بيـان وطني

برسم أفرقاء تكتل الإصلاح والتغيير

بقلم/لاحظ س. حداد

 

إن التيّار السيادي اللبناني في عالم الانتشار يتوجّه إلى أفرقاء المعارضة اللبنانية، بخاصةٍ أعضاء تكتل الإصلاح والتغيير الذي يتزعمّه التيار الوطني الحر برئاسة الجنرال ميشال عون، ويدعوهم إلى وقفة تأمّل إعادة نظر شاملة في مواقف زعيمهم الأخيرة وما إذا كانوا راغبين، بعد، في السير قُدُماً والمساهمة في سلوك نهجِهِ السياسي المغلّف بطروحاتٍ سَئِمَ اللبنانيّون سماعَها، والتي إذا ما استنكفوا التحوّل عنها "مؤقتاً" والتنبّه إلى مخاطر التحجّر وراءَها، سوف تقود البلاد إلى شرٍّ لا يمكن التنبئ بنتائجه.

 

من هنا نحن، لبنانيّو الانتشار، نحمّلهم كامل المسئولية الوطنية عن كل ما يُصيب الوطن من أذى والشعب اللبناني من ضرر جرّاء سيرهم في ركاب التيّار الوطني الحر الذي ربما أفرحكم الانضمام إليه، يوم أن كان حرّاً ويحرجكم الخروج منه بعد أن تحوّل عن الحرية.. والرجوع عنه متأخرين أفضل من البقاء عليه.. وكرامة الوطن أهمّ بكثير من كرامة أي فردٍ وهي إن فقِدت فقدها.

 

أيها السادة،       

العالم بأسره يحذّر ويُنذر بأن لبنان، إذا ما استمرءَ سياسيّوه المثابرة على إبقائه في أزمةٍ سياسية، بات الجميع يعلم أنها مفتعلة من قِبَل النظام السوري وحلفائه، مقبلٌ إلى ما لا تقبلون. ونحن لا نشك مطلقاً أن تشجيعكم وانضمامكم إلى تكتل الإصلاح والتغيير كان رغبةً حميمية أكيدة في إصلاح ما أفسدته وصاية النظام السوري وتغيير ما أصبح فاسداً في المؤسسات الدستورية لكن،

أن يقودنا التشبّث والتوقف عند هذه الطروحات والمبادئ العامة التي هي مطلب الجميع، وتجاهل أهمية الانطلاق في إقامة دولة الإستقلال ومن ثمَّ التفرّغ ، في مشاركةٍ جماعيةٍ، لإجراء الإصلاح الضروري والتغيير اللازم، وعلى الوتيرة المتبعة حالياً، سوف لن يصل قط إلى قيام الدولة القوية والحقيقية التي يتمنى الجميع قيامها.

 

أيها السادة،

إن المطالب التي يرفعها رئيس التيار الوطني الحر، باسمه وإسمكم، تتصف بالأحقية لكنها لا تتصف بالأسبقية إذ أن سقوط الكيان في الفراغ الدستوري سوف ينشأ عنه وربما فقدان الاستقلال مجدداً، وهذا ما لا نظنكم فيه راغبون؛ وبالتالي لن يبقى من موجبٌ للإصلاح.

إن تغيير النظام اللبناني وقيام دولة مدنية أو علمانية، على ما يرغب رئيس التيار الوطني الحر، وربما الكثيرون من اللبنانيين، لا تستوجب الانقضاض على النظام الحالي، مع كل سيئاته، وتحويله إلى مركب تائه، في بحار التيارات العاتية التي تضرب المنطقة الشرقأوسطية بأكملها، لا قيادة جماعية له تقوده إلى الأمان، بل سوف تتيح لكل طامعٍ وطامح إلى توجيههِ إلى بَـرِّهِ.

إن ما نراه ونسمعه من على شاشات التلفزة وفي صحافة العالم، لا يشجّع على الاعتقاد بأنكم عن كل ما يجري غافلون بل على العكس من ذلك، ونحن على ثقة تامة من أنكم مدركون لمغبّة السرعة أو التسرّع التي يقود فيها رئيس التيار الوطني الحر الذي تحت جنـاح تيـّارِهِ تنضوون، سيّما وأن تصرفاته الأخيرة، إن باتجاه السياسيين أو القيادات الروحية، باتت تشعرنا بالخيبة والإحباط. ونستغرب أن لا زلتم عنها ساكتون.

إن التزامكم التام للطروات المبدئية التي نادى وينادي بها رئيس التيار الوطني الحر، تلزمكم أيضاً بكل ما يتأتى من نتائج ليس لكم فيها رأيٌ وطني فاعل ولن يغنيكم الصمت عن المهاترات السياسية التي تضرب كافة القيم الوطنية والروحية. ونحن، ومؤيديكم في مواقع موالاتكم، لن نغفر لكم ترددكم في الاعلان عن رفضكم لكل ما هو غير أصيل في حياة السياسة اللبنانية التي درج عليها الرعيل الاستقلالي الأول الذي تحمل كافة ضروب الاستبداد التركي وصروف الانتداب الأجنبي.

 

ايها السادة،

نحن لا نطالبكم بالارفضاض عن التيار الوطني الحر ومبادئه التي نؤمن جميعنا مؤمنٌ بها، بل نحضّكم على الابتعاد عن الاستراتيجية السياسية التي يتّبعها رئيس هذا التيّار التي تلتزمون تنفيذها. فالمبادئ شيٌ رائع والاستراتيجية أمست خاصة به وحده ومدمّرة للجميع.

إن المبادئ التي بها تلتزمون، يمكن الاحتفاظ بها من أجل تحقيقها لكن الاستراتيجية المؤدية إلى الدمار فيجب أن تتغيَّر، خاصةً وأنها قد أثبتت فشلها وخلخلت دروب الوصول إليها.

 

نحن، نراقب ونلاحظ أن استراتيجية رئيس التيار الوطني الحر أفلحت فقط في فتح أبواب شهوة التغيير الأبعد القائم في أذهان حلفائكم الساعين، منذ زمن بعيد، إلى تغيير النظام اللبناني بأكمله وتحويلة، ليس إلى دولة علمانية ومدنية، كما نطالب وتطالبون بل على العكس من ذلك، إنها تقودنا جميعاً إلى فقدان النظام الذي ارتضيناه، جماعياً، بحسب دستورنا، وإقامة نظامٍ بديل، أين منه ما نعاني منه اليوم.. إن التغيير المطلوب لا يتم تحت التهديد والوعيد بل بإرادة وحرية.     

 

إن المحافظة على عهودٍ قطعها رئيس التيار الوطني الحر على نفسه مع حلفاءٍ له، تيمناً باستدراجهم إلى أحضانه اللبنانية المحتوى، باءت بالفشل والخيبة، إذ لا زال من تفاهم معهم، عنكم، لم يحفظوا من تعهداتهم معه بسوى ما هو في مصلحة استراتيجيتهم الخاصة.. تذكروا فقط ما أصاب لبنان عامةً ومناطق موالاتكم خاصةً جراء الحرب التي، مهما حاول حلفاء رئيس التيار الوطني الحر تبريرها، تبقى استدراجاً لعدوة لبنان إلى شنها.. ولم يكن فيها، لا في عيرها ولا النفير.

 

أيها السادة،

تشوّق رئيس التيار الوطني الحر إلى التربُّع في سدة رئاسة البلاد، لا غبار عليه ولا تثريب لصاحبه، فهو حقٌ يجوز له لكنه الآن حقٌ يراد به باطل.. إذ ليس من حقه قط، تحت أي شعار أن يدّعي فرديةَ حقه. فهو ليس أكثر لبنانية لا بل مارونيةً من غيره.. دعونا من مقولة تمثيل المسيحيين فإن الجميع يعلم كيف وصلت إليه ولماذا. أما ادعاء وفرض انتخابه تحت شعار هذا التمثيل لفإنه يصبح غير دستوري متى كان هذا التمثيل حجته إذ يناقض كافة مواد الدستور اللبناني الذي يصف يفترض بالرئيس المنتخب أن يأتي باختيار كافة مكونات الطوائف اللبنانية وليس طائفة بمفردها وإلاّ كان ممثلاً للطائفة المسيحية.. دعوناً أيضاً من مقولة التشبّه بباقي الطوائف. فالموقع الثاني في النظام الدستوري خُصص  للمذهب الشيعي كما أن الرئاسة الثالثة أوكلت للمذهب السني. وهاتين الرئاستين يمثلان معاً الطائفة الاسلامية في لبنان وفي موازات الطائفة المسيحية التي هي الأخرى جرى توزيع مواقعها ضمن مؤسسات الدولة.

 

هنا، لا يجوز اعتبار تخصيص المذهبين الاسلاميين في مواقع توازي كلٌّ منهما موقع رئاسة الدولة وإلاّ فُقِـدَ التوازن المنصوص عنه في مواد الدستور.. فهل نأتي اليوم لنتخلى عن الميّزة التي خُصصت بها الطائفة المسيحية، أي رئاسة الدولة ونمنع مشاركة المسلمين في اختيار رئيس جمهوريتهم وتوليه حكم وطنهم وفي آن قبولهم بحكمه ورئاسته؟

أليس من الأفضل للطائفة المسيحية، والموارنة على الأخص، أن يحظى رئيس الجمهورية بولاء جميع الطوائف عوض أن يحظى برضى طائفته المسيحية وحدها وإن شملت كافة مذاهبها؟  لعلكم في هذا الأمر تتفكرون! 

أيها السادة،

نُـودُّ، من منطلق الحرص الشديد على منطق دستور البلاد وموقع رئيس الجمهورية فيها، أن نلفتكم إلى أن رئيس التيار الوطني الحر، الذي إلى تكتله تنتمون، في مواقفه المتشنجة والمتعنّثة في هذا الأمر سوف لن تزيد البلاد إلاّ تزايداً في أزمته السياسية. والسبب في ذلك هو إصراره على طروحاته الخاصة وذات المنفعة الشخصية، على الرغم تحذيرات دول العالمين العربي والغربي من نتائج التشبّث في هذه الطروحات وأهمها سوق البلاد إلى فراغٍ دستوري لن تنفع معه أفعال الترقيع الذي تعوّد عليها سياسيو لبنان حيث أنه لن يتبقى لكم ما ترقّعوه أو يحكمه.

 

لللأسف الشديد، نحن نرى الوهاد التي ستقود سياسة رئيس التيار الوطني الشخصية والتي يُلزمكم بها، وقديماً قيـل: من يرى إلى روما من أعلى هو غير من يراها من أدنى., ونحن نقول: إن التحجّر في موقع الخطأ الأكبر لن يصيبه وحده بل سيطال وطن الأرز الذي نحن وانتم تنتسبون.

 

في إحدى بنود حقوق الانسان، هناك صيغة تقول ما معنا قـد أكون صائباً دائما لكني قد أكون مخطأً مرةً واحدة. قد أكون مخطأً دائماً لكني قد أكون صائبأً مرةً واحدة.

والرجوع عن الخطأ فضيلة كما لا شك تعلمون.

 

فهل لكم، أيها السادة أن تراجعوا تعهداتكم نحو جماهير موالاتكم وتقارنوها مع مواقف رئيس التيار الذي إليه تنتسبون.

نحن، التيار السيادي، في شتى أصقاع المعمورة، نناشدكم المبادرة إلى وقف هذه المهاترات السياسية المؤذية لكم وللمجتمع السياسي الذي نعهده مثالاً راقياً طالما فاخرنا العالم به. واتخاذ ما يتطلبه الواقع من سديد الرأي وحكمة لتوعية من لا زال في ذهنه هوس أو شغف للوصول إلى مبتغاه، ولو على أجداث السيادة والاستقلال، والاكتفاء بموقعٍه مرجعاً    وطنياً يحفظه له تاريخ الوطن.. وإذا خفتم ألاّ تفلحوا فيكفيكم فخار الانقاذ، إنقاذ الوطن الغالي لبـنان. وإنقاذ لبنان اليوم بين أيديكم.

 

أخيراً،

دعونا نتخلى عن السفسفات التي يتحفنا بها، نيابةً عنكم، بعض من لم يشب عن طوق السياسة والكياسة ويردد ليلَ نهارٍ ما احتوت جعبته من أجوبة أُفْرِغت من محتواها وبات أشبة بلازمة نشيد كان وطنياً فأضحى مغناة يرددها كل من حفظ خفةَ اللحن والرنين حتى مجَّها السامعون. والمؤسف أن البعض منكم استساغ سماعها حتى، ربما، استرقده رنينها.

 

سؤال يتيم نوجهه إليكم: هل إذا ما أتيتم برئيس التيار الوطني الحر رئيساً للبلاد ترون أنه سيحكم البلاد بواسطتكم وحدكم أم أنه سيستنجد بأعداء الأمس وحلفاء اليوم ويتخلى عن باقي اللبنانيين الذي لا يقرّونه سراطه غير المستقيم؟ 

 

لبنان أيها السادة، سوف يسجل أسماءَكم في سجل تاريخه القويم إن أنتم تمكنتم من تقويم اعوجاج النهج المتبع لدى الجميع واستعليتم إلى مقام الانقاذ المطلوب ولو كرهَ الكافرون وبغير حق الوطن مستنصرون.. فهل أنتم فاعلون؟  

 

صانك الله لبنان

لاحظ س. حداد

التيار السيادي / نيوزيلندا

31 تموز 2007