مقابلة من جريدة السياسة مع رئيس حزب الوطنيين الأحرار الإستاذ دوري شمعون

شمعون/أسأل عون ماذا يملك من مقومات القيادة/الحكومة تحكم لبنان دستوريا حتى انتخاب رئيس/كبيره على عون ادعاؤه بأنه بطريرك السياسة المارونية/ أريد أن أقول للبنانيين بشكل عام وللموارنة بشكل خاص أننا كموارنة نقوم بتخريب بيتنا بيدنا وكل ذلك بسبب وجود شخص يريد الوصول إلى أهدافه الشخصية وهذا الغطاء الماروني الذي يعطيه عون لحزب الله هو الذي سمح لهذا الحزب بالتمادي بضرب الدولة اللبنانية وهذا التمادي لحزب الله سمح لسورية بالتمادي أيضاً باستعماله كوسيلة لإعادة بسط نفوذها على هذا البلد, كما أن على الموارنة خصوصا أن يفهموا أن هذا الشخص الذي يدعي بأنه بطريرك السياسة المارونية, أن هذا اللقب كبير جداً عليه.

 

 بيروت/صبحي الدبيسي/ السياسة

كانون الثاني 2/2008

 

»على الموارنة أن يفهموا أن هذا الشخص الذي يدعي بأنه بطريرك السياسة المارونية من الواضح أن هذا اللقب كبير عليه جداً, وإننا كموارنة نقوم بتخريب بيتنا بيدنا وكل ذلك بسبب وجود شخص يريد الوصول إلى أهدافه الشخصية, وأن هذا الغطاء الماروني الذي يعطيه ميشال عون ل¯"حزب الله" هو الذي سمح لهذا الحزب بالتمادي في ضرب الدولة اللبنانية, وهذا التمادي سمح بدوره لسورية باستغلال هذا الحزب كوسيلة لإعادة بسط نفوذها على هذا البلد".

بهذه الكلمات يوجز رئيس حزب »الوطنيين الأحرار« دوري شمعون كلامه ل¯"السياسة" في حديث تناول فيه كل المستجدات السياسية التي حالت دون تمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية, من دون أن يوفر أحداً من الرئيس نبيه بري إلى "حزب الله" إلى العماد عون الذي اعتبره "ملك الأخطاء" ويعمل على طريقة "علي وعلى أعدائي".

 

وسأل شمعون: "أين تصرف تصريحات الرئيس جورج بوش, لأن لبنان شبع كلاماً ووعوداً", موضحاً "أن الأوروبيين فقدوا الكثير الكثير من عصبهم تجاه لبنان. وأن العلاقات السورية-الإسرائيلية أصبحت مبعثاً للشك لأن الحدود بين الدولتين تشبه حدود سويسرا والنمسا, وأن الوزير المعلم كان يتصل بالإسرائيليين على المكشوف عندما كان سفيراً لبلاده في الأمم المتحدة".

 

ونفى شمعون أن يكون مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد وولش قد طلب من الأكثرية العودة إلى النصف زائد واحد, بل جاء ليؤكد بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن لبنان الذي أصبح جزءاً من حدودها الأمنية التي تمتد إلى باكستان, وأنها لن تسمح بأن يعود لبنان وكراً للمنظمات الإرهابية بحماية سورية وإيران".

 وفيما يلي نص الحوار:

 

سورية تعيق حل الأزمة

 

  لأول مرة لبنان من دون رئيس جمهورية. هذا المؤشر الخطير, كيف تقرأه هل سيؤدي الفراغ إلى ضياع الجمهورية, أم إلى زوال لبنان كنموذج ثقافي في الشرق?

  يجب أن نصحح هذه المسألة لأنه, وللمرة الاولى لبنان المستقل من دون رئيس جمهورية, بعد أن كنا بدون رئيس جمهورية طيلة 18 عاماً, وبرأيي لا بد من أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه, لأن سورية لم تستسغ بعد عملية خروجها من لبنان, كما أنه لسوء الحظ يوجد في لبنان حلفاء كثر لها, ولهذا فهي تتمادى بالتذاكي على اللبنانيين وعلى الرأي العام العربي والعالمي. لقد حصلت مبادرات عدة لكنها مع الأسف اصطدمت بجدار الرفض السوري, وبصورة خاصة المبادرة الفرنسية والمبادرة العربية, وفي الأساس كانت المبادرة الفرنسية فاشلة, لأن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي استطاع أن ينجح في بعض الدول, كون مبادراته كانت ذات طابع إنساني, فشل في لبنان لأن الطابع الإنساني مفقود في ظل دولة تريد الهيمنة, وليس لديها ذرة من الاحترام لا للإنسان ولا للحيوان.

لا تريد سورية حلاً للأزمة اللبنانية, وهي تحتال على الجميع, وأهم شيء بالنسبة إليها هو عدم قيام الدولة في لبنان, لأن وجود دولة لبنانية مستقلة يزعج النظام السوري كثيراً, خاصة أن لبنان على أبواب إنشاء المحكمة الدولية, لذلك فإن سورية ستفعل ما بوسعها لتعطيل هذه المحكمة, وهي تسعى للمجيء برئيس جمهورية على شاكلة الرئيس لحود, ليتسنى لها بالتوافق معه إلغاء دور المحكمة لأنها ستكون سيفاً قاطعاً فوق رأس النظام السوري, وهذا هو الهدف الأساسي الذي تسعى إليه.

أما الفريق الموالي لسورية, والذي يرتبط معها بمصالح خاصة, أي "حزب الله", ويملك مشروع دويلته, فهو أيضاً لا يريد دولة لبنانية قوية, تتمسك بالقانون وتبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية بما فيها الضاحية الجنوبية, لأن قيام الدولة ليس من مصلحة "حزب الله", كما أنه لا يريد القبول بأن يكون درجة ثانية أو ثالثة بعد قيام الدولة.

ويبقى الفريق الآخر المتمثل بالعماد ميشال عون, الذي يحاول التذاكي على الذين يسيرون خلفه بأنه ليس معزولاً, لكنه وفي النهاية استطاع أن »يبق البحصة«, بعد أن تباهى فاروق الشرع بأصدقائه في لبنان, وفي مقدمهم ميشال عون, بأنهم أصبحوا الأقوى على الساحة اللبنانية, وأن سياستهم في لبنان ستستمر لأن موقع سورية في هذا البلد ما زال في المقدمة.

ولقد أقر ميشال عون بهذه العلاقة المميزة, لأن مشروعه هو الوصول إلى رئاسة الجمهورية, ولذلك فهو متحالف مع كل الذين لا يريدون قيام الدولة.

وهنا لا بد من السؤال إلى أين? وجواباً على هذا السؤال, فإنني ما زلت مقتنعاً بأن القرار الدولي لا يزال إلى جانب الحكومة اللبنانية, لذا فإن المعارضة تريد التلاعب على الدستور, والتلاعب على مطالب الشعب, من خلال تعديل الدستور, وهذا ما كان الرئيس نبيه بري عرضه على النائب سعد الحريري, لإيجاد المخرج للأزمة, والذي يقضي باختيار العماد سليمان رئيساً للجمهورية.

 

فخ المعارضة

وكانت المعارضة تعتقد أن الأكثرية سترفض هذا الطرح, وعندما وافقنا عليه بدأوا بخلق الأعذار للتنصل من هذا الالتزام, وما زالوا يسيرون بهذا الاتجاه. ولكن ماذا ستكون النتيجة? النتيجة هي أن الحكومة بحكم الدستور ستستمر بالحكم حتى انتخاب رئيس للجمهورية, رغم أننا كنا نتمنى تعبئة هذا الفراغ بغير طريقة وبغير أسلوب, وأن يصار إلى انتخاب رئيس الجمهورية وفقاً للدستور والعرف, بحيث يباشر رئيس الجمهورية بالاستشارات النيابية ويتم تكليف الشخص الذي تجتمع عليه الكلمة بطريقة طبيعية, لكنهم في المعارضة رفضوا ذلك, بوضع شروط تعجيزية للقبول بالعماد سليمان, مشترطين تعديل الدستور على طريقتهم, وهو تعديل غير شرعي, لأنه سيكون سيفاً مصلتاً فوق رأس العماد سليمان, ولأنهم بهذه الطريقة يستطيعون أن يطعنوا بانتخابه رئيساً للجمهورية, من خلال عريضة موقعة من عشرة نواب تقدم إلى المجلس الدستوري, الذي سيرى أن انتخاب العماد سليمان ليس دستورياً, وبالتالي يصبح وجوده في رئاسة الجمهورية باطلاً, هذا من جهة, ومن جهة ثانية يريدون تكبيل صلاحيات رئيس الجمهورية بشروطهم التعجيزية, وكأنه قاصر عن القيام بواجباته الدستورية, وهكذا فإنهم عادوا إلى نغمة الثلث المعطل, وكأنهم بذلك يرفضون أية تسوية تعرض عليهم, لأن الثلث المعطل بالطريقة التي يتحدثون عنها يصبح أقوى من الثلثين المتبقيين, ولهذا فهم يلعبون بورقة العماد عون ولا أعرف إلى أية درجة يرغبون بوصوله إلى الحكم, لكنهم ومن خلال نقل ورقة التفاوض من يد بري إلى عون حاولوا إيهام الناس بأن المشكلة في البلاد مسيحية-مسيحية, ويبدو أن العماد عون مرتاح لهذا الوضع, ويبدو ذلك واضحاً من طريقة البيانات والمواقف التي يطالعنا بها يومياً.

 

رأى البعض, أن عون عندما وجد أن بري لم يطرح اسمه بشكل جدي كمرشح إجماع للرئاسة, احتج لدى السوريين, فاضطروا إلى سحب ملف التفاوض من بري وتسليمه إلى عون. في هذا السياق هل تجدون أن بري يناور عليكم كأكثرية أم أنه محرج امام القيادة السورية?

- إذا كان بري يناور على الأكثرية, فهذا الأسلوب عاطل جداً, وهذا طبعاً ينطبق على كل ما قام به منذ أكثر من سنة حتى اليوم, بعد إقفال مجلس النواب ووضع مفتاحه في جيبه, أما إذا كان وضعه كما يدعي البعض أن هناك سيفاً مصلتاً على رأسه, فهذا أيضاً عار أكثر, ويبرهن عن عدم رجولية, وعن جبن وخوف, وفي الحالتين لا شيء يشرف نبيه بري في هذا الموضوع, ولا نريد من أحد أن يجد له عذراً.

 

يتصرفون ع¯"الهلة"

 الرئيس بري يدعي أن المادة 74 من الدستور تسمح له باستمرار الدعوة لانتخاب حتى بعد انتهاء الدورة العادية, فلماذا دخلت الحكومة على خط الأزمة واقترحت زيادة فقرة على المادة 49 كي تتيح للعماد سليمان الترشح إلى الرئاسة?

  لا أريد الدخول في نقاش قانوني دستوري, ولكن أظن أن كل الذين أخذنا مشورتهم في هذا الموضوع يفقهون الدستور جيداً, والقانون واضح, كي يسمح لموظفي الفئة الأولى بالترشح إلى الرئاسة يجب تعديل الدستور, وهذا التعديل يجب أن يمر في مجلس الوزراء ليتقدم باقتراح قانون للمجلس النيابي كي يوافق عليه بثلثي الأعضاء..

أما المعارضة فهي تريد عكس ذلك بحجة عدم الاعتراف بالحكومة, لأنهم وكما أصبح معروفاً, يعترفون بالحكومة ساعة يشاؤون عندما يجدون لهم مصلحة بذلك, لأن الحكومة أجرت انتخابات نيابية فرعية والمعارضة قبلت بنتائجها, كما أن الوزراء المستقيلين يمارسون مسؤولياتهم ويتقاضون رواتبهم. ماذا يعني ذلك? ولماذا يداوم الوزير المستقيل فوزي صلوخ في وزارة الخارجية ويستقبل كل الموفدين الذين يزورون لبنان, وكذلك وزير الصحة الذي لم يغب يوماً عن عمله في الوزارة, وأيضاً وزير العمل طراد حمادة? فهل المسألة أصبحت عشائرية إلى هذا الحد? أم يتصرفون حسب "الهلة"?

لم يعد لدى المعارضة مصداقية, مصداقيتها صفر سواء في الداخل أو في الخارج, ولا أحد يحترم هذه المعارضة باستثناء المرتبطين بها بمصالح خاصة ما بين إيران وسورية. قد يكون بري متضايقاً من هذا الوضع, وليس باستطاعته أن يعادي "حزب الله" تحاشياً لشره, كما أن بعض الدول الخليجية المؤيدة ل¯"حزب الله" أيضاً, تحاول تحاشي الشر الإيراني المهدد لدولهم, وذلك لوجود مواطنين شيعة في هذه الدول, بحيث يمكن لإيران أن تحركهم كما تحرك سورية "حزب الله" في لبنان.

 

  برأيك هل صحيح أن العماد عون بعد اقتناعه بعدم وصوله إلى سدة الرئاسة يريد أن يهدم الهيكل على رؤوس أصحابه?

هذه القناعة وصل إليها عون منذ زمن, "علي وعلى أعدائي" ولكن أريد أن أسأل: ماذا يملك عون من مقومات القيادة?

 

  لماذا لم تكن الوعود الأميركية والأوروبية بالمساعدة على إيجاد حل فاعلة أكثر?

لقد جربوا المساعدة لكنهم اصطدموا بالتعنت السوري, ألم تأخذهم فرنسا إلى "سان كلو" وكانوا قد وافقوا سابقاً على كل مقررات طاولة الحوار الوطني, لكنهم عادوا وانقلبوا على كل شيء.

 

  ماذا تفهم من كلام الرئيس بوش بأنه ضاق ذرعاً من تصرفات الرئيس الأسد?

  منذ مدة والرئيس بوش يعلن إلى الملأ انزعاجه من تصرفات بشار الأسد, ومن مواقف سورية غير المتعاونة لحل الأزمة اللبنانية. ولكن أنا أسأل عن الكلام الذي يكرره الرئيس بوش, هل يصرف في لبنان? لقد شبع لبنان كلاماً ووعوداً, أما إذا كانت الدول الكبرى تعتبر نفسها أنها تدافع عن حقوق الإنسان وعن الشرعية الدولية, فأنا أريد أن أسألهم: هل يوجد شرعية دولية تسمح لدولة ما أن تتعاطى بأمور دولة أخرى? أين هي الشرعية الدولية التي تسمح بهذا التدخل? فإذا أرادوا تطبيق هذا الأمر حيال ما يجري في لبنان عليهم أن يتخذوا إجراءات رادعة ضد سورية, وعلى الأمم المتحدة أن تعلن إلى الملأ بأن سورية تخالف مبدأ الشرعية الدولية, ويجب أن تتخذ بحقها إجراءات رادعة تمنعها من التدخل بالشأن الداخلي اللبناني لأي سبب من الأسباب, مع أننا لا نريد أن تكون هذه الإجراءات حرباً ضدها, ولكن قد تكفل عدم تدخلها في لبنان, وقد تتم هذه الإجراءات من خلال مقاطعة سورية تجارياً وسياحياً واقتصادياً, وما نطلبه من أوروبا, نطلبه أيضاً من الدول العربية, التي ما زالت تتبع معنا سياسة (تبويس اللحى والضحك على الذقون) لماذا وجدت الجامعة العربية? هناك نص أساسي في ميثاق الجامعة العربية يقول بالمحافظة على العلاقات الأخوية بين دول الجامعة العربية واحترام استقلال هذه الدول, فأين المحافظة على استقلال لبنان? ولماذا لم يتخذ أي إجراء من قبل الجامعة العربية ضد سورية وتدخلها السافر بلبنان?

 

ساركوزي جديد في السياسة

  كيف تقيم اتصال الرئيس الفرنسي ساركوزي بالعماد ميشال عون, واتصاله بالرئيس الأسد أيضاً?

يكون الرئيس ساركوزي معذوراً لقيامه بهذه الاتصالات بهدف حلحلة الأمور من منطلق حرصه على لبنان, وعلى مصلحة لبنان, ولكن علينا أن لا ننسى بأن الرئيس ساركوزي جديد في السياسة الخارجية, وتحديداً لجهة مقاربة الملف اللبناني, وأعتقد أن خبرته بالنسبة لسورية ليست قوية, ولكنه لو درس الملف السوري-اللبناني كما يجب, لوجد أن القوة فقط تنفع مع هذه الدولة, لأن سورية لا تسير إلا وفق ما تريد سواء في الداخل السوري أو في لبنان. مهما قدم لها العالم.

 

  هل صحيح ما تداولته بعض وسائل الإعلام, بأن إسرائيل هي التي منعت الرئيس بوش من اتخاذ عقوبات ضد سورية?

  لا أعرف طبيعة ما يجري خارج إطار ما هو معلن, ولكن الأساس هناك اتفاق سوري-إسرائيلي, ومعروف عن الوزير وليد المعلم كيف كان يتواصل مع إسرائيل, عندما كان سفيراً لبلاده في الأمم المتحدة, لأن اتصالاته كانت على المكشوف مع الجانب الإسرائيلي, ويجب ألا ننسى قصة الحدود الآمنة بين سورية وإسرائيل, فهي أصبحت مثل الحدود بين سويسرا والنمسا. فلماذا كل هذا الصراخ في لبنان واعتبار إسرائيل هي العدو وعلينا أن نقاوم هذا العدو, لأن سورية تدعي بأنها تمثل الصمود العربي. وإذا لم نفعل ذلك نتهم بالخيانة.

تحافظ إسرائيل على الأمن السوري وكأنه أمن بلدها, ولو أرادت برمية حجر من الجولان أن تصيب الشام. هذه الأمور على ماذا تدل? أضف إلى ذلك فإن إسرائيل متمسكة بالحكم في سورية تحت ذريعة الخوف من تغيير الأمور خشية وصول أكثرية من بينها "سنة متطرفون" تتولى خربطة الوضع على الحدود, ولذلك فهي تريد الاحتفاظ بهذا النظام وبهذا الحزب الحاكم, وهذا الأمر غير مقبول أبداً, لأن الاعتراض الإسرائيلي على الوجود السُني على حدودها ليس له ما يبرره, لأن الأردن دولة سُنية, وهناك معاهدة صلح معها, ومصر أكبر دولة سنية في العالم العربي. وأيضاً هناك معاهدة سلام وتبادل سفراء, لكن القصة كلها قد تختصر بشيء واحد, أن هناك اتفاقاً سورياً-إسرائيلياً, تحافظ إسرائيل بموجبه على حكم حزب البعث في سورية مقابل سيطرة إسرائيل على الجولان, والسماح لسورية أن تفعل ما تريد في لبنان لأن الإسرائيلي لا يريد لبنان, هذا المثل للتعايش الطائفي, الذي هو الصورة العكسية للدولة العبرية.

 

  هل صحيح أن عدم ضغط المجموعة الأوروبية على سورية سببه الخوف على قوات "اليونيفيل" في الجنوب من تعرضها للاعتداءات من قبل مجموعات تابعة للنظام السوري?

  لا أتعجب من هذه الحجج الواهية, لأن الأوروبيين مع الأسف فقدوا الكثير من عصبهم تجاه لبنان, وربما هم مقتنعون بأن لديهم ما يكفيهم من المشاكل ولا يريدون التدخل في الشأن اللبناني بطريقة تؤثر على مصالحهم التجارية مع سورية وإيران, ولكن هذه الحسابات خاطئة, لأن قيام الدولة اللبنانية قد يوفر عليهم هذه المصاريف وهذه المتاعب, لكن العملية تتطلب قراراً واضحاً وجريئاً لضبط التدخل السوري وعندها ينتهي كل شيء.

  كيف سحبت سورية قواتها من لبنان بعد اغتيال الرئيس الحريري بتصريح واحد? ولماذا اليوم كل الضغوط الدولية لا تؤثر على الموقف السوري?

  هذه المسألة فعلاً لم أجد لها التحليل المنطقي, عدا عن المثل القائل (من أوصل الحمار إلى السطح عليه أن ينزله), من الأساس من أدخل السوريين إلى لبنان غير الأميركيين... هم أدخلوهم إليه وهم أخرجوهم منه. ولكن يبدو أن إسرائيل قد دخلت على الخط, وهي تطلب من أميركا التمهل بضغطها على الجانب السوري.

 

أميركا متمسكة بلبنان

  هل صحيح أن ديفيد وولش جاء إلى لبنان ليقول لكم بأن تعودوا إلى خيار النصف زائد واحد?

لا.. أبداً لم يأت لهذا السبب.

 

  ماذا يعني مجيئه إلى لبنان مرتين في أقل من أسبوع?

أتى وولش ليقول أن أميركا متمسكة بلبنان, وهو من ضمن المنطقة التي تعتبرها الولايات المتحدة الحدود الأمنية لها, كي لا يحصل في أميركا ما حصل في 11 سبتمبر ,2001 لذلك فإن الحدود الأمنية للولايات المتحدة تصل إلى باكستان, ونحن من ضمن هذه الحدود, لذلك أتت أميركا إلى العراق, وقامت بالقضاء على "القاعدة" في أفغانستان من أجل المحافظة على أمنها, لذا لا يمكن للولايات المتحدة أن تتخلى عن لبنان, لأننا لا ننسى أنه بسبب سياسة الولايات المتحدة الملتوية, أصبح لبنان بعد حرب 1967 قاعدة لكل المنظمات الإرهابية مثل كارلوس وبدر مانهوف والجيش الأحمر الياباني وأبو نضال وسائر الأبوات الذين "عشعشوا" في هذا البلد. لا تريد أميركا بعد 11 سبتمبر أن تعود إلى الفوضى في هذا البلد, وأن يعود لبنان وكراً للمنظمات الإرهابية بحماية سورية وأعوانها, لهذا السبب أتى وولش ليقول بأن الإدارة الأميركية لم تتغير بموجب مشاركة سورية في أنابوليس, وأنهم كإدارة أميركية لم يطلقوا من جديد يد سورية في لبنان, وأنهم ما زالوا يصرون على لبنان كدولة قوية ومستقلة.

 

  إطالة حل أزمة الاستحقاق الرئاسي يطرح أكثر من علامة استفهام حول تماسك قوى 14 آذار?

أستطيع أن أؤكد عدم وجود مشاكل في 14 آذار, ولكن يُوجد تباين في المواقف لأننا لسنا حزباً واحداً, نحن كأصابع اليد وكل إصبع يأخذ شكلاً معيناً, ولكننا لا زلنا معلقين بنفس اليد, وعندما اتخذنا قراراً بتبني ترشيح العماد سليمان, الوحيد الذي كان موقفه متبايناً عن 14 آذار, هو العميد كارلوس إده لأنه ضد تعديل الدستور, وأنا أيضاً ضد تعديل الدستور وضد تعاطي العسكر في السياسة, ولكن اليوم مصلحة لبنان تقتضي بعض التنازلات للوصول إلى الحل, لذلك فإننا على استعداد لتقديم بعض التنازلات حفاظاً على لبنان.

 

  تؤشر بعض مواقف المعارضة إلى أنهم يريدون من العماد سليمان سحب ترشيحه من التداول, فما حقيقة هذه المواقف?

لم تتوقع المعارضة تبني الأكثرية ترشيح العماد سليمان, وهذا ما فاجأهم, كما أظن أن اغتيال العميد فرنسوا الحاج هو رسالة إلى العماد سليمان ليقولوا له بأن يدهم طائلة, ولكن بالنسبة إلينا كأكثرية نحن أعطينا العماد سليمان وعداً بتأييده.

 

  هل تعتقد أن سليمان ماضٍ في ترشحه?

  أعتقد ذلك, والتواصل قائم معه باستمرار.

  يهدد العماد عون بأن رد المعارضة على الحكومة سيكون مفاجئاً, ماذا تتوقع أن يكون هذا الرد?

  ميشال عون و"حزب الله" ما زالا يهددان منذ فترة, تارة باحتلال البلد, وطوراً بانقلاب كامل على الدولة, ولا أعرف ماذا بقي في حقيبتهما من رسائل تحريضية, ومن أخطاء أخرى بعد الأخطاء التي ارتكبوها بحق هذا البلد, لأنني أعلم أن ميشال عون ملك الأخطاء, ولو استطاع أن يتعلم من أخطائه لكان تعلم من الماضي.

البعض يتحدث عن قيام ثنائية شيعية-سنية بمعزل عن الطائفة المارونية, والبعض الآخر يقترح صيغة المثالثة بين الشيعة والسنة والعماد عون, بمعزل عن "الطائف" الذي يقول بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين, ما هي محاذير هذه الاقتراحات?

لقد أصبحوا في حيرة من أمرهم ماذا يفعلون, أحياناً يهولون بحرب سنية-شيعية تدوم مئة سنة وتمتد لكل الشرق الأوسط, وأحياناً يهولون على المسيحيين أن يلتفوا حول ميشال عون قبل أن يأكلهم السنة والشيعة, ولكن خيالهم مع الأسف واسع جداً في نسج هذه المؤامرات, ولا يصح إلا الصحيح.

 

  ما هي كلمتك الأخيرة للبنانيين ?

  أريد أن أقول للبنانيين بشكل عام وللموارنة بشكل خاص, أننا كموارنة نقوم بتخريب بيتنا بيدنا وكل ذلك بسبب وجود شخص يريد الوصول إلى أهدافه الشخصية, وهذا الغطاء الماروني الذي يعطيه ميشال عون ل¯"حزب الله", هو الذي سمح لهذا الحزب بالتمادي بضرب الدولة اللبنانية, وهذا التمادي ل¯"حزب الله" سمح لسورية بالتمادي أيضاً باستعماله كوسيلة لإعادة بسط نفوذها على هذا البلد, كما أن على الموارنة خصوصا أن يفهموا أن هذا الشخص الذي يدعي بأنه بطريرك السياسة المارونية, أن هذا اللقب كبير جداً عليه.