لبنان إلى أين ؟
سلسلة
حلقات تتناول
صراع
الأقليات في
الشرق الأوسط
والسياسة
السورية
الإرهابية
لتدمير الإسلام
بقلم/لاحظ
حداد
الحلقة
الثالثة- جزء
ثالث: محاسبة
سوريا
-------------------------------------------
ملاحظة:
هذه الراسة
وضعت قبل
انسحاب سوريا
من لبنان
ثواب أم عقاب؟
بنتيجة
هذا
الاستنتاج
المسهب
شرحُه، يمكن الاعتقاد
بأن الاستراتيجية
السورية
المتناغمة مع الاستراتيجية
الإسرائيلية
قد استنفذت
أهدافها
تماماً. وربما
قد تجاوزت
حدودها بعد أن
تجاوز الإرهاب
السوري كل
الحدود.
ولكن:
هل هذا صحيح؟
بحسب
الظواهر وإلى
الآن، والعالم
لا زال يتجوّل
في حربه على
الإرهاب. يستأصل
جذوره في كل
مكان. وها
هي مقدمات
سفنه بدأت
تظهر
لِتستكمل
الطوق حول
بؤرة الإرهاب
ومنبته،
مقتربةً من
أعالي البحر
الأبيض
المتوسط، بعد
أن استنزفت
كافة السبل
الدبلوماسية،
السلكية
واللاسلكية،
الشخصية
المباشرة
وغير
المباشرة،
ولم يتبقى
أمامها سوى
السبيل الوحيد
الذي لن يرحم
أبداً. ولن
تنفع قط سبل
المخاتلة والدلس
السياسي
واستصراخ
العروبة
والقومية
العربية التي
ربما نراها
اليوم، أكثر
من أي وقتٍ مضى،
راغبةً في
التخلص من
كابوس
الإرهاب الذي
عاشته طوال
أقل من نصف
قرن كي تنصرف
وشعوبها إلى
بناء السلام
الحقيقي
وأمنها واستقرارها
فتنطلق
الحرية وتعم
المساواة فيتنافس
الإنسان مع
أخيه الإنسان
في ديمقراطية.
إذ تبقى
الديمقراطية
إحدى أفضل
الوسائل التي
تستعملها
البشرية من
أجل التقدم
والتطور العلمي
الذي يقرّب
الإنسان من
خالقه وليس
العلم الذي
يستعمل
الخالق من أجل
مصلحته
الشخصية.
ولكن،
إذا
ما استرجعنا
حيثيّات تصرف
أهل النظام السوري
التي قامت
عليها استراتيجيتهم،
نجد أن أهداف
هذه الاستراتيجية
لم تكتمل بعد. ذلك أن
هناك، لا زالت
بعض الحقول
التي تتطلّب
التنفيذ قبل
البحث
باستحقاقات
الثواب الذي تتوخاه
سوريا. إن لم
ينقلب إلى
عقاب!
فَ
ليس بإمكان
الأقلية
العلوية أن
تقيم دولتها
القوية وتقيم
تحالف أقليات
مع دولة الأقلية
اليهودية قبل
الإجهاز
الكامل على
قدرات العرب [المسلمين]
أو على الأقل
تحجيمها. فالعراق
لا زال إلى
الآن يقف حجر
عثرة كبير أمام
طموحات هاتين الأقليتين
وكذلك
الفلسطينيون.
لذا،
تُجرى الآن
على مسرح
الأحداث فصول
مسرحية
متكاملة
المشاهد كلها
تصب في عمق الاستراتيجية
المشتركة. وهذا
ما يدفعنا إلى
التأكيد بأن
فصول الرواية
لن تكتمل قبل
إنجاز الشق
المتعلّق
بسوريا .
يجوز
الافتراض
هنا، أن
المشهد الأول
من الفصل
الأخير في هذه
المسرحية
الكبرى قد بدأ
الآن عرضه ولن
يكتمل إلاّ
بعد تفتيت
العراق
وتهميش
الفلسطينيين! اليس هذا
ما هو اليوم؟
إذ أن تحول حرب
العالم على
الإرهاب
باتجاه العراق
باتت غاياته
واضحة
المعالم
تماماً أمام كافة
الدول
العربية
والإسلامية؛
لذلك نراها [الدول
العربية خاصة]
مُجمِعة على
رفض منح
مباركتها
لتبريرات قادة
هذه الحرب
والتي لا تمت
إلى الإرهاب
بصلة حقيقية. كذلك
الأمر بالنسبة
إلى
الفلسطينيين. فإن ما
يجري في
فلسطين لا
تبرير له سوى
إخضاع هذا الشعب
وتدمير
قدراته قبل أن
يُعطى قطعة من
أرضه يقيم
عليها دولةً
مجهضةَ
الجناحين،
الإسلامي
والعربي. فهل
ينتهي هذا
المشهد
"الأول"،
على ما يستشف
من ظواهره،
وتأتي
النتائج بحسب
ما تشتهي الأقلية
العلوية في
سوريا، بكل ما
فيها من تضحية
بالمصالح
المشتركة
للعالّمين
الغربي والعربي/الإسلامي
معاً؛ أم أن
اللحظات
الأخيرة
ستفاجئ
الجميع بحركة
التفاف مثيرة
تدخلنا جميعاً
إلى المشهد
الثاني؟
لن
ندعي النبوة،
إذا ما فتحنا
أعين الخيال
وتلمّسنا
تحوّلاً في
إخراج هذا
المشهد لنجده يأخذعنواناً
جديداً هو
الصراع بين
دكتاتورية
الديمقراطية
ودكتاتورية
الإيديولوجية
الدينية!
فَ: إن
مراقبة تطور
الأمور بعد
التجربة
الأولى من
الحرب على الإرهاب،
في وديان
وفيافي " فرغـانة
"، وما سادَ
العالم من
ارتجاج في
موازين القِيَم
وارتجاف في
معاقل الدول
المحّبذة
والرافضة أو
المعارضة
لهذه التجربة
وأهوال
نتائجها!
وَ: إن ما
يشهده العالم
من تجاذب فكري
بين دكتاتورية
الديمقراطية
التي تحاول
تحجيم
دكتاتورية الإرهاب
الأصولي
الموصوف
دينياً، وبين
دكتاتورية
الإيديولوجية
الدينية التي
تحاول تبرير
أصوليته
دفاعاً عن
القِيَم
الدينية لديها!
يُظهر في
وضوح ما وصل
إليه تطرّف
كلا الدكتاتوريتين
في محاولات
الحفاظ على
مكتسباتٍ،
وكل في مضماره.
فَ: دكتاتورية
الديمقراطية
تحاول، تحت
شعارات ديمقراطية
فضفاضة مثل العصرنة
والعولمة
الخ،
الاحتفاظ
بمكتسبات
اقتصادية
تجتاح نتاج
العالم.
وَ: دكتاتورية
الإيديولوجية
الدينية، وقد
استفزتها
نجاحات
محدودة في
واقعها
الديني المعيوش،
دعمتها بقوة
أصولية دينية
عنيفة
حُمِّلَت ذرائع
ديمقراطية
فضفاضة أيضاً
مثل المقاومة
والتحرير
الخ،
والاثنتان
وجدتا سبلهما
مفتوحة مما
أوحى لهما صوابيّة
جرتهما إلى
حربٍ كان لا
بدَّ منها.
فلو
أن
الديمقراطية
الداعية إلى
العولمة أو المدعية
لها، كانت
عالجت أسباب
نشوء الأصولية
الدينية، في
أوقاتها،
لكانت أراحت
العالم
واستراحت من
عواقبها. ولما
كانت احتاجت
إلى إعلان
الحرب عليها
والبطش بدولٍ
لم تجد وسيلةٍ
أرقى من
السماح لهذه
الأصولية
باستعمال
عنفها، وإن
رغماً عن
إرادتها، ثم
التحوّل إلى
تبريرها. ومن
المؤكد أن هذه
الدول، كانت
بسهولة ومرونة،
انضمت إلى
مشروع
العولمة لِما
قد يوفّر لشعوبها
من مشاركة في
تطوير هذه
العولمة
وتنقيتها. [إذا
كان دعاة
العولمة
صادقين].
كذلك،
لو أن
الإيديولوجية
الدينية،
كانت تنبّهت
إلى مضار فلتان
الأصولية على
قيمها
الدينية
وتشويهها،
ورفضت
الانجرار
وراء مكاسب
ونجاحات
محدودة في واقعها
الديني، لما
كانت احتاجت
إلى تبرير هذه
الأصولية
والدفاع عنها
وكأنها تدافع
عن قيمها
الدينية.
مهما
يكن من أمر،
فقد اختلطت
حقائق الواقع
العالمي الآن
وباتت كلتا
الدكتاتوريتين
أسيرتا طروحاتهما
ولم تعد قابلة
للتراجع وإن
تكن قابلة للإلتفاف
السياسي. ترى
هل تتمكن من
الالتفاف؟
ولكن،
إنْ في إيجاد
الحل بالتفاف
سياسي ما، سهل
أو معقّد، أو
متابعة
الصراع بحسب
الوتيرة الحالية،
فلا هذه ولا
ذاك سوف ينهي
الصراع بين
الإيديولوجية
الدينية
والديمقراطية
في شكلٍ تام.
فطالما
أن
الإيديولوجية
الدينية
تتعمد استغلال
فسحات
الحرية التي
تتيحها لها
الديمقراطية
كي تتابع
سلوكياتها في
طرح قيمها
الدينية
كبديل لقِيَم
الديمقراطية،
غير عابئةٍ
بمشاعر الغير
الممارس
للديمقراطية
والذي، مع ما
رافق ويرافق
هذا الطرح من
مرادفات
أصولية عنيفة
بنتائجها فإن
هذا الغيْر
المستثارة
حفيظته سوف
يستعيد
ذاكرته
الجهادية في
سبيل الديمقراطية
ويهبّ للدفاع
عن قيمه. ولَرُبَّما
أشفعها
بإيقاظ مشاعر
ربما كانت في
السابق عدائية
وباتت مع
تنامي
الديمقراطية
وتطورها من
مخلفات
الماضي. عندئذٍ
ليس من لومٍ
أو تثريب لمثل
هذا الغير من
استعمال قوة
دكتاتورية
للحفاظ على مكتسباته
الديمقراطية.
وطالما أن
الديمقراطية
لا زالت تحمل
في خفاياها
نواة شريعة
الغاب وتفترض
مصداقية غير
ثابتة في التعاطي
مع
الإيديولوجية
الدينية. إذ،
حيناً نراها
تتقرب من هذه
الإيديولوجية
باحترام
قيمها
وأحياناً
نراها تنقض
عليه أو تميّز
غيرها عنها )كما
هو حاصل في
الأراضي
المقدسة(، فإن
هذه
الديمقراطية
تبقى في نظر
العالم متحيّزة
تماماً، ليس
لدينٍ
بالتأكيد
إنما لمصالحها
في تثمير إيديولجية
هذا الدين؛
وبالتالي فإن
هذا العالم،
بباقي
أديانه، يضع
ذاته ومصالحه
في خانة
الحيطة
والحذر في
مقابل زئبقية
هذه
الديمقراطية
أو بالأحرى
ممارسي هذه
الديمقراطية.
في
عودة شمولية
إلى أسس
الصراع وسبل
معالجته، نجد
أن هناك أخطاء
جمة تُرتكب
باسم الديمقراطية
تقابلها
أخطاء أشد
فتكاً باسم
الإيديولوجية
الدينية. وما
لم تسارع
الاثنتان في
العودة إلى
الضمير الإنساني،
فإن مجازر
أكبر وأكثر
سوف تُرتَكب
باسم كل منهما
ويمكن
تلافيها! فكما
أسهمت حرية
الديمقراطية
في تطوّر
الإنسان وحياته
دون أن تبعده
عن الخالق؛
كذلك باستطاعة
الإيديولوجية
الدينية الإسهام
في هذا
التطوّر، وقد
فعلت ذلك عبر
العصور
الطويلة، دون
المساس بجوهر
الدين. بل
بممارسة
مثاليته وليس
بفرضها!
وفي عقائد كل
الأديان: إن
الله الذي خلق
الإنسان أطلق
له حرية الخطأ
والصواب؛ هو
وحده المحاسب:
عقاباً أم
ثوابا.
في
المتوارث من
الأقاصيص
الواقعية أن
رائحة الدم
تدفع بالذئاب
إلى طلب
المزيد منها،
وهذا ما يدفع
بالإنسان
إمّا إلى
الهرب منها
وإما إلى
التصدي لها
وقتلها دون
محاولة تدجينها!
وأيضاً: إن
الذئاب، في
سبيل الإستفراد
بفريستها،
سوف تنقلب على
بعضها
وتقيمها معركة
إفناء لن يبقى
بعدها سوى
الذئب الأشد
شراسة وقوة،
ويصبح، بعد
القضاء على
الذئاب الضعيفة،
دكتاتور نفسه!
فلا
الديمقراطية
بحاجة إلى
دكتاتورية في
معركة إفناءٍ
للإيديولوجية
الدينية كي
تستقيم أمورُها
ولا
الإيديولوجية
الدينية
أيضاً. وقد
أثبت التاريخ
أن لا هذه ولا
تلك أفلحت قط
في فرض
دكتاتوريتها
على العالم. فجميع
إمبراطوريات
التاريخ،
التي استعملت
الدكتاتورية
في فرض
ديمقراطيتها
أو دينها، قضت
وزالت وبقي
الدين وبقيت
الديمقراطية.
مما
سبق، يتضح لنا
أن هذه الحرب
الدائرة الآن بين
دكتاتورية
ديمقراطية
تخشى على
نفسها من إرهاب
الأصولية
المتوفر
استعماله لدى
الإيديولوجية
الدينية وبين
هذه الأخيرة
التي لن
تستطيع التخلّص
من وصمة هذا
الإرهاب [العصري]
الذي
أُوقِظَ، كما
ذكرنا ،
وترعرع
برعاية استراتيجية
مبطّنة لدى
الأقلية
العلوية
الحاكمة في
سوريا ، قبل
الوصول إلى
حلٍ جذري
يوقِف تطرّف
دكتاتورية
الديمقراطية. وهذا
لن يكون
ممكناً بسوى
العودة إلى
جذور الدين
والديمقراطية
معاً.
كل
هذا يعيدنا
مجدداً إلى
مطلع هذا
البحث وأسبابه
أي إلى صراع
الأقليات في
الشرق الأوسط
الذي، بفضل
استعمال
الإرهاب
الأصولي،
تحوّل إلى
صراع تحاول
دكتاتورية
الديمقراطية
الابتعاد عن
نعته بالديني
فيما تصر
الأقليات الدينية
، خاصة
الإسلامية،
على عكس ذلك (تعليقاً
على تسمية
الرئيس
الأمريكي بوش "
الحرب
الصليبية").
أنَّ كان الأمر،
فلا بد من
الاعتراف بأن
عاملين أساسيين
وقفا ويقفان
الآن وراء هذا
الصراع وكلاهما
ذو وجهين. أحدهما
ظاهر والآخر
مستتر. فالديمقراطية،
بوجهها
الظاهر ، توجه
حربها ضد
الإرهاب
المشبع
بالأصولية الدينية،
مستعملةً
قواها
العسكرية في
دكتاتورية
مفرطة. وبوجهٍ
مقنّع، تتصدى
للإيديولوجية
الدينية [الإسلامية]
التي تحتوي،
بنظرها، بذور
الإرهاب
الأصولي وتحاول
إيقاف تمددها
داخل
مجتمعاتها.
لا بد من
الإشارة هنا
إلى أن نجاح
الأيديولوجية
الدينية في
اختراق
المجتمعات
الديمقراطية
واستقطابها،
بشكل خاص، الفئات
المحرومة أو
المُتْعِسة
فيها، يعود أصلاً
إلى:
إمّا
إلى وجود خلل
في تنفيذ
الديمقراطية
بشكل سليم مما
خلق لدى هذه
الفئات حوافز
إعجاب في
ظاهره واستقواء
في باطنه،
خاصة لدى العرق
الملون الذي
تعود جذوره
إلى بعض أعراق
الإيديولوجية
الدينية،
وإما
إلى الحرية
المفرطة في
ممارسة
الديمقراطية
التي سمحت
وتسمح لمثل
هذا الاختراق
الذي امتد إلى
معظم دول
أوربا
والأمريكتين
دون عائق
يُذكر ولم
تتوانى تلك
الإيديولوجية
عن استغلال
طاقتها
المادية
الكبرى في
صروح الدين
والعلم
والتبشير. وفيما
تترفّع
الديمقراطية
عن الاهتمام
بالحذر مما
سيصيب
مجتمعاتها من
خلل، بسبب
الحرص على
كامل تلك
الحرية
المفروضة ديمقراطياً.
وقد رأينا
نتائج هذا
الاستغلال
والعواقب التي
ترتبت عليها.
أما
الإيديولوجية
الدينية ،
فبوجهها
الظاهر، وجب
عليها،
محافظةً على
وجودها،
استنفار جهودها
لتبرير ما
أوصلها إليه
سماحها للأصولية
الدينية،
بإرهابها، من
موقع هو غاية
في السوء، حتى
لو اقتضى
الأمر
المشاركة في
الحرب ضد هذا
الإرهاب. وبوجهها
المقنّع، كان
عليها، مهما
كلف الأمر،
وإن بوتيرة
أقلّ أو أخف،
التجاوب مع
إعصار الحرب
على إرهاب
الأصوليين لديها
فتبرئ ذاتها
منه وتنظف ما
حاق بتمددها
في المجتمعات
الديمقراطية.
وقد
تبيّن أن هناك
الكثير مما
يحتاج إلى
التنظيف بسبب
غلواء الدعاة
الدينيين
وتنوّع مساعيهم
وتعدد
فتاواهم في كل
شاردة وواردة
من أمور
الحياة في هذه
المجتمعات
الديمقراطية،
حتى بدا
للجميع وكأن
هناك حملات
تبشيرية القصد
منها أسلمة
أسس
الديمقراطية
ذاتها وفرض
أفضال الإسلام
عليها، حتى
قبل ولادته.
تجدر
الإشارة هنا
إلى أن في عمق
التنصل من الإرهاب
الأصولي ، الإفرادي
منه بشكل خاص،
نجد غبطة
داخلية لدى
المدافعين
لنجاح هذه
الأصولية في
تحقيق
أهدافها بعيدة
المدى لدى هذه
الأيدولوجية
الدينية. ويبدو
أيضاً أن
الديمقراطية،
وبعد ما جرى
في عرينها
، فهمت
الرسالة الأصولية
وإن بتصرّف. عفانا
الله من النتالئج.
إلى
اللقاء في
الحلقة
المقبلة
لاحظ
حداد