ميثاق شرف أم ميثاق وطني؟

تعليق على مقالة بقلم الأستاذ أنطوان سعد نُشِرَت في جريدة الأخبار بتاريخ 20 كانون أول 2006

 

بقلم/لاحظ حداد

المجلس الوطني لِثورة الأرز -  نيوزيلندا

 

إن ما ورد في الجزء الثاني في ورقة الثوابت المارونية يحدد بوضوح كلّي آلية تحقيق ما جاء فيها والآلية الواجب اتباعها. وهي تندرج في وتيرة متكاملة للحلّ وقد تولى سيادة المطران راعي شرحها وتبسيطها خلال برنامج نهاركم سعيد من على شاشة تلفزيون المؤسسة اللبنانية للارسال. ولن نتّهم فئة بالتحفظ ورفضها أو عدم الموافقة عليها.

 

دعنا الآن نوضح مفهومنا للبند الأول في الجزء الثاني: بت ميثاق شرف.        

ميثاق الشرف لم يوجّه إلى القيادات المارونية وحدها بل شمل جميع القيادات الوطنية. وليس هناك ما يمنع قيادات الطوائف الأخرى، إن حَسُنَت النوايا، أن تبادر إلى عقد مثل هذا الميثاق بينها وتكون قدوة لغيرها، سيّما وأن الجميع لبنانيون بامتياز. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار مصداقية ما ينادي به الجميع من وجوب المشاركة الوطنية.

 

مبدئية ميثاق الشرف المشار إليه هو أنه يمثل بحد ذاته وثيقة جديدة لميثاق وطني جديد تقوم على أسسه مؤسسات دولة لبنان الجديد بحسب النظام الجديد الذي ارتضوا به في اتفاق الطائف. إنها المرة الثانية التي يُطلب إلى اللبنانيين عقد مثل هذا الميثاق الوطني.

 

في المرة الأولى كانت أبوته للاستقلاليين وفي مقدمهم الرئيسين الاستقلاليين الكبيرين، المغفور لهما، رياض الصلح والشيخ بشارة الخوري. هذا الميثاق التاريخي كان ميثاق شرف وطني حقيقي لم يُكْتَب أو يُمْهَر بتوقيع. ومع ذلك استمر لأكثر من نصف قرن أي إلى الوقت الذي سمحنا باختراقه من قبل الأغيار. 

 

هذه المرة، تأتي أبوته كبادرة محبة من قبل جميع القادة الروحيين توجته الكنيسة المارونية بإعلانها هذه الثوابت بعد القمة الروحية التي عقدت مؤخراً في بكركي.

 

العائق الرئيس أمام السير في المبادرة هو ما يتعلّق بموضوع رفع الحصانة عن المسئولين الأعلى في نتائج المحكمة ذات الطابع الدولي. وهذا يبدو أنه عقدة العقد لعلاقته المباشرة برئيس لبنان ورئيس سوريا وربما حزب الله.

 

 

وليس صحيحاً القول بأن المعارضة أعلنت تمسكها بالترتيب الوارد في ورقة الثوابت لكنها تركت زمام المبادرة لوساطة امين عام الجامعة العربية إذ لو أن المعارضة موافقة على الأولويات لما كانت وفّرت فرصة اقتناص خطوة تتقدم بها على المولاة. وليس صحيحاً أيضاً أن المولاة أبدت تحفظاً على البند المتعلق بإجراء انتخابات مبكرة في ذات الوقت الذي أجمع جميع أعضاء المولاة على تأييد ما جاء في المبادرة كلها.  

 

إذن، موافقة المعارضة غير المشروطة وتجييرها للأمين العام للجامعة العربية كانت استراتيجية سياسية أو لنقل لعبةً اعتمدت على موافقة المولاة كي تقفز على الفور إلى طرح حل عقدة الانتخابات المبكرة. والأصح أن كل هذا كان تهرباً من تأكيد مصداقيتها وتأمين الوقت اللازم لتحرك السيد عمرو موسى للحصول على موافقة سوريا على موافقتها. وهذا ما سوف يتبلور عند اجتماع هذا الأخير بالرئيس السوري الذي لا نشك مطلقاً برفضه لتلك الموافقة. فلو حسنت النوايا لدى كافة الأطراف لما توقفوا عن تلقف المبادرة والعمل عليها بمقتضاها.

 

مجلس شيوخ

من هنا فإن المطلوب من القمة الروحية الحامية لحقوق كافة الطوائف، وبكركي في مقدمها، أن تبادر إلى القيام مقام مجلس الشيوخ المفترض أن يُسْتَحْدَث، بحسب المادة 22 من الدستور، وتنحصر مهمته بالقضايا المصيرية. وبالتالي تتصرّف بموجب موقعها.

 

للتذكير فقط:

واضع هذه المادة الدستورية يعني حزماًً أكيداً في منع أي تصرُّف قد يؤذي التوافق الوطني من خلال تحميله العائلات الروحية مسئولية اتخاذ القرارات المصيرية. وفي غياب هذا المجلس، سوف تلتزم كل عائلة من العائلات واجب رفض أو قبول القرارات التي تتخذها في منأى عنها. وفي حال إصرار الدولة على قراراتهايكون حق هذه العائلة مشروعاً في الدفاع عن مصير أبنائها. وهنا تكمن الكارثة الكبرى. لذلك كان من الحكمة أن يُنشأ هذا المجلس مع انتخاب أول مجلس نواب وطني، كما تقول المادة 22 أعلاه.

 

فهل خطط رئيس الجمهورية ورئيس برلمانه، في عدم اكتراثهم للعائلات الروحية وآرائها والإصرار في ربط مصير أبناء هذه العائلات الروحية قسراً، بشعب آخر أو أنهم خططوا لإقصاء أبناء عائلات روحية معينة في محاولة لاستئثار عائلات أخرى بالسلطة؟ وهل عَلمَ أهل السلطة آنذاك إلى أية دكتاتورية قادوا الشعب اللبناني؟

 

صحيح أن تصرّف رئيس الجمهورية، الذي رفض كافة المحاولات النيابية وغير النيابية لاقناعه بعقد جلسات حوارية من أجل تثبيت الوفاق الوطني، وتصرّف رئيس برلمانه آنذاك الذي جاء تنصيبه في موقعه في هذا الإطار، أديا إلى ربط مصير الشعب اللبناني بأسره، قسراً، بمصير الشعب السوري المغلوب على أمره. واستطراداً كان تناسي موضوع إنشاء مجلس الشيوخ تماماً إلى اليوم. 

 

نقول: ليس هناك في تاريخ الوطن قضايا مصيرية تواجهه ما هو أشد خطراً مما هو فيه اليوم لذلك نرى أن قيام هيئة خاصة للقمة الروحية تتولى فرض توقيع ميثاق الشرف الوطني الجديد سوف تؤسس لمجلس الشيوخ المطلوب دستورياً وبالتالي، وعن طريقه، يمكن تحديد الثوابت الوطنية الأساسية المتوافق عليها في الطائف وتفرض تخلي الجميع عن تأثيرات المحاور الخارجية من أنى أتت في سبيل قيام دولة الوطن.

 

بنظرنا، متى تم التوافق على البند الأول أي [بت ميثاق شرف] بتوقيع وثيقته لن يعد هناك من داعٍ لترتيب الأولويات الواردة في نصوص إعلان الثوابت المذكورة. فهي تصبح تفاصيل مؤسساتية لا غير.  

 

إن ميثاق الشرف أو الميثاق الوطني الجديد سوف لن يجد طريقه إلى التنفيذ إلاّ متى صار إلى توقيعه من قِبَل جميع قادة المعارضة والموالاة. عند ذاك ينتفى كل اعتراض على أولويات باقي بنود المبادرة. 

 

نضيف:أخيراً

إذا ما تم توقيع الجميع على ميثاق الشرف الوطني الجديد، يبقى من الأجدر بالجميع بحث موضوع الحياد الايجابي الذي إذا صار التوافق عليه، سوف يساهم في إعادة القيادات السياسية إلى مواقعهم الحقيقية أي إلى ممارسة السياسة المحلية وبالتالي سوف يتوفر لهؤلاء استكمال تنفيذ بند إلغاء الطائفية السياسية. 

 

صانك الله... لبـنان،

لاحظ حداد

المجلس الوطني لِثورة الأرز -  نيوزيلندا

22 كانون الأول 2006