مقابلة من جريدة السياسة مع غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير

 

بيروت - من عمر البردان وصبحي الدبيسي: السياسة

03/02/2010

 

نسأل عن الجهة الضامنة لعدم استخدام الفئة المسلحة السلاح ضد الفئات غير المسلحة ورفض "التعديلات العمياء" على قانون البلديات

نخشى المرحلة التالية لإلغاء الطائفية السياسية

لبنان في هدنة مع سورية لكن هل انتهت مطامعها بعد تبادل السفراء؟

زيارتي إلى سورية يجب أن تكون مقبولة ليس منا فقط بل من مجموع اللبنانيين

سورية أكبر من لبنان ولذلك تطبق سياسة وضع البلد الكبير تجاه البلد الصغير

الانقسامات المسيحية موجودة ولكن المسيحيين ليسوا بساكتين كما السنة والشيعة

المسيحيون في لبنان منذ 1500 سنة وسيبقون فيه والمصالحة في مصلحة الجميع

يجب أن يقوم رئيس الجمهورية بدوره لكن يجب أن يعاونه عليه جميع المعنيين

كل طائفة متشبثة بعقائدها ومصيرها وطقوسها وتاريخها وإلغاء الطائفية ليس سهلاً

 

الحوار مع البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير, يكتسب أهمية خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي يعيشها لبنان والتجاذب السياسي بشأن موضوع تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية والمناقشات الجارية في مجلس الوزراء للتعديلات المقترحة على قانون الانتخابات البلدية والاختيارية إلى المواضيع الأخرى المتعلقة بمستقبل العلاقات اللبنانية-السورية وسلاح المقاومة والمصالحة المسيحية- المسيحية.

البطريرك صفير كما هو معروف عنه، لا يعطي إجابات على الأسئلة بقدر ما يطرح من عناوين يضعها برسم كل لبناني مخلص مسؤولاًً كان أم مواطناً عادياً، مطالباً الجميع بالقيام بما يفرض عليه الواجب والمسؤولية تجاه وطنه.

"السياسة" التي زارت الصرح البطريركي في بكركي, أمس, التقت البطريرك صفير وسمعت منه ما يتعدى حدود الحوارات العادية إلى المواقف الوطنية التي تميز غبطته باعتباره ضمير لبنان ونقطة التلاقي بين كل قياداته.

عن نظرته للوضع القائم في لبنان، رأى صفير أن هناك مشكلات كثيرة، ولذلك يجب أن نقابلها بسعة الصدر، كما سأل عن المرحلة التي ستلي إلغاء الطائفية السياسية وماذا سيكون مصير اللبنانيين.

وفي موضوع السلاح، رأى أن اللبنانيين سواسية أمام القانون, وإذا كان هناك فئة من بينهم تحمل السلاح، وفئة لا تحمل السلاح, فمن يضمن أن هذا السلاح لا يوجه إلى الفئة التي ليس عندها سلاح?

وأكد البطريرك صفير أنه كان لسورية مطامع في لبنان، متسائلاً "هل انتهت هذه المطامع, بعد أن أرسلت سفيرها إلى بيروت؟", معتبراً أن العلاقة بين لبنان وسورية محكومة بهدنة بين اللبنانيين والسوريين، ومشترطاً أن تكون زيارته إلى سورية مقبولة من كل اللبنانيين وليس من فئة دون أخرى.

وعن المصالحة المسيحية-المسيحية، طالب بأن يكون الجو مؤاتياً للمصالحة, مقراً بوجود الانقسامات المسيحية-المسيحية, و"لكن المسيحيين ليسوا ساكتين كما هي حال السنة والشيعة".

ورأى صفير أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان يحاول أن يقوم بدوره ولكن هذا الدور يجب أن يعاونه عليه جميع اللبنانيين المعنيين بذلك.

وفي موضوع الانتخابات البلدية، لم يحبذ التعديلات العمياء، "فإذا كان التعديل يعيدنا إلى الوراء فإننا بغنى عنه"، مطالباً بقانون واحد للانتخابات يجري اعتماده في كل لبنان.

 

وفي ما يلي نصر الحوار:

هل غبطتكم مطمئنون إلى ما تسير عليه أمور البلاد؟

نحن مطمئنون, لأن الأحوال كما تعلمون ليست من السهولة بشيء في لبنان وهناك مشاكل كثيرة ولذلك يجب أن نقابلها بسعة صدر وأن نجد لها حلولاً.

 

رغم الأصوات المعترضة على إلغاء الطائفية السياسية يصر أصحاب هذا الرأي على موقفهم بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية فما رأي غبطتكم؟

نحن نقول إن إلغاء الطائفية السياسية شيء حسن ولكن يجب أن يكون الرأي العام قد أصبح ناضجاً. وفي لبنان 18 طائفة وكل طائفة متشبثة بعقائدها وبمصيرها وبطقوسها وتاريخها وإلغاء ذلك ليس بالأمر السهل.

البعض يرى في الإصرار على إنشاء هذه الهيئة بأنها رد على مطالبة رئيس الجمهورية إجراء تعديلات في صلاحيات الرئاسات الثلاث؟

هل الأمر يكون تعجيزاً إذا طرح أمر ما يجب أن يقابل بأمرٍ يكون مستحيلاً يجب أن يكون هناك تفاهم بين أهل الحكم ولكن إلغاء الطائفية لا أدري ربما كانت هذه هي الخطوة الأولى أما الخطوة التي تليها, فربما تكون مجهولة.

 

في بلد كلبنان يتكون من 18 طائفة وهناك تعصب مذهبي أشد خطراً من التعصب الطائفي.. هل بالإمكان إلغاء الطائفية السياسية؟

نحن نقول هذا القول لأن الطائفية السياسية إذا أُلغيت في المرحلة الأولى فما هي المرحلة الثانية التي ستليها؟

 

هل نفهم من كلام غبطتكم بأنكم تخشون على مرحلة ما بعد إلغاء الطائفية السياسية؟

نعم.

 

هل تعتقدون أن طرح إلغاء الطائفية السياسية أتى نتيجة تشددكم في موضوع معالجة السلاح غير الشرعي وبالتحديد سلاح المقاومة؟

ربما هناك طروحات وطروحات مقابلة نحن قلنا في موضوع السلاح أن اللبنانيين سواسية أمام القانون وإذا كان هناك فئة من بينهم تحمل السلاح وفئة لا تحمل السلاح فمن يضمن أن هذا السلاح لا يوجه إلى الفئة التي ليس عندها سلاح؟

 

هل تخشون في ظل استمرار السلاح بيد فئة من اللبنانيين أن تطالب فئات أخرى بالتسلح؟

طبعاً, هذا هو السؤال.

 

لماذا لا يسلم "حزب الله" سلاحه إلى الدولة كما حصل مع بقية الميليشيات ويتشكل لواء من المقاومة يكون تابعاً لإمرة الجيش اللبناني ما يعجل بإنهاء هذه الإشكالية التي باتت تشكل خطراً تقسيمياً في البلاد؟

هل عرضتم علي هذا السؤال ويضحك!

 

كيف تنظرون إلى الأداء السوري تجاه لبنان بعد تشكيل الحكومة وتبادل السفارات... وهل هناك حاجة برأيكم لبقاء المجلس الأعلى اللبناني- السوري سيما وأن هناك مطالبات بإلغائه؟

سورية طبعا معروف عنها بأنها كان لها مطامع في لبنان والآن أرسلت سفيراً إلى لبنان ولكن هل بقيت عندها هذه المطامع؟ سورية أكبر من لبنان بثلاث أو أربع مرات, ولذلك تطبق سياسة وضع البلد الكبير تجاه البلد الصغير.

 

هل ما زالت مطامعها موجودة تجاه لبنان برأيكم؟

إذا تسنى لها الأمر ربما وإذا لم يتسنَ لها الأمر فإنها تقنع بالقليل.

 

هل لمستم تغييراً في التعامل في الأداء السوري مع لبنان؟

الآن أعتقد أن هناك هدنة ما بين اللبنانيين والسوريين.

 

هدنة وليس تبدلاً في المواقف؟

 هذا صحيح.

 

بعض وسائل الإعلام أشارت إلى زيارة قريبة تقوم بها غبطتكم إلى دمشق وجرى تحديدها في ابريل المقبل فما صحة هذه المعلومات؟

هذه أخبار يتناقلونها, لا أدري ما هو مصدرها ولكن نحن زرنا في الماضي سورية أكثر من مرة والزيارة إلى سورية يجب أن تكون مقبولة ليس منا فقط بل من مجموع اللبنانيين وإذا ذهبنا إلى سورية وهنالك لبنانيون يرفضون هذه الزيارة ولبنانيون يرحبون بهذه الزيارة فماذا نفعل (يضحك)!

 

في موضوع المصالحة المسيحية هل هناك اجتماع قريب سيعقد في بكركي تشارك فيه جميع القوى المسيحية؟

هذا كلام يتناقله بعض الناس لكن نحن لم نفكر به جدياً لقد ورد إلينا ولكن لم تؤخذ التدابير اللازمة لإخراجه إلى حيز الوجود.

 

 هل تعتقدون أن الجو مؤاتٍ لذلك؟

الجو للمصالحة يجب أن يكون مؤاتياً وهذه المصالحة هي في مصلحة جميع الناس.

 

كيف السبيل لإعادة لم شمل المسيحيين بعد التباينات الكبيرة التي حصلت؟

ليس بالأمر السهل المسيحيون انقسموا في ما بينهم, مثلاً السنة والشيعة اختلفوا مع بعضهم ويوجد مجموعة كبيرة منهم ساكتون ولكن المسيحيين على ما يبدو ليسوا ساكتين.

 

البعض يرى أن رئيس الجمهورية لا يستطيع ممارسة دوره كرئيس توافقي بعد تطويقه من قبل المعارضة والموالاة معاً هل هذا فعلاً هو دور رئيس الجمهورية؟

الرئيس له دور طبعاً ويحاول أن يقوم بدوره ولكن هذا الدور يجب أن يعاونه عليه جميع اللبنانيين المعنيين بذلك.

 

هل أقنعكم العماد ميشال عون بعد اجتماعه مع مجلس المطارنة الموارنة الشهر الفائت بموضوع سلاح المقاومة وما هي أبرز النقاشات التي دارت بينكم وبينه؟

لم يعرض علينا هذا الأمر إنما كانت هناك أحاديث بينه وبين أصحاب السيادة المطارنة وكانت أحاديث مختلفة تناولت معظم الأمور.

 

ما هو رأي غبطتكم باسترداد قانون الجنسية سيما وأن هناك عدداً من المغتربين يطالبون بالجنسية اللبنانية وخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة؟

 هذا على وجه الإجمال أمر مرغوب فيه ولكن يجب أن نرى إذا ما كان الذين هاجروا يريدون استعادة الجنسية فمنهم من هاجر قرفاً من الوضع في لبنان وهذا لا يرغب باستعادة الجنسية وهناك من يريدونها.

 

هل تخشى على المسيحيين في الشرق وبالأخص في لبنان؟

المسيحيون كانوا في لبنان من ألف وخمسمئة سنة وسيبقون فيه.

 

هل تؤيدون العودة إلى قانون الانتخابات البلدية القديم أم تفضلون إجراء بعض التعديلات عليه؟

نحن لا نحبذ التعديلات العمياء إنما يجب أن يكون هناك تطور في المفهوم أما إذا كان التعديل يعود بنا إلى الوراء فإننا بغنى عنه. ولكن هذا غير معروف إذا كان هذا الأمر على الأقل في ما خصني أنا أما الذين ينادون به يعرفون إذا كان تطور أو تأخر.

في موضوع البلديات هل تؤيد إجراء الانتخابات البلدية في ضوء التقسيمات الحالية وهل تؤيدون اعتماد النسبية خاصة في بيروت؟

هناك أصوات تقول بإبقاء بيروت على ما هي ككل, وهناك أصوات أخرى تقول بتجزئة بيروت إلى ثلاثة دوائر انتخابية, والله أعلم.

 

هل تؤيدون اعتماد النسبية في المدن الكبرى كما هو مطروح؟

ربما يكون ذلك شيئاً حسناً لكن النسبية في المدن الكبرى وغير النسبية في المدن الصغرى لقد تعود لبنان أن يكون هناك قانون واحد لجميع الناس.

 

انتهت المقابلة