صفير لـ «الراي»: سورية لا تريد المحكمة الدولية ولم تهضم ما حصل وتسعى للعودة إلى لبنان

30 أذار 2007

 

بيروت - من سعد كيوان: لا يبدي البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله صفير تشاؤماً زائداً أو تفاؤلاً زائداً حيال الأزمة السياسية في لبنان التي تبدو مستعصية لغاية اليوم، ولا يعلق في الوقت نفسه آمالاً كبيرة على مؤتمر القمة العربية في الرياض «رغم الجهود الخيّرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية».

 

الصرح البطريركي مفتوح للجميع، ويستقبل الجميع من الأكثرية والأقلية، ومن المسلمين والمسيحيين، وفودا محلية وأجنبية.

 

ابتسامة ونظرات ثاقبة ترافق باستمرار أحاديث «سيّد بكركي» مع زواره، يعبّر بأسلوبه الخاص وبجمله المقتضبة عما يجول في خاطره. يقول ولا يقول، ويتحصن وراء كلمة «يقولون» عندما لا يريد ان يجزم او ان يتبنى مباشرة ما يريد ان يطلقه من مواقف وأفكار.

 

ليس من السهل ان تأخذ منه موقفا اذا كان لا يريد أن يعطيه، فالجواب يكون الى جانب السؤال او يرد على السؤال بتساؤل...

 

لم تنجُ سورية من سهامه، فهو يرى انها ما زالت تتدخل في لبنان وتضغط على القريبين منها في لبنان لمنع قيام المحكمة. كما يعرب عن مرارته من تصرف رئيس الجمهورية اميل لحود «الذي يمضي نهاره في السجالات والرد على من ينتقده»، ويذكّر بانه نصحه «بالاعتزال» فلم يستجب، ويبدي تخوفه من ان تصل الأمور الى «مرحلة الرئيسين والحكومتين».

 

جولة الأفق التي خص بها «الراي» بدأت من وضع المسيحيين في لبنان والشرق، الذين يتضاءل عددهم جراء الأوضاع المأسوية ابتداء من العراق، مرورا بفلسطين وانتهاء بلبنان. ويتساءل: «ما معنى هذا الانقسام الذي نشهده اليوم وما معنى الاعتصام وهذه الخيم المنصوبة في الساحات؟ البلد لم يعد يحتمل، اقتصاده ينزف ومصالح الناس ومحالها اقفلت والهجرة تستفحل في صفوف الشباب، وليس المسيحيين منهم فقط أيضا من المسلمين، الذين يتخرجون ولا يجدون عملاً لهم ويبدو المستقبل أمامهم مسدودا».

 

اذاً غبطتك متخوف من الوضع وغير متفائل مما يمكن ان ينتج من القمة العربية؟

- آمل ألا نصل الى فتنة، فاللبنانيون عاشوا على الدوام بتآخٍ وتعاون ومحبة. وهم اليوم منقسمون لأن هناك أطرافا خارجية تتدخل في شؤوننا وتمارس ضغوطا على البعض، لذلك لا أرى امكانية للتوصل الى حل في القمة، رغم الجهود الخيرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في هذا المجال.

 

• الجميع يتهم الجميع بالتدخل ؟

- ربما هذا صحيح، لكن التدخل الأساسي يأتي من عند الجيران (يبتسم).

• أي سورية؟

- سورية خرجت من لبنان ولكن لا تزال موجودة فيه عبر أجهزتها، وعبر الضغوط التي تمارسها مع مَن يرون رأيها ويلتزمون بمواقفها، وهي لم تهضم ما حصل وانها تسعى للعودة الى لبنان.

• هل من أسباب ذلك مطامع ام مخاوف؟

- سورية لا تريد المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري، وهي تخشاها لأن الاتهامات موجّهة اليها في شكل أساسي.

• وما موقف بكركي من المحكمة؟

- قلنا وأكدنا أكثر من مرة موقفنا المطالِب بضرورة انشاء مثل هذه المحكمة، لاننا نحتاج الى وقف القتل وتحقيق العدالة.

• ولكن ثمة مَن يقول ان هناك فريقاً من اللبنانيين لا يريدها...

- من الصعب الاعتقاد ان من اللبنانيين مَن يريد استمرار عمليات الاغتيالات والتفجير، ولا يريد كشف هذه الجرائم. ان سورية تمارس ضغوطا كبيرة على فريق قريب منها كي يعرقل المحكمة ويمنع التوافق الداخلي للخروج من الأزمة الحالية. واللبنانيون عرفوا دائما التعايش في ما بينهم ونتمنى لو يتركون لشأنهم.

لكن هناك من المسيحيين مَن هو متحالف مع المقربين من سورية؟

- نعم، هناك الجنرال ميشال عون المتفاهم مع «حزب الله» لاعتقاده انه سيحصل على دعمه لرئاسة الجمهورية.

• لكن المسيحيين منقسمون؟

- نعم المسيحيون ليسوا موحدي الكلمة كباقي الطوائف، وقلنا مرارا ان قوتهم في وحدتهم، ولكن هناك من يقول ان هذا أمر صحي، فهناك قسم منهم مع الحكومة وضمن الأكثرية وقسم آخر مع الطرف الآخر ممن ما زالوا يطمحون بالعودة الى الحكم كما كان في زمن الوصاية. يقولون ان هذه الديموقراطية، فليكن.

الى متى هذه «الثنائية» في الشارع المسيحي والتي تذكر بالماضي غير البعيد؟

- (يبتسم) نحتاج ربما الى طرف ثالث.

حكومة ورئيس جمهورية لا يعترف الواحد منهما بالآخر...

- لبنان بلد صغير لا يحتمل مثل هذه الانقسامات ونأمل الا نصل الى مرحلة الرئيسين والحكومتين.

• كيف تنظر لمواقف الرئيس لحود من وجهة نظر المسيحيين؟

- ماذا يفعل اليوم؟ يمضي نهاره في السجالات والرد على من ينتقده. هذا طبعا مسيء لصورة الرئاسة ولموقع الرئاسة المسيحي. أنا قلت لرئيس الجمهورية وهو كان جالسا أمامي هنا في فترة الميلاد ان البلاد تحتاج الى خطوة انقاذية حتى ولو كان ذلك على حساب رئاستك. وارسلتُ له بعدها رسالة خطية مع أحد معاونيّ أطالبه فيها بالاعتزال، ولكن...

• لم يستجب وانقطعت الاتصالات؟

- نعم.

• وفي النهاية ما هو المخرج؟

- لا بديل عن الحوار والتفاهم بين اللبنانيين، والحلول يجب ان تنطلق من الداخل وان تتوقف الضغوط الخارجية من الجيران (يبتسم).

• ومن أين البداية؟

- لا شك في ان المحكمة ضرورة وكذلك إقرار قانون انتخاب على أساس الدائرة الصغرى يحفظ صحة التمثيل وعدالته.