من جريدة السياسة مقابلة مع رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون

 

لبنان لم يعد ساحة عراك دولي وسورية ليست بوارد العودة إليه 

حزب الله" يتهم نفسه باغتيال الحريري برفضه التعاون مع المحكمة

الفتنة المذهبية حاضرة وسورية والسعودية تعملان على إطفائها قبل أن تصل شرارتها إلى العالمين العربي والإسلامي

حزب الله عرف كيف يستخدم عون لأن قضية المحكمة بدأت تزعجه وتهويله بالحرب لا معنى له

حزب الله ينتظر أي حجة للسيطرة على الحكم في لبنان

ميشال عون فانه يحاول بأي طريقة الوصول الى كرسي الحكم

عون يزايد بشهادة الزور في محاولة لتغطية المعلومات التي أدلى بها العميد فايز كرم أثناء التحقيق معه

لا أحد يمكنه توجيه الاتهام لأي فئة قبل صدور القرار الظني ومن يوجد تحت إبطه إبرة فلن يسلم من أذيتها

التخلي عن المحكمة قد يؤدي الى سحب اليونيفيل وانكشاف لبنان

حزب الله" لم يعد باستطاعته اقامة معارك في الداخل, لأنه لم يخرج بطلاً من برج أبي حيدر

عندما انسحبت اسرائيل من جنوب لبنان سنة 2000 سلمته الى حزب الله من مضمون اتفاق معه

عون لم يعد يمون علي شيء في الشارع المسيحي والقاعدة المسيحية لا يمكن أن تجاريه في ما يريد أن يفعله

 

بيروت - صبحي الدبيسي: السياسة

29 أيلول/2010

 

أكد رئيس حزب الوطنيين الأحرار اللبناني النائب دوري شمعون, أن أحداً لا يمكنه توجيه الاتهام في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل صدور القرار الظني, مشدداً على أن تهويل حزب الله بحرب أهلية لا معنى له, لأن الحرب في الماضي كانت بقرار دولي, أما اليوم فان سلامة لبنان هي بقرار دولي أيضاً. وإن لبنان لم يعد ساحة عراك للدول الكبرى, كما أن سورية ليست بوارد اعادة السيطرة عليه.

 

شمعون وفي حوار أجرته "السياسة" معه, رأى أن "حزب الله" ينتظر أي حجة للسيطرة على الحكم في لبنان, أما شريكه العماد ميشال عون فانه يحاول بأي طريقة الوصول الى "كرسي" الحكم, لافتاً الى أن "حزب الله" عرف كيف يستخدم عون لأن قضية المحكمة بدأت تزعجه, وان عون في المقابل يزايد في موضوع محاكمة الشهود الزور في محاولة لتغطية المعلومات التي أدلى بها العميد فايز كرم أثناء التحقيق معه.

 

رئيس "الأحرار" وصف التخلي عن المحكمة الدولية بالقرار الخطير الذي قد يؤدي الى سحب "اليونيفيل" من الجنوب وانكشاف لبنان على كل الاحتمالات في غياب الحماية الدولية, كاشفاً عن ان حرب يوليو كانت قصاصاً ل¯"حزب الله" من قبل اسرائيل, لأنه نقض اتفاقاً معها بادخال الصواريخ البعيدة المدى الى الجنوب, ولو كانت اسرائيل تريد اجتياح لبنان كما فعلت في العام 1982, لأدخلت اليه قوة تزيد عن 250 ألف جندي وأكثر وهي قادرة على ذلك.

 

وشدد شمعون على أن "حزب الله" لم يعد باستطاعته اقامة معارك في الداخل, لأنه لم يخرج بطلاً من برج أبي حيدر والمواجهة السنية له رسمت أكثر من علامة استفهام, معتبراً أنه كلما رفض التعاون مع المحكمة, قرب التهمة اليه, ومطالباً بمحاكمة جميل السيد, لأنه هو من فبرك شهود الزور, وفي ما يلي نص الحوار:

 

بعد انكشاف القناع لدى فريق "8 آذار" وتلويحه باشعال فتنة مذهبية سنية - شيعية في حال صدور القرار الظني وادانة "حزب الله" بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه, كيف تقرأ هذا الواقع كرئيس "حزب الوطنيين الأحرار" وأحد أركان فريق "14 آذار"؟

لا يمكن لأحد حتى الساعة أن يستبق نتائج التحقيق, رغم التوسع في الاستجوابات, ولا أحد بامكانه توجيه الاتهام الى اي فئة قبل صدور القرار الاتهامي, رغم أن الذي يوجد تحت ابطه ابرة, فلن يأمن من أذيتها. فالذين يشعرون بأن أصابع الاتهام بدأت تشير اليهم يقومون بأعمال استفزازية, لابعاد الشبهة عنهم, فاذا صدقت التوقعات وثبت ضلوعهم بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري, فانهم يرتكبون جريمة مضافة الى الجرائم التي اقترفتها أيديهم.

 

من أعطى فريق "8 آذار" هذه المعلومات وكيف جرى اتهام "حزب الله" بارتكابه هذه الجريمة؟

وهل صحيح أن القاضي دانيال بلمار أبلغ الرئيس سعد الحريري بمضمون القرار الظني؟

"حزب الله" ينتظر أي حجة للسيطرة على الحكم, أما شريكه العماد ميشال عون, فهو يحاول بأي طريقة الوصول الى الكرسي, وقد عرف الأول كيف يستخدم الثاني لأن قضية المحكمة بدأت تزعجه, أما نحن كلبنانيين, فاننا نفتش عن مستقبل أولادنا وبلادنا. ولبنان لا يستطيع أن يفعل شيئاً سوى وقف تعامله مع المحكمة, هل نستطيع كلبنانيين أن نقول للأمم المتحدة, لا نريد التعامل معكم. ماذا ستكون نتيجة ذلك على لبنان؟ وهل يجوز أن نخرب البلد بأمه وأبيه من أجل منع المحاكمة عن المتورطين بجريمة الاغتيال, قد يكون عددهم عشرة أشخاص أو أكثر؟

التهديد بالحرب الأهلية اليوم واستحضار الماضي ليس له ما يبرره, لأن الحرب في الماضي حصلت بقرار دولي والدول الكبرى كانت وراء الحرب الأهلية, أميركا كانت تريد الحرب في لبنان ليكون بديلاً من فلسطين, روسيا أرادتها لمنع سيطرة السياسة الأميركية على لبنان, فوقع لبنان فريسة هذين العملاقين الكبيرين. هذه المرحلة لم تعد موجودة. فلا الولايات المتحدة تريد الحرب في لبنان من جديد ولا روسيا تسعى لذلك. ولم يعد لبنان ساحة عراك للدول الكبرى, أو ساحة لتصفية الحسابات, حتى سورية ليست بوضع العودة الى لبنان والسيطرة عليه كما كانت في السابق, بالعكس انها تقوم بنقلة نوعية بدأت من خلال التبادل الديبلوماسي مع لبنان, وبرأيي فهي ليست مستعدة لكي تقحم نفسها في أزمة بيروت.

 

من يضمن بقاء قوات "اليونيفيل" في الجنوب, اذا قرر لبنان التخلي عن المحكمة الدولية؟

اذا نجح الفريق الآخر بالضغط ليتخلى لبنان عن المحكمة الدولية, عندها يصبح البلد مكشوفاً ومفتوحاً على كل الاحتمالات وأول عمل تقوم به الأمم المتحدة سحب قواتها من الجنوب وعندها من يضمن عدم عودة الحرب؟ فاذا كان "حزب الله" يعتبر نفسه بأنه قد انتصر في حرب يوليو 2006, فأنا أطمئنه بأن تلك الحرب لم تكن حرباً حقيقية بالنسبة لاسرائيل, لأنها كانت فقط تقوم بنوع من القصاص ضد "حزب الله", لأنها, أي اسرائيل, عندما انسحبت من جنوب لبنان سنة 2000 وسلمته الى "حزب الله", قام هذا الأخير بتجاوز مضمون الاتفاق معها وعمد الى ادخال الصواريخ الى الجنوب, وهذا ما جعل اسرائيل تقوم بتأديبه, لأن هذه الأخيرة عندما تنوي القيام بحرب ضد لبنان, فهي لا يمكن أن تدخله بقوات أقل من تلك التي استخدمتها عندما اجتاحت لبنان في العام 1982 ووصلت الى بيروت خلال يومين ويومها كان حجم القوة التي اجتاحت فيها لبنان 250 ألف جندي, وعلينا ألا نغش أنفسنا, وأن نفكر بجدية بما قد يحدث. كلام "حزب الله" عن حرب أهلية في لبنان في حال بقاء المحكمة وصدور القرار الظني غير وارد على الاطلاق, ولا أعرف ما القصد من هذا التهويل ولماذا نريد أن نخرب البلد من جديد؟

 

نائب الأمين العام ل¯"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم اعتبر أن المحكمة الدولية طلبت عناصر من "حزب الله" الى التحقيق بعد "عيد الفطر" وبقي هذا الطلب معلقاً على حد تعبيره, برأيك الى متى يستطيع "حزب الله" أن يرفض التجاوب مع المحكمة؟

في الماضي تم التحقيق مع مجموعة كبيرة من "حزب الله", حالياً لا أعرف كيف سيتصرف. قد يستمهل المحكمة الى ما بعد زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد, ولكن كلما رفض "حزب الله" التعاون مع المحكمة, كلما قرب الاتهام اليه.

 

ما الأسباب التي دفعت ب¯"حزب الله" الى تبني الدفاع عن اللواء جميل السيد على خلفية تهديده للرئيس سعد الحريري وصدور استنابة قضائية بحقه؟

حزب الله يحاول دائماً اقتناص الفرص للقيام بتنفيذ مخططه الانقلابي على الدولة, تماماً كما فعل في مايو 2008, عندما أثيرت مسألة كاميرات التصوير الموجهة الى المدرج 17 في مطار رفيق الحريري الدولي وبعدها قام بهجوم السابع من مايو, لكن اليوم العملية أخف, لأن حادثة برج أبي حيدر لم يمض عليها وقت طويل ولم يستطع "حزب الله" أن يكون البطل هذه المرة, وخصوصاً بعد حصول مواجهة بينه وبين سكان المنطقة, ولا أعتقد بأنه على استعداد لتكرار مثل هذه التجارب, وما هو مبرر استخدامه للسلاح واحتلال الزواريب, طالما لديه نواب في البرلمان ووزراء في الحكومة وله ادارته الخاصة وأمواله وميليشياته وهو تقريباً شبه دولة, فلماذا يريد أن يخرب على نفسه كل هذا؟

 

لماذا يحرض العماد ميشال عون"حزب الله على استكمال انقلابه في لبنان؟

لأن العماد عون لا يحلم الا بالكرسي وهو يعتقد أنه في حال تم الانقلاب, فقد يصبح رئيساً للجمهورية.

 

هل تعتقد أن حزب الله جاهز لذلك؟

حزب الله يعي ما يريد أن يفعله فهو يستخدم ميشال عون للضغط على الدولة ليتسنى له تنفيذ مخططه لكنه هو الآخر مخطئ في حساباته فاذا أراد أن يغضب الأمم المتحدة فانها ستقول له باي باي وتسحب قواتها من الجنوب.

 

المطالبة بمحاكمة الشهود الزور, بماذا تفيد المعارضة؟

القصة ليست بيد لا حزب الله ولا ميشال عون الذي يحاول أن يعمل من شهود الزور قميص عثمان ارضاءً لحزب الله. وهي تغطية للمعلومات التي ربما أدلى بها العميد فايز كرم وهي حتماً أحرجت عون تجاه حزب الله. اليوم رئيس التيار الوطني الحر مصاب بدوار شديد ولم يعد يعرف كيف يتصرف. وحزب الله يعرف جيداً أن عون لم يعد يمون على شيء في الشارع المسيحي والرهان على ذلك ما حصل في الماضي في اضراب 23 يناير عام 007, عندما عجز التيار الوطني الحر عن اقفال طريق الحازمية ما اضطر حزب الله لاقفالها لكنهم انسحبوا فيما بعد. ومن هنا فان القاعدة المسيحية لا يمكن أن تجاري ميشال عون في ما يريد أن يفعله.

 

كيف وجدت أجواء رئيس مجلس النواب نبيه بري بعدما التقيته أخيراً؟

زيارتي لرئيس المجلس كانت لدعوته حضور احتفال ازاحة الستار عن تمثال الرئيس كميل شمعون ولمست بأنه ليس ضد المحكمة الدولية وهو يعترف بشرعيتها.

 

لكنه أيضاً متمسك بمحاكمة شهود الزور؟

ونحن أيضاً نطالب بمحاكمتهم, ولا يمكن أن ندافع عنهم وقبل أي شيء من فبرك شهود الزور غير اللواء جميل السيد, فلماذا يريدون تحميل الآخرين مسؤوليتهم يجب أن يحاكم السيد كما يحاكم الشهود الزور الذي عليه أن يقول للمحكمة كيف تعرف اليهم وماذا طلب منهم.

 

الرئيس عمر كرامي يقول إن الحرب المذهبية السنية - الشيعية أصبحت وشيكة, ويلاقيه النائب سليمان فرنجية بالتحذير نفسه في حال صدور القرار الظني

 فكيف ترى الأمور من جانبك؟

هناك توتر مذهبي في المنطقة على خلفية الأحداث المستمرة في العراق, وما شهدناه من تحركات في منطقة الخليج, وبالتحديد في الكويت والبحرين, وكما أن هناك أصولية سنية تتحرك, أيضاً هناك أصولية شيعية آخذة بالتحرك والخوف من تصاعد حدة هذا التوتر. ورغم ذلك فأنا لا أرى أن الأمور قد تأخذ منحىً تصعيدياً يؤدي الى اراقة الدماء. لكن السؤال ماذا يريد الرئيس نجاد وماذا تريد ايران؟ بالأمس سمعنا الرئيس الايراني يقول, إن ما حصل في الولايات المتحدة في 11/9/2010 هو اختراع أميركي, فأنا لا أعرف الى أين ستأخذ ايران العالم؟

 

ما رأيك بخطوة الرئيس الحريري الأخيرة تجاه سورية، وهل تؤيده في هذا الموقف؟

لا أعرف ما الذي أجبره على التحدث عن شهود الزور بهذه الطريقة, أما في ما يتعلق بالموقف من سورية, فيجب أن نعترف بأننا بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري, توجهت أصابع الاتهام الى سورية, لكنها كانت ممسكة بزمام الأمور في لبنان, خصوصاً الشأن الأمني, وهذه التهمة هي سياسية, وليست لدينا مشكلة بعودة العلاقات الطبيعية مع سورية.

 

الى متى قد تستمر الهدنة برأيك؟

أنا لست متخوفاً من شيء, الا في حال قيام اسرائيل بتخريب الوضع, أما سورية فهي ليست بوارد دعم أي مشروع فتنة في لبنان, لأنها لن تكون في مصلحتها, وهي بالتعاون مع المملكة العربية السعودية تقوم بجهد مشترك للتخفيف من حدة الفتنة السنية-الشيعية, خشية أن تصل شرارتها الى كل الدول العربية, ومنها سورية ولا ننسى بأن الطائفة العلوية هي أقرب الى الطائفة الشيعية ولن تسلم الأمور في حال نجح المخطط الاسرائيلي-الأميركي باشعال فتنة سنية-شيعية قد تمتد من لبنان الى كل العالم الاسلامي.