمور باتجاه آخر وإننا لا نجد مبرراً لهذا التصعيد سوى ذلك.

 

هل تعتقد أن تصعيد الموقف من قبل »حزب  الله« يأتي في سياق حملة استباقية لإشعال الفتنة في لبنان قبل الضربة المتوقعة ضد إيران?

إن شاء الله ألا تحصل إشعال فتنة في لبنان, ولا حتى في موضوع الضربة لإيران, لأن المسألة برأيي معقدة أكثر بكثير. أولاً: الغربيون يعتقدون أن إيران لا زالت بعيدة عن تحقيق القنبلة النووية وهذا ما يعطيهم فسحة في المفاوضات, وأعتقد أن الغرب يؤثر المفاوضات لحين استشعاره دنو الخطر وحين ما يستشعر الخطر تكون الحرب أحد الاحتمالات لكن مسألة ضرب إيران بالنسبة إلي مسألة مستبعدة بعض الشيء, خاصة وأن آثارها في المنطقة ستكون خطيرة ومدمرة.

 

 كيف تفسر موقف أمين عام »حزب  الله« من المحكمة الدولية لجهة القول بأن نتيجة التحقيق معدة سلفاً ولماذا تراجع »حزب  الله« عن تأييده للمحكمة الدولية بعد أن كان وافق عليها على طاولة الحوار?

هذا صحيح في مؤتمر الحوار والسيد حسن نصر الله كان أحد أركان الحوار, أعلن يومها بأن »حزب  الله« يؤيد قيام المحكمة الدولية. لكن هذا الكلام التصعيدي الذي سمعناه قبل أيام لا يمكن أن يفسر إلا تراجعاً في موضوع المحكمة. ولا يجوز لأي كان الإدعاء بوجود أحكام مسبقة ونتائج مسبقة. كيف علم ذلك إذا كانت المحكمة لم تؤلف بعد والقضاة لم يعينوا بعد? في الحقيقة لا أستطيع تفسير هذا الأمر إلا في حالة تراجع في موضوع المحكمة.

 

  لقد كان دفاع السيد نصر الله عن الضباط الأربعة ملفتاً, لكنها ليست المرة الأولى التي يتناول قضية هؤلاء الضباط في مواقفه السياسية, فهي المرة الثالثة أو الرابعة التي يتطرق فيها إلى هذا الموضوع, لكن هذه المرة بشكل أوسع. هل هو يقوم بذلك لاستفزاز مشاعر آل الحريري ولماذا تصرف بهذا الأسلوب?

في الحقيقة أنا لم أجد مبرراً لهذا الأمر, ولهذا فإنني أطرح هذا السؤال وأقول أين مصلحة السيد حسن نصر الله. وأين مصلحة »حزب  الله« في استفزاز الآخرين?, المؤسف ما صدر عن حسن نصر الله, أمر يدعو إلى الاستغراب بعدما كان يتميز به من الحنكة والحكمة, لكن الحقيقة أنا أسأل نفسي أين الحكمة في ما يطرح? برأيي هذا كلام هواء ينطق عن هواء... فكيف له أن يقول ان هؤلاء أبرياء ويطالب بإخلاء سبيلهم.. طبعاً هذا كلام بعيد عن واقعه القانوني لأن هذا الموضوع يتعلق بمسائل الإرهاب وهذه الجريمة إرهابية. ولا يحق لأحد أن يتدخل في أمور القضاء. في مرحلة التوقيت القضائي لا يحق التوقيف الاحتياط بأكثر من ستة أشهر وتمدد ستة أشهر أخرى, هذا في الجرائم العادية, لكن لا بد من صدور حكم الاتهام بحق المتهم إما أن يطلب بإخلاء سبيله, أما في جرائم الإرهاب فالوضع مختلف تماماً, هل هو مطلع على مجريات التحقيق وهؤلاء أبرياء كي يعتبر توقيفهم سياسياً.

 

هل تتوقع أن يتم الإفراج عن هؤلاء الضباط بشكل أو بآخر, كاقتحام سجن رومية مثلاً أو من خلال تحريض الأهالي والتظاهر باتجاه مكان احتجازهم?

برأيي هكذا خطوة هي بمثابة إشعال فتنة في البلد, فهل »حزب  الله« بصدد التحضير لهكذا فتنة? برأيي هم أرفع بكثير من السير بهذا الاتجاه.

 

لماذا إذاً ذهبت الأمور بهذا المنحى وبصورة خاصة بين الأمين العام ل¯»حزب  الله« والشيخ سعد الحريري?

  لا أعلم.. ولكن باعتقادي لا يوجد سبب مباشر سوى محاولة تعطيل المحكمة وهذا أمر معروف, لأن حلفاءهم لا يريدون على الإطلاق المحكمة ويتوجسون شراً منها لمجرد أنها تشير إلى متورطين داخل النظام السوري وهذه مسألة واضحة.

  المعارضة تتهم الرئيس فؤاد السنيورة باستكمال ما قامت به الأكثرية النيابية من خلال إرساله مذكرة باسم الحكومة إلى مجلس الأمن بعد المذكرة الموقعة من 70 نائباً التي تم إرسالها إلى أمين عام الأمم المتحدة.

أولاً هذا الأمر ليس جديداً سبق للرئيس السنيورة أن أرسل إلى الأمم المتحدة كتاباً بهذا الصدد, خاصة بعد إقراره بمشروع القانون الذي رفض رئيس الجمهورية التوقيع عليه, الذي احتفظ به لبعض الوقت دولة الرئيس فؤاد السنيورة بناء على ثمنٍ من أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى. لقد أرسل هذا الأمر إلى مجلس النواب ومن الطبيعي فهناك مؤسسات دستورية معطلة عن العمل. هذا الأمر ليس بجديد. ومن العادة أن يجري التخاطب مع مجلس الأمن عبر الحكومات ولا يجرى من مجلس النواب إلى الأمم المتحدة. وأعتقد زيارة نائب رئيس المجلس إلى السراي الحكومية لتسليم العريضة التي وضعت الأمور في نصابها لأنها مرفوعة بواسطة الحكومة اللبنانية.

 

لماذا الرئيس بري لم يأخذ بالنصائح التي قدمت له من كل المسؤولين الدوليين والعرب الذين زاروه وطالبوه بفتح المجلس النيابي, سيما وأن العقد العادي للمجلس مضى عليه شهر ولا توجد مؤشرات للدعوة لعقد جلسة في المدى القريب?

لا أرى أي مبرر على الإطلاق لما يفعله الرئيس بري وليس هناك ما يقنع بإقفال المجلس النيابي والتذرع بالقول بأنه لو كانت هذه الحكومة دستورية لفتح أبواب المجلس. أنا أعتقد بأنه ما من أحد يستطيع أن يختزل مجلس النواب وأن يلغي المؤسسات مهما علا شأنه, وأنا أطرح سؤالاً بسيطاً: من الذي يقرر شرعية ودستورية الحكومة? مجلس النواب هو الذي يقرر, مجلس النواب هو المؤسسة الأم وهي الجهة الصالحة التي تبحث في هذه المسائل وما عدا ذلك, ليست له أية قيمة حقيقية. برأيي هناك خوف من تأكيد دستورية الحكومة وإعطائها الثقة من المجلس النيابي, وبمنتهى الصراحة لا يريدون طرح الاتفاقية الخاصة بموضوع المحكمة ذات الطابع الدولي, أما التذرع من قبل الرئيس بري من أنه لم يبلغ بمشروع القانون للمحكمة, حين جرى إبلاغه بهذا المشروع رفض استلامه بحجة أن المشروع لم يحل إليه من رئيس الجمهورية, لكن من يدقق في القانون. ليس في القانون ما يشير إلى ذلك, أولاً: "الطائف" بتعديلاته أدخل مسألة مهمة وهي حتى لا يكون الأمر كالسابق. سابقاً كانت تحال بعض القوانين إلى رئيس الجمهورية وكان رئيس الجمهورية في بعض الأحيان يضعها في درجه دون أن يبتها أو ينشرها, "الطائف" خلق آلية جديدة بالنسبة للمراسيم التي تصدر عن مجلس الوزراء وإذا لم يجر اعتمادها بالأطر الدستورية تصبح نافذة حكماً ويجوز نشرها في مدة معينة بنفس الروحية. وهنا نسأل كيف يمكن أن يكون المرسوم نافذاً وكيف لا يمكن إحالته إذا كنا أعدناه لرئيس الجمهورية وأبقاه في درجه? وكأننا نتجاوز مسألة ليس له الحق بالموافقة ونترك له آلية التعطيل عن طريق الإرسال. وبطبيعة الحال من يدقق بالقانون يعرف أن الحكمة بنشر المرسوم في الجريدة الرسمية يتيح في نفس الوقت إحالته إلى مجلس النواب.

 

من الجهة الصالحة لتغيير الدستوري طالما أن هناك اختلافاً بينكم كأكثرية مع الأقلية في تغيير مواد الدستور?

مجلس النواب هو الجهة الصالحة والمخولة بتغيير الدستور.

 

في موضوع انتخاب رئيس الجمهورية أنتم تقولون بأن أكثرية الثلثين ليست ملزمة لانتخاب الرئيس, والمعارضة تصر على تأمين نصاب الثلثين. فإذا ما وصلنا إلى هذا الاستحقاق ما الطريقة للخروج من هذا المأزق الدستوري?

أولاً: أنا أريد أن ألفت الانتباه إلى مسألة مهمة جداً بأن هناك دائماً نصاباً للاقتراع ونصاباً للانعقاد. في كل الأحوال النصاب مسألة لا بد لها من نص. هناك نص على أنه في الدورة الأولى لانتخاب رئيس جمهورية يلزم نصاب التصويت ونصاب الاقتراع بنسبة الثلثين, لكن هذا لا يعني حكماً أن يكون هناك نصاب حضور لانعقاد الجلسة بنسبة الثلثين, فلا يستنتج النصاب إذا لم يكن بموجب نص دستوري. وهذا أمر طبيعي ومنطقي بدليل أن النص يقول: إذا لم تتوفر في الدورة الأولى للاقتراع نصاب الثلثين فيجري الاقتراع في الدورة الثانية بالأكثرية المطلقة. وعلى هذا لا بد من الاقتراع. فإذا كان هناك معارضة تمثل أكثر من الثلث فهل يؤدي ذلك إلى التعطيل وعدم إمكانية انتخاب رئيس جمهورية وهذا غير معقول على الإطلاق ولهذا السبب لم ينص الدستور على نصاب الانعقاد أن يكون نصاب الثلثين.

 

هل تتوقع أن تأتي الأكثرية إلى المجلس في نهاية ولاية الرئيس لحود وتنتخب رئيساً للجمهورية?

 أتوقع أن تحل الأمور قبل هذا الاستحقاق. وأنا بطبعي أتجنب الأسئلة الافتراضية والمشاكل الافتراضية لنترك الأمر إلى حينه.

بالعودة إلى خطاب السيد حسن نصر الله, البعض اعتبره البيان رقم واحد مع وقف التنفيذ, سيما وأنه أعطى مهلة الانتظار سنتين. وبالأمس صدرت تصريحات لقياديين من »حزب  الله« بأن مخيم رياض الصلح قد يستمر عشرة سنوات, ما رؤيتكم لهذا التطور الجديد وكيف تفسرون خطاب أمين عام »حزب  الله«?

بطبيعة الحال إنه خطاب تصعيدي مع الأسف ينسف كل مبادرات التسوية, لكننا بالنهاية نحن نؤمن بمسألة الحوار, ونؤمن بمسألة التسوية, فهذا الأمر لن يثنينا عن قناعاتنا ولن يكون سبباً لتخلينا عن هذه القناعات, لكن هذا الخطاب من شأنه التصعيد ومن شأنه التهويل ومن شأنه إخافة الناس. يعني أنت تستطيع أن تسأل الناس اليوم في الشارع.. ستجد الناس قلقة من هذا الكلام وكأنه وضعها بين خيارين, إما خيار الحرب الأهلية, أو خيار أن نبقى في الشارع. وبين خيار الحرب الأهلية والبقاء في الشارع, يعني أنهم على استعداد للانتظار سنتين أو لمدة عشر سنوات. طبعاً نحن لا نريد الحرب الأهلية, ولا نريد احتلال الشوارع, هذه المسألة بالنسبة لنا محسوبة, ونأمل ببعض المتغيرات التي قد تجعلهم يتراجعون عن هذا المنزلق.

 

برأيك هل أصبحت سورية جاهزة للأخذ بالنصائح العربية والدولية لتغيير موقفها وتوقف ضغطها على لبنان? وهل تفسر خطاب نصر الله الأخير أتى بإيحاء سوري?

  لا أعلم إذا كانت ستغير موقفها أم لا.. ولكن ردة الفعل على الساحة اللبنانية خاصة بالنسبة لحلفاء سورية لا توحي بأن سورية قد تأخذ بالنصائح العربية والدولية.