مقابلة من جريدة السياسة مع النائب دوري شمعون رئيس حزب الوطنيين الأحرار

بيروت - صبحي الدبيسي: السياسة 20 أيلول

*إسرائيل تستخدم النظام السوري لتقسيم لبنان

*عون وفرنجية بتفكك المسيحيين

*إسرائيل وسورية مسؤولية تعطيل العمل السياسي في لبنان

*الوضع على الحدود السورية-الإسرائيلية لا شبيه له ما بين النمسا وسويسرا

*إسرائيل عملت كل ما بوسعها ليبقى النظام السوري قائماً

*لا أحد يمكن أن يقنعنا بأن إسرائيل متخاصمة مع سورية, وأن سورية هي عدوة لإسرائيل كما تدعي

*حزب الله" يريد تحقيق الجمهورية الإسلامية, وأن إسرائيل تعطيه العذر دائماً لتحقيق مشروعه

*حزب الله الذي يبدو غير مستعجل على تشكيل الحكومة

*العماد عون لا يهمه سوى الكرسي ولو على الخازوق ويتخيل أنه المسيح الثاني على الأرض وهو غطاء لمشروع حزب الله

*الحريري لا يملك عصا سحرية لكي يشكل الحكومة إذا استمرت المعارضة على شروطها

*إذا كانت جماعة المعارضة يريدون افتعال 7 أيار جديدة, فإنهم يخطئون بحساباتهم

*كل البهورة وهز الأصابع والتهديد والوعيد لن ترعب أحداً وهي لغير العصر الذي نعيشه

*اللامركزية الإدارية مشروع حضاري وديمقراطي ولا تتلاقى مع طروحات "حزب الله" وميشال عون

*بدأت أخلط ما بين وئام وهاب وبين ديكارت ولم أعد أعرف كيف أفرق بين وهاب وأينشتاين.

 

 

حمّل رئيس "حزب الوطنيين الأحرار" النائب اللبناني دوري شمعون إسرائيل وسورية مسؤولية تعطيل العمل السياسي في لبنان وإبقاء موضوع الحكومة معلقاً »نتيجة الشروط التصعيدية التي يفرضها رئيس كتلة "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون مدعوماً من "حزب الله" الذي يبدو غير مستعجل على تشكيل الحكومة«, واصفاً الوضع على الحدود السورية-الإسرائيلية بأنه »لا شبيه له ما بين النمسا وسويسرا, وإن إسرائيل عملت كل ما بوسعها ليبقى النظام السوري قائماً«.

شمعون وفي حوار أجرته "السياسة" معه أكد أن "حزب الله" يريد تحقيق الجمهورية الإسلامية, وأن إسرائيل تعطيه العذر دائماً لتحقيق مشروعه, كما أن العماد عون لا يهمه سوى الكرسي, ولو على »الخازوق« وأن إيران تستخدمه كغطاء مسيحي لتنفيذ هذه المؤامرة, معتبراً أن »التاريخ المسيحي يبدأ من خلاله, لأنه لا يعترف لا بكميل شمعون ولا ببيار الجميل ولا بكل الزعامات التي مرَّت قبله, حتى خيل له بأنه المسيح الثاني على الأرض«, واصفاً الوضع المفكك على الساحة المسيحية, بأنه »نتيجة تسليم القرار المسيحي إلى عباقرة مثل ميشال عون وسليمان فرنجية, محاولين إيهام الناس بأن لا أحد يفهم مصلحة المسيحيين غيرهم«.

شمعون رأى أن »الرئيس المكلف الشيخ سعد الحريري لا يملك عصا سحرية لكي يشكل الحكومة, وإذا استمرت المعارضة على شروطها, ولم تقدم تنازلات, فهذا يعني أن الأزمة سوف تطول أكثر مما يتوقعه البعض. وإذا كانت المعارضة تريد افتعال 7 مايو جديدة, فإنهم يخطئون بحساباتهم لأن لا إسرائيل ولا سورية ولا الفلسطينيون استطاعوا السيطرة على لبنان. وأن كل »البهورة« وهز الأصابع والتهديد والوعيد لن ترعب أحداً وهي لغير العصر الذي نعيشه«.

وهذا نص الحوار:

 كيف تفسر عرقلة المعارضة تشكيل الحكومة, وهل ما حصل كان نتيجة ضغوط خارجية, ولماذا تقف المعارضة بوجه تأليف الحكومة؟

العرقلة التي تفتعلها المعارضة في كل استحقاق, أصبحت واقعاً وبرأيي فإن إسرائيل تقف وراء كل الأزمات التي تنشأ في هذا البلد, لأنها لا تريد للبنان أن يكون مزدهراً وقوياً. وعندما اجتاحته في العام ,1982 حاولت تقسيمه طائفياً, لكنها فشلت, ثم جربت تقسيمه من خلال حرب الجبل بين الدروز والمسيحيين, وفشلت أيضاً.

 

لماذا تصر إسرائيل على تقسيم لبنان؟

لأن لبنان, البلد المتعدد الطوائف والثقافات, يشكل صورة معكوسة لصورة الدولة العنصرية التي اسمها إسرائيل. لأنها ترفض التعايش مع الفلسطينيين, ولأن لبنان بلد التعايش, فهذا الأمر يزعجها كثيراً. ولذلك تفكر دائماً بتدمير هذه الصيغة القائمة. كما أن لبنان برهن عبر كل هذه السنوات, أي منذ قيام الدولة العبرية, بأنه البلد الوحيد الذي ينافسها حضارياً وثقافياً وديمقراطياً, لذلك لا تريد لبنان دولة قوية, تريده دولة ضعيفة, مقسمة طائفياً ومذهبياً.

أما الأدوات التي تستخدمها لإضعاف لبنان فهي النظام السوري بشكل أساسي. ولا أحد يمكن أن يقنعنا بأن إسرائيل متخاصمة مع سورية, وأن سورية هي عدوة لإسرائيل كما تدعي. فهذا السلام القائم على الحدود السورية-الإسرائيلية لا يوجد شبيه له ما بين النمسا وسويسرا. كما أنها لم تخفِ رغبتها بالحفاظ على النظام السوري ليبقى قائماً. ومقابل ذلك, فإن سورية تلبي طلبات إسرائيل عن طريق تحريض اللبنانيين على بعضهم بعضاً, وتغطي مؤامرتها هذه بالتصريحات المعادية لها, ومن وقت الى آخر ترسل من يطلق بعض الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه فلسطين المحتلة, كي تبقى جبهة الجنوب مشتعلة, وهذا ما تريده إسرائيل, لأنها تفتش دائماً عن عذر للاعتداء على لبنان. وبرأيي كل إنسان يفسح في المجال امام اسرائيل لتعتدي على لبنان, هو عميل إسرائيلي. ولا يجوز أن يُتهم الآخرون بالعمالة.

ما يحصل على أرض الواقع واضح جداً ولا يقبل الشك, وكل إنسان صاحب ضمير ويعرف طبيعة المؤامرة ضد لبنان, يدرك هذه الحقيقة التي لم تعد خافية على أحد.

 

هل "حزب الله" و"التيار الوطني الحر", لا يدركان هذه المؤامرة؟

هناك من يعرف هذه الحقيقة, ولكن مصلحته أن تبقى الأمور هكذا, ليبرر ما يقوم به خدمة لمشروعه السياسي, "حزب الله" يريد تحقيق الجمهورية الإسلامية. وإسرائيل تعطيه العذر دائماً لكي يستمر بمشروعه. وهو مشروع تقسيمي, فلا المسيحيون ولا المسلمون يقبلون بأن يكونوا جزءاً من هذه الدولة التي يسعى إليها "حزب الله". أما العماد ميشال عون فلا يهمه سوى »الكرسي« ولو على »خازوق«. ولو قدمت له كرسي الرئاسة في سورية فلن يتردد بالقبول فقط من أجل أن يصبح رئيساً للجمهورية, لأن حرمانه منها عقده.

 

هل القاعدة الشعبية المؤيدة للعماد عون مقتنعة بما يمارسه؟

لسوء الحظ بعد 35 عاماً, أصبح البعض في لبنان لا يفكر إلا في اللحظة التي يعيشونها, فلا يهتمون لدراسة تاريخهم ولا بمستقبلهم, إنهم يعيشون حياتهم ساعة بساعة, ويعتبرون العماد عون أنه المنقذ, متناسين كيف قسم المسيحيين, وكيف أدخل اللبنانيين بحرب دمرت المناطق المسيحية. فالجيل الجديد لم يذكر تلك الأيام السوداء التي مرت على لبنان, كما أن أهلهم لم يوضحوا لهم حقيقة تلك الأيام, وما فعله عون بحق لبنان واللبنانيين, فيذكرون لهم فقط الوجه الآخر لميشال عون باعتباره المخلص للبنان. وهو الذي هدد باحتلال دمشق وبأنه قادر على احتلال واشنطن! وهناك جيل طويل عريض يعتبره المنقذ, خصوصاً وأنه يوزع المال الإيراني على أتباعه.

 

هل الدعم الإيراني للعماد عون هو من أجل وقوفه إلى جانب "حزب الله", أم لحاجة إيران إلى زعيم مسيحي يدافع عن مشروعها في المنطقة؟

إنهم يحاولون استخدام ميشال عون كغطاء مسيحي لتمرير مشروع "حزب الله", وهو غير مستعجل على تحقيقه, ويعتبر ان عامل الوقت إلى جانبه إما من الناحية الديمغرافية أو ما يسمى بزيادة العدد, أو من خلال تذويب الجيل الجديد في مشروعهم, عن طريق تعميم الدولة الشيعية. وبحجة هذا المخطط, يتم استعمال ميشال عون كغطاء لهذه المؤامرة.

 

العماد عون يعتبر نفسه الممثل الحقيقي للمسيحيين, فما هو ردكم على ذلك, وإلى ماذا اللعب على عواطف المواطن العادي؟

يقولون »حبل الكذب قصير«. فالأمور بدأت تتضح والناس مقتنعة, فلو أن فريق »14 آذار« عرف كيف تدار المعركة بالشكل السليم, لما فاز التيار العوني في الانتخابات لا في المتن الشمالي, ولا في جبيل وكسروان, ولولا الأخطاء التي ارتكبتها جماعة »14 آذار«, لما حصلوا على مقعد نيابي واحد.

 

بعد اعتذار الشيخ سعد الحريري عن تشكيل الحكومة وإعادة تكليفه ثانية, برأيك ماذا تغير في المعادلة؟

 بعد كل ما قدمه (اي سعد الحريري) من تنازلات, لا أعرف لماذا بقيت المعارضة متمسكة بأمور تافهة. هذا يريد توزير صهره, ويشترط عدم مشاركته في الحكم إذا لم يتم توزيره. ومن المؤسف أن يكون "حزب الله" منحازاً إلى هذا الشخص لأنه حليفه. والسؤال: هل ما يجري هو لمصلحة البلد؟

برأيي للخروج من هذا المأزق وتلافياً للضغوط على الرئيس المكلف وإجباره على تقديم تنازلات لهذا الفريق أو ذاك, علينا نحن كسياسيين البقاء خارج هذه التشكيلة وتأليف حكومة تكنوقراط, وبهذه الطريقة نتخلص من الشروط العونية مقابل الاستعانة بالشخص الذي تتوافر فيه صفة التكنوقراط من "التيار الوطني الحر", أعني به النائب آلان عون ابن شقيقة الجنرال عون, وهو متخصص في الاتصالات وبهذه الطريقة يمكن تجاوز عقدة توزير صهره جبران باسيل.

 

هل طرحت هذه الفكرة على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف؟

نعم أشرت إلى هذا الموضوع مع الشيخ سعد (الحريري) بطريقة غير مباشرة وبواسطة الإعلام, وأنا من الأساس داعم لحكومة تكنوقراط, فإذا توافر ذلك من بين النواب فأهلاً وسهلاً, وإلا سيجري اختيارهم من خارج المجلس.

 

هل تعتقد بأن رئيس الجمهورية سيوافق على هكذا حكومة وهو كان أعلن انه لن يوقع إلا على مرسوم حكومة الوحدة الوطنية؟

أين المشكلة, فلتشكل حكومة وحدة وطنية على أساس التكنوقراط. العماد عون يدعي دائماً حماية المسيحيين والحفاظ عليهم, ماذا أعطى للمسيحيين أكثر مما أعطى كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده؟ هو يعتقد بأن تاريخ المسيحية يبدأ عند ميشال عون, لأنه لا يعترف لا بكميل شمعون ولا ببيار الجميل ولا بريمون إده, ولا بكل الزعامات التي مرت قبله. التاريخ المسيحي بدأ من خلاله, لأنه يعتبر نفسه المسيح الثاني.

 

كيف ترى مستقبل العلاقة بينكم كقوى مسيحية وبين العماد عون وحليفه والنائب سليمان فرنجية؟

إنهما يتصرفان بطريقة خارجة عن المفهوم المسيحي العام, وكأن كل واحد منهما أصبح بمثابة بطريركاً وكاردينالاً وهو الذي يقرر ماذا يريد المسيحيون. ومما ساعد على ذلك, هذا الوضع المفكك لدى المسيحيين, فإذا ما استمرت الأمور على هذه الحالة, فإنها قد تسوء أكثر. وبعد أن كنا نشكل الأكثرية الكبرى, أصبحنا اليوم الأقلية الكبرى, فإذا لم يتفهما خطورة الوضع كما هو ويسارعا الى إعادة تعزيز وحدة المسيحيين, فإنهما سيكونان أول الخاسرين. ولبنان سيكون الخاسر الأكبر. ومن دون الوجود المسيحي الفاعل في المجتمع العربي تنتهي خصوصية هذا البلد.

 

أحياناً نسمع بنظريات تصدر عن لسان بعض القادة المسيحيين من المعارضة عن الدور المسيحي في لبنان تزيد من حالة الإحباط, ما يجعل البعض يعتقد بأن قسماً كبيراً من المؤامرة على المسيحيين يأتي من المسيحيين أنفسهم, فكيف تفسر ذلك؟

في ظل هذه الصورة غير المريحة, وهذا التفكك القائم الناتج عن تسليم القرار المسيحي إلى عباقرة مثل ميشال عون وسليمان فرنجية, فلا تستغرب أي شيء. أما عندما يتوحد الجميع تحت راية مصلحة لبنان العليا, ساعتئذٍ سيعود الدور المسيحي كما كان في الماضي وأكثر.

 

لماذا يركز العماد عون كل هجومه على مسيحيي الأكثرية، وهل صحيح بأنكم أصبحتم أزلاماً للشيخ سعد الحريري وغيره من قيادات الأكثرية، واستطراداً الهجوم المتكرر على بكركي وبالتحديد على البطريرك صفير؟

لأنه (اي ميشال عون) يعتبر نفسه المسيح الآخر, ولا أحد يفهم مصلحة المسيحيين غيره. لقد رهن نفسه إلى إيران وسورية ويحاول أن يرهن كل المسيحيين إلى الجهات التي تغدق عليه الأموال, ويحاول إيهام الناس بأن لا أحد يفهم مصلحة المسيحيين غيره, ولا يهمه فقط سوى الكرسي.

 

هل تتوقع حلاً قريباً لأزمة الحكومة؟

الشيخ سعد الحريري لا يملك عصا سحرية, وكل ما يستطيع أن يفعله هو التشاور بين كل القيادات السياسية, وهذا ما أشار إليه في بيان تكليفه الثاني. فإذا استمرت المعارضة على شروطها, ولم تقدم تنازلات تسهل عملية تشكيل الحكومة, فهذا يعني أن الأزمة قد تطول أكثر مما يتوقعه البعض. وعندها لابد من إعادة تشكيل حكومة من الأكثرية وفق ما نص عليه الدستور.

 

الوزير جبران باسيل يفاخر بأنه أسقط "حريري-1" ويريد إسقاط "حريري-2", فهل المسألة أصبحت تسابقاً على التعطيل؟

جبران باسيل أصبح له الحق أن يطلق مثل هذه المواقف, عندما نجد كل المعارضة, وعلى رأسها الرئيس بري والسيد نصر الله يدعمان هذا الموقف, عوضاً عن أن يعملا لمصلحة البلد, فهذا الكلام ليس مستغرباً أبداً. وهذا ما جعله يعتقد كما يعتقد عمه, بأنهما قادران على إسقاط الحكومة ساعة يريدان. لكن هذه المرة ستكون غير المرات السابقة رغم التلويح والتهديد ب¯7 مايو آخر.

 

هل ترى أنهم ينوون احتلال البلد مرة ثانية؟

ربما, وإلا لماذا يهددون ب¯7 مايو؟ ولكن إذا كانوا يعتقدون بأنهم قادرون على السيطرة على لبنان, فإنهم يخطئون بحساباتهم, وأحب أن أذكرهم بأن إسرائيل التي اجتاحت لبنان في العام 1982 لم تستطع السيطرة عليه. الفلسطينيون أيضاً لم يسيطروا على لبنان رغم كل المحاولات التي حاولوها. وكذلك سورية التي كانت تحتل لبنان, لم تستطع السيطرة عليه, وعلى المعارضة وتحديداً "حزب الله" أن تأخذ العبرة من كل ما مر بهذا البلد عبر التاريخ. فإذا كان لا بد من تنفيذ مشروعهم, فلماذا التهديد بالحرب والقتل؟ فليكونوا جريئين ويصرحوا بأنهم يريدون دولتهم, عندها نسأل الشعب اللبناني رأيه في هذا المشروع, وعندها نترك له أن يقرر.

 

هل يعني بأنك تؤيد اللامركزية؟

اللامركزية الإدارية مشروع حضاري وديمقراطي ولا تتلاقى مع طروحات "حزب الله" وميشال عون. ما أرادت قوله ان إذا كان لابد من الفراق بين ما تطالب به المعارضة, وما يطالب به بقية اللبنانيين, فليقسموا على طريقتهم, لأنهم على ما يبدو لا يريدون العيش في وطن واحد بسلام وأمان. نحن نريد أن نكون وإياهم شركاء في هذا الوطن, لكنهم لا يريدون ذلك. فيبدو أن الهوية اللبنانية لم تعد تعجبهم, فإذا كانوا يفكرون بتغييرها بهوية أخرى, فليفعلوا ذلك وحدهم, لأننا لسنا شركاءهم في المؤامرة على الوطن.

 

هناك كلام عن وساطة يقوم بها رئيس المجلس نبيه بري ورئيس "اللقاء الديمقراطي" وليد جنبلاط بالتعاون مع رئيس الجمهورية, فهل ستصل إلى شيءٍ ملموس؟

كل الوساطات لا تعطي شيئاً, في ظل تصلب العماد عون ووقوف "حزب الله" إلى جانبه, لأن ما نسمعه من مواقف وتصريحات لا تبشر بالخير أبداً. فعندما تشاهدهم على شاشات التلفزة يهددون ويلوحون بأصابعهم, تعتقد بأنهم أسياد الموقف, فإذا لم نقدم لهم ما يريدون فإنهم يهددون بتدمير البلد.

 

لماذا لا تردون عليهم بالطريقة نفسها التي يهددون بها؟

هذه ليست من صفاتنا ومن شيمنا, وبرأينا »البهورة والهمدرة« وهز الأصابع والتهديد والوعيد هي لغير العصر الذي نعيشه, ولذلك نأبى على أنفسنا مجاراتهم بأسلوبهم البشع. نحن نتمسك بالدستور اللبناني الضامن لكل اللبنانيين وكل شيء خارج عن الدستور هو مؤامرة على لبنان.

البعض يتخوف من فتنة مذهبية وطائفية, انطلاقاً من الشمال ومن الضاحية الجنوبية, فهل تخشى ذلك؟

لا أستبعد ذلك أبداً, خصوصاً إذا وجدت إيران نفسها محشورة ومهددة من الدول الغربية على خلفية الخلاف على سلاحها النووي, فقد تطلب من حلفائها في لبنان افتعال مشكلة سنية-شيعية تمتد إلى كل المنطقة الإسلامية, لإلهاء هذه الدول عنها. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال "حزب الله" وميشال عون.

 

بعض وسائل الإعلام أشارت إلى صفقة أميركية-سورية تسمح الولايات المتحدة بموجبها لسورية إطلاق يدها في لبنان مقابل عدم التدخل العسكري في العراق, فهل هذا الأمر صحيح؟

هذا الكلام غير صحيح, لأن موضوع الإرهاب سلسلة معلقة ببعضها بعضاً, ولا يمكن للولايات المتحدة أن تطلب من سورية عدم تصدير الإرهاب إلى العراق, مقابل تصديره إلى لبنان.

 

ربما تكليف سورية بالمحافظة على الأمن في لبنان؟

»من جرب المجرب كان عقله مخرباً« لقد شاهدنا سورية عندما كانت مولجة بالأمن في لبنان, ماذا حصل؟ وكم من الشهداء وعمليات الاغتيال حصلت في هذا البلد؟

هذا الأمر غير وارد على الإطلاق, رغم أن حلفاء سورية في لبنان يتمنون ذلك اليوم قبل الغد.

 

ما هو ردك على طرح الوزير السابق وئام وهاب بالعودة إلى صيغة (14-11-5)؟

بدأت أخلط ما بين وئام وهاب وبين ديكارت ولم أعد أعرف كيف أفرق بين وهاب وأينشتاين.

 

البعض يراهن على خلافات داخل الأكثرية تضعف الرئيس الحريري وتجعله غير قادر على تشكيل الحكومة, فما ردك على هذا الرهان؟

نحن مرشحنا الشيخ سعد الحريري, ولا أحد يفكر بالراهن على خلاف »14 آذار« أبداً, لأننا لم ولن نختلف على الأمور السيادية, وفي مقدمها رئاستي الجمهورية والحكومة.

 

لقد أعلن الرئيس الحريري استعداده لزيارة سورية إذا ما وجد مصلحة للبنان بذلك ولكن بعد تشكيل الحكومة, فما هو تعليقك على هذا الموقف؟

نحن قلنا ذلك, عندما كلف بتشكيل الحكومة منذ شهرين. لكن لن يزور سورية كي يشكل الحكومة, في البداية يجب أن تشكل الحكومة, وبعد ذلك إذا وجد ان المصلحة اللبنانية تقتضي زيارة إلى سورية فلا مانع شرط أن تعلن سورية عن موقفها الحقيقي من لبنان, انطلاقاً من احترامها لسيادته واستقلاله, واحترامها للقرارات الدولية وفي مقدمها القرار 1701 ووضعه موضع التنفيذ. النقطة المهمة التي جرى تنفيذها, كانت بتعيين السفير السوري في لبنان فهذا أمر جيد, أما الخطوة الثانية المطلوبة فيه حل المجلس الأعلى السوري-اللبناني, لأنه لم يعد له لزوم في ظل تبادل السفراء بين البلدين. النقطة الثالثة, إعادة ترسيم الحدود بين سورية ولبنان, منعاً لتهريب المسلحين والسلاح.

 

البعض ما زال ينتظر التقارب السعودي-السوري ليرتاح الوضع في البلد, هل تعتقد بأن أصحاب هذه النظرية هم على صواب؟

لو كان لسورية نية سليمة بإقامة أفضل العلاقات مع لبنان, فهل تنتظر السعودية لتساعدها على ذلك? هذا الكلام يستخدم للاستهلاك المحلي لا أكثر ولا أقل.

 

هل أنت مرتاح للدور الذي يؤديه رئيس الجمهورية ميشال سليمان في إدارة شؤون البلد؟

لا نريد تحميله أكثر مما يحتمل, إنه يقوم بدور بناء رغم أن الدستور حرمه الكثير من صلاحياته.

 

هل تؤيده بالمطالبة ببعض تعديل مواد الدستور؟

من الأساس كنت معترضاً على بعض مواد الطائف وفي مقدمها هذه البدعة التي اسمها »الترويكا« في إدارة شؤون البلد. وعلى الرئيس أن يكون له دور رئيس الجمهورية وليس كموظف, هذا بالإضافة إلى شخصيته وخبرته وطريقة إدارته للأمور, يبقى له وزنه في قيادة البلد, لكنه مع الأسف وضع بمواجهة شخص اسمه ميشال عون, همه الوحيد تعطيل دور رئيس الجمهورية وإفشاله ليحل محله.

 

 بِمَ تطمئن اللبنانيين في نهاية هذا الحوار؟

كل الذين جربوا أن يخربوا الوضع في لبنان, لن ينجحوا أبداً. ولو حصلت بعض المشكلات الأمنية فلن تخيفنا. لأن الدماء التي دفعناها حفاظاً على سيادة هذا البلد, تجعلنا نتمسك بلبنان أكثر وأكثر, ولا شيء بإمكانه أن يزحزحنا عن موقفنا هذا.

 

ثلاثة أرباع المشكلات القائمة في هذا البلد سببها المحكمة الدولية, برأيك هل ستتأثر المحكمة بهذه المواقف؟

ما علاقتنا بالمحكمة، عندما أفرجت المحكمة الدولية عن الضباط الأربعة, هل أخذت برأينا, هي صاحبة القرار, ونحن كدولة لبنانية على استعداد للمساعدة, لا أكثر ولا أقل, ربما بعض الذين لهم علاقة بجريمة اغتيال الرئيس الحريري يحاولون اليوم التشويش على المحكمة من خلال إضعاف الحكومة اللبنانية, ولكنهم سيجدون أنفسهم خاسرين في النهاية.