سياسة اللاغالب ولا مغلوب مرفوضة!

بقلم/لاحظ س. حداد

2 شباط 2007                

 

إن سياسة اللاغالب ولا مغلوب مرفوضة تماماً في الواقع المعيوش اليوم في لبنان، إذ هي توازي وتساوي بين القاتل والمقتول وتقدم فرصاً متجددة لإعادة الكرة، كما في السابق، اتكالاً على إيجاد هكذا حلول.

 

إن علاج أزمة لبنان الحالية لم تعد بين أبناء لبنان بل تعدّت ذلك إلى صراع بين أيدولوجية عقائدية مستوردة يحملها بعض أطراف المعارضة وبين ديمقراطية نحاول استرجاعها.

 

لهذا السبب وحده، يجب أن يكون هناك غالب وحيد هو الدولة اللبنانية الحرة المحايدة والحيادية والبعيدة عن كافة المحاور الاقليمية والدولية وتكون قادرة على ضمان استقلال الوطن والحفاظ على كيانه سيداً تعتزُّ بانتمائها وولاء أبنائها، لذلك، يجب على الجميع النظر بتَجرّد كلي إلى موجبات طرح فكرة اللاغالب ولا مغلوب، التي بنظرنا، مع الاعتذار إلى طارحها، السيد أمين عام الجامعة العربية، إنما تدل على انتهاج أسهل وأقرب الطرق وصولاً إلى حلٍّ وربما التهرُّب من مواجهة قد تبدو محتملة بين الجامعة العربية ومعالجة اختراقات المحور الايراني العقائدي والسوري الدكتاتوري  المناهض للخط السلامي الذي تنتهجه الدول العربية باتجاه الديمقراطية. 

 

واجب نواب الأكثرية إستباق الاستحقاقات!

فيما العالم العربي بأسره مهتم بالمعضلة السياسية اللبنانية، وفي الوقت الذي يسعى المحبّون للوطن الصغير، في العالم الغربي والشرقي، في محاولاتٍ كأداء للوصول إلى حلٍّ ما مُشرِّف يحفظ مياه الأوجُه ويسهِّل قيام الدولة؛

وفي حين أن أحزاب وأفرقاء المولاة يدافعون بإخلاص عن الدولة ونظامها، نجدُ أجناد المعارضة مُثابرين على

وتيرة التصعيد والتهويل لإسقاط هذه الدولة ونظامها، بل لتدمير الكيان اللبناني كله.

 

رأس الدولة،

يومياته تُنبأ عن رغبة أكيدة في تحويل النظام الديمقراطي المعمول به إلى نظام دكتاتوري شبياً بذاك الذي في سوريا؛ وتشير بوضوح إلى استعداده للبقاء في قصر الرئاسة ولو على أجداث الشعب اللبناني.

منذ تمديد ولايته، تنفيذاً لرغبةِ النظام السوري بالاحتفاظ بدوره وتحقيق مخططه في لبنان، تحوّلَ رأس الدولة كليّاً عن حياديته المُفتَرَضَة في "رمز وحدة الوطن" وانقض على يمين "الإخلاص للأمَة والدستور".

انحيازه الكلّي إلى صفوف المعارضة علناً وتبنّي مواقفها الآيلة إلى إسقاط الحكومة، وتشكيكه في شرعية حكومته بل ومعارضة سياستها محلياً ودولياً وضرب منجزاتها الاقتصادية؛ جعل رأس الدولة طرفاً إضافياً من أطراف النزاع السياسي.

إن موقف رأس الدولة من جريمة اغتيال رئيس حكومة بلده واعتبارها ضربَ "رذالة" كان صاعقاً لكلِّ من آمن بعنفوانه الوطني، كما أن تصرفاته اللاحقه أثارت عوامل الغضب لدى كافة أبناء الشعب اللبناني نحو رئيسه وأضرمت مشاعر الاستغراب لدى العالم الذي طالما احترم وقدّر وكرّمَ جهود شهيد الوطن.   

إن دفاع رأس الدولة عن بعض المتهمين المعتقلين في قضية اغتيال رئيس حكومته وبالتالي العمل على رفض قيام محكمة ذات طابع دولي لتولي محاكمة جميع المخططين والمنفذين لجريمة الاغتيال تلك وجميع جرائم الاغتيال التي تلتها وطالت رجالات فكرٍ وسياسة وإعلام في لبنان ؛ لهي دلالة قاطعة على انخراط رأس الدولة، في مكانٍ ما، أقلّه في العلم أو المعرفة بالمخطط أو أجزاء منه. فإذا صح هذا الافتراض يقع رأس الدولة في المحظور أي الخيانة العظمى ووجبت محاكمته.

 

 رئيس المجلس النيابي،

يتخلى عن واجبه الوطني الدستوري والتشريعي كرئيس للندوة اللبنانية وينزلق إلى مقدمة المنقلبين على الدستور اللبناني والخارجين على القانون العام. فهو لا يرفض دعوة نوّاب الأمة إلى عقد جلساتٍ، أقلها حوارية، بل يدفع بالمعارضين إلى ضرب مقوّمات الوطن بإعلان العصيان المدني. نتائج العصيان ستطال العصاة دون سواهم. 

واجب رئيس المجلس تنحصر في إدارة نظامه وليس تحديد سياسة الدولة. ولا يجوز له، تحت أية ظروف أو علّة، تعطيل عمل المجلس التشريعي أو الدستوري كَ..( انتخاب خلف لنائب خلى مقعده- المادة 41). ولا يوجد نص دستوري مباشر بتكليف رئيس المجلس دعوة النواب لعقد جلساتهم والمواد 32 و 33 واضحة تماماً في هذا المعنى.

إنطلاقاً مما يجري اليوم في البلاد من محاولة انقلابية، وانحياز فاضح لرئيس المجلس النيابي إلى المعارضة وجب على النواب نزع ثقتهم به واختيار خلفاً له بحسب المادة 44 من الدستور. إن نظام إدارة البرلمان غير ملزمة للعمل بمقتضاها.

إن تقديم رئيس المجلس النيابي استغلال موقعه الحزبي أو السياسي الخاص على استعمال موقعه الوطني، يفقده صفته الدستورية، وبالتالي يمنع عليه إطلاق أي موقف سياسي كرئيس لهذا المجلس. وفي مطلق حال، ليس من الجائز لرئيس مجلس النواب أن يختصر رأي المجلس النيابي كله والقيام بِ إصدار الفتاوى التشريعية أو الدستورية العامة منفرداً، خاصةً إذا جاءت لمصلحة فريق دون آخر.

  

المعارضة،

مهما ادَّعت هذه المعارضة بديمقراطية تصرفاتها، فإن تصرفاتها تبقى دون مستوى أية ديمقراطية معمول بها في العالم الديمقراطي كله. فالمعارضة التي تنتهجها أية معارضة في العالم تكون في سبيل تقويم اعوجاج تصرّف الحكومة وليس من أجل تقويض عملها عشوائياً.

إن المعارضة اللبنانية تتشكل من إئتلاف فرقاء ذوي غاياتٍ شخصية ومشبوهة وطنياً وبالتالي فإن تحرّكها تكتنفه الغوغائية السياسية. وتحت شعاراتٍ قد يبدو بعضها وطنياً لكنه يظهر أنه يتجاوز الشأن الوطني بمراحل ويذهب بعيداً في التعامل مع أحلاف اقليمية لها مطامع متنوعة في الوطن.    

 

من هنا نراهم، فريق يزايد على آخر في ابتكار أنواعَ معوقاتِ الحلول. تارةً بادعاءات المشاركة السياسية وتارةً في إثارة النعرات المذهبية والطائفية. مرةً بالدفاع عن سوريا وايران ومرةً أخرى في إعلان استراتيجية، سياسية أو عقائدية، معهما. يوماً يقبَلُ فريق بمبادرةٍ ما ويوماً ثانٍ يختلقُ فريقٌ آخر خللاً ما في ذات المبادرة.. ويبدو جليّاً أن الهدف الرئيسي لهذه المعارضة، ذات الأهداف المتنوعة، تقوم مجتمعةً، بمحاولة انقلابية مرحلية لتغيير النظام ولو باستعمال قوة السلاح. ومن هنا نرى أن بعض فرق المعارضة يدفع باستمرار باتجاه الاخلال بالأمن الوطني واستدراج الشارع، الذي بات معبئاً تماماً، إلى صراع مذهبي وطائفي قد يطيح بالبلاد ويشعلها حرباً أين منها الحروب السابقة. كما أن هذه المعارضة تستنزف كافة وسائل الاعلام المرئي والمسموع لابتزاز أطراف الصراع السياسي مواقفَ متقدمة تنسي الجميع وتلهيهم عن محاسبة هؤلاء عما جنت أيديهم بحق البلاد والعباد.    

 

الموالاة وحكومة لبنان،

بعد محاولات إسقاطها المتكررة، تارةً باستقالة وزراء والادعاء بالإخلال في دستورية العيش المشترك وتارةً باحتلال قلب المنطقة التجارية والسياحية للعاصمة بيروت. تارةً باستغلال النقابات العمالية للقيام بتظاهرات غير مُبَرَّرة وتارةً أخرى القيام بمحاولات قطع الطرف عنفياً أو بمحاولات التعدي على الأحياء الآمنة ولكن المتحفزة والمستفزَّة. ومع ذلك كله، صمدت الحكومة اللبنانية داخلياً وتلقت دعماً عربياً ودولياً لم تلقى مثله حكومة لبنانية من قبل. 

 

الوضع المتأزم والمصير،

إن النهج الذي تتبعه المعارضة، بكافة أطيافها، سوف يؤدي، إذا ما تم تجاهله، إلى كارثة وطنية لن يكن بالامكان استدراك مفاعيلها أو تصور نتائجها خاصة إذ نفّذت المعارضة آخر توصيفاتها أي العصيان المدني الذي يبدو أنها ساعية إلى تنفيذه دون رادعٍ من ضمير وطني أو احتساب مخاطره، الأمر الذي سوف يقود الجميع فقدان الكيان اللبناني نهائياً.

إن بقاء الدولة اللبنانية ونظامها الديمقراطي والمحافظة على حرية شعبها وكرامته بات اليوم مطلباً عاماً يشمل جميع اللبنانيين في الوطن وفي عالم الانتشار؛ لذلك على نواب الأكثرية ومن ينضم إليهم نواب مستقلّين المبادرة فوراً إلى إجراء عملية إنقاذ فورية للوطن من المصير غير المجهول الذي ينتظره، جرّاء استفراس المعارضة لإسقاط النظام، والحرب الأهلية غير المرغوبة من الشعب اللبناني كذلك، إقصاء لبنان عن محاور الشر التي تتدخل في شئونه الداخلية أو تحيله إلى ساحات صراع مع غير محاور، لا ناقة للبنان فيها ولا جمل.

 

عملية إنقاذ فورية،

إن ما يجري التحضير له من قبل المعاضة وفي مقدمه ما تكشّف من نوايا لرأس الدولة يجب أن يتم استباقه. من المعروف أن أفضل وسائل الدفاع هو الهجوم. ولا بأس هنا أن نفترض بل علينا أن نتصور حالة البلاد، إذا ما نفّذ رأس الدولة تهديده،  بحسب ما تشير الصحافة، عند انتهاء ولايته الممدة، أوإذا ما نفّذ رئيس مجلس النواب تهديده وأعلن العصيان المدني!     

لهذا أصبح اليوم من أولى واجبات الحكومة ونوّاب الأكثرية النيابية المبادرة إلى بدأ عملية إنقاذ دستورية ديمقراطية.

 

عملية الانقاذ ليست في المطلق سهلة إلاّ أنها تبقى أفضل من نتائج ما يُحاك للبنان من مؤامرات. وبما أن مجلس الأمن الدولي قد جنّدَ جهوده لمساعدة الدولة اللبنانية في إرساء سلطتها وفرض سيطرتها على كامل أرض الوطن، نقترح على فريق الموالاة المنتخب شرعياً أن يقوم، بالتنسيق مع حكومة لبنان ومساعدة القوات الدولية المولجة تنفيذ القرارات الدولية 1559و1701، بالخطوات التالية:

01) التداعي إلى عقد جلسة نيابية عامة ودعوة جميع نوّاب المعارضة والنواب المستقلين إلى حضورها وتُعقد برئاسة رئيس المجلس إذا حضر أو نائب رئيس المجلس أو أكبر الحضور سنّاً. وفي حال عدم حضورهم، تُعقد بمن حضر أي الأكثرية النيابية. كما يتم جميع سفراء الدول المُمَثَلة في لبنان، وأيضاً، دعوة ممثلي الصحافة العربية والعالمية. أمّا مكان الجلسة فيكون في مجلس النواب أو في أي موقع آخر وبحماية الجيش اللبناني.   

02) استدعاء الحكومة لحضور هذه الجلسة ومراجعة كافة القوانين المطروحة وتوقيع المناسب منها، وفي مقدمتها الموافقة على نظام المحكمة ذات الطابع الدولي.

03) إعلان الحكومة ممانعتها حركة العصيان المدني باتخاذ إجراءات وقائية بتعميم تعليمات صريحة تعتبر كل مُتَغيِّب عن موقع عمله الرسمي، دون عذر مُبَرَّر، بمثابة استقالة رسمية من وظيفته مع قطع مرتباته على أن تُصرف له مستحقات آخر الخدمة في مدى أشهر. كذلك إنذار كل متخلف عن دفع ما عليه بمواجهة القانون العام إلخ... 

04) الإقتراح على الحكومة وضع نص دستوري بإعلان لبنان "دولة ذات حياد ايجابي" ووضع وثيقة ابتدائية بهذا المعنى وتوقيعها وإبلاغ مجلس الأمن الدولي بهذا الاعلان فوراً وطلب حماية مجلس الأمن الدولي لها.

05) إصدار القوانين اللازمة لحلّ (ميليشيا) حزب الله وتسليم سلاحه إلى قيادة الجيش اللبناني تطبيقاً للقرارات الدولية. وإلى حلّ الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث العربي الاشتراكي وكافة المنظمات والأحزاب ذات الارتباط بالخارج. والطلب إلى هذه الأحزاب التقدم بطلبات إعادة تأسيسها تحت أنظمة لا تتضمن أية بنود ذات علاقات بخارج لبنان.

 

06) على الحكومة اللبنانية تشكيل محكمة خاصة أو الطلب إلى مجلس الأمن الدولي إضافة بند لمحاسبة حزب الله على كافة الجرائم التي ارتكبها منذ نشاته وإلى ما بعد انتهاء حرب تموز الفائت وتحميله أوزارها.

07) الطلب الى الحكومة اقتراح نص تعديل دستوري يُلغي نص التعديل السابق الذي فرضَ تمديد فترة الرئيس الحالي ويسمح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يقوم على الفور بتأدية القَسَم الدستوري ويبدأ مهامه بتوقيع وثيقة إعلان حياد لبنان ووثيقة نص المحكمة ذات الطابع الدولي.

 

08) رئيس الجمهورية الجديد ورئيس الحكومة(التي أصبحت حكومة تصريف أعمال)، يقومان إعلان حالة الطوارئ وتسليم زمام الأمن الوطني إلى قيادة الجيش اللبناني وتخويله طلب مساعدة القوات الدولية المنتدبة لهذا الغرض بموجب القرارات الدولية.

09) مطالبة المعارضة برفع مخيمات الإعتصام من قلب العاصمة فوراً ومنع قيام أية اعتصامات أو مظاهرات في أيّ مكان آخر في البلاد. وإذا ما رُفِض الأمر يتولى الجيش رفعها واحتجاز المعترضين أو المشاغبين.

10) دعوة جميع المواطنين إلى التخلي عن أسلحتهم الفردية وتسليمها إلى الجيش اللبناني خلال فترة زمنية لا تزيد عن بضعة أسابيع قبل مواجهة القوانين العامة.

11) تذكير وسائل الاعلام، المرئية والمسموعة، بأن حرية الاعلام المكفولة بديمقراطية الدستور لا تعني قط تخليهم عن مسئوليتهم الوطنية في التوجّه الايجابي، مهما كانت مغريات الشهرة وإلاّ أمست دكتاتورية مدمّرة.  

 

يتولى رئيس الجمهورية الجديد توجيه دعوة إلى جميع أفرقاء النزاع السياسي، معارضة وموالاة، إلى عقد جلسة عامة تعقد في مجلس النواب، يصار خلالها وضع ميثاق وطني جديد يتم توقيعه فيما بينهم.

يقوم رئيس الجمهورية الجديد بمقتضيات الدستور لاختيار حكومة إئتلاف وطني يتشارك معها برنامج إنقاذ وطني متكامل يحقق الاصلاحات السياسية والمؤسساتية الضرورية لقيام الدولة اللبنانية الحاضنة لجميع أبنائها.

 

نتمنى أن تتم عملية الانقاذ المطلوبة استباقاً لاستحقاقاتٍ قريبة جداً يجرى التخطيط، محلياً واقليمية، لإسقاط النظام ولتدمير الدولة كلياً وتفجيرها من الداخل.

 

أخيراً، هل لنا أن نفتخر بإنجازٍ كبير يُثبّت أيماننا بالوطن؟

صانك الله .. لبنان 

لاحظ س. حداد

التيار السيادي اللبناني