صياح الشيخ حسن وصراخه

أحمد الجارالله/السياسة

31 كانون الثاني 2007

 

الشيخ حسن نصر الله مازال يتكلم مع نفسه, ويصيح أمام عتبة داره, ولايرجى من خطابه إلا ما يرجوه الذين يبشرون في اقوام مؤمنين.

.. خطاب الشيخ حسن أمس في أنصاره بمناسبة ختام مراسم عاشوراء عند المسلمين الشيعة لم يخرج عن كونه خطاباً ذاتيا يبغي الدفاع عن النفس, وتبرير الأخطاء المميتة أمام الأنصار والمحازبين, ولم يتطور عقلانياً ليصبح خطاباً وطنياً لبنانيا, وظل أسير الولاء لإيران, مجبراً على تعزية المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي, وغير منتظر منه أن يخرج عن هذا النمط الممل بأدائه ومضامينه.

الشيخ حسن أمس انتزع استقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي من سياقها, وهو سياق ديمقراطي في إسرائيل, لينسب الاستقالة إلى انتصار مزعوم لحزب الله, وليبرر خطأه, وقد اعترف به في مرحلة سابقة, وهو خطأ تدمير لبنان وتقطيع أوصاله وارجاعه إلى الوراء بأكثر من عشرين سنة.

في كل الأحوال استلهم الشيخ حسن ذروة الاحتفالية العاشورائية ليشتم أميركا, ويوزع المواقف العنترية على أزلامه وأصحابه, ويدعي بطولة لم تعد له, وقدسية لم تعد له, بعد أن تحول إلى داعية فتنة ينشر سمومها في أحياء بيروت وازقتها دونما وازع من دين, أو من حرمات, أو مخافة إهدار دماء المسلمين أو خشية من رب العباد.

الشيخ حسن هو المسؤول عن تدمير لبنان في الصيف الماضي, وعن تدمير القرى الشيعية في جنوب لبنان, وعن تشريد الجنوبيين الشيعة من دون مقابل, اللهم إلا أن أهل الجنوب تكافأوا بخروج هذا الحزب المليشياوي من اراضيهم وقراهم, بعد أن كان الطرف الحاكم لهم, والمصادر لارادتهم, والناشر بينهم ثقافة الموت واليأس والحزن والانتحار.

وها هو الشيخ حسن الآن بعد أن أحبط الله عمله في اثارة الفتنة المذهبية, وزعزعة استقرار المجتمع اللبناني, يحاول أن يكون سياسياً أو يدعو إلى حلول سياسية لأزمة افتعلها هو وتابعوه, وأصبح في مواجهتها عاجزا عن الخروج من المأزق, وراغباً بالعودة إلى التفاهم, لكنه لا يعرف كيف وبأي وسيلة, خصوصا وانه يضع الشروط المسبقة ويطلب من الآخرين الخضوع لها, وهي شروط ليست له بل للخارج الإيراني السوري الذي يعمل في خدمته.

 

ولا غرابة حين لا نرى الشيخ حسن إلا أمام باب داره, وفي رفقة المحاسيب والازلام والتابعين, فعلى الأرض السياسية في لبنان يكاد يكون بحجم الصغار الباحثين عن الأدوار, بعد ان سقط في الامتحان الوطني ونجح في مصادرة الطائفة الشيعية, وفي تحويل ابنائها إلى جاليات تابعة لإيران وسورية, مقطوعة الصلة بوطنها لبنان, ومعادية له بالتساوي مع إسرائيل.

كل مراحل خطة الشيخ حسن الموضوعة لاسقاط حكومة لبنان الشرعية فشلت, وبات اللبنانيون يرون فيه ماكانوا يرونه في صدام حسين قبله, أي استعراضات القوة الفارغة, وبيع أوهام النصر, وابداء الثقة الزائدة بالنفس, وبأن أحداً لن يهزمه, ولن يذله, بينما لا أحد يريد لأمثاله الاستمرار في أدوار الشر, والخدمة في مصالح المحور الإيراني - السوري الذي يحاول أن يجعل من لبنان مسرحا ولصراعات هذا المحور الشرير مع المجتمع الدولي.

 

ولتغطية هذا الفشل, حيث لم تصل خيم الشيخ حسن والمعتصمون الأجراء بداخلها إلى مكان, بدأ الرجل ينادي بحلول سياسية, بينما المطلوب عودته إلى موالاة وطنه وشعبه وخروجه من الشوارع واقلاعه عن الانتهاز المذهبي واستدعاء أسباب الخلاف بين المسلمين وهي أسباب سياسية لا دينية كما يعرف الجميع.

 

الشيخ حسن, كما يبدو يريد هدم الهيكل اللبناني على رأسه ورؤوس اعدائه, مستلهماً بذلك الروح الشمشونية الشهيرة في التاريخ العبري اليهودي, لذلك هو لا يجنح إلى معطيات العقل الوطني ويظل على موقفه, وهو بالتالي آخر المواقف التي تبرر الالتحاق بالخارج والانتماء إليه بمبررات حزبية وايديولوجية.

 

لقد دعا الشيخ حسن إلى معالجة نقاط الالتباس والتوتر بين السنة والشيعة, من دون ادراك منه أن وجوده, بما يحمله من أفكار ويطرحه من ولاءات, أصبح هو الالتباس بعينه, ومصدر التوتر بعينه, فكيف تتم المعالجة من دون إلغائه واقصائه والقضاء على نهجه وافكاره? لقد أصبح المسلمون في كل مكان يعفون عن سماع خطاب الشيخ حسن, وقد بدا محشواً بالاضاليل, والمبالغات, ورمي الأخطاء على الآخرين... الناس جميعاً اصبحوا يعرفون من دمر لبنان, ومن يهدد المجتمع اللبناني بالفتنة المذهبية, ومن يعطل عمل الحكومة اللبنانية, ويوقف مصالح اللبنانيين, ويغلق جامعاتهم ومدارسهم ويهدد مستقبل أولادهم... انه »حزب الله« وتابعوه, والذي حان وقت انسحابه من الحياة السياسية اللبنانية, وخروجه من جموع المسلمين, السنة والشيعة, لأنه لم يعد يمثل بوجوده إلا تخريباً ووسيلة موت وانتحار