مقابلة مطولة وشاملة مع غبطة البطريرك صفير من نهار الشباب

8 تشرين الثاني 2007

 

البطريرك صفير: أُعطينا الطائف وقبلنا به على مضض ولا لتعديله حاليا/لم نسمِّ أحداً الى رئاسة الجمهورية لأن هذا الأمر منوط بمجلس النواب/نحن لا نريد القتال والحروب وقد شبعنا منها، فمنذ اكثر من 30 عاماً نعيش في تجاذب دائم./المجلس النيابي مقفل حتى الآن وهو يجب أن لا يقفل بل يجب أن يفسح مجالاً للنقاش والتفاهم بين النواب/لقد جمعنا جماعة 8 آذار وجماعة 14 آذار في اللجنة وهم الذين اقترحوا اللجنة الرباعية/ لو كانت هناك مؤسسات تعمل كما يجب لما كنا في حاجة الى تسمية أحد. والاسماء تطرح في مجلس النواب وهو المخول في اختيار من يريد انتخابه رئيساً/ اليوم القانون واضح وصريح وهو يتحدث عن المناصفة. ولن تصل الى المثالثة التي يتكلمون عنها اذا توافرت ارادة وطنية صادقة/ وهناك من يقول يجب أن نسمي بعض الاسماء وآخرون يحذرون من التسمية، وأنا لست مخولاً لأنني اذا سميت خمسة أسماء فإن خمسين سيكونون ناقمين عليّ./ قيل لنا انه قد غادر لبنان خلال ثلاثين عاماً أي منذ العام 1975 ما يقارب المليون لبناني وربما كان معظمهم من المسيحيين./ المطارنة جميعهم يبحثون الامور معاً ويحضرون كل اجتماع ونتناقش في كل الامور معاً./الناس اصبحوا في وضع لا يمكنهم تأمين حاجاتهم اليومية لذلك فإنهم يبيعون اراضيهم وهذا دليل يأس/ القوة يأتي بها الرئيس الماروني من ذاته ومن الدستور والقوانين التي ترعى الشأن العام في البلد؟/لا يجب عدم الاستهانة بالصلاة وتملك بكركي الصلاة وتملك غير وسائل ونحن نقول الكلمة التي نرى انه من الواجب ان نقولها/

 

انه البطريرك، بطريرك الموارنة تحديداً، الذي "أعطي له مجد لبنان"، فتجاوز حدود طائفته الى بقاع الوطن. هذا الوطن الذي يتطلّع بأمل كبير الى بكركي وسيدها، رغم افتقاده زيارات البطريرك الى مناطق عديدة في الأطراف، المحرومة على الدوام.

 

انه الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، الذي يقترب من الحريق كإطفائي، ثم نراه يحاذر النار. يصدر البيانات والمواقف التاريخية، لكنه يتجلبب بعباءته عندما يحاول السياسيون دفعه الى صدارة سياسية كانت لمن سبقه في هذا الموقع، وقد لعب أسلافه أدواراً تاريخية في المحافظة على بلد الأرز.

 

يبدو البطريرك في مقابلته مع "نهار الشباب" حكيماً في مواقفه، لكنه يتجنّب الخوض في ملفات كثيرة تحت شعار "لا ندري، ولسنا أهل الاختصاص". ولعله في هذا وذاك يتبع مقولة يرددها "من جرّب مجرّب كان عقله مخرّب".

 

تصدر تصريحات من هنا وهناك، تفسر مواقف سيد الصرح وتوقّع منه، وربما عنه، لكن الحقيقة تبقى لدى البطريرك "في كرسي الاعتراف" وهي انه لن يقدِم على تسمية أي رئيس للجمهورية، ويأسف لكثرة عدد المرشحين، فالأمر ليس دليل عافية، وفي رأيه "هؤلاء لا يقدّرون حجم المسؤولية التي يطلبونها".

 

مع "نهار الشباب" كان هذا الحوار:

 

* كررتم مراراً انكم ترفضون انتخاب رئيس الجمهورية بالنصف زائد واحد. هل تنطلقون من رأي قانوني أم سياسي ولاسيما ان اللبنانيين والعالم ينتظرون رأي غبطتكم في هذا الخصوص؟

يقول الدستور ان انتخاب الرئيس يكون باجتماع ثلثي الاعضاء (النواب) وفي الدورة الاولى إذا لم ينل الرئيس ثلثي الاعضاء فإنه في الدورة الثانية يقبل به رئيساً إذا نال النصف زائد واحد. ولكن أن يجتمع المجلس من دون تأمين النصاب المطلوب أي ثلثي الاعضاء فهذا غير جائز. وانطلاقاً من هذا المبدأ قلنا إنه إذا خرقت الاكثرية الدستور فإن الاقلية في إمكانها أن تقول أنتم خرقتم الدستور ونحن مثلكم سنخرق الدستور وننتخب رئيساً آخر وهنا الطامة الكبرى.

 

* ولكن إذا حصل الانتخاب بالنصف زائد واحد ماذا سيكون موقفكم سيدنا؟

نأمل أن لا يصير. وإذا صار سنرى ونستلهم الروح القدس.

 

* وهل ستقبلون بنتيجة الانتخاب؟

يمكن أن لا نقبل. لا أدري الآن ماذا في استطاعتنا أن نفعل.

 

* لكن ثمة من يقول ويردد ان بكركي في النهاية ستقبل الواقع أي بالرئيس المنتخب؟

لن نجرد حملة عسكرية لأنه ليس لنا عسكر. ونحن طبعاً ازاء الوضع المستجد سنرى الناس كيف سيتصرفون.

 

* وفي مقابل النصف زائد واحد خيار الفراغ أليس كذلك؟

ليس الفراغ انما يكون هناك رئيسان.

 

* الحل الآخر الذي يجري تداوله هو ان تتسلم الحكومة الدفة السياسية في البلاد ويخشى هنا من تغييب موقع رئاسة الجمهورية. فهل يمكن أن يعتاد اللبنانيون على عدم وجود رئيس للجمهورية؟

يعني قد يُستغنى عن رئيس للجمهورية اذا كانت الأوضاع على ما هي عليه.

 

* الا يشكّل هذا الامر خطراً على موقع الرئاسة الاولى؟

طبعاً يشكّل خطراً.

 

* طرح العماد ميشال عون في المقابل فكرة قيام حكومة انتقالية لستة اشهر ريثما يتم التحضير للانتخابات الرئاسية ولقانون انتخاب جديد؟ هل جرى بحث في الفكرة معكم؟

كلا لم تطرح هذه الفكرة معنا.

 

* وهل توافقون عليها في حال عدم التوصل الى انتخابات رئيس للجمهورية؟

سنرى ما هي هذه الفكرة والى أين ستؤدي والآن لا نراها رؤية واضحة.

 

* في ظل المحاصصة الطائفية في البلد واختيار الشيعة لممثليهم في الحكم والسنة كذلك، ما هي حصة المسيحيين وتحديداً الموارنة في الرئاسة الاولى؟

في ما مضى كان الكتلة الدستورية في مقابل الكتلة الوطنية وكانت الطوائف تصطف، قسم مع هذه الكتلة وآخر مع تلك. أما اليوم فإن الاصطفاف تغيّر فنرى ان السنة في مجملهم مع فريق والشيعة في مجملهم مع فريق. أما المسيحيون فمنقسمون.

 

* لذلك يتم النظر الى بكركي ودورها لأنه في ظل الانقسام صرتم المرجع؟

نحمد الله على أن بكركي ليست منقسمة على ذاتها.

 

* إذا نجحت بكركي في جمع المسيحيين فقد تكون هذه بادرة أو مؤشر الى جمع اللبنانيين كافة. هل تبذلون المساعي في هذا الاطار؟

لقد جمعنا جماعة 8 آذار وجماعة 14 آذار في اللجنة وهم الذين اقترحوا اللجنة الرباعية. عندما طلبنا اليهم أن يجتمعوا معاً قالوا لسنا في حاجة الى الاجتماع معاً انما ننتدب عنا لجنة وانتدبوا أربعة اشخاص فاجتمعوا وخرجوا ببعض المبادئ، وكان هناك انسجام في ما بينهم، ولكن ان يجتمع الفريقان على مستوى القيادات فلا أدري اذا كان لهذا الاجتماع ان يتم أم لا.

 

* يقال إن المبادرة انطلقت بطلب من الفاتيكان لتأخذ بكركي الدور وتسحب البساط من تحت أقدام المسلمين الذين يتفاوضون لاتخاذ القرار في موضوع الاستحقاق الرئاسي؟

لا، لم يكن هناك شأن للفاتيكان في هذا الامر انما كان هناك إلحاح من بعض السياسيين الذين كانوا يسألون في الصحف أين بكركي؟ ولماذا لا تجمع الناس؟ ولماذا لا تخرجون بمبدأ جامع الى ما سوى ذلك.

 

* أليس للفاتيكان دور في هذه اللعبة وقد رأينا السفير البابوي لويجي غاتي يجول على القيادات اللبنانية؟

هذا شأنه وطبعاً ان يطّلع على الامور ونحن عندما كنا في الفاتيكان قابلنا قداسة الحبر الاعظم (البابا بينيديكتوس السادس عشر) ورأينا المسؤولين في الكرسي الرسولي وهم يتمنّون طبعاً الوفاق لهذا البلد وأن يكون الناس متضامنين مع بعضهم البعض.

 

* ماذا أنتجت اللجنة الرباعية حتى الآن؟

أنتجت بعض المبادئ وسلّمت الى أصحاب العلاقة.

 

* وهل تكفي المبادئ التي صدرت رغم أهميتها؟

تكفي المبادئ. لو كانت هناك مؤسسات تعمل كما يجب لما كنا في حاجة الى تسمية أحد. والاسماء تطرح في مجلس النواب وهو المخول في اختيار من يريد انتخابه رئيساً.

 

* تحملون الحمل الثقيل وخصوصاً في ظل هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان، فهل يمكن ان تتجاوزوا المبدأ المتّبع وتسمّوا واحداً من المرشحين؟

حتى الآن انتم ترون الصحف وتكتبون فيها، وهناك من يقول يجب أن نسمي بعض الاسماء وآخرون يحذرون من التسمية، وأنا لست مخولاً لأنني اذا سميت خمسة أسماء فإن خمسين سيكونون ناقمين عليّ.

 

* لكن الوطن يا سيدنا يحتاج الى عملية إنقاذ؟ واذا زعل خمسون فهناك اربعة ملايين لبناني يريدون الخلاص؟

هل اذا سمّينا سيأخذون بهذه الاسماء؟

 

* إذاً هنا تكمن الخطورة؟

جرّبنا سابقاً.

 

* رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري قالا انهما يلتزمان ما سيصدر عن بكركي في هذا الشأن؟ فضلاً عن قوى مسيحية عدة أكدت انها خلف بكركي؟

هذه أقوال عابرة. (ويضحك)

 

* أليس لديكم ثقة أنهم جميعاً يسيرون في هذا الامر؟

جرّبنا سابقاً ومن جرّب المجرّب كان عقله مخرباً.

 

* اذاً لن تقدم على التسمية نهائياً؟

لن نقدم، ما دام الوضع على ما هو عليه.

 

* يقال إن المبادرة التي أطلقتها بكركي أساءت اليها اذ قرأنا تهماً لعدد من المطارنة بأنهم انحازوا الى طرف على حساب طرف آخر؟

لم يصلنا هذا الخبر.

 

* لكننا قرأناه ونحن نخبركم به؟

المضمون غير صحيح. المطارنة جميعهم يبحثون الامور معاً ويحضرون كل اجتماع ونتناقش في كل الامور معاً.

 

* ثمة من يقول إن أحد المطارنة انحاز الى فريق وآخر الى ذاك الفريق؟

ربما، ربما لا أدري هذا شأنهم.

 

* إذا كانت المؤسسات تنتج رئيساً للموقع الماروني الاول في البلاد، أليس على بكركي سد هذا الفراغ؟

تسعى بكركي ليكون هناك رئيس ضمن الاطر المعروفة، ولكن لو كانت المؤسسات كما قلنا فاعلة في لبنان لما كنا في حاجة الى هذا التدخل الى جانب البرلمان ولكن يجب ان يكون مجلس النواب فاعلاً وان تطرح أسماء المرشحين فيه وعليه ان يختار من بينهم من يراه صاحب الكفاية.

 

* هل تعتبرون ان الرئيس نبيه بري في الوقت الحاضر يعطّل عمل المجلس؟

ان المجلس مقفل حتى الآن وهو يجب أن لا يقفل بل يجب أن يفسح مجالاً للنقاش والتفاهم بين النواب.

 

* ما صحة الكلام الذي نقل عن غبطتكم انكم لا تريدون رئيساً من هنا أو من هناك، وانكم في اختصار تريدون رئيساً توافقياً؟

لست أنا مَن لا يريد. لكن اذا رفضت جماعة 14 آذار رئيساً من جماعة 8 آذار والعكس صحيح فما هو الحل؟

 

* وهل تؤيدون جهة على أخرى؟

نحن نفضّل رئيساً يجمع اللبنانيين ويساوي بين الناس ويكون على مسافة واحدة منهم وان يكون ذا شأن سياسي يعرف كيف يدير الشأن السياسي في البلاد.

 

* هل نقل لكم وفد "حزب الله" اسم مرشح الحزب والمعارضة أم تركوا الاسم لكم؟

لا، لم نبحث في هذا الامر.

 

* لكنكم تحدثتم في الموضوع الرئاسي؟

تمّ التطرق الى هذا الموضوع بطريقة إجمالية.

 

* لكن وفد "حزب الله" قال قدمنا رأينا في موضوع الاستحقاق الى بكركي؟

نعم أبدوا رأيهم. وثمة بعض الاسماء ذكرت في اللقاء.

 

* غير اسم الجنرال ميشال عون؟

ذكر بعض الاسماء ولا اذكر بالضبط. (ويضحك)

 

* بعض الاسماء يعني أكثر من غيره؟

اسألوهم (حزب الله) لماذا تسألونني أنا عما يقولون. اسألوهم.

 

* عندما جرى انتخاب الرئيس اميل لحود اعتبر من الرؤساء الاقوياء لكنه حظي بالدعم السوري. في هذه الظروف من يعطي الرئيس الماروني هذه القوة؟

القوة يأتي بها الرئيس الماروني من ذاته ومن الدستور والقوانين التي ترعى الشأن العام في البلد؟

 

* لكن ألا ترون ان اتفاق الطائف أضعف دور رئيس الجمهورية؟

انتقص اتفاق الطائف من بعض صلاحياته ولكن هناك من يظن ان الصلاحيات التي بقيت كافية كي يتمكّن الرئيس من إدارة البلاد.

 

* وهل هذه الصلاحيات كافية؟

اذا أحسن التدبير ربما تكون كافية ونحن أُعطينا الطائف وقبلنا به على مضض.

 

* البعض يدعو الى تعديل الطائف، هل غبطتكم من أنصار هذا الرأي؟

قبل أن يعدل الطائف يجب أن يطبّق بحذافيره. وعلى ضوء الممارسة يصار الى رؤية ما اذا كان يحتاج الى تعديل أم لا؟

 

* في حال لم نصل الى انتخابات رئاسية - لا سمح الله - فهذا يعني ان الرئيس فؤاد السنيورة هو الذي سيدير البلاد ويصبح الرقم واحد في الجمهورية. هل يرضيكم الوضع؟

الامور يجب أن تكون على ما ينص عليه الدستور وهناك طبعاً قواعد وقوانين يجب أن ترعى الشأن العام.

 

* يحكى عن المثالثة وتكلم عنها النائب وليد جنبلاط، هل هي أمر مطروح في ظل اختلال التوازن الديموغرافي في لبنان، أم ان هذا الموضوع هو فزاعة للمسيحيين؟

لا أدري. حتى اليوم القانون واضح وصريح وهو يتحدث عن المناصفة. ولن تصل الى المثالثة التي يتكلمون عنها اذا توافرت ارادة وطنية صادقة. يجب أن يظل اللبنانيون على توافق في هذا الامر.

 

* الى أي حد لا يزال الاستحقاق لبنانياً في ظل لقاءات الموفدين العرب والاجانب وزياراتهم الى سوريا وغيرها من البلدان؟ فضلاً عن التحرك السوري والايراني والفرنسي وسواه؟

مبدئياً يجب أن يقرّ اللبنانيون هذا الامر، ولكن اذا كانوا عاجزين عن اقراره فلا نعجب اذا ما تدخل الاخيرون شرقاً وغرباً وقرروا عن اللبنانيين.

 

* الشرق والغرب يتدخلان بقوة في الشؤون اللبنانية؟ مع أن فريق الاكثرية يردد ان القرار لبناني؟

ان شاء الله يكون لبنانياً، ومن الرب نطلب.

 

* يبدو أنكم من كثرة اليأس من السياسيين ترددون عبارة من الرب نطلب؟

طبعاً نستلهم الله دائماً.

* ماذا ستقولون في بيان مجلس المطارنة (صدر امس) وسيكون الأخير قبل موعد الاستحقاق الانتخابي.

حساباتكم منيحة.

 

* هل سيكون في حجم بيان العام 2000 وما هي الاجواء التي تحيط به؟

لا يمكنني أن اقول شيئاً الآن.

 

* لكن الاجواء تكون عادة معروفة؟

في ايلول 2000 أصدرنا بياناً مفصلاً عن الامور التي جرت خلال ذلك العام وهذا له موعد معين وأصدرنا حتى الآن سبعة نداءات، ولكن نحن الآن في تشرين الثاني ولسنا في ايلول. وأصدرنا البيان المطول.

 

* في البيان الاخير تحدثتم عن خمسة موضوعات أولها الرئاسة وثانيها الهجرة. ماذا تفعل الكنيسة في موضوع الهجرة وتزايدها وتقصير الدولة؟

الكنيسة لا يمكن أن توجد عملاً للشباب وكثر من بينهم يتخرجون في الجامعات ويحملون شهادات عليا ويبحثون عن عمل فلا يجدونه، ويشعرون انهم مضطرون للذهاب الى حيث يجدون عملاً وثمة من يذهب الى البلدان العربية ومنهم من يذهب الى أبعد منها الى اوستراليا أو كندا، الفارق ان الذين يقصدون البلدان العربية يعودون الى لبنان ولكن اذا ذهبوا الى اوستراليا وكندا والولايات المتحدة فلا أمل في عودتهم.

 

* هل بكركي قلقة على تأثير الهجرة على الوضع الديموغرافي في لبنان؟

بالطبع هذا شيء واضح وصريح. قيل لنا انه قد غادر لبنان خلال ثلاثين عاماً أي منذ العام 1975 ما يقارب المليون لبناني وربما كان معظمهم من المسيحيين.

 

* في العدد السابق من "نهار الشباب" أعددنا ملحقاً عن الهجرة.

ماذا تبيّن لكم؟

 

* تبيّن أن أعداد المسلمين المهاجرين تساوي أعداد المسيحيين المهاجرين.

وهل هذا الامر يطمئن البال؟

 

* للهجرة اسبابها الاقتصادية ولكن لها اسباباً سياسية وفي جزء منها ان المسيحيين في الاطراف، يهاجرون أكثر من سواهم بسبب وضع إقامتهم، هل الكنيسة واعية لهذا الموضوع وتولي مسيحيي الاطراف اهتماماً أكبر؟

الكنيسة تهتم بجميع الناس ولاسيما بمسيحيي الاطراف. ولكن الكنيسة ليست الحكومة هي تطمئنهم ولكنها لا تستطيع أن توفر فرص العمل والعيش.

 

* البعض يقول إن غبطتكم لم تطمئنوا المسيحيين في البقاع والجنوب، واقتصرت زياراتكم للشوف والشمال فلماذا لم تزوروا الجنوب بعد التحرير؟

وهل الزيارة هي التي تطمئن الناس.

 

* تعطي المسيحيين معنويات؟

اطلعتم على ما نشرته "كاريتاس" وهي تعمل على مساعدة الناس على قدر المستطاع وصرفت مبالغ طائلة. وهذا هو حضور الكنيسة الاجتماعي.

 

* لكن زيارتك الى الجنوب تحمل ابعاداً معنوية مهمة؟

المطارنة موجودون وعندما تسمح الظروف نقوم بالزيارة.

 

* في موضوع الاطراف عوّدتنا الحكومات المتعاقبة عدم اهتمامها بأبناء هذه المناطق سواء كانوا من المسيحيين أم من المسلمين؟

نحمد الله ان مساحة لبنان ليست في مساحة الولايات المتحدة. والجيش اللبناني لم يذهب الى الجنوب الا منذ فترة قصيرة ولم يكن مسموحاً له الذهاب الى الجنوب فهو لا يزال ساحة قتال.

 

* تحدث بعض وسائل الاعلام ان "حزب الله" نفذ مناورات عسكرية في جنوب الليطاني في الجنوب. كيف ترون هذا الامر؟

نحن لا نريد القتال والحروب وقد شبعنا منها، فمنذ اكثر من 30 عاماً نعيش في تجاذب دائم.

 

* لكن هذه التحركات التي يقوم بها "حزب الله" جاءت رداً على المناورات الاسرائيلية على الحدود؟

ربما.

 

* يقلق البعض من بيع وشراء اراضٍ في الجنوب بغية احداث تغيير ديموغرافي في هذه المنطقة وخصوصا في جزين؟

ان الناس اصبحوا في وضع لا يمكنهم تأمين حاجاتهم اليومية لذلك فإنهم يبيعون اراضيهم وهذا دليل يأس من تحسين الوضع في لبنان وخصوصاً في الجنوب. والناس يرون انه من الاجدى لهم أن يبيعوا اراضيهم لسد حاجاتهم اليومية في تعليم اولادهم او توفير عمل او المجيء الى المدينة.

 

* هل ترون اذاً ان ثمة مبالغة ازاء طرح موضوع بيع الاراضي ربما يكون لأهداف سياسية؟

ربما وأنتم صحافيون وتعرفون ماذا يدور ولأي اهداف

 

* هل أعددتم خطة حيال هذا الامر؟ وهل أتى اليكم أشخاص بالأرقام؟

هناك عمليات بيع وشراء ومنهم من يغالي في هذا الامر ومنهم من لا يغالي.

 

* هل سألتم المعنيين في هذا الخصوص، ويقال إن مخططاً شيعياً يعدّ في الوقت الحاضر وكان سنياً قبل ذلك لشراء مساحات شاسعة من الاراضي؟

اذا سألنا فهل سيصدقون القول.

 

* ثمة من يقول إن بكركي أصبحت عاجزة في علاج اوضاع المسيحيين، ألا تخشون من هذا الانطباع؟

ما شأننا نحن في الاراضي، وان شاء أحدهم ان يبيع ارضه، فهل نمنعه نحن وهل يمكن للدولة أن تمنعه ايضاً.

 

* ولكن ماذا تفعل بكركي ليبقى الناس في مناطقهم؟

نحن لسنا حكومة بل مؤسسة كنسية ونقوم بواجبنا على قدر المستطاع وكما يجب. أما انتخاب الرئيس فهو موضوع يهم جميع اللبنانيين وربما يهمنا نحن ايضاً في الدرجة الاولى ولكن ان يطلب منا ان نسمي رئيساً فلا يمكننا أن نقوم مكان المؤسسات الدستورية ولو كانت الاخيرة فاعلة لما كان يطلب منا أحد أن نقوم بهذا العمل. الاسماء تطرح امام النواب وعليهم أن يختاروا.

 

* في بيانكم الاخير تحدثتم عن الاعتصام في وسط بيروت هل استجاب أحد لمطلبكم الى هذا الموضوع؟

لا أدري أنتم تعلمون أكثر منا.

 

* بالاضافة الى موضوع الاراضي يطرح موضوع التوازن في الوظائف العامة فضلاً عن المؤسسات العسكرية والامنية مقارنة بين المسيحيين والمسلمين، هل تمّت معالجة هذا الامر ولاسيما ان عدداً من الوزراء المسيحيين تكفلوا من على درج بكركي انهم سيتابعون هذا الموضوع؟

لم يفاتحني أحد منهم في هذا الامر لاحقاً انما هناك بعض الناس يشكون من ان بعض الوظائف مقفلة بالنسبة اليهم.

 

* لكن في حال وجود خلل حقيقي لا ينبغي على الكنيسة السكوت عنه؟ لأن هذا الامر هو حق لأبنائها؟

طبعاً، ماذا على الكنيسة ان تفعل.

 

* لماذا لا تطلقون صرخة جديدة حيال هذا الامر؟

أطلقنا أكثر من صرخة.

 

* لماذا لا ترفضون هذا الواقع؟

أنتم ترافقوننا وترون ما ننشره من بيانات ونقوله من اقوال. ويجب أن يكون هناك تفاهم بين اللبنانيين فلا يطغى أحد على أحد ولا جماعة على أخرى وهذا هو المطلوب.

 

* ثمة من يرفض دعوة الاقطاب المسيحيين الاربعة الى الاجتماع في بكركي ولا يحبذها؟

لا أدري اذا ما كان أحد يرفض.

 

* الدكتور سمير جعجع قال ان لا ضرورة لمثل هذا اللقاء، وللقائه العماد ميشال عون؟

أنتم أخبر منا. ونحن اجتمعنا مع المندوبين الاربعة الذين أرسلهم الينا رؤساء الاحزاب وأصدرنا بياناً سلمناه الى رؤساء الاحزاب ولم نسمِّ أحداً الى رئاسة الجمهورية لأن هذا الأمر منوط بمجلس النواب.

 

* هل يمكن أن تطلبوا مجدداً من الاقطاب الاربعة اللقاء في بكركي؟

اذا شاؤوا أبوابنا مفتوحة واذا لم يشاؤوا فهذا الامر يعود اليهم.

 

* أليس لكم من موقعكم ان "تمونوا" على الاربعة وهم من ابناء الكنيسة؟

هم ابناء الكنيسة ونحن جمعناهم ولم يجتمعوا معاً واذا لم يريدوا الامر فليس لنا من سلطان لجمعهم غصباً عنهم.

 

* كيف ترون الوضع في المستقبل القريب في ظل التشنج الحاصل وتعب المواطنين واشمئزاز الشباب؟

الوضع مقلق طبعاً ولكن على المسؤولين في الدرجة الاولى والشعب اللبناني أن يرى هذا الامر وينظمه وليس علينا نحن فقط. ونحن نساند الناس وندعوهم الى الوفاق. واذا أخذنا رئاسة الجمهورية مثلاً فإن المطلوب واحد لكن المرشحين كثر جداً وربما تعدّوا الخمسين مرشحاً.

 

* ماذا نقولون لهؤلاء المرشحين عندما يزورونكم في هذا الصرح؟

أرحب بهم.

 

* هل أنتم متفائلون في انجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده؟

اذا عاد الناس الى رشدهم فيجب ان يختاروا الاكفأ والأحسن لرعاية البلاد، وأن يكون المختار على مسافة واحدة من الجميع.

 

* وهل كثرة المرشحين دليل عافية في الطائفة المارونية؟

كلا، هذا يدل على ان كثيرين من المرشحين لا يقدّرون حجم المسؤولية التي يطلبون ان يتحملوها.

 

* يفهم من كلامكم ان اسماء المرشحين تحتاج الى غربلة.

نعم.

 

* ما صحة انكم في هذا الصرح غربلتم بعض الاسماء على ورقة صغيرة مع الرئيس نبيه بري اثناء زيارته الاخيرة لك؟

يبدو انكم تعرفون اكثر منا.

 

* لكون العماد ميشال عون رئيس اكبر كتلة نيابية مسيحية في البرلمان ألا يعطيه هذا الامر أرجحية على بقية المسيحيين؟

عليكم ان تسألوا المرشحين.

 

* لكن ما هي نظرة بكركي في هذا الخصوص؟

هذا الامر يتعلق بالناخبين من النواب، وهم يرون اذا كان لهم ان ينتخبوا ام لا.

 

* بالنسبة الى اعداد المسيحيين تورد تقارير السفارة الاميركية ارقاماً غير صحيحة وتقول انهم اصبحوا 25 في المئة. ما الهدف من هذا الرقم الذي يوزعه الاميركيون كل عام؟

لا ادري ولا اقرأ في الضمائر.

 

* هل الهدف هو زيادة إحباط المسيحيين وكأن مخططات تهجيرهم التي وضعت في السبعينات ما زالت موجودة؟

تريدون القول إن الاميركيين يريدون ان يحبطوا الناس.

 

* نعم؟

لا ادري.

 

* ما هو موقفكم من التحريض الاميركي لفريق لبناني على آخر، من خلال التشجيع على الانتخاب بالنصف زائد واحد؟

نحن ابدينا رأينا وقلنا اكثر من مرة ان الذين يريدون ان ينتخبوا رئيساً للجمهورية بالنصف زائد واحد فإنهم يرتكبون خطأ لأنهم يدفعون الفريق الثاني الى الاقدام على مخالفة الدستور ايضاً.

 

* عندما زرتم عين تراز رأينا صوركم مع السادة البطاركة تتفرجون على الحرائق، وهل الحرائق طائفية وقد أصابت بعض المناطق من دون اخرى؟

من قال انها طائفية. اعرف انه هناك حرائق في اماكن متعددة في لبنان شمالاً وجنوبا ووسطاً منهم من يقول إنها مفتعلة وآخرون يقولون عكس ذلك.

 

* ألم يخبركم احد من المسؤولين حقيقة ما حصل؟

هم لا يعرفون الحقيقة.

 

* هل ستنجحون في اطفاء الحريق الرئاسي؟

وهل هناك حريق في الرئاسة.

 

* هناك مشكلة؟

لكن لا يوجد حريق.

 

* هل بكركي لم تعد تملك الا الصلاة؟

ارى انك تستهين بأمر الصلاة. تملك بكركي الصلاة وتملك غير وسائل ونحن نقول الكلمة التي نرى انه من الواجب ان نقولها.

 

* لمَ لا تطلق بكركي مبادرة للحوار بين المعارضة والحكومة، علّ الامر يكون مبادرة خير على البلاد؟

حوار... تارة يقوم وتارة يختفي. كان هناك حوار في المجلس وبعد ذلك خارج المجلس. لكن يبدو أنه استُغني عن الحوار.

 

* لكن الآمال المعلقة على بكركي تساعد البطريركية على لعب هذا الدور؟

بكركي تسعى جهدها للتوفيق، ولكن ليس لبكركي ان تجترح عجائب.

 

* هل الحملة التي تعرّض لها الرئيس اميل لحود أضعفت موقع الرئاسة؟

طبعاً كل انتقاد يطال مقام الرئيس والرئاسة فإنه يؤثر.

 

* هل تتأمل ان ينتخب رئيس يكون بعيداً عن الانتقاد؟

البشر بشر ويخطئون وقد لا يخطئون، واذا اخطأ فسيتعرض للانتقاد.

 

* رفضتم ان يسقط رئيس الجمهورية في الشارع او تحت الضغط حفاظاً على هذا الموقع، هل تندمون على خطوات في هذا المجال؟

كلا، لا اندم.

 

* هل حافظتم على موقع الرئاسة بهذا القرار؟

الرئيس رئيس، وما دام النواب قد اختاروه ليكون رئيساً، يجب ان يبقى في مقامه وأن يحافظ على هذا المقام وليس للشخص عينه انما للاشخاص الذين سيخلفونه في مقام الرئاسة.

 

* المجتمع الدولي يطلب من الرئيس ان يكون ملتزماً القرارات الدولية، الى اي مدى تطلب منه الالتزام بمضمون نداءات بكركي؟

نحن نطلق النداءات طبعاً، لكن لا يمكننا ان نلزم الناس التجاوب معها.

 

* لكن اذا كان المرشح الرئاسي بعيدا كل البعد عن توجهات بكركي ألا ترفضونه؟

ليس لنا ان نرفضه، النواب عليهم ان يختاروا، هم الذين يعرفون موقفنا ويعرفون ايضا اذا كان هذا المختار سيتجاوب مع نداءاتنا او لا.

 

* هل يمكن ان يؤتى برئيس معاد لسوريا ويحكم؟

نفضل الا يكون معادياً لسوريا. سوريا هي بلد مجاور وعلينا ان نكون في حال اللاخصام معها، وانما في مجال تعاون والمحافظة على الاستقلال اللبناني وعلى الامن فيه.

 

* هناك فئة من الشباب المسيحي تعتبر انكم تنحازون الى فئة من المسيحيين؟

لا يمكنني أن اضبط تفكير الناس، هم احرار في تفكيرهم، لكن اذا كانوا منصفين يرون كيف نتصرف واذا كنا منحازين لهذا او لذاك؟

 

* ولكن الا تنحاز بكركي الى أشخاص يتبنون مواقفها؟

ننحاز الى ذوي الضمائر الحية والى الذين يحبون وطنهم ويعملون في سبيل اعماره وازدهاره والمحافظة على سيادته واستقلاله.

 

* الفترة الأخيرة شهدت تشاوراً بينكم وبين الرئيس العماد اميل لحود، هل اطلعكم على الخطوات التي سيقوم بها في الايام الاخيرة من ولايته؟

كلا.

 

* ماذا لو بقي في قصر بعبدا في حال لم تحصل انتخابات؟

لا ادري، هذا ضرب من المجهول.

 

* ماذا سيكون موقفكم في حال قرر لحود البقاء في قصر بعبدا؟

عندما يحدث الامر سنرى.

 

* تحول الرئيس بري ينبوع تفاؤل.

تفاءلوا بالخير تجدوه.

 

* هل يمكن ان يحصل شيء قبل 24 تشرين الثاني؟

لا ادري، ربما اذا اتفق النواب مع رئيس المجلس وعمدوا الى اختيار رئيس.

 

* تحدث النائب بطرس حرب عن امكان اجراء الانتخاب من بيت الدين، برأيك هل الانتخاب خارج مجلس النواب ممكن؟

وهل هذه اول مرة يحدث هذا الامر؟

 

* حدث في ظروف استثنائية.

والظروف هل اصبحت عادية اليوم؟

 

* هل تتخوف من اغتيالات واعمال امنية في الوقت الحاضر ايضا، كما حذر في الامس الوزير الفرنسي كوشنير؟

اذا أردنا ان نقيس الحاضر على الماضي تعرفون النتيجة.

 

* في التحقيقات مع مسلحي "فتح الاسلام" قيل ان هناك مخططاً لاستهداف البطريرك صفير؟

نحن كسائر اللبنانيين قيل اننا مستهدفون.

 

* الا تخافون؟

نخاف الله.

 

* ما هي رسالتكم اليوم الى شباب لبنان؟

رسالتنا لهم الا ييأسوا وأن يقبلوا على العلم والمعرفة وان يحصّلوا الشهادات اللازمة وان يستفيدوا من البلبلة التي سادت في صفوف من سبقوهم الى الحياة السياسية لكي لا يقتدوا بهم بل ان يعملوا في سبيل لبنان بجد واخلاص وان يكتفوا بما قسم لهم الله من نصيب.

 

* عدد كبير من الشباب اللبناني صار ينظر الى قادة الاحزاب على اساس انهم انصاف آلهة، ماذا تقول لهم؟

ليس من آلهة على الارض. الاله في مكان في السماء.

 

* تحدثتم في بيانكم الاخير عن المدارس وعن عجز الاهالي عن تسديد الاقساط، ما هو دور الكنيسة والمدرسة الكاثوليكية تحديداً في معالجة هذا الوضع؟

المدرسة الكاثوليكية تبذل جهدها لكي تساعد الاهالي لكن هناك من ينتظرون من الكنيسة ان تقبل التلامذة مجاناً. هذا شأن الدولة وللدولة مدارسها. ولكن لسوء الحظ ان مدارس الدولة لا توحي الثقة للأهلين لذلك يقبلون على المدارس الخاصة. والمدارس الخاصة عليها اعباء وواجبات تجاه المعلمين وتجاه الادارة وما سوى ذلك ولا يمكنها ان تعلم التلامذة مجاناً. وأعلم ايضاً ان الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية تسعى جهدها لتأمين بعض المال لمساعدة المحتاجين لكي يتموا دراستهم.

 

* سابقاً كانت المدرسة الكاثوليكية هي الاكثر انتشاراً وانفتحت على الآخرين، اليوم لكل طائفة وحزب مدرسته في رأيكم المدرسة الخاصة التي توفر العلم ألا تمنع فرصة اللقاء بين اللبنانيين؟

نحن نرحب بأن يكون لكل طائفة مدارسها ولكن هناك مجالات عدة يمكن للتلامذة ان يلتقوا فيها.

 

* اذا دخل تلميذ مدرسة طائفته وجامعة طائفته فأين سيلتقي التلامذة؟

في المجتمع اللبناني الذي ليس مقفلاً على نفسه.

 

انتهت المقابلة