فيش وتشبيـه!

لاحظ س. حداد

 

هل يقتطع حزب الله ضاحية بيروت الجنوبية كما اقتطعت حماس قطاع غزة؟

وماذا تجني المعارضة من هذا الاقتطاع؟

فيش ميليشيا حماس!

 

إن ما يحدث في قطاع غـزّة من مجازر لا يؤلم الشعب العربي والإسلامي وحده بل الانسانية جمعاء.. إنه مثال أسمى للتضحية والفداء التي يُجْـبَرُ شعبُ القطاع على دَفْعِهِ رغمَ أنوف أبنائه لكنه يبقى، في نظر الكثيرين، فداء وتضحية في غير زمانه وغير مكانه.. ويتساءل المرؤ ما جدوى التضحية بسكان قطاعٍٍ بأكمله تحقيقاً لأحلام يقظة يعيشها فريق ميليشيا حماس من أجل فرض سلطته على السلطة الفلسطينية التي أنشأها ياسر عرفات وفرض اعترافَ العالم بها..

 

- ما يحصل في فلسطين هو نتيجة خروج حماس عن الخط الوطني الفلسطيني واحتلالها لقطاع غـزّة، وهو تبريرٌ غير مقبول للانقضاض علىعملٍ جهادي شاركَ فيه الشعب الفلسطيني بأسره، طوال عقود من الزمن، للوصول إلى شبه دولة..

 

- إن اقتطاع حماس غـزة وإقامة دولتها الخاصة، بقوة سلاحها الصاروخي البدائي وأبدان أبنائها، وبدعم مُطلَق من محور الشر السوري الايراني المدمّر، أفلحَ فقط في تحويل قطاع غـزّة إلى ساحة قتال غيرَ متكافئ بين جيشٍ مدجج بالسلاح القاتل وميليشيا محدودة العدة والعدد، وجرّت سكانه إلى مجزرة تندى لها جباه الأمة العربية والإسلامية التي بإسمها يقاتلون ثم يستنجدون.. لكنها لم تُحرِّكُ مشاعر التماسيح التي لا يُضيرها عددُ الضحايا ولأرقامها يجترّون!

 

- والسؤال الملح هو هل تفلح ميليشيا حماس بأكثر من اجتذاب فلسطينيي باقي أطراف المناطق الفلسطينية المكونة لنواة دولتهم إلى مناصرة أهلهم في غـزة، وهذا أمر بديهي وطبيعي، وتجرّهم بالتالي إلى ذات المجزرة التي يُعانون فيعود الجميع إلى نقطة الصفر؟ الغريب أن احداً لم يعلم أو يتعلم بعد أبعاد ما هم إليه مندفعون!

- والسؤال الأكثر إلحاحاً يبقى: هل إذا أفلحت ميليشيا حماس في اقتطاع قطاع غـزة وإقامة دولتها الأصولية عليه تكون قد نالت جائزتها الكبرى أم ستكون أولى خطواتها لتنفيذ طموحات محور الشر، على حساب شعب فلسطين ودولته الموعودة؟

 

وتشبيه حزب الله؟

إن استيلاء حزب الله على قلب العاصمة اللبنانية اعتصاماً قد يحجب الرؤية عن استكماله عملية اقتطاع ضاحيتها الجنوبية ومباشرة إقامة دولته العقيدية، وكذلك بدعم مُطلَق من محور الشر السوري الايراني المدمّر.. وهو أفلحَ أيضاً  في تحويل هذه الضاحية إلى غابة مدججة بالسلاح والعتاد استعداداً للإنقضاض على المؤسسات الشرعية وفرض سلطته على الدولة اللبنانية ونظامها الديمقراطي ووقف تفعيله بل ونقضه وتكون جائزته الكبرى في إقامة دكتاتورية عقيدية مكانه..

 

ألا يتوجب التفكير في أن القضاء على قوة ميليشيا حماس في غزة، بعدَ إخراجها من مجالها الحيوي في باقي فلسطين، هو مخطط إسرائيلي لا يتناقض مع مخطط محور الشر السوري العلوي والايراني الفقيهي القاضي بالقضاء على كل قوةٍ تقف في وجه تدمير دول الاسلام العربي الحقيقي ومبادرته العربية السلامية المتهادية بين حقول ألغامٍ راديكالية إنزوائية إعتكافية أو طموحاتٍ عقيدية نوَويّة مُرعِبَة تطيح بتلك المبادرة وتفجر المنطقة على رؤوس أصحابها ولن يتسنى لأحد الفرار منها أو كما في كافة الحروب السابقة ( عندما يجد الجد - الحبيب بورقيبة ) لن يجد مناصاً من المشاركة فيها..

 

إن سقوط ميليشيا حماس في فخ محور الشر السوري الايراني لا يماثله سوى سقوط ميلشيا حزب الله في ذات ألاحضان..

 

أما السقوط غير المُبَرَّر لفريق هام من المسيحيين، ليس في أحضان محور الشر مباشرةً بل في كنف حلفائه، فيبقى على مثال طحالب البرك غير المؤذية إلاّ لذاتها والتي ما أن يجفَّ اخضرارها حتى تسحق وتكنس ويستعاض عنها ببساط اصطناعي يستبدل دورياً..

 

والسؤال اليوم: ماذا تجني الطحالب من بَُركِ المياه سوى إرتواء آني من رذاذها لا يزيدها إلاّ اشرئباباً وقتياً لا يلبث أن ينسحق تحت أقدامٍ حافية.. هذا لا شكّ أنه موقف تتخذه المعارضة مجتمعة، وتكتل الإصلاح والتغيير بشكل خاص، جرّاء لحاقها حزب الله مباشرةً والتحاقها باستراتيجية محور الشر استطراداً.. وهل يضيرها ان تنتصر لسيادة دولتها واستقلالها أم تراها لا زالت تراهن عشوائياً على امكانية تبرئة النظام السوري بكل خاص ومحور الشر ككل وعودته إلى احتلال وطنهم،،، كل ذلك من أجل تحقيق نظرياتهم الخاصة في بناء الوطن على مقاساتٍ لن يجدوا فيه مقاماً قط..

 

وهل فعلاً هذا ما تريده هذه المعارضة التي شأواً كبيراً في استلام شهادات استثنائية في علم المناظرات والمماحكات السفسطائية التي جرّبها الأثينيون من قبل وفقدوا استقلالها واحتُلَّت أرضهم.. ليتهم بابن وطنهم زينون الجبيلي ويبدوا بتلقّن فنون الرواقية .. ويفتحوا رواق وطنهم ( برلمانهم ) ويناقشوا أمورهم في داخله وليس من على شاشات التلفزة المستفزة دوماً لعواطف غير وطنية قطعاً..

 

لعل ما نراه من قرف واشمئزاز اللبنانيين واهمال دول العرب واستغراب وعدم استيعاب دول الغرب لتخلي السياسيين اللبنانيين عن أبسط واجباتهم الوطنية والتلهي بأمورٍ شخصية وشخصانية قد تجد حلولها البديهية في رواق برلمانهم؛ لعل كل ذلك يدفعهم إلى استعادة دورهم الريادي وإدهاش العالم كله بسرعة اتفاقهم على حلٍّ لأزمتهم التي فرضوها على أنفسهم بأنفسهم.. وكفانا تماهي في المناظرات التي لا تبني سوى الخراب والدمار ولقد بلغ السيل الزبى!

 

صانك الله لبنان

لاحظ س. حداد

13 أذار 2008